قال مسؤول رفيع في الأمم المتحدة، أمس الجمعة، إن مناقشات دولية ستُعقد خلال اجتماعات الربيع الجارية في واشنطن لبحث إعادة تفعيل الدعم المالي لسوريا من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، رغم استمرار العقوبات الغربية التي لا تزال تمثل عقبة رئيسية أمام جهود إعادة الإعمار.
اجتماع سعودي - دولي بشأن سوريا على هامش اجتماعات واشنطن
وأوضح عبد الله الدردري، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تصريح لوكالة "رويترز" من دمشق، أن اجتماعاً خاصاً بسوريا ستستضيفه الحكومة السعودية والبنك الدولي، يُعقد على هامش الاجتماعات السنوية للمؤسستين الماليتين الدوليتين في العاصمة الأميركية.
وقال الدردري إن هذا الاجتماع "يوجه رسالة واضحة إلى الشعب السوري والمجتمع الدولي بأن المؤسسات المالية الكبرى باتت جاهزة لدعم سوريا"، مؤكداً أن هذه الخطوة تمثل تطوراً هاماً في مسار استعادة البلاد لعلاقاتها المالية الدولية.
السعودية تسدد متأخرات سوريا للبنك الدولي
وكانت "رويترز" قد كشفت في وقت سابق أن السعودية تعتزم تسديد نحو 15 مليون دولار من المتأخرات المستحقة على سوريا لصالح البنك الدولي، وهو ما اعتُبر خطوة تمهيدية تفتح المجال أمام منح مالية محتملة لدعم إعادة الإعمار. وقد أكدت مصادر لاحقة أن هذه الدفعات قد تم تسديدها بالفعل.
ووفقاً للدردري، فإن سداد هذه المستحقات سيسمح للبنك الدولي باستئناف تقديم الدعم لسوريا من خلال "المؤسسة الدولية للتنمية" التابعة له، والمخصصة لتمويل الدول ذات الدخل المنخفض.
حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد.. أداة دعم إضافية
وأشار المسؤول الأممي إلى أهمية استفادة سوريا أيضاً من "حقوق السحب الخاصة" في صندوق النقد الدولي، مشدداً على أن هذه الأدوات تمثل فرصاً حيوية لسوريا للانخراط في مفاوضات مباشرة مع المؤسسات المالية الدولية في المرحلة القادمة.
وفد حكومي سوري رفيع إلى واشنطن
وفي تطور بارز، أعلنت وكالة "رويترز" أن كلاً من وزير المالية محمد يسر برنية، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، سيشاركون في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن في وقت لاحق من هذا الشهر.
وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها لوفد سوري رفيع إلى الولايات المتحدة منذ نحو عشرين عاماً، كما أنها تمثل أول مشاركة رسمية على هذا المستوى منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
تحديات ما بعد الحرب والعقوبات المستمرة
وتواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات هائلة في ظل دمار واسع لحق بالبنية التحتية جراء أكثر من 14 عاماً من الحرب التي أعقبت انطلاق الاحتجاجات ضد الأسد. وتسعى دمشق إلى إعادة بناء علاقاتها الدولية والإقليمية، وتوفير الدعم المطلوب لإعادة إعمار البلاد.
لكن العقوبات الأميركية الصارمة التي فُرضت خلال حكم الأسد لا تزال قائمة، رغم صدور إعفاء مؤقت لمدة ستة أشهر في يناير/كانون الثاني الماضي يتيح مرونة محدودة في المساعدات الإنسانية. إلا أن تأثير هذا الإعفاء ظل محدوداً على أرض الواقع.
تباين أميركي في الموقف من دمشق الجديدة
ورغم أن واشنطن قدمت، في مارس/آذار الماضي، قائمة شروط للحكومة السورية الجديدة مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، إلا أن التواصل المباشر معها ظل محدوداً. ويرجع ذلك إلى وجود تباينات داخل دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة بشأن طبيعة العلاقة التي يجب أن تربط واشنطن بالحكومة السورية الجديدة.
وصل وفد من الكونغرس الأميركي إلى العاصمة السورية دمشق، يوم الجمعة، في زيارة رسمية تُعد الثانية من نوعها منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024. وتندرج الزيارة في إطار الجهود الأميركية لتقييم المرحلة الانتقالية في سوريا ومناقشة مستقبل العلاقة بين البلدين.
ويضم الوفد عضوَي الكونغرس كوري ميلز ومارلين ستوتزمان، إلى جانب أعضاء من "التحالف السوري الأميركي من أجل السلام والازدهار"، في زيارة تهدف إلى لقاء القيادة السورية والاطلاع على الأوضاع الميدانية.
جولة ميدانية في حي جوبر وزيارة مرتقبة لصيدنايا
استهل الوفد زيارته بجولة في حي جوبر شمال شرقي دمشق، الذي دُمّر بشكل واسع إبان سنوات القصف على يد النظام المخلوع. ومن المرتقب أن تشمل الجولة زيارة لاحقة إلى سجن صيدنايا، أحد أبرز رموز الانتهاكات في عهد الأسد، وفقاً لما أكدته مصادر مطلعة في دمشق.
لقاء مرتقب مع الرئيس الشرع ووزير الخارجية
وبحسب الجدول الرسمي، سيعقد الوفد لقاءً مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بالإضافة إلى وزير الخارجية أسعد الشيباني. وأكدت مصادر عراقية مطّلعة أن اللقاء يأتي في سياق متابعة العلاقات الثنائية، ومناقشة الملفات السياسية والإنسانية ذات الأولوية.
ميلز: العقوبات قيد النقاش.. ولقاء محتمل بين ترامب والشرع
قال عضو الكونغرس كوري ميلز في تصريحات لموقع "الجزيرة" من حي جوبر إن رفع العقوبات عن سوريا "يتطلب خطوات ملموسة"، مشيراً إلى أن واشنطن تسعى لرؤية واقع مستقر في سوريا تحت حكومة ديمقراطية منتخبة. وأضاف أن مسألة العقوبات ستكون ضمن محاور النقاش مع الرئيس الشرع.
وعن احتمال عقد لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس أحمد الشرع خلال الزيارة المرتقبة لترامب إلى الشرق الأوسط، قال ميلز: "الأمر ممكن، خصوصاً إذا وجد الرئيس مؤشرات إيجابية كما حدث في ملفات سابقة مثل كوريا الشمالية".
ستوتزمان: نرى فرصة لحكومة صديقة للغرب
بدورها، عبّرت عضوة الكونغرس مارلين ستوتزمان عن تفاؤلها بسوريا الجديدة، وقالت في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: "جئت لأرى سوريا عن قرب، وسأنقل ما لمسته من تفاصيل ومواقف إلى الداخل الأميركي". وأضافت: "ما شاهدناه من دمار في الأحياء السكنية يدعو للحزن، لكنّي متفائلة بإرادة السوريين لبناء المستقبل".
