الأخبار أخبار سورية أخبار عربية أخبار دولية
١٠ يونيو ٢٠٢٥
وزير الأوقاف: نجاح موسم الحج 1446 محطة مفصلية في مسيرة سوريا الجديدة

أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد أبو الخير شكري أن نجاح موسم الحج لهذا العام 1446 هـ يشكل محطة استراتيجية مهمة في مسار سوريا الجديدة، ومؤشراً واعداً على عودة البلاد إلى دورها الطبيعي في العالمين العربي والإسلامي. واعتبر أن ما تحقق هذا العام سيكون قاعدة راسخة لمواسم الحