وثّقت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، يوم الخميس 17 آذار، مقتل شاب وإصابة ثلاثة آخرين في حادثين منفصلين ناجمين عن انفجار مخلفات الحرب، مما يسلّط الضوء مجددًا على الخطر المزمن الذي تمثله هذه الذخائر غير المنفجرة على حياة السكان.
ففي ريف دمشق، قُتل عامل بناء وأُصيب آخر، إثر انفجار جسم من مخلفات الحرب داخل هنغار قيد الإنشاء على طريق "تل كردي" قرب مدينة دوما. فرق الدفاع المدني هرعت إلى الموقع، وانتشلت جثمان الشاب ونقلت المصاب إلى مشفى المواساة لتلقي العلاج.
وفي ريف اللاذقية الشرقي، أُصيب شابان بجروح متفاوتة، إثر انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب أثناء مرورهما بسيارة في منطقة الكبينة، ما أدى إلى أضرار بشرية ومادية.
وتُعدّ مخلفات الحرب من أخطر التهديدات التي لا تزال تلاحق المدنيين في سوريا، حيث تتسبب بسقوط ضحايا بشكل متكرر، وتخلّف إصابات بليغة تؤثر على حياة الأفراد بشكل دائم. كما أنها تُعيق استئناف النشاطات اليومية والاقتصادية، وتعرقل عودة السكان إلى مناطقهم، إلى جانب تأثيرها السلبي على العملية التعليمية والزراعية والصناعية، مما يعمّق من معاناة السوريين ويؤخر جهود التعافي وإعادة الإعمار.
وجدد الدفاع المدني التأكيد على أن مواجهة هذا الخطر تتطلب مسؤولية جماعية، من خلال تعزيز حملات التوعية بمخاطر الذخائر غير المنفجرة، وتسريع جهود إزالة المخلفات الحربية وتأمين المناطق المتضررة، بما يضمن حماية المدنيين وعودة الحياة إلى طبيعتها.
وبيّنت المنظمة الحقوقية الدولية أن الأسلحة المتروكة خلال سنوات الحرب الـ14 في سوريا تسببت في مقتل ما لا يقل عن 249 شخصًا، بينهم 60 طفلًا، إلى جانب إصابة 379 آخرين، بحسب بيانات المنظمة الدولية المعنية بسلامة العاملين الإنسانيين.
ورصدت المنظمة تصاعدًا واضحًا في معدلات الإصابات والوفيات الناتجة عن الألغام خلال الأشهر الأخيرة، مرجحةً أن يعود هذا الارتفاع إلى تزايد أعداد العائدين إلى منازلهم في مناطق كانت خاضعة للقتال، حيث تنتشر هذه المخلفات القاتلة.
ودعت "هيومن رايتس ووتش" الحكومة الانتقالية السورية والجهات المانحة إلى إعطاء أولوية قصوى لرصد وتطهير المناطق الملوثة، وتكثيف حملات التوعية بالمخاطر لضمان عودة آمنة للنازحين والمقيمين، مؤكدة أن المعالجة الفاعلة لهذا الملف تمثل خطوة أساسية في مسار التعافي وإعادة الإعمار.
وفق التقرير، يواجه السكان في سوريا خطراً كبيراً نتيجة الألغام والذخائر غير المنفجرة من مخلفات الحرب أكثر من أي وقت مضى رغم توقف المعارك بعد سقوط نظام الأسد، حيث أدت حرب نظام الأسد على السوريين خلال 14 عاماً إلى تلويث مساحات شاسعة من المناطق السكنية والأراضي الزراعية، وخاصة مع التغيرات التي كانت تشهدها مناطق السيطرة وخطوط التماس خلال تلك السنوات.
ومع عودة جزء من السكان إلى ديارهم بعد سنوات من النزوح، إلى المناطق التي كانت ضمن خطوط التماس أو في المناطق التي تعرضت للقصف أو كان سكانها مهجرون منها وتنتشر فيها مخلفات الحرب، ازدادت بشكل كبير حوادث انفجار هذه المخلفات موقعة ضحايا في صفوف المدنيين، ليكون عدد الضحايا منذ 26 تشرين الثاني 2024 حتى 30 آذار 2025 هو الأعلى في سوريا منذ عام 2011، وتهدد مخلفات الحرب والألغام أرواح المدنيين وتتسبب بإصابات بليغة بينهم وتقوّض الأنشطة الزراعية والصناعية وسبل العيش وتعرقل عودة المهجرين إلى ديارهم بمناطق سورية واسعة.
مخلفات الحرب في سوريا
يعيش ملايين المدنيين في سوريا في مناطق موبوءة بالألغام والذخائر غير المنفجرة نتيجة سنوات من قصف نظام الأسد وروسيا والذي استمر لـ 14 عاماً، وتشكل مخلفات الحرب هذه (الألغام والذخائر غير المنفجرة) تهديداً كبيراً على حياة السكان، وموتاً موقوتاً طويل الأمد، وتؤثر بشكل مباشر على استقرار المدنيين والتعليم والزراعة وعلى حياة الأجيال القادمة وخاصة الأطفال لجهلهم بماهية هذه الذخائر وأشكالها وخطرها على حياتهم، وتتعامل فرقنا مع هذا الواقع لإزالة مخلفات الحرب وتوعية المدنيين بخطرها وتمكنت منذ بداية الفرق منذ بداية عملها من إزالة أكثر من 28 ألف ذخيرة من مخلفات الحرب منها أكثر 23 ألف قنبلة عنقودية.
بعض أنواع مخلفات الحرب تكون على سطح الأرض ، بينما توجد أنواعٌ أخرى منها كقنابل الطائرات مدفونة تحت سطح الأرض بعدة أمتار مما يجعل من إزالتها أمرًا صعبًا، الذخائر غير المنفجرة مختلفةٌ في آليتها عن الألغام، إذ إنّ الألغام زرعت بغرض التسبب بإصاباتٍ، بينما تكون الذخائر غير المنفجرة عبارةً عن أدواتٍ فشلت في أداء عملها، فقد لا تنفجر أبدًا أو قد تنفجر بأي لحظة ولا يمكن تحديد مدى تأثيرها وخطرها على ما حولها، وطوال السنوات الماضية وثقت فرق الذخائر في الدفاع المدني السوري استخدام نظام الأسد وروسيا أكثر من 70 نوعاً من الذخائر المتنوعة في قتل المدنيين منها 13 نوعاً من القنابل العنقودية المحرمة دولياً
وكشف تقرير مرصد الألغام الأرضية (Mine Action Review) السنوي الصادر عام 2023، والذي ساهم فيه الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) من خلال توفير البيانات، وجمع وإدارة المعلومات المتعلقة بالألغام في شمال غربي سوريا وتحديد المناطق الملوثة، أن سوريا سجلت و للعام الثالث على التوالي، أكبر عدد من الضحايا الجدد للألغام المضادة للأفراد أو مخلفات الحرب القابلة للانفجار، حيث وثق التقرير 834 ضحية في عموم سوريا خلال العام 2022 والنصف الأول من العام 2023، ويعد التقرير بمثابة الأساس للعمل المنتظم للدول الـ 164 الموقعة على اتفاقية أوتاوا لحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد (APMBC) واتفاقية الذخائر العنقودية (CCM).
أماكن انتشار الذخائر غير المنفجرة:
تنتشر الذخائر غير المنفجرة في عموم مناطق سوريا التي باتت ساحة حرب لتجريب واختبار الأسلحة الروسية، فحجم الترسانة العسكرية الهائل التي تم قصف المدنيين فيها، كبير جداً وانتشرت مخلفات الحرب في المدن والقرى وفي الأحياء السكنية وفي الأراضي الزراعية، ولا يقتصر خطر مخلفات الحرب بما تخلفه من ضحايا فقط، فلها آثار آخرى إذ تمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم وتشكل خطر على حياتهم ، وتمنع الصناعيين من العمل في بعض الورشات التي طالها القصف، كما تؤثر تلك المخلفات على عودة السكان لمنازلهم ولاسيما في المناطق التي تعرضت للقصف بشكل مكثف أو التي كانت خطوط تماس وهي الأكثر تلوثاً.