التحالف السوري الأميركي: نطالب بتخفيف العقوبات
من جانبه، أكد مجد عبار، عضو التحالف السوري الأميركي، أن الوفد يهدف إلى الاطلاع على أثر العقوبات المفروضة على المدنيين في سوريا، ولقاء ممثلي الحكومة والمجتمع المدني. وأوضح أن جدول الزيارة يشمل أيضاً لقاءات مع قيادات دينية، من بينها البطريرك في الكنيسة الآشورية في دير مار تقلا، بالتزامن مع عيد الفصح المجيد.
وأشار عبار إلى أن الوفد سيتنقل في عدد من المناطق بهدف "رؤية التنوع والنسيج الاجتماعي السوري عن قرب"، مؤكداً أن مهمة التحالف هي نقل صورة واضحة إلى الإدارة الأميركية حول الوضع الإنساني، والضغط من أجل تخفيف الإجراءات العقابية على الشعب السوري.
أعلنت وزارة الخارجية القطرية، يوم الجمعة، أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رعى لقاءً رسمياً جمع الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في العاصمة الدوحة، وذلك في إطار الجهود القطرية لتعزيز مسارات العمل العربي المشترك.
وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إن اللقاء "عُقد في أجواء إيجابية عكست روح التفاهم والتقارب بين الجانبين"، دون أن يكشف عن تفاصيل محددة بشأن الموضوعات التي تم التباحث بشأنها.
وأوضح الأنصاري أن استضافة بلاده لهذا اللقاء تأتي في سياق "حرص دولة قطر على دفع عجلة التلاقي العربي، ودعم المبادرات التي تهدف إلى استقرار المنطقة وتعزيز التعاون بين الدول الشقيقة".
وكان مصدر مسؤول مقرّب من الحكومة العراقية قد أفاد في وقت سابق، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أجرى زيارة سريعة إلى الدوحة، التقى خلالها بكل من أمير قطر والرئيس السوري، في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية.
وأضاف المصدر أن اللقاء تناول مستجدات الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا، حيث أكد السوداني أن "العراق يتابع عن كثب الأحداث الجارية في البلد الجار، وعلى رأسها التحديات المرتبطة بالتواجد العسكري الإسرائيلي"، مشدداً على موقف العراق الثابت في دعم سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
وأشار رئيس الوزراء العراقي خلال الاجتماع إلى ضرورة المضي في "عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا وتنوّعها المجتمعي والديني، وتضمن إشراك كافة الأطراف في صياغة مستقبل البلاد".
كما شدد السوداني على "أهمية أن تبادر الحكومة السورية الجديدة باتخاذ خطوات عملية وجدية في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي"، معتبراً أن تحقيق تقدم ملموس في الملفات الأمنية والسياسية من شأنه فتح آفاق جديدة من التعاون بين البلدين، وتعزيز أمن واستقرار المنطقة ككل.
وأوضح البيان أن هذا اللقاء تم بمبادرة وساطة من دولة قطر، انطلاقاً من حرصها على دعم الحوار العربي وتعزيز جسور التواصل بين الدول الشقيقة. وقد ناقش الجانبان خلال الاجتماع العلاقات الثنائية بين الجمهورية العربية السورية وجمهورية العراق، في ضوء الروابط التاريخية العميقة التي تجمع الشعبين، والسعي المشترك لإحياء مسارات التعاون العربي على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وأكد الرئيس أحمد الشرع ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني في محادثاتهما على أهمية احترام سيادة واستقلال البلدين، ورفض كل أشكال التدخل الخارجي، معتبرين أن أمن واستقرار سوريا والعراق يمثلان دعامة أساسية لأمن المنطقة بأسرها.
وتناول الجانبان قضية أمن الحدود المشتركة، حيث تم الاتفاق على تعزيز التنسيق الأمني والميداني وتكثيف التعاون الاستخباراتي بين الجهات المختصة في كلا البلدين، من أجل مواجهة التحديات والمخاطر الأمنية العابرة للحدود.
وفي الشق الاقتصادي، ناقش اللقاء سبل تفعيل التعاون التجاري بين سوريا والعراق، والعمل على تسهيل حركة البضائع والأفراد عبر المعابر الحدودية، إلى جانب تشجيع الاستثمارات المتبادلة وفتح آفاق تعاون جديدة في قطاعات الطاقة والنقل والبنية التحتية، بما يحقق تطلعات الشعبين ويخدم الأهداف الاستراتيجية للبلدين.
وقد أعرب فخامة الرئيس الشرع خلال اللقاء عن عميق شكره لدولة قطر الشقيقة، ولصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد، على رعايته الكريمة لهذا اللقاء، وجهوده المخلصة في دعم الحوار العربي وتعزيز مسيرة التضامن بين الدول العربية.
واختتم البيان بالتأكيد على أن هذا اللقاء يمثل محطة محورية في مسار بناء علاقات عربية متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل والشراكة الفاعلة، ويمثل خطوة متقدمة نحو تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، وتكريس نهج التعاون العربي في مواجهة التحديات المشتركة، وبناء مستقبل أكثر إشراقاً لشعوب المنطقة.
"السوداني" يوجه دعوة رسمية للرئيس "الشرع" لحضور القمة العربية في بغداد
وكان أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء 16 نيسان/أبريل 2025، عن توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية المرتقبة، المقرر عقدها في العاصمة بغداد بتاريخ 17 أيار/مايو المقبل.
وأكد السوداني، خلال مشاركته في "ملتقى السليمانية الدولي التاسع"، أن الرئيس الشرع سيحضر القمة العربية، مشدداً على أن القيادة السورية مرحب بها في بغداد، في إطار دعم العراق لمسار التعاون العربي وتعزيز العلاقات مع دمشق.
وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام عراقية من بينها "السومرية نيوز"، أن السوداني لم يكتف بتوجيه الدعوة فحسب، بل أعلن أيضاً عزمه الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة، في خطوة تؤكد استمرارية حضوره السياسي على الساحة العراقية.
اتصال هاتفي بين الشرع والسوداني: نحو فتح صفحة جديدة
وجاءت هذه الدعوة في أعقاب اتصال هاتفي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بحثا خلاله سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين سوريا والعراق، وأكدا على عمق الروابط التي تجمع الشعبين على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وخلال الاتصال، هنأ السوداني الرئيس الشرع بمناسبة عيد الفطر المبارك، معرباً عن دعمه لتشكيل الحكومة السورية الجديدة، ومجدداً موقف العراق الثابت في دعم أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها.
واتفق الجانبان على أهمية فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، تقوم على التعاون المشترك، ومواجهة التحديات الإقليمية، بما يسهم في تعزيز استقرار المنطقة وخدمة شعوبها.
