عبّر الرئيس السوري أحمد الشرع عن تقديره لحفاوة الاستقبال التي حظي بها خلال زيارته الرسمية إلى أذربيجان، مؤكداً أن الزيارة شكّلت محطة مفصلية في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين، وخاصة في مجالات الاستثمار والطاقة.
وفي رسالة وجّهها إلى نظيره الأذربيجاني إلهام علييف عقب مغادرته العاصمة باكو، شدد الشرع على أهمية البناء على ما تم التوصل إليه خلال المباحثات من توافقات سياسية واقتصادية، بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة ويخدم مصالح الشعبين، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية "سانا".
وثمّن الرئيس السوري "كرم الضيافة والدفء الشعبي" الذي رافق الزيارة، واصفاً أذربيجان بأنها "دولة شيدتها الإرادة الشعبية، ويصوغ مستقبلها شعبها بحكمة ووعي"، مشيراً إلى الروابط الوجدانية التي تجمع بين البلدين.
وأكد الشرع أن سوريا وأذربيجان تمتلكان مقومات طبيعية وبشرية تؤهلهما لتأسيس شراكة استراتيجية واسعة، معرباً عن أمله في توسيع مجالات التعاون، خاصة في قطاعات الطاقة والاستثمار، بما يسهم في تحقيق تنمية مستدامة ويعزز الاستقرار الإقليمي.
كما شدد على التزام سوريا بنهج الانفتاح والتعاون، وحرصها على تحويل العلاقات الثنائية إلى شراكات عملية تعود بالنفع على الشعبين.
اتفاق في مجال الطاقة
وتوجت الزيارة بتوقيع اتفاقية بين وزارة الطاقة السورية وشركة "سوكار" الأذربيجانية لتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا. وقال وزير الطاقة محمد البشير، الذي رافق الرئيس الشرع خلال الزيارة، إن الاتفاق يمثل خطوة مهمة نحو تأمين مصادر مستدامة للطاقة وتعزيز استقلال البلاد في هذا القطاع الحيوي.
وأوضح البشير أن الاتفاق مع شركة "سوكار" يُعد بداية لبناء شراكات استراتيجية جديدة في مجال الطاقة، تهدف إلى تلبية احتياجات السوريين ودعم عملية إعادة الإعمار.
وغادر الرئيس أحمد الشرع مساء السبت مطار حيدر علييف الدولي، بعد زيارة وصفها بـ"التاريخية"، جرت خلالها مباحثات رسمية في قصر زوغولبا مع الرئيس الأذربيجاني وكبار المسؤولين في باكو.
أكد مظلوم عبدي، القائد العام لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، أن تنفيذ اتفاق آذار الموقع مع الحكومة السورية بشأن دمج "قسد" ضمن صفوف الجيش، يلغي الحاجة إلى نزع سلاح القوات أو تفكيكها.
وفي مقابلة مصورة مع الصحفية الألمانية – الكردية دوزان تيكال، نُشرت عبر حسابها على تطبيق "إنستغرام"، شدد عبدي على التزام "قسد" الكامل باتفاق آذار، الذي ينص على توحيد المؤسسات العسكرية والمدنية في شمال شرقي سوريا ضمن هيكل الدولة السورية.
وقال عبدي: "في حال تنفيذ الاتفاق، فإن ’قسد‘ ستصبح جزءاً من الجيش السوري، وبالتالي لا حاجة لنزع سلاحها، لأن حماية شمال شرقي سوريا ستكون حينها مسؤولية الجيش الوطني".
ودعا عبدي إلى دعم الحوار الجاري مع الحكومة السورية، مشيراً إلى ضرورة بناء نظام سياسي جديد يقوم على دستور عادل ومؤسسات مدنية، تضمن حقوق جميع المكونات السورية، محذرًا من تكرار السياسات الإقصائية التي مارستها الحكومة السابقة بحق الأكراد وغيرهم من المكوّنات.
من جانبها، قالت القيادية في "قسد"، روهلات عفرين، خلال المقابلة ذاتها، إن الواقع الأمني المعقّد، واستمرار تهديد تنظيم "داعش"، وانعدام الديمقراطية، يجعل من المستحيل التخلي عن السلاح في الظروف الراهنة. وأضافت: "لا أحد يرغب في القتال، لكننا سنواصل الدفاع عن أنفسنا إذا تعرضنا لأي تهديد".
الولايات المتحدة: لا فيدرالية في سوريا
في السياق ذاته، شدد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والسفير لدى تركيا، توماس باراك، على أن الولايات المتحدة ترفض أي مشروع فيدرالي أو انفصالي داخل سوريا. وأوضح أن واشنطن تدعم الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وتعتبرها تبذل جهودًا جادة نحو التوحيد السياسي والمؤسسي رغم التحديات.
وأكد باراك أن بلاده تواصل العمل مع "قسد" باعتبارها شريكًا فاعلًا في محاربة "داعش"، لكنها لا ترى في "قسد" كيانًا مستقلاً، مضيفًا: "ندعم دمجها الكامل في مؤسسات الدولة، ضمن جيش موحّد، وسيادة مركزية، وعلم واحد".
وأشار إلى أن اتفاق آذار تعثر بسبب غياب التفاصيل التنفيذية، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية تعمل حاليًا على صياغة مسودة جديدة تضمن العدالة، وتضع آلية واضحة لإدماج "قسد" تدريجيًا في بنية الجيش السوري.
