أصدر وزير العدل السوري، الدكتور مظهر الويس، قرارين متتاليين يهدفان إلى تعزيز الشفافية والالتزام بالمعايير القانونية، وسط تصاعد المطالب الشعبية بإعادة تقييم أداء مؤسسات العدالة بعد سقوط النظام السابق، في خطوة لافتة نحو إصلاح المنظومة القضائية في البلاد.
مراجعة شاملة لأحكام محكمة الإرهاب
القرار الأول تمثل في تشكيل لجنة قضائية متخصصة تتولى دراسة ومراجعة الأحكام والإجراءات الصادرة عن محكمة قضايا الإرهاب، إلى جانب باقي المحاكم الاستثنائية التي أُنشئت في عهد النظام المخلوع.
وبحسب ما نشرته وزارة العدل عبر قناتها على تلغرام، تهدف هذه الخطوة إلى تقييم مدى قانونية تلك الأحكام، ومواءمتها مع الضمانات الدستورية التي تكفل حقوق المواطنين، في إطار العدالة الانتقالية التي تشهدها البلاد.
اللجنة القضائية ستُكلّف بإعداد تقارير تحليلية دقيقة لكل حالة، مع رفع تقارير شهرية إلى مجلس القضاء الأعلى تتضمن مقترحات بإلغاء الأحكام التي يتضح أنها فُرضت تعسفاً أو انطوت على انتهاك للحريات العامة.
تعليق الدراسة في المعهد العالي للقضاء بسبب شبهات فساد
في قرار ثانٍ، أعلن وزير العدل تعليق التدريس في المعهد العالي للقضاء، بعد ورود شكاوى تتعلق بوجود مخالفات وتجاوزات في عملية قبول الطلاب ضمن الدورة الرابعة.
ووفقاً لما نشرته الوزارة، تزامن القرار مع تشكيل لجنة تفتيشية مختصة لتقييم الإجراءات التي تم اتباعها في اختيار المقبولين، ومدى مطابقتها للمعايير الأكاديمية والمبادئ الناظمة لنزاهة القضاء.
اللجنة ستقوم بإعداد تقرير مفصل يُرفع إلى مجلس القضاء الأعلى، ليُبنى عليه اتخاذ قرارات تصحيحية تُعيد الاعتبار لمصداقية المؤسسات القضائية، وتمنع تكرار مثل هذه التجاوزات مستقبلاً.
يُذكر أن هذه الإجراءات تأتي في سياق خطوات متصاعدة لإصلاح القضاء، وإعادة الثقة به كأحد أعمدة الدولة السورية الجديدة، بعد سنوات طويلة من التسييس والفساد القضائي الذي مارسه النظام السابق عبر أدواته الأمنية والقضائية.
يستمر فتح ملفات المتورطين بجرائم نظام الأسد، وسط مطالبات متصاعدة بمحاسبة كل من ساهم في تعذيب السوريين وظلمهم خلال سنوات الثورة، وعلى رأسهم شخصيات بارزة في المجال القضائي لعبت أدواراً محورية في تغطية الانتهاكات قانونياً.
القاضية "خلود الحموي"، التي تولّت منصب قاضي التحقيق الخامس في ما كان يُعرف بمحكمة "الإرهاب"، باتت في دائرة الاتهام بعد شهادات توثق أحكامها المجحفة، وتورطها في إرسال معتقلين إلى سجن صيدنايا سيئ السمعة.
لورنس حيدر يفضح.. "خلود الحموي أداة النظام القضائية"
أحد الناجين من الاعتقال، ويدعى لورنس حيدر، خرج بشهادة مصوّرة كشف فيها تفاصيل صادمة عن تجربته في الاعتقال ودور القاضية خلود الحموي في تكريس الظلم بحق المعتقلين.
وقال حيدر إنه اعتُقل في سبتمبر/أيلول 2013 عند حاجز "كشكول" بدمشق، إثر تقرير أمني كتبه أحد معارفه، وجرى تحويله إلى "فرع الدوريات" حيث خضع للتحقيق لدى عنصر يُدعى محمود حمدان. وبعد شهرين، نقل إلى فرع منفردة 93، ثم خضع للتحقيق أمام لجنة أمنية تضم خمسة ممثلين عن أجهزة الاستخبارات السورية.
في شهادته، أشار إلى نقله لاحقاً إلى سجن عدرا، ثم إلى محكمة "الإرهاب" حيث عرض أمام القاضية خلود الحموي. ووفقاً له، تم عرض 23 شخصاً على الحموي في تلك الفترة، ولم يُفرج سوى عن ثلاثة، بينما تم ترحيل الباقين إلى سجن صيدنايا، المعروف بأنه مقبرة الأحياء.
شهادات معتقلين: "أحكام ظالمة وابتزاز مقابل الذهب"
بعد انتشار شهادة حيدر، تفاعل عدد من المعتقلين السابقين مع الفيديو، كاشفين عن تعرضهم لأحكام جائرة على يد الحموي، وكتب أنور بركات، أحد ضحايا القاضية، قائلاً: "حوّلتني إلى الجنايات عام 2013 رغم براءتي.. فقط لأنني من محافظة إدلب. حرمتني من عملي وسُرق منزلي واتُّهمت بالإرهاب ظلماً".
أما عمار العبادي، فقال: "حكمتني القاضية خلود الحموي سبع سنوات بسبب ربطة خبز.. الله لا يسامحها". وأضاف أحمد المحمد: "أوقفتني الحموي وأرسلتني إلى صيدنايا. قضيت ثلاث سنوات بدون محاكمة، وكانت الأضابير تبقى نائمة عندها ما لم يُدفع ذهب. من كان يدفع كان يُفرج عنه، ومن لم يفعل يُترك مصيره بيدها".
مطالبات بالمحاسبة.. فتح ملفات محكمة "الإرهاب"
تأتي هذه الشهادات في وقت يواصل فيه محامون وحقوقيون فتح ملفات محكمة "الإرهاب"، باعتبارها أداة قانونية استخدمها النظام السابق في شرعنة الاعتقال التعسفي وتصفية الخصوم. وتزايدت الدعوات لإجراء تحقيقات قضائية بحق القاضية الحموي، مع تقديم شكاوى ضدها تتضمن اتهامات بالفساد واستغلال السلطة والضلوع في ممارسات تعذيب غير مباشرة من خلال تغطية قانونية لقرارات أمنية.
"لا عدالة دون محاسبة"
ملف القاضية خلود الحموي يمثل نموذجاً صارخاً على مدى تواطؤ المؤسسة القضائية مع الأجهزة الأمنية في عهد النظام المخلوع، ويؤكد أن أي عدالة انتقالية في سوريا لن تكتمل دون محاسبة كل من تورّط في ظلم السوريين، سواء أكانوا جنوداً في الميدان، أم قضاةً في المكاتب.
وأكد المحامي “ميشيل شماس” أن الشكوى جاءت نتيجة ما وصفه بـ”انتهاكات مهنية جسيمة”، حيث اتهم عدد كبير من المحامين القاضية الحموي بإظهار عداء صارخ تجاه المتهمين من المعارضين السياسيين، وبتبني مواقف منحازة للنظام السوري السابق، خلال فترة توليها القضايا الحساسة في المحكمة.
وتُعد الحموي من الشخصيات القضائية المثيرة للجدل في سوريا، بسبب ارتباط اسمها بمحكمة الإرهاب التي وُجّهت لها اتهامات واسعة بانتهاك حقوق المعتقلين السياسيين.
وكانت قد أصدرت وزارة العدل السورية بيانًا توضيحيًا بعد انتشار صورة تُظهر وزير العدل الدكتور مظهر الويس وهو يصافح القاضي عمار بلال، أحد أبرز قضاة محكمة الإرهاب إبان عهد النظام السابق. وأكدت الوزارة أن المصافحة جرت ضمن لقاء بروتوكولي بمناسبة عيد الفطر، ولا تحمل أي دلالة سياسية أو قانونية.
وأضاف البيان أن جميع القضاة الذين شغلوا مناصب في محكمة قضايا الإرهاب يخضعون حاليًا لتحقيقات لدى إدارة التفتيش القضائي، مؤكدة أن أية مخالفات أو تجاوزات سيتم التعامل معها بحزم، وفق مقتضيات القانون.
وشددت الوزارة على التزامها بمبدأ المحاسبة وسيادة القانون، معتبرة أن تطهير المؤسسة القضائية من المتورطين في الانتهاكات يمثل استحقاقًا وطنيًا وأخلاقيًا في إطار مسار العدالة الانتقالية وبناء سوريا الجديدة.
في المقابل، أثارت صورة القاضي بلال مع الوزير موجة من الجدل والاستياء في الأوساط الحقوقية والثورية، التي اعتبرت ظهوره بمثابة “استفزاز” لضحايا القمع، مطالبة بعزله ومحاسبته إلى جانب جميع القضاة المتورطين في انتهاكات سابقة.
وأصدر عدد من المحامين المنشقين ونشطاء الثورة بيانًا طالبوا فيه باتخاذ إجراءات فورية لعزل كل من ساهم في قمع السوريين، مؤكدين أن استمرار هؤلاء في مواقعهم يشكل “صفعة للعدالة وإهانة لذكرى الضحايا”.
كما شدد البيان الحقوقي على ضرورة دعم القضاة الشرفاء والمنشقين الذين أثبتوا نزاهتهم، والذين يجب أن يكونوا في طليعة عملية إصلاح القضاء في سوريا المستقبل.
وعبّر ناشطون عن تطلعهم إلى مرحلة جدية من المحاسبة الشاملة لكل من ارتكب انتهاكات بحق السوريين خلال عهد النظام المخلوع، سواء من الأجهزة الأمنية أو القضائية، مؤكدين أن التغاضي عن هذه الأسماء سيُفقد الدولة الجديدة مصداقيتها في أعين من دفعوا أثمانًا باهظة في سبيل الحرية والكرامة.
وأكدت تعليقات أخرى أن “الكثير من رموز القمع ما زالوا طلقاء، يمارسون وظائفهم، بل ويُمنح بعضهم مناصب جديدة”، وهو ما وصفه ناشطون بأنه “تهديد حقيقي لمسار العدالة الانتقالية”، داعين إلى تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق ومتابعة ملفات القضاة المتورطين بجرائم ضد الإنسانية.
كشفت وكالة "رويترز" في تحقيق استقصائي موسّع، تفاصيل عملية تهريب سرية قادها رأس النظام السوري السابق الإرهابي "بشار الأسد" قبل أيام من انهيار نظامه في ديسمبر/كانون الأول 2024، شملت نقل أموال نقدية ضخمة، ووثائق سرية، ومقتنيات ثمينة، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، على متن طائرة خاصة، بمساعدة مقربين منه، وتحت غطاء أمني مشدد.
شبكة تهريب عبر طائرة خاصة.. أربع رحلات خلال 48 ساعة
وفقاً لتصريحات أكثر من 14 مصدراً مطلعاً على العملية – من بينهم ضباط سابقون في المخابرات الجوية والحرس الجمهوري، وموظفون في مطارات سورية، وأفراد من شبكة أعمال الأسد – فإن يسار إبراهيم، المستشار الاقتصادي الخاص للأسد، أشرف على تنسيق العملية. إبراهيم، الذي تولى إدارة المكتب المالي والاقتصادي للرئاسة، كان أحد الوجوه البارزة في منظومة الأسد الاقتصادية، ويُعد "واجهة مالية" للنظام.
استُخدمت طائرة من طراز "Embraer Legacy 600"، مسجلة في غامبيا تحت الرقم التعريفي C5-SKY، لتنفيذ أربع رحلات متتالية بين دمشق وأبوظبي، خلال 6 إلى 8 ديسمبر 2024، أي قبل يوم من انهيار النظام وفرار الأسد إلى روسيا.
محتويات الطائرة: أموال ووثائق سرية
كشفت مصادر التحقيق أن الطائرة حملت في رحلاتها المتتالية:
- مبالغ نقدية لا تقل عن 500 ألف دولار
- أجهزة كمبيوتر محمولة ومحركات أقراص صلبة تحتوي على معلومات حساسة تتعلق بـ"المجموعة"، وهو الاسم الرمزي لشبكة الكيانات التجارية التي يديرها الأسد.
