نشط الإعلامي الحربي المعروف بعداوته للشعب السوري وثورته المنتصرة، الشبيح "شادي حلوة"، عبر صفحته الشخصية في فيسبوك في نشر محتوى مسيء للدولة السورية الجديدة بعد أن حاول تبديل مواقفه وأفعاله التشبيحية السابقة بادعاء تأييد الحكومة السورية الجديدة.
ومن أفعاله الجديدة نشر منشورا مثيرا للسخرية حيث ادعى أنه "يعارض الطائفية" وانتقد منشور وزارة الصحة السورية في ذكر الانتماء الديني لعدد من المصابين في أحداث صحنايا بريف العاصمة دمشق، محاولا المزاودة على الدولة السورية.
ولم يكتفِ بذلك بل راح يشارك معلومات مضللة تدعمها قنوات مدعومة من إيران، حيث نشر ادعاءات بأن الأمن العام يقتل المدنيين على أسس طائفية وإمعاناً في التضليل فإن التقرير يتضمن لقطة من مجزرة التضامن بدمشق التي ارتكبتها ميليشيات الأسد التي كان "حلوة" يرافقها ويروج جرائمها.
أكد ناشطون سوريون أن ذلك يندرج في محاولة مفضوحة لغسل ماضيه الأسود، حيث عاد المصوّر الحربي الطائفي إلى الساحة الإعلامية بأسلوبٍ جديد ظاهريًا، لكنه لا يخلو من التشبيح المتجذر والمزاودة المكشوفة.
واشتهر خلال السنوات الماضية كواحد من أكثر الوجوه الإعلامية تشبيحًا ودعمًا لنظام الأسد، لم يكن مجرد إعلامي، بل كان يُعرف بظهوره إلى جانب ميليشيات النظام وهو يلتقط الصور فوق جثث السوريين، ساخرًا من دمائهم، ومسوّقًا لجرائم لا تُنسى ضد الإنسانية.
واليوم، يحاول أن يُظهر نفسه بمظهر "الوطني الناقد"، مدّعيًا أنه ضد الطائفية، هذا الادعاء بحد ذاته يبدو أقرب إلى المهزلة، حين يصدر من شخص كان لأكثر من عقد اللسان الإعلامي للطائفية والسخرية من آلام الضحايا.
ويذكر أن محاولات الجديدة لا تعدو كونها قفزًا في الهواء، ومحاولة يائسة للحفاظ على مكانٍ له في أي تركيبة إعلامية أو سياسية قادمة، لكن الذاكرة الشعبية لا تنسى، والجمهور السوري، الذي ذاق مرارة التهجير والقتل والتشويه الإعلامي، بات أذكى من أن يُخدع بمن انقلب على مواقفه فجأة من دون أي اعتذار أو مواجهة للماضي.
أعلنت وزارة الخارجية التركية في بيان رسمي دعم أنقرة الكامل للإدارة السورية الجديدة، مؤكدة التزامها بالعمل إلى جانب الشعب السوري في مواجهة التحديات الراهنة، وداعية إلى تعزيز التعاون الإقليمي من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد.
وجاء في البيان أن "سوريا تدخل حقبة جديدة بعد إسقاط نظام الأسد"، مشيرة إلى أن الشعب السوري، وهو يضمد جراح صراع امتد لأربعة عشر عاماً، ينخرط اليوم في عملية انتقال سياسي بقيادته، تهدف إلى صياغة مستقبل وطني جامع.
وشددت الخارجية التركية على ضرورة دعم الخطوات التي تتخذها الحكومة السورية الجديدة في سياق الاندماج في المحيطين الإقليمي والدولي، معتبرة أن هذا المسار يمثل فرصة تاريخية لتحقيق الأمن والازدهار داخل سوريا.
وأضاف البيان أن "تركيا كثّفت جهودها في الفترة الماضية لتطوير أطر التعاون والتفاهم بين الإدارة السورية والدول المعنية، خصوصاً بعد سقوط النظام"، مشيراً إلى استمرار الاتصالات واللقاءات مع قوى إقليمية ودولية، بما فيها الولايات المتحدة، لدعم العملية الانتقالية.
وأكدت أن السياسة التركية تجاه سوريا ترتكز على عدة مبادئ رئيسية، في مقدمتها: تحقيق المصالحة الوطنية، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامتها، والعمل على تطهير البلاد من التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى دعم جهود إعادة الإعمار، ولا سيما من خلال المطالبة برفع العقوبات المفروضة على البلاد.
وأعلنت تركيا في هذا السياق عن "دعم غير مشروط" للإدارة السورية والشعب السوري في استثمار هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلاد بما يخدم تطلعاتهم الوطنية.
كما أشار البيان إلى تطور مهم يتمثل في إعلان الولايات المتحدة نيتها تقليص وجودها العسكري في سوريا، وإن كان دون تحديد جدول زمني واضح، في وقت عبّر فيه الاتحاد الأوروبي عن ترحيبه بالتعاون القائم بين سوريا والعراق في مجالي ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب.
ووصفت أنقرة حماية وحدة الأراضي السورية بأنها "أولوية مشتركة" مع الإدارة السورية الجديدة، معربة عن تطلعها لولادة بيئة سياسية دستورية تضمن فرصاً متساوية لجميع السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية.
وأكدت وزارة الخارجية أن تركيا ترفض أي محاولة لعرقلة قيام نظام ديمقراطي يضمن الحريات والحقوق المتساوية، ويتيح للسوريين التعبير عن هوياتهم ومعتقداتهم في ظل بيئة آمنة ودستورية.
وفي ما يخص الملف الأمني، شدد البيان على أن مكافحة الإرهاب والانفصال مسؤولية تقع على عاتق الحكومة السورية، مع التأكيد على أن تركيا منحت المجال للإدارة الجديدة لمعالجة هذه القضايا بما تراه مناسباً، ضمن إطار الحفاظ على السيادة الوطنية.
كما أعلنت أنقرة رغبتها في تنفيذ الاتفاق الموقع بين الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية (قسد)"، شريطة أن يُمنع أي كيان مرتبط بـ"تنظيم إرهابي" من الحصول على نفوذ سياسي أو عسكري داخل البلاد.
وختم البيان بتأكيد حازم من الخارجية التركية بأن أنقرة "لن تقبل بأي مبادرة تهدد وحدة الأراضي السورية أو تمنح شرعية لكيانات مسلحة خارجة عن سلطة الدولة المركزية"، محذّرة من أن عدم تفكيك تنظيم PKK وامتداداته في سوريا قد يدفع تركيا إلى استخدام خيارات بديلة لمعالجة هذا الخطر، في إشارة إلى احتمال تنفيذ تحركات عسكرية مستهدفة.
عبر وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في تصريح نُشر على منصة "إكس"، عن شكره للإدارة الأمريكية لتسهيلها زيارة الوفد السوري إلى كل من واشنطن ونيويورك، كما أعرب عن امتنانه لوفد الإدارة الأمريكية لما وصفه بـ"النقاشات البنّاءة" التي جرت حول مستقبل سوريا.
وأكد الشيباني أن الوفد السوري شدّد خلال المباحثات على أهمية رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بشكل كامل، باعتبارها تمثل عائقاً كبيراً أمام قدرة الشعب السوري على العيش بكرامة وحرية. وأضاف: "فتح المجال أمام السوريين لحياة حرة وكريمة هو المدخل الطبيعي لأي عملية سياسية جادة".
وفي معرض تعليقه على الأصوات الداعية إلى تدخلات خارجية تحت ذرائع مختلفة، قال الوزير السوري إن "من يطالب بمثل هذه التدخلات يتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية وسياسية أمام السوريين وأمام التاريخ"، مؤكداً أن آثار تلك الدعوات لا تقتصر على دمار اللحظة الراهنة، بل تمتد لعقود من التفكك والضعف والانقسام الوطني.
وأعاد الشيباني تأكيد موقف بلاده بأن الاستقرار الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال حوار وطني شامل، وتشارك فعلي بين جميع المكونات السورية، بعيداً عن أي إملاءات أو وصاية خارجية، وتحت سقف السيادة السورية الكاملة.
وختم الوزير تصريحه بالتشديد على أن "لا أحد أحرص على سوريا من أبنائها، ولا يمكن لأي قوة خارجية أن تبني دولة قوية دون إرادة شعبية وطنية حقيقية".
وكان عقد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، يوم الثلاثاء، أول اجتماع له مع مسؤولين كبار من وزارة الخارجية الأميركية على الأراضي الأميركية، وذلك في إطار تحركات دبلوماسية تهدف للحصول على خارطة طريق واضحة من واشنطن لتخفيف العقوبات المفروضة على دمشق بشكل دائم، وفق ما أفادت به مصادر مطلعة.
بموازاة هذه التطورات، التقى وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني نظيره البرتغالي نونو سامبايو، وكذلك الوزير الفرنسي جان نويل بارو، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وتركزت اللقاءات على تعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة سبل التعاون الإقليمي والدولي.
وفي كلمة أمام مجلس الأمن، أكد "الشيباني" التزام دمشق بالعدالة الانتقالية ورفض كل أشكال التدخل الأجنبي والتقسيم، مطالباً المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته إزاء الانتهاكات الإسرائيلية في سوريا، والدفع نحو وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، مع ضمان دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وأكد الوزير أن استمرار العقوبات الغربية يمثل عقبة جدية أمام عمل الحكومة الجديدة، ويُقوّض الجهود الرامية إلى منع النزاعات المستقبلية، مجدداً مناشدة الأمم المتحدة لدعم مطالب سوريا في رفع العقوبات الاقتصادية "دون تأخير".
وتأتي تصريحات الشيباني عقب انتهاء زيارته إلى نيويورك، حيث شارك في جلسة خاصة لمجلس الأمن حول سوريا يوم الجمعة الماضي، كما عقد سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين دوليين، من أبرزهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الجمعية العامة فيليمون يانغ، إضافة إلى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.
دعا الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، في بيان مشترك صدر مساء الأربعاء، إلى تعزيز السلم الأهلي في سوريا، وذلك عقب اجتماع عقده مع عدد من الشخصيات الدرزية البارزة من مناطق الـ48. وأكد المجتمعون أن أبناء الطائفة الدرزية في سوريا "ليسوا بحاجة إلى أي حماية خارجية"، مشددين على أن وحدة سوريا أرضاً وشعباً تبقى خياراً لا رجعة عنه.
وفي كلمة متلفزة، قال الشيخ صلاح إن جميع أنبياء الله دعوا إلى السلم الأهلي، وإن احترام الأنبياء ومقاماتهم واجب لا نقاش فيه، مستنكراً في الوقت نفسه ما وصفه بـ"التطاول على مقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم"، وواصفاً من أقدم على ذلك الفعل بـ"الصوت المنبوذ"، دون الخوض في تفاصيل اسمه أو خلفيته.
وأضاف صلاح أن إفشاء السلم الأهلي هو مسؤولية جماعية يجب أن تشمل الداخل الفلسطيني والمجتمعات العربية والإسلامية كافة، مذكّراً أن أحداث العنف والفتنة ليست من أخلاق الشعوب الحرة، بل تُستخدم كوسيلة لهدم المجتمعات وتفكيك نسيجها.
وشدد على أن الدروز "جزء أصيل وأساسي من مكونات الشعب السوري"، معبراً عن أسفه حيال ما جرى مؤخراً في منطقة جرمانا، ومباركاً الجهود التي بُذلت للتوصل إلى اتفاق لاحتواء الفتنة، والدعوة إلى معاقبة المتورطين وفقاً للقانون.
وأكد البيان الصادر عن اللقاء أن إسرائيل تسعى إلى تفتيت النسيج السوري واستغلال التوترات الطائفية لفرض واقع جديد في الجنوب السوري، في ظل استمرار غاراتها الجوية على مواقع داخل البلاد، بالرغم من أن الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع لم تُصدر أي تهديدات تجاه تل أبيب.
كما جرى التذكير باحتلال إسرائيل لأراضٍ سورية منذ عام 1967، من بينها معظم مساحة الجولان، وجبل الشيخ الاستراتيجي القريب من دمشق، إلى جانب انتهاكها اتفاقية فك الاشتباك الموقّعة عام 1974.
ختاماً، دعا الشيخ رائد صلاح وكل الشخصيات المجتمعة إلى الحذر من الوقوع في شَرَك الفتنة والتدخل الخارجي، مؤكدين أن بناء سوريا الموحدة والسلمية لن يتحقق إلا بإرادة السوريين أنفسهم، وبإفشاء روح العدالة والعيش المشترك بين جميع مكونات البلاد، بعيداً عن الاستقواء بالخارج أو الانجرار وراء مشاريع التقسيم والانقسام.**
"الهجري" في بيان تصعيدي: ندعو لحماية دولية بعد مجازر إبادة وسقوط الثقة بالحكومة..!!
وكان أصدر الشيخ حكمت سلمان الهجري، الرئيس الروحي للمسلمين الموحدين الدروز، بيانًا شديد اللهجة أعرب فيه عن حزنه العميق واستنكاره لما أسماها "المجازر الدامية" التي استهدفت المدنيين، محذرًا من الانزلاق نحو هاوية الفتن المنظمة، ومشدّدًا على فقدان الثقة الكاملة بالحكومة الحالية التي وصفها بأنها "تغذي التطرف وتنشر الموت بأذرعها التكفيرية".
وفي تصعيد مباشر، طالب الشيخ حكمت الهجري بتدخل دولي عاجل، قائلاً: "إن طلب الحماية الدولية حق مشروع لكل شعب يُباد. نناشد المجتمع الدولي، بجميع مؤسساته، أن يضع حدًا لهذا التعتيم الممنهج لما يتعرض له شعبنا من مذابح موثقة لا لبس فيها، ولسنا بحاجة للجان شكلية كالتي شُكلت بشأن جرائم الساحل، بل نحتاج تدخلًا فوريًا من القوات الدولية لحفظ السلام، ومنع استمرار المجازر".
وتأتي هذه التصريحات على خلفية الاشتباكات الدامية التي اندلعت فجر الثلاثاء في منطقتي جرمانا وأشرفية صحنايا بريف دمشق، بعد انتشار تسجيل صوتي منسوب لأحد أبناء الطائفة الدرزية تضمن إساءة للرسول محمد، الأمر الذي تسبب باحتجاجات واشتباكات عنيفة، أوقعت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين وعناصر الأمن العام.
أصدرت نقابة المحامين في درعا بيانًا قانونيًا، شددت فيه على تمسّكها بمسؤولياتها الوطنية والمهنية، وحرصها على الدفاع عن سيادة الدولة السورية وصون السلم الأهلي، في إطار سيادة القانون ومبادئ العدالة، في ضوء تصاعد الأحداث المؤلمة التي شهدتها منطقة أشرفية صحنايا، وما رافقها من تطورات أمنية خطيرة واعتداءات خارجية.
وجاء في البيان أن النقابة تتابع ببالغ القلق والأسى ما جرى في أشرفية صحنايا، معتبرةً أن ما وقع من مواجهات وسقوط ضحايا من المدنيين والعسكريين جاء نتيجة "تمرد مسلح" نفذته جهات خارجة عن القانون، في تحدٍ واضح لمؤسسات الدولة وخطر مباشر على أمن المواطنين وحياتهم.
وأكدت النقابة أن ما حدث يُعد انتهاكًا صارخًا لمبدأ سيادة القانون، ويقع ضمن الجرائم الجسيمة التي توجب الملاحقة والمساءلة القانونية، مطالبة بالتحقيق الفوري والعادل في كل الملابسات، وإنزال العقوبات المنصوص عليها بحق كل من حرّض أو شارك أو ساهم في تلك الأفعال. وشدد البيان على أن الدم السوري محرّم، وأن العنف الداخلي لا يخدم سوى أعداء الوطن.
وفي السياق ذاته، أدانت نقابة المحامين في درعا بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الذي طال الأراضي السورية في منطقة صحنايا، معتبرةً إياه اعتداءً سافرًا على السيادة السورية، وخرقًا فاضحًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأشار البيان إلى أن هذا الاعتداء ليس سوى استمرار للطبيعة العدوانية التي يتبناها الكيان الصهيوني، والذي يسعى باستمرار لاستغلال اللحظات الدقيقة من التوتر الداخلي السوري لتحقيق مصالحه السياسية والعسكرية.
ودعت النقابة الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى تحمّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، والعمل بشكل عاجل على وقف الاعتداءات المتكررة على سوريا، ومحاسبة مرتكبيها وفقًا للأحكام الواضحة في القانون الدولي.
كما شدد البيان على أن أي معالجة للوضع الداخلي لا يمكن أن تكون إلا ضمن الأطر القانونية والمؤسساتية، بما يضمن سيادة القضاء واستقلاليته، ويحفظ حقوق المواطنين، ويعزز الثقة في الدولة ومؤسساتها الشرعية.
وختمت نقابة المحامين في درعا بيانها بالتأكيد على وقوفها الكامل إلى جانب الوطن في مواجهة التحديات كافة، ودعت السوريين إلى تحكيم صوت العقل، والاحتكام إلى دولة القانون، والعمل الموحد لحماية وحدة البلاد وسلامة أراضيها، في ظل مرحلة دقيقة تتطلب تماسكًا وطنيًا شاملاً يعيد الثقة إلى الداخل، ويحصّن سوريا من الأطماع الخارجية والانقسامات الداخلية.
ندد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، بالهجمات الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي السورية، مطالباً بوقف فوري لها، ومحذراً من خطر تصعيد إضافي قد يهدد الاستقرار الهش في البلاد.
جاء ذلك في بيان رسمي صدر عنه مساء الأربعاء، أعرب فيه عن "قلقه العميق إزاء أعمال العنف غير المقبولة" التي تصاعدت مؤخراً، لا سيما في محيط العاصمة دمشق ومدينة حمص، في ظل تقارير عن سقوط ضحايا بين المدنيين وعناصر الأمن.
وأشار بيدرسن إلى أن استمرار هذه الهجمات، بما فيها الغارات الإسرائيلية، من شأنه أن يزيد التوترات الاجتماعية ويقوض جهود التهدئة، داعياً إلى اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المدنيين، ومنع مزيد من الانفجار في الساحة السورية، مؤكداً في الوقت ذاته متابعته ودعمه للجهود الجارية للتهدئة.
وشدد المبعوث الأممي على أهمية المحاسبة العادلة لكل من يثبت ضلوعه في التحريض أو ارتكاب أعمال عنف بحق المدنيين، مجدداً دعوته لاحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، والعودة إلى طاولة الحوار الجاد، القائم على الثقة والمشاركة بين جميع مكونات المجتمع السوري.
في غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إجلاء ثلاثة مواطنين سوريين من أبناء الطائفة الدرزية إلى داخل إسرائيل لتلقي العلاج، وذلك إثر إصابتهم خلال العمليات العسكرية الدائرة في جنوب سوريا. وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن المصابين نُقلوا إلى مستشفى "زيف" في مدينة صفد، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل حول ظروف إصابتهم أو مواقعها.
وأضاف أدرعي أن الجيش الإسرائيلي يتابع التطورات في سوريا عن كثب، ويحتفظ بجاهزية كاملة للتعامل مع "سيناريوهات متعددة"، في وقت شهدت فيه منطقة أشرفية صحنايا في ريف دمشق الجنوبي تصعيداً خطيراً، تمثل بشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارتين جويتين، أسفرتا عن إصابات بين المدنيين، من ضمنهم أبناء من الطائفة الدرزية.
وبحسب التقارير الميدانية، تزامنت الغارات مع تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي فوق الأحياء الجنوبية من العاصمة، مما أثار الذعر بين السكان وأدى إلى انقطاع مؤقت في التيار الكهربائي وخدمات الاتصال في عدد من المناطق.
وتأتي هذه التطورات عقب إعلان وزارة الداخلية السورية بسط سيطرتها الكاملة على منطقة أشرفية صحنايا، بعد تنفيذ عملية أمنية واسعة ضد مجموعات مسلحة وصفتها بـ"الخارجة عن القانون"، قالت إنها تمركزت في بعض أحياء المدينة، وشنّت هجمات على مواقع أمنية وسكان مدنيين.
وكانت مدينتا جرمانا وأشرفية صحنايا قد شهدتا، فجر الثلاثاء 29 نيسان، واحدة من أكثر المواجهات المسلحة دموية في ريف دمشق خلال الفترة الأخيرة، إثر هجوم مفاجئ شنته مجموعة مجهولة على حواجز لقوات الأمن العام. وأسفرت تلك الهجمات عن مقتل 13 شخصاً، بينهم اثنان من عناصر الأمن، قبل أن تمتد الاشتباكات إلى مناطق أخرى جنوب العاصمة، مسفرة عن مقتل 16 عنصراً أمنياً إضافياً، ما زاد من حدة التوترات الأمنية وأعاد ملف الجنوب السوري إلى صدارة الاهتمام الإقليمي والدولي.
أعلنت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات في الحكومة السورية، عن الإطلاق الناجح للمرحلة الأولى من مشروع أوغاريت (2) المرخص من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) في وزارة الخزانة بالولايات المتحدة الأمريكية.
وذكرت الوزارة أن المشروع بالتعاون مع شركة (UNIFI) الأمريكية للاتصالات والشركة السورية للاتصالات، وهيئة الاتصالات القبرصية (CYTA) ويهدف إلى ترميم وتحديث الاتصال الرقمي الدولي لسوريا عبر قبرص.
وأكدت أن هذه المبادرة تمثل الإستراتيجية خطوة مهمة في تعزيز البنية التحتية للاتصالات في سوريا، وتوسيع القدرات الرقمية المستقبلية للبلاد، وأشارت إلى أن المرحلة الأولى من مشروع أوغاريت (2) تركز على تحديث معدات المحطات الطرفية داخل سوريا.
وذلك بتمويل من هيئة الاتصالات القبرصية (CYTA)، وبإشراف فني وتنظيمي من شركة (UNIFI) الأمريكية لتنفيذ جميع جوانب المشروع وفقاً للمعايير الدولية حيث تضع هذه المرحلة الأساس لتوسيع الاتصال العالمي بالإنترنت في سوريا.
ومعالجة القيود الحالية، وتهيئة البنية التحتية للنمو المستقبلي، ولفتت إلى أن ترقيات المحطات التي تم الانتهاء منها ستعمل في المرحلة الأولى على تعزيز مرونة وجودة الشبكة الرقمية السورية على الفور.
وسيزيد مشروع أوغاريت (2) من سعة الإنترنت في سوريا بشكل كبير، ما يضمن اتصالات دولية أكثر استقراراً وموثوقية، ومع تنفيذ المراحل اللاحقة من المشروع، بما في ذلك تركيب كابل أوغاريت (2) البحري الجديد.
وستستفيد سوريا من المزيد من التحسينات في سرعة الإنترنت وتغطية الشبكة بشكل أوسع، وبالتالي دعم النشاط الاقتصادي، والتقدم التكنولوجي، والتمكن من توسيع الوصول الرقمي للمواطنين والشركات.
بدوره أكد وزير الاتصالات وتقانة المعلومات السيد "عبد السلام هيكل"، أن إطلاق مشروع أوغاريت (2) يمثل بداية فصل جديد في مستقبل سوريا الرقمي.
وأضاف "نحن ملتزمون بإنشاء بنية تحتية حديثة ومرنة وتنافسية للاتصالات تلبي متطلبات الاقتصاد العالمي سريع التطور، وهدفنا واضح ضمان حصول كل سوري على اتصال سريع وموثوق به يشجع على الابتكار، ويدفع النمو الاقتصادي ويربط سوريا بالعالم بشكل أقوى".
