التقى وزير الاقتصاد والصناعة في الحكومة السورية الدكتور "محمد نضال الشعار" بعدد من الفعاليات الاقتصادية في محافظة حلب، بحضور محافظ حلب ونائب الوزير، وممثلين عن غرفتي التجارة والصناعة في إطار جهود الحكومة لتعزيز التعافي الاقتصادي وتحفيز بيئة الاستثمار في سوريا.
وأكد الوزير خلال اللقاء أن العمل جارٍ على تمكين الشركات محدودة المسؤولية من التسجيل في جميع المحافظات، مشيراً إلى أن خدمة تسجيل الشركات عن بُعد ستكون متاحة قريباً، لتكسر احتكار دمشق لهذه الخدمة، ما من شأنه تبسيط الإجراءات وتشجيع المبادرات الريادية في المحافظات.
وتناول اللقاء الذي جمع الوزير بأعضاء غرفة تجارة حلب قضايا تتعلق بمكافحة التهريب، حيث دعا التجار إلى تشديد ضبط الحدود وتفعيل الضابطة الجمركية في الداخل السوري، وضمان الالتزام بالمواصفات القياسية للسلع المستوردة.
كما اقترح الحضور أن يتضمّن البيان الجمركي شهادة تسجيل تاجر، مع ضرورة إعادة النظر في الرسوم المفروضة على الوزن القائم للبضائع أما في لقائه مع غرفة صناعة حلب، فقد ركّز الوزير على أهمية حماية الإنتاج المحلي من ظاهرة الإغراق، والتحديات التي تواجه الصناعيين نتيجة المنتجات المهربة.
وفي هذا السياق، أعلن عن إجراءات مرتقبة لتخفيض أسعار حوامل الطاقة تشمل الفيول والغاز والكهرباء، إضافة إلى إلغاء الضريبة المفروضة على الكهرباء، بهدف تخفيف الأعباء عن القطاعات الإنتاجية وتعزيز قدرتها التنافسية.
كما جرت مناقشة مشروع إقامة مدينة معارض دائمة في حلب، وتم عرض عدد من المواقع المحتملة لتنفيذه، بما يساهم في تنشيط الحركة التجارية والصناعية في المحافظة. وشمل النقاش أيضاً استعراض الخارطة الاستثمارية الصناعية الخاصة بحلب، حيث تم عرض العقارات العامة المتاحة لتُطرح ضمن مشاريع استثمارية بالشراكة مع القطاع الخاص.
وبدأت لجنة الاستثمار في محافظة حلب أولى اجتماعاتها، واضعةً خارطة طريق لتنظيم العملية الاستثمارية وتحديد أولوياتها، في إطار خطة شاملة لدعم التنمية الاقتصادية وجذب المشاريع النوعية.
وشهد الاجتماع، الذي ترأسه محافظ حلب، المهندس عزام الغريب، الاتفاق على رسم الإطار العام للخارطة الاستثمارية للمحافظة، مع التركيز على القطاعات الحيوية وتوزيعها جغرافياً، إلى جانب تطوير البيئة التنظيمية لتكون أكثر مرونة وقدرة على استيعاب المشاريع المبتكرة.
وتضمنت المخرجات المعتمدة إطلاق منصة إلكترونية موحدة لعرض الفرص الاستثمارية واستقبال الطلبات وإنشاء مركز خدمة المستثمرين (النافذة الواحدة) لتسريع الإجراءات وتعزيز الشفافية.
واستكمال دفاتر الشروط لعدد من المشاريع الحيوية ضمن الحزمة الاستثمارية الثانية، و تشكيل لجان تخصصية لمتابعة الطرح والتعاقد وفق برنامج زمني يومي، وتُعد هذه الخطوة انطلاقة عملية نحو بناء بيئة استثمارية حديثة في حلب، قادرة على استقطاب رؤوس الأموال ودعم مشاريع التنمية المستدامة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء جاء ضمن سلسلة تحركات تقوم بها وزارة الاقتصاد والصناعة لتفعيل الحراك الاقتصادي في المحافظات وتهيئة بيئة مواتية لرجال الأعمال والمستثمرين، في ظل المرحلة الجديدة من التعافي الاقتصادي بعد سنوات من الحرب والتحديات.
شنت فصائل مسلحة مرتبطة بالشيخ "حكمت الهجري"، هجوماً واسعاً فجر اليوم الأحد 3 آب/ أغسطس على مواقع تتبع للأمن الداخلي السوري في منطقة تل الحديد بريف السويداء الغربي، في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار المعمول به في المحافظة منذ أسابيع.
وأفادت مصادر محلية وإعلامية في السويداء أن الميليشيات تمكّنت من السيطرة على تل الحديد، وهو موقع استراتيجي يطل على عدد من القرى المحيطة، ويشكّل نقطة مراقبة أمنية، وبثت صفحات تابعة للمسلحين مقاطع مصوّرة توثق لحظة دخولهم إلى التل، إلى جانب صور تظهر استيلاءهم على سيارة تابعة للأمن الداخلي.
من جانبها، زعمت "غرفة العمليات المشتركة" التابعة لميليشيات "الهجري"، أن الهجوم جاء رداً على ما وصفته بـ"خرق الجيش السوري للهدنة"، في حين نفت مصادر ميدانية رسمية حدوث أي تحرك هجومي من طرف وحدات الجيش أو الأمن الداخلي قبل اندلاع الهجوم، مؤكدة أن الميليشيات هي من بدأت التصعيد بشكل مفاجئ.
ويأتي هذا التطور في سياق تصاعد التوتر الأمني في السويداء، وسط اتهامات متكررة لفصائل الهجري بنقض اتفاقات التهدئة التي يتم التوصل إليها عبر وساطات محلية ودولية، وكانت المحافظة قد شهدت في الأسابيع الأخيرة هدوءاً نسبياً، قبل أن تعاود الفصائل المسلحة تصعيدها من جديد.
وتزامن ذلك مع رصد تحليق لطائرات استطلاع إسرائيلية في أجواء الجنوب السوري، بحسب شهود عيان ومراصد محلية، الأمر الذي يزيد من تعقيد المشهد ويثير تساؤلات حول دور خارجي محتمل في تغذية التوتر داخل محافظة السويداء، ويرى مراقبون أن تكرار خرق الهدن من جانب الفصائل المسلحة يعكس محاولة فرض وقائع ميدانية على الأرض، ما يهدد استقرار المحافظة جنوبي سوريا.
لا تزال قضية المعتقلين ومعاناة عائلاتهم مستمرة في سوريا، تُدخل المآسي إلى حياتهم وتمنعهم من العيش بصورة طبيعية. ورغم سقوط نظام آل الأسد بعد عقود من الظلم والطغيان، الذي كان السبب الرئيسي لهذه الأزمة، لا يزال هناك سجناء عالقون خلف القضبان في لبنان، يعانون من ظروف احتجاز قاسية، بانتظار الحرية.
نظّم مؤخراً عدد من الأهالي السوريين اعتصامًا في ساحة الساعة بمدينة حمص للمطالبة بالإفراج عن ذويهم المعتقلين في سجن رومية بلبنان. وأكد المحتجون عزمهم على مواصلة المطالبة بأبنائهم، لا سيما أن معظم المساجين من منطقة القصير في حمص، مشيرين إلى أن مطالبهم مستمرة منذ التحرير وحتى الآن.
كذلك، اعتصم أهالي المعتقلين السوريين (أطفال ونساء ورجال) في لبنان أمام معبر جوسية الحدودي، رافعين أصواتهم للمطالبة بتسليم أبنائهم المعتقلين في لبنان إلى السلطات السورية. ورفعوا أعلام الثورة، وهتفوا: "بدنا المعتقلين، بدنا المعتقلين".
يعيش أهالي المعتقلين ظروفا قاسية في ظلّ الاختفاء القسري الذي يعاني منه أبنائهم، وحاولوا مراراً المطالبة بهم لكن دون جدوى، وصاروا يخافون على أولادهم من أن يلحق بهم الأذى، لاسيما أن سجن رومية معروف بسمعته السيئة.
فسبق وقام أحد المحتجزين الشاب السوري محمد فواز الأشرف (40 عاماً) بإنهاء حياته شنقاً داخل سجن رومية في لبنان، وفق ما أفادت به مصادر من داخل السجن. الأشرف، الذي ينحدر من محافظة حمص، كان موقوفاً منذ أكثر من عامين ونصف دون أن تُعقد له جلسات محاكمة، ما أدى إلى تدهور حالته النفسية تدريجياً.
وأوضحت المصادر أن الأشرف كان يعاني من مرض الصدفية، ولم يُسمح له بإدخال الأدوية اللازمة للعلاج، الأمر الذي فاقم من حالته الصحية والنفسية، وانتهى بالحادثة المؤلمة.
في السياق ذاته، دعت لجنة أهالي السجناء في لبنان الجهات المعنية إلى فتح تحقيق جاد ومحاسبة المقصرين في إدارة السجن، كما ناشدت الحكومة السورية للتدخل الرسمي للاطلاع على مجريات التحقيق وحقوق مواطنيها المحتجزين.
يشهد سجن رومية في لبنان أوضاعًا صحية كارثية تهدد حياة المعتقلين السوريين، ولا سيما من شاركوا في الثورة السورية، في ظل تفشي أوبئة خطيرة داخل وحدات الاعتقال، أبرزها الكوليرا، التيفوئيد، وإنفلونزا الخنازير، إلى جانب التهابات جلدية حادة ناجمة عن الإهمال الطبي المزمن.
وأكدت مصادر حقوقية أن المرافق الصحية داخل السجن تشهد انهيارًا شبه كامل في شروط النظافة والتعقيم، وسط اكتظاظ كبير في الزنازين، وانعدام الرعاية الطبية الأساسية، ما حول أقسامًا كاملة من السجن إلى بؤر وبائية مغلقة.
ويُخشى على حياة مئات المعتقلين السوريين – معظمهم من معارضي نظام الأسد الذين فروا من سوريا ثم اعتُقلوا لاحقًا في لبنان – من التدهور الصحي الحاد، خصوصًا في ظل تجاهل تام من إدارة السجن، وغياب أي تحرك فعّال من الجهات القضائية اللبنانية، أو حتى استجابة من المنظمات الإنسانية الدولية المعنية بحماية المعتقلين.
يُذكر أن سجن رومية يعاني من اكتظاظ شديد، حيث يضم أكثر من 6300 سجين، رغم أن قدرته الاستيعابية لا تتجاوز 1500 سجين، مما يفاقم من معاناة السجناء وظروف احتجازهم، وتأتي هذه التحركات في إطار جهود مشتركة بين الحكومتين السورية واللبنانية لمعالجة القضايا الإنسانية العالقة وتعزيز التعاون الثنائي بما يخدم مصلحة الشعبين.
تواصل مصفاة بانياس تنفيذ أعمال صيانة واسعة تهدف إلى رفع كفاءتها التشغيلية بعد سنوات من التراجع، في خطوة تعتبر ضرورية لتلبية احتياجات السوق المحلي المتزايدة من المشتقات النفطية.
وأكد مدير عام المصفاة، "إبراهيم مسلم"، أن الأقسام التي تشملها العمرة الحالية تضم جميع الوحدات الإنتاجية والخدمية، إضافة إلى أنظمة التكرير، المراجل، العنفات، الشعلات، وخطوط البخار والمياه، مع الإبقاء على وتيرة العمل من دون توقف عبر صيانة الخزانات بشكل متدرج، وتوفير وحدات إنتاج الهواء والنتروجين عند الحاجة لضمان استمرارية التشغيل.
وأشار إلى أن العمرة ستسهم بشكل واضح في رفع الطاقة الإنتاجية بنسبة تصل إلى 25%، وهو ما سيعيد المصفاة إلى طاقتها التصميمية التي لم تعمل بها منذ أكثر من 15 عاماً، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على توفر البنزين والمازوت في السوق المحلية، خاصة في ظل ارتفاع الطلب.
وفيما يتعلق بالخطة الاستراتيجية لتحسين جودة العمل، أوضح أن المصفاة تتحضر لعمرة شاملة جديدة في صيف 2026، تتضمن تحديث أنظمة التحكم، لاسيما في محطة القوى، وإنشاء وحدات إنتاج جديدة، من ضمنها وحدة تقطير جوي، إلى جانب وحدات أخرى قيد الدراسة حالياً.
وأكد أن الصعوبات المرتبطة بتأمين مستلزمات العمرة بدأت تتراجع بشكل واضح، إذ يجري التواصل حالياً مع وكلاء شركات أجنبية لتأمين المعدات وقطع الغيار المطلوبة، وسط مؤشرات إيجابية على أن عملية التوريد لن تواجه عراقيل، خصوصاً بعد رفع العقوبات عن سوريا.
وأضاف أن انخفاض تكلفة المستلزمات وتوفر السيولة اللازمة يشكلان عاملين أساسيين في إنجاح المرحلة المقبلة من التحديث، والتي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحروقات ودعم الاقتصاد الوطني بإنتاج مواد جديدة ذات قيمة مضافة.
وأعلنت وزارة الطاقة السورية، يوم الإثنين 16 حزيران، عن انطلاق أول عملية تصدير لمادة "النفتا" من مصب بانياس النفطي، في خطوة وصفت بأنها بداية مشرفة لعودة سوريا إلى خارطة تصدير النفط ومشتقاته بعد سنوات من الانقطاع.
وجاءت هذه الخطوة في وقت تسعى فيه الحكومة السورية إلى إعادة تنشيط قطاع الطاقة واستثمار مواردها النفطية بشكل يساهم في التخفيف من أزمتها الاقتصادية المستمرة، وسط تحديات تتعلق بالعقوبات وتراجع البنية التحتية خلال سنوات الحرب.
ويُعد استئناف التصدير من مصب بانياس مؤشراً على بداية تحسن في القدرة التشغيلية للمصافي والموانئ السورية، مع رهان حكومي على جعل بانياس نقطة ارتكاز في خارطة تجارة الطاقة الإقليمية مجدداً.
حرمت آلاف النساء السوريات من التعليم، وبعضهن لم يلتحقن بالمدارس مطلقاً، مما أدى إلى أمية واسعة بينهن. هذه الأمية أثرت سلباً على حياتهن، وخلقت عقبات كبيرة، حرمتهن من فرص متعددة، وعرضتهن للاستغلال، خاصة في قضايا الميراث والحقوق.
مع اندلاع الحرب في سوريا، تفاقمت معاناة النساء الأميات، حيث زادت الأزمات من تحدياتهن وفاقمت آثار الأمية. فالكثيرات لم يتمكنَّ من الاستفادة من برامج الدعم أو المشاريع التنموية، وواجهن صعوبات سيتم استعراض بعضها في هذا التقرير، استناداً إلى شهادات ميدانية جُمعت خلال البحث في هذا الموضوع.
خلال سنوات الحرب والنزوح، واجهت الأميّات من النساء عائقاً جديداً أمام كسب الرزق، فحتى الوظائف البسيطة التي لا تشترط شهادات علمية - مثل وظيفة "المُستخدمة" في المدارس أو المنظمات الإغاثية - أصبحت بعيدة عن متناولهن. فمعظم هذه الفرص كانت تتطلب الحد الأدنى من مهارات القراءة والكتابة، سواءً لملء الاستمارات أو فهم التعليمات الأساسية، مما حوّل الأمية من تحدٍ تعليمي إلى حاجز عملي يحول دون تأمين أبسط مصادر الدخل.
كما فاتت النساء الأميات فرصة المشاركة في البرامج التدريبية التي تُعلن عنها عبر منصات التواصل الاجتماعي بنشرات مكتوبة، والتي كانت تُمثل لهن مصدراً مهماً للدعم المادي والنفسي، وتساعدهن على تحسين واقعهن الاقتصادي والاجتماعي.
واجهت النساء الأميات تحدياتٍ كبيرة في الحصول على المعلومات الحيوية، نظراً لعدم قدرتهن على قراءة الإرشادات الصحية أو تعليمات المساعدات الطبية والغذائية المقدمة من المنظمات والجهات الرسمية. مما أدى إلى تفاقم معاناتهن وحرمانهن من هذه الخدمات الأساسية.
ومع انتشار الأمراض في أماكن النزوح خاصة في المخيمات التي عانت من ضعف الرعاية الصحية وكانت في مناطق نائية، وانتشار الأمراض واجهت الأمهات الأميّات صعوبة قراءة التعليمات الطبية أو جرعات الأدوية، خاصة في ظل نقص الخدمات الصحية واعتماد الكثيرين على التوجيه الذاتي.
عانت النساء من صعوبة فهم حملات التوعية الصحية، مثل تلك المتعلقة بالأمراض المنتشرة في النزوح والصحة الإنجابية، مما زاد من تحدياتهن. في الوقت نفسه، تزيد الأمية من مخاطر الاستغلال، حيث تفتقر النساء إلى معرفة حقوقهن أو كيفية الإبلاغ عن الانتهاكات.
كما اضطرت النساء الأميات إلى الاعتماد الكامل على الآخرين - سواء من الجيران أو الأقارب - لقراءة المستندات المهمة وفك رموزها، بدءاً من الوصفات الطبية وحتى الرسائل الواردة عبر تطبيقات المراسلة مثل واتساب. وقد تفاقمت هذه المعضلة عندما كان الأبناء أنفسهم عاجزين عن القراءة، مما جعلهن أكثر عرضة للتبعية والتهميش.
يدعو مراقبون إلى إطلاق حملات لمحو الأمية في المناطق السورية، تشمل دورات تعليمية مجانية تستهدف الأميين، مع توفير حوافز مادية أو عينية بسيطة لتحفيزهم على الانتظام في الحضور. يأتي ذلك في إطار معالجة واحدة من أبرز نقاط الضعف التي تعيق تطور الأفراد والمجتمعات.
ويرى المختصون أن هذه الخطوة لن تقتصر على تعليم القراءة والكتابة فحسب، بل ستكون بوابة لتمكين المستفيدين اجتماعياً واقتصادياً، خاصة إذا رُبطت هذه البرامج بمهارات حياتية أو مهنية تزيد من فرصهم في سوق العمل.
تُشكّل الأمية عقبة كبرى تحول دون تمكين النساء من ممارسة أبسط أنشطتهن اليومية بيسر، بل وتجعلهن أكثر عرضة للمخاطر والاستغلال. وقد تفاقمت هذه المعاناة في خضم الحرب التي عصفت بالبلاد، حيث زادت الظروف القاسية من تعقيد التحديات، وجعلت من القراءة والكتابة أدواتٍ للنجاة لا للرفاهية.
ولا يقتصر تأثير الأمية على الجانب التعليمي فحسب، بل يمتد ليشكل حاجزاً أمام الحصول على الخدمات الصحية، والفرص الاقتصادية، وحتى المشاركة المجتمعية. مما يجعل معالجتها أولويةً إنسانيةً واجتماعيةً ملحّة، لتمكين هذه الفئة من استعادة حقوقها وبناء مستقبل أكثر إشراقاً.
أعلن وزير الاقتصاد الأذربيجاني، ميكائيل جباروف، عن انطلاق مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي، ترتكز على شراكات استراتيجية مع تركيا لإعادة إعمار سوريا، وذلك عقب بدء ضخ الغاز الأذربيجاني إلى الأراضي السورية عبر أنبوب يمر من تركيا، وبدعم مباشر من دولة قطر.
الغاز بوصفه نقطة تحول في العلاقات الإقليمية
ووصف جباروف، في تصريحاته التي نقلتها وكالة "الأناضول"، المشروع بأنه "ذو أهمية تاريخية"، مؤكدًا أن ضخ الغاز إلى سوريا ليس مجرد خطوة تقنية، بل يشكل محطة مفصلية في سجل أذربيجان بمجال الطاقة، ومرحلة جديدة في رسم خريطة النفوذ الإقليمي من جنوب القوقاز إلى المشرق العربي.
وأشار إلى أن هذا الإنجاز ما كان ليتحقق بهذه الوتيرة لولا "التعاون الاستراتيجي العميق" بين أنقرة وباكو، موضحًا أن هناك سلسلة من المشاريع المشتركة المرتقبة بين الجانبين تهدف إلى المساهمة في إعادة بناء سوريا واستعادة بنيتها التحتية بعد سنوات الحرب.
السلام من بوابة الطاقة
أبدى جباروف تفاؤله بأن مشروع الغاز سيفتح الباب أمام مزيد من التعاون بين سوريا وأذربيجان، معتبرًا أن الطاقة يمكن أن تصبح جسرًا حقيقيًا لترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة، وإعادة تشكيل العلاقات بين دولها على أسس المصالح المتبادلة.
كما أشاد بالدور القطري في دعم هذا المشروع، مؤكدًا أن مشاركة الدوحة تعكس التزامًا عربيًا صريحًا بإنجاح جهود التعافي السوري، وأن أذربيجان تجد في هذا التعاون الثلاثي منصة مثالية لتكثيف العمل الإقليمي في مرحلة ما بعد الصراع.
بدء الضخ: لحظة رمزية وتحول عملي
تم تدشين المرحلة الأولى من المشروع صباح السبت في محطة "قره مزرعة" على الحدود السورية التركية، بحضور رسمي من وزراء الطاقة والاقتصاد في سوريا وتركيا وأذربيجان، إلى جانب رئيس صندوق قطر للتنمية فهد السليطي، حيث بدأ ضخ الغاز بمعدل 3.4 ملايين متر مكعب يوميًا، على أن تصل الكمية لاحقًا إلى 6 ملايين متر مكعب.
وفي كلمته، وصف وزير الطاقة السوري، المهندس محمد البشير، المشروع بأنه "نقلة استراتيجية في ملف الطاقة"، مؤكداً أن ضخ الغاز سيُسهم في زيادة التغذية الكهربائية، وتحسين أداء محطات التوليد، ما سينعكس مباشرة على الواقع المعيشي للسكان، ويعزز فرص عودة النازحين إلى مناطقهم.
وبيّن البشير أن المرحلة الأولى سترفع القدرة الإنتاجية بنحو 750 ميغاواط، ما يعادل إضافة أربع ساعات وصل كهربائي يوميًا، ضمن اتفاق مدعوم قطريًا يفتح الباب أمام استثمارات إضافية في قطاع الطاقة السوري.
القدرة التركية على التصدير: دعم مباشر للمجتمع السوري
بدوره، قال وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده تمتلك الإمكانية لتصدير ما يصل إلى ملياري متر مكعب من الغاز سنويًا إلى سوريا، بما يغطي احتياجات أكثر من خمسة ملايين أسرة. وأكد أن قدرة المشروع في مرحلته الحالية تتيح تغطية حاجات 1.6 مليون أسرة سورية بإجمالي طاقة إنتاجية تبلغ 861 ميغاواط بعد استكمال الربط الفني.
خاتمة: من خطوط الغاز إلى شبكات إعادة الإعمار
يمثل هذا المشروع، وفق المراقبين، أكثر من مجرد اتفاق اقتصادي؛ فهو تحول نوعي في طبيعة التحالفات التي تتشكل حول سوريا بعد سقوط نظام الأسد البائد، حيث تضع دول مثل أذربيجان وقطر وتركيا ثقلها في ملفات الطاقة والبنى التحتية، ضمن مسار متكامل لإعادة الإعمار، يعيد توجيه البوصلة نحو التنمية بدلاً من النزاع، ويرسم ملامح جديدة لشرق أوسط قائم على المصالح والتنمية بدلًا من الصراعات والحصار.
في خطوة تعكس تحولًا في خارطة التحالفات الإقليمية، أعلنت كل من سوريا وتركيا وقطر وأذربيجان إطلاق مشروع توريد الغاز الطبيعي الأذربيجاني إلى سوريا عبر الأراضي التركية، بتمويل مباشر من دولة قطر، واعتبرته الدول الأربع رمزًا للتضامن والعمل المشترك في مرحلة ما بعد الحرب.
بيان مشترك: الغاز من أجل الإنسان والاقتصاد
وجاء في البيان المشترك الذي نشرته وزارة الطاقة التركية عبر منصة "إكس" مساء أمس، أن المشروع يُعد منطلقًا حيويًا لتعزيز تعافي سوريا، ليس فقط على مستوى إنتاج الكهرباء وتحسين معيشة المواطنين، بل أيضًا من حيث تثبيت أُسس التعاون الإقليمي وبناء نموذج عملي للشراكة في ملف الطاقة.
وأكدت الدول المشاركة أن المشروع يحمل أبعادًا إنسانية واضحة، ويعكس التزامًا بدعم الشعب السوري في تجاوز آثار الحرب، من خلال مشاريع تركز على الاحتياجات الحيوية، وعلى رأسها الكهرباء التي تُمثل أولوية عاجلة لإعادة الإعمار وتحريك عجلة الاقتصاد.
نجاح تنفيذي في وقت قياسي
وأشار البيان إلى أن تنفيذ المشروع خلال فترة وجيزة يمثل إنجازًا نوعيًا، يُسهم في تسريع عملية إعادة الإعمار، ويعزز البنية التحتية للطاقة في سوريا، بالتزامن مع تحوّل سياسي كبير شهدته البلاد عقب سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول الماضي، وبدء مرحلة جديدة قوامها التعافي والاستقرار.
قطر تجدد دعمها للاستقرار السوري
وأكّد البيان التزام دولة قطر المستمر بدعم مسار الاستقرار في سوريا، من خلال دعمها المباشر لإنتاج الطاقة، حيث يأتي المشروع كجزء من حزمة أوسع من المساعدات التنموية التي تهدف إلى استعادة الحد الأدنى من الخدمات الحيوية في البلاد، مع التركيز على احتياجات السكان الأكثر تضررًا.
إعلان نوايا للتكامل الإقليمي
وشددت الدول الأربع على أن هذا التعاون ليس معزولًا، بل يمثّل نموذجًا يمكن البناء عليه في ملفات أخرى، ويؤسس لشراكة أوسع في المستقبل، قائمة على الثقة والمصالح المشتركة، وموجهة نحو ترسيخ بيئة إقليمية مستقرة وآمنة تعود بالنفع على جميع الشعوب.
بدء التوريد: 3.4 ملايين متر مكعب يوميًا
ودشنت عملية التوريد فعليًا يوم أمس، بحضور وزراء ومسؤولين من الدول الأربع، بينهم وزير الطاقة السوري المهندس محمد البشير، ونظيره التركي ألب أرسلان بيرقدار، ووزير الاقتصاد الأذربيجاني ميكائيل جباروف، إلى جانب وفد من صندوق قطر للتنمية، حيث بدأ ضخ الغاز بمعدل يومي يصل إلى 3.4 ملايين متر مكعب في مرحلته الأولى، على أن تتوسع الكميات لاحقًا وفق احتياجات سوريا وقدرة البنية التحتية على الاستيعاب.
خاتمة: الطاقة بوصفها جسرًا لإعادة الإعمار
يرى مراقبون أن المشروع الرباعي لتوريد الغاز يشكل اختراقًا في ملف الطاقة السورية، ويعيد سوريا إلى دائرة التعاون الإقليمي بعد سنوات من العزلة والحصار. كما يمهّد الطريق لتكرار هذا النموذج في قطاعات حيوية أخرى، ضمن رؤية قائمة على التنمية المشتركة والاندماج بعد عقود من الانقسام والنزاع.
أعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية إلقاء القبض على المدعو نبيل دريوسي، لتورطه في جرائم حرب خلال سنوات الأزمة، ومشاركته في حملات النظام البائد ضد الشعب السوري.
وبحسب وزارة الداخلية، فقد ثبت تورط الموقوف بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، شملت التمثيل بجثث الشهداء، وتمت إحالته إلى إدارة مكافحة الإرهاب لمتابعة الإجراءات القانونية بحقه.
وأعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، يوم الجمعة 1 آب/ أغسطس عن إلقاء القبض على المدعو محمد داوود ناصر، لتورطه في ارتكاب جرائم حرب خلال فترة خدمته كقناص في صفوف النظام البائد.
وذكرت وزارة الداخلية في بيان رسمي أن "ناصر" كان ينشط ضمن منطقة جبل التركمان، قبل أن ينتقل لاحقاً إلى قرية الزويقات في جبل الأكراد، المطلة على جبال كبينة، حيث شارك في عمليات استهداف ممنهجة للمدنيين والعسكريين، وتورط في التمثيل بجثث الشهداء.
كما ثبت ضلوعه في تنفيذ أعمال إرهابية، أبرزها الهجوم على حواجز أمنية ونقاط عسكرية بتاريخ السادس من آذار، ويُعتبر المسؤول المباشر عن المجموعة التي نفذت الاعتداء على حاجز الزوبار، وأكدت الوزارة أنه جرى تحويل المتهم إلى إدارة مكافحة الإرهاب، لاستكمال الإجراءات القانونية أصولاً.
وتمكن فرع الأمن الداخلي في ريف دمشق من القبض على العقيد في المخابرات الجوية "أحمد البكور"، وذلك على خلفية تورطه بارتكاب جرائم قتل واعتقال تعسفي بحق مدنيين، خلال مشاركته في العمليات العسكرية في عدة مناطق سورية.
وحسب مصادر إعلامية حكومية، يُواجه "البكور" تهماً تتعلق بانتهاكات جسيمة ارتُكبت خلال معارك الضمير في ريف دمشق والهبيط في ريف إدلب، وذلك قبل أن يُعلن انضمامه إلى ميليشيا "الدفاع الوطني" الرديفة لنظام الأسد البائد.
ويُعتبر توقيف "البكور" جزءاً من سلسلة إجراءات تقوم بها الجهات الأمنية لملاحقة المتورطين بانتهاكات لحقوق الإنسان، خصوصاً أولئك الذين استغلوا مواقعهم داخل أجهزة الأمن أو ضمن الميليشيات الرديفة لارتكاب تجاوزات بحق المدنيين.
يُذكر أن العقيد المذكور شغل مهاماً ميدانية ضمن فرع المخابرات الجوية، وكان من بين الضباط الذين أثاروا جدلاً واسعاً بسبب الأساليب التي اتُّبعت خلال العمليات الأمنية والعسكرية التي شارك فيها.
وأعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص تنفيذ عملية أمنية نوعية أسفرت عن إلقاء القبض على المدعو "أحمد عابد الفرج"، أحد عناصر ميليشيات النظام البائد، والمتورط في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
وبحسب بيان رسمي، فإن الموقوف متهم بارتكاب جرائم تعذيب وقتل ممنهجة خلال السنوات الماضية، وقد تم تحويله إلى القضاء المختص لاستكمال الإجراءات القانونية العادلة بحقه.
ووفقًا للإعلام الرسمي السوري تأتي هذه العملية ضمن الجهود المتواصلة لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات بحق أبناء الشعب السوري، وضمان تحقيق العدالة الانتقالية في إطار بناء الدولة السورية الجديدة.
وأعلنت مديرية الأمن الداخلي في منطقة الشيخ بدر بريف طرطوس، يوم السبت 19 تموز، عن توقيف مجموعة من الأشخاص وصفتهم بـ"الخارجين عن القانون"، وذلك خلال عملية أمنية نُفذت بالتعاون مع الفرقة 56 التابعة لوزارة الدفاع.
وذكرت المديرية أن العملية أسفرت عن ضبط كميات من الأسلحة والذخائر كانت بحوزة الموقوفين، مشيرة إلى أنهم كانوا يعتزمون استخدامها في تنفيذ أعمال إجرامية تهدف إلى زعزعة أمن المواطنين وتقويض حالة الاستقرار في المنطقة.
وأكدت المديرية إحالة المتهمين إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقهم، وذلك ضمن ما وصفته بـ"الجهود المستمرة لتعزيز الأمن والسلم الأهلي".
وفي سياق متصل، كانت قيادة الأمن الداخلي في طرطوس قد ضبطت في 12 تموز الجاري مستودعاً يحوي كميات من الأسلحة والذخائر داخل منزل أحد المطلوبين في قرية بسورم بريف المحافظة.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية، فإن العملية نُفذت من قبل وحدة أمنية استهدفت أحد المطلوبين بقضايا أمنية، وأسفرت عن مصادرة الأسلحة والذخائر دون أن يُقبض على المشتبه به، الذي لا يزال متوارياً عن الأنظار.
وأكدت الوزارة أن قوات الأمن تواصل حملاتها المكثفة لتعقب المطلوبين وإلقاء القبض عليهم، في إطار "خطة شاملة لضبط الأمن ومكافحة الجرائم المنظمة".
وأعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية عن تنفيذ سلسلة عمليات أمنية دقيقة أسفرت عن توقيف عدد من كبار الضباط والمسؤولين السابقين في أجهزة النظام الأمني البائد، ممن يواجهون تهماً تتعلق بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
هذا وأكدت وزارة الداخلية ووزارة الدفاع أن هذه العمليات تأتي في إطار حملة أمنية منظمة تستهدف تفكيك شبكات النظام البائد، وملاحقة المتورطين في قضايا قتل وانتهاكات أمنية، في مسعى لاستعادة الاستقرار ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق السوريين.
ترأس وزير العدل الدكتور مظهر الويس، أمس السبت في مقر الوزارة بدمشق، الاجتماع الأول للجنة التحقيق المكلفة بمتابعة أحداث محافظة السويداء، حيث شدّد على أعضاء اللجنة ضرورة الالتزام بالمبادئ الأساسية للعدالة، والعمل بشفافية تامة لإنصاف جميع المتضررين.
وأكد الوزير أن نتائج التحقيق يجب أن تصب في مصلحة السلم الأهلي، وإعادة الأمن والاستقرار إلى كامل مكونات المجتمع السوري.
وخلال الاجتماع، اختارت اللجنة القاضي حاتم النعسان رئيساً، والمحامي عمار عز الدين متحدثاً إعلامياً رسمياً، كما تقرر تخصيص مقر دائم للجنة داخل وزارة العدل، وفتح خطين هاتفيين لتلقي شكاوى المواطنين من السويداء، بإشراف القاضي ميسون الطويل والمحامي عز الدين، على أن يُعلَن عن الرقمين قريباً لضمان مشاركة الأهالي وتوثيق الانتهاكات.
وفي تصريح صحفي، أوضح رئيس اللجنة القاضي حاتم النعسان أن التحقيقات ستبدأ مباشرة من خلال لقاءات مع المسؤولين المحليين في محافظتي السويداء ودرعا، إلى جانب الاستماع لشهادات المتضررين، مبيناً أن العمل سيُنظَّم ضمن مجموعات متخصصة حسب خبرات الأعضاء، بهدف كشف الحقيقة وتحديد المسؤولين عن الأحداث الأليمة.
وكانت وزارة العدل قد أعلنت بتاريخ 31 تموز 2025 عن تشكيل لجنة تحقيق خاصة بأحداث السويداء، استناداً إلى أحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 98 لعام 1961 وتعديلاته، والقرار الرئاسي رقم 9 لعام 2025، وبتوجيه من رئاسة الجمهورية لضمان الشفافية والمساءلة.
وتضم اللجنة في عضويتها كلاً من القضاة حاتم النعسان، حسان الحموي، ميسون الطويل، جمال الأشقر، إلى جانب العميد محيي الدين هرموش، والمحاميين طارق الكردي وعمار عز الدين، على أن ترفع تقريرها النهائي خلال ثلاثة أشهر، قابلة للتمديد، مع إمكانية الاستعانة بخبراء وجهات متخصصة.
ويُنتظر أن تسهم هذه اللجنة، التي تضم في عضويتها قضاة ومحامين وخبراء أمنيين، في تقديم تقرير نهائي خلال ثلاثة أشهر، يتضمن نتائج التحقيق والتوصيات اللازمة، وذلك ضمن توجه الحكومة السورية، برئاسة الرئيس أحمد الشرع، لترسيخ الشفافية ومعالجة آثار الأزمة في محافظة السويداء.
قالت "قوات سوريا الديمقراطية – قسد" إن القصف المدفعي والصاروخي الذي نفذته على مناطق في ريف حلب الشرقي جاء في إطار "الدفاع عن النفس"، مؤكدة أن الهجوم جاء ردًا على ما وصفته بـ"الاستفزاز" من قبل وحدات تابعة للجيش السوري.
أوضحت "قسد" في بيان صادر عن مركزها الإعلامي أنها ترفض الرواية التي قدمتها وزارة الدفاع السورية مساء السبت، والتي اتهمتها فيها بمهاجمة نقطة عسكرية تابعة للجيش في محيط مدينة منبج.
اتهمت "قسد" ما أسمتها "فصائل غير منضبطة" تعمل ضمن قوات الحكومة السورية، بمواصلة الاعتداءات على خطوط التماس في منطقة دير حافر، مشيرة إلى أن هذه الفصائل نفذت قصفًا مدفعيًا استهدف مناطق مأهولة بأكثر من عشر قذائف.
شدد البيان على أن "قسد" مارست حقها الكامل في الرد على مصادر النيران، واصفًا بيان وزارة الدفاع بأنه "محاولة لتضليل الرأي العام وقلب الحقائق"، ومحذرًا من أن هذه اللغة لا تخدم الأمن والاستقرار.
اعتبر المركز أن قوات "قسد" تواصل الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس رغم ما تتعرض له من استفزازات متكررة، متهمًا الفصائل الموالية للنظام بمواصلة أعمال الحفر ونقل المسلحين، بما يشير إلى نوايا تصعيدية واضحة، حسب تعبيره.
دعا البيان الحكومة السورية إلى احترام اتفاقات التهدئة، وتحمل مسؤولياتها تجاه ما وصفه بـ"الفصائل غير المنضبطة" العاملة تحت سلطتها، محملًا إياها مسؤولية التصعيد الأخير.
وكانت أعلنت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية أن وحدات الجيش العربي السوري تصدت مساء السبت، في تمام الساعة 21:40، لمحاولة تسلل نفذتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على إحدى نقاط الجيش في ريف منبج، قرب قرية الكيارية بريف حلب الشرقي.
وقالت الوزارة، في تصريحات لوكالة "سانا"، إن قوات "قسد" أطلقت قصفاً عشوائيًا باستخدام راجمات الصواريخ وقذائف المدفعية، استهدف منازل المدنيين في قرية الكيارية ومحيطها، ما أدى إلى إصابة أربعة من عناصر الجيش وثلاثة مدنيين بجروح متفاوتة، دون أن تُعرف أسباب التصعيد.
وأشارت الوزارة إلى أن وحدات الجيش تنفذ في الوقت الحالي ضربات دقيقة على مصادر النيران، وقد رصدت راجمة صواريخ ومدفع ميداني في محيط مدينة مسكنة، شرق حلب، يُعتقد أنهما استخدما في قصف الكيارية.
استهداف متكرر للمدنيين في ريف دير حافر
في سياق مشابه، شهدت منطقة ريف دير حافر الشمالي بريف حلب الشرقي تصعيدًا آخر من قِبل "قسد"، حيث قُتل الطفل عمر يوسف عبد الرحمن (10 أعوام)، من قرية رسم الحرمل / الإمام، نتيجة قصف مباشر طال منازل المدنيين، بعد اشتباكات بين الجيش السوري و"قسد" على محور المنطقة.
وبحسب مصادر ميدانية، جاءت هذه الهجمات بعد محاولة تسلل من "قسد" إلى إحدى نقاط الجيش في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى اشتباكات بالأسلحة الرشاشة استمرت لساعات، قبل أن تُقدم قوات "قسد" على قصف قريتي رسم الحرمل ورسم الكروم بقذائف الهاون، ما أسفر عن مقتل الطفل وتدمير عدد من المنازل.
وتخضع قرية رسم الحرمل لسيطرة الحكومة السورية، بينما تسيطر قوات "قسد" على أجزاء من المناطق المجاورة، ما يجعل خطوط التماس فيها بؤرًا دائمة للتوتر والمواجهات.
قتلى وجرحى في تصعيد سابق
وكانت قوات "قسد" قد قصفت في حزيران/يونيو الماضي قرية رسم الحرمل، ما أدى إلى مقتل السيدة "حاجة أحمد العبيد"، وجرح طفلها البالغ من العمر عشرة أعوام، إضافة إلى إصابة عدد من المدنيين، عقب اشتباكات مماثلة اندلعت شمال مدينة دير حافر.
استهداف الأطفال وتزايد الانتهاكات في الجزيرة السورية
تشهد مناطق الجزيرة السورية، ولا سيما دير الزور والرقة، تصاعدًا خطيرًا في استهداف المدنيين، وخصوصًا الأطفال، في الأشهر الأخيرة، وسط تقارير عن جرائم قتل وخطف وتجنيد قسري تمارسها "قسد"، ما أدى إلى تفاقم الغضب الشعبي وارتفاع المطالب بإنهاء هذه الانتهاكات، ومحاسبة المتورطين بها.
أعلنت القوات المسلحة الأردنية، أن قوات حرس الحدود أحبطت فجر الجمعة محاولة تسلل مجموعة مسلحة إلى الأراضي الأردنية قادمة من سوريا، ما أسفر عن مقتل اثنين من المتسللين بعد تبادل لإطلاق النار.
وفي بيان رسمي، أوضحت القيادة العامة أن العملية وقعت في المنطقة العسكرية الشرقية، حيث تم رصد عدد من الأشخاص المسلحين وهم يحاولون اجتياز الحدود بطريقة غير شرعية، لتقوم القوات الأردنية بتطبيق قواعد الاشتباك، ما أدى إلى مقتل اثنين من المجموعة، بينما فرّ الباقون إلى داخل الأراضي السورية.
وتتكرر في الآونة الأخيرة عمليات التسلل عبر الحدود السورية الأردنية، وغالباً ما تكون مرتبطة بمحاولات لتهريب الأسلحة أو المواد المخدرة، وسط تصاعد القلق الأمني في المناطق الحدودية.
وكان الأردن وسوريا قد توصّلا في يناير/كانون الثاني الماضي إلى اتفاق يقضي بتشكيل لجنة أمنية مشتركة تهدف إلى تعزيز أمن الحدود، ومكافحة تهريب المخدرات والسلاح، إلى جانب العمل على منع عودة تنظيم "داعش" إلى النشاط في المنطقة.
رأى فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن إعلان تأسيس الشبكة العربية لاستقلال القضاء في 10 تموز/يوليو 2025 يمثّل تحولًا نوعيًا في مسار المبادرات الإقليمية، ويشكّل رافعة محتملة لدعم التحول السياسي في سوريا نحو نظام ديمقراطي يحترم مبدأ استقلال القضاء، بعد عقود من استغلال هذا القطاع من قبل نظام الأسد لترسيخ سلطته.
أزمة القضاء السوري وأهمية الإطار الإقليمي
أشار عبد الغني في مقال تحليلي نشره على موقع تلفزيون سوريا، إلى أن المؤسسات القضائية في سوريا تمر بأزمة عميقة تطال شرعيتها وفعاليتها، نتيجة للهيمنة المطلقة التي فرضها النظام السابق على مفاصل القضاء، وانطلاقًا من هذا التدهور البنيوي، تبرز أهمية تأسيس إطار قضائي إقليمي يشكل سندًا داعمًا لعملية إعادة بناء العدالة، ويمنح المبادرات الإصلاحية المحلية بعدًا مؤسسيًا قادرًا على مراكمة الأثر الإيجابي.
ومن هنا، تكتسب مشاركة الشبكة السورية لحقوق الإنسان في هذه المبادرة بعدًا خاصًا، نظرًا لامتلاكها قاعدة توثيقية واسعة تضم ملايين الحوادث وما يزيد عن 1800 تقرير منذ عام 2011، ما يجعلها مرجعًا موثوقًا يساعد في بلورة استجابات واقعية مبنية على الميدان، بما يكرّس تحول سوريا من مستهلك للمعرفة القضائية إلى مساهم في إنتاجها.
تحديات الاستقلال القضائي في ظل الإعلان الدستوري
شدّد عبد الغني على أن إخفاق الإعلان الدستوري الذي أُقر في المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام الأسد في ضمان استقلال القضاء يثير قلقًا بالغًا، إذ أبقى على سلطات واسعة للرئيس في تعيين القضاة وتشكيل المحكمة الدستورية العليا دون ضوابط، متجاهلًا تشكيل مجلس قضائي مستقل أو توفير ضمانات لحماية القضاة من الانتقام السياسي.
واعتبر أن هذا القصور في البنية الدستورية يعمّق أزمة الثقة العامة بالمؤسسة القضائية، ويؤدي إلى تهميش القضاء وتحويله إلى أداة للسلطة التنفيذية، مما يفاقم ظاهرة أخذ الحق باليد، ويُفشل أي إمكانية لبناء دولة القانون.
رأس المال البشري: فجوة في التأهيل والتكوين
تناول المقال أزمة الكوادر القضائية في سوريا بوصفها عائقًا جوهريًا أمام بناء نظام عدالة فاعل، مشيرًا إلى أن غالبية القضاة المؤهلين إما غادروا البلاد أو تعرضوا للتطهير خلال حكم الأسد، فيما تعاني المؤسسات التعليمية من تراجع حاد في المناهج والمصادر التدريبية.
ودعا عبد الغني إلى تبني استراتيجيات مستدامة لبناء القدرات من خلال الشراكات الإقليمية، وبرامج التبادل، والإرشاد المهني مع قضاة عرب ذوي خبرة. وأكد على ضرورة تطوير قنوات مؤسسية تتيح إعادة إدماج القضاة المنشقين، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد النفسية والاجتماعية لهذه العودة الحساسة.
نقل المعرفة: الحاجة لتجارب محلية قابلة للتكيّف
ركّز المقال على أهمية أن يكون نقل المعرفة القضائية متكاملًا وشاملًا، يشمل ليس فقط الإجراءات الشكلية بل أيضًا مبادئ التصميم المؤسسي والثقافة القضائية، محذرًا من استنساخ نماذج جاهزة لا تلائم خصوصية السياق السوري، لا سيما في ظل الديناميكيات الطائفية والانقسامات المجتمعية.
وأوضح أن الشبكة العربية لاستقلال القضاء، بما تمثله من منصة جامعة للتجارب العربية، تستطيع تسهيل هذا التكييف الواعي، من خلال دراسة حالات كالعدالة الانتقالية في تونس والمغرب ولبنان، دون السقوط في فخ الحلول المعلبة.
دور الشبكة السورية لحقوق الإنسان
أشاد عبد الغني بدور الشبكة السورية بوصفها عضوًا مؤسسًا في الشبكة العربية، موضحًا أنها تملك القدرة على الربط بين التوثيق الميداني وصناعة السياسات القضائية، كما تمتلك مخزونًا معرفيًا يضع الضحايا في مركز الإصلاحات المطلوبة، وهو ما يفتقده العديد من المسارات الرسمية التي تتجاهل البعد المجتمعي.
بين الدعم الفني والتحول السياسي
في خاتمة تحليله، أكد عبد الغني أن الشبكة العربية لاستقلال القضاء يمكن أن تكون عاملًا مساندًا قويًا، لكن نجاحها يتوقف على مدى استعداد السلطات السورية الجديدة للتخلي عن الممارسات المركزية، والقبول بالمراقبة الإقليمية، والانخراط الجاد في التوصيات الإصلاحية.
واعتبر أن بناء قدرة مؤسسات العدالة في سوريا على الصمود لا يقتصر على تحسين المهارات الفنية، بل يستلزم إرساء آليات مساءلة عابرة للحدود، وشبكات دعم مهني تكرّس مناعة ضد عودة الاستبداد، وتحوّل سوريا تدريجيًا من متلقٍ للمساعدة إلى شريك إقليمي فاعل في إصلاح أنظمة العدالة.
خاتمة: العدالة كمدخل لبناء الثقة
خلص عبد الغني إلى أن بناء قضاء مستقل في سوريا لن يُقاس فقط بعدد المؤسسات أو القوانين المُستحدثة، بل بمدى شعور المواطن بأن القاضي قادر على حمايته من الدولة نفسها، وبأن العدالة باتت الوسيلة لحل النزاعات، لا العنف أو الإقصاء.
وأكد أن استقلال القضاء هو شرط لازم لأي ديمقراطية مستدامة، وأن الشبكة العربية لاستقلال القضاء تشكل هيكلًا داعمًا لهذا المسار، لكن الطريق ما يزال يتطلب تغييرات ثقافية، وانخراطًا مجتمعيًا حقيقيًا يؤمن بالعدالة لا كأداة قانونية فحسب، بل كقيمة وطنية جامعة.