أكد محافظ اللاذقية، "محمد عثمان"، يوم الثلاثاء 27 أيار/ مايو، أن الوضع الأمني في المحافظة يشهد تحسناً ملحوظاً منذ إحباط الهجوم الذي شنته فلول من النظام البائد في مارس/ آذار الماضي.
وذكر أن الأجهزة الأمنية والعسكرية تعمل على ملاحقة من تبقّى من هذه المجموعات، بالتوازي مع ضبط أي محاولات لزعزعة الاستقرار من داخل المحافظة أو خارجها.
وأوضح أن اللجنة المكلفة بملف السلم الأهلي، والتي شكّلها الرئيس "أحمد الشرع"، ما زالت تواصل مهامها في تهدئة الأوضاع وتكريس مناخات الحوار بين مكونات المجتمع.
معبّراً عن ارتياحه للتجاوب الشعبي مع جهود إعادة بناء الدولة ونبذ الطائفية والدعوات الانفصالية أو التي تطالب بإدارة ذاتية.
وأضاف أن التحديات لم تكن أمنية فقط، بل خدمية أيضاً، نظراً لتهالك البنية التحتية وضعف الإمكانيات، مشيراً إلى أن المحافظة تحاول تجاوز هذه العقبات من خلال دعم حكومي ومساهمات من منظمات دولية ومحلية.
وفي ما يخص الهيكلة الإدارية، أشار المحافظ إلى أنه تم إجراء تقييم شامل لموظفي القطاع العام، مع منح إجازات مؤقتة للبعض، وإعادة توزيع العاملين وفق الحاجة، فيما أُحيل من ثبت فساده إلى الجهات المختصة، وتم إنهاء العقود الموسمية التي لم تعد ضرورية.
وتحدّث عن أوضاع النازحين في جبلي الأكراد والتركمان، مؤكداً أن هناك تنسيقاً مع منظمات دولية لتنفيذ مشاريع ترميم للمنازل المتضررة وتأهيل للبنية التحتية، من أجل تسهيل عودتهم إلى مناطقهم.
وبالنسبة إلى قطاع السياحة، لفت المحافظ إلى أن اللاذقية تستعد لعقد مؤتمر سياحي قريباً بالتعاون مع وزارة السياحة، بهدف إنعاش القطاع واستقطاب الزوار خلال الصيف، خاصة بعد استقرار الأوضاع الأمنية.
ورداً على سؤال حول القصور والممتلكات التي تعود لمسؤولي النظام البائد، أكد أن أي ممتلكات يثبت ارتباطها بالنظام البائد تُصنّف ضمن أملاك الدولة ويتم التصرف بها وفق الأطر القانونية.
أما عن واقع النقل، فأوضح أن هناك مساعي بالتعاون مع وزارة النقل لتقليل كلفة التنقل، وتأمين باصات سياحية لخدمة خطوط رئيسية بين المدينة والريف، إلى جانب خطة لإصلاح الطرق المتضررة.
وفيما يتعلق بارتفاع الأسعار وإيجارات المنازل، رغم تحسن سعر صرف الليرة، قال المحافظ إن مؤسسة التموين تواصل رقابتها على الأسواق، بهدف الحد من الاحتكار والربح غير المشروع، لكن المشكلة تبقى مرتبطة بضعف المعروض وارتفاع تكاليف التشغيل.
ويذكر في أعقاب الهجوم الدموي الذي تعرّضت له محافظة اللاذقية في مارس/ آذار الماضي، من قبل فلول النظام البائد، كثّفت الحكومة السورية جهودها لإعادة الاستقرار إلى المحافظة، ونجحت إلى حد كبير بإزالة المخاطر الأمنية، وضغوط الواقع الخدمي المُنهك، وجّهت السلطات الرسمية تركيزها نحو إعادة ضبط الأمن، وترميم البنية التحتية، واستعادة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
أصدرت شركة محروقات فرع اللاذقية، قراراً بإغلاق محطة "المهدي" الواقعة على طريق اللاذقية-الحفة في منطقة قرية البسيط، وذلك لمدة 6 أشهر، بعد اكتشاف تلاعب في منظومات الضخ يهدف إلى سرقة كميات من الوقود عبر برمجة إلكترونية داخل العدادات.
وجاء ذلك في خطوة لافتة تعكس تشديد الرقابة على محطات الوقود وضبط التجاوزات، وحمل القرار الرقم /101/ للعام 2025، ووقعه مدير فرع محروقات اللاذقية المهندس "حسن محمد أبو قسرة"، ونشر القرار عبر صفحته الشخصية قائلا: "حتى يستقيم الأمر".
وذكر أن لجنة المراقبة ووقاية الجودة التابعة للفرع كشفت استخدام المحطة لوحات وإدارات إلكترونية غير نظامية ضمن منظومات المضخات، بما يُعد مخالفة جسيمة تستدعي الإغلاق المؤقت وإحالة صاحب المحطة إلى القضاء المختص.
ولم يتوقف القرار عند حدود العقوبة الإدارية، بل تضمّن أيضاً إحالة ملف القضية إلى "الأمن الداخلي"، لفتح تحقيق شامل يهدف إلى الكشف عن شبكات أكبر يشتبه بأنها تعمل على تصنيع وتركيب دارات إلكترونية في منظومات تعبئة الوقود، ما يشير إلى احتمال وجود تلاعب منظم يمتد إلى محطات أخرى.
وتأتي هذه الخطوة في ظل شكاوى متزايدة من المواطنين حول نقص الكميات المستلمة من الوقود مقارنة بما يظهر على عدادات المضخات، وهو ما دفع الجهات المختصة إلى تكثيف الجولات التفتيشية واعتماد وسائل تقنية للكشف عن أي تلاعب إلكتروني أو فني داخل المحطات.
ويرى مراقبون أن القرار يندرج ضمن سياسة جديدة تتبعها وزارة النفط والشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية (محروقات)، تهدف إلى استعادة ثقة المواطنين بالخدمات المقدمة، وضمان توزيع عادل للمشتقات النفطية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وقد طُلب من جميع الجهات المعنية تنفيذ القرار فوراً، بينما لم تُعرف حتى الآن هوية الأشخاص أو الورش التي تقف خلف تصنيع وتركيب هذه الدارات، في انتظار نتائج التحقيق الأمني.
أصدرت رئاسة الجمهورية في سوريا، يوم الثلاثاء 27 أيار/ مايو، عدداً من المراسيم التي تقضي بتعيين معاوني وزير التعليم العالي والبحث العلمي في مناصب متعددة ضمن هيكل الوزارة.
وبموجب المرسوم رقم (37) لعام 2025، تم تعيين السيد عبد الحميد الخالد معاوناً للوزير لشؤون الطلاب، فيما نص المرسوم رقم (38) على تعيين السيد غيث ورقوزق معاوناً للوزير للشؤون العلمية والبحث العلمي.
كما صدر المرسوم رقم (39) بتعيين السيد محمد سويد معاوناً لشؤون التعليم الخاص، في حين قضى المرسوم رقم (40) بتعيين السيدة عبير قدسي معاوناً للوزير للشؤون الإدارية.
وتأتي هذه التعيينات في إطار تعزيز الكوادر الإدارية والفنية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بهدف تطوير العمل المؤسسي ومواكبة التحديات العلمية والتعليمية الراهنة.
وفي إطار سعيها المستمر لتطوير منظومة العمل الإداري والارتقاء بجودة الخدمات التعليمية، تواصل القيادة السورية اتخاذ خطوات عملية تهدف إلى ترميم الفجوات التي خلّفها النظام البائد، من خلال اختيار شخصيات ذات كفاءة عالية لتولي مفاصل حساسة في الدولة، ولا سيما في قطاع التعليم العالي.
وتأتي هذه التعيينات الأخيرة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتؤكد التوجه الحكومي نحو تعزيز الأداء المؤسسي، وبناء كوادر قادرة على مواكبة متطلبات المرحلة، بما ينعكس إيجاباً على المواطن السوري علمياً وواقعياً، كما تواصل الدولة جهودها لإعادة بناء الوطن والمواطن على أسس من المهنية، والعدالة، والانتماء الوطني.
وكان جدد وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة السورية تأكيده على أن الوزارة ماضية في تنفيذ خطة شاملة لتحديث البنية التحتية للجامعات السورية، وتحسين جودة التعليم، وتعزيز الشراكات العلمية والبحثية مع الدول المختلفة، بما يتناسب مع مكانة سوريا الحضارية والعلمية.
وأكد أن الوزارة تعمل على إعادة تأهيل المؤسسات التعليمية المتضررة وتوفير بيئة تحفز الإبداع والبحث العلمي، مشددًا على أن العقل السوري هو الثروة الوطنية الأساسية التي يعوّل عليها في بناء مستقبل سوريا.
وفي ختام حديثه، أشار وزير التعليم العالي إلى أن سوريا تنظر إلى المرحلة القادمة بتفاؤل وثقة، مع قناعة راسخة بأن العلم هو الركيزة الأساسية لأي نهضة حقيقية، وأن الاستثمار في الإنسان هو حجر الأساس لتحقيق التنمية المستدامة.
عقدت لجنة إعداد الموازنة العامة للدولة اجتماعاً يوم الثلاثاء 27 أيار/ مايو 2025 برئاسة وزير المالية الدكتور محمد يسر برنية، بهدف مراجعة الأرقام النهائية لموازنة الأشهر المتبقية من العام المالي 2025.
وكذلك مناقشة البنود التفصيلية المرتبطة بها، في خطوة تُعد محورية ضمن مسار التخطيط المالي السنوي وقالت وزارة المالية عبر قناتها الرسمية على "تلغرام" إن هذا الاجتماع يأتي في إطار تعزيز كفاءة إعداد الموازنات.
وضمان انسجامها مع السياسات الاقتصادية للدولة، إلى جانب تعزيز دقة التقديرات المالية والإنفاق التنموي في ظل متغيرات المشهد الاقتصادي الراهن.
وتسعى وزارة المالية من خلال هذه الاجتماعات إلى تحقيق أكبر قدر من التوازن بين الإيرادات والنفقات، بما يضمن تلبية الاحتياجات الخدمية والتنموية، وتوجيه الموارد نحو القطاعات ذات الأولوية، وسط التحديات المتزايدة التي تواجه الاقتصاد السوري.
وقد شارك في الاجتماع عدد من أعضاء اللجنة، من بينهم معاون وزير المالية الدكتور صالح العبد، حيث جرت مناقشة المؤشرات العامة، وآليات التقدير المرحلي للنفقات، بما يتوافق مع مستجدات النصف الثاني من العام المالي.
ويُنتظر أن تفضي هذه الاجتماعات إلى صياغة مسودة نهائية سيتم رفعها إلى الجهات العليا لاعتمادها، في وقت تشهد فيه البلاد استعدادات مبكرة لمناقشة موازنة عام 2026، وسط توجه نحو ضبط الهدر وتوسيع القاعدة الضريبية وتحقيق عدالة مالية أوسع.
واختتمت مديرة الموازنة العامة في وزارة المالية الدكتورة "رانيا تغلبي" سلسلة اجتماعات مع ممثلي الجهات العامة، لمناقشة موازناتها الجارية والاستثمارية، مع التركيز على مراجعة الخطط المالية، وضمان توزيع الاعتمادات بكفاءة وشفافية.
ووفقاً لما ذكرته وزارة المالية عبر قناتها على تلغرام، جرى خلال الاجتماعات المذكورة تطبيق دليل حسابات جديد، لتعزيز شفافية توزيع الاعتمادات، ومراقبة الإنفاق، إلى جانب متابعة تنفيذ الثلث الأول من موازنة 2025، وتأكيد التزام الجهات العامة بنظام الموازنة الاثني عشرية، لتحسين دقة التخطيط المالي.
وأكدت في ختام الاجتماعات مواصلة تقييم الاحتياجات المالية، وتقديم الدعم اللازم لضمان استقرار الجهات العامة، وتحقيق أهداف التنمية، تماشياً مع رؤية الحكومة لتعزيز كفاءة الإنفاق العام، ودعم الإصلاح الاقتصادي.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، أعلن وزير المالية في الحكومة السورية أن الوزارة باشرت بإعداد مشروع الموازنة التكميلية لعام 2025، وبدأت في الوقت نفسه التحضير لموازنة متطورة للعام 2026.
وذكر أن ذلك بالتعاون مع خبراء من داخل الوزارة وخارجها، بهدف ضمان أعلى درجات الدقة والفاعلية في وضع السياسات المالية، وفق تصريح نُشر عبر قناة الوزارة على "تلغرام".
وأكد الوزير أن موازنة 2026 ستكون مختلفة شكلاً ومضموناً، معتبراً أنها ستشكّل "نقلة نوعية" على صعيد الشفافية وتكامل الرؤية الاقتصادية، مؤكداً أن إعدادها يتم بما ينسجم مع التوجهات العامة التي أعلنها رئيس الجمهورية في خطاب تنصيب الحكومة.
وأشار إلى أن العمل على الموازنتين يتم بالتوازي، بما يلبّي الحاجة إلى التكيّف مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، مضيفاً أن الموازنة الجديدة ستكون أكثر استجابة لأولويات التنمية وتحسين الأداء المالي العام.
وكانت نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن وزير المالية قوله إن ستعقد اجتماعات مع صندوق النقد والبنك الدوليين بهدف "إعادة إحياء التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وفتح قنوات للدعم الفني، وبناء القدرات".
ووصف برنية الاجتماعات المزمع عقدها بـ"الاجتماعات الفنية"، وتأتي في إطار عدة لقاءات ستجريها سوريا، بما يخدم برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي ومصالح سوريا.
وكان أجرى وزير المالية السوري مباحثات مع وفد تقني متخصص في القطاع المالي والنقدي من البنك الدولي، وتضمنت المباحثات سبل تعزيز العلاقات المالية، وتطوير وتحديث مجالات العمل المختلفة في المصارف السورية.
وكانت قدرت وزارة المالية السورية أن الدين الأجنبي للبلاد يتراوح بين 20 و23 مليار دولار، فضلا "مليارات الديون المحلية"، وذكر الوزير في تصريح سابق أنهم ورثوا "دولة متهالكة ذات خزائن فارغة وديون ضخمة"، وأنه لم تكن لدى نظام الأسد "أي سجلات يمكن العودة إليها".
ويذكر أن وزارة المالية في الحكومة السورية الجديدة تؤكد أنها "لا تملك عصا سحرية لحل مشكلات سوريا الاقتصادية"، وتشير إلى أنها ورثت قطاعا عاما 70% منه شركات خاسرة، ما يستوجب بذل جهود كبيرة ومضاعفة لتحسين مستوى المعيشة والاقتصاد السوري المتهالك بفعل نظام الأسد البائد.
شهدت العاصمة دمشق مؤخراً معرضاً للافتات مدينة كفرنبل الشهيرة، التي تحولت خلال سنوات الثورة السورية إلى واحدة من أبرز أدوات التعبير الشعبي الحر ضد الاستبداد. هذه اللافتات التي كانت تُرفع كل يوم جمعة، صاغت نبض الشارع السوري بلغة واضحة، جريئة، وصادقة، ولاقت اهتماماً واسعاً داخل سوريا وخارجها، لما حملته من رسائل سياسية وثقافية وإنسانية عميقة.
لافتات كفرنبل: الذاكرة الحيّة للثورة
ما يميز لافتات كفرنبل أنها لم تكن مجرد شعارات عابرة لمظاهرات أسبوعية، بل تحولت إلى وثيقة حيّة تنقل للأجيال القادمة جوهر الثورة وروحها. كانت هذه اللافتات تُكتب بحبر الوجع، وبصوت الناس الحقيقيين، فترصد لحظة الغضب، والأمل، والخذلان، والانتصار، في سطرين فقط. إنها سجل شعبي غير رسمي للثورة، لا تحكمه الأرشفة البيروقراطية، بل تمليه العفوية الصادقة والبصيرة الثاقبة.
بهذا المعنى، لم تكن اللافتة مجرد أداة احتجاج، بل كانت مرآة يومية لسوريا الجديدة التي كان يحلم بها السوريون. لذلك، فإن حفظ هذه اللافتات وتكريم أصحابها هو في الحقيقة حفظ لجزء أساسي من سردية سوريا الحديثة، وسد ثغرة كبيرة في ذاكرة الثورة التي كثيراً ما يُعاد إنتاجها بشكلٍ مجتزأ أو مسيّس.
المعرض الذي أُقيم للاحتفاء بهذه الذاكرة كان بالفعل خطوة جيدة في التوثيق والتكريم، لكنّه لم يكن كاملاً، لأنه نسي أولئك الذين صنعوا هذه الذاكرة. فبين أروقة المعرض، وعلى الرغم من الحضور الإعلامي والسياسي، غاب أصحاب الفكرة، واليد التي كتبت، والأنفاس التي كانت تختبئ في الليل وتحمل القماش الأبيض والأخشاب على دراجات نارية وسط الرعب والموت، لصنع لافتة لا تتجاوز كلمتين.