وهذه ليست إلا الخطوة الأولى، ونحن مصممون على مواصلة المضي قدماً، فيما أشار "غسان عكاش"، الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات السورية إلى أن تحديث المعدات الطرفية في إطار المرحلة الأولى من مشروع أوغاريت (1) يعد خطوة حاسمة نحو إنشاء اتصال دولي من الجيل التالي بزمن وصول منخفض.
ويعد هذا التطور ضرورياً لإعادة بناء البنية التحتية الرقمية في سوريا وضمان خدمات موثوقة لمواطنينا ومؤسساتنا.، من جهته قال أدريان شانكو الرئيس التنفيذي لشركة (UNIFI) للاتصالات: "إن مشروع ألاسيا المرخص من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية هو مبادرة إستراتيجية وتطلعية تهدف إلى استعادة الاتصال الدولي الحيوي في سوريا".
مبيناً أنه ومن خلال التعاون الوثيق مع الاتصالات السورية وهيئة الاتصالات القبرصية، تقوم بنشر بنية تحتية متقدمة ومتطورة مصممة لدعم التحول الرقمي على المدى الطويل في سوريا، وإعادة دمجها في النظام البيئي العالمي للاتصالات”.
من جانبه أكد "أندرياس نيوكليوس"، الرئيس التنفيذي لشركة CYIA التزام الشركة بدعم المبادرات الإقليمية التي تعزز الاتصال، وتشجع التعاون وذلك من خلال التعاون الوثيق مع شركة الاتصالات السورية وشركة (CYTA) حيث يعزز مشروع أوغاريت (2) دور قبرص كمركز رئيسي للاتصالات، ويسهم في تحقيق الهدف الأوسع المتمثل في توسيع الاتصالات الدولية الآمنة والمرنة في جميع أنحاء المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، سينتقل المشروع إلى المرحلة الثانية التي تركز على البنية التحتية للكابلات من كابل مشروع أوغاريت (2) البحري الجديد، وبالتالي تعزيز وصول سوريا إلى الشبكات العالمية، وتحسين سرعات الإنترنت بشكل كبير، وتوفير الأساس للنمو الاقتصادي والتكنولوجي المستدام.
أصدر الدكتور محمد راتب النابلسي، عضو مجلس الإفتاء في سوريا، بيانًا هامًا حول الأحداث الأمنية المؤسفة التي شهدتها مؤخراً منطقتا جرمانا وأشرفية صحنايا بريف دمشق، وجّه فيه جملة من الرسائل الوطنية والدينية، داعياً فيها إلى التعقل ونبذ الفتنة، مؤكدًا أن سوريا بدأت مرحلة جديدة من الحرية، ولن تعود إلى الوراء.
إدانة لنظام البعث وممارساته الطائفية
وفي مستهل بيانه، حمّل الدكتور النابلسي نظام حزب البعث، الذي وصفه بـ"العصابة المجرمة"، مسؤولية خراب البلاد وتمزيق نسيجها الاجتماعي، قائلاً إن هذا النظام لم يترك لوناً من ألوان القمع والفساد إلا ومارسه، حيث شرّد الناس، واعتقلهم، واغتصب الأموال، وانتهك الأعراض، وأهان الكرامات.
وأوضح أن النظام نشر ثقافة طائفية دخيلة على الشعب السوري وتاريخه، مستخدمًا تلك الورقة وسيلة لتفتيت وحدة البلاد وتأمين ولاء الطوائف لصالح بقائه في السلطة، فيما استُدرج بعض أبناء الطوائف للمشاركة في الاستبداد أو التواطؤ معه.
دعوة إلى وأد الفتنة ومواصلة بناء الوطن
وفي سياق آخر، أكد النابلسي أن العلماء أدّوا واجبهم الوطني والديني في منع مظاهر الانتقام والفوضى بعد سقوط النظام، وحرصوا على تهدئة النفوس وفتح صفحة جديدة أساسها المحبة والعدالة، مشيراً إلى أن وأد الفتنة واجب يقع على عاتق الجميع من أجل بناء وطن يسوده السلام والأمل.
رسائل تسع تؤسّس لرؤية وطنية جديدة
الدكتور النابلسي قدّم من خلال بيانه تسع نقاط رئيسية وصفها بـ"مفصلية" في مسار التحول السوري نحو الاستقرار والعدالة، محذرًا من مخاطر الفتنة ومؤكدًا على ضرورة الوحدة والاحتكام إلى مبادئ المواطنة والعدل:
1. سوريا تحررت ولن تعود إلى الوراء
أكّد النابلسي أن الشعب السوري قد استعاد حريته بعد سنوات طويلة من الاستبداد، وأن هذه الحرية غدت مكسبًا لا يُفرّط فيه. وقال إن السوريين اليوم على استعداد للدفاع عن هذا المكسب بالغالي والنفيس، في وجه كل محاولات الارتداد إلى الوراء.
2. الحقوق مصانة لجميع السوريين دون تمييز
شدد على مبدأ المساواة الكاملة بين المواطنين، مؤكداً أن كرامات الناس وأموالهم وأرواحهم ليست خاضعة لأي تصنيف طائفي أو مناطقي، وأن القانون يجب أن يكون هو الحَكَم والضامن الوحيد للحقوق.
3. الطائفية ليست تهمة ولا امتيازًا
بيّن النابلسي أن مجرد الانتماء الطائفي لا يمنح صاحبه ميزة ولا يضعه موضع اتهام، مبرزًا أن المعيار الأخلاقي الوحيد هو الوقوف ضد الجريمة ورفض الظلم.
4. المواطنة الحقيقية تتجلى في مواجهة الجريمة
دعا النابلسي إلى الانحياز الدائم لقيم العدالة والانضواء تحت راية الوطن، بعيداً عن العصبيات والانتماءات الضيقة، مؤكدًا أن من يتستر على المجرمين أو يبرّر لهم لا ينتمي للوطن بحق.
5. الاستقواء بالأجنبي خيانة عظمى
اعتبر النابلسي أن أي لجوء إلى قوى خارجية، سواء كانت دولاً محتلة أو جهات أجنبية، يمثل خيانة واضحة للوطن وشركاء الدم والمصير، وهو ما يضرب قيم التعايش السلمي في العمق.
6. العدالة الانتقالية أساس الاستقرار
طالب بضرورة تطبيق عدالة انتقالية حقيقية وعاجلة بحق من تورّطوا في ارتكاب الجرائم بحق السوريين، مؤكداً أن هذه العدالة تمثّل الشرط الأوّل لأي مشروع سلمي وطني جامع.
7. استغلال الطوائف لإفشال التحرر مخطط قديم مكشوف
أشار إلى محاولات مستمرة لاستغلال أبناء بعض الطوائف بهدف تقويض حالة التحرر الوطني الراهنة، مشدداً على أن وعي السوريين المتنامي بات كفيلاً بإفشال هذه المخططات.
8. الحكمة والتعقّل في مواجهة الفتنة
ناشد السوريين كافة بضبط النفس وتجنّب الانفعال، داعيًا إلى ترك المعالجة للمؤسسات الرسمية والأجهزة المختصة، محذرًا من أن التصرفات الفردية تُعقّد الأوضاع ولا تحلّها.
9. الوعي الرقمي مسؤولية أخلاقية ووطنية
اختتم النابلسي رسائله بالتنبيه إلى أهمية تحمّل المسؤولية عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، موضحاً أن للكلمة في أوقات الفتنة وقعًا أشد من الرصاص، داعيًا إلى نشر ما يوحّد الصف لا ما يفرّقه.
سوريا التي نريدها: حرية وعدالة وكرامة
وختم الدكتور النابلسي بيانه بالتأكيد على أن سوريا التي ينشدها السوريون هي دولة موحّدة، عادلة، لا إقصاء فيها ولا احتكار، دولة يحكمها القانون وتستند إلى إرادة الشعب، وتحفظ كرامة الإنسان وحقه في الحرية والمواطنة. ودعا الجميع إلى الالتفاف حول مشروع وطني جامع، يعيد بناء سوريا من رماد الألم، ويستثمر في وعي الشعب وتضحياته من أجل مستقبل يستحقه الجميع.
أطلقت رابطة الصحفيين السوريين دراسة معمقة بعنوان "الصحافة الأخلاقية والقوانين الناظمة لها في سوريا"، وذلك تزامناً مع اليوم العالمي لحرية الصحافة. وتأتي هذه الدراسة في لحظة حرجة، حيث يتعاظم التهديد الذي يشكله خطاب الكراهية والتحريض الطائفي على وحدة النسيج السوري، وتتراجع ثقة الجمهور بوسائل الإعلام في ظل تصاعد التجاوزات المهنية والانقسامات السياسية.
إطار منهجي شامل ومتعدد الأدوات
اعتمدت الدراسة على منهجية بحثية متعددة المستويات، مزجت بين التحليل القانوني الدقيق للقوانين والتشريعات الناظمة لعمل الصحافة في سوريا، واستطلاعات ميدانية شملت 140 صحفياً وصحفية يمثلون مختلف الأطياف الجغرافية والسياسية داخل البلاد وخارجها. كما نظّمت الرابطة ثلاث منتديات حوارية تفاعلية، جمعت طيفاً واسعاً من الأصوات والخبرات لتبادل وجهات النظر حول الواقع الإعلامي وأخلاقياته، ومراجعة أطره التنظيمية القائمة.
أسئلة مفصلية ومسارات بحث معقدة
سعت الدراسة للإجابة على تساؤلات مركزية من قبيل: مدى توافق القوانين الإعلامية السورية مع المعايير الدولية للصحافة الأخلاقية؟ وما هي آليات تعزيز البيئة المهنية والاستقلالية الإعلامية؟ كما طرحت الدراسة أسئلة حول وعي الصحفيين بالمعايير الأخلاقية، وطبيعة الانتهاكات التي يتعرضون لها، ومدى فاعلية المؤسسات الرقابية والتنظيمية، وسبل معالجة التضارب بين التشريعات المحلية والمعايير الدولية ذات الصلة بحرية التعبير.
نتائج صادمة: فوضى قانونية وتحديات بنيوية
كشفت الدراسة عن واقع مضطرب للصحافة في سوريا، يمكن تلخيصه في عدد من النتائج الرئيسية:
- غياب قانون إعلامي موحد، ووجود منظومة قانونية مفككة وغير منسجمة، تخلق بيئة غامضة تُستخدم لتقييد الصحفيين بدلاً من حماية حقوقهم.
- ضعف شديد في الالتزام بالمعايير الأخلاقية، مع استخدام الإعلام كأداة دعائية صريحة من قبل مختلف القوى السياسية، وانعدام المهنية في كثير من التغطيات.
- تعرض الصحفيين لانتهاكات جسيمة، تشمل الاعتقال والتعذيب والملاحقة القضائية، في ظل غياب شبه كامل لمؤسسات تنظيمية مستقلة أو نقابية تدافع عن حقوقهم أو توفر لهم الحماية المهنية.
في مواجهة خطاب الكراهية والتحريض الطائفي
تكتسب هذه الدراسة أهمية مضاعفة في السياق السوري الراهن، حيث يُسجّل تنامٍ ملحوظ لخطاب الكراهية والانقسامات الطائفية. وتُبرز الدراسة أن الصحافة الأخلاقية، بما تحمله من التزام بالحقيقة والمهنية، تمثل سداً منيعاً في وجه هذه الموجة، وأداة ضرورية لتعزيز التماسك المجتمعي.
قيادات إعلامية توضح دوافع الدراسة وآمالها
قالت مزن مرشد، رئيسة رابطة الصحفيين السوريين، إن هذه الدراسة جاءت في لحظة مصيرية، حيث يواجه الصحفيون السوريون سلسلة متشابكة من التهديدات والتحديات، على رأسها خطاب الكراهية المتصاعد. وأشارت إلى أن الفريق البحثي بذل جهوداً مضنية في تصميم الأدوات البحثية وتنظيم المنتديات وجمع البيانات الدقيقة، معربة عن أملها في أن تتحول نتائج الدراسة إلى خارطة طريق لإصلاح المشهد الإعلامي السوري.
أما يدن الدراجي، المدير التنفيذي للرابطة، فأكد أن هذه الدراسة تمثل ركيزة أساسية ضمن جهود الرابطة المستمرة لتعزيز الحريات الإعلامية في سوريا، مشيراً إلى أن بناء بيئة صحية للإعلام يتطلب إصلاحاً شاملاً للمنظومة القانونية، وتمكين الصحفيين من ممارسة دورهم كسلطة رقابية مستقلة.
مقترحات إصلاحية جذرية
دعت الدراسة إلى جملة من التوصيات الحيوية، أبرزها "صياغة قانون إعلامي موحّد يتماشى مع المعايير الدولية لحرية التعبير، ويضع حداً لتعدد القوانين المتضاربة، وتأسيس هيئات تنظيمية مستقلة تتمتع بالصلاحيات اللازمة لمراقبة التزام وسائل الإعلام بالمعايير الأخلاقية، وضمان الشفافية والمساءلة.
واقترحت إدماج مناهج متخصصة في الصحافة الأخلاقية ضمن برامج التدريب المهني، وتطوير القدرات المحلية لمواجهة التحديات المعاصرة في التغطية الإعلامية للنزاعات، وتفعيل آليات حماية الصحفيين من الانتهاكات الجسدية والقانونية، عبر تنسيق فعّال بين وزارات العدل والعمل والإعلام والنقابات المهنية.
تضليل منهجي وخطاب كراهية مهيمن
أوضح محمد الصطوف، مدير وحدة الرصد والتوثيق في الرابطة، أن التضليل الإعلامي المنتشر في سوريا يشكّل أرضاً خصبة لخطاب الكراهية والانقسام، داعياً إلى تفعيل آليات متقدمة للتحقق من المعلومات، وتعزيز الحق في الوصول إلى مصادر الخبر. وشدد على أن بناء ثقة الجمهور بالإعلام لا يمكن أن يتم دون الشفافية والمصداقية.
نحو إعلام مستقل ومسؤول
وفي ختام الدراسة، عبّر فريق العمل عن أمله بأن تسهم هذه الوثيقة البحثية في تمهيد الطريق نحو صحافة سورية حرة ومسؤولة، تكون في طليعة الجهود الوطنية لإعادة بناء سوريا على أسس المواطنة والديمقراطية والعدالة. وشددت الدراسة على أن الصحافة الأخلاقية ليست ترفاً أكاديمياً، بل ضرورة وطنية وأداة استراتيجية لحماية المجتمع من الانهيار والانقسام.
في إطار تعزيز التعاون والتنسيق في مجالات الاستجابة الإنسانية والتعافي المبكر في محافظة حمص وسط سوريا، زار وفد من منظمة الأمم المتحدة المحافظة، وكان باستقباله محافظ حمص الدكتور "عبد الرحمن الأعمى".
وكشفت المحافظة في بيان لها أن الاجتماع تضمن مناقشة أبرز التحديات التي تواجه محافظة حمص، لاسيما في القطاعات الصحية والتعليمية والبنى التحتية حيث تم التأكيد على أهمية دعم الخدمات الأساسية وإعطاء أولوية لعودة النازحين وتوفير مقومات الاستقرار لهم.
إضافة إلى مناقشة أوضاع القطاع الصحي، الذي يعاني من تدمير معظم منشآته في ريف حمص، إضافة إلى الضغط الكبير على المدارس، والبنية التحتية الهشة في مجالات كالصرف الصحي والمرافق العامة.
و أبدى الوفد التزامه بدعم جهود محافظة حمص في مجالات التعافي، وتعزيز البنى التحتية، وتنمية القدرات المحلية، مع الإشارة إلى استعدادات لعقد اجتماع مع المانحين خلال الفترة المقبلة، والتوجه نحو افتتاح مكتب ميداني في المحافظة، وتنظيم ورشات عمل وزيارات تقييمية دورية.
هذا وشهدت المحافظة مؤخرا إطلاق مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) بالتنسيق مع مؤسسة E-CLEAN، بهدف تنظيف شوارع مدينة حمص بمشاركة 90 عامل نظافة.
وكان زار وفد من الأمم المتحدة إدارة منطقة القصير لتقيبم احتياجات المنطقة والعمل على تلبيتها، يذكر أن مدينة القصير تعرضت لدمار كبير بفعل حملات النظام البائد والميليشيات الطائفية عليها.
تُعد الأنظمة الاستبدادية من أكثر الكيانات حرصاً على اختراق النسيج المجتمعي والتحكم في أدوات التشكيل الفكري، وكان نظام بشار الأسد نموذجاً صارخاً لهذا التوجه، حيث عمد إلى تحويل المنظومة التعليمية من فضاء معرفي حر إلى ساحة لتكريس الولاء السياسي وبناء أجيال تدين بالولاء المطلق للحاكم، وتتعاطى مع السلطة كقدر مقدس لا يُناقش.
من المدرسة إلى القصر: الولاء يبدأ من الطفولة
منذ السنوات الأولى لدخول الطفل السوري إلى المدرسة، تبدأ عملية ممنهجة لغرس مفاهيم الولاء للنظام. لم تكن المدارس مجرّد أماكن لتلقي العلم، بل تحوّلت إلى مؤسسات أيديولوجية خاضعة لسيطرة الدولة الأمنية، تشرف على كل تفصيل فيها، بدءاً من الكتب والمناهج، وصولاً إلى المعلمين والأنشطة.
وشكل الأطفال دون سن 18 هدفاً مباشراً لهذه العملية، باعتبارهم الأسهل في التلقين والأكثر قابلية للتطويع. المناهج الدراسية حفلت بشعارات التمجيد لشخص الحاكم، ووصفت حافظ الأسد بـ"القائد الخالد" وبشار بـ"الضامن للأمن والاستقرار"، لتتحول الحصة الدراسية إلى منصة لتأليه الحاكم لا لتعليم الطفل.
رمزية الصورة... والسلاح النفسي
صور حافظ وبشار الأسد تملأ الصفوف، تتوسط الجدران، تتكرر على أغلفة الكتب، وتُرفق بأناشيد مثل "بالروح بالدم نفديك يا بشار"، و"سوريا الأسد"، و"الله، سوريا، بشار وبس"، إلى جانب شعارات حزب البعث التي تُفرض على الطلاب بوصفها مسلمات. هذه الشعارات لم تكن مجرد ديكور بل كانت أداة نفسية لترويض الطلاب وتخويفهم من مجرد التفكير في الخروج عن "النص الرسمي".
الأدلجة في كل مادة
لم يقتصر التسييس على مواد التربية الوطنية أو التاريخ، بل امتد إلى الجغرافيا والكيمياء والرياضيات، حيث كانت كل مناسبة تُستغل لربط أي مفهوم بـ"عظمة القائد" و"بصيرته". حتى الكوارث الطبيعية كانت تُدرّس على أنها محن تجاوزها الشعب السوري بفضل "حكمة الرئيس". أما التاريخ، فتمت إعادة كتابته بما يخدم الرواية الرسمية: من تهميش الثورات الحقيقية إلى تضخيم دور الأسد الأب والابن.
"طلائع البعث" و"الشبيبة"... أذرع أمنية بثوب تربوي
أنشأ النظام مؤسسات مثل "طلائع البعث" للأطفال، و"اتحاد شبيبة الثورة" للمراهقين، وهي كيانات تمارس أدواراً رقابية وتعبوية، وتُستخدم في مراقبة أفكار التلاميذ ورفع التقارير الأمنية، وتحويل الانتماء الفكري إلى "بلاغ أمني". من خلالها، يندمج الطالب مبكراً في بنية الولاء للحزب الحاكم، ويتم فصله تماماً عن أية مساحات تفكير حر أو نقاش سياسي نقدي.
الخوف... المعلّم الصامت في كل صف
أُجبر الطلاب على مراقبة بعضهم البعض، وتحولت المدرسة إلى فضاء قائم على الشك والريبة. تسود ثقافة الوشاية، ويُكافَأ من يبلغ عن زميله، سواء في حديث خاص أو رأي مشكك. وهكذا، تربّى جيل على الخوف من الكلمة، وعلى قمع التفكير الذاتي حتى في أحاديثه الداخلية. فنتج عن ذلك طلاب يحملون وعيًا مشوهًا، لا يعرفون إن كانوا يؤمنون بما يقولون أو يرددونه تحت الضغط، وعاجزين عن فهم الفرق بين الوطن والنظام، وبين الاحترام والخنوع.
نتائج مدمّرة على الوعي الجمعي
هذا النظام التعليمي المفخخ ترك آثارًا نفسية عميقة على أجيال كاملة: هوية مشوشة، خوف مرضي من التعبير، فقدان القدرة على بناء رأي مستقل، وتضليل فكري مزمن. بات الطالب، وحتى بعد تخرجه، مشلولاً معرفياً لا يستطيع مناقشة ما تعلمه ولا نقده، خشية أن يُتهم بالخيانة أو التمرّد على "الثوابت الوطنية".
جريمة تربوية ممنهجة
إن ما قام به نظام الأسد من تحويل التعليم إلى أداة للهيمنة الفكرية والسياسية يُعدّ جريمة تربوية حقيقية. لا تقتصر آثارها على اللحظة الراهنة، بل تمتد لتقوّض مستقبل البلاد، لأنها تفرغ الأجيال من قدرتها على التفكير الحر والإبداع والاستقلال. فبدلاً من أن يكون التعليم جسراً للوعي والتحرر، حوّله النظام إلى سجن ذهني مغلق، لا يسمح بالخروج منه إلا من بوابة الولاء المطلق.
من هنا، فإن أي حديث عن إعادة إعمار سوريا لا يكتمل دون إصلاح جذري للمؤسسة التعليمية، يعيد لها جوهرها كمساحة للمعرفة، ويُنقذ الأجيال القادمة من التلوث الأيديولوجي الذي رسّخه النظام. لا مستقبل لسوريا دون تعليم حرّ يفتح العقول لا يكمّمها، ويحرر النفوس لا يُخضعها.
أعلنت وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية، اليوم الخميس، عن إلغاء حفل الفرقة الوطنية السورية الذي كان من المقرر إحياؤه في دار الأوبرا بدمشق، وذلك حداداً على أرواح الشهداء الذين ارتقوا جرّاء العدوان الإسرائيلي الأخير.
وأوضحت الوزارة في بيان رسمي أن قرار الإلغاء جاء انسجاماً مع الواجب الوطني وتكريماً لتضحيات الشهداء من المدنيين وعناصر قوى الأمن العام الذين سقطوا خلال الاعتداءات، وما خلّفته تلك الأحداث المؤلمة من حزن عميق في وجدان السوريين.
وأشار البيان إلى أن وزير الثقافة، محمد ياسين صالح، أصدر توجيهاته بإلغاء الحفل، تضامناً مع أسر الشهداء، واستجابةً لمشاعر المواطنين في ظل ما تمر به البلاد من ظروف استثنائية تتطلب التلاحم وتحمل المسؤولية الوطنية.
وأكدت الوزارة أن سوريا تمر بلحظة وطنية تستوجب وقوف جميع أبنائها صفاً واحداً، وتغليب مشاعر الوحدة والتآزر على أي نشاط فني أو احتفالي، تقديراً للدماء التي أُريقت دفاعاً عن الوطن وأمنه.
واختتمت الوزارة بيانها بتقديم خالص العزاء والمواساة إلى ذوي الشهداء، والدعاء بالرحمة لهم، وبالشفاء العاجل للمصابين، وبالاستقرار والسلام لسوريا وأهلها.
ويأتي هذا القرار في أعقاب إعلان وزارة الداخلية السورية عن سيطرتها الكاملة على منطقة أشرفية صحنايا بريف دمشق، بعد عملية أمنية واسعة نفذتها ضد مجموعات مسلّحة وصفتها بـ"الخارجة عن القانون"، كانت قد نفّذت هجمات دامية على مواقع أمنية وسكان مدنيين في الأيام الماضية.