- سجلات مالية، ومحاضر اجتماعات، وبيانات تحويلات بنكية، ووثائق تتعلق بملكية عقارات وشركات
- مقتنيات ثمينة ولوحات فنية ومنحوتات صغيرة
إشراف أمني مباشر: المخابرات الجوية والحرس الجمهوري
تمركزت وحدات من المخابرات الجوية، المعروفة بدورها في قمع الثورة، في مطار دمشق الدولي لحماية قاعة كبار الزوار أثناء تحضير الرحلات. كما شاركت وحدات من الحرس الجمهوري، الذي يخضع مباشرة لبشار الأسد، في تأمين العملية، ما أكد ضلوع الأسد شخصياً في إصدار أوامر التهريب، بحسب مصادر استخباراتية.
مدير أمن المطار، العميد غدير علي، طلب من العاملين "عدم الاقتراب من الطائرة"، وصرّح لهم: "أنتم لم تروا شيئاً"، وفق شهادة محمد قيروط، رئيس العمليات الأرضية للخطوط الجوية السورية.
دور السفارة الإماراتية
في واحدة من الرحلات، أُبلغت رويترز أن سيارات تابعة لسفارة الإمارات في دمشق وصلت إلى المنطقة الخاصة بكبار الزوار، وهو ما اعتبره ضباط سابقون "إشارة على أن الإمارات كانت على علم بالعملية، أو سهّلتها بشكل غير مباشر"، كما أن الطائرة كانت تهبط وتقلع من مطار البطين في أبوظبي، وهو مطار مخصص لكبار الشخصيات ومعروف بسرية إجراءاته.
من دمشق إلى حميميم: الهروب الأخير
في فجر الثامن من ديسمبر 2024، وبعد أن أصبحت العاصمة دمشق على وشك السقوط بأيدي قوات المعارضة، فر الأسد من قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية إلى روسيا. الطائرة ذاتها التي استخدمت في نقل الأموال والوثائق، عادت لتحمل الأسد ومقربين منه إلى خارج البلاد.
أظهرت صور أقمار صناعية التُقطت في تمام الساعة 09:11 صباحاً وجود الطائرة C5-SKY على مدرج حميميم. وبينما اختفت الطائرة عن أجهزة تتبع الطيران لعدة ساعات، عادت للظهور مجدداً وهي تحلّق فوق حمص في طريقها إلى أبوظبي.
شهادات ومراسلات
اطلعت "رويترز" على: مراسلات عبر تطبيق "واتساب" بين معاونين ليسار إبراهيم، ووثائق ملكية شركات في ثلاث قارات، وبيانات الرحلات الجوية وسجلات المطارات، ومقابلات مع ضباط ومصادر على دراية مباشرة بالعملية.
من كانوا على متن الرحلات؟
بحسب المصادر، شملت الرحلات "أقارب بشار الأسد من الدرجة الأولى، موظفين في القصر الجمهوري منهم "أحمد خليل خليل"، وهو أحد المقربين من يسار إبراهيم، والذي وصل إلى مطار حميميم في سيارة مصفحة تابعة لسفارة الإمارات، حاملاً حقيبة تحتوي على 500 ألف دولار. خليل يخضع لعقوبات دولية بتهمة إدارة شركات تدعم النظام السابق.
الحكومة السورية الجديدة: نلاحق الأموال المهربة
في تعليق رسمي لوكالة "رويترز"، أكد مسؤول بارز في الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، أن الدولة تعمل على تتبع واستعادة الأموال العامة المهربة قبيل سقوط الأسد، مشيراً إلى أن العملية كانت ممنهجة وتهدف إلى حماية ثروات النظام وقياداته.
وقال المسؤول: "نحن ملتزمون باسترجاع أموال السوريين المنهوبة، ومحاسبة كل من ساهم في تهريبها أو التستر عليها".
صمت رسمي روسي وإماراتي
وفق "رويترز" حتى تاريخ نشر التقرير، لم يصدر أي تعليق رسمي من وزارتي الخارجية في روسيا أو الإمارات، رغم إرسال رويترز طلبات رسمية للتوضيح بشأن العملية.
وتكشف هذه العملية عن مدى تعقيد شبكة الفساد التي أسسها النظام السابق، وتحالفاته السياسية والأمنية، والتي استخدمها للهروب بموارده إلى الخارج قبل انهياره. وبينما تسعى الحكومة الجديدة إلى استعادة الأموال وتفعيل العدالة الانتقالية، يبقى ملف "الهروب الكبير" شاهداً على نهاية نظام استمر لعقود على أنقاض الدولة السورية.
تمكنت إدارة الأمن العام من إلقاء القبض على الشبيح "جميل قزلو"، أحد أبرز عناصر ميليشيا "الدفاع الوطني" والناشط كمراسل حربي ضمن صفوفها، وذلك خلال عملية أمنية جرت في حي التضامن بالعاصمة دمشق.
مصادرة معدات وذخائر
وأسفرت عملية التوقيف عن ضبط كمية من الذخائر والجُعب العسكرية ودرع واقٍ للرصاص، بالإضافة إلى معدات تصوير احترافية، كانت بحوزة قزلو أثناء القبض عليه.
سجل دموي ومشاركة في حصار بلدات دمشق
ويُعرف "جميل قزلو"، بعمله كمراسل ميداني في إذاعة المدينة إف إم، حيث شارك في تغطية العمليات العسكرية للنظام البائد، لا سيما في حصار مناطق ببيلا ويلدا بريف دمشق، وكان يوثق هذه الانتهاكات بشكل دعائي عبر وسائل إعلام موالية.
كما شارك قزلو في اقتحام بلدات الغوطة الشرقية عام 2018، وهي العمليات التي أدت إلى تهجير واسع للسكان المدنيين، وقدّم خلالها تقارير تحريضية تصف الثوار بالإرهابيين وتشرعن استخدام العنف بحقهم.
ارتباطات أمنية وتشبيحية
وشغل "قزلو"، سابقًا موقعًا في المكتب الإعلامي لاتحاد شبيبة الثورة بدمشق، ويُعرف بكونه نجل حاتم قزلو، أحد الشخصيات المحسوبة على الأجهزة الأمنية، والمتهم بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق أهالي حي التضامن.
اتهامات بتصفية مدنيين ودفنهم تحت الأنقاض
وتشير مصادر محلية إلى أن والد "جميل قزلو" ايضا متورط بتصفية عدد من المدنيين في حي التضامن، ودفنهم تحت الأبنية التي كان يتم تفجيرها عمدًا لإخفاء الجثث، في واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات الموالية للنظام البائد.