لم يُدعَ أولئك الذين خاطروا بحياتهم، وموّلوا من جيوبهم، وكانوا يهربون من بيت إلى بيت حاملين لافتات كأنهم يهربون حياةً كاملة، لا مجرد قماش وخشب، حسن الحمرا المعروف باسم الخال "أبو رفعت"، أحد الأسماء البارزة في هذا السياق، لخص تلك المعاناة في منشور على صفحته على "فيسبوك"
وقال"كنت أحد المشرفين والمنظمين وصاحب معظم الأفكار لأولى لافتات كفرنبل… كنت روح على الموتور متل الحرامي وأنا ملثم… كنت أجمع معظم اللافتات بعد كل مظاهرة وخبّيها… اليوم هناك معرض… على القليلة كنتوا إعزموا يا أبناء ثورة العز والكرامة."
هذا الصوت يجب أن يُسمع. لأن المعرض الذي لا يرى صانعي الذاكرة هو معرض مبتور، والكرامة التي لا تُكرّم أصحابها تُصبح مجرد شعارات. التكريم ليس فقط في الصور والحوائط، بل في الاعتراف بمن كانوا هناك أولًا، من كتبوا تحت القصف، وصمدوا على أطراف الحلم، قبل أن يتحوّل إلى مادة للعرض.
إن مثل هذه المبادرات، رغم أهميتها، لا تكتمل دون دعوة رمزية لهؤلاء الأشخاص، ولو برسالة شكر، أو حتى ذكر أسمائهم في بطاقة تعريف. فالثورة ليست مادة أرشيفية فقط، بل هي دم ووجوه وتفاصيل صغيرة، تجاهلها يعني تحريف الحكاية. ما زال بالإمكان الترميم، والاعتذار، والتصحيح. فكرامة كفرنبل لا تُختزل في لافتة، بل في اليد التي كتبتها، وفي العيون التي دمعت وهي ترفعها.
أصدرت وزارة التربية في الحكومة السورية قراراً بإحداث مركز بحثي جديد يحمل اسم "مركز الإبداع والابتكار التربوي"، يهدف إلى دعم الطلاب المبدعين والمبتكرين والمعلمين المتميزين، بالإضافة إلى تطوير البحث التربوي والعلمي في الوزارة وجميع مديريات التربية والتعليم بالمحافظات.
وأكدت الوزارة أن المركز يسعى لتعزيز ثقافة البحث العلمي والإبداع الفكري، ودعم المشاريع البحثية، فضلاً عن تعزيز الشراكة بين الجهات العامة والمجتمع المحلي وقطاع الأعمال.
وأوضح بيان الوزارة أن المركز سيعمل على تحقيق أهدافه من خلال إجراء البحوث والدراسات، تطوير البرامج التدريبية، دعم المشاريع الابتكارية، وتيسير الوصول إلى المعلومات، إلى جانب إنشاء مكتبة إلكترونية مجهزة بأحدث المراجع العلمية.
وفي هذا الإطار، ستقوم كل مديرية بالمحافظات بتخصيص مقرات مجهزة بالمستلزمات التقنية والمكتبية، مع وجود كوادر إشرافية متخصصة، بالتنسيق مع الوزارة.
كما أوضحت الوزارة تشكيل مجلس علمي استشاري يضم ذوي الخبرة، بمشاركة طلابية، مع منح العاملين في المركز تعويضات وحوافز مادية ومعنوية وفق نظام خاص.
وتتولى دائرة البحث والتطوير في الوزارة مسؤولية توفير الدعم اللازم لتجهيز المراكز وتقديم تقارير دورية للوزير حول نسبة الإنجاز.
وفي سياق متصل، التقى وزير التربية والتعليم الدكتور "محمد عبد الرحمن تركو" مع محافظ اللاذقية "محمد عثمان" لبحث واقع القطاع التعليمي في المحافظة وآليات دعمه.
تناول الاجتماع أوضاع الأبنية المدرسية وخطط الترميم والتأهيل، بالإضافة إلى تبادل الأفكار المتعلقة بتنظيم العملية الامتحانية لشهادتي الثانوية العامة والإعدادية، حيث أكد المحافظ على توفير الدعم الكامل لضمان نجاح الامتحانات.
وفي خطوة لتعزيز تطوير التعليم وتحسين جودة المخرجات، عقد وزير التربية والتعليم اجتماعاً مع المديرين المركزيين لمناقشة خطة استجابة طارئة تستهدف تطوير المنظومة التعليمية في سوريا.
وتركزت الخطة على عدة محاور رئيسية تشمل دعم الطلاب والمعلمين وتحسين البنية التحتية وتعزيز التعليم المهني، مع تأكيد دور المجلس الأعلى للتربية والتعليم في الإشراف على التنفيذ.
كما تضمنت الخطة إجراءات عاجلة للعام الحالي إلى جانب استراتيجية طويلة الأمد تمتد حتى عام 2030، مع مشاركة فعالة من المراكز البحثية في دعم القرارات التربوية.
وحول تفاصيل الخطة، أوضح الوزير أن التركيز ينصب على ضمان استمرارية التعليم للطلاب، مع تقديم الدعم النفسي لهم وتقليل نسبة التسرب المدرسي، بالإضافة إلى تعزيز المهارات الرقمية والقيادية.
وفيما يخص المعلمين، تهدف الخطة إلى تحسين وضعهم المادي وتوفير تدريبات طارئة لهم، إلى جانب تطوير المسار الوظيفي وجذب الخبرات العالمية. كذلك شملت الخطة تحديث البنية التحتية والمرافق التعليمية ودمج التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى تطوير التعليم المهني والخاص عبر برامج مهنية متخصصة ودعم التعليم الافتراضي.
كما أعلن الوزير أن المجلس الأعلى للتربية والتعليم سيكون مسؤولاً عن الإشراف على تنفيذ السياسات، بالتعاون مع مديري التربية في المحافظات وخبراء وزارة التعليم العالي، مع تلقي المقترحات لتعزيز فعالية الخطة خلال المناقشات التي جرت في الاجتماع.
على صعيد التعاون الدولي، عقدت وزارتي التربية والتعليم في سوريا ووزارة التربية الوطنية التركية اجتماعاً مشتركاً برئاسة مدير التخطيط والتعاون الدولي في الوزارة السورية "يوسف عنان" وناقش الجانبان تعزيز التواصل بين المديريات المركزية وتشكيل لجان مشتركة لتنسيق الجهود وتنفيذ مشاريع تعليمية مشتركة تشمل زيارات ميدانية وأنشطة ومسابقات وبرامج تدريبية للمعلمين في البلدين.
وتم الاتفاق على دعم مشاريع إعادة تأهيل المدارس المتضررة وتسهيل عودة الطلاب اللاجئين من تركيا، مع الاستفادة من التجربة التركية الناجحة في التعليم المهني.
وفي إطار تعزيز التعاون التربوي أيضاً، عقد مدير المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية حسين القاسم سلسلة اجتماعات مع خبراء منظمة اليونيسف، تم خلالها مناقشة آليات التعاون في مجالات المنصة التربوية والمناهج الإثرائية والتعليم الرقمي، إلى جانب دراسة عدد من المشاريع المستقبلية المشتركة.
في بلاد المهجر، استطاع العديد من السوريين أن يثبتوا جدارتهم ويحققوا نجاحات لافتة، خصوصاً على الصعيد الدراسي، رغم التحديات الكبيرة التي واجهوها، من بين هذه القصص الملهمة تبرز قصة محمد أبي الخليف العبد الله، الشاب السوري من محافظة الحسكة، الذي لجأ إلى تركيا عام 2015 بعد أن انقطعت دراسته في كلية الهندسة لثلاث سنوات.
ورغم مرور سبع سنوات على ابتعاده عن الدراسة، لم يتخلَّ عن طموحه، فواصل تعليمه بتفوق، ونال المركز الأول في تخصص اللغة الإنجليزية وآدابها، والثالث على مستوى جامعات توكات بمعدل 91%.
وقد لاقت قصته صدى واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تناقلت الصفحات صور محمد واحتفت بإنجازه، معتبرةً إياه نموذجاً يُحتذى به في الإرادة والتفوق رغم قسوة الغربة والظروف الصعبة، كما تم تناقل صورة الطالب السوري محمد عبد الحميد مرعياني من أريحا، الذي حقق المركز الأول على فرع هندسة الحاسوب في جامعة سيرت بولاية سيرت التركية.
عمران الضويحي: تفوق رغم العمل والانقطاع
تمكن الطالب عمران رضا الضويحي، وهو من مدينة الميادين، من إحراز المركز الأول في تخصص هندسة المساحة بجامعة غازي عثمان باشا في ولاية توكات التركية. وكان عمران قد لجأ إلى تركيا عام 2016، وواجه خلال رحلته تحديات كبيرة، من أبرزها انقطاعه عن الدراسة بسبب ظروف التهجير، إضافة إلى اضطراره للعمل لساعات طويلة لتأمين معيشته. وعلى الرغم من هذه الصعوبات، نجح في تجاوزها بإصراره، وحقق هذا التفوق اللافت.
نظام الأسد: تجاهل للكفاءات واحتكار للفرص
خلال حكم المجرم بشار الأسد، لم يكن هناك أي اهتمام حقيقي بالناجحين أو المثقفين، إذ غابت السياسات التي تحتضن الكفاءات وتدعم المواهب، واقتصر الدعم على أبناء العائلة الحاكمة والمقربين من النظام البائد.
كانت البعثات الدراسية والمنح التعليمية توزَّع وفق الولاء، لا الكفاءة، ونادراً ما استفاد منها من هم خارج تلك الدائرة الضيقة. ونتيجة لهذا التهميش المتعمد، اضطر كثير من أصحاب الخبرات والعقول المتميزة إلى مغادرة البلاد بحثاً عن بيئة تقدّر قدراتهم، فوجدوا في دول اللجوء فرصاً للتألق لم تكن متاحة لهم في وطنهم تحت نظام يقمع النجاح بدل أن يدعمه.
التحرير والأمل بمستقبل جديد
هناك آمال كبيرة يعلّقها السوريون على ما بعد التحرير الذي حصل في 8 كانون الأول/ديسمبر عام 2024، إذ ترافق هذا الأمل جهود متواصلة لإرساء نظام عادل يضمن تكافؤ الفرص ويكرّم أصحاب الكفاءات والعقول المبدعة. فبعد عقود من التهميش والفساد، يتطلع السوريون إلى دولة تحترم الإنسان وتحتضن الطاقات الشابة، وتعيد للعلم والتعليم مكانتهما الحقيقية في بناء الوطن.
هذه المرحلة الجديدة تُبنى بإرادة شعب ذاق مرارة الاستبداد، ويصمم اليوم على صناعة مستقبل مختلف، يكون فيه النجاح حقاً مشروعاً للجميع، لا امتيازاً محفوظاً لقلة متنفذة.
رحّب ولي عهد الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح بالتطورات الإيجابية في سوريا، مشدداً على دعم مجلس التعاون لدول الخليج العربية لكل الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في البلاد، والحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال القمة الثانية بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، المنعقدة اليوم الإثنين في العاصمة الماليزية كوالالمبور، ونقلتها وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
وقال ولي العهد الكويتي إن "دول مجلس التعاون ترحب بما تشهده الساحة السورية من تطورات إيجابية، وتؤكد دعمها لجميع المبادرات الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار، وضمان وحدة وسيادة الأراضي السورية، بما يضمن للشعب السوري الشقيق الأمن والازدهار".
