أكد وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري رائد الصالح استمرار عمليات الإجلاء والإسعاف في موقع الانفجار الذي وقع اليوم الخميس في بلدة معرة مصرين بريف إدلب الشمالي، مشيراً إلى أن فرق الوزارة تعمل بأقصى طاقتها "وسط ظروف خطيرة ومعقدة".
وقال الوزير في منشور على منصة "إكس": "نتابع الانفجار المجهول الذي وقع اليوم في بلدة معرة مصرين، حيث هرعت فرق الدفاع المدني السوري إلى الموقع فور وقوع الحادث، وأدت واجبها في إجلاء الضحايا ونقل المصابين، رغم استمرار الانفجارات المتكررة في المنطقة والتي تعيق عمليات الاستجابة".
وأوضح الصالح أنه لم تُسجل حتى اللحظة حصيلة نهائية لعدد الضحايا، داعياً الأهالي إلى عدم الاقتراب من موقع الانفجار حفاظاً على سلامتهم.
وسبق أن أعلنت مديرية الصحة في إدلب عن مقتل 7 أشخاص وإصابة أكثر من 100 آخرين في حصيلة غير نهائية، موضحة أن أغلب الإصابات وقعت في المخيمات السكنية القريبة من موقع الانفجار. وتوزعت الإصابات على عدة مراكز طبية، إذ استقبل مستشفى معرة مصرين 71 إصابة، بينما وصل إلى مستشفى إدلب الجامعي 26 مصاباً، في حين استقبل مستشفى العيادات 6 إصابات، و3 إصابات أخرى نُقلت إلى مستشفى الشفاء.
كما أفاد الدفاع المدني السوري بإصابة 6 من كوادره الفنية العاملة في منشأة الخياطة التابعة له في المنطقة.
وبحسب شهادات ميدانية، وقع الانفجار في منشأة يُعتقد أنها تحتوي على مخلفات من الذخائر الحربية، ما أدى إلى تطاير شظايا لمسافات بعيدة تسببت بإصابات وأضرار في السيارات والدراجات المارة على الطريق الواصل بين إدلب ومعرّة مصرين.
وأشارت مصادر محلية إلى أن الهزّة التي نتجت عن الانفجار كانت قوية جدًا وشُعر بها في الأطراف الشمالية لمدينة إدلب، وسط ترجيحات بأن الموقع المستهدف كان مستودعًا لتخزين الذخائر أو مخلفات الحرب، فيما لم تُعرف بعد أسباب الانفجار بدقة.
وتعدّ الحادثة تكرارًا لحوادث مشابهة وقعت مؤخرًا في مناطق مختلفة من شمال سوريا، نتيجة التخزين العشوائي للذخائر ومخلفات الحرب، ما دفع ناشطين ومنظمات محلية للمطالبة بتحرك رسمي عاجل للحد من هذه الكوارث.
وسبق أن حذّرت منظمة "هالو ترست" البريطانية المختصة بإزالة الألغام من تصاعد حاد في أعداد الضحايا المدنيين بسبب الذخائر غير المنفجرة، بالتزامن مع بدء العطلة الصيفية وعودة أعداد متزايدة من المهجّرين إلى مناطقهم الأصلية، وخاصة في شمال سوريا.
كما أظهرت تقارير صادرة عن منظمة "أطباء بلا حدود" أن الأطفال يمثلون نصف الضحايا المسجلين جراء انفجار مخلفات الحرب، مع تسجيل محافظة دير الزور أعلى نسبة من الإصابات.
وتنتشر مخلفات الحرب – بما فيها الألغام والذخائر غير المنفجرة – في مساحات واسعة من الأراضي السورية نتيجة عمليات القصف المكثفة التي نفذها نظام الأسد البائد وحلفاؤه خلال السنوات الماضية، ما يجعلها أحد أبرز التهديدات المستمرة لحياة المدنيين، وخصوصًا في المناطق الزراعية والمخيمات والمراكز المأهولة.
وتؤدي هذه المخلفات إلى سقوط ضحايا بشكل شبه يومي، معظمهم من الأطفال أو المدنيين الذين يجهلون خطرها، وسط غياب واضح لاستجابة منظمة وشاملة من الجهات الرسمية أو الدولية للحد من هذه المأساة المستمرة.
ألقى فرع الأمن الداخلي في ريف دمشق القبض على العقيد في المخابرات الجوية "أحمد البكور"، وذلك على خلفية تورطه بارتكاب جرائم قتل واعتقال تعسفي بحق مدنيين، خلال مشاركته في العمليات العسكرية في عدة مناطق سورية.
وحسب مصادر إعلامية حكومية، يُواجه "البكور" تهماً تتعلق بانتهاكات جسيمة ارتُكبت خلال معارك الضمير في ريف دمشق والهبيط في ريف إدلب، وذلك قبل أن يُعلن انضمامه إلى ميليشيا "الدفاع الوطني" الرديفة لنظام الأسد البائد.
ويُعتبر توقيف "البكور" جزءاً من سلسلة إجراءات تقوم بها الجهات الأمنية لملاحقة المتورطين بانتهاكات لحقوق الإنسان، خصوصاً أولئك الذين استغلوا مواقعهم داخل أجهزة الأمن أو ضمن الميليشيات الرديفة لارتكاب تجاوزات بحق المدنيين.
يُذكر أن العقيد المذكور شغل مهاماً ميدانية ضمن فرع المخابرات الجوية، وكان من بين الضباط الذين أثاروا جدلاً واسعاً بسبب الأساليب التي اتُّبعت خلال العمليات الأمنية والعسكرية التي شارك فيها.
وأعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص تنفيذ عملية أمنية نوعية أسفرت عن إلقاء القبض على المدعو "أحمد عابد الفرج"، أحد عناصر ميليشيات النظام البائد، والمتورط في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
وبحسب بيان رسمي، فإن الموقوف متهم بارتكاب جرائم تعذيب وقتل ممنهجة خلال السنوات الماضية، وقد تم تحويله إلى القضاء المختص لاستكمال الإجراءات القانونية العادلة بحقه.
ووفقًا للإعلام الرسمي السوري تأتي هذه العملية ضمن الجهود المتواصلة لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات بحق أبناء الشعب السوري، وضمان تحقيق العدالة الانتقالية في إطار بناء الدولة السورية الجديدة.
وأعلنت مديرية الأمن الداخلي في منطقة الشيخ بدر بريف طرطوس، يوم السبت 19 تموز، عن توقيف مجموعة من الأشخاص وصفتهم بـ"الخارجين عن القانون"، وذلك خلال عملية أمنية نُفذت بالتعاون مع الفرقة 56 التابعة لوزارة الدفاع.
وذكرت المديرية أن العملية أسفرت عن ضبط كميات من الأسلحة والذخائر كانت بحوزة الموقوفين، مشيرة إلى أنهم كانوا يعتزمون استخدامها في تنفيذ أعمال إجرامية تهدف إلى زعزعة أمن المواطنين وتقويض حالة الاستقرار في المنطقة.
وأكدت المديرية إحالة المتهمين إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقهم، وذلك ضمن ما وصفته بـ"الجهود المستمرة لتعزيز الأمن والسلم الأهلي".
وفي سياق متصل، كانت قيادة الأمن الداخلي في طرطوس قد ضبطت في 12 تموز الجاري مستودعاً يحوي كميات من الأسلحة والذخائر داخل منزل أحد المطلوبين في قرية بسورم بريف المحافظة.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية، فإن العملية نُفذت من قبل وحدة أمنية استهدفت أحد المطلوبين بقضايا أمنية، وأسفرت عن مصادرة الأسلحة والذخائر دون أن يُقبض على المشتبه به، الذي لا يزال متوارياً عن الأنظار.
وأكدت الوزارة أن قوات الأمن تواصل حملاتها المكثفة لتعقب المطلوبين وإلقاء القبض عليهم، في إطار "خطة شاملة لضبط الأمن ومكافحة الجرائم المنظمة".
وأعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية عن تنفيذ سلسلة عمليات أمنية دقيقة أسفرت عن توقيف عدد من كبار الضباط والمسؤولين السابقين في أجهزة النظام الأمني البائد، ممن يواجهون تهماً تتعلق بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
هذا وأكدت وزارة الداخلية ووزارة الدفاع أن هذه العمليات تأتي في إطار حملة أمنية منظمة تستهدف تفكيك شبكات النظام البائد، وملاحقة المتورطين في قضايا قتل وانتهاكات أمنية، في مسعى لاستعادة الاستقرار ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق السوريين.
تتجدد في مخيم اليرموك جنوب دمشق دعوات أهلية واسعة تهدف إلى ترميم الحياة داخل أزقته المهدّمة، عبر حثّ أبناء المخيم المقيمين في دول الاغتراب على المساهمة في دعم جهود التنظيف وإعادة تأهيل المباني السكنية، سواء من خلال تقديم مساعدات مالية رمزية أو عبر دعم معنوي ومساندة للجيران والأقارب القاطنين في المكان.
وتأتي هذه الدعوات في إطار حراك شعبي متنامٍ يسعى إلى إعادة الحد الأدنى من الخدمات الأساسية التي دمرتها سنوات الحرب، في ظل غياب الدعم الرسمي وضعف الإمكانيات المحلية، حيث يعتمد الأهالي على جهودهم الفردية ومبادراتهم الذاتية لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
وتناقل ناشطون عبر وسائل التواصل رسائل موجهة إلى أبناء المخيم في الخارج، يتساءلون فيها عن إمكانية مشاركة المغتربين في أعمال بسيطة مثل تنظيف الحارات أو إصلاح مداخل الأبنية، مؤكدين أن أي مشاركة – مهما كانت متواضعة – يمكن أن تحدث فارقًا حقيقيًا.
في المقابل، أعرب بعض المغتربين عن عدم قدرتهم أو رغبتهم في الانخراط بهذه الجهود، مشيرين إلى أنهم اضطروا للتخلي عن ممتلكاتهم في اليرموك منذ سنوات، فيما أكد آخرون التزامهم بمساعدة جيرانهم داخل المخيم، سواء بالدعم المالي أو حتى بالعودة لترميم منازلهم والمشاركة شخصيًا في حملات التنظيف رغم الكلفة العالية.
ويأمل القائمون على هذه المبادرات أن تساهم هذه الجهود في إعادة الحياة تدريجيًا إلى اليرموك، وتأكيد أن المخيم – رغم دمار المكان – ما زال يحمل ذاكرة وهوية لا يمكن التخلي عنهما، وأن استعادة الحارات المهجورة تبدأ بخطوة من كل من لا يزال يؤمن بأن اليرموك بيت لا يُنسى.
أدان الاتحاد الأوروبي بشدة أعمال العنف الأخيرة التي شهدتها مناطق الجنوب السوري، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار، وفتح تحقيق شفاف ومحايد في الانتهاكات المرتكبة، ومحاسبة جميع المسؤولين عنها.
وفي بيان رسمي، دعا الاتحاد السلطات السورية إلى إعادة هيكلة أجهزة الأمن الوطنية بما يتوافق مع المعايير الدولية، مؤكدًا أن هذه الخطوة ضرورية لتحقيق العدالة وتعزيز الاستقرار في البلاد. كما شدد على أهمية تفعيل الآليات الدولية ذات الصلة لضمان المساءلة وعدم الإفلات من العقاب في الجرائم الجسيمة التي تمس القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.
وجدد الاتحاد دعوته إلى جميع الأطراف بضرورة الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما يشمل المواقع الدينية، دون تمييز على أساس عرقي أو ديني. كما حذّر من أي تحريض أو خطابات ذات طابع طائفي قد تسهم في تأجيج التوترات، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع ذلك.
وأكد الاتحاد استمراره في دعم شركائه الإنسانيين على الأرض لتقديم المساعدات الحيوية في ظل حالة الطوارئ القائمة، مطالبًا السلطات الانتقالية بضمان وصول آمن وفوري ودون عوائق للخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والمياه والغذاء، إضافة إلى حماية العاملين في المجال الإنساني.
وفي سياق متصل، شدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة احترام جميع الجهات الخارجية لوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها، مدينًا أي وجود عسكري أجنبي غير مشروع، وأي تدخلات خارجية تسعى لزعزعة الاستقرار أو تقويض عملية الانتقال السلمي، بما في ذلك من خلال نشر المعلومات المضللة.
وأشار الاتحاد إلى أن السلطات الانتقالية في سوريا تتحمل مسؤولية حماية جميع المواطنين دون تمييز، واتخاذ الخطوات اللازمة لنزع السلاح وتسريح التشكيلات المسلحة وإعادة بناء أجهزة الأمن وفق المعايير المعترف بها دوليًا.
واختتم الاتحاد بيانه بالتأكيد على دعمه لمسار الانتقال السياسي الشامل بقيادة سورية، مجددًا التزامه بمرافقة هذا المسار، ومذكرًا بإلغاء القيود الأخيرة التي كان قد فرضها ضمن إطار سياسة تدريجية قابلة للمراجعة، ترمي إلى دعم جهود الحل السلمي العادل في سوريا.
أعلنت مديرية النقل في محافظة درعا أنها ستباشر، اعتباراً من يوم الأحد القادم، بتنفيذ إجراءات فراغ المركبات الحاملة للوحات "تجربة"، في خطوة تهدف إلى تبسيط الإجراءات وتخفيف الأعباء الإدارية عن المواطنين.
وبموجب التعميم الجديد، أصبح بإمكان مالكي هذه المركبات نقل ملكية المركبة بشكل أصولي، واستصدار كشف ميكانيك جديد، دون أن يُطلب منهم تغيير لوحات "التجربة" إلى لوحات دائمة، وهو ما كان يُشكّل سابقاً عبئاً إضافياً في معاملات النقل.
ويأتي هذا القرار ضمن سياسة وزارة النقل لتطوير الخدمات وتسهيل الإجراءات في مختلف المحافظات، بما يُسهم في تقليص عدد المراجعات، وتحقيق مرونة أكبر في عمليات البيع والشراء للمركبات.
إلى ذلك أعادت مديرية النقل في طرطوس تفعيل دائرة النقل في مدينة الدريكيش، وذلك ضمن خطة تهدف إلى توسيع الخدمات اللامركزية وتخفيف الأعباء عن المواطنين، من حيث الوقت والجهد والتكاليف.
وبحسب القائمين على المشروع، ستُسهم هذه الخطوة في توفير خدمات تسجيل المركبات ونقل الملكية والحصول على الوثائق الرسمية بشكل مباشر لأهالي الدريكيش والمناطق المجاورة، دون الحاجة إلى مراجعة مركز المديرية في مدينة طرطوس.
وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود مديرية النقل لتحسين جودة الخدمات وتسهيل الإجراءات، عبر إعادة توزيع الموارد وتفعيل الدوائر الفرعية، استجابةً لاحتياجات الأهالي وتخفيف الضغط عن المراكز الرئيسية.
وأفاد مدير مديرية استيراد السيارات في وزارة النقل، "عبداللطيف شرتح"، بأن عدد السيارات التي دخلت البلاد منذ ديسمبر/كانون الأول 2024 تجاوز 100 ألف سيارة، وهو رقم يعكس مدى الإقبال المتصاعد بعد تيسير الاستيراد وخفض التكاليف.
وتابع، ألغينا استيراد السيارات من موديل 2010 وما دون، وسمحنا باستيراد موديلات 2011 وما فوق، ضمن برنامج يهدف إلى تحديث أسطول المركبات في البلاد.
وأوضح أن السيارات موديل 2011 حتى 2015 تخضع حالياً لرسم جمركي ثابت بقيمة 1,500 دولار، فيما تم رفع الرسم إلى 2,000 دولار للسيارات موديل 2016 حتى 2020.
وسجل رسم سيارات موديل 2021 حتى 2025 نحو 2,500 دولار، مقارنة بما كانت تفرضه حكومة نظام الأسد البائد سابقاً من رسوم جمركية تصل إلى 400% من قيمة السيارة.
هذا ويتوقع المختصون أن يستمر انتعاش السوق مع تحسن الأسعار، وأن يلامس نشاط قطاع خدمات السيارات من صيانة وتأمين وقطع غيار مستويات أعلى، بما يخلق فرص عمل ويعزز الدورة الاقتصادية الداخلية.
شدد مصدر حكومي سوري رفيع على أن الدولة السورية لن تقبل بأي محاولة لفرض شروط مسبقة أو التهديد بالسلاح خلال المفاوضات الجارية مع "قوات سوريا الديمقراطية"، مؤكدًا أن الحوار الوطني يجب أن يجري تحت مظلة السيادة السورية الكاملة، بعيدًا عن أي ضغوط خارجية أو نزعات انفصالية.
وأوضح المصدر في تصريح لقناة الإخبارية السورية أن الحديث عن "الإبقاء على كتلة عسكرية مستقلة" أو "رفض تسليم السلاح" يُعد طرحًا مرفوضًا كليًا، ويتعارض مع مبادئ الدولة السورية وأسس الاتفاق الموقع بين الرئيس أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي في آذار الماضي، والذي ينص على دمج القوات ضمن جيش وطني موحد.
وأكد أن أي كيان مسلح خارج المؤسسة العسكرية لا يمكن اعتباره مشروعًا للدولة، محذرًا من أن الاستمرار في هذا النهج سيقود إلى مزيد من التوتر والانقسام، لا إلى تسوية وطنية شاملة، مضيفًا أن استخدام أحداث مثل ما جرى في السويداء أو الساحل لتبرير التمرد على مؤسسات الدولة هو "محاولة مرفوضة لتشويه الحقائق وتأليب الرأي العام".
وأشار إلى أن الدولة السورية قامت بجهود حقيقية لاحتواء الأزمات في مختلف المناطق، بما فيها السويداء، وواصلت أداء دورها الوطني دون تمييز بين أي مكون، مشددًا على أن الهوية الوطنية لا تُبنى من خلال تشكيلات عسكرية أو شعارات مناطقية، بل بالانتماء إلى دولة موحدة ودستور ومؤسسات سيادية واحدة.
وفيما عبّر المصدر عن استعداد الدولة لمواصلة الحوار مع كل الأطراف تحت سقف الوطن، أكد أن الدعوات إلى "هوية مستقلة" تمثل مشاريع انفصالية مرفوضة، وأن الطريق الوحيد نحو الحل السياسي المستدام هو العودة إلى كنف الدولة السورية وفتح حوار جاد، دون شروط مسبقة أو الارتباط بأجندات خارجية.
لقاء رفيع في باريس لتسريع تنفيذ اتفاق 10 آذار
بالتزامن مع التصريحات الرسمية، كان من المفترض أن تحتضن العاصمة الفرنسية باريس يوم الجمعة المقبل اجتماعًا عالي المستوى يضم وفودًا من الحكومة السورية و"الإدارة الذاتية"، بحضور المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك، ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، لمتابعة تنفيذ اتفاق 10 آذار الهادف إلى دمج "قسد" ومؤسسات الإدارة الذاتية ضمن الدولة السورية.
وأفادت مصادر كردية بتأجيل اللقاء دون الكشف عن الأسباب وموعد آخر، مؤكدة أن ممثلي الإدارة الذاتية لم يصلوا إلى فرنسا بعد، وذلك ردا على سؤاله بشأن احتمال عقد لقاءات مع مسؤولين في فرنسا.
وبحسب مصادر كردية، يترأس وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وفد دمشق، بينما يمثل "قسد" قائدها مظلوم عبدي، إلى جانب إلهام أحمد وفوزة يوسف عن الإدارة الذاتية. ويُنتظر أن يسفر الاجتماع عن إعلان "خطوات متقدمة" نحو التنفيذ العملي للاتفاق، بعد اجتماعين سابقين في عمّان وباريس.
وأكدت المصادر أن التفاهمات تشمل إدارة مشتركة للمعابر، وإعادة تفعيل المؤسسات الحكومية في مناطق الإدارة الذاتية، مع إعطاء أولوية لإعادة المهجّرين، فيما سيُدمج "قسد" في فيلق ضمن وزارة الدفاع، مع احتفاظه بخصوصية انتشار محدودة لكن دون استقلال سياسي أو عسكري.
مهلة دولية وضغوط متزايدة
في المقابل، كشفت مصادر إعلامية أن الولايات المتحدة وتركيا منحتا مهلة لا تتجاوز 30 يومًا لإنهاء عملية الاندماج، ملوّحتين بإجراءات في حال استمر التباطؤ. وتشترط واشنطن وأنقرة نزع السلاح من بعض الوحدات وخضوع القيادة العسكرية بالكامل للدولة السورية.
وسبق أن عُقد أول اجتماع رسمي بين الجانبين في قصر تشرين بدمشق، بحضور وزراء الدفاع والخارجية والداخلية، والمبعوثين الأميركي والفرنسي، وقيادات من الإدارة الذاتية، بينما راقبت وفود تركية مجريات اللقاء من موقع قريب دون مشاركة مباشرة.
نحو تسوية شاملة
وتُعدّ جولة باريس المرتقبة مفصلًا مهمًا في طريق التفاهمات، وسط مناخ إقليمي ودولي يضغط باتجاه حل نهائي يضمن وحدة الأراضي السورية ويُنهي مظاهر الانقسام العسكري. ورغم تعقيد المشهد، يعلّق المراقبون آمالًا على أن تؤدي هذه الخطوة إلى تثبيت مسار سياسي شامل، وإعادة بناء الثقة الوطنية بما يتجاوز آثار الحرب والانقسام.
استقبل وزير التنمية الإدارية محمد حسان السكاف وفدًا من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) برئاسة السيدة تانيا لوهمان، حيث بحث الجانبان آفاق التعاون المشترك في مجال تحديث الإدارة العامة وتطوير أداء القطاع الحكومي.
وشكّل تأهيل الكوادر البشرية محورًا رئيسيًا في اللقاء، إذ شدّد الطرفان على أن رفع كفاءة الأداء المؤسسي يبدأ بالاستثمار في تدريب الموظفين وتعزيز مهاراتهم، بما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأشار الوزير السكاف إلى أن التدريب المستمر للموظفين يمثل عنصرًا جوهريًا في عملية التحول الإداري، موضحًا أن الارتقاء بأداء المؤسسات يتطلب مراجعة التشريعات الحالية، خصوصًا قانون الخدمة المدنية، والعمل على تطوير آليات إدارة الموارد البشرية بما يضمن معالجة التحديات المرتبطة بفائض العمالة.
من جانبها، أكدت السيدة لوهمان أهمية تطوير أنظمة متقدمة لإدارة الموارد البشرية، وتنفيذ إصلاحات مؤسساتية شاملة، باعتبارها خطوات أساسية في بناء إدارة حديثة وفعالة في سوريا.
وأشادت لوهمان بالجهود التي تبذلها وزارة التنمية الإدارية في ترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة، مشددة على أن تعزيز الشفافية والمساءلة يمثلان ركيزتين أساسيتين لضمان تقديم خدمات حكومية موثوقة وفعالة للمواطنين.
أعلنت وزارة الاستثمار السعودية أن مشروع "برج الجوهرة" في حي البحصة وسط العاصمة دمشق يُعد من أبرز المشاريع العقارية في المنطقة، مؤكدة أنه يشكّل انطلاقة نوعية نحو شراكات إقليمية واستثمارات واعدة في سوريا خلال المرحلة المقبلة.
وقالت الوزارة في بيان رسمي إن المشروع يُنفّذ بشراكة سعودية سورية متكاملة، ويجمع بين الأعمال والضيافة والتجزئة في وجهة واحدة، ويمتد على مساحة تزيد عن 25 ألف متر مربع، بتكلفة استثمارية تبلغ 375 مليون ريال سعودي.
ويتألف البرج من 32 طابقاً، منها 15 طابقًا مخصصة للأعمال والمكاتب الإدارية بمساحة تقارب 6500 متر مربع، إلى جانب مساحات مخصصة للتجزئة والمحلات التجارية على مساحة 1300 متر مربع، ومواقف سيارات تبلغ مساحتها 4200 متر مربع، فضلاً عن وحدات فندقية بمواصفات ضيافة عالية المستوى موزعة على 15 طابقًا إضافيًا، ومطعماً بانورامياً يوفر إطلالة شاملة على مدينة دمشق.
مشروع استراتيجي في قلب العاصمة
ويحمل مشروع "برج الجوهرة" دلالة استراتيجية تتجاوز كونه استثمارًا عقاريًا، إذ يُعد خطوة رمزية وعملية لإعادة إحياء الوسط التجاري الدمشقي، ويمثّل بوابة فعلية لاستقطاب رؤوس أموال خارجية وتفعيل الحركة الاقتصادية في قلب العاصمة. كما يعكس ثقة المستثمرين السعوديين بالبيئة الاستثمارية الجديدة في سوريا، ويُعطي مؤشرات واضحة على دخول البلاد مرحلة التعافي العمراني والتنموي بعد سنوات الحرب.
وضع حجر الأساس برعاية رسمية
وكان وزير الاقتصاد والصناعة السوري الدكتور محمد نضال الشعار، ووزير الاستثمار السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح، قد قاما يوم أمس بوضع حجر الأساس للمشروع، إيذانًا بانطلاق أعمال التنفيذ في موقع البرج وسط دمشق.
ويأتي المشروع بالتزامن مع انطلاق أعمال المنتدى الاستثماري السوري السعودي في قصر الشعب، برعاية وحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، حيث شهد المنتدى توقيع عشرات مذكرات التفاهم والاتفاقيات الاستثمارية التي تغطي قطاعات حيوية من أبرزها الطاقة، السياحة، الصناعة، الأمن السيبراني، التجارة، والعقارات.