تعزيز أمني مشترك ومواجهة التهريب
كما تناول الاتصال ملف أمن الحدود المشتركة بين البلدين، حيث شدد الجانبان على ضرورة تعزيز التنسيق الأمني، خصوصاً في ما يتعلق بمكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات والعناصر الخارجة عن القانون.
وأكد الرئيس الشرع التزام بلاده باحترام سيادة العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، داعياً إلى شراكة استراتيجية بين دمشق وبغداد، قائمة على المصالح المتبادلة والتعاون الثنائي لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.
دعم متبادل ورؤية مشتركة للاستقرار
وفي ختام الاتصال، جدّد الجانب العراقي تأكيده دعم سوريا في مسيرتها نحو الاستقرار السياسي، معرباً عن تطلعه إلى تطوير علاقات أكثر عمقاً بما يخدم مصالح الشعبين، ويعزز الأمن والاستقرار الإقليمي في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة.
قمة القاهرة الطارئة: بداية الانفتاح العربي
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد شارك في القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة بتاريخ 4 آذار/مارس الماضي، بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وذلك في أول مشاركة له ضمن محفل عربي رفيع منذ توليه رئاسة الجمهورية في المرحلة الانتقالية، عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024.
وفي إطار الانفتاح العربي على دمشق، أكدت جامعة الدول العربية أن سوريا ستشارك أيضاً في القمة العربية المقبلة في بغداد، وأن تحديد مستوى التمثيل يعود للدولة السورية، سواء عبر الرئيس أو وزير الخارجية.
زيارة تاريخية لوزير الخارجية السوري إلى بغداد
وتزامناً مع هذا الحراك الدبلوماسي، أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني زيارة رسمية إلى بغداد، هي الأولى من نوعها لمسؤول سوري منذ سقوط النظام السابق، حيث عقد مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع نظيره العراقي فؤاد حسين.
وأكد الشيباني خلال الزيارة على وحدة الصف السوري العراقي، وضرورة الوقوف صفاً واحداً في وجه التهديدات والتدخلات الخارجية، معرباً عن استعداد دمشق الكامل للتعاون مع بغداد في مكافحة الإرهاب وتنظيم داعش، قائلاً: "أمن سوريا من أمن العراق، ومصائرنا مشتركة".
وصف وزير الاقتصاد والصناعة السوري، الدكتور محمد نضال الشعار، زيارة نظيره التركي، وزير التجارة عمر بولاط، بأنها "مثمرة وتعكس عمق الروابط الأخوية بين البلدين"، مؤكداً أنها تمثل بداية واعدة لشراكة اقتصادية قوية بين الجانبين.
ونقلت قناة وزارة الاقتصاد على "تلغرام" عن الوزير الشعار قوله: "كانت الزيارة ناجحة وتناولنا خلالها العديد من القضايا المهمة، وهي تعكس العلاقات الأخوية المتجذرة بين سوريا وتركيا، وتمثل انطلاقة جديدة نحو تعاون اقتصادي فعّال". وأضاف: "نحن اليوم نكتب معاً فصلاً جديداً من التاريخ، تؤلفه السواعد السورية والتركية بتعاون مشترك".
زيارة الوزير بولاط إلى دمشق، التي جرت يوم الأربعاء الماضي، جاءت على رأس وفد رسمي ضم مسؤولين بارزين وعدداً من رجال الأعمال الأتراك. وشهدت الزيارة سلسلة مباحثات مع مسؤولين سوريين ركّزت على فتح آفاق جديدة للتعاون التجاري والاستثماري في المرحلة المقبلة.
وقبيل مغادرته دمشق، أعرب الوزير التركي للصحفيين عن رغبة بلاده في بدء مفاوضات رسمية مع الحكومة السورية لعقد اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، مشيراً إلى أهمية هذه الخطوة في تعزيز استقرار المنطقة وفتح قنوات جديدة للنمو والتنمية بين الشعبين الجارين.
سوريا وتركيا تبحثان تعزيز التبادل التجاري وتطوير البنى التحتية للمنافذ المشتركة
وكان بحث رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا، قتيبة بدوي، مع وزير التجارة التركي عمر بولاط، خلال اجتماع رسمي عُقد في دمشق، سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاستثماري في المرحلة الانتقالية.
وأكد الجانبان في الاجتماع على أهمية "التنسيق العالي في القضايا الاقتصادية"، وتطرقا إلى عدد من القضايا الجوهرية، من بينها تعزيز التبادل التجاري، مناقشة التعرفة الجمركية، الاستثمار التركي في المناطق الحرة السورية، وتنشيط حركة عبور السيارات والشاحنات بين البلدين، بما في ذلك إعادة فتح معبر كسب الحدودي أمام حركة الشحن التجارية الصغيرة.
خارطة طريق لتعميق التعاون الاقتصادي
وشهد اللقاء الموسّع الذي جمع الوفد التركي بمسؤولي الهيئة السورية، مناقشات مفصلة حول تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية، وتذليل العقبات التي تعترض تدفق السلع، إلى جانب وضع خطة لتوسيع الصادرات المتبادلة ورفع مستواها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
وأعرب قتيبة بدوي عن شكر سوريا العميق للدولة التركية قيادةً وحكومةً وشعباً، مشيداً بالمواقف التركية الداعمة للشعب السوري منذ انطلاق الثورة وحتى تحقيق النصر على النظام البائد، مشيراً إلى تشكيل لجان تركية متخصصة لتقديم الدعم للحكومة السورية في مختلف القطاعات بعد سقوط النظام.
كما أكد البدوي أن الحكومة السورية اتخذت سلسلة من الإجراءات الجمركية منذ بداية العام الجاري تهدف إلى رفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين، موضحاً أهمية تأهيل البنى التحتية في المعابر والموانئ، وخاصة فيما يخص أجهزة الفحص (السكانر)، لدعم انسياب البضائع وتعزيز قطاع النقل المشترك والسياحة.
بولاط: تركيا ملتزمة بدعم سوريا وشعبها
من جانبه، شدد وزير التجارة التركي عمر بولاط على أن زيارة الوفد التركي، والتي ضمت نخبة من رجال الأعمال وممثلي غرف التجارة والصناعة في تركيا، تأتي في سياق تعزيز التعاون مع الحكومة السورية الجديدة. ولفت إلى عمق الروابط التاريخية بين الشعبين السوري والتركي، مؤكداً أن **أنقرة حريصة على الوقوف إلى جانب دمشق في مرحلة البناء والتنمية**.
وقال بولاط: "منذ انطلاق الثورة، وقف الشعب التركي مع أشقائه السوريين، واليوم نحتفل بانتصار الحق والعدالة، ونثق بأن سوريا الموحدة ستواصل السير نحو مستقبل مزدهر"، مضيفاً أن **تركيا تدعم خطط النهوض بالاقتصاد السوري وتعتبر استقراره أولوية استراتيجية**.
دعم تركي لتأهيل المعابر وتنظيم المعارض
وخلال الاجتماع، أعرب عدد من أعضاء الوفد التركي عن استعدادهم للمساهمة في إعادة تأهيل المعابر البرية المشتركة وميناءي اللاذقية وطرطوس، وتقديم الدعم في مجال تكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن اهتمام بعض الشركات المتخصصة بتنظيم معارض دائمة للمنتجات التركية في سوريا.
وفي ردّه على مداخلات الوفد، أوضح بدوي أن الهيئة أجرت تعديلات على الرسوم الجمركية استناداً إلى اقتراحات عملية تهدف إلى توحيد الأنظمة في المنافذ البرية والبحرية، وحماية المنتج المحلي، وتوفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة.
وأشار رئيس الهيئة إلى أنه تم الاتفاق على إقامة منطقة حرة سورية – تركية مشتركة، يتم فيها إنشاء مصانع من الطرفين، وتُمنح منتجاتها إعفاءً جمركياً، بما يعزز قدرتها التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية.
لم يكن وقع العودة إلى الديار سهلاً على كثير من أبناء ريفي حماة وإدلب، فمع لحظة التحرير التي طال انتظارها، كان الأمل معقوداً على استعادة الأرض والبناء والكرامة، لكن مشهداً قاسياً آخر كان بانتظارهم: أشجارهم المثمرة، التي طالما شكّلت مصدر رزقهم وامتداداً لذكرياتهم، قُطعت واجتثت على يد جنود الأسد، خلال سنوات الاحتلال الطويلة.
ففي القرى التي عاد إليها الأهالي بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، اصطدم العائدون بجريمة بيئية واقتصادية واجتماعية دفعت كثيرين منهم إلى وصف ما جرى بأنه "اجتثاث للهوية"، لا مجرد تخريب.
مصدر رزق مدمَّر
بحسب شهادات ميدانية جمعها مراسلونا، فإن سكان مناطق متفرقة في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة، ممن عادوا إلى قراهم، فوجئوا بغياب الأشجار التي كانوا يعتنون بها لعقود، وخاصة الزيتون والتين والفستق الحلبي. هذه الأشجار، التي كانت تمثل عماد الاقتصاد العائلي لآلاف الأسر، لم تعد موجودة، بعد أن قضت عليها سكاكين الانتقام وثقافة الإبادة.
يقول أحد العائدين: "كنا نخطط لجني محصولنا، كي نتمكن من إعادة بناء منازلنا، لكنهم لم يتركوا لنا حتى الظلّ". ويضيف آخر: "لم تكن مجرد أشجار، بل مواسم عمر، كنا نحيا من خيراتها".
قطع الأشجار.. عقوبة جماعية
الواقع الجديد فتح جرحاً عميقاً في الذاكرة الجمعية للأهالي، لا سيما أن عمليات القطع جرت بصورة ممنهجة، وسط صمت مطبق من النظام، بل وتواطؤ صريح. فقد استغل عناصر الأسد وجودهم في هذه المناطق لارتكاب أبشع الجرائم البيئية، إذ حوّلوا الحقول إلى مصدر حطب ومواد للبيع، ووسيلة انتقام من أهالي القرى الذين عرفوا بمواقفهم الثورية ضد النظام.
وبالرغم من أن رأس النظام أصدر سابقاً مرسوماً يفرض غرامات مالية على قاطعي الأشجار، تتراوح بين 150 إلى 200 ألف ليرة للدونم الواحد، إلا أن القرار لم يكن سوى حبر على ورق. لا أحد طُبّق عليه القانون، لأن من نفّذ الجريمة هم أنفسهم المحميون أمنياً والمغذَّون بسياسة العقاب الجماعي.
صدمة وحرمان
في أحد الفيديوهات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي، يروي أحد العائدين بأسى: "أهل قريتي كانوا يعيشون من محصول الزيتون والتين، واليوم عادوا فلم يجدوا شجرة واحدة واقفة... الأرض تحولت إلى صحراء". شهادته تكررت على ألسنة كثيرين، الذين عبّروا عن ألمهم في تعليقات موجعة: "هدموا البيوت وسرقوا الأسقف، لكن قطع الشجر هو الكارثة الأكبر"، وآخر وصف المشهد قائلاً: "حتى مضخات المياه سرقوها، لم يتركوا حجراً على حجر، نحن عدنا من تحت الصفر".
في مشهد موازٍ، رأى بعض السكان أن قلع الأشجار لا يختلف عن قلع الأرواح، فهو عملية إبادة لا تختلف عن القتل أو القصف، بل هو امتداد لسياسة الأرض المحروقة التي انتهجها الأسد ضد معارضيه.
انتظار الموسم الذي لن يعود
اليوم، يفكر العائدون في زراعة الأشجار من جديد، لكنهم يعلمون جيداً أن الزيتونة لا تثمر إلا بعد سنوات، وأنهم فقدوا مواسم متراكمة من الرزق والعيش. وكما يقول أحد الفلاحين: "بعض الأشجار التي قطعوها زرعها أبي بيده، واليوم أنظر مكانها فلا أرى إلا جذعاً محروقاً، وكأنهم يريدون محو أثرنا من الأرض".
تؤكد هذه المشاهد أن معركة السوريين لم تنتهِ مع تحرير الأرض فقط، بل بدأت فصولها الحقيقية مع إعادة الإعمار والعدالة، ومواجهة الآثار العميقة التي تركها نظام استخدم كل أدوات الإبادة، حتى الشجر لم يسلم من نيرانه.
رغم مرور أكثر من عقد على جريمة استخدام الأسلحة الكيميائية في بلدة التمانعة بريف إدلب، لا تزال آثار تلك الهجمات المروعة حاضرة في الوجدان الجمعي لأهالي البلدة. سبع هجمات بالسلاح المحرّم دولياً استهدفت البلدة، وأسفرت عن استشهاد سبعة مدنيين، وخلّفت مئات المصابين والناجين، الذين لا تزال معاناتهم شاهدة على واحدة من أبشع الجرائم المرتكبة في سياق الحرب السورية.
وفي ذكرى المجزرة، نظّم أهالي التمانعة وقفة صامتة وفاءً لضحايا تلك الهجمات، واستذكاراً لمعاناة الناجين، وتأكيداً على مطلب لا يزال حيّاً في الضمير السوري: محاسبة المتورطين في جريمة الكيماوي، وإنصاف الضحايا.
ورغم انهيار النظام السابق في نهاية عام 2024، لم تتحقق حتى الآن العدالة المرجوة. غير أن أهالي التمانعة يؤكدون أن سقوط النظام لا يعني طي صفحة الجريمة، بل يمثل بداية المسار القانوني والأخلاقي نحو المساءلة والمحاسبة، واستعادة حقوق من قضوا ومن نجا من جحيم الغاز السام.
ويشدد أبناء البلدة على أن ذاكرة الجريمة لن تُمحى، وأنهم ماضون في المطالبة بإحالة المتورطين إلى العدالة، سواء كانوا مخططين أو منفذين أو متواطئين، معتبرين أن هذه الجريمة لم تستهدف التمانعة وحدها، بل شكّلت اعتداءً صارخاً على المبادئ الإنسانية والقانون الدولي.
وأكدوا على أن محاسبة مرتكبي جرائم الكيماوي لم تعد شأناً محلياً فحسب، بل غدت قضية عالمية تمسّ الضمير الإنساني برمّته، وتشكل اختباراً حقيقياً لصدقية المجتمع الدولي في الوقوف بوجه الإفلات من العقاب.
سيظلّ أهالي التمانعة، ومعهم السوريون جميعاً، أوفياء لذكرى الشهداء، متشبثين بحقوقهم، ومتمسكين بحقهم في العدالة، مهما طال الزمن أو تبدلت المعادلات. فالمحاسبة ليست خياراً، بل التزام أخلاقي لا يسقط بالتقادم.
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعاً خلال الأيام الماضية مع إعلان الحكومة السورية الجديدة إعادة الآلاف من الموظفين المفصولين تعسفياً في عهد النظام السابق إلى وظائفهم في وزارة التربية، بعد سنوات طويلة من الحرمان نتيجة مواقفهم الداعمة للثورة السورية ورفضهم الاستبداد الذي مارسه نظام بشار الأسد بحق المواطنين.
وأكد وزير التنمية الإدارية، محمد السكاف، في تصريحات إعلامية، أن الوزارة أنهت دراسة الملفات المقدمة من العاملين في قطاع التربية، موضحاً أن عدد الطلبات التي تلقتها الوزارة بلغ 22,644، جرى الانتهاء من معالجة 14,646 منها حتى الآن. كما أشار إلى استمرار التنسيق مع الوزارات الأخرى للنظر في حالات مشابهة لضمان إعادة الحقوق إلى أصحابها وفق جدول زمني منظم وواضح.
كما أصدرت الوزارة بياناً رسمياً مرفقاً بقائمة أسماء الموظفين الذين تمت إعادتهم إلى وظائفهم، وطلبت منهم مراجعة مديريات التربية المختصة لاستكمال الإجراءات الإدارية اللازمة واستلام وظائفهم مجدداً.
عقوبات على خلفية سياسية
بحسب شهادات حصلت عليها فرق ميدانية من معلمين في إدلب وريفها، فإن معظم قرارات الفصل الصادرة بحقهم كانت بسبب مواقفهم الثورية وانحيازهم للشارع السوري المنتفض، في حين طال الفصل آخرين لمجرد الاشتباه بعدم ولائهم للنظام، أو بسبب عدم التحاقهم بأماكن عملهم، نتيجة ظروف الحرب التي فرضت قيوداً شديدة على التنقل والأمان.
ويرى العاملون في الحقل التربوي أن عقوبة الفصل الوظيفي، على قسوتها، كانت أهون من المآلات الأخرى التي واجهها كثير من المعارضين، كالسجن والاعتقال والتغييب القسري، في بلد لم يكن يسمح بأي هامش من المعارضة أو الحياد.
بدائل مؤقتة وسط الأزمات
بعد فصلهم من وظائفهم، اضطر كثير من المعلمين للبحث عن مصادر دخل بديلة، في ظل انهيار البنية الاقتصادية والمعيشية. بعضهم التحق بسلك التعليم في المدارس الحرة التابعة للإدارة المدنية في المناطق المحررة، بينما لجأ آخرون للعمل في منظمات إنسانية أو افتتحوا مشاريع صغيرة لتأمين لقمة العيش، في وقت كانت فيه سبل الحياة تضيق يوماً بعد آخر.
نزوح وفقدان
ازدادت معاناة المعلمين المفصولين خلال فترات النزوح القسري التي شهدتها مختلف المحافظات السورية، لا سيما بعد فقدانهم منازلهم وممتلكاتهم وأراضيهم، ليجدوا أنفسهم أمام تحديات جديدة في تأمين سكن بديل، وتغطية مستلزمات الحياة اليومية وسط غياب الاستقرار والأمان.
عودة مستحقة بعد انتصار الشعب
وبعد مضي أكثر من 14 عاماً على انطلاق الثورة السورية، ومع سقوط نظام بشار الأسد وفراره مع عائلته إلى موسكو، بدأت ملامح العدالة تعود إلى الواجهة. وعملت الحكومة السورية الجديدة على إعادة تنظيم شؤون الدولة، ومن أبرز الخطوات التي اتخذتها مؤخراً، إعادة المعلمين المفصولين إلى وظائفهم، وفتح الباب أمامهم للعودة إلى ميادينهم التربوية، مرفوعي الرأس، بعدما كان النظام السابق قد أقصاهم ظلماً.
ويُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها واحدة من بوادر الإنصاف وإرساء قيم العدالة الانتقالية، التي تسعى الحكومة الجديدة إلى ترسيخها، كجزء من مشروع وطني يسعى لإعادة الاعتبار لكل من تضرر بسبب مواقفه في سبيل الحرية والكرامة.
أعاد ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تداول مقطع فيديو قديم للمستشارة الإعلامية السابقة لرئيس النظام السوري السابق، لونا الشبل، خلال ظهورها على إحدى القنوات الموالية، وهي تروي روايات وصفت بأنها أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، عن مواقف "بطولية" نسبتها لبشار الأسد. هذا الظهور، الذي سبق تصفيتها في ظروف غامضة، أعاد إلى الواجهة سلسلة من الأكاذيب الإعلامية التي روج لها النظام طوال سنوات الحرب السورية.
مواجهة المسلحين "وجهاً لوجه".. رواية غير قابلة للتصديق
في اللقاء الذي جمعها بالإعلامي حسين مرتضى وإحدى المذيعات المواليات، زعمت الشبل أن بشار الأسد كان يتواجد في أكثر المناطق اشتعالاً، مثل جوبر وداريا ومنطقة الهبيط في ريف إدلب، مشيرة إلى أنه كان يواجه المسلحين "وجهاً لوجه". وروت واقعة قالت إنها حدثت في مرج السلطان، حيث "التقت عين الأسد بعين أحد المسلحين من داخل دشمة"، في مشهد استُقبل بتهكم واسع على منصات التواصل.
الشبل أكدت أن الأسد "كان دائماً حيث يجب أن يكون، مرة مع الجيش ومرة مع الشعب"، على حد تعبيرها، وهاجمت في الوقت ذاته المعارضين الذين اتهموه بالاختباء وعدم قدرته على الظهور علناً، معتبرة أن ما وصفته بـ"الثقة المتبادلة بينه وبين الشعب" أثمرت نتائج سياسية وشعبية هامة.