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، دعا الشيخ صباح خالد المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، واتخاذ خطوات حازمة لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، مشدداً على ضرورة تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
ويأتي هذا الموقف في ظل تنامي التحركات الخليجية لتعزيز التعاون مع سوريا بعد سقوط النظام السابق، حيث استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الجمعة الماضي في قصر الشعب بدمشق وفداً من رجال الأعمال والمستثمرين الكويتيين برئاسة بدر ناصر الخرافي، لبحث فرص الاستثمار في مجالات حيوية أبرزها البنية التحتية وقطاع الاتصالات.
شهد قطاع المياه في محافظة طرطوس خلال الأيام الماضية تطورات لافتة على المستويين الخدمي والإنتاجي، في إطار مساعٍ حكومية لضمان وفرة مياه الشرب وتحسين كفاءة توزيعها، استجابة للطلب المتزايد في فصل الصيف وتخفيف الأعباء عن المواطنين.
إعادة تشغيل وحدة تعبئة مياه نبع السن بعد صيانة دورية
بجهود وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ومتابعة المؤسسة العامة للصناعات الغذائية، استأنفت وحدة تعبئة مياه نبع السن العمل مجدداً بعد توقف دام 20 يوماً لإجراء أعمال صيانة دورية لخطوط الإنتاج.
ووفقاً لبيانات رسمية، عاد خط التعبئة للعمل بطاقته المعتادة البالغة 6000 عبوة في الساعة، موزعة على عبوات بحجم 1.5 لتر ونصف لتر، فيما تم توريد خط إنتاج جديد بهدف تلبية الطلب المتزايد وضمان توفر المياه المعبأة في الأسواق خلال فصل الصيف.
ويعمل الخط الجديد ضمن نظام ورديتين متتاليتين، ما من شأنه تعزيز الطاقة التشغيلية وتحقيق الريعية الاقتصادية للمشروع.
وفيما يخص الأسعار، حُددت جعبة عبوات الـ1.5 لتر (6 عبوات) بسعر 14400 ليرة للمستهلك، أي 2400 ليرة للعبوة الواحدة، بينما حُدد سعر جعبة عبوات النصف لتر (12 عبوة) بـ18600 ليرة، بواقع 1550 ليرة للعبوة الواحدة.
محطة تفريغة "جديتي" تدخل الخدمة لخدمة أكثر من 100 ألف نسمة
في السياق ذاته، افتتح وزير الطاقة المهندس محمد البشير، ومعاونه لشؤون المياه المهندس أسامة أبو زيد، محطة "تفريغة جديتي" الجديدة لمياه الشرب، بحضور محافظ طرطوس السيد أحمد الشامي، وعدد من المعنيين في القطاع الخدمي.
وستغذي المحطة الجديدة كلاً من قرى الشيخ سعد، جديتي، اسقبولي، بيت السلطان، بسماقه، بالإضافة إلى قسم من مدينة طرطوس، ما يسهم في تحسين واقع المياه لأكثر من 100 ألف نسمة في المنطقة.
ويأتي المشروع في إطار خطة الوزارة لتقليل الفجوة في توزيع المياه بين الريف والمدينة، وتخفيف المعاناة التي يواجهها الأهالي في الحصول على مياه نظيفة وآمنة.
خطوة مزدوجة تعكس أولوية القطاع المائي في المحافظة
تجمع الخطوتان بين الطابعين الإنتاجي والخدمي، حيث يعكس تشغيل وحدة تعبئة نبع السن البعد الاقتصادي المرتبط بتوفير منتجات المياه المعبأة، فيما تؤكد محطة "جديتي" أهمية البنية التحتية في دعم الأمن المائي للقرى والتجمعات السكنية.
هذا ويرى مراقبون أن هذا الحراك يعكس جدية الحكومة في دعم قطاع المياه، خصوصاً في ظل التحديات الموسمية المرتبطة بالطلب المتزايد وارتفاع درجات الحرارة، داعين إلى استمرار التوسع في مشاريع مماثلة تراعي التوزع الجغرافي للسكان وتوافر الموارد.
أصدر وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة السورية الدكتور "مروان الحلبي"، قراراً بإحداث قسم علم النفس بجامعة دمشق فرع القنيطرة ليضاف إلى قسم اختصاص معلم صف ضمن كلية التربية الرابعة في القنيطرة.
ورحب عميد كلية التربية الرابعة في القنيطرة الدكتور حوران سليمان بإحداث قسم علم النفس في كلية التربية الرابعة، واصفاً القرار بأنه يشكل قيمة مضافة إلى كلية التربية الرابعة.
وأكد أن القرار خدمة لأبناء محافظة القنيطرة والمحافظات المجاورة ليكملوا تعليمهم الجامعي والتخفيف من معاناتهم في الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها الأسرة السورية.
لافتاً في تصريح صحفي، إلى أن إحداث قسم علم النفس يعتبر القسم الأول في فروع جامعة دمشق في المنطقة الجنوبية، ما يسهل على أبنائنا الطلاب الالتحاق بالدراسة ضمن هذا الاختصاص الجديد في كلية التربية الرابعة.
وأوضح مدير فرع جامعة دمشق في القنيطرة الدكتور "خليل يحيى"، أن الفرع يسعى وبكل جهده لإحداث كليات وأقسام جديدة في فرع القنيطرة، وجاء إحداث قسم علم النفس اليوم ليضاف إلى افتتاح كلية الزراعة في القنيطرة مع مطلع العام الدراسي الجامعي الحالي.