أماكن انتشار الألغام:
تخلف الألغام (المضادة للأفراد أو للمدرعات) إرثاً يستمر أمداً بعيداً، فهي إن لم تقتل، تُحدث إصابات ومعاناة شديدة، وغالباً ما يسفر عن الدعس على لغم إصابة أو قتل شخص أو أكثر، وكثيرًا ما يكون هؤلاء الضحايا من الأطفال، مع ما يترتب على ذلك من عواقب ينوء بها الضحايا وأسرهم مدى الحياة، وإن وجود ألغام أرضية يجعل من المستحيل استخدام مساحات شاسعة من الأراضي، ما يعرض إنتاج الغذاء لخطر بالغ ويدمر سبل العيش، وغالباً ما يستمر تأثير الألغام على المجتمعات عقوداً طويلة.
حددت فرق مسح مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري 141 حقلاً ونقطة تنتشر فيها الألغام، في المناطق المدنية وبالقرب من منازل المدنيين وفي الحقول الزراعية والمرافق، وعثرت الفرق على العشرات من حقول الألغام التي تحتوي على الألغام المضادة للآليات والمضادة للأفراد المحرمة دولياً، والتي تسببت حالات انفجارها بمقتل وإصابة العشرات من المدنيين خلال الأيام السابقة، وباتت تشكّل خطراً يهدد الحياة ويقوض عودة المدنيين لمنازلهم والعمل في مزارعهم بمناطق واسعة في سوريا.
عمل فرق إزالة مخلفات الحرب
تواصل فرق إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) أعمالها في سوريا من مخلفات الحرب النظام وتتنوع أعمال الفرق من عمليات مسح غير تقني وتحديد المناطق الملوثة بمخلفات الحرب وإزالة المخلفات إلى جلسات التوعية بتلك المخلفات، وأجرت فرق إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري منذ 1 نيسان 2024 حتى 1 نيسان 2025، أكثر من 2300 عملية إزالة وتم التخلص فيها من 2931 ذخيرة غير منفجرة، وتنفيذ أكثر من 1185 عملية مسح غير تقني، وتم تحديد 832 منطقة ملوثة بمخلفات الحرب، وبلغ عدد جلسات التوعية 3694 و عدد المستفيدين الكلي 72808 مستفيد.
وبعد سقوط نظام الأسد والتغيرات التي حدثت وتلاشي خطوط التماس وعودة جزء من المهجرين لمنازلهم ازدادت بشكل كبير حوادث انفجار مخلفات الحرب وكثف فرقنا عملها بشكل كبير.
وأجرت فرق إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري منذ 26 تشرين الثاني 2024 حتى 1 نيسان 2025، أكثر من 1450 عملية إزالة وتم التخلص فيها من 2059 ذخيرة غير منفجرة، وتم تنفيذ أكثر من 370 عملية مسح غير تقني، وتم تحديد 453 منطقة ملوثة بمخلفات الحرب، وبلغ عدد جلسات التوعية 690 و عدد المستفيدين الكلي 14843 مستفيد.
ضحايا مخلفات الحرب:
بشكل شبه يومي تشهد سوريا حوادث انفجار لمخلفات الحرب، وتهدد مخاطر مخلفات الحرب والألغام التي زرعها نظام الأسد البائد كموت مؤجل للسوريين أرواح المدنيين وتتسبب بإصابات بليغة بينهم و تعمق مأساة المدنيين وتحد من أنشطتهم وتنقلاتهم والعودة لديارهم.
واستجاب الدفاع المدني السوري منذ تاريخ 26 تشرين الثاني 2024 حتى 31 آذار 2025، لـ 69 انفجاراً لمخلفات الحرب أدت لمقتل 72 شخصاً، بينهم 17 طفلاً و7 نساء و48 رجلاً ولإصابة 108 آخرين بينهم 33 طفلاً و4 نساء.
أغلب الانفجارات والضحايا كانت ناجمة عن الألغام إذ استجابت فرقنا لـ 62 انفجار للألغام منذ تاريخ 26 تشرين الثاني 2024 حتى 31 آذار 2025، أدت لمقتل 46 بينهم 7 أطفال ولإصابة 74 بينهم 13 طفلاً، وأعلى محافظة بعدد حوادث انفجار مخلفات الحرب التي استجابت لها فرقنا هي إدلب بـ 29 حادث، تليها دير الزور قم حلب ثم اللاذقية.
فيما استجاب الدفاع المدني السوري منذ تاريخ 26 تشرين الثاني 2024 حتى 31 آذار 2025 لـ 7 حوادث انفجار مخلفات الحرب أدت لمقتل 26 شخصاً بينهم 10 أطفال و7 نساء.
وبمقارنة بسيطة يظهر الفرق بين عدد حوادث الألغام وعدد ضحاياها، وبين عدد انفجارات الذخائر غير وعدد ضحاياها، إذا ساهمت أعمال فرق الدفاع المدني السوري الخوذ البيضاء بالمسح والإزالة والتوعية في الحد بشكل كبير من مخاطر الذخائر غير المنفجرة رغم انتشارها الكبير وعودة جزء من السكان لديارهم.
واستجاب الدفاع المدني السوري منذ تاريخ 1 نيسان 2024 حتى 1 نيسان 2025، لـ 39 انفجار لمخلفات الحرب أدت لمقتل 24 شخصاً، بينهم 7 طفلاً وإصابة 54 آخرين بينهم 26 طفلاً..
وبالمقارنة يظهر الارتفاع الكبير بعدد حوادث انفجار مخلفات الحرب وعدد الضحايا بشكل كبير بعد سقوط نظام الأسد، ويرجع ذلك لعدة أسباب، أهمها عودة السكان لمناطق ملوثة بشكل كبير، عدم امتلاك السكان للوعي حول مخاطر مخلفات الحرب.
التوعية مهمة أساسية للحفاظ على الأرواح
إن زيادة الوعي بمخاطر الألغام ومخلفات الحرب أمر بالغ الأهمية، وتساهم حملات التوعية بتزويد السكان بالمعرفة والمهارات اللازمة لتجنبها، وتشمل تثقيف السكان حول كيفية التعرف على الألغام وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، فضلاً عن توفير التدريب على كيفية البقاء بأمان في المناطق التي قد تكون ملوثة، ويساعد رفع مستوى الوعي بالمخاطر المرتبطة بالألغام والذخائر غير المنفجرة في تقليل مخاطر الإصابة والوفاة وتعزيز مجتمعات أكثر أماناً، وتأمين الحماية لها وخاصة الأطفال.
وتهدف التوعية لزيادة الوعي في حالات الطوارئ، وتغيير السلوك على المدى الأطول، إضافة لإعطاء المجتمعات المحلية دور مهم في تعلم حماية أنفسهم والإبلاغ على وجود مخلفات الحرب، وتعتمد فرق التوعية على الملصقات والجلسات الفيزيائية المباشرة بالاعتماد على نهج التواصل مع المجتمع المحلي وهو الأكثر فعالية، لأن متطوعي الدفاع المدني السوري هم أفراد ينتمون إلى مجتمعاتهم المحلية وبالتالي يكون تواصلهم عالي الأثر.
أنشطة فرق إزالة مخلفات الحرب في الخوذ البيضاء
وتقوم فرق إزالة مخلفات الحرب في الخوذ البيضاء بثلاثة أنشطة رئيسية، ولا بد من التنويه إلى أن فرقنا لا تقوم بإزالة الألغام وينحصر عملها فقط بإزالة الذخائر غير المنفجرة من مخلفات القصف.
1ـ المسح غير التقني: وعدد الفرق العاملة في هذا النشاط 6 فرق وتقوم بمهامها بمسح القرى والمجتمعات على مرحلتين:
أ ـ عبر المسح غير التقني وجمع الاستبيانات من المجتمع المحلي بمختلف أطيافه للوصول للمناطق الملوثة.
يمثل جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالمناطق الملوثة بالسلاح وضحاياها الأساس الذي يستند إليه كل تخطيط، وتقوم الفرق المختصة بعمليات المسح غير التقني بجمع البيانات وتحليلها، فهي تستخدم النتائج التي حصلت عليها خلال المسح غير التقني لتحديد المناطق الخطرة والأشخاص الأكثر عرضة للخطر للتخطيط لعمليات المسح الأولي والتطهير والحد من المخاطر وأنشطة التوعية بالمخاطر ووضع الأولويات الخاصة بذلك.
ب ـ تحديد المناطق الملوثة ورسم الخرائط اللازمة وإرسالها لفرق الإزالة التي تقوم بعملية البحث التقني لاحتمالية وجود الذخائر في المنطقة المستهدفة والتخلص النهائي من الذخائر كل ذخيرة على حدى وبدون أن يتم نقلها أو تحريكها.
2ـ الإزالة (التخلص النهائي): وعدد الفرق العاملة في هذا النشاط 6 فرق أيضاً، فبعد الوصول للمنطقة الملوثة والمحددة من قبل فريق المسح تجري عملية بحث بصري وبمساعدة الأجهزة في المكان الملوث بشكل دقيق وتتم عملية إتلاف الذخائر (كل ذخيرة على حدى) بحرفية عالية ومهنية من قبل الفرق التي تحرص على إتلافها بشكل كامل.
يبلغ عدد فرق الإزالة 6 فرق متوزعة قامت حتى الآن بالتخلص من أكثر من 26 ألف ذخيرة متنوعة من بينها نحو 24 ألف قنبلة عنقودية ضمن ظروف عمل صعبة للغاية في كثير من الأحيان كلفت 4 شهداء من الدفاع المدني السوري.
3ـ التوعية: وتعتبر عملية التوعية من أهم إجراءات مواجهة خطر الذخائر غير المنفجرة، وتقوم الفرق بجلسات توعية من مخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة للمدنيين لزيادة الوعي المجتمعي من خطر هذه الذخائر، وركزت على خطر الذخائر غير المنفجرة وضرورة الابتعاد عن الأجسام الغريبة، وأهمية إبلاغ فرق الدفاع المدني السوري المختصة عنها فوراً.
خطط الخوذ البيضاء:
تخطط الخوذ البيضاء لزيادة عدد ونوعية تدريب الفرق العاملة في إزالة مخلفات الحرب، الخطط أولية وتشمل زيادة عدد فرق الإزالة من 6 فرق إلى 11 فريقاً، وزيادة عدد فرق المسح غير التقني من 6 فرق إلى 10 فرق، واستحداث 8 فرق توعية، وتدريب فرق إزالة يدوية وميكانيكية للألغام.
عواقب مخلفات الحرب على الأفراد والمجتمعات:
تؤدي الألغام ومخلفات الحرب غير المنفجرة حرمان مجموعات سكانية بأكملها من المياه والأراضي الزراعية والرعاية الصحية والتعليم، كما تعيق أعمال الإغاثة وقد تحرم السكان من المساعدات الإنسانية بسبب المخاطر:
الأثر الجسدي: يمكن أن تنفجر مخلفات الحرب بشكل غير متوقع وتتسبب بأذى جسدي وحالات بتر أو وفاة، الأطفال معرضون للخطر بشكل خاص لجهلهم خطرها، ولعبهم وتنقلهم في أماكن خطرة وموبوءة بمخلفات الحرب.
تعد الإصابات الناجمة عن مخلفات الحرب كارثية لتسببها بإعاقات دائمة على الأغلب، إذ يؤدي انفجارها إلى الإصابة بجروحٍ شديدةٍ قد ينجم عنها تمزقٌ في الأعضاء الداخلية وتضررٌ في الأجزاء الحيوية للجسم، أو بترٌ في الأطراف أو فقدان حاستَي السمع والبصر كذلك الأمر.
الأثر على المأوى: وتعتبر مخلفات الحرب واحدة من أكبر عوائق عودة النازحين لمنازلهم وخاصة في المناطق التي كانت نقاط تماس أو تعرضت للقصف.
الأثر الاقتصادي: يمكن أن تتسبب مخلفات الحرب تقييد للأنشطة الزراعية بالحد من الوصول للأراضي الزراعية أو استثمارها، على الأنشطة الصناعية و الإنتاجية ما ينعكس سلباً على النمو الاقتصادي والتنمية وخاصة في المجتمعات الهشة كما في شمال غربي سوريا، وينعكس ذلك سلباً على معدلات الفقر والبطالة وبالتالي تفاقم التحديات التي تواجهها المجتمعات.
الأثر النفسي: إن مخلفات الحرب يمكن أن تخلق حالة من الخوف والقلق لدى الأفراد والمجتمعات، مما يؤدي إلى صدمات نفسية أو حتى مشاكل مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، وخاصة في المناطق التي سقط فيها ضحايا جراء هذه المخلفات، بالإضافة للأثر النفسي المباشر على الأشخاص الذين يتعرضون للإصابة بأحد هذه المخلفات (الشعور بالعجز والتغير في نمط الحياة ونظرة المجتمع لهم في حال حصول إعاقة دائمة).
الأثر البيئي: يمكن أن تضر المتفجرات من مخلفات الحرب بالبيئة وتلوث التربة ومصادر المياه بمواد خطرة، والجفاف بسبب صعوبة الوصول للأراضي الزراعية وزراعتها وحرمان الأراضي المروية من مياه الري نتيجة صعوبة الوصول لمصادر المياه اللازمة للزراعة وانعكاس ذلك كأثر طويل الأمد على النظام البيئي.
اليوم الدولي للتوعية بالألغام
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 8 كانون الأول 2005، يوم 4 نيسان من كل عام رسميا اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام والمواد المتفجرة والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام، ودعت إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، بمساعدة من الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة المشاركة في الأعمال المتعلقة بالألغام وتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديداً خطيراً على سلامة السكان.
الألغام والقنابل العنقودية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار في القانون الدولي الإنساني
تشكل القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني، والبروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 واتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد والبروتوكول الثاني المعدَّل والبروتوكول الخامس للاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة واتفاقية الذخائر العنقودية، تشكل في مجملها الآن الإطار القانوني الدولي الشامل لمنع ومعالجة المعاناة الإنسانية التي تسببها الألغام والذخائر العنقودية وغيرها من الذخائر المتفجرة.
وبموجب هذه الصكوك، يُحظر على الدول الأطراف استخدام الألغام الأرضية والذخائر العنقودية، كما أنّ عليها التزامات تتراوح من تطهير الأراضي الملوثة وتدمير المخزون إلى توفير المساعدة الشاملة للضحايا.
رغم كل الجهود المبذولة ما تزال أعداد كبيرة من الذخائر غير المنفجرة والألغام موجودة بين منازل المدنيين، وفي الأراضي الزراعية وفي أماكن لعب الأطفال، ناجمة عن قصف ممنهج للنظام وروسيا استمر على مدى سنوات ومايزال حتى الآن، وستبقى قابلة للانفجار لسنوات أو حتى لعقود قادمة، ومع وجود تلك الذخائر وانتشارها في جميع أنحاء سوريا، ستستمر الخسائر لفترة طويلة حتى في حال انتهاء الحرب، و تتركز جهود الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) على التعامل مع هذا الواقع المؤلم والحفاظ على أرواح المدنيين، عبر إزالة تلك الذخائر وتوعية المدنيين من خطرها، وإن الأعمال المتعلقة بالألغام وإزالة الذخائر غير المنفجرة هي استثمار في الإنسانية، فهي تساعد في رعاية المجتمعات وإعادة إحيائها، والحفاظ على الأمن الغذائي، وتمكين النازحين داخلياً العودة إلى منازلهم، والأطفال من الوصول لمدارسهم و أماكن لعبهم بأمان.
أصدرت رئاسة الجمهورية العربية السورية بياناً صحفياً تناول تفاصيل اللقاء الرسمي الذي جمع فخامة الرئيس أحمد الشرع، رئيس الجمهورية، بدولة رئيس الوزراء العراقي السيد محمد شياع السوداني، والذي عُقد في العاصمة القطرية الدوحة، برعاية كريمة من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر الشقيقة.
وأوضح البيان أن هذا اللقاء تم بمبادرة وساطة من دولة قطر، انطلاقاً من حرصها على دعم الحوار العربي وتعزيز جسور التواصل بين الدول الشقيقة. وقد ناقش الجانبان خلال الاجتماع العلاقات الثنائية بين الجمهورية العربية السورية وجمهورية العراق، في ضوء الروابط التاريخية العميقة التي تجمع الشعبين، والسعي المشترك لإحياء مسارات التعاون العربي على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وأكد الرئيس أحمد الشرع ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني في محادثاتهما على أهمية احترام سيادة واستقلال البلدين، ورفض كل أشكال التدخل الخارجي، معتبرين أن أمن واستقرار سوريا والعراق يمثلان دعامة أساسية لأمن المنطقة بأسرها.
وتناول الجانبان قضية أمن الحدود المشتركة، حيث تم الاتفاق على تعزيز التنسيق الأمني والميداني وتكثيف التعاون الاستخباراتي بين الجهات المختصة في كلا البلدين، من أجل مواجهة التحديات والمخاطر الأمنية العابرة للحدود.
وفي الشق الاقتصادي، ناقش اللقاء سبل تفعيل التعاون التجاري بين سوريا والعراق، والعمل على تسهيل حركة البضائع والأفراد عبر المعابر الحدودية، إلى جانب تشجيع الاستثمارات المتبادلة وفتح آفاق تعاون جديدة في قطاعات الطاقة والنقل والبنية التحتية، بما يحقق تطلعات الشعبين ويخدم الأهداف الاستراتيجية للبلدين.
وقد أعرب فخامة الرئيس الشرع خلال اللقاء عن عميق شكره لدولة قطر الشقيقة، ولصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد، على رعايته الكريمة لهذا اللقاء، وجهوده المخلصة في دعم الحوار العربي وتعزيز مسيرة التضامن بين الدول العربية.
واختتم البيان بالتأكيد على أن هذا اللقاء يمثل محطة محورية في مسار بناء علاقات عربية متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل والشراكة الفاعلة، ويمثل خطوة متقدمة نحو تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، وتكريس نهج التعاون العربي في مواجهة التحديات المشتركة، وبناء مستقبل أكثر إشراقاً لشعوب المنطقة.
"السوداني" يوجه دعوة رسمية للرئيس "الشرع" لحضور القمة العربية في بغداد
وكان أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء 16 نيسان/أبريل 2025، عن توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية المرتقبة، المقرر عقدها في العاصمة بغداد بتاريخ 17 أيار/مايو المقبل.
وأكد السوداني، خلال مشاركته في "ملتقى السليمانية الدولي التاسع"، أن الرئيس الشرع سيحضر القمة العربية، مشدداً على أن القيادة السورية مرحب بها في بغداد، في إطار دعم العراق لمسار التعاون العربي وتعزيز العلاقات مع دمشق.
وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام عراقية من بينها "السومرية نيوز"، أن السوداني لم يكتف بتوجيه الدعوة فحسب، بل أعلن أيضاً عزمه الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة، في خطوة تؤكد استمرارية حضوره السياسي على الساحة العراقية.
اتصال هاتفي بين الشرع والسوداني: نحو فتح صفحة جديدة
وجاءت هذه الدعوة في أعقاب اتصال هاتفي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بحثا خلاله سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين سوريا والعراق، وأكدا على عمق الروابط التي تجمع الشعبين على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وخلال الاتصال، هنأ السوداني الرئيس الشرع بمناسبة عيد الفطر المبارك، معرباً عن دعمه لتشكيل الحكومة السورية الجديدة، ومجدداً موقف العراق الثابت في دعم أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها.
واتفق الجانبان على أهمية فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، تقوم على التعاون المشترك، ومواجهة التحديات الإقليمية، بما يسهم في تعزيز استقرار المنطقة وخدمة شعوبها.
تعزيز أمني مشترك ومواجهة التهريب
كما تناول الاتصال ملف أمن الحدود المشتركة بين البلدين، حيث شدد الجانبان على ضرورة تعزيز التنسيق الأمني، خصوصاً في ما يتعلق بمكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات والعناصر الخارجة عن القانون.
وأكد الرئيس الشرع التزام بلاده باحترام سيادة العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، داعياً إلى شراكة استراتيجية بين دمشق وبغداد، قائمة على المصالح المتبادلة والتعاون الثنائي لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.
دعم متبادل ورؤية مشتركة للاستقرار
وفي ختام الاتصال، جدّد الجانب العراقي تأكيده دعم سوريا في مسيرتها نحو الاستقرار السياسي، معرباً عن تطلعه إلى تطوير علاقات أكثر عمقاً بما يخدم مصالح الشعبين، ويعزز الأمن والاستقرار الإقليمي في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة.
قمة القاهرة الطارئة: بداية الانفتاح العربي
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد شارك في القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة بتاريخ 4 آذار/مارس الماضي، بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وذلك في أول مشاركة له ضمن محفل عربي رفيع منذ توليه رئاسة الجمهورية في المرحلة الانتقالية، عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024.
وفي إطار الانفتاح العربي على دمشق، أكدت جامعة الدول العربية أن سوريا ستشارك أيضاً في القمة العربية المقبلة في بغداد، وأن تحديد مستوى التمثيل يعود للدولة السورية، سواء عبر الرئيس أو وزير الخارجية.
زيارة تاريخية لوزير الخارجية السوري إلى بغداد
وتزامناً مع هذا الحراك الدبلوماسي، أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني زيارة رسمية إلى بغداد، هي الأولى من نوعها لمسؤول سوري منذ سقوط النظام السابق، حيث عقد مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع نظيره العراقي فؤاد حسين.
وأكد الشيباني خلال الزيارة على وحدة الصف السوري العراقي، وضرورة الوقوف صفاً واحداً في وجه التهديدات والتدخلات الخارجية، معرباً عن استعداد دمشق الكامل للتعاون مع بغداد في مكافحة الإرهاب وتنظيم داعش، قائلاً: "أمن سوريا من أمن العراق، ومصائرنا مشتركة".
استقبل فخامة الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم في دمشق، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين في المملكة الأردنية الهاشمية، أيمن الصفدي، الذي نقل تحيات جلالة الملك عبد الله الثاني، ورسالة شفوية من جلالته أكدت على عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، وعلى وقوف الأردن إلى جانب سوريا في مسارها الوطني نحو إعادة البناء والاستقرار.
وخلال اللقاء، ثمّن الرئيس الشرع مواقف جلالة الملك الداعمة لسوريا، مؤكداً على ما يجمع البلدين من روابط أخوية متينة، وتطلعه إلى تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف القطاعات، بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين.
وكان الوزير الصفدي قد أجرى في وقت سابق من اليوم، محادثات موسعة مع وزير الخارجية والمغتربين السوري الدكتور أسعد الشيباني، ناقشا خلالها سبل تفعيل مخرجات لقاء القمة الذي جمع الملك عبد الله الثاني والرئيس الشرع في عمان بتاريخ 26 شباط 2025.
وأكد الجانبان على ضرورة تعزيز التعاون الثنائي من خلال اعتماد آليات عمل عملية ومتكاملة، ورفع مستوى التنسيق إلى أعلى درجاته في مختلف المجالات. وفي هذا السياق، اتفق الوزيران على تشكيل مجلس تنسيق أعلى يضم قطاعات الطاقة، الصحة، الصناعة، التجارة، النقل، الزراعة، المياه، تكنولوجيا المعلومات، التعليم، والسياحة، على أن يعقد هذا المجلس أولى اجتماعاته خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأعرب الوزير الصفدي عن دعم بلاده الكامل لسوريا، مؤكداً أن الأردن يقف بثبات إلى جانب وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، وأنه يدعم عملية إعادة الإعمار بقيادة سورية خالصة، تشارك فيها كل أطياف المجتمع السوري على قاعدة المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة، والتخلص من الإرهاب، وضمان حقوق كافة السوريين بعد معاناة طويلة من القمع والدمار.
من جهته، شدد الوزير الشيباني على أن أمن المملكة الأردنية جزء لا يتجزأ من أمن سوريا، مشيداً بالعلاقات الأمنية المتقدمة بين البلدين، ومؤكداً استمرار التعاون الثنائي في محاربة الإرهاب، ولا سيما تنظيم "داعش"، والتصدي لعمليات تهريب السلاح والمخدرات التي تهدد استقرار المنطقة.