وقال المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، إن “هناك طريقاً واحداً فقط لا غير أمام قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهو الذي يؤدي إلى دمشق”، مؤكداً أن الحكومة السورية “أبدت حماسًا لا يُصدق” لضم قسد إلى مؤسسات الدولة، ضمن ما وصفه بمبدأ: “دولة واحدة، أمة واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة”.
وكانت أصدرت الحكومة السورية بياناً رسمياً أكدت فيه تمسكها بوحدة البلاد، مشيرة إلى أن “الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية الجامعة، وترحب الدولة بانضمام المقاتلين السوريين من قسد إلى صفوفه ضمن الأطر القانونية”.
وأضاف البيان أن “أي تأخير في تنفيذ الاتفاقات لا يخدم المصلحة الوطنية، ويعيق جهود إعادة الأمن والاستقرار”، مشدداً على ضرورة عودة مؤسسات الدولة إلى شمال شرق البلاد، وإنهاء ما وصفته بـ”حالة الفراغ الإداري”، وتأكيد أن “الهوية الوطنية الجامعة هي الطريق الوحيد إلى الاستقرار”.
يعود الاتفاق الأساسي إلى 10 آذار 2025، حين تم توقيع تفاهم شامل بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، برعاية أميركية، ينص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية للإدارة الذاتية ضمن مؤسسات الدولة، وإعادة السيطرة على المعابر والموارد، وضمان حقوق المكوّن الكردي ضمن الإطار الدستوري السوري
عثر أهالي منطقة اللجاة شمالي محافظة درعا، صباح اليوم السبت، على مقبرة جماعية جديدة قرب قرية المسمية، تضم رفات أربع جثث على الأقل، وفق حصيلة أولية أعلنتها مصادر محلية، وسط ترجيحات بوجود المزيد من الضحايا في الموقع ذاته.
وبحسب ما أفادت به مصادر محلية، سارعت فرق الدفاع المدني السوري وقوى الأمن الداخلي إلى تطويق المكان، فيما تم استدعاء فرق مختصة لمتابعة عمليات التوثيق والكشف عن الموقع وتحديد هويات الضحايا إن أمكن.
الصور التي انتشرت من الموقع تُظهر بوضوح ثيابًا ممزقة تعود للضحايا، ورفاتًا متناثرة قرب حفر ترابية بدائية، ما يعيد إلى الأذهان مشاهد المقابر الجماعية التي كُشفت خلال الأشهر الماضية في أكثر من منطقة سورية، بعد سقوط النظام السابق في كانون الأول 2024.
وتشير شهادات سكان محليين إلى أن الضحايا قد يكونون من المدنيين الذين اعتقلتهم قوات النظام المخلوع عند حاجز "منكت الحطب" سيئ الصيت، قبل أن يتم تصفيتهم ميدانيًا دون أي إجراءات قانونية، في واحدة من أبشع صور الإخفاء القسري والإعدام خارج نطاق القانون.
اللجاة.. منطقة الخفاء والموت الصامت
منطقة اللجاة، ذات التضاريس الوعرة، كانت طوال سنوات الحرب مركزًا معروفًا لعمليات الاحتجاز الميداني والإعدام السري على يد أجهزة النظام الأمنية، بحسب ما وثّقته منظمات حقوقية سورية ودولية.
وتُعد هذه المقبرة المكتشفة حديثًا واحدة من بين عشرات المواقع التي يُعتقد أنها تخفي في باطنها فصولًا دامية من انتهاكات طالت آلاف المدنيين، بينهم نشطاء ومعارضون ومعتقلون سابقون، وكانت منظمات حقوقية قد وثّقت في وقت سابق جرائم مشابهة في قرى مثل كحيل وبصر الحرير، بالإضافة إلى مقابر جماعية في أطراف بصرى الشام.
سجل متراكم من الجرائم
منذ انهيار النظام البائد في أواخر العام الماضي، تم الكشف عن عشرات المقابر الجماعية في مناطق متفرقة من البلاد، من ريف دمشق إلى حمص وحماة ودرعا، جميعها تعود لضحايا اختفوا قسرًا أو أُعدموا ميدانيًا خلال فترة حكم بشار الأسد.
وسبق أن أعلنت إدارة الأمن الداخلي في ريف حمص الشمالي عن العثور على مقبرة تضم رفات 11 ضحية من أبناء مدينة الرستن، جرى التعرف عليهم من خلال شهادات ذويهم وتحليل الأدلة المتبقية في موقع الدفن، وتبيّن أنهم قضوا في واحدة من مجازر النظام المبكرة عقب اندلاع الثورة عام 2011.
مطلب مستمر: المحاسبة وكشف المصير
الاكتشاف الجديد في اللجاة يفتح من جديد ملف المقابر الجماعية، ويضع مسؤولية قانونية وأخلاقية أمام الجهات الحكومية والمجتمع الدولي لمتابعة التحقيقات وكشف مصير آلاف المفقودين، كما يُعيد التأكيد على مطالبات الأهالي بإنشاء آلية وطنية مختصة تعمل بالتوازي مع لجان الحقيقة والمحاسبة، لضمان عدم ضياع الأدلة وحقوق الضحايا في خضم العملية الانتقالية الجارية.