ويحمل والد "قزلو" صفة "محلل سياسي وعسكري" على بعض المنصات الإعلامية التابعة للنظام، وهو ما استخدمه لتبرير سياسات القمع والترويج لروايات النظام الأمنية.
وكانت أكدت وزارة الإعلام عبر معرفاتها الرسمية، على إخضاع جميع الإعلاميين الحربيين ممن شاركوا في حرب النظام المجرم الساقط ضد الشعب السوري، لمحاكمة عادلة.
ولم يعجب القرار الإعلاميين المتلونين ممن دعموا نظام الأسد البائد، نظرا إلى دورهم المفضوح في مساندة النظام حتى اللحظات الأخيرة من سقوطه على يد الثوار، وحتى الأمس القريب كان عدد من الإعلاميين الموالين من أشد المدافعين عن نظامهم عبر صفحاتهم الرسمية.
وذكرت وزارة الإعلام أن "جميع الإعلاميين الحربيين الذين كانوا جزءاً من آلة الحرب والدعاية لنظام الأسد الساقط، وساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في الترويج لجرائمه ومجازره ضد الشعب السوري".
وشددت على أن "الإعلاميين الحربيين"، سيخضعون للمحاكمة العادلة ضمن إطار العدالة الانتقالية، التي تهدف إلى تحقيق الإنصاف ومحاسبة كل من تورط في انتهاكات جسيمة بحق أبناء الشعب السوري.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع الإعلاميين العاملين في مؤسسات النظام سابقا كانوا يعلنون الولاء له وسط تشبيح منقطع النظير، ومع انتصار الثورة السورية بدء عدد منهم محاولة ركوب الموجة، وهناك أسماء بارزة عرفت بدعم نظام الأسد والمشاركة في سفك الدم السوري، مثل "كنانة علوش، صهيب المصري، شادي حلوة" وغيرهم.
طالبت عائلات الضباط الكُرد المنشقين عن نظام الأسد، قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) بالكشف عن مصير أبنائها المختطفين، والإفراج الفوري عنهم، ومحاسبة المتورطين في احتجازهم خارج إطار القانون.
وجاء في بيان صادر عن العائلات، نشره موقع "باسنيوز"، أن اليوم يصادف "الذكرى السنوية الثانية عشرة لاختطاف مجموعة من الضباط الكُرد المنشقين ومرافقهم المدني، أثناء توجههم نحو إقليم كوردستان عبر الحدود السورية–العراقية، دون أي معلومات مؤكدة عن مصيرهم منذ لحظة الاختطاف حتى اليوم.
دعوات للمؤتمر الكردي والجهات الدولية للتحرك
وفي ظل الحديث عن مؤتمر مرتقب لتوحيد الصف السياسي الكردي في سوريا، ناشدت العائلات اللجنة التحضيرية للمؤتمر وجميع القوى المشاركة، إدراج ملف المختطفين كقضية أساسية والعمل على الضغط للإفراج عنهم.
وأكد البيان: "نحمّل حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة، ونطالب بالكشف عن مصيرهم فوراً، وضمان تقديم المسؤولين عن احتجازهم إلى العدالة".
مناشدة للتحالف الدولي ودول فاعلة
كما وجّهت العائلات نداء إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وقوى التحالف الدولي، بوصفهم أطرافاً مؤثرة في الملف السوري، خاصة فيما يتعلق بتوحيد الموقف السياسي الكردي، للضغط على قيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) للكشف عن مصير المختطفين وضمان الإفراج عنهم.
قائمة الضباط المختطفين:
وضمّت قائمة المختطفين التالية أسماؤهم:
1. العميد الركن محمد خليل العلي – من مدينة الباب
2. العقيد محمد هيثم إبراهيم – من مدينة عفرين
3. العقيد حسن أوسو – من ناحية أبين / عفرين
4. العقيد محمد كوله خيري – من مدينة عفرين
5. المقدم شوقي عثمان – من مدينة عفرين
6. الرائد بهزاد نعسو – من مدينة عفرين
7. النقيب حسين بكر – مواليد 1976 من ناحية الشيخ حديد / عفرين
8. الملازم أول عدنان البرازي – من مدينة كوباني
9. المدني راغب محمود – المرافق للضباط
خلفية التشكيل العسكري ودورهم في الثورة
وكان الضباط المختطفون قد شاركوا في تأسيس "المجلس العسكري الكردي المشترك" عام 2012 في مدينة حلب وريفها الشمالي، وشاركوا في معارك ضد قوات النظام السوري، وتمكنوا من السيطرة على أجزاء واسعة من أحياء الشيخ مقصود، الأشرفية، والهلك، كما ساهموا في طرد قوات النظام من مدن وبلدات متعددة في ريف حلب.
واختُتم البيان بمناشدة حقوقية وإنسانية تطالب بإنهاء معاناة العائلات المستمرة منذ أكثر من عقد، مؤكدة أن ملف المختطفين يجب أن يبقى حاضراً في كل مفاوضات تتعلق بمستقبل سوريا والعدالة الانتقالية.
أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة السورية، "هند قبوات"، أن التحديات التي تواجه الوزارة في المرحلة الراهنة "متوقعة وطبيعية" في بلد أنهكته الحرب وعبثت بمقدراته عقود من الفساد والاستبداد، لكنها شددت على أن العزيمة لا تزال حاضرة، والقدرة على تجاوزها "ممكنة ومستمرة".
وفي حوار خاص مع الجزيرة نت، كشفت قبوات عن ملامح خطة الوزارة للمرحلة المقبلة، والتي تتركّز على محورين أساسيين: عودة النازحين وتعزيز السلم الأهلي والتعايش، مشيرة إلى أن ذلك يشكل أرضية لأي عملية تعافٍ مجتمعي واقتصادي حقيقي.
وأوضحت الوزيرة أن الوزارة تعمل على تطوير برامج خاصة تستهدف الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع السوري، عبر مسح شامل للواقع الاجتماعي، يهدف إلى توجيه الدعم بكفاءة وعدالة وضمان وصوله لمن هم في أمسّ الحاجة إليه.
شراكات دولية من أجل التعافي
وعن التعاون الدولي، قالت قبوات إن الشراكات مع دول أوروبية، مثل فرنسا وهولندا، تلعب دورًا مهمًا في دعم جهود التعافي، من خلال المساهمة في إعادة الإعمار، وتمكين الفئات الضعيفة، وتهيئة الظروف المناسبة لعودة النازحين بشكل آمن وكريم.
وأضافت: "ناقشنا مع مبعوثين دوليين آليات خلق فرص عمل جديدة وتطوير قطاع العمل، في إطار دعم الاستقرار والتمكين المجتمعي".
المرأة والشباب.. في قلب الخطة
وأشارت قبوات إلى أن الحكومة تُولي اهتمامًا خاصًا بتمكين المرأة وتعزيز دورها في سوق العمل، معتبرة أن مشاركة النساء "ليست ترفًا، بل ضرورة وطنية لبناء مجتمع متوازن".
كذلك، شدّدت على دور الشباب، مؤكدة أن الوزارة تطلق برامج تدريب وتأهيل تهدف إلى إشراكهم في قيادة عملية النهوض الاقتصادي.
قرار إعادة الموظفين.. وتوضيح رسمي
وحول قرار إعادة الموظفين الحكوميين الذين كانوا في إجازات مدفوعة الأجر، أوضحت قبوات أن القرار لا يعني إلغاء وقف العمل، بل إنهاء الإجازات وعودتهم لأداء مهامهم، استجابةً للمصلحة العامة، دون أن يشكل ذلك عبئًا إضافيًا على ميزانية الدولة.
رسالة الختام للسوريين
في ختام حديثها، وجّهت قبوات رسالة للسوريين في الداخل والشتات، دعتهم فيها إلى طي صفحة الألم والبدء ببناء مستقبل يليق بتضحياتهم، مؤكدة أن "سوريا بحاجة إلى كل أبنائها"، وأن "النهضة لن تتحقق إلا بتكاتف الجميع".
بأجواء مفعمة بالمحبة والوفاء، نظّمت مديرية التربية في محافظة السويداء حفلاً لتكريم المعلمين المتقاعدين، تقديراً لعطائهم الطويل في خدمة قطاع التعليم، وذلك بحضور حاشد من الكوادر التربوية والمهتمين بالشأن التعليمي.
واستُهل الحفل بعرض غنائي قدّمه كورال بإشراف مدرّسات التربية الموسيقية وقيادة الأستاذ كرم الشاطر والآنسة سناء الشعار، على خشبة مسرح مديرية التربية، ضمن فعالية احتضنتها دائرة المسرح المدرسي.
فقرات فنية وتراثية تعبّر عن الامتنان
وفي كلمته خلال الحفل، أشار رئيس دائرة المسرح المدرسي، الأستاذ نورس الملحم، إلى أهمية هذه المبادرة في ترسيخ ثقافة الوفاء للمعلم، لافتاً إلى تقديم لوحات فنية من الفنون الشعبية والتراث المحلي، بإشراف الأنسة ناهد درويش، تعبيراً عن عمق الانتماء للهوية الثقافية.
تقدير رمزي لعطاء طويل
وشهد الحفل توزيع "شهادات تقدير ومبالغ مالية لأكثر من مائة معلم ومعلمة من المتقاعدين"، في بادرة رمزية تحمل رسالة شكر لكل من أمضى سنوات في خدمة الأجيال، وغرس قيم العلم والمعرفة في نفوس الطلاب.
وفي تصريح خاص لموقع "السويداء 24"، أكد الأستاذ الملحم أن "هذا التكريم يمثل لفتة رمزية بسيطة أمام حجم التضحيات التي قدّمها المعلمون طوال سنوات خدمتهم، وهو خطوة أولى نحو مزيد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز مكانة المعلم في المجتمع".
أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن "تنسيق عربي لدعم مشاريع إعادة الإعمار في كل من سوريا وقطاع غزة"، مؤكداً وقوف الجامعة إلى جانب سوريا في مرحلة انتقالية وصفها بـ "الصعبة والمعقدة".
وجاءت تصريحات أبو الغيط خلال كلمته في افتتاح أعمال الدورة السابعة والخمسين للجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك، التي عُقدت في العاصمة التونسية، بمقر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو".
دعم عربي لمرحلة ما بعد النزاعات
وأوضح أبو الغيط أن الظروف الإقليمية المتأزمة تفرض على الدول العربية تحديات غير مسبوقة، تتطلب تنسيقاً جماعياً لتقديم الدعم للدول التي أنهكتها النزاعات، وعلى رأسها سوريا وفلسطين. وأكد أن دور منظمات ومؤسسات العمل العربي المشترك في دعم مشاريع الإعمار ما بعد الصراع بات محورياً، مشيراً إلى أن هذه الملفات تحتل موقعاً متقدماً على جدول أعمال الاجتماعات الحالية.
ودعا الأمين العام إلى بذل كل أشكال الدعم الممكنة لسوريا وفلسطين، إلى جانب الدول الأخرى المتأثرة بالصراعات مثل السودان ولبنان وليبيا والصومال، محذراً من أن استمرار الأزمات يعمّق الأعباء الإنسانية والسياسية والاقتصادية في المنطقة.
مشهد إقليمي معقد ومهام كبرى أمام الجامعة العربية
وأكد أبو الغيط أن جامعة الدول العربية تواجه تحديات مضاعفة بفعل تدهور الأوضاع في عدد من الدول الأعضاء، موضحاً أن التعامل مع التداعيات السياسية والاجتماعية والإنسانية للأزمات الراهنة، يشكل اختباراً حقيقياً لمدى قدرة الجامعة ومؤسساتها على الاستجابة والتنسيق.
مناقشات موسعة حول الإعمار والتنمية والذكاء الاصطناعي
وتضمن جدول أعمال الدورة السابعة والخمسين للجنة التنسيق مناقشة عدد من الملفات، من بينها تقارير تنفيذ قرارات الدورة السابقة، واستعراض مخرجات اللقاء الذي عُقد في فبراير الماضي حول الذكاء الاصطناعي في العالم العربي، إلى جانب بحث خطط المنظمات العربية المتخصصة والمنصة الرقمية للتنمية المستدامة.
كما ناقش المشاركون دور العمل العربي المشترك في دعم الدول الخارجة من النزاعات، مع تركيز خاص على تعزيز جهود إعادة إعمار سوريا وقطاع غزة، ومناقشة مستقبل سوريا في مجال الإعلام والاتصال الفضائي ضمن الخطط الإقليمية للتكامل في هذا القطاع الحيوي.
أعلنت الوكالة الفيدرالية الروسية للتعاون الإنساني الدولي، عن تعليق مؤقت لقبول الطلاب السوريين الجدد في الجامعات الروسية، وذلك بسبب الأوضاع السياسية واللوجستية المتدهورة في سوريا.
وقال نائب رئيس الوكالة، "بافيل شيفتسوف"، في تصريحات لوكالة "نوفوستي" الروسية، إن القرار يشمل العام الدراسي الجاري فقط، موضحاً أن الطلبة السوريين الموجودين حالياً في روسيا سيواصلون دراستهم دون تغيير، مع ضمان مقاعدهم ضمن الحصة الحكومية الروسية.
أسباب التعليق: الوضع السياسي وغياب الوثائق الرسمية
وأوضح شيفتسوف أن قرار التعليق يعود إلى الظروف السياسية الراهنة في سوريا وتعطّل عمل العديد من المؤسسات الحكومية، الأمر الذي أدى إلى صعوبات فنية في إصدار الوثائق الرسمية، خصوصاً جوازات السفر، وهو ما أعاق استكمال إجراءات السفر والتسجيل الأكاديمي.
وأضاف: "كنا مستعدين لتقديم الدعم من جانبنا، لكن تعقيدات المشهد الداخلي في سوريا حالت دون ذلك، ما دفعنا إلى اتخاذ هذا القرار الاستثنائي لهذا العام على الأقل".
استمرار التعاون رغم إغلاق "البيت الروسي"
وفي السياق ذاته، أشار المسؤول الروسي إلى أن "البيت الروسي" في العاصمة دمشق لا يزال مغلقاً لأسباب أمنية، إلا أن الوكالة الروسية للتعاون الإنساني ("روس سوترودنستشيستفو") تواصل تنسيقها مع الشركاء المحليين في سوريا عبر القنوات الرسمية، بما في ذلك السفارة الروسية.
وكان رئيس الوكالة، يفغيني بريماكوف، قد أعلن في يناير الماضي أن "البيت الروسي" سيبقى مغلقاً في الوقت الراهن، في ظل المساعي للحفاظ على الحد الأدنى من التمثيل الروسي الثقافي والتعليمي في سوريا، من خلال السفارة والبعثات الدبلوماسية.
ويُعد هذا التعليق أول خطوة من نوعها منذ سنوات، في وقت تسعى فيه سوريا لإعادة بناء منظومتها التعليمية والمؤسساتية بعد سقوط النظام السابق، وسط تحديات اقتصادية وأمنية مستمرة.
أعلنت مؤسسة الخطوط الجوية السورية أنها بصدد استئناف رحلاتها الجوية المباشرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد انقطاع دام لسنوات.
وذكرت المؤسسة في بيان نُشر عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، أنها تعمل حالياً على استكمال الإجراءات الفنية واللوجستية الضرورية، وذلك بالتنسيق مع الهيئة العامة للطيران المدني في سوريا، ونظيرتها في الإمارات.
وأكدت الخطوط الجوية السورية أن الإعلان عن جدول الرحلات الرسمي سيتم قريباً، مشيرة إلى أن التفاصيل المتعلقة بمواعيد التشغيل الأولى والوجهات ستُعلن فور الانتهاء من بروتوكول التشغيل واستكمال الموافقات التنظيمية النهائية.
وأفادت وكالة أنباء الإمارات (وام)، بأن الهيئة أوضحت في بيان رسمي أنها تعمل حاليًا على التنسيق مع الجهات المعنية لاستكمال كافة الإجراءات الفنية والتنظيمية اللازمة لإعادة تشغيل الرحلات الجوية بين البلدين.
وأكدت الهيئة أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود مشتركة لتعزيز الحركة الجوية بين الإمارات وسوريا، بما يسهم في دعم وتنشيط حركة المسافرين، وتسهيل عمليات الشحن الجوي والتبادل التجاري.
ويأتي الإعلان بعد أن كانت الخطوط الجوية السورية قد أصدرت في 8 يناير/كانون الثاني الماضي تعميمًا أعلنت فيه تعليق الرحلات الجوية من وإلى دولة الإمارات، دون الإشارة إلى أسباب التوقف في حينه.
ويُتوقع أن تسهم عودة الرحلات في دعم الروابط الاقتصادية والإنسانية بين البلدين، في ظل مرحلة الانفتاح العربي المتسارع تجاه دمشق بعد التغيرات السياسية التي شهدتها سوريا مؤخراً.
وتتمثل أبرز هذه التحديات:
- العقوبات الدولية: إذ فرضت الدول الغربية عقوبات على سوريا منذ بداية الحرب في عام 2011، شملت حظر الطائرات السورية من الهبوط في المطارات الأوروبية، إضافة إلى تجميد الأصول المالية لشركات الطيران السورية، كانت هذه العقوبات تهدف إلى الضغط على نظام الأسد وتقييد الحركة الجوية المدنية السورية.
- الضربات الجوية: حيث تعرضت المطارات السورية لعدة ضربات من الطيران الإسرائيلي والضربات الجوية الأخرى، ما أدى إلى تدمير جزئي للبنية التحتية لمطار دمشق الدولي ومطارات أخرى، مما أثر بشكل كبير على قدرة البلاد في التعامل مع حركة الطيران الدولية.
- التحديات الاقتصادية: إذ تسببت الحرب الدائرة في البلاد في تدمير جزء كبير من الاقتصاد السوري، بما في ذلك انخفاض الإيرادات الناتجة عن قطاع السياحة والطيران. إضافة إلى ذلك، فقد تأثرت شركات الطيران السورية بتقليص عملياتها في ظل الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب والعقوبات.
- النقص في الطائرات والكوادر الفنية: شهدت شركات الطيران السورية نقصًا في الطائرات الحديثة، حيث توقفت العديد من الطائرات عن العمل نتيجة للعقوبات وصعوبة الحصول على قطع غيار. كما تأثرت الكوادر الفنية من حيث التدريب، إذ كان من الصعب الحصول على التدريب المناسب بسبب الحصار وغياب الدعم الدولي.
- التحسينات البطيئة: فبالرغم هذه التحديات، استمر نظام الأسد في العمل على استعادة نشاط الطيران الداخلي والدولي بشكل تدريجي. قامت الدولة بتشغيل بعض الرحلات الجوية الدولية، ولكن ضمن نطاق محدود للغاية مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل الأزمة.