بين حياة القصور والادعاء بالتواضع
رغم الصورة التي حاولت الشبل رسمها عن تواضع الأسد وتفاعله مع أبناء شعبه، فإن الوقائع الموثقة تشير إلى أن تحركاته كانت تخضع لحراسة مشددة وإجراءات أمنية دقيقة، وكان يُحضّر لها مسبقاً بأدق التفاصيل. جميع اللقطات التي ظهر فيها بين المدنيين كانت منظمة بعناية، تهدف إلى تلميع صورته أمام الإعلام وتقديمه كشخص بسيط يعيش بين الناس، بينما الواقع يُظهر تمسكه بالسلطة على حساب حياة آلاف السوريين.
حين يصبح "البحث عن نتيجة البكالوريا" إنجازاً!
وفي استمرار لسرد المبالغات، قالت الشبل إن الأسد "كان يحصل على نتائج أبنائه الدراسية مثل أي مواطن عادي، وينتظر ظهورها عبر الإنترنت". وأضافت أن الأسد لم يستخدم صلاحياته كرئيس للحصول على النتائج قبل موعدها، في إشارة إلى نتائج ابنته زين وابنه حافظ. إلا أن المتابعين سرعان ما سخروا من هذه الرواية، مؤكدين أن نجاح أبناء الأسد كان مضموناً في نظام لا يعرف الشفافية، على غرار نتائج الانتخابات الرئاسية التي لطالما حاز فيها على أكثر من 99% من الأصوات، بما في ذلك أصوات الأموات.
سخرية واسعة وتعليقات لاذعة
الفيديو المتداول أثار موجة واسعة من السخرية، حيث استعاد المتابعون نبرة الإعلام الموالي التي كانت تُطلق الأكاذيب بلا حرج. وعلّق أحدهم: "قديش كان لطيف... ربي يحفظه بثلاجة الموتى"، فيما كتب آخر: "أجت عينه بعين المسلح وتركوه... يا أما المسلح أعمى، يا أما عميل". وعلّقت إحدى المتابعات ساخرة: "كانت عينه تجي بعين المسلح ويقله بنظراته شايفك بس عايفك، مع زئير الأسد".
الماكينة الإعلامية والقصص الأسطورية
لم يكن حديث الشبل استثناءً في سجل الأكاذيب الإعلامية التي غذّى بها النظام الموالي جمهوره على مدى سنوات، من روايات "العسكري الذي استيقظ في ثلاجة الموتى"، إلى "الأبطال الذين هزموا المؤامرة الكونية". جميعها حكايات تعكس محاولة مستميتة لتجميل صورة نظام كان ولا يزال يُتهم بارتكاب أفظع الجرائم بحق شعبه.
في النهاية، تبقى مثل هذه الروايات شاهداً على حجم التزييف الذي مارسه إعلام النظام، في محاولاته لتلميع وجه سلطة لم تكن ترى في مواطنيها سوى أدوات للتمجيد أو أهدافاً للقمع. أما الشبل، التي طالما دافعت عن زعيمها، فقد اختفت عن المشهد في ظروف غامضة، تاركة وراءها إرثاً من الأكاذيب الإعلامية التي لن تُمحى بسهولة من ذاكرة السوريين.
أكد فيصل يوسف، الناطق الإعلامي باسم المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS)، أن التحضيرات الجارية لعقد كونفرانس "وحدة الصف والموقف الكوردي" تسير بخطى واثقة ومدروسة، مدفوعة بإرادة حقيقية لإنجاح هذا الحدث السياسي المرتقب، موضحاً أن الإعلان الرسمي عن موعد انعقاده سيتم فور استكمال الترتيبات النهائية.
وقال يوسف في بيان صحفي نقلته وكالة "باسنيوز"، إن العمل على عقد الكونفرانس يسير بثبات، ويعكس إصراراً جماعياً ملموساً من أجل توحيد الرؤية والموقف الكوردي في هذه المرحلة الحساسة.
وأضاف أن "المخاوف التي تسود الشارع الكردي من احتمالات الفشل تبقى مشروعة، نظراً للتجارب السابقة"، مشدداً على أهمية "استخلاص الدروس من محطات التعثر الماضية وتفادي تكرار الأخطاء التي حالت دون الوصول إلى توافق شامل".
وأشار إلى أن المجلس الوطني الكردي "يُقدّر تطلعات وآراء أبناء الشعب الكوردي وأصدقائه ببالغ الاحترام"، مؤكداً أن المجلس ملتزم بتحقيق طموحات الشعب في إطار مشروع سياسي واضح يستند إلى اللامركزية والديمقراطية في سوريا المستقبل.
وشدد يوسف على أن "المجلس الوطني الكوردي يعتبر وحدة الصف خياراً استراتيجياً لا رجعة فيه"، لافتاً إلى أن الجهود المبذولة في هذا الاتجاه لم تتوقف، وأن الكثير من الإجراءات التنظيمية والإدارية الخاصة بالكونفرانس قد أُنجزت بالفعل.
واختتم بالتأكيد أن الإعلان عن موعد انعقاد الكونفرانس سيتم في أقرب وقت، بعد الانتهاء الكامل من الترتيبات اللازمة، في خطوة تهدف إلى تعزيز وحدة الصف الكوردي وتحقيق التطلعات الوطنية الجامعة ضمن إطار سوريا موحدة وديمقراطية.
"إلهام أحمد" تتحدث عن مؤتمر كردي لتشكيل لجنة تشرف على صياغة مسودة دستور جديد لسوريا
أكدت إلهام أحمد، ممثلة دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، خلال لقائها وفدًا برلمانيًا مشتركًا من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في مدينة القامشلي، أن الحوار بين الأطراف الكردية لا يزال مستمرًا ونشطًا، مشيرة إلى وجود "نقاشات جادة حول تحقيق الوحدة السياسية".
ونقل موقع "Rudaw" عن أحمد أنها قدمت للوفد إحاطة مفصلة تناولت أبرز التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية في مناطق الإدارة الذاتية، إلى جانب المساعي المبذولة لتوحيد الصف الكردي، والتحضيرات الجارية لعقد مؤتمر وطني جامع للأحزاب الكردية في 18 نيسان الجاري، تمهيدًا لتشكيل لجنة مشتركة تتولى مهمة الإشراف على صياغة مسودة دستور جديد لسوريا.
نحو دستور شامل يضم جميع مكونات المجتمع السوري
وأوضحت أحمد أن الخطوة التالية بعد المؤتمر تتمثل في تشكيل لجان دستورية تضم ممثلين عن مختلف مكونات الشعب السوري، مؤكدة أن هذه الخطوة تعد "أساسية قبل الشروع في أي عملية لصياغة الدستور".
وأضافت: "نحن بحاجة إلى دستور يعكس التعددية السورية ويضمن العدالة الاجتماعية، ويشكل أساسًا لانتخابات ديمقراطية حقيقية، لأن الانتخابات لا يمكن أن تكون نزيهة دون وضوح في طبيعة النظام الانتخابي والقانون المنظم لها".
رؤية موحدة لفيدرالية دستورية
في أعقاب التحولات السياسية العميقة التي شهدتها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، عادت مسألة الفيدرالية لتتصدر المشهد السياسي في مناطق شمال شرقي البلاد. وتتمسك القوى الكردية، لاسيما المجلس الوطني الكردي (ENKS) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، بطرح الفيدرالية كنموذج حكم مثالي لحل القضية الكردية ضمن سوريا موحدة وديمقراطية، علماً أن روسيا كانت أول من طرحها إبان اجتماعات أستانا.
تؤكد القوى الكردية أن النظام الفيدرالي لا يهدف إلى الانفصال، بل إلى ضمان الحقوق القومية، والإدارية، والثقافية للكرد، وتمثيلهم دستورياً، ضمن دولة سورية موحدة. ويجري العمل على مسودة توافقية ستُعرض قريباً في اجتماع موسع يضم الأطراف الكردية السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والتنظيمات النسوية، وممثلين من خارج الإطارين الرئيسيين ENKS وPYD.
أكدت إلهام أحمد، ممثلة دائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"، أن الحل السياسي الحقيقي في سوريا لا يمكن أن يتحقق دون تبني صيغة لامركزية تُراعي التعددية المجتمعية، مشددة على أن رفض هذا الطرح قد يقود البلاد إلى موجات جديدة من الصراع.
وجاءت تصريحات أحمد خلال مشاركتها في منتدى السليمانية في إقليم كردستان العراق، حيث قالت: "العودة إلى النظام المركزي كما كان قبل عام 2011 لم تعد واردة، إذ إن الأنظمة المركزية لم تكن سوى بيئة خصبة لتكريس الأزمات بدل حلها". وأكدت على أن "الاعتراف بالتنوع السوري وضمان حقوق الأكراد وباقي المكونات في الدستور هو المدخل الصحيح لبناء دولة عادلة ومستقرة".
وأضافت أحمد أن "الرفض المتكرر لفكرة اللامركزية لا يخدم الاستقرار"، معتبرة أن "غالبية السوريين باتوا يدركون أن الحل لا يكمن في إعادة إنتاج مركزية السلطة، بل في توزيعها على مختلف المناطق والمكونات"، نافية في الوقت ذاته الاتهامات الموجهة للإدارة الذاتية بالسعي إلى الانفصال، وأكدت أن "اللامركزية لا تعني التقسيم، بل هي السبيل الوحيد لتفادي المزيد من الأزمات".
وفي ما يتعلق بالعملية الدستورية، شددت أحمد على أهمية إشراك جميع القوى السياسية والاجتماعية في صياغة الدستور، مؤكدة أن "الإقصاء أو تجاهل المكونات الفاعلة لن يقود إلا إلى الفشل"، وأضافت: "نحن نريد أن نكون جزءاً فاعلاً في صياغة دستور يضمن العدالة والكرامة لكل السوريين".
وعن العلاقة مع الحكومة السورية، قالت أحمد إن "الإدارة الذاتية تسعى إلى التوصل إلى اتفاقيات أعمق مع دمشق، تتعلق بمسارات الحل السياسي والدستوري وإعادة الإعمار"، مشيرة إلى أهمية التفاهم بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع، لما يمثله ذلك من التقاء إرادات تسهم في تعزيز التماسك الوطني.
وفي تصريحات سابقة خلال استقبالها وفداً برلمانياً من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في مدينة القامشلي، وجّهت أحمد انتقادات لاذعة إلى الحكومة السورية، معتبرة أنها "تفشل في تمثيل التركيبة السكانية المتنوعة في البلاد، وتعتمد خطاباً عقائدياً سلفياً يتناقض مع قيم الدولة الديمقراطية". ولفتت إلى أن "النظام يحاول إظهار نفسه أمام المجتمع الدولي كمدافع عن حقوق الإنسان، فيما تنقض ممارساته اليومية هذا الادعاء".
وفي ما يخص العملية الانتخابية، أكدت أحمد أنه "لا يمكن الحديث عن انتخابات نزيهة في غياب دستور واضح، يُحدد طبيعة النظام الانتخابي وشكل الحكم المستقبلي"، مشيرة إلى ضرورة التمهيد لمرحلة انتخابية ديمقراطية من خلال وثيقة دستورية تُجمع عليها مختلف الأطراف.
كما أشارت أحمد إلى أن مناطق الإدارة الذاتية تحظى بإعفاء جزئي من العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، موضحة أن "الإدارة قدّمت للجانب الأميركي قائمة تحدد نوعية الاستثمارات المسموح بها وتلك التي لا تزال محظورة"، في إشارة إلى محاولات خلق فرص إنعاش اقتصادي ضمن مناطقها رغم الظروف الإقليمية المعقدة.
واعتبرت في ختام حديثها أن الشعب السوري، بكل أطيافه، "لن يتراجع عن نضاله من أجل الحرية والكرامة"، وأن "الإدارة الذاتية ستواصل العمل على ترسيخ نهجها السياسي في إطار حل سوري شامل، يضمن وحدة الأراضي السورية وسيادتها وعدالة التمثيل السياسي لكل مكوناتها".
أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن الوجود العسكري الروسي في سوريا لا يزال قائماً في المواقع ذاتها، مشدداً على أن موسكو تواصل حوارها المنتظم مع الحكومة السورية الجديدة، في إطار دعمها المستمر لسوريا خلال المرحلة الانتقالية.
وفي رده على سؤال حول طبيعة الوجود العسكري الروسي الراهن في الأراضي السورية، قال نيبينزيا: "القوات الروسية لا تزال في مواقعها كما كانت دائماً، ويجري حوار متواصل بين موسكو والحكومة السورية الحالية". وأضاف: "كما تعلمون، مبعوثنا الخاص زار دمشق مؤخراً، والرئيس فلاديمير بوتين تحدث مباشرة مع رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع".
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أعلن في تصريحات سابقة أن إدارته حريصة على بناء علاقات استراتيجية متجددة مع روسيا، مشدداً على أن أي شراكة مقبلة يجب أن تُبنى على قاعدة احترام سيادة الدولة السورية واستقلال قرارها السياسي، وضمن إطار يضمن استقرار البلاد ووحدتها.
يُذكر أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، إلى جانب المبعوث الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، كانا قد زارا دمشق في يناير/كانون الثاني الماضي على رأس وفد روسي رسمي، في أول زيارة من نوعها بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وخلال تلك الزيارة، أعرب الجانب الروسي عن دعمه الثابت لوحدة الأراضي السورية وسلامتها الإقليمية، وأبدى استعداده لتقديم كافة أشكال الدعم للشعب السوري، بما في ذلك المساهمة في جهود إعادة الإعمار وتهيئة المناخ السياسي والاقتصادي الملائم للمرحلة المقبلة.
تبدل الموقف الروسي عقب سقوط الأسد
أثار تبدل الموقف الروسي وكثير من الدول الداعمة لنظام الأسد، حالة من الاستغراب في أوساط أبناء الحراك الثوري السوري، بعد نجاحهم في إسقاط حكم الطاغية "بشار الأسد"، لتحاول تلك الدول في مقدمتها روسيا تبديل مواقفها وإظهار وجه آخر تجاه الشعب السوري، وهي التي مارست شتى أنواع القتل والتدمير وساهمت في "تثبيت الديكتاتور" حتى لحظة سقوطه.
روسيا تستضيف السفاح "بشار"
لم تكتف روسيا بجرائم الحرب التي ارتكبتها في سوريا منذ تدخلها في 2015 لإنقاذ حكم "بشار الأسد"، بل عملت على حمايته بعد سقوطه من خلال منحه وعائلته وكبار ضباطه والمقربين منه حق اللجوء الإنساني، وسط تصريحات متبدلة تحاول فيها الخروج من مسؤوليتها على جرائم الحرب المرتبكة، دون أن تبادل حتى لتسليم الديكتاتور للمحاكمة العادلة.
حصائل الموت الروسية
في تقريرها السنوي الأخير عن أبرز انتهاكات القوات الروسية منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015، تشير إحصائيات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى تورط روسيا بمقتل 6954 مدنياً بينهم 2046 طفلاً و1246 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد هذه القوات.
ووفق الشبكة الحقوقية، تسببت القوات الروسية بمقتل 6954 مدنياً بينهم 2046 طفلاً و978 سيدة (أنثى بالغة)، وما لا يقل عن 360 مجزرة، وأظهر تحليل البيانات أن العام الأول للتدخل الروسي قد شهد الحصيلة الأعلى من الضحايا (قرابة 52 % من الحصيلة الإجمالية). فيما شهدت محافظة حلب الحصيلة الأعلى من الضحايا (قرابة 41 %) بين المحافظات السورية، تلتها إدلب (38%).
كما وثق التقرير قتل القوات الروسية 70 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، جلهم في محافظة حلب، وكانت الحصيلة الأعلى لهؤلاء الضحايا في العام الأول، إضافةً إلى مقتل 44 من كوادر الدفاع المدني، نصفهم في محافظة إدلب التي سجلت الحصيلة الأعلى بين المحافظات، وكانت الحصيلة الأعلى من الضحايا في العام الأول من التدخل العسكري الروسي (قرابة 35 %) وفق ما أورده التقرير. وسجل مقتل 24 من الكوادر الإعلامية جميعهم قتلوا في محافظتي حلب وإدلب.
وطبقاً للتقرير فقد ارتكبت القوات الروسية منذ تدخلها العسكري حتى 30/ أيلول/ 2023 ما لا يقل عن 1246 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة، بينها 223 مدرسة، و207 منشأة طبية، و61 سوق، وبحسب الرسوم البيانية التي أوردها التقرير فقد شهد العام الأول للتدخل الروسي 452 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية. كما شهدت محافظة إدلب الحصيلة الأعلى من حوادث الاعتداء بـ 629حادثة، أي ما نسبته 51 % من الحصيلة الإجمالية لحوادث الاعتداء.
كما سجل التقرير ما لا يقل عن 237 هجوماً بذخائر عنقودية، إضافةً إلى ما لا يقل عن 125 هجوماً بأسلحة حارقة، شنَّتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015.
وجاء في التقرير أنَّ حجم العنف المتصاعد، الذي مارسته القوات الروسية كان له الأثر الأكبر في حركة النُّزوح والتَّشريد القسري، وساهمت هجماتها بالتوازي مع الهجمات التي شنَّها الحلف السوري الإيراني في تشريد قرابة 4.8 مليون نسمة، معظم هؤلاء المدنيين تعرضوا للنزوح غيرَ مرة.
لفتَ التقرير إلى أن السلطات في روسيا تنكر إلى اليوم قيامها بأية هجمات ضدَّ المدنيين، وما زال وزير خارجيتها يصرح مراراً أن التدخل الروسي شرعي؛ لأن هذا التدخل كان بطلب من النظام السوري ولمحاربة تنظيم داعش، ويؤكد لافروف بأنَّ بلاده مُلتزمة بقواعد القانون الدولي الإنساني، إلا أنه يتجاوز فكرة أن روسيا لم تقم بفتح تحقيق واحد حول المعلومات المؤكدة على انخراط القوات الروسية في العديد من الهجمات بانتهاكات ترقى لتكون جرائم حرب بحسب عدد من التقارير الأممية والدولية والمحلية.
ووفق الشبكة، تورط النظام الروسي في دعم النظام السوري الذي ارتكب جرائم ضدَّ الإنسانية بحق الشعب السوري، عبر تزويده بالسلاح والخبرات العسكرية، وعبر التدخل العسكري المباشر إلى جانبه، أوضح التقرير أن روسيا استخدمت الفيتو مرات عديدة على الرغم من أنها طرف في النزاع السوري، وهذا مخالف لميثاق الأمم المتحدة، كما أن هذه الاستخدامات قد وظَّفها النظام للإفلات من العقاب.
وأكد أن السلطات الروسية لم تَقم بأية تحقيقات جدية عن أيٍ من الهجمات الواردة فيه أو في تقارير سابقة، وحمل التقرير القيادة الروسية سواء العسكرية منها أو السياسية المسؤولية عن هذه الهجمات استناداً إلى مبدأ مسؤولية القيادة في القانون الدولي الإنساني.
أعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها تمكنت من تدمير ما مجموعه 121 كيلومتراً من الأنفاق التي استخدمتها عناصر "حزب العمال الكردستاني" (بي كي كي) و"وحدات حماية الشعب" (واي بي جي) في شمال سوريا، وذلك في إطار العمليات الجارية لتعزيز الأمن والاستقرار في مناطق العمليات التركية.
وقال زكي آق تورك، المتحدث باسم المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع، في مؤتمر صحفي عقده أمس الخميس في ولاية إسبرطة جنوب غربي تركيا، إن العمليات التي انطلقت في 8 يناير/ كانون الثاني 2025، أسفرت عن تدمير نحو 66 كيلومتراً من الأنفاق في منطقة تل رفعت شمال مدينة حلب، إضافة إلى 55 كيلومتراً آخر في منطقة منبج شمال شرق حلب.
وأوضح آق تورك أن هذه العمليات تأتي في سياق جهود أنقرة المستمرة لإرساء بيئة آمنة ومستقرة في الشمال السوري، تمهيداً لعودة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم، مشيراً إلى أن العمل لا يزال جارياً لكشف وتفكيك الألغام والعبوات الناسفة والأنفاق المتبقية في المنطقة.