اعتبر مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، أن قضية المفقودين في سوريا لا يمكن فصلها عن المسار العام للعدالة الانتقالية، محذرًا من أن إنشاء هيئة مستقلة للمفقودين خارج إطار لجنة الحقيقة قد يضعف فعالية الجهود المبذولة لمعالجة آثار سنوات من الاختفاء القسري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وأشار عبد الغني في مقال نشره على موقع تلفزيون سوريا، إلى أن ملف الاختفاء القسري يُعدّ من أكثر الملفات حساسية منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، حيث استخدمه نظام الأسد المخلوع كأداة ممنهجة لبث الرعب وتفكيك البنية المجتمعية. ووفقًا لبيانات الشبكة، لا يزال نحو 177 ألف شخص في عداد المختفين قسريًا، وهو ما يجعل هذا الملف أولوية قصوى ضمن مشروع العدالة الانتقالية بعد سقوط النظام في كانون الأول 2024.
فصلٌ مقلق عن مسار العدالة
في هذا السياق، رأى عبد الغني أن إنشاء "الهيئة الوطنية للمفقودين" بموجب المرسوم الرئاسي رقم 19 لعام 2025، خارج إطار منظومة العدالة الانتقالية، يخلق تحديات مؤسسية تعيق التنسيق وتضعف الاستجابة المتكاملة لجريمة الاختفاء القسري.
وأوضح أن التعامل مع هذا النوع من الجرائم لا يقتصر على معرفة مصير الضحايا، بل يتطلب تكاملًا مع آليات المحاسبة القضائية، وتعويض المتضررين، وإصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية المسؤولة عن الانتهاكات.
وحذّر من أن الفصل التنظيمي بين هيئة المفقودين وباقي هيئات العدالة الانتقالية قد يؤدي إلى فجوة معلوماتية ومؤسسية، ما ينعكس في ازدواجية الإجراءات، وضعف تبادل البيانات، وتضارب في التوصيات والقرارات، وبالتالي يُقوّض ثقة الضحايا بجدوى المؤسسات الانتقالية الجديدة.
عبء بيروقراطي وتضارب في الصلاحيات
أشار عبد الغني إلى أن تشكيل هيئة جديدة يتطلب بنية إدارية كاملة تشمل التوثيق والدعم القانوني والنفسي وآليات الشكاوى، وهو ما يتداخل وظيفيًا مع اختصاصات لجنة الحقيقة، ويخلق عبئًا بيروقراطيًا إضافيًا، وقد يؤدي إلى تضارب في تمثيل الضحايا أو ازدواج في توثيق الشهادات والملفات.
وذكر أن التجربة السورية، بتعقيداتها المتراكمة، تفرض الحاجة إلى مقاربة متكاملة ضمن منظومة عدالة واحدة لا هيئات موازية، بحيث تعمل كل وحدة وظيفية بتناغم ضمن هيكل موحد يضمن انسيابية في العمل واستجابة جماعية لمعالجة الانتهاكات.
رؤية بديلة: دمج هيئة المفقودين بلجنة الحقيقة
في هذا السياق، جدّدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان دعوتها، التي أطلقتها في نيسان الماضي، إلى إلحاق هيئة المفقودين بلجنة الحقيقة، بوصف ذلك خيارًا وظيفيًا ومنهجيًا يتلاءم مع الطبيعة المركبة لجريمة الإخفاء القسري، التي تتطلب فهمًا دقيقًا لسياقاتها السياسية والمؤسسية.
وأوضح عبد الغني أن وجود وحدة مختصة بالمفقودين ضمن لجنة الحقيقة يضمن التكامل مع لجان المحاسبة القضائية وبرامج جبر الضرر، ويتيح استخدام البنية التقنية المتاحة والخبرات القانونية المتوفرة، ما يعزز من فعالية العمل ويمنع التكرار أو التضارب في المهمات.
نحو عدالة انتقالية شاملة
في ختام مقاله، أكد عبد الغني أن العدالة الانتقالية الحقيقية تتطلب بناء مؤسسات مترابطة تشارك في كشف الحقيقة، وتحقيق العدالة، وإنصاف الضحايا، معتبرًا أن دمج هيئة المفقودين ضمن لجنة الحقيقة ليس فقط خيارًا إداريًا، بل تجسيدًا لرؤية متكاملة تعالج الاختفاء القسري كجريمة تمس الأفراد والمجتمع على حد سواء.
ودعا إلى تبنّي تصميم مؤسسي منسق يقوم على مبدأ التشاركية والوضوح، بما يفتح المجال أمام السوريين لتجاوز إرث الغياب والإنكار الذي زرعه نظام الأسد المخلوع على مدى أكثر من عقد.
أعرب مدير المؤسسة العامة للسينما، الفنان جهاد عبده، عن دهشته واستغرابه من القرار المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يتعلّق بإخلاء صالة سينما الكندي، مؤكدًا أن المؤسسة لم تُبلّغ رسميًا بأي إجراء من هذا النوع، وأن وزارة الثقافة لم تكن طرفًا في القرار أو مُخاطَبة فيه.
وفي بيان نشره عبر حسابه الرسمي، أشار عبده إلى أنه بادر فور تداول الخبر إلى التواصل مع وزارة الأوقاف للتحقّق من صحة الكتاب المنشور، والوقوف على خلفيات القرار وأبعاده. كما أعلن عن عقده اجتماعًا اليوم السبت مع وزير الثقافة لمناقشة الموضوع، مشيدًا بـ"الدعم والتعاون الكامل" الذي أبداه الوزير في مساعي الحفاظ على صالة الكندي كمعلم ثقافي وسينمائي بارز في الذاكرة الجمعية السورية.
وأكد عبده أن الجهود ما تزال متواصلة لفهم حيثيات القرار واتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل معه، مشيرًا إلى أن رؤية المؤسسة العامة للسينما واضحة وثابتة، وتركّز على توسيع قاعدة الإنتاج السينمائي وتوفير المزيد من صالات العرض، لا تقليصها أو إغلاقها.