ومع سقوط الأسد في ديسمبر 2024، تُعتبر عودة الحياة للطيران المدني السوري مع إدارة جديدة خطوة هامة في محاولة لاستعادة علاقات الطيران مع الدول الأخرى ورفع العقوبات المفروضة على القطاع، ولعل إعادة إحياء الطيران المدني السوري بعد سنوات من الحرب وتدمير البنية التحتية يتطلب جهودًا شاملة على عدة مستويات أبرزها وفق مراقبين:
- إعادة تأهيل البنية التحتية للمطارات: من خلال الصيانة والتجديد، إذ يجب البدء بإصلاح وصيانة المطارات المتضررة مثل مطار دمشق الدولي ومطار حلب الدولي. يشمل ذلك إعادة بناء المدارج، تجديد أجهزة الملاحة، والصيانة الوقائية للمرافق.
كذلك التطوير التقني من خلال تحديث أنظمة المراقبة الجوية والمعدات المستخدمة في المطارات، بالإضافة إلى تحسين التقنيات لضمان السلامة الجوية.
- إصلاح أسطول الطيران: ويتم ذلك عبر شراء طائرات جديدة، لإعادة بناء الأسطول الجوي من خلال استئجار أو شراء طائرات جديدة أو مستعملة تتناسب مع الاحتياجات الاقتصادية للمرحلة الحالية، إضافة إلى إصلاح الطائرات القديمة، إذ أن العديد من الطائرات السورية قديمة وقد تكون بحاجة لصيانة أو إصلاحات ضخمة لتعود للعمل بأمان وكفاءة.
- التدريب والتأهيل البشري: من خلال تدريب الطيارين والملاحين الجويين عبر استعادة برامج تدريب الطيارين وفنيي الطيران لضمان مهارات عالية وفعالة، كذلك التدريب على معايير السلامة الجوية عبر تطوير معايير تدريب متوافقة مع المعايير الدولية للسلامة الجوية.
- الضغط على رفع العقوبات الدولية: ويتم من خلال المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية، والعمل على إقناع المجتمع الدولي بضرورة رفع العقوبات المفروضة على الطيران المدني السوري، خاصة تلك التي تضر بالقدرة على شراء قطع الغيار للطائرات أو تأجير طائرات جديدة، مع مشاركة مع دول شقيقة في تعزيز التعاون مع دول في هذا المجال للحصول على الدعم اللوجستي والفني.
- التعاون مع شركات الطيران الدولية: عبر فتح المجال لشركات الطيران الدولية، وتشجيع شركات الطيران الدولية على العودة إلى السوق السوري، بما يمكن أن يعزز الثقة في الطيران المدني السوري ويحفز الرحلات الدولية، كذلك تشجيع الاستثمارات في الطيران، من خلال فتح المجال للاستثمارات الخارجية في قطاع الطيران، مثل الشراكات مع شركات دولية لإنشاء خطوط طيران جديدة.
- تحسين البيئة الاقتصادية: وذلك من خلال تعزيز الاقتصاد المحلي وتحسين البيئة الاستثمارية قد يؤدي إلى نمو الطلب على السفر الجوي داخل وخارج سوريا، علاوة عن دعم السياحة وإعادة بناء قطاع السياحة سيعزز حركة السفر الجوي، ما يزيد من جدوى الاستثمار في قطاع الطيران المدني.
- تعزيز سياسات السلامة والأمان: عبر التزام بالمعايير الدولية من خلال تطبيق معايير منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) لضمان أن الطيران المدني السوري يتبع المعايير العالمية في مجال السلامة والأمان، وفحص الأمان الدوري عبر إجراء فحوصات دائمة للطائرات والمعدات لضمان أمان الرحلات الجوية.
بحث رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا، قتيبة بدوي، مع وزير التجارة التركي عمر بولاط، خلال اجتماع رسمي عُقد في دمشق، سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاستثماري في المرحلة الانتقالية.
وأكد الجانبان في الاجتماع على أهمية "التنسيق العالي في القضايا الاقتصادية"، وتطرقا إلى عدد من القضايا الجوهرية، من بينها تعزيز التبادل التجاري، مناقشة التعرفة الجمركية، الاستثمار التركي في المناطق الحرة السورية، وتنشيط حركة عبور السيارات والشاحنات بين البلدين، بما في ذلك إعادة فتح معبر كسب الحدودي أمام حركة الشحن التجارية الصغيرة.
خارطة طريق لتعميق التعاون الاقتصادي
وشهد اللقاء الموسّع الذي جمع الوفد التركي بمسؤولي الهيئة السورية، مناقشات مفصلة حول تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية، وتذليل العقبات التي تعترض تدفق السلع، إلى جانب وضع خطة لتوسيع الصادرات المتبادلة ورفع مستواها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
وأعرب قتيبة بدوي عن شكر سوريا العميق للدولة التركية قيادةً وحكومةً وشعباً، مشيداً بالمواقف التركية الداعمة للشعب السوري منذ انطلاق الثورة وحتى تحقيق النصر على النظام البائد، مشيراً إلى تشكيل لجان تركية متخصصة لتقديم الدعم للحكومة السورية في مختلف القطاعات بعد سقوط النظام.
كما أكد البدوي أن الحكومة السورية اتخذت سلسلة من الإجراءات الجمركية منذ بداية العام الجاري تهدف إلى رفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين، موضحاً أهمية تأهيل البنى التحتية في المعابر والموانئ، وخاصة فيما يخص أجهزة الفحص (السكانر)، لدعم انسياب البضائع وتعزيز قطاع النقل المشترك والسياحة.
بولاط: تركيا ملتزمة بدعم سوريا وشعبها
من جانبه، شدد وزير التجارة التركي عمر بولاط على أن زيارة الوفد التركي، والتي ضمت نخبة من رجال الأعمال وممثلي غرف التجارة والصناعة في تركيا، تأتي في سياق تعزيز التعاون مع الحكومة السورية الجديدة. ولفت إلى عمق الروابط التاريخية بين الشعبين السوري والتركي، مؤكداً أن **أنقرة حريصة على الوقوف إلى جانب دمشق في مرحلة البناء والتنمية**.
وقال بولاط: "منذ انطلاق الثورة، وقف الشعب التركي مع أشقائه السوريين، واليوم نحتفل بانتصار الحق والعدالة، ونثق بأن سوريا الموحدة ستواصل السير نحو مستقبل مزدهر"، مضيفاً أن **تركيا تدعم خطط النهوض بالاقتصاد السوري وتعتبر استقراره أولوية استراتيجية**.
دعم تركي لتأهيل المعابر وتنظيم المعارض
وخلال الاجتماع، أعرب عدد من أعضاء الوفد التركي عن استعدادهم للمساهمة في إعادة تأهيل المعابر البرية المشتركة وميناءي اللاذقية وطرطوس، وتقديم الدعم في مجال تكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن اهتمام بعض الشركات المتخصصة بتنظيم معارض دائمة للمنتجات التركية في سوريا.
وفي ردّه على مداخلات الوفد، أوضح بدوي أن الهيئة أجرت تعديلات على الرسوم الجمركية استناداً إلى اقتراحات عملية تهدف إلى توحيد الأنظمة في المنافذ البرية والبحرية، وحماية المنتج المحلي، وتوفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة.
وأشار رئيس الهيئة إلى أنه تم الاتفاق على إقامة منطقة حرة سورية – تركية مشتركة، يتم فيها إنشاء مصانع من الطرفين، وتُمنح منتجاتها إعفاءً جمركياً، بما يعزز قدرتها التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية.
عقدت الحكومة السورية اجتماعاً مشتركاً مع وفد من البنك الدولي، في إطار مسار التعاون الفني والاقتصادي بين الطرفين، وذلك بمشاركة وزارات الخارجية والمغتربين، والاقتصاد والتجارة الخارجية، والطاقة، والصناعة، والمالية، إلى جانب حاكم مصرف سورية المركزي.
وجرى خلال الاجتماع مناقشة عدد من الملفات الاقتصادية المحورية، أبرزها آليات التخفيف من آثار العقوبات الاقتصادي، وسبل تيسير التحويلات المالية لدعم الاستقرار النقدي، إضافة إلى تفعيل أدوات الدعم الموجّه نحو القطاعات الإنتاجية والاستراتيجية كجزء من خطة تعافي الاقتصاد السوري.
خريطة طريق مشتركة واستعداد لاجتماع أبريل
واتفق الجانبان على إعداد خريطة طريق مشتركة تحدد أولويات العمل الفني والاقتصادي للفترة المقبلة، على أن تشكل الأساس للنقاش في الاجتماع الموسع المرتقب عقده في شهر أبريل الجاري. ومن المقرر أن يشكل الاجتماع المقبل منصة مركزية لإطلاق حزمة من البرامج الاقتصادية الموجهة لدعم جهود التعافي في سوريا.
تأكيد سوري على السيادة وربط التعافي بتحسين المعيشة
وخلال اللقاء، شددت الحكومة السورية على ضرورة تبني مقاربة واقعية تستند إلى احترام السيادة الوطنية، مؤكدة أن أي عملية تعافٍ اقتصادي لا بد أن ترتبط بتحسين الظروف المعيشية للمواطنين وتلبية احتياجاتهم الأساسية.
من جانبه، أعرب وفد البنك الدولي عن استعداده لمواصلة التعاون ضمن الأطر المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني بما يتوافق مع أولويات المرحلة، مشيراً إلى أهمية التنسيق مع المؤسسات الحكومية السورية لضمان فعالية برامج الدعم وتحقيق أثر ملموس على أرض الواقع.
وجرى اللقاء في مبنى وزارة المالية بدمشق، حيث ناقش الطرفان الجوانب الفنية والتقنية المتعلقة بتطوير البنية المالية، وآليات رفع كفاءة العمل المصرفي، بالإضافة إلى الخطط المقترحة لتحديث آليات العمل داخل الوزارة، بما يتناسب مع التطورات المتسارعة في النظام المالي العالمي.
تركيز على التعافي وتجاوز آثار المرحلة السابقة
وخلال الاجتماع، أكد الوزير برنية حرص الحكومة السورية على تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي مع البنك الدولي، بما يخدم مصلحة الشعب السوري ويدعم جهود إعادة البناء، مشيراً إلى التحديات التي يواجهها القطاع المالي نتيجة ممارسات النظام البائد، إضافة إلى العقوبات الدولية التي خلّفت آثاراً سلبية عميقة على الاقتصاد الوطني.
وفد رفيع من البنك الدولي يشارك في المباحثات
وضم وفد البنك الدولي شخصيات اقتصادية بارزة، من بينهم رئيس العمليات لمشروع سوريا ماتياس ماير، والخبير الرئيسي في الاقتصاد الكلي نوربيرت فيس، والخبير الرئيسي في المالية العامة رولان لوم، إضافة إلى الخبير في القطاع الاجتماعي جاد مزاهرة، والاستشاري الاقتصادي المعروف في البنك الدولي سمير العيطة.
وتُعد هذه الخطوة المرتقبة، في حال تنفيذها، أول دعم مالي مباشر تقدّمه الرياض إلى دمشق منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد العام الماضي، في تحوّل يُشير إلى بدء تحقّق الدعم الخليجي العربي الموعود على أرض الواقع، بعد تعثّر مبادرات سابقة مثل الخطة القطرية لتمويل رواتب موظفي الدولة، التي اصطدمت بحالة الغموض المرتبطة بالعقوبات الأميركية.
ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن الوفد السوري سيجري لقاءات جانبية على هامش الاجتماعات مع ممثلي الإدارة الأمريكية، بالإضافة إلى وفود من مؤسسات مالية دولية ودول عربية وأوروبية مشاركة في المؤتمر.
وتكتسب هذه الزيارة أهمية سياسية واقتصادية بالغة، إذ تُعتبر بمثابة اختبار دبلوماسي مهم للحكومة الانتقالية الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع، وفرصة لترسيخ حضور سوريا في المحافل الدولية بعد سنوات من العزلة.
كما تعكس الزيارة، بحسب مراقبين، تحوّلًا نوعيًا في مسار العلاقة بين دمشق والمؤسسات الدولية، وتفتح الباب أمام نقاشات محتملة حول مسارات دعم إعادة الإعمار، وتخفيف القيود المالية، والتعاون في ملفات الإصلاح الاقتصادي ضمن بيئة ما بعد الحرب.