أعرب مدير المؤسسة العامة للسينما، الفنان جهاد عبده، عن دهشته واستغرابه من القرار المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يتعلّق بإخلاء صالة سينما الكندي، مؤكدًا أن المؤسسة لم تُبلّغ رسميًا بأي إجراء من هذا النوع، وأن وزارة الثقافة لم تكن طرفًا في القرار أو مُخاطَبة فيه.
وفي بيان نشره عبر حسابه الرسمي، أشار عبده إلى أنه بادر فور تداول الخبر إلى التواصل مع وزارة الأوقاف للتحقّق من صحة الكتاب المنشور، والوقوف على خلفيات القرار وأبعاده. كما أعلن عن عقده اجتماعًا اليوم السبت مع وزير الثقافة لمناقشة الموضوع، مشيدًا بـ"الدعم والتعاون الكامل" الذي أبداه الوزير في مساعي الحفاظ على صالة الكندي كمعلم ثقافي وسينمائي بارز في الذاكرة الجمعية السورية.
وأكد عبده أن الجهود ما تزال متواصلة لفهم حيثيات القرار واتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل معه، مشيرًا إلى أن رؤية المؤسسة العامة للسينما واضحة وثابتة، وتركّز على توسيع قاعدة الإنتاج السينمائي وتوفير المزيد من صالات العرض، لا تقليصها أو إغلاقها.
وقال عبده: "إن صالة الكندي ليست مجرد مبنى، بل جزء من تاريخ السينما السورية، ومكان تربّت فيه أجيال على حب الشاشة الكبيرة. نحن مستمرون في سعينا لإيجاد حل مسؤول يليق بهذه المكانة، ويضمن استمرار هذا الفضاء الثقافي في أداء رسالته".
ودعا مدير المؤسسة العامة للسينما إلى تعاون بناء بين وزارتي الثقافة والأوقاف، من أجل الحفاظ على إرث السينما السورية، مشيرًا إلى أن أي قرار بهذا الشأن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار القيمة الرمزية والفنية لهذه الصالة، ومن المنتظر أن تعلن المؤسسة العامة للسينما خلال الأيام القادمة عن مستجدات العمل ونتائج الاتصالات الرسمية الجارية بشأن مصير صالة الكندي.
ما زال ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية يشكّل نقطة توتر حساسة بين بيروت ودمشق، ويهدّد بإعادة تأزيم العلاقات الثنائية في حال استمرار الجمود بشأنه، خاصة بعد أنباء عن نية الحكومة السورية اتخاذ إجراءات تصعيدية، من بينها إغلاق المعابر الحدودية، قبل أن تسارع دمشق إلى نفيها.
رغم هذا النفي، فإن الموضوع لا يزال مطروحًا بجدية على الطاولة اللبنانية، نظرًا لحساسيته القضائية والسياسية، وارتباطه بحقوق أكثر من ألفي موقوف سوري، كثير منهم لم يُحاكم منذ سنوات، وفق موقع "المدن".
أرقام ومؤشرات
تشير تقديرات أمنية لبنانية إلى أن عدد السجناء السوريين في لبنان يتجاوز 2100 شخص، منهم 1756 في السجون المركزية، ونحو 350 صدرت بحقهم أحكام قطعية. ويُشكل السوريون قرابة 30% من إجمالي عدد السجناء في البلاد، ويواجه قسم منهم تهمًا تتعلق بالإرهاب والانتماء إلى تنظيمات مسلحة، أو شنّ هجمات على مواقع للجيش اللبناني.
وتعيد هذه المعطيات فتح النقاش بين البلدين حول ترتيبات تسليم الموقوفين، خاصة في ظل غياب لجنة التنسيق المشتركة بين الجانبين، التي حُلّت بعد سقوط نظام بشار الأسد، دون أن يتم تشكيل بديل عنها أو إعادة تفعيل آليات العمل القضائي المشترك.
مسار قضائي معقّد
يوضح مصدر قضائي لبناني أن اتفاق التعاون القضائي بين البلدين الموقع عام 1951 لا يزال ساريًا، لكنه يقتضي أن يكون تسليم السجناء فرديًا لا جماعيًا، بناءً على طلب رسمي من النائب العام السوري، شرط ألا تكون الجريمة ذات طابع سياسي أو ارتُكبت على الأراضي اللبنانية.
ويضيف المصدر أن القانون اللبناني لا يجيز تسليم السجناء بالجملة، بل يفرض النظر في ملفاتهم بشكل منفصل، مع ضرورة التأكد من استكمال المحكومية في سوريا إذا لم تكن منتهية في لبنان. كما لفت إلى أن الواقع القضائي في سوريا تغيّر بعد انهيار النظام السابق، ما يفرض الحاجة إلى إعادة تنظيم العلاقة القانونية بين الجانبين.
موقف وزارة الخارجية اللبنانية
من جهته، نفى وزير الخارجية والمغتربين اللبناني يوسف رجّي تلقي أي إشعار رسمي من الحكومة السورية بشأن زيارة مرتقبة لنظيره أسعد الشيباني إلى بيروت، أو نية الرئيس السوري أحمد الشرع تصعيد الملف دبلوماسيًا. وأكد أن وزارته لم تتسلم أي مذكرة عبر القنوات الرسمية أو اللجنة المشتركة التي لم تُفعّل بعد.
وأشار رجّي في وقت سابق إلى اقتراحه تسريع الحل من خلال إعداد لائحة مفصلة بأسماء الموقوفين وتهمهم، وفرز من تنطبق عليهم شروط التسليم، دون الانتظار لإعادة تفعيل الإطار الإداري الرسمي، لكن هذا الاقتراح لم يُترجم إلى خطوات تنفيذية حتى الآن.
أبعاد سياسية وأمنية
ورغم أن دمشق نفت نيتها اتخاذ خطوات ضد بيروت، إلا أن ملف الموقوفين السوريين بات ملحًا لأسباب عدّة، أبرزها التخفيف من الاكتظاظ الحاد في السجون اللبنانية، وتحقيق العدالة للموقوفين، وتطبيع العلاقات القانونية مع دمشق.
ومع ذلك، يواجه الملف عقبات سياسية كبيرة، خاصة في ما يتعلق بسجناء قاتلوا ضمن فصائل المعارضة، أو انتموا للجيش السوري الحر، ونفذ بعضهم عمليات مسلّحة ضد الجيش اللبناني. وتسليم هؤلاء يثير حساسية محلية، وربما يكون مخالفًا للضمانات التي يُفترض أن يحصل عليها القضاء اللبناني.
مستقبل العلاقة بين البلدين
تبقى الأسئلة معلّقة حول مصير هذا الملف الشائك: هل يتسبب استمرار تعليقه في تأزيم العلاقة بين لبنان وسوريا مجددًا؟ أم يتم التوصل إلى تفاهم سياسي وقضائي يُنهي هذا الملف المزمن؟
في ظل غياب آلية تنسيق فعالة، وتباين الرؤى حول مصير مئات الموقوفين، يبدو أن أي تقدم في هذا الملف سيتطلب إعادة بناء الثقة بين الجانبين، وفتح قنوات رسمية تضمن سلامة الإجراءات القانونية، واحترام حقوق السجناء، وتجاوز إرث النظام السابق.
انطلقت اليوم في العاصمة السورية دمشق أعمال ملتقى فرص العمل المخصص للأشخاص ذوي الإعاقة، بتنظيم من المنظمة الفنلندية للإغاثة، ورعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبدعم مالي من وزارة الخارجية الفنلندية، وذلك في فندق "البوابات السبع"، بمشاركة 50 جهة من القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية.
الملتقى الذي يستمر على مدى يومين، يهدف إلى ربط الباحثين عن عمل من ذوي الإعاقة بخيارات وظيفية حقيقية، من خلال فتح قنوات تواصل مباشرة مع الشركات والمؤسسات المستعدة لتوظيف أفراد من هذه الفئة، وتقديم عروض عمل تشمل الحاصلين على شهادات جامعية، ومعاهد متوسطة، وثانوية عامة، مع التركيز على الحالات من الدرجات الخفيفة إلى المتوسطة من الإعاقة.
ورشات تدريب وتأهيل لسوق العمل
يتضمن برنامج الملتقى سلسلة ورشات تدريبية متخصصة، تشمل مهارات إعداد السيرة الذاتية، والاستعداد لمقابلات العمل، وآليات الدمج المهني لذوي الإعاقة، بالإضافة إلى جلسات حول الذكاء الاصطناعي والتوظيف، والسلامة والصحة المهنية، وبناء حضور احترافي على منصة "لينكد إن"، مع تسليط الضوء على الجوانب القانونية ذات الصلة بحقوق هذه الفئة في بيئة العمل.
دعم حكومي وتعديل قانوني قيد الدراسة
وفي تصريح لوسائل الإعلام، أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة ازداد بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية نتيجة الحرب، ما يجعل إدماجهم في سوق العمل مسؤولية مجتمعية وأولوية وطنية.
وكشفت قبوات عن العمل على صياغة مقترح لرفع الحد الأدنى لنسبة توظيف ذوي الإعاقة إلى ما بين 5% و10% في القطاعات المختلفة، مؤكدة أن الوزارة تعمل على تحفيز الشركات وأصحاب المشاريع على استيعاب هذه الفئة بوصفها مكوناً أصيلاً من المجتمع السوري.
نتائج ملموسة وخطط للتوسّع
بدوره، أشار مازن الخزوز، المدير القطري للمنظمة الفنلندية للإغاثة، إلى أن الملتقى أثمر عن نتائج مباشرة في يومه الأول، من خلال توفير أكثر من 130 فرصة عمل و470 فرصة تدريبية مهنية، مشددًا على أهمية استمرار هذه المبادرات بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة لتوسيع دائرة الدمج المهني.
بيئة عمل آمنة ودامجة
من جهته، قال الدكتور محمد هاشم، مدير الصحة والسلامة المهنية في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، إن مشاركته في الملتقى تمحورت حول تقديم التوعية بالمخاطر التي قد يواجهها ذوو الإعاقة في أماكن العمل، وآليات الوقاية وتهيئة بيئة مهنية آمنة وشاملة.
أما وفاء العيسى، مديرة الموارد البشرية في مؤسسة S.E.A، فأكدت أن المؤسسة تشارك في الملتقى لتوفير فرص وظيفية للأشخاص ذوي الإعاقة، موضحة أن المؤسسة نفّذت أول إحصاء متخصص بشريحة الصم في سوريا عام 2018، وتسعى الآن لتوسيع نطاق عملها في مجال الدمج المهني.
وفي السياق نفسه، أوضح نور الدين سراقبي، مدير العلاقات العامة والمبيعات في وكالة "نون"، أن وكالته تقدم تدريبات رقمية وتقنية لتمكين المستفيدين من دخول سوق العمل كمحترفين، وبالتالي التحول من متلقين للدعم إلى أشخاص منتجين ومؤثرين في محيطهم.
شهادات من الحضور
خالد المصري، أحد الحاضرين من ذوي الإعاقة من ريف دمشق، وصف الملتقى بأنه "فرصة حقيقية لتغيير حياة الكثير من الشباب"، مضيفاً أن هذا النوع من المبادرات يفتح باب الأمل أمام فئة كثيراً ما أُهملت في السياسات العامة.
حضور رسمي ودولي
شهد الملتقى حضور ممثلين عن وزارة الخارجية الفنلندية، وعدد من المؤسسات الدولية والمانحين، إلى جانب مديري شركات خاصة وهيئات حكومية محلية، ما يعكس اهتماماً متعدد الأطراف بدعم ذوي الإعاقة وتمكينهم اقتصادياً واجتماعياً.
يُذكر أن الحكومة السورية اتخذت في الفترة الأخيرة عدة إجراءات داعمة لهذه الفئة، من بينها قرار وزارة الشباب والرياضة بإعفاء ذوي الإعاقة من كافة الرسوم والاشتراكات المتعلقة بحضور الأنشطة والفعاليات.
رصدت منصة "إيكاد" سلسلة من التحركات الجوية الروسية باتجاه مطار القامشلي شمال شرقي سوريا، خلال الفترة الممتدة بين آذار وأيار 2025، في مؤشر على نشاط متزايد يعكس إعادة تموضع استراتيجية وليس انسحابًا، وفق ما أظهره تحليل صور الأقمار الصناعية والبيانات المرئية المفتوحة.
ووفقاً للمنصة المتخصصة في تحليل المعلومات مفتوحة المصدر، فقد تم توثيق ما لا يقل عن 18 رحلة جوية روسية إلى مطار القامشلي خلال ثلاثة أشهر، معظمها باستخدام طائرات شحن خفيفة من طرازي "AN-26" و"AN-72"، انطلقت من قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية.
تحوّل لافت في وتيرة النشاط
بعد فترة من الهدوء خلال شهري كانون الثاني وشباط، شهدت القامشلي بدءًا من السابع من آذار تصاعدًا في النشاط الجوي الروسي، حيث لوحظت رحلات شحن متكررة ترافقت مع رصد طائرة مقاتلة من طراز "SU-35S" فوق المدينة، في خطوة نادرة توحي بمتغيرات أمنية أو لوجستية في المنطقة.
تكرار الرحلات الجوية، خاصة خلال شهر أيار، حيث تم تسجيل أربع رحلات خلال الأيام الأولى منه فقط، يشير إلى أن التحركات الروسية لم تكن عشوائية، بل جزء من نمط ثابت قد يرتبط بتغييرات على مستوى الانتشار العسكري أو الدعم اللوجستي في الشرق السوري.
مؤشرات دعم إضافية
إلى جانب صور الأقمار الصناعية، اعتمد تحليل "إيكاد" على مشاهد مصورة من الإعلامي محمد حسن، أظهرت تحليق طائرات شحن من طراز "AN-26" ومروحيات هجومية من طراز "KA-52"، بالإضافة إلى صور نشرها "المرصد السوري" لطائرة "AN-72" داخل مطار القامشلي، ما يدعم مصداقية الرصد ويوفر معطيات بصرية داعمة.
وفي الوقت ذاته، لوحظ اختفاء هذه الطائرات من قاعدة حميميم، ما يدعم فرضية إعادة نشرها إلى شرق سوريا، خاصة في ظل غياب طائرات الشحن الثقيلة "IL-76"، التي عادة ما تُستخدم في عمليات الانسحاب، وعدم وجود أي مؤشرات على عمليات إخلاء أو تفكيك مواقع.
أهداف إعادة التموضع
ترى منصة "إيكاد" أن النشاط الروسي يعكس توجهًا جديدًا لتثبيت نفوذ موسكو في الشرق السوري، بالتزامن مع محاولات لتحريك ضباط من بقايا النظام المخلوع، ربما في محاولة لإنشاء واجهة محلية تمثل مصالح روسيا، دون الظهور المباشر لقواتها في المواقع الحساسة.
ويرتبط هذا النهج بتحولات كبرى شهدتها الساحة السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث أعادت موسكو مراجعة تموضعها العسكري. فقد سحبت قواتها من عدة قواعد، بينها مطارات القنيطرة والشعيرات وتدمر، وعززت وجودها في قاعدة حميميم، التي باتت تُستخدم كمحطة مركزية للربط بين عملياتها في سوريا وأفريقيا.
سياق أوسع لإعادة التموضع
وتسعى روسيا حالياً إلى حماية ما تبقى من مصالحها في سوريا، وسط تراجع نفوذها في الجنوب، وتنامي التنسيق بين دمشق وعدد من العواصم الإقليمية والدولية في ملفي إعادة الإعمار وإدارة الموارد.
ويشير رصد الطائرات الروسية وتحركاتها إلى أن موسكو تعمل على ترسيخ وجودها في الشرق السوري، حيث تكتسب مناطق النفوذ أهمية متزايدة، في ظل التنافس بين فواعل إقليميين ودوليين على مواقع النفوذ بعد انهيار النظام السابق.
الرحلات الروسية إلى القامشلي، وفق تحليل "إيكاد"، ليست مجرد إعادة انتشار لوجستي، بل جزء من محاولة أوسع للحفاظ على دور فاعل في مستقبل سوريا. وتُظهر المؤشرات أن موسكو لا تزال تعتبر الساحة السورية جزءاً من عمقها الاستراتيجي، وتسعى لإعادة تنظيم حضورها بما يتماشى مع التوازنات الجديدة التي فرضها التغيير السياسي في دمشق.
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده مستمرة في التنسيق والتعاون مع الحكومة السورية والشركاء الدوليين من أجل معالجة قضايا المنطقة، مشيرًا إلى أن "صفحة الإرهاب" توشك على الإغلاق لصالح السلام والتضامن بين شعوب المنطقة.
وفي كلمة ألقاها خلال اجتماع استشاري لحزب العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة، قال أردوغان: "نواصل جهودنا مع الحكومة السورية ومع شركائنا الدوليين، وأنا على يقين بأننا سنغلق صفحة الإرهاب هناك أيضاً، وسيعلو صوت الأخوّة والتفاهم".
وأشار الرئيس التركي إلى أن "فجر تركيا القوية والعظيمة بدأ بالبزوغ مع اقتراب نهاية الإرهاب"، في إشارة إلى تطورات جديدة على صعيد النزاع مع حزب العمال الكردستاني، لافتًا إلى أن بلاده ستكون أكثر ثقة واستقرارًا بعد تجاوز هذا التحدي الأمني.
وكانت مجموعة من عناصر حزب العمال الكردستاني قد قامت أمس بتسليم أسلحتها في مراسم أُقيمت قرب مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق، في خطوة وُصفت بأنها رمزية لكنها ذات دلالة مهمة في سياق النزاع الطويل الممتد منذ عقود.
وأوضح أردوغان أن الحكومة التركية تتابع عن كثب كافة المبادرات التي من شأنها أن تسهم في وقف نزيف الدم، وتضع حدًا لمعاناة الأمهات، وتفتح باب المصالحة، مشددًا على أهمية السعي لتعزيز روابط الأخوّة في الداخل وفي الجوار.
وتأتي هذه التصريحات في ظل تغيرات إقليمية ملحوظة، وتنامي التنسيق بين أنقرة ودمشق في ملفات أمنية وسياسية، وسط مساعٍ دولية حثيثة لإنهاء النزاعات المستمرة في المنطقة وتعزيز الاستقرار.
أعلنت وزارة الطاقة السورية، اليوم السبت، عن توقيع اتفاق رسمي مع شركة "سوكار" الحكومية الأذربيجانية، يقضي بتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا، في خطوة جديدة تهدف لتعزيز أمن الطاقة ودعم خطط إعادة الإعمار في البلاد.
وقال وزير الطاقة السوري، محمد البشير، في منشور على منصة "إكس"، إنه رافق الرئيس أحمد الشرع خلال زيارته الرسمية إلى العاصمة الأذربيجانية باكو، حيث أُجريت مباحثات مع الجانب الأذربيجاني تناولت آفاق التعاون في مجال الطاقة، وعلى رأسها الغاز الطبيعي.
وأضاف البشير: "تم توقيع اتفاق مع شركة سوكار لتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا، بما يفتح الباب أمام شراكة استراتيجية طويلة الأمد تسهم في دعم الاقتصاد السوري وتأمين احتياجات البلاد من الطاقة".
وأكد الوزير أن هذه الخطوة تمثّل بداية لعلاقات أكثر عمقًا بين دمشق وباكو، مشيرًا إلى أن الاتفاق يأتي ضمن توجه الحكومة نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الأسواق غير المستقرة.
زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أذربيجان تُعد الأولى من نوعها، وشهدت لقاءً رسميًا مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في قصر زوغولبا، حيث ناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية، خصوصًا في مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار.
وتأتي هذه الخطوة بعد زيارة وفد أذربيجاني رفيع المستوى إلى سوريا في أيار/مايو الماضي، برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سمير شريفوف، حيث التقى عددًا من المسؤولين السوريين وبحث سبل التعاون في مجالات حيوية منها الطاقة والصناعة والصحة والتعليم.
وأكدت أذربيجان خلال تلك الزيارة استعدادها للمساهمة الفاعلة في إعادة إعمار سوريا، خاصة في مشاريع النفط والغاز والبنية التحتية، كما جرى التطرق إلى إمكانات التعاون الثلاثي بين سوريا وتركيا وأذربيجان لتعزيز الربط الاقتصادي وتسهيل حركة الاستثمارات.
ويُعد الاتفاق مع "سوكار" نقطة انطلاق جديدة نحو شراكة استراتيجية في قطاع الطاقة بين دمشق وباكو، وسط حاجة متزايدة في سوريا لمصادر مستقرة وموثوقة للغاز الطبيعي، بعد سنوات من الحرب وتدمير البنى التحتية الحيوية.
أعاد مشفى حمص الوطني تشغيل جهاز الطبقي المحوري، بعد توقف دام 18 شهراً، وذلك عقب الانتهاء من عمليات الصيانة التي نفذتها منظمة "يداً بيد للإغاثة والتنمية"، في خطوة من شأنها تحسين جودة الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين في القطاع العام.
وقال مدير المشفى، الدكتور "إيلي عازار"، إن الجهاز يُعدّ الأحدث من نوعه على مستوى المؤسسات الصحية العامة في المحافظة، ويقدّم خدمات نوعية تشمل تصوير الأوعية الظليلية والتصوير ثلاثي الأبعاد، موضحاً أن تكلفة إجراء هذه الصور داخل المشفى تبقى رمزية مقارنة بأسعارها المرتفعة في القطاع الخاص.
وأشار الدكتور "عازار" إلى أن إعادة تشغيل الجهاز تشكل نقلة نوعية للمرضى، لا سيما ذوي الدخل المحدود، الذين بات بإمكانهم الاستفادة من خدمات تشخيصية دقيقة دون أعباء مادية كبيرة.
من جانبه، أوضح رئيس قسم التصوير في المشفى، الفني "أحمد الخلف"، أن القسم يعمل على مدار الساعة، ويقدّم خدماته لما يقارب 100 مريض يومياً، مع استمرار الجهود لتوسيع القدرة التشغيلية وتلبية الطلب المتزايد.
ويُعد جهاز الطبقي المحوري من الركائز الأساسية في التشخيص الطبي، وتعتمد عليه العديد من الأقسام الحيوية في المشفى، ما يجعل استئناف عمله خطوة ضرورية لتحسين الأداء الصحي في محافظة حمص.
وكان أكد المدير الطبي لمشفى حمص الجامعي، الدكتور "علي الأبرش"، أن المستشفى يواصل تقديم خدمات طبية واسعة في عدد كبير من الاختصاصات.
وتشمل الاختصاصات النسائية والتوليد، الجراحة العامة والعظمية، طب الأطفال والحواضن، إضافة إلى الإسعاف والداخلية، والعناية المشددة، فضلاً عن المخابر وخدمات التصوير الإيكوغرافي والتحاليل الطبية.
وقدر أن المشفى يوفّر نحو 80 خدمة طبية متنوعة ضمن الإمكانات المتاحة، مشيراً إلى أن معظم هذه الخدمات تُقدَّم مجاناً، باستثناء رسوم رمزية تفرض على خدمات العيادات والمخابر والأشعة.
مشيرا إلى تزايد عدد المراجعين بشكل شهري، مبيناً أن شهر نيسان الماضي شهد استقبال 2374 مريضاً في العيادات، و6921 مراجعاً للمخابر، في حين راجع قسم الإسعاف 7095 مريضاً، وتم قبول 713 حالة لتلقي العلاج ضمن أقسام المشفى، الذي تصل طاقته الاستيعابية إلى 110 أسرّة.
ورغم هذا النشاط الطبي الملحوظ، أشار إلى تحديات تعيق العمل، أبرزها نقص في الكوادر التمريضية وبعض الأطباء الاختصاصيين، على الرغم من التعاقد مع بعضهم، مثل أطباء التخدير.
كما لفت إلى نقص في المستهلكات الطبية وبعض الأدوية، إلى جانب الأعطال المتكررة في الأجهزة الطبية، خاصة أجهزة الأشعة والتكييف، وغياب بعض التجهيزات الأساسية مثل جهاز الرنين المغناطيسي وأجهزة التنفس الاصطناعي، ما يحدّ من القدرة على تقديم خدمات طبية نوعية.
وكان أوضح مدير المكتب الهندسي بمديرية صحة حمص، المهندس "خالد صطوف"، أن مشفى حمص الكبير يقتصر حالياً على تقديم خدمات تركيب وصيانة الأطراف الصناعية، بالإضافة إلى الطبابة الشرعية التي تشمل مخابر للطب الشرعي.
يذكر أن مشفى حمص الكبير في حي الوعر يتكون من ست كتل تشمل المشفى الرئيسي، الطب الشرعي، الطب النووي، الأطراف الصناعية، الكلية الإسعافية، إضافة إلى الكتلة التعليمية.
أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحُصرية، عن إعداد نظام متكامل للتمويل العقاري، يهدف إلى تسهيل حصول الشباب السوري على سكن في سن مبكرة، وذلك من خلال خطوات عملية تنطلق من الواقع السوري وتؤسس لبنية عقارية مستدامة.
الحُصرية أوضح، عبر منشور على حسابه في فيسبوك، أن المشروع يتضمن إنشاء هيئة خاصة بالتمويل العقاري لتكون الجهة المنظمة والمُمكّنة للقطاع، إلى جانب تأسيس صندوق ضمان، وتطوير مهنة التقييم العقاري، وإطلاق مؤسسة وطنية للتمويل العقاري، وفتح المجال أمام شركات خاصة للعمل في هذا القطاع ضمن أطر تنظيمية واضحة.
وأشار إلى أن النظام الجديد مستوحى من نماذج وتجارب عالمية، تحديدًا من الدنمارك وكندا، بهدف نقل تجربة قابلة للتطبيق تواكب خصوصية الوضع السوري، وتوفر حلولًا مالية فعلية للمواطنين تسهم في تحسين ظروفهم المعيشية.
كما أكد الحُصرية أهمية إدخال دعم خارجي عبر المؤسسات الدولية المانحة لتقديم قروض ميسّرة تُستخدم في إعادة بناء المنازل المتضررة بفعل الحرب، معتبرًا ذلك ضرورة ملحة لمواجهة النقص الحاد في السكن.
وأشاد الحُصرية بجهود وزير المالية محمد يسر برنية الذي أطلق مبادرة لتفعيل هيئة التمويل العقاري، مؤكدًا استعداد مصرف سوريا المركزي لتقديم الدعم الفني والمؤسسي اللازم وفق المعايير الدولية.
وفي ختام تصريحه، شدد الحُصرية على أن السكن حق أساسي لكل مواطن، قائلاً: "السكن ليس رفاهية، بل أساس للاستقرار الاجتماعي. نطمح أن يكون هناك بيت لكل شاب ولكل عائلة سورية".
**إعادة هيكلة هيئة التمويل العقاري**
من جانبه، أعلن وزير المالية محمد يسر برنية أن هيئة الإشراف على التمويل العقاري دخلت مرحلة إعادة الهيكلة، مشيرًا إلى أنها ستكون إحدى الركائز الأساسية لتطوير القطاع المالي في البلاد.
وفي منشور عبر "لينكد إن"، أوضح برنية أنه عقد اجتماعًا مع المدير العام للهيئة انتصار ياسين، لمناقشة آليات تطوير عمل الهيئة، والتحضير لإعادة تشكيل مجلس إدارتها، وضم خبرات متخصصة تمهيدًا لإطلاق خطة متكاملة لإعادة هيكلتها.
وأكد الوزير أهمية تنظيم قطاع التمويل العقاري وتهيئة أدواته ومؤسساته، في ضوء توقعات بزيادة كبيرة في المشاريع السكنية، والحاجة إلى توفير تمويل طويل الأجل يستهدف المطورين العقاريين والشرائح ذات الدخل المحدود.
كما أشار إلى أن وزارة المالية تعمل بالتوازي على تطوير سوق الأوراق المالية الحكومية، لتلعب دورًا محوريًا في تسعير التمويل طويل الأمد، بما يخدم أهداف التنمية المستدامة في المرحلة المقبلة.
وتأتي هذه الخطوات في ظل أزمة سكن حادة تشهدها سوريا، بسبب الدمار الكبير الذي خلفته الحرب، وارتفاع أسعار الإيجارات، وعودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية، ما يزيد من الحاجة إلى حلول فعالة في قطاع السكن.
في 12 تموز/يوليو 2012، تاريخ محفور في ذاكرة السوريين بوصفه أحد أكثر الأيام دموية في ريف محافظة حماة، حين ارتكبت قوات النظام السوري وميليشيات موالية لها مجزرة مروعة في بلدة التريمسة، ذات طابع طائفي واضح، راح ضحيتها ما لا يقل عن 67 مدنياً، بينهم ستة أطفال وسيدة واحدة، وفق توثيقات الشبكة السورية لحقوق الإنسان وشهادات محلية متطابقة.
المجزرة التي وقعت في ساعات الفجر الأولى، بدأت بحصار عسكري محكم من جهات أربع، شاركت فيه نحو 200 آلية عسكرية، بينها دبابات "T-72" وشيلكا مضادة للطيران وشاحنات زيل محمّلة بجنود مشاة، إلى جانب عناصر بلباس مدني مسلحين برشاشات كلاشينكوف، قدموا عبر باصات وسيارات دفع رباعي.
بحسب الشهادات، بدأ القصف المركز بين الساعة الرابعة والخامسة فجراً، واستُخدمت فيه أنواع متعددة من الأسلحة الثقيلة، واستمر لمدة أربع ساعات متواصلة، بالتزامن مع تحليق ثلاث مروحيات عسكرية وطائرة رابعة غير معروفة الطراز يُرجح أنها كانت طائرة استطلاع بدون طيار لرصد وتحديد الأهداف.
القصف العنيف حال دون تمكن السكان من الهرب، إذ استُهدفت محاولات النزوح بالقوة النارية، ووقع قتلى في محيط القرية، بينهم المسن يوسف العبيد (68 عاماً)، الذي قُتل أثناء محاولته الفرار من القصف باتجاه أراضي "السميرة" شمال التريمسة.
بعد انتهاء القصف، اقتحمت القوات المهاجمة منازل المدنيين ونفذت عمليات قتل جماعي وإعدام ميداني، ومن بين أبرز الحالات الموثقة، إعدام الشيخ وحيد عبد السلام قطاش (إمام مسجد من قرية كفرهود) وابنه طه (17 عاماً) أثناء محاولتهما مغادرة البلدة شرقاً، حيث تم إطلاق النار عليهما، ثم سُحلت جثة الأب بواسطة آلية عسكرية، وأُضرمت النيران في منزله بعد نقل الجثث إليه.
جريمة ضد الإنسانية... ومسؤولية مستمرة
جاءت مجزرة التريمسة في سياق نمط متكرر من الانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية، التي ارتكبها نظام الأسد بحق المدنيين، والتي ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، وفق توصيفات قانونية دولية عدة.
ومع مرور ثلاث عشرة سنة على الجريمة، لا تزال العدالة غائبة، في ظل إفلات ممنهج من العقاب، وتؤكد المنظمات الحقوقية أن إحياء ذكرى المجازر ليس فقط واجباً أخلاقياً، بل مسؤولية قانونية تهدف لضمان عدم تكرار الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
العدالة المؤجلة
رغم توثيق مئات الشهادات والصور والمقاطع المرتبطة بالمجزرة، لم تُفتح أي تحقيقات دولية جادة بشأنها حتى الآن، وتواصل منظمات حقوق الإنسان المطالبة بإدراج هذا النوع من الجرائم ضمن ملف العدالة الانتقالية في سوريا الجديدة، وضمان عدم طمس الذاكرة الجماعية.
أعلن صندوق مساعدات سوريا عن صرف تمويل طارئ بقيمة 500 ألف دولار أميركي، دعماً لجهود الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في مواجهة موجة الحرائق المستمرة منذ 30 حزيران الماضي في مناطق متفرقة من غرب وشمال غرب سوريا.
ويهدف هذا التمويل إلى تعزيز المنحة الحالية المخصصة للدفاع المدني ضمن التخصيص الثالث، من خلال إضافة مكوّن خاص للاستجابة لحرائق الغابات، ويتضمن الدعم تغطية نفقات النشر السريع للفرق المتخصصة، وتوفير معدات الوقاية الشخصية، والخراطيم، والوقود، وقطع الغيار، مع التركيز على المناطق المتضررة في ريف اللاذقية، وشمال حماة، وجنوب إدلب.
وفي بيان مشترك، شدد الصندوق والدفاع المدني على أهمية القيادة المحلية في جهود الإغاثة والتعافي، مؤكدين أن التعاون المستمر يهدف إلى حماية الأرواح، وتقليل الخسائر في سبل العيش، وسط امتداد الحرائق إلى مناطق حرجية واسعة، واحتياجات إنسانية طارئة.
وأوضحت أندريا كوادن، المديرة التنفيذية للصندوق، أن هذه الخطوة تأتي استجابة عاجلة لتدهور الأوضاع الميدانية، قائلة: "نلتزم بدعم المتضررين من هذه الكارثة، والعمل مع شركائنا لإنقاذ الأرواح، ومساندة الفئات الأشد ضعفاً، وتمهيد الطريق نحو التعافي".
حرائق تمتد وتحديات ميدانية متزايدة
وتشهد غابات ريف اللاذقية منذ الثالث من تموز حرائق واسعة التهمت أكثر من 15 ألف هكتار من الغطاء النباتي، ما دفع السلطات المحلية إلى الاستنفار الكامل، في وقتٍ تتصاعد فيه نداءات الإغاثة.
ومع تعاظم الأزمة، وصلت مساعدات إقليمية للمساهمة في عمليات الإطفاء، شملت فرقًا برية وطائرات من الأردن وتركيا ولبنان، فيما يُرتقب وصول خمس طائرات قطرية تحمل معدات إطفاء متطورة وكوادر فنية خلال الساعات المقبلة.
وبحسب الدفاع المدني السوري، فإن صعوبة التضاريس، وشدة الرياح، وانتشار مخلفات الحرب، تمثل أبرز العقبات أمام عمليات السيطرة على الحرائق، فضلاً عن التهديدات الناجمة عن انفجار الذخائر غير المنفجرة في بعض المناطق.
وقد ألحقت الحرائق أضراراً بممتلكات المدنيين، وتسببت في إغلاق معبر كسب الحدودي نتيجة اقتراب النيران من المنطقة الحدودية، ما أوقف حركة العبور مؤقتاً.
وسبق أن شهدت منطقة مصياف بريف حماة الغربي حرائق مماثلة خلال الأسابيع الماضية، حيث تمكنت فرق الدفاع المدني من إخمادها بعد أيام من العمل المتواصل، ما يعكس التحدي المتكرر الذي تمثله حرائق الغابات في ظل التغيرات المناخية وضعف الاستعدادات الميدانية.
أفادت مصادر محلية في ريف القامشلي بدخول دورية تابعة للقوات الأمريكية إلى قرية تل أعور المحاذية لقاعدة حقل رميلان النفطية، حيث أجرت استطلاعاً ميدانياً مع عدد من سكان القرية حول موقفهم من الحكومة السورية، وسألتهم صراحةً إن كانوا يرغبون بعودة الحكومة إلى مناطقهم.
وبعد مغادرة الدورية بدقائق، دخلت عناصر من استخبارات "قسد" إلى القرية، وشرعت بتفتيش هواتف المدنيين، واعتقلت عدداً منهم على خلفية العثور على صور وفيديوهات ذات طابع مؤيد للحكومة السورية والرئيس أحمد الشرع، بحسب ما أكدته مصادر أهلية.
ونشر ناشطون من المنطقة الشرقية صوراً تُظهر آليات عسكرية أمريكية وهي تتجول في القرية، بينما يظهر في الصور عدد من الأهالي متجمهرين حول العربات العسكرية، في مشهد نادر يوضح حجم الاهتمام الشعبي بالتحركات الأمريكية في المنطقة.
بحسب مصادر أهلية متطابقة، فإن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تواصل فرض قيود أمنية مشددة على السكان المحليين، وتقوم بشكل متكرر بـوضع حواجز مؤقتة أو دائمة في محيط القرى القريبة من قواعد التحالف.
ويؤكد سكان في المنطقة أن "قسد" تسعى لمنع أي تواصل مباشر بين الأهالي والقوات الأمريكية، لا سيما خلال جولات الدوريات أو الاجتماعات المغلقة، حيث تُمارس الترهيب والتفتيش والاعتقال ضد من يعبّر عن مواقف سياسية مختلفة أو يظهر تقارباً مع الدولة السورية.
ويأتي ذلك مخاوف متصاعدة من الاحتكاك الشعبي مع "قسد" تتزايد المخاوف من انفجار احتقان شعبي صامت في مناطق شمال شرق سوريا، نتيجة تضييق الحريات وتقييد حركة المدنيين والتدخل المستمر في حياتهم اليومية من قبل القوى المسيطرة، ويأتي ذلك وسط تزايد التحركات الأمريكية في المنطقة، وعودة النقاش حول مستقبل النفوذ المحلي والإدارة المدنية بعد التغيرات السياسية الأخيرة في سوريا.
توجّه الرئيس أحمد الشرع اليوم إلى "جمهورية أذربيجان" في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها على هذا المستوى، منذ أكثر من عقدين من الفتور في العلاقات بين البلدين خلال عهد النظام البائد، في خطوة تعكس تحولًا استراتيجيًا في السياسة الخارجية السورية.
وتأتي هذه الزيارة في سياق سعي الحكومة السورية الجديدة إلى إعادة بناء شبكة علاقاتها الدولية على أسس من الاحترام المتبادل والتعاون الثنائي، بعد سنوات طويلة من العزلة والانغلاق التي فرضها نظام بشار الأسد، الذي فضّل التحالف مع دول بعينها، في حين تجاهل دولاً أخرى على أسس طائفية أو مصالح ضيقة.
خلفية باردة للعلاقات
رغم أن العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وباكو أُقيمت رسميًا منذ العام 1992، فإنّ النظام السابق بقي متحفظًا تجاه أذربيجان، وفضّل الانحياز إلى أرمينيا في النزاع الإقليمي المزمن حول إقليم ناغورنو كاراباخ، وهو ما أثار تحفظات باكو وأضعف إمكانية تطوير علاقات سياسية أو اقتصادية جادة.
وخلال سنوات حكم بشار الأسد، لم تُفتح سفارة لأذربيجان في دمشق، وظلت التمثيلية الدبلوماسية محدودة، بينما غاب التعاون الاقتصادي والتجاري تمامًا، في وقت كانت فيه باكو تنفتح على أسواق العالم، مستفيدة من مواردها الضخمة في مجال الطاقة.
آفاق جديدة في عهد الشرع
تُشكل زيارة الرئيس الشرع إلى باكو نقطة تحول في السياسة الخارجية السورية، وعودة متوازنة إلى الساحة الإقليمية بعد سنوات من التهميش، ويرى مراقبون أن هذه الزيارة تهدف إلى "فتح صفحة جديدة** مع القيادة الأذربيجانية، على قاعدة المصالح المشتركة، وبحث فرص التعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة وإعادة الإعمار، وتطوير العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين، وتعزيز التنسيق السياسي، خصوصًا في ظل التبدلات الإقليمية المتسارعة.
كما تُشير الزيارة إلى توجه سوريا الجديد نحو تنويع شراكاتها الإقليمية، بعيدًا عن سياسة المحاور التي اتسمت بها مرحلة ما قبل 2025، والاقتراب أكثر من دول تمتلك وزنًا اقتصاديًا وجيوسياسيًا، كأذربيجان، التي باتت تلعب دورًا متزايدًا في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى.
زيارة الشرع إلى أذربيجان لا تنفصل عن سلسلة خطوات انفتاحية تقوم بها دمشق منذ تشكيل الحكومة الجديدة، في إطار استعادة مكانة سوريا الدولية، وتكريس سياسة براغماتية قائمة على المصالح لا الإيديولوجيات.