وقال عبده: "إن صالة الكندي ليست مجرد مبنى، بل جزء من تاريخ السينما السورية، ومكان تربّت فيه أجيال على حب الشاشة الكبيرة. نحن مستمرون في سعينا لإيجاد حل مسؤول يليق بهذه المكانة، ويضمن استمرار هذا الفضاء الثقافي في أداء رسالته".
ودعا مدير المؤسسة العامة للسينما إلى تعاون بناء بين وزارتي الثقافة والأوقاف، من أجل الحفاظ على إرث السينما السورية، مشيرًا إلى أن أي قرار بهذا الشأن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار القيمة الرمزية والفنية لهذه الصالة، ومن المنتظر أن تعلن المؤسسة العامة للسينما خلال الأيام القادمة عن مستجدات العمل ونتائج الاتصالات الرسمية الجارية بشأن مصير صالة الكندي.
ما زال ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية يشكّل نقطة توتر حساسة بين بيروت ودمشق، ويهدّد بإعادة تأزيم العلاقات الثنائية في حال استمرار الجمود بشأنه، خاصة بعد أنباء عن نية الحكومة السورية اتخاذ إجراءات تصعيدية، من بينها إغلاق المعابر الحدودية، قبل أن تسارع دمشق إلى نفيها.
رغم هذا النفي، فإن الموضوع لا يزال مطروحًا بجدية على الطاولة اللبنانية، نظرًا لحساسيته القضائية والسياسية، وارتباطه بحقوق أكثر من ألفي موقوف سوري، كثير منهم لم يُحاكم منذ سنوات، وفق موقع "المدن".
أرقام ومؤشرات
تشير تقديرات أمنية لبنانية إلى أن عدد السجناء السوريين في لبنان يتجاوز 2100 شخص، منهم 1756 في السجون المركزية، ونحو 350 صدرت بحقهم أحكام قطعية. ويُشكل السوريون قرابة 30% من إجمالي عدد السجناء في البلاد، ويواجه قسم منهم تهمًا تتعلق بالإرهاب والانتماء إلى تنظيمات مسلحة، أو شنّ هجمات على مواقع للجيش اللبناني.
وتعيد هذه المعطيات فتح النقاش بين البلدين حول ترتيبات تسليم الموقوفين، خاصة في ظل غياب لجنة التنسيق المشتركة بين الجانبين، التي حُلّت بعد سقوط نظام بشار الأسد، دون أن يتم تشكيل بديل عنها أو إعادة تفعيل آليات العمل القضائي المشترك.
مسار قضائي معقّد
يوضح مصدر قضائي لبناني أن اتفاق التعاون القضائي بين البلدين الموقع عام 1951 لا يزال ساريًا، لكنه يقتضي أن يكون تسليم السجناء فرديًا لا جماعيًا، بناءً على طلب رسمي من النائب العام السوري، شرط ألا تكون الجريمة ذات طابع سياسي أو ارتُكبت على الأراضي اللبنانية.
ويضيف المصدر أن القانون اللبناني لا يجيز تسليم السجناء بالجملة، بل يفرض النظر في ملفاتهم بشكل منفصل، مع ضرورة التأكد من استكمال المحكومية في سوريا إذا لم تكن منتهية في لبنان. كما لفت إلى أن الواقع القضائي في سوريا تغيّر بعد انهيار النظام السابق، ما يفرض الحاجة إلى إعادة تنظيم العلاقة القانونية بين الجانبين.
موقف وزارة الخارجية اللبنانية
من جهته، نفى وزير الخارجية والمغتربين اللبناني يوسف رجّي تلقي أي إشعار رسمي من الحكومة السورية بشأن زيارة مرتقبة لنظيره أسعد الشيباني إلى بيروت، أو نية الرئيس السوري أحمد الشرع تصعيد الملف دبلوماسيًا. وأكد أن وزارته لم تتسلم أي مذكرة عبر القنوات الرسمية أو اللجنة المشتركة التي لم تُفعّل بعد.
وأشار رجّي في وقت سابق إلى اقتراحه تسريع الحل من خلال إعداد لائحة مفصلة بأسماء الموقوفين وتهمهم، وفرز من تنطبق عليهم شروط التسليم، دون الانتظار لإعادة تفعيل الإطار الإداري الرسمي، لكن هذا الاقتراح لم يُترجم إلى خطوات تنفيذية حتى الآن.
أبعاد سياسية وأمنية
ورغم أن دمشق نفت نيتها اتخاذ خطوات ضد بيروت، إلا أن ملف الموقوفين السوريين بات ملحًا لأسباب عدّة، أبرزها التخفيف من الاكتظاظ الحاد في السجون اللبنانية، وتحقيق العدالة للموقوفين، وتطبيع العلاقات القانونية مع دمشق.
ومع ذلك، يواجه الملف عقبات سياسية كبيرة، خاصة في ما يتعلق بسجناء قاتلوا ضمن فصائل المعارضة، أو انتموا للجيش السوري الحر، ونفذ بعضهم عمليات مسلّحة ضد الجيش اللبناني. وتسليم هؤلاء يثير حساسية محلية، وربما يكون مخالفًا للضمانات التي يُفترض أن يحصل عليها القضاء اللبناني.