وأشاد الوزير الأردني بالجهود التي تبذلها الحكومة السورية لمكافحة تهريب المخدرات، مشيراً إلى أن هذه الجهود تعكس التزام دمشق المشترك مع عمّان تجاه الأمن الإقليمي.
كما بحث الجانبان الخطوات التنفيذية المرتقبة لتفعيل نتائج "مؤتمر سوريا ودول الجوار لمحاربة داعش"، الذي استضافته العاصمة الأردنية عمان في 9 آذار 2025. وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للنمو المتزايد في حركة التبادل التجاري بين البلدين، مع التأكيد على أهمية مواصلة العمل لتعزيز هذه المؤشرات بما يخدم اقتصادات الشعبين.
وفي الملف الإقليمي، دان الوزير الصفدي بشدة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، واعتبرها خرقاً سافراً للقانون الدولي وانتهاكاً لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة بين سوريا وإسرائيل عام 1974، محذراً من أن هذا التصعيد يُفاقم حالة التوتر في المنطقة.
واختُتم الاجتماع باتفاق الجانبين على استمرار التنسيق وتكثيف التواصل بين الوزارات والمؤسسات الرسمية في البلدين، بهدف اتخاذ خطوات عملية لزيادة التعاون الثنائي في المرحلة المقبلة، بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز استقرار المنطقة.
تستعد مديريات الأحوال المدنية في سوريا لاستئناف عملها مطلع الشهر المقبل، بعد توقف استمر منذ كانون الثاني الماضي، وسط تقديرات رسمية بتجاوز عدد الولادات غير المسجلة 200 ألف حالة، في ظل شلل إداري رافق سقوط النظام السابق.
مصادر في مديرية الأحوال المدنية أكدت أن تراكم طلبات تسجيل الولادات بات يشكّل ضغطاً غير مسبوق على مراكز التسجيل، لا سيما مع استمرار تقديم بعض الخدمات الأساسية مثل إخراج القيد والبيان العائلي في بعض المحافظات، بانتظار إعادة تفعيل كامل خدمات التسجيل.
توقف لأسباب لوجستية وشبكية
في المقابل، أوضحت مصادر في الأحوال المدنية أن توقف برنامج تسجيل الواقعات يعود لأسباب لوجستية، تتعلق بتوحيد الشبكة الحاسوبية على مستوى القطر، وإدماج المناطق الخارجة سابقاً عن سيطرة النظام ضمن شبكة واحدة.
ورغم حداثة البرنامج الإلكتروني المعتمد، نفت المصادر وجود أي أعطال فنية تبرر التوقف، مؤكدة أن النسخة الحالية تعمل بكفاءة، وأن المهلة الزمنية لتسجيل الواقعات لن يُترتب عليها مخالفات في حال كان التأخير خارجاً عن إرادة المواطنين.
عودة تدريجية للعمل في عدة محافظات
ومع بداية الأسبوع، بدأت مديريات الأحوال المدنية في محافظات دير الزور، حماة، طرطوس والقنيطرة، باستئناف عملها تدريجياً. وأصبحت توفر خدمات مثل إخراج القيد الفردي والبيان العائلي، فيما يُنتظر تفعيل خدمات تسجيل الولادة والوفاة والزواج في مراحل لاحقة.
في دير الزور، أكد معاون مدير الأحوال المدنية أن الخدمات باتت متوفرة بشكل مجاني حالياً، للتخفيف عن الأهالي، خاصة مع ارتفاع تكاليف السفر إلى دمشق في الفترة الماضية لاستخراج الوثائق.
ازدحام مرتقب واستياء شعبي
ومع اقتراب موعد استئناف الخدمات بالكامل، يُتوقع أن تشهد مراكز الأحوال المدنية ازدحاماً حاداً، في ظل تراكم الطلبات وتجميد المعاملات منذ أشهر. وقد عبّر عدد من المواطنين عن استيائهم من استمرار هذا التوقف غير المبرر، مطالبين بتسريع فتح مراكز الخدمة.
أبعاد اقتصادية وتعطيل لنقل الملكيات
المشكلة لم تقتصر على الأحوال المدنية فقط، بل امتدت إلى توقف عمليات تسجيل ملكية العقارات والمركبات، ما انعكس سلباً على دورة الاقتصاد المحلي. ويؤكد قانونيون أن تأخير تسجيل الملكيات يعرقل تداول السوق العقارية ويعطل الاستثمار المحلي، خصوصاً في مناطق يشهد فيها السوق حراكاً بعد غياب النظام السابق.
ملف إدارة الهوية في مرحلة مفصلية
في ظل المتغيرات السياسية والإدارية التي تعيشها البلاد، يبدو أن إدارة ملف الهوية وتسجيل الواقعات يدخل مرحلة مفصلية، تتطلب توازناً دقيقاً بين الاحتياجات القانونية والاعتبارات الأمنية واللوجستية، غير أن التأخير المستمر يهدد بتحويل أزمة التسجيل إلى واحدة من أعمق أزمات ما بعد سقوط نظام الأسد البائد.
أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن أنقرة ترفض بشكل قاطع إقامة أي بنية فيدرالية على الأراضي السورية، مشدداً على ضرورة تفكيك كافة التشكيلات المسلحة، وعلى رأسها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، ودمج عناصرها ضمن الجيش السوري.
وجاءت تصريحات فيدان خلال اجتماع عقده في مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم، بحضور عدد من النواب عن مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول ومنطقة البحر الأسود، حيث تناول الوزير التركي أبرز تطورات الملف السوري والموقف التركي إزاء المستجدات الإقليمية.
وقال فيدان: "نراقب التطورات المتعلقة بقسد بحساسية عالية، وسيتعين على هؤلاء إلقاء السلاح والانضمام إلى الجيش السوري"، مضيفاً: "لن نسمح بقيام أي كيان مسلح أو نظام اتحادي خارج بنية الدولة السورية الموحدة". وأكد أن تركيا تعتبر إدراج المكوّن الكردي ضمن الإطار الدستوري السوري كجزء من مكونات البلاد "أمراً ضرورياً" لاستقرار سوريا، شريطة أن يتم ذلك ضمن بنية الدولة الموحدة.
رفض للهجمات الإسرائيلية وتنسيق إقليمي ضد الإرهاب
وفي معرض حديثه عن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، أعرب فيدان عن إدانته لتلك الهجمات، معتبراً أنها "تسهم في تأجيج التوتر الإقليمي وتهدد الأمن في عموم الشرق الأوسط". وأضاف: "نتخذ موقفاً حاسماً تجاه هذه الاعتداءات، ونعمل بالتنسيق مع سوريا ودول المنطقة لضمان الاستقرار ومكافحة الإرهاب".
كما أعلن عن ترتيبات جارية لتنسيق الجهود الإقليمية في محاربة تنظيم داعش، مشيراً إلى أن أنقرة ستعمل بشكل مشترك مع الأردن ودول أخرى معنية لضمان القضاء على أي بقايا للتنظيم الإرهابي.
حول سياسة ترمب: الأولوية هي عدم عودة داعش
وفي رده على سؤال بشأن سياسة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تجاه الملف السوري، قال وزير الخارجية التركي إن ترمب "رئيس منتخب، ولا يمكن عزل مواقفه عن الإطار المؤسسي للسياسة الأميركية". وأضاف: "ما يهمه بدرجة أولى هو عدم السماح لداعش بإعادة التمركز في سوريا، وهذا بات واضحاً من خلال تصريحاته وتحركاته".
وفي ختام تصريحاته، حذر فيدان من أن استمرار الهجمات الإسرائيلية "يساهم في خلق فراغات أمنية يستفيد منها داعش"، داعياً إلى تبني مقاربة متوازنة تعزز أمن المنطقة وتحول دون عودة التهديدات الإرهابية.
في أعقاب التحولات السياسية العميقة التي شهدتها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، عادت مسألة الفيدرالية لتتصدر المشهد السياسي في مناطق شمال شرقي البلاد. وتتمسك القوى الكردية، لاسيما المجلس الوطني الكردي (ENKS) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، بطرح الفيدرالية كنموذج حكم مثالي لحل القضية الكردية ضمن سوريا موحدة وديمقراطية، علماً أن روسيا كانت أول من طرحها إبان اجتماعات أستانا.
رؤية موحدة لفيدرالية دستورية
تؤكد القوى الكردية أن النظام الفيدرالي لا يهدف إلى الانفصال، بل إلى ضمان الحقوق القومية، والإدارية، والثقافية للكرد، وتمثيلهم دستورياً، ضمن دولة سورية موحدة. ويجري العمل على مسودة توافقية ستُعرض قريباً في اجتماع موسع يضم الأطراف الكردية السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والتنظيمات النسوية، وممثلين من خارج الإطارين الرئيسيين ENKS وPYD.
كشف مدير المدينة الصناعية في حلب، أحمد الكردي، عن مباحثات جرت مع وفد رسمي من وزارة الصناعة والتكنولوجيا في تركيا، ركزت على دراسة إمكانية دعم المدينة بالطاقة الكهربائية والبنية التحتية، في إطار جهود إعادة تشغيلها بكامل طاقتها الإنتاجية.
وقال الكردي، في تصريحات نشرها المكتب الإعلامي لمحافظة حلب، إن وفداً من الوزارة التركية برئاسة حسن حلمي، نائب مدير العلاقات الخارجية في الوزارة، زار المدينة الصناعية يوم الأربعاء، حيث عقد سلسلة لقاءات مع القائمين على إدارتها، واطلع ميدانياً على واقع العمل والإنتاج، بالإضافة إلى التحديات التي تعرقل النشاط الصناعي في المدينة.
وأشار إلى أن الجانبين ناقشا بشكل موسع سبل دعم القطاعات الحيوية في المدينة الصناعية، بما في ذلك تأمين الكهرباء وتحسين البنية التحتية لصالح الصناعيين السوريين، إلى جانب استعراض فرص التعاون في مشاريع تنموية مستقبلية.
وتزامنت هذه الزيارة مع زيارة رسمية لوزير التجارة التركي، عمر بولات، إلى العاصمة دمشق، حيث عقد لقاءات مع وزير الاقتصاد والصناعة السوري، محمد الشعار، تركزت على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".
وخلال مؤتمر صحفي مشترك، أكد الوزير التركي أن التعاون الثنائي سيشمل مجالات عدة، أبرزها تطوير أنظمة الجمارك والنقل، وإنشاء مدن صناعية ومناطق حرة، إضافة إلى توسيع قاعدة الشراكات الاقتصادية بين القطاعين العام والخاص في سوريا وتركيا.
وضم الوفد التركي المرافق للوزير بولات ممثلين عن عدد من الوزارات والنقابات الاقتصادية، فضلاً عن رؤساء غرف التجارة والصناعة، ما يعكس جدية التوجه نحو مرحلة جديدة من التنسيق الاقتصادي بين البلدين بعد المتغيرات السياسية الأخيرة في سوريا.
وأكد الجانبان في الاجتماع على أهمية "التنسيق العالي في القضايا الاقتصادية"، وتطرقا إلى عدد من القضايا الجوهرية، من بينها تعزيز التبادل التجاري، مناقشة التعرفة الجمركية، الاستثمار التركي في المناطق الحرة السورية، وتنشيط حركة عبور السيارات والشاحنات بين البلدين، بما في ذلك إعادة فتح معبر كسب الحدودي أمام حركة الشحن التجارية الصغيرة.
خارطة طريق لتعميق التعاون الاقتصادي
وشهد اللقاء الموسّع الذي جمع الوفد التركي بمسؤولي الهيئة السورية، مناقشات مفصلة حول تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية، وتذليل العقبات التي تعترض تدفق السلع، إلى جانب وضع خطة لتوسيع الصادرات المتبادلة ورفع مستواها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
وأعرب قتيبة بدوي عن شكر سوريا العميق للدولة التركية قيادةً وحكومةً وشعباً، مشيداً بالمواقف التركية الداعمة للشعب السوري منذ انطلاق الثورة وحتى تحقيق النصر على النظام البائد، مشيراً إلى تشكيل لجان تركية متخصصة لتقديم الدعم للحكومة السورية في مختلف القطاعات بعد سقوط النظام.
كما أكد البدوي أن الحكومة السورية اتخذت سلسلة من الإجراءات الجمركية منذ بداية العام الجاري تهدف إلى رفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين، موضحاً أهمية تأهيل البنى التحتية في المعابر والموانئ، وخاصة فيما يخص أجهزة الفحص (السكانر)، لدعم انسياب البضائع وتعزيز قطاع النقل المشترك والسياحة.
بولاط: تركيا ملتزمة بدعم سوريا وشعبها
من جانبه، شدد وزير التجارة التركي عمر بولاط على أن زيارة الوفد التركي، والتي ضمت نخبة من رجال الأعمال وممثلي غرف التجارة والصناعة في تركيا، تأتي في سياق تعزيز التعاون مع الحكومة السورية الجديدة. ولفت إلى عمق الروابط التاريخية بين الشعبين السوري والتركي، مؤكداً أن **أنقرة حريصة على الوقوف إلى جانب دمشق في مرحلة البناء والتنمية**.
وقال بولاط: "منذ انطلاق الثورة، وقف الشعب التركي مع أشقائه السوريين، واليوم نحتفل بانتصار الحق والعدالة، ونثق بأن سوريا الموحدة ستواصل السير نحو مستقبل مزدهر"، مضيفاً أن **تركيا تدعم خطط النهوض بالاقتصاد السوري وتعتبر استقراره أولوية استراتيجية**.
دعم تركي لتأهيل المعابر وتنظيم المعارض
وخلال الاجتماع، أعرب عدد من أعضاء الوفد التركي عن استعدادهم للمساهمة في إعادة تأهيل المعابر البرية المشتركة وميناءي اللاذقية وطرطوس، وتقديم الدعم في مجال تكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن اهتمام بعض الشركات المتخصصة بتنظيم معارض دائمة للمنتجات التركية في سوريا.
وفي ردّه على مداخلات الوفد، أوضح بدوي أن الهيئة أجرت تعديلات على الرسوم الجمركية استناداً إلى اقتراحات عملية تهدف إلى توحيد الأنظمة في المنافذ البرية والبحرية، وحماية المنتج المحلي، وتوفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة.
وأشار رئيس الهيئة إلى أنه تم الاتفاق على إقامة منطقة حرة سورية – تركية مشتركة، يتم فيها إنشاء مصانع من الطرفين، وتُمنح منتجاتها إعفاءً جمركياً، بما يعزز قدرتها التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية.
كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن وزارتي الخارجية والخزانة في الولايات المتحدة تدرسان حالياً مقترحات لتخفيف بعض القيود الاقتصادية الصارمة المفروضة على سوريا، في إطار سعي الإدارة الأمريكية إلى التأثير في مسار المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد عقب سقوط نظام بشار الأسد.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه المقترحات وردت في رسالة بعث بها بول غواغليانوني، أحد كبار مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية، إلى عضوة مجلس الشيوخ إليزابيث وارن، مطلع الشهر الجاري، في خطوة تعكس تصاعد النقاش داخل دوائر الأمن القومي حول طبيعة التعامل مع الحكومة السورية الجديدة، وإمكانية احتضانها وتوجيهها نحو الاستقرار.
وأكد غواغليانوني في رسالته أن نهاية "الحكم الوحشي والقمعي لبشار الأسد" تمثل لحظة تاريخية فارقة تتيح للشعب السوري فرصة استثنائية للانطلاق نحو مرحلة إعادة الإعمار، وربما تقليص النفوذ الإيراني والروسي في البلاد.
وأوضح المسؤول الأمريكي أن الخارجية، بالتعاون مع وزارة الخزانة، تبحث "خيارات إضافية لدعم أهداف السياسة الأمريكية"، تتضمن تسهيلات محتملة مثل الإعفاءات من العقوبات، أو إصدار تراخيص خاصة، بالإضافة إلى تفعيل مسارات دعم عبر شركاء دوليين ومؤسسات مانحة.
وتسلط الرسالة، بحسب "بوليتيكو"، الضوء على توجهات إدارة الرئيس دونالد ترمب في التعاطي مع الواقع السوري الجديد، وتأثير هذه التوجهات المحتملة على التوازنات الإقليمية في الشرق الأوسط، خصوصاً مع تغير المعطيات السياسية في دمشق وانفتاح الباب أمام ترتيبات جديدة داخل سوريا وخارجها.
في وقتٍ تتفاقم فيه أزمة الكهرباء جنوب سوريا لتغدو واحدة من أكثر ملفات الخدمات تعقيدًا، كثّفت إدارة الأمن العام نشاطها الأمني في محافظة درعا، حيث أطلقت حملة مداهمات واسعة استهدفت قُرى محاذية للأوتستراد الدولي، بحثًا عن مطلوبين متورطين في سرقة وقطع الأسلاك الكهربائية الرئيسية.
وأفاد مصدر أمني أن دورية تابعة للإدارة تعرّضت لإطلاق نار مباشر خلال تنفيذ مهامها في مدينة الشيخ مسكين، ما أدى إلى اشتباك مسلّح أسفر عن مقتل أحد اللصوص وإصابة ثلاثة آخرين، بينما تستمر الحملة الأمنية وسط تعزيزات أُرسلت باتجاه بلدة محجة ومحيطها.
و تشهد المنطقة تصعيدًا غير مسبوق في عمليات التعدي على الشبكات الكهربائية، لا سيما ما يُعرف بـ"الخط الذهبي" المعفى من برامج التقنين، هذا الخط، الذي كان سابقًا مخصصًا لتغذية المنشآت الحيوية.
ومن تداعيات هذه الأزمة لا تقف عند حدود الانقطاع الكهربائي، بل طاولت المشافي وآبار المياه والمناطق الصناعية، حيث يعجز كثيرون عن تأمين الحد الأدنى من الطاقة اللازمة لتسيير أعمالهم.
وتؤكد مصادر طبية أن أقسام العناية المركزة في بعض المشافي تواجه خطر التوقف الكامل، في حال لم يتم تأمين بدائل فورية.
وفي محاولة لتدارك الوضع، أقدمت شركة كهرباء درعا بالتعاون مع الأمن العام على فصل التغذية عن الآبار الخاصة والتعديات الأخرى، لا سيما في المنطقة الشرقية، مع تنظيم ضبوط قانونية بحق المخالفين.
وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن الخسائر المالية الناجمة عن التعديات الشهرية تتجاوز ملايين الليرات، تشمل كلف الإصلاح وتعويضات الأعطال. ومع ازدهار السوق السوداء لمعدات الطاقة البديلة، تتفاقم معاناة المواطن، العاجز عن تحمّل كلفة "البديل"، أو مواجهة شبكة من المصالح المتشابكة.
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد موسكو لبذل كل الجهود الممكنة للحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، مشيراً إلى أهمية استقرار سوريا كعامل محوري في الأمن الإقليمي والدولي.
وجاءت تصريحات بوتين خلال لقائه مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم الخميس في الكرملين، حيث ناقش الجانبان تطورات الأوضاع في سوريا وسبل التعاون في تقديم الدعم الإنساني والسياسي للشعب السوري.
وقال الرئيس الروسي: "ناقشنا تطورات الوضع في سوريا، وهو ملف يحظى بأهمية خاصة لدينا، وسنقوم بكل ما بوسعنا لضمان بقاء سوريا دولة ذات سيادة، مستقلة، وموحدة الأراضي". وأعرب بوتين عن رغبته في التباحث مع الجانب القطري حول آليات تقديم المساعدة للشعب السوري، لافتاً إلى أن "المشكلات في سوريا لا تزال كبيرة على الصعيدين السياسي والأمني، فضلاً عن التحديات الاقتصادية الملحة".
من جانبه، أشار أمير قطر إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع زار الدوحة قبل أيام، وأن لقاءه معه تناول ملفات متعددة أبرزها "العلاقة التاريخية والاستراتيجية بين سوريا وروسيا". وأكد الشيخ تميم أن الرئيس الشرع "يولي أهمية كبرى لتأسيس علاقات قائمة على الاحترام المتبادل ومصالح الشعبين".
وأضاف أمير قطر أن سوريا تمر حالياً بمرحلة دقيقة وحساسة، مشدداً على أن "دعم استقرارها والحفاظ على وحدتها يصب في مصلحة الجميع". وأعرب عن تطلع بلاده إلى تنسيق المواقف مع موسكو دعماً لهذه المرحلة الانتقالية في سوريا، وتعزيزاً للسلم الأهلي فيها.
شهدت دائرة الامتحانات في مدينة حلب ازدحاماً خانقاً خلال الأيام الماضية، مع توافد آلاف الطلاب من حاملي شهادتي التعليم الأساسي والثانوي، القادمين من مختلف مناطق الريف للتسجيل في الامتحانات، وسط ظروف خدمية وتنظيمية بالغة الصعوبة.
وفي التفاصيل أفادت مصادر إعلامية بأن الطلاب القادمون من مناطق بعيدة مثل منبج وجرابلس اضطروا للانتظار لساعات طويلة تحت أشعة الشمس، دون وجود تنظيم واضح أو آلية مرنة تُسهم في تخفيف العبء عنهم.
هذا المشهد الفوضوي دفع بالكثيرين إلى التعبير عن شعورهم بالإحباط والإرهاق، في وقت وصفوا فيه الإجراءات بالمعقدة والعشوائية وقال أحد الطلاب "أحاول منذ أكثر من ستة أيام أن أتسجل من دون جدوى".
وأضاف أن "الازدحام شديد، والانتظار طويل، ولم أستطع إنجاز معاملتي حتى الآن" ويؤكد أن مئات الطلاب الذين افترشوا الأرصفة، بعضهم قدموا من مناطق نائية، واستيقظوا قبل الفجر على أمل إنجاز معاملاتهم، ليصطدموا بمشهد لا يقل تعقيداً عن رحلتهم الطويلة.
و وصف أحد الطلاب الإجراءات بأنها "معقدة جداً"، مشيراً إلى أن اليوم هو آخر موعد للتسجيل، وقال: "أنا هنا منذ السابعة صباحاً، ولا يزال مئات الطلاب بحاجة إلى تدخل عاجل من وزارة التربية لتبسيط العملية".
و دعا طلاب إلى حلول أكثر واقعية، وأكدوا على ضرورة "فتح مراكز تسجيل إضافية في الريف أو تفعيل نظام التسجيل الإلكتروني، بحيث تتم الإجراءات المبدئية عن بُعد، ثم يأتي الطالب فقط لدفع الرسوم".
الشكاوى لم تتوقف عند سوء التنظيم، بل طالت أيضاً ما وُصف بتجاوزات واضحة، إذ تحدث عدد من الطلاب عن اضطرارهم لدفع رشاوى من أجل تسريع دورهم في ظل غياب الرقابة، ما فاقم شعورهم بالتمييز والظلم.
هذا وتُسلّط هذه الأزمة الضوء على الحاجة العاجلة لإصلاح آلية تسجيل الطلاب في مدينة حلب، وضرورة إعادة توزيع الجهد الإداري بشكل عادل يضمن وصول الطلاب من مختلف المناطق إلى حقهم في التعليم دون مشقة التنقل أو عناء الانتظار.
في سابقة قضائية أثارت موجة غضب واسعة بين أهالي ضحايا الاعتقال والتعذيب في سوريا، كشف موقع "زمان الوصل" عن إفراج قاضية في دمشق عن اللواء المتقاعد محمود يونس عمار، رغم وجود اعترافات صريحة بتورطه في عمليات نصب على عائلات معتقلين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري السابق.
اللواء السابق استغل معاناة أهالي المعتقلين في واحدة من أكثر القضايا حساسية في الذاكرة السورية. وبحسب التفاصيل، فإن عائلة الشقيقين حسن وأنس صعب، من بلدة السماقيات في ريف حمص، كانت من بين ضحاياه، حيث وعدهم بإطلاق سراح ولديهم مقابل مبالغ مالية ضخمة، مقدماً أوراقاً رسمية موقعة من جهات عسكرية. ليتبيّن لاحقاً أن الشقيقين كانا قد فارقا الحياة منذ سنوات داخل المعتقلات.
ورغم نجاح الأمن العام السوري في القبض على محمود عمار، فإن القاضية هناء علي الأغا أصدرت قراراً مفاجئاً بالإفراج عنه في 17 نيسان/ أبريل، تحت ذريعة "تقدمه في السن"، متجاهلة الكم الكبير من الشكاوى ضده، واعترافه المباشر بالوقائع.