لافتاً إلى أن جامعة دمشق قامت بتخصيص وشراء أرض لبناء جامعة الجولان في مدينة السلام بمساحة 73 دونماً بالإضافة إلى إلحاق بناء فرع الحزب سابقاً بفرع الجامعة بالقنيطرة.
أدانت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"ن جميع أشكال الاعتقال والاحتجاز التعسفي التي تنفذها مجموعات مسلحة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، والتي شهدت تصاعداً ملحوظاً في الآونة الأخيرة.
وثقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان منذ منتصف أيار/مايو 2025 وحتى 25 من الشهر ذاته، قيام قوات سوريا الديمقراطية بتنفيذ عمليات احتجاز متفرقة طالت ما لا يقل عن 47 شخصاً، بينهم سيدة، وأحد العاملين في المجال الإنساني وهو أحمد الحمزة السطم والذي يعمل في منظمة “شباب أوكسجين”، استهدفت عدداً من القرى والبلدات الخاضعة لسيطرتها في محافظتي دير الزور والرقة، وحتى لحظة إعداد هذا البيان، لا تزال الجهة التي تم اقتياد المعتقلين إليها مجهولة.
ووفقاً لما وثقته الشَّبكة استناداً إلى مصادر محلية موثوقة، فقد نُفذت هذه المداهمات بهدف التضيق على السكان المحليين، وطالت عشرات القرى الشمالية والشرقية في ريف محافظتي دير الزور والرقة أبرزها: بلدات الشحيل وذيبان والحوايج وأبو النيتل وهجين في دير الزور، وبلدات السبخة وشنان ورطلة والكرامة في محافظة الرقة وعدداً من أحياء مدينة الرقة.
وقد استهدفت تلك الاعتقالات عدداً من المدنيين، بعضهم على خلفية انتقادهم لسياسات قوات سوريا الديمقراطية في مناطق سيطرتها، وآخرون من أقارب عناصرها المنشقين عن صفوفها لاتخاذهم رهائن مقابل تسليم أنفسهم لها، كما شملت الاعتقالات أفراداً أصيبوا بنيران تلك القوات أثناء محاولات توقيفهم، وتم اعتقالهم/احتجازهم من داخل المشافي التي كانوا يتلقون فيها العلاج.
ورصدت الشَّبكة الحقوقية قيام عناصر من المشاركين بعمليات المداهمة والاعتقال والتي ما تزال مستمرة حتى لحظة نشر هذا البيان بالاعتداء الجسدي على سيدات أثناء تنفيذهم لبعض هذه العمليات، والتي أدت إلى حالة من التوتر بين السكان المحليين وتلك العناصر، كما شهدت عمليات استيلاء على أموال ومصوغات ذهبية وهواتف محمولة تعود ملكيتها لأهالي المعتقلين.
واكدت أنَّ عملية الاعتقال لم تتم وفقاً لمذكرة قضائية، وهذه قاعدة عامة في الغالبية العظمى من حالات الاعتقال التي تقوم بها، وقد نفذت بطريقة مهينة، ولم يعلم الأشخاص الذين تم اعتقالهم ما هي التهمة الموجَّهة إليهم، ومنعوا من التواصل مع أي أحد من ذويهم، وأصبحوا رهائن لها، للانتقام والضغط على المطلوبين لتسليم أنفسهم. وتخشى الشَّبكة أن يتعرّض المعتقلين لعمليات تعذيب، وأن يصبحوا في عداد المُختفين قسرياً.
وأوضحت أنه في ظل استمرار سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مناطق خارج نطاق نفوذ الحكومة الانتقالية، وكونها تتمتع بإدارة ذاتية بحكم الواقع، فإنَّ الانتهاكات المرتكبة بحقِّ المدنيين في هذه المناطق تندرج ضمن إطار المساءلة القانونية وفقاً للقانون الدولي.
وفي سياق التفاوض الجاري بين الحكومة الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية بشأن مستقبل هذه المناطق، تؤكد الشَّبكة على ضرورة اتخاذ تدابير واضحة لضمان محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات ومنع تكرارها، كجزء من جهود إعادة توحيد البلاد وترسيخ سيادة القانون، والكشف عن مصير آلاف المختفين قسرياً.
وطالبت الشبكة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية، ممارسة مزيد من الضغوط على قوات سوريا الديمقراطية للإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفياً والكشف عن مصير المختفين قسرياً، وإدراج الانتهاكات المرتكبة ضمن تقارير مجلس حقوق الإنسان والآليات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا.
وطالبت الحكومة الانتقالية السورية بإدراج قضية المحتجزين والمختفين قسرياً ضمن أولويات المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية، وتوفير دعم قانوني ونفسي لعائلات المحتجزين والمختفين قسرياً، والعمل على توثيق الحالات بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان.
أما المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الدولية، طالبتها بتوثيق وجمع الأدلة حول انتهاكات قوات سوريا الديمقراطية، وتقديمها إلى الهيئات الدولية المختصة، وتقديم الدعم القانوني للضحايا وعائلاتهم، والمساهمة في الجهود الرامية إلى محاسبة الجناة، ورفع الوعي حول خطورة الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، والدعوة إلى احترام حقوق الإنسان في جميع المناطق السورية.
وطالبت قوات سوريا الديمقراطية بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية والكشف عن مصير المختفين قسرياً، ووقف كافة أشكال الاحتجاز التعسفي المرتبطة بالتعبير عن الرأي، وضمان احترام الحقوق الأساسية للمدنيين، وإجراء تحقيقات مستقلة ومحاسبة المسؤولين عن عمليات الاعتقال والانتهاكات المرافقة لها، وضمان تعويض الضحايا عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم.
لوّحت إلهام أحمد، الرئيسة المشاركة للجنة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، في تصريح يُعد من أخطر ما صدر عن شخصيات الإدارة الذاتية منذ توقيع اتفاق آذار بين دمشق و”قسد”، بـ”اندلاع حرب أهلية” في حال لم تُلبِّ الحكومة السورية مطالبها المتعلقة بتكريس نظام لا مركزي.
وخلال مؤتمر أقيم في اليونان حول “القضية الكردية”، لم تتردد أحمد في القول إن من يحكم سوريا حالياً يتخذ قراراته بشكل فردي، متجاهلاً إرادة الشعب، على حد وصفها.
وقالت أحمد إن سوريا تواجه خطر أزمة أكبر، مرجعة السبب إلى ما وصفته بـ”القرارات الفردية” التي يتخذها القائمون على الحكم دون أي تنسيق مع الشعب أو مشاركة حقيقية من مختلف مكونات المجتمع السوري.
وأشارت إلى أن الإصرار على تجاهل صوت التعددية السورية سيدفع البلاد نحو مزيد من التصعيد الداخلي والصراع الأهلي، حسب وصفها.
تصريحات أحمد، التي جاءت على خلفية التقدم الحاصل في تطبيق اتفاق دمشق–قسد، فُسرت على نطاق واسع كمحاولة لتوتير الأجواء السياسية وتعطيل مسار الاندماج، في لحظة دقيقة تشهد فيها البلاد بوادر استقرار فعلي بعد خروجها من نفق الحرب الطويل، مع رفع العقوبات الدولية والتطبيع السوري والأمريكي، ولقاء الرئيسين السوري والأمريكي في الرياض.
المفارقة أن إلهام أحمد، التي تتحدث باسم “لجنة العلاقات الخارجية”، لا تمثل جهة معترف بها دستوريًا أو شعبيًا، بل تصر على تسويق نموذج الإدارة الذاتية كأمر واقع يجب على الدولة السورية قبوله، وإلا فالعاقبة “حرب أهلية”، حسب تعبيرها.
وشددت على أن الحل الوحيد يتمثل في تبنّي نظام ديمقراطي لا مركزي يضمن تمثيل كل الأطياف والمكوّنات السورية، محذّرة من أن التهميش المستمر لمطالب الإدارة الذاتية وشركائها سيقوّض فرص الاستقرار السياسي والأمني، ويعيد البلاد إلى مربّع الانقسام.
وأتت تصريحات أحمد بعد تصريحات وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، التي أكد فيها أن “لا مكان لأي جهة مسلّحة خارج سلطة الوزارة ، وشدد أبو قصرة، في مقابلة متلفزة، أن الوزارة تسير بخطى ثابتة نحو إعادة بناء جيش وطني محترف، يتبنى عقيدة عسكرية جديدة أساسها حماية الشعب السوري والدفاع عن سيادة البلاد، بعيدًا عن النموذج الذي أرسته الأنظمة السابقة القائمة على القمع والولاء الشخصي.
وأوضح أبو قصرة أن الوزارة التقت خلال الأشهر الماضية قرابة 130 فصيلاً عسكريًا في سوريا، وناقشت معهم الهيكلية الجديدة للجيش، وتمكنت من دمج جميع الفصائل تحت مظلة وزارة الدفاع، ضمن رؤية موحدة تضمن حصر السلاح بيد الدولة.
ونوه أبو قصرة إن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية باتت في "مراحل متقدمة"، وتتجه نحو "التنظيم الكامل والاحترافية"، مشيراً إلى أن مهلة العشرة أيام التي أعطيت للفصائل المسلحة للإدماج مع الجيش السوري "لا تشمل شمال شرق سوريا، لسبب أن هذا الملف له اتفاق مختلف ستمضي فيه وزارة الدفاع وفق التوجه العام".
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد حذر في وقت سابق من الشهر الماضي، من "فرض واقع تقسيمي" في البلاد، حيث نشرت الرئاسة بيانا أشارت فيه أن التصريحات الصادرة من قيادة قسد التي تدعو إلى الفيدرالية وتكرس واقعا منفصلا على الأرض، تتعارض بشكل صريح مع مضمون الاتفاق، وتهدد وحدة البلاد وسلامة ترابها.
وأكد البيان "رفض أي محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفيدرالية أو الإدارة الذاتية من دون توافق وطني شامل".
وعبر الشرع عن "بالغ القلق من الممارسات التي تشير إلى توجهات خطيرة نحو تغيير ديموغرافي في بعض المناطق، بما يهدد النسيج الاجتماعي السوري ويضعف فرص الحل الوطني الشامل".
كما حذر من "تعطيل عمل مؤسسات الدولة السورية في المناطق التي تسيطر عليها قسد، وتقييد وصول المواطنين إلى خدماتها، واحتكار الموارد الوطنية وتسخيرها خارج إطار الدولة، بما يسهم في تعميق الانقسام وتهديد السيادة الوطنية".
وأضاف البيان: "لا يمكن لقيادة قسد أن تستأثر بالقرار في منطقة شمال شرقي سوريا، إذ تتعايش مكونات أصيلة كالعرب والكرد والمسيحيين وغيرهم، فمصادرة قرار أي مكون واحتكار تمثيله أمر مرفوض، فلا استقرار ولا مستقبل من دون شراكة حقيقية وتمثيل عادل لجميع الأطراف".
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وقعا اتفاقا في 11 مارس، قضى بدمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية.
تصريحات إلهام أحمد، بحسب مراقبين، تكشف النوايا الحقيقية لبعض التيارات داخل ميلشيات قسد التي لم تتخلَ بعد عن مشروع “روجآفا” الانفصالي، رغم توقيع الاتفاق الذي تم بين الشرع ومظلوم في دمشق.