مستقبل العلاقة بين البلدين
تبقى الأسئلة معلّقة حول مصير هذا الملف الشائك: هل يتسبب استمرار تعليقه في تأزيم العلاقة بين لبنان وسوريا مجددًا؟ أم يتم التوصل إلى تفاهم سياسي وقضائي يُنهي هذا الملف المزمن؟
في ظل غياب آلية تنسيق فعالة، وتباين الرؤى حول مصير مئات الموقوفين، يبدو أن أي تقدم في هذا الملف سيتطلب إعادة بناء الثقة بين الجانبين، وفتح قنوات رسمية تضمن سلامة الإجراءات القانونية، واحترام حقوق السجناء، وتجاوز إرث النظام السابق.
انطلقت اليوم في العاصمة السورية دمشق أعمال ملتقى فرص العمل المخصص للأشخاص ذوي الإعاقة، بتنظيم من المنظمة الفنلندية للإغاثة، ورعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبدعم مالي من وزارة الخارجية الفنلندية، وذلك في فندق "البوابات السبع"، بمشاركة 50 جهة من القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية.
الملتقى الذي يستمر على مدى يومين، يهدف إلى ربط الباحثين عن عمل من ذوي الإعاقة بخيارات وظيفية حقيقية، من خلال فتح قنوات تواصل مباشرة مع الشركات والمؤسسات المستعدة لتوظيف أفراد من هذه الفئة، وتقديم عروض عمل تشمل الحاصلين على شهادات جامعية، ومعاهد متوسطة، وثانوية عامة، مع التركيز على الحالات من الدرجات الخفيفة إلى المتوسطة من الإعاقة.
ورشات تدريب وتأهيل لسوق العمل
يتضمن برنامج الملتقى سلسلة ورشات تدريبية متخصصة، تشمل مهارات إعداد السيرة الذاتية، والاستعداد لمقابلات العمل، وآليات الدمج المهني لذوي الإعاقة، بالإضافة إلى جلسات حول الذكاء الاصطناعي والتوظيف، والسلامة والصحة المهنية، وبناء حضور احترافي على منصة "لينكد إن"، مع تسليط الضوء على الجوانب القانونية ذات الصلة بحقوق هذه الفئة في بيئة العمل.
دعم حكومي وتعديل قانوني قيد الدراسة
وفي تصريح لوسائل الإعلام، أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة ازداد بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية نتيجة الحرب، ما يجعل إدماجهم في سوق العمل مسؤولية مجتمعية وأولوية وطنية.
وكشفت قبوات عن العمل على صياغة مقترح لرفع الحد الأدنى لنسبة توظيف ذوي الإعاقة إلى ما بين 5% و10% في القطاعات المختلفة، مؤكدة أن الوزارة تعمل على تحفيز الشركات وأصحاب المشاريع على استيعاب هذه الفئة بوصفها مكوناً أصيلاً من المجتمع السوري.
نتائج ملموسة وخطط للتوسّع
بدوره، أشار مازن الخزوز، المدير القطري للمنظمة الفنلندية للإغاثة، إلى أن الملتقى أثمر عن نتائج مباشرة في يومه الأول، من خلال توفير أكثر من 130 فرصة عمل و470 فرصة تدريبية مهنية، مشددًا على أهمية استمرار هذه المبادرات بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة لتوسيع دائرة الدمج المهني.
بيئة عمل آمنة ودامجة
من جهته، قال الدكتور محمد هاشم، مدير الصحة والسلامة المهنية في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، إن مشاركته في الملتقى تمحورت حول تقديم التوعية بالمخاطر التي قد يواجهها ذوو الإعاقة في أماكن العمل، وآليات الوقاية وتهيئة بيئة مهنية آمنة وشاملة.
أما وفاء العيسى، مديرة الموارد البشرية في مؤسسة S.E.A، فأكدت أن المؤسسة تشارك في الملتقى لتوفير فرص وظيفية للأشخاص ذوي الإعاقة، موضحة أن المؤسسة نفّذت أول إحصاء متخصص بشريحة الصم في سوريا عام 2018، وتسعى الآن لتوسيع نطاق عملها في مجال الدمج المهني.
وفي السياق نفسه، أوضح نور الدين سراقبي، مدير العلاقات العامة والمبيعات في وكالة "نون"، أن وكالته تقدم تدريبات رقمية وتقنية لتمكين المستفيدين من دخول سوق العمل كمحترفين، وبالتالي التحول من متلقين للدعم إلى أشخاص منتجين ومؤثرين في محيطهم.
شهادات من الحضور
خالد المصري، أحد الحاضرين من ذوي الإعاقة من ريف دمشق، وصف الملتقى بأنه "فرصة حقيقية لتغيير حياة الكثير من الشباب"، مضيفاً أن هذا النوع من المبادرات يفتح باب الأمل أمام فئة كثيراً ما أُهملت في السياسات العامة.
حضور رسمي ودولي
شهد الملتقى حضور ممثلين عن وزارة الخارجية الفنلندية، وعدد من المؤسسات الدولية والمانحين، إلى جانب مديري شركات خاصة وهيئات حكومية محلية، ما يعكس اهتماماً متعدد الأطراف بدعم ذوي الإعاقة وتمكينهم اقتصادياً واجتماعياً.
يُذكر أن الحكومة السورية اتخذت في الفترة الأخيرة عدة إجراءات داعمة لهذه الفئة، من بينها قرار وزارة الشباب والرياضة بإعفاء ذوي الإعاقة من كافة الرسوم والاشتراكات المتعلقة بحضور الأنشطة والفعاليات.
رصدت منصة "إيكاد" سلسلة من التحركات الجوية الروسية باتجاه مطار القامشلي شمال شرقي سوريا، خلال الفترة الممتدة بين آذار وأيار 2025، في مؤشر على نشاط متزايد يعكس إعادة تموضع استراتيجية وليس انسحابًا، وفق ما أظهره تحليل صور الأقمار الصناعية والبيانات المرئية المفتوحة.
ووفقاً للمنصة المتخصصة في تحليل المعلومات مفتوحة المصدر، فقد تم توثيق ما لا يقل عن 18 رحلة جوية روسية إلى مطار القامشلي خلال ثلاثة أشهر، معظمها باستخدام طائرات شحن خفيفة من طرازي "AN-26" و"AN-72"، انطلقت من قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية.
تحوّل لافت في وتيرة النشاط
بعد فترة من الهدوء خلال شهري كانون الثاني وشباط، شهدت القامشلي بدءًا من السابع من آذار تصاعدًا في النشاط الجوي الروسي، حيث لوحظت رحلات شحن متكررة ترافقت مع رصد طائرة مقاتلة من طراز "SU-35S" فوق المدينة، في خطوة نادرة توحي بمتغيرات أمنية أو لوجستية في المنطقة.
تكرار الرحلات الجوية، خاصة خلال شهر أيار، حيث تم تسجيل أربع رحلات خلال الأيام الأولى منه فقط، يشير إلى أن التحركات الروسية لم تكن عشوائية، بل جزء من نمط ثابت قد يرتبط بتغييرات على مستوى الانتشار العسكري أو الدعم اللوجستي في الشرق السوري.
مؤشرات دعم إضافية
إلى جانب صور الأقمار الصناعية، اعتمد تحليل "إيكاد" على مشاهد مصورة من الإعلامي محمد حسن، أظهرت تحليق طائرات شحن من طراز "AN-26" ومروحيات هجومية من طراز "KA-52"، بالإضافة إلى صور نشرها "المرصد السوري" لطائرة "AN-72" داخل مطار القامشلي، ما يدعم مصداقية الرصد ويوفر معطيات بصرية داعمة.
وفي الوقت ذاته، لوحظ اختفاء هذه الطائرات من قاعدة حميميم، ما يدعم فرضية إعادة نشرها إلى شرق سوريا، خاصة في ظل غياب طائرات الشحن الثقيلة "IL-76"، التي عادة ما تُستخدم في عمليات الانسحاب، وعدم وجود أي مؤشرات على عمليات إخلاء أو تفكيك مواقع.
أهداف إعادة التموضع
ترى منصة "إيكاد" أن النشاط الروسي يعكس توجهًا جديدًا لتثبيت نفوذ موسكو في الشرق السوري، بالتزامن مع محاولات لتحريك ضباط من بقايا النظام المخلوع، ربما في محاولة لإنشاء واجهة محلية تمثل مصالح روسيا، دون الظهور المباشر لقواتها في المواقع الحساسة.
ويرتبط هذا النهج بتحولات كبرى شهدتها الساحة السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث أعادت موسكو مراجعة تموضعها العسكري. فقد سحبت قواتها من عدة قواعد، بينها مطارات القنيطرة والشعيرات وتدمر، وعززت وجودها في قاعدة حميميم، التي باتت تُستخدم كمحطة مركزية للربط بين عملياتها في سوريا وأفريقيا.
سياق أوسع لإعادة التموضع
وتسعى روسيا حالياً إلى حماية ما تبقى من مصالحها في سوريا، وسط تراجع نفوذها في الجنوب، وتنامي التنسيق بين دمشق وعدد من العواصم الإقليمية والدولية في ملفي إعادة الإعمار وإدارة الموارد.
ويشير رصد الطائرات الروسية وتحركاتها إلى أن موسكو تعمل على ترسيخ وجودها في الشرق السوري، حيث تكتسب مناطق النفوذ أهمية متزايدة، في ظل التنافس بين فواعل إقليميين ودوليين على مواقع النفوذ بعد انهيار النظام السابق.
الرحلات الروسية إلى القامشلي، وفق تحليل "إيكاد"، ليست مجرد إعادة انتشار لوجستي، بل جزء من محاولة أوسع للحفاظ على دور فاعل في مستقبل سوريا. وتُظهر المؤشرات أن موسكو لا تزال تعتبر الساحة السورية جزءاً من عمقها الاستراتيجي، وتسعى لإعادة تنظيم حضورها بما يتماشى مع التوازنات الجديدة التي فرضها التغيير السياسي في دمشق.
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده مستمرة في التنسيق والتعاون مع الحكومة السورية والشركاء الدوليين من أجل معالجة قضايا المنطقة، مشيرًا إلى أن "صفحة الإرهاب" توشك على الإغلاق لصالح السلام والتضامن بين شعوب المنطقة.
وفي كلمة ألقاها خلال اجتماع استشاري لحزب العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة، قال أردوغان: "نواصل جهودنا مع الحكومة السورية ومع شركائنا الدوليين، وأنا على يقين بأننا سنغلق صفحة الإرهاب هناك أيضاً، وسيعلو صوت الأخوّة والتفاهم".
وأشار الرئيس التركي إلى أن "فجر تركيا القوية والعظيمة بدأ بالبزوغ مع اقتراب نهاية الإرهاب"، في إشارة إلى تطورات جديدة على صعيد النزاع مع حزب العمال الكردستاني، لافتًا إلى أن بلاده ستكون أكثر ثقة واستقرارًا بعد تجاوز هذا التحدي الأمني.
وكانت مجموعة من عناصر حزب العمال الكردستاني قد قامت أمس بتسليم أسلحتها في مراسم أُقيمت قرب مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق، في خطوة وُصفت بأنها رمزية لكنها ذات دلالة مهمة في سياق النزاع الطويل الممتد منذ عقود.
وأوضح أردوغان أن الحكومة التركية تتابع عن كثب كافة المبادرات التي من شأنها أن تسهم في وقف نزيف الدم، وتضع حدًا لمعاناة الأمهات، وتفتح باب المصالحة، مشددًا على أهمية السعي لتعزيز روابط الأخوّة في الداخل وفي الجوار.
وتأتي هذه التصريحات في ظل تغيرات إقليمية ملحوظة، وتنامي التنسيق بين أنقرة ودمشق في ملفات أمنية وسياسية، وسط مساعٍ دولية حثيثة لإنهاء النزاعات المستمرة في المنطقة وتعزيز الاستقرار.
أعلنت وزارة الطاقة السورية، اليوم السبت، عن توقيع اتفاق رسمي مع شركة "سوكار" الحكومية الأذربيجانية، يقضي بتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا، في خطوة جديدة تهدف لتعزيز أمن الطاقة ودعم خطط إعادة الإعمار في البلاد.
وقال وزير الطاقة السوري، محمد البشير، في منشور على منصة "إكس"، إنه رافق الرئيس أحمد الشرع خلال زيارته الرسمية إلى العاصمة الأذربيجانية باكو، حيث أُجريت مباحثات مع الجانب الأذربيجاني تناولت آفاق التعاون في مجال الطاقة، وعلى رأسها الغاز الطبيعي.
وأضاف البشير: "تم توقيع اتفاق مع شركة سوكار لتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا، بما يفتح الباب أمام شراكة استراتيجية طويلة الأمد تسهم في دعم الاقتصاد السوري وتأمين احتياجات البلاد من الطاقة".
وأكد الوزير أن هذه الخطوة تمثّل بداية لعلاقات أكثر عمقًا بين دمشق وباكو، مشيرًا إلى أن الاتفاق يأتي ضمن توجه الحكومة نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الأسواق غير المستقرة.
زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أذربيجان تُعد الأولى من نوعها، وشهدت لقاءً رسميًا مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في قصر زوغولبا، حيث ناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية، خصوصًا في مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار.
وتأتي هذه الخطوة بعد زيارة وفد أذربيجاني رفيع المستوى إلى سوريا في أيار/مايو الماضي، برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سمير شريفوف، حيث التقى عددًا من المسؤولين السوريين وبحث سبل التعاون في مجالات حيوية منها الطاقة والصناعة والصحة والتعليم.
وأكدت أذربيجان خلال تلك الزيارة استعدادها للمساهمة الفاعلة في إعادة إعمار سوريا، خاصة في مشاريع النفط والغاز والبنية التحتية، كما جرى التطرق إلى إمكانات التعاون الثلاثي بين سوريا وتركيا وأذربيجان لتعزيز الربط الاقتصادي وتسهيل حركة الاستثمارات.
ويُعد الاتفاق مع "سوكار" نقطة انطلاق جديدة نحو شراكة استراتيجية في قطاع الطاقة بين دمشق وباكو، وسط حاجة متزايدة في سوريا لمصادر مستقرة وموثوقة للغاز الطبيعي، بعد سنوات من الحرب وتدمير البنى التحتية الحيوية.
أعاد مشفى حمص الوطني تشغيل جهاز الطبقي المحوري، بعد توقف دام 18 شهراً، وذلك عقب الانتهاء من عمليات الصيانة التي نفذتها منظمة "يداً بيد للإغاثة والتنمية"، في خطوة من شأنها تحسين جودة الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين في القطاع العام.
وقال مدير المشفى، الدكتور "إيلي عازار"، إن الجهاز يُعدّ الأحدث من نوعه على مستوى المؤسسات الصحية العامة في المحافظة، ويقدّم خدمات نوعية تشمل تصوير الأوعية الظليلية والتصوير ثلاثي الأبعاد، موضحاً أن تكلفة إجراء هذه الصور داخل المشفى تبقى رمزية مقارنة بأسعارها المرتفعة في القطاع الخاص.
وأشار الدكتور "عازار" إلى أن إعادة تشغيل الجهاز تشكل نقلة نوعية للمرضى، لا سيما ذوي الدخل المحدود، الذين بات بإمكانهم الاستفادة من خدمات تشخيصية دقيقة دون أعباء مادية كبيرة.
من جانبه، أوضح رئيس قسم التصوير في المشفى، الفني "أحمد الخلف"، أن القسم يعمل على مدار الساعة، ويقدّم خدماته لما يقارب 100 مريض يومياً، مع استمرار الجهود لتوسيع القدرة التشغيلية وتلبية الطلب المتزايد.
ويُعد جهاز الطبقي المحوري من الركائز الأساسية في التشخيص الطبي، وتعتمد عليه العديد من الأقسام الحيوية في المشفى، ما يجعل استئناف عمله خطوة ضرورية لتحسين الأداء الصحي في محافظة حمص.
وكان أكد المدير الطبي لمشفى حمص الجامعي، الدكتور "علي الأبرش"، أن المستشفى يواصل تقديم خدمات طبية واسعة في عدد كبير من الاختصاصات.
وتشمل الاختصاصات النسائية والتوليد، الجراحة العامة والعظمية، طب الأطفال والحواضن، إضافة إلى الإسعاف والداخلية، والعناية المشددة، فضلاً عن المخابر وخدمات التصوير الإيكوغرافي والتحاليل الطبية.
وقدر أن المشفى يوفّر نحو 80 خدمة طبية متنوعة ضمن الإمكانات المتاحة، مشيراً إلى أن معظم هذه الخدمات تُقدَّم مجاناً، باستثناء رسوم رمزية تفرض على خدمات العيادات والمخابر والأشعة.
مشيرا إلى تزايد عدد المراجعين بشكل شهري، مبيناً أن شهر نيسان الماضي شهد استقبال 2374 مريضاً في العيادات، و6921 مراجعاً للمخابر، في حين راجع قسم الإسعاف 7095 مريضاً، وتم قبول 713 حالة لتلقي العلاج ضمن أقسام المشفى، الذي تصل طاقته الاستيعابية إلى 110 أسرّة.
ورغم هذا النشاط الطبي الملحوظ، أشار إلى تحديات تعيق العمل، أبرزها نقص في الكوادر التمريضية وبعض الأطباء الاختصاصيين، على الرغم من التعاقد مع بعضهم، مثل أطباء التخدير.
كما لفت إلى نقص في المستهلكات الطبية وبعض الأدوية، إلى جانب الأعطال المتكررة في الأجهزة الطبية، خاصة أجهزة الأشعة والتكييف، وغياب بعض التجهيزات الأساسية مثل جهاز الرنين المغناطيسي وأجهزة التنفس الاصطناعي، ما يحدّ من القدرة على تقديم خدمات طبية نوعية.
وكان أوضح مدير المكتب الهندسي بمديرية صحة حمص، المهندس "خالد صطوف"، أن مشفى حمص الكبير يقتصر حالياً على تقديم خدمات تركيب وصيانة الأطراف الصناعية، بالإضافة إلى الطبابة الشرعية التي تشمل مخابر للطب الشرعي.
يذكر أن مشفى حمص الكبير في حي الوعر يتكون من ست كتل تشمل المشفى الرئيسي، الطب الشرعي، الطب النووي، الأطراف الصناعية، الكلية الإسعافية، إضافة إلى الكتلة التعليمية.
أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحُصرية، عن إعداد نظام متكامل للتمويل العقاري، يهدف إلى تسهيل حصول الشباب السوري على سكن في سن مبكرة، وذلك من خلال خطوات عملية تنطلق من الواقع السوري وتؤسس لبنية عقارية مستدامة.
الحُصرية أوضح، عبر منشور على حسابه في فيسبوك، أن المشروع يتضمن إنشاء هيئة خاصة بالتمويل العقاري لتكون الجهة المنظمة والمُمكّنة للقطاع، إلى جانب تأسيس صندوق ضمان، وتطوير مهنة التقييم العقاري، وإطلاق مؤسسة وطنية للتمويل العقاري، وفتح المجال أمام شركات خاصة للعمل في هذا القطاع ضمن أطر تنظيمية واضحة.
وأشار إلى أن النظام الجديد مستوحى من نماذج وتجارب عالمية، تحديدًا من الدنمارك وكندا، بهدف نقل تجربة قابلة للتطبيق تواكب خصوصية الوضع السوري، وتوفر حلولًا مالية فعلية للمواطنين تسهم في تحسين ظروفهم المعيشية.
كما أكد الحُصرية أهمية إدخال دعم خارجي عبر المؤسسات الدولية المانحة لتقديم قروض ميسّرة تُستخدم في إعادة بناء المنازل المتضررة بفعل الحرب، معتبرًا ذلك ضرورة ملحة لمواجهة النقص الحاد في السكن.
وأشاد الحُصرية بجهود وزير المالية محمد يسر برنية الذي أطلق مبادرة لتفعيل هيئة التمويل العقاري، مؤكدًا استعداد مصرف سوريا المركزي لتقديم الدعم الفني والمؤسسي اللازم وفق المعايير الدولية.
وفي ختام تصريحه، شدد الحُصرية على أن السكن حق أساسي لكل مواطن، قائلاً: "السكن ليس رفاهية، بل أساس للاستقرار الاجتماعي. نطمح أن يكون هناك بيت لكل شاب ولكل عائلة سورية".
**إعادة هيكلة هيئة التمويل العقاري**
من جانبه، أعلن وزير المالية محمد يسر برنية أن هيئة الإشراف على التمويل العقاري دخلت مرحلة إعادة الهيكلة، مشيرًا إلى أنها ستكون إحدى الركائز الأساسية لتطوير القطاع المالي في البلاد.
وفي منشور عبر "لينكد إن"، أوضح برنية أنه عقد اجتماعًا مع المدير العام للهيئة انتصار ياسين، لمناقشة آليات تطوير عمل الهيئة، والتحضير لإعادة تشكيل مجلس إدارتها، وضم خبرات متخصصة تمهيدًا لإطلاق خطة متكاملة لإعادة هيكلتها.
وأكد الوزير أهمية تنظيم قطاع التمويل العقاري وتهيئة أدواته ومؤسساته، في ضوء توقعات بزيادة كبيرة في المشاريع السكنية، والحاجة إلى توفير تمويل طويل الأجل يستهدف المطورين العقاريين والشرائح ذات الدخل المحدود.
كما أشار إلى أن وزارة المالية تعمل بالتوازي على تطوير سوق الأوراق المالية الحكومية، لتلعب دورًا محوريًا في تسعير التمويل طويل الأمد، بما يخدم أهداف التنمية المستدامة في المرحلة المقبلة.
وتأتي هذه الخطوات في ظل أزمة سكن حادة تشهدها سوريا، بسبب الدمار الكبير الذي خلفته الحرب، وارتفاع أسعار الإيجارات، وعودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية، ما يزيد من الحاجة إلى حلول فعالة في قطاع السكن.