"المال لا يهم، بل وجع القلوب"
في سياق متصل، نشرت "أم عبد الله السعود"، والدة أحد المعتقلين من مدينة معرة النعمان، شهادة مؤلمة وثّقت فيها تفاصيل تعرضها للنصب من قبل اللواء عمار، واصفة ما جرى بـ"الاستهانة بآلام الأمهات والتلاعب بمشاعر من ينتظرون أبناءهم في ظلمة الفقد".
تقول أم عبد الله إنّ القصة تعود إلى شهر رمضان عام 2014، حين أخبر أحد أبناء مدينتها زوجها، الطبيب مازن السعود، أنه على صلة بضابط في القصر الجمهوري يمكنه المساعدة في إطلاق سراح ابنهما المعتقل عبدالله، مقابل مبلغ مالي.
"بدأ زوجي يتسلّق تلال كفرنبل بحثاً عن إشارة هاتف ليتواصل مع المجرم أبو حيدر، الضابط محمود عمار، الذي طلب دفعات مالية متتالية، أرسلناها عبر مكاتب تحويل في الغدفة... وكل مرة كنا نتلقى وثائق رسمية تؤكد انتقال ملف ابننا من محكمة الإرهاب إلى المصالحة، ثم إلى العفو، وأخيراً إلى البراءة"، تروي الأم.
مع كل وثيقة، كانت العائلة تستعد لاستقبال عبدالله. "اشتريت له ملابس جديدة، نظّفنا المنزل، وانتظرناه أيام العيد على أمل أن يطرق الباب في أية لحظة"، تقول أم عبدالله بصوت متكسر، قبل أن تضيف: "لكن الأمل تلاشى. بدأ الضابط بالمماطلة، ثم انقطع التواصل. مرت شهور ونحن على هذا الحال، إلى أن وصلتنا شهادة وفاة عبدالله بتاريخ 15 نيسان 2014، أي قبل 4 أشهر من بداية عملية النصب".
قضاء متواطئ ومتهمون بلا محاسبة
قضية اللواء محمود يونس عمار فتحت مجدداً ملف العدالة في سوريا، ومدى تورط بعض القضاة في حماية المتهمين وتبرئتهم رغم الأدلة. القاضية هناء علي الأغا، بحسب نشطاء حقوقيين، معروفة بسجلّها المثير للجدل في ملفات تتعلق بمعتقلين سياسيين، وقد وُجهت إليها اتهامات سابقة بالتغاضي عن قضايا فساد وتجاوزات أمنية.
وفي تعليق لأهالي الضحايا، قال الطبيب أسعد حسن الشيباني، أحد ذوي المعتقلين: "نحن لا نطالب فقط بمحاكمة الضابط محمود عمار، بل نطالب أيضاً بمحاسبة القاضية التي أخلت سبيله، وكل من تستر على جرائمه".
ويطالب أهالي الضحايا الحكومة السورية الجديدة بإعادة النظر بشكل جذري في بنية القضاء، وتطهيره من "القضاة الشبيحة"، الذين كانوا جزءاً من منظومة الاستبداد والفساد، مؤكدين أن أي عملية عدالة انتقالية لا يمكن أن تكتمل دون محاسبة عادلة لكل من تورط، ولو بطريقة غير مباشرة، في تعذيب المعتقلين أو المتاجرة بآلام أهاليهم.
تأتي هذه القضية لتعيد إلى الواجهة واحدة من أكثر القضايا حساسية في مسار العدالة السورية، وهي استغلال المأساة الإنسانية من قبل عناصر أمنية سابقة ومسؤولين سابقين في مؤسسات الدولة، لتحويل معاناة المعتقلين إلى مصدر كسب غير مشروع، تحت أنظار قضاء وُصف طويلاً بأنه أداة بيد النظام السابق.
ورغم صدور تقارير وشهادات متعددة من ضحايا وشهود حول انتهاكات عمار، لا يزال هذا الملف بحاجة إلى تحقيق جنائي شفاف وشامل، يكشف شبكة الفساد التي امتدت لعقود تحت مظلة النظام الأمني، والتي لم تنتهِ بزواله، بل تتطلب تفكيكاً ومساءلة قانونية شاملة.
تلقى الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الخميس، عدداً من برقيات التهنئة من قادة وزعماء عرب، بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين ليوم الجلاء، الذي يصادف السابع عشر من نيسان/أبريل، والذي يرمز إلى جلاء آخر جندي فرنسي عن الأراضي السورية في عام 1946.
وعبّر الزعماء العرب في رسائلهم عن خالص تهانيهم للشعب السوري وقيادته، متمنين لسوريا مزيداً من الأمن والاستقرار والوحدة، بعد سنوات من الحرب والمعاناة التي عاشها السوريون، مؤكدين على وقوف دولهم إلى جانب سوريا في مرحلة إعادة البناء وترسيخ السيادة الوطنية.
وأكدت البرقيات على عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين سوريا والدول العربية، مشددين على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك، ودعم تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل يسوده السلام والعدالة والكرامة.
وفي مقدمة المهنئين، بعث أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، برقية تهنئة إلى الرئيس أحمد الشرع، أشاد فيها بثبات الشعب السوري وتضحياته من أجل نيل الحرية والاستقلال، مشيراً إلى أن "ذكرى الجلاء هذا العام تحمل بُعداً جديداً بعد زوال حقبة الظلم والطغيان".
كما وجّه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رسالة تهنئة عبّر فيها عن "اعتزاز الإمارات بعلاقات الأخوة والتاريخ المشترك مع سوريا"، مؤكداً على دعم بلاده لكل ما من شأنه تحقيق الاستقرار والازدهار في سوريا الجديدة.
من جانبه، بعث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني برسالة مماثلة، هنّأ فيها الشعب السوري بالتحول السياسي التاريخي الذي تعيشه البلاد، مؤكداً على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين، وفتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية المبنية على المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية.
كما وردت برقيات تهنئة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس التونسي قيس سعيد، والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، إلى جانب رسائل من عدد من قادة الدول العربية الأخرى.
السابع عشر من نيسان.. عيد الجلاء السوري ذاكرة نضال وتجديد للسيادة
في السابع عشر من نيسان من كل عام، تحيي الجمهورية العربية السورية ذكرى "عيد الجلاء"، الذي يرمز إلى مغادرة آخر جندي فرنسي أراضي سوريا عام 1946، معلنًا انتهاء عهد الانتداب الفرنسي، وبداية مرحلة الاستقلال الوطني الكامل. لم يكن ذلك اليوم مجرد حدث عابر في تاريخ البلاد، بل لحظة مفصلية تجسد إرادة السوريين في التحرر والسيادة، وتُجدد كل عام معاني العزة والانتماء والوفاء لتضحيات الأجداد.
الجلاء: خلاصة نضال شعب وكرامة وطن
يُجسّد عيد الجلاء ثمرة كفاح طويل خاضه السوريون ضد الاستعمار الفرنسي، نضال امتد لعقود تخلله العمل المسلح والمقاومة الشعبية والمواقف السياسية الصلبة. وكانت الثورة السورية الكبرى عام 1925، بقيادة القائد العام سلطان باشا الأطرش، ذروة هذا الكفاح الوطني، حين خرج السوريون من مختلف المناطق في مواجهة الاحتلال، متحدين في راية واحدة من أجل الحرية والكرامة.
إلى جانب الكفاح المسلح، برزت شخصيات وطنية قادت العمل السياسي والدبلوماسي، مثل إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي وفارس الخوري، وقد شكّل هؤلاء رموزًا خالدة للنضال الوطني. وعلى أكتاف هذه الأسماء، ومن خلفهم شعب صامد، تحقق الاستقلال الذي يُكرَّم اليوم في كل بقعة سورية.
عيد الجلاء اليوم هو تأكيد على أن الاستقلال لا يُقاس فقط بخروج المستعمر، بل بقياس قدرة الشعوب على صون سيادتها، وحماية مكتسباتها الوطنية، وترسيخ مبادئ المواطنة الفاعلة، وبناء مؤسسات دولة تحترم القانون وتنهض على أسس الحرية والحقوق.