قررت نقابة الصاغة في سوريا تخفيض أسعار الذهب في السوق السورية المحلية 20 ألف ليرة سورية، عن السعر الذي سجلته أمس، وهو 960 ألف ليرة للغرام عيار 21 قيراطاً.
وحددت النقابة في نشرتها الصادرة يوم الخميس 24 تموز/ يوليو، عبر صفحتها على فيسبوك، سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطاً بـ 940 ألف ليرة مبيعاً، و920 ألف ليرة شراءً.
ووفق النشرة بلغ سعر غرام الذهب عيار 18 قيراطاً 805 آلاف ليرة سورية مبيعاً، و785 ألف ليرة شراءً، وشددت النقابة على ضرورة الالتزام بالتسعيرة، ووضعها بشكل واضح على واجهة المحل.
ويشهد سوق الذهب السوري تقلبات متواصلة بفعل تراجع ثقة المواطنين بالعملة المحلية، وارتفاع الطلب على الذهب كمخزن للقيمة، فضلاً عن تأثر الأسعار المباشر بسعر الأونصة عالمياً وتقلبات سعر الصرف محلياً.
وخلال النصف الأول من عام 2025، ارتفعت أسعار الذهب في سوريا بنسبة تقارب 8%، إذ بدأ غرام الذهب من عيار 21 العام عند 860 ألف ليرة، وأغلق شهر حزيران عند نحو 930 ألف ليرة، ما يعكس اتجاهاً تصاعدياً مدفوعاً بزيادة الإقبال الشعبي على شراء الذهب.
وشهد شهرا كانون الثاني وشباط ارتفاعاً تدريجياً لأسعار الذهب، على خلفية صعود الأونصة عالمياً إلى مستويات تجاوزت 3300 دولار، إضافة إلى توجّه شريحة واسعة من السوريين إلى شراء الذهب كأداة تحوّط في ظل تدهور سعر صرف الليرة.
وتراوحت أسعار الأونصة في السوق المحلية بين 31 و33.5 مليون ليرة، وفقاً للفروقات في التسعير بين محال الصاغة والمناطق المختلفة داخل البلاد.
وشهر نيسان شهد تراجعاً نسبياً بأسعار الذهب، لكنه لم يلبث أن عاد إلى الارتفاع مع نهاية حزيران. وتشير التوقعات إلى أن التذبذب سيستمر خلال النصف الثاني من العام، مدفوعاً بثلاثة محاور رئيسية تقلبات سعر الأونصة عالمياً وتدهور قيمة الليرة السورية وتنامي الطلب المحلي على المعدن النفيس.
أعلنت المملكة العربية السعودية عن حزمة واسعة من المشاريع الاستثمارية في سوريا، تجاوزت قيمتها 6.4 مليار دولار، وذلك خلال أعمال المنتدى الاستثماري السوري السعودي الذي انطلق في قصر الشعب بدمشق، بحضور رسمي رفيع من كلا البلدين، في مقدمتهم وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، والرئيس أحمد الشرع.
وشهد المنتدى توقيع 47 مذكرة تفاهم بين السعودية والحكومة السورية الجديدة، شملت قطاعات حيوية أبرزها الطاقة، الصناعة، التطوير العقاري، البنية التحتية، الاتصالات، الزراعة، والخدمات المالية، ما عُدّ تحولًا نوعيًا في العلاقات الثنائية ورسالة سياسية بإنهاء عزلة سوريا والانطلاق نحو مرحلة إعادة الإعمار.
وأكد الوزير السعودي خالد الفالح أن المملكة تسعى لأن تكون "الشريك الاقتصادي الأول لسوريا"، معلنًا أن المنتدى سيشهد توقيع اتفاقيات بقيمة 24 مليار ريال سعودي، من بينها إنشاء ثلاثة مصانع جديدة للإسمنت، ومشاريع سكنية وتجارية في مدينة حمص عبر شركة "بيت الإباء"، إلى جانب اتفاقيات في قطاع الاتصالات بقيمة 4 مليارات ريال بالشراكة مع شركات سعودية رائدة مثل STC و"عِلم".
كما شملت الاتفاقيات مذكرة تفاهم بين سوق دمشق للأوراق المالية ومجموعة "تداول" السعودية لتعزيز التعاون في التقنيات المالية، إضافة إلى إعلان مجموعة "المهيدب" نيتها استثمار 200 مليون دولار في الصناعات الثقيلة داخل سوريا.
وأعلن الفالح خلال المنتدى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وجّه بتأسيس مجلس أعمال سعودي سوري على أعلى مستوى، يضم كبار رجال الأعمال من كلا البلدين، بهدف دفع الشراكة الاقتصادية نحو أفق مستدام.
من جانبه، قال وزير الاقتصاد والصناعة السوري محمد نضال الشعار إن المنتدى "يمثل محطة تاريخية في مسار العلاقات بين البلدين"، مؤكدًا التزام الحكومة السورية الجديدة بدعم المشاريع الاستثمارية وتوفير بيئة جاذبة للمستثمرين.
وشهدت الجلسات الحوارية للمنتدى مشاركة أكثر من 100 شركة سعودية و20 جهة حكومية، حيث عبّر أكثر من 500 رجل أعمال سعودي عن رغبتهم بالمشاركة في المشاريع المقبلة داخل سوريا، في حين بلغ حجم استثمارات رجال الأعمال السوريين في السعودية أكثر من 10 مليارات ريال سعودي.
بدورها، أكدت شخصيات اقتصادية سورية أن هذه الخطوة تمثّل تحولًا استراتيجيًا في مسار التعافي الاقتصادي للبلاد، وتؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الإقليمية، حيث قال رئيس اتحاد غرف التجارة السورية علاء العلي إن "الاتفاقيات الموقعة ترتقي بالعلاقات الاقتصادية إلى مستوى الشراكة الشاملة، وتسهم في تحفيز النمو المستدام".
يُذكر أن المنتدى يأتي بعد سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية أجرتها الحكومة السورية الجديدة، من بينها تعديل قانون الاستثمار، وتأسيس صندوق سيادي لإدارة الموارد، في إطار خطة أوسع لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بعد سنوات الحرب.
كشفت وكالة "رويترز" في تحقيق موسع عن تحركات تقودها لجنة غير معلنة رسميًا لإعادة هيكلة الاقتصاد السوري بعد سقوط نظام الأسد، في إطار مسار إصلاحي يهدف إلى تفكيك البنية الاقتصادية القديمة ومعالجة إرث الفساد دون إثارة اضطرابات داخلية.
ووفقًا لما ورد في التحقيق، تتولى اللجنة، بقيادة حازم الشرع شقيق الرئيس السوري أحمد الشرع، وبمشاركة شخصية لبنانية الأصل، تنفيذ خطة شاملة لإعادة تنظيم الاقتصاد الوطني من خلال مصادرة أصول وشركات كانت تحت سيطرة الدائرة الضيقة للنظام المخلوع.
وقد بلغت قيمة الأصول التي تم جمعها حتى الآن نحو 1.6 مليار دولار، بينها 1.5 مليار تمت مصادرتها من ثلاثة رجال أعمال نافذين، إضافة إلى شركات حيوية في قطاعات الاتصالات والمصارف والعقارات.
أوضح التحقيق أن اللجنة اختارت نهج التسويات الهادئة بدلًا من اللجوء إلى محاكمات أو مصادرات علنية، لتفادي أي توترات قد تضر بالثقة المحلية والدولية في مناخ الاستثمار. وتمت إدارة هذه التسويات عبر جناحين داخل اللجنة: جناح اقتصادي بقيادة إبراهيم سكريه المعروف بـ"أبو مريم"، الذي يشرف على التنفيذ الميداني، وجناح مالي بقيادة مصطفى قديد (أبو عبد الرحمن)، وهو شخصية سابقة في "هيئة تحرير الشام"، يشغل الآن مناصب داخل المصرف المركزي السوري.
وثائق "العهد" ومكتب "الفور سيزنز"
بحسب "رويترز"، اعتمدت اللجنة في تحديد أهدافها على وثائق داخلية من الدائرة الاقتصادية المقربة من الإرهابي الفار بشار الأسد، والمعروفة باسم "العهد"، والتي تضمنت قائمة بأكثر من 100 شركة في مجالات متعددة.
وقد بدأت اللجنة أعمالها من داخل فندق "فور سيزنز" في دمشق، ثم انتقلت إلى مكاتب شركات كان يديرها رجال أعمال مقربون من النظام السابق، مثل ياسر إبراهيم، الذي يقيم حاليًا في الإمارات.
صناديق سيادية في قلب الاستراتيجية الجديدة
في 9 تموز، أعلن الرئيس أحمد الشرع عن تأسيس صندوق سيادي يتبع لرئاسة الجمهورية، وأسند إدارته إلى شقيقه حازم الشرع، بالتوازي مع إطلاق صندوق تنمية يشرف عليه أحد المقربين من اللجنة الاقتصادية. وتُعد هذه الصناديق أدوات تنفيذ مركزية في إدارة الموارد والاستثمارات ضمن خطة إعادة الإعمار.
تحفظ دبلوماسي وتحذير من انعدام الشفافية
أثار التمركز غير الرسمي للسلطة الاقتصادية بيد شخصيات غير معلنة رسميًا حذر عدد من الدبلوماسيين الغربيين، والذين أبدوا قلقهم من تأثير ذلك على إمكانية بناء ثقة دولية واستقطاب رؤوس أموال واستثمارات طويلة الأمد. إلا أن مراقبين اقتصاديين رأوا أن هذه الإجراءات قد تمثل مرحلة انتقالية ضرورية، شرط أن تتبعها خطوات لتعزيز الشفافية وترسيخ الحوكمة المؤسسية.
تفكيك التشابك بين السلطة والمال
تهدف خطة اللجنة بشكل رئيسي إلى تفكيك التشابك الذي كان قائمًا بين جهاز السلطة والدوائر الاقتصادية خلال عهد نظام الأسد البائد، عبر تصفية النفوذ السابق دون اللجوء إلى المواجهات القضائية العلنية، والعمل على خلق بيئة استثمارية جديدة تُبنى على قواعد قانونية وتشريعية محدثة، من أبرزها التعديلات الأخيرة على قانون الاستثمار.
ويشير التحقيق إلى أن سوريا تقف على أعتاب مرحلة اقتصادية مختلفة، تسعى فيها الحكومة الجديدة إلى طي صفحة الماضي عبر هندسة اقتصادية دقيقة، لكن نجاح هذه الخطوة يظل مرهونًا بمدى الالتزام بمبادئ الشفافية والمحاسبة والعدالة الاقتصادية.
كشفت الهيئة العامة للطيران المدني في سوريا عن خطة شاملة لإعادة تأهيل قطاع الطيران المدني، تشمل تطوير البنية التحتية للمطارات، وتحويل مطارات عسكرية إلى مدنية، في وقت تشهد فيه البلاد انفتاحاً متزايداً من شركات طيران أوروبية عقب رفع العقوبات الدولية.
مطار جديد في دمشق وسعة استيعابية مضاعفة
قال رئيس الهيئة العامة للطيران المدني عمر هشام الحصري إن قطاع الطيران في سوريا "متهالك ويحتاج إلى إعادة هيكلة جذرية"، مؤكداً وجود خطة لتأهيل المطارات الخمسة القائمة حالياً، وبناء مطار جديد في دمشق بطاقة استيعابية تصل إلى 30 مليون مسافر سنوياً.
كما أشار إلى العمل على تأهيل مطار دمشق الدولي ليصل إلى قدرة استيعابية تبلغ 5 ملايين مسافر سنوياً، إلى جانب رفع الطاقة الاستيعابية لمطار حلب الدولي إلى 2 مليون مسافر سنوياً، معتبراً أن هذه الخطط تمثل فرصاً استثمارية واعدة للشركات المحلية والأجنبية.
تحويل مطار عسكري إلى مدني
في خطوة لافتة، كشف "الحصري" عن قرار بتحويل مطار المزة العسكري إلى مطار مدني، ما يضيف موقعاً استراتيجياً جديداً لشبكة المطارات السورية، ويفتح المجال أمام توسيع حركة الملاحة الجوية في العاصمة دمشق.
مرسوم رئاسي بتعيين الحصري
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أصدر المرسوم رقم 136 لعام 2025، القاضي بتعيين عمر هشام الحصري رئيساً للهيئة العامة للطيران المدني، وذلك ضمن توجهات الحكومة الجديدة لإعادة هيكلة القطاعات الحيوية المتضررة.
تحديث الأسطول وخطوات نحو الانفتاح الجوي
من جهته، قال المستشار في الهيئة العامة للطيران المدني، سامح عرابي، إن العمل جارٍ على زيادة عدد الطائرات في الأسطول السوري بما بين 5 و6 طائرات خلال عام واحد، وقد يتضاعف هذا الرقم تبعاً للظروف.
وأشار إلى تواصل شركات طيران أوروبية مع الهيئة عقب رفع العقوبات عن الطيران المدني السوري، بغرض تقييم جاهزية المطارات واستئناف التشغيل، موضحاً أن هذه الشركات "تأخذ وقتها في دراسة الوضع الفني قبل البدء الفعلي بالرحلات".
خطوات تقنية ومشاريع تنموية
أكد عرابي أن الهيئة تلقت ثلاثة عروض أوروبية لتركيب رادار جديد في مطار دمشق الدولي، في حين يجري العمل على تجهيزات الملاحة الجوية وتركيب الأجهزة الضرورية لهبوط الطائرات، بما فيها أجهزة حديثة أرسلتها تركيا ضمن برنامج لإعادة تأهيل مطار دمشق.
وأوضح أن مطار دمشق تمّت إعادة تأهيله خلال شهرين فقط، لكنه لا يزال يعمل دون طاقته القصوى التي كان عليها قبل عام 2011، بسبب نقص في التجهيزات والمعدات الملاحية.
كما ذكر أن فريقاً تركياً تقنياً باشر تدريب الموظفين وتشغيل الأجهزة الحديثة، في حين سيزور دمشق الأسبوع المقبل وفد من 3 شركات أوروبية لاستكمال ملف الرادارات.
نهاية العقوبات وبداية الرحلات الدولية
أشار عرابي إلى أن سوريا باتت قادرة فنياً على تسيير رحلات إلى مختلف دول العالم بعد رفع العقوبات، مشدداً على أن إدارة الخطوط الجوية السورية أصبحت بأيدي كوادر وطنية ذات كفاءة عالية، بعد إلغاء عقد مع شركة أجنبية تم توقيعه في زمن النظام السابق.
تحديات ما بعد الحرب.. واستئناف الرحلات
تعاني المطارات السورية من تدهور كبير نتيجة الحرب التي اندلعت عام 2011، والتي دمّرت البنية التحتية للطيران المدني، إضافة إلى العقوبات الغربية التي فرضت حظراً على التحليق في الأجواء الأوروبية والأميركية.
لكن مع تحولات ما بعد سقوط نظام الأسد، بدأت مؤشرات التعافي بالظهور. فقد أعلن رئيس هيئة الطيران المدني السابق، أشهد الصليبي، أن الهيئة تعمل على دراسة عودة شركات الطيران الدولية إلى الأجواء السورية، معترفاً أن أكبر التحديات كانت إهمال النظام السابق لملف المطارات والتدريب.
ويُشار إلى أن مطار دمشق الدولي استأنف رحلاته الدولية في 7 كانون الثاني 2025، برحلة أولى إلى مطار الشارقة، بعد توقف طويل بسبب الضربات الإسرائيلية والبنية المتهالكة، في وقت تشدد فيه الهيئة الجديدة على تأهيل الكوادر واستعادة ثقة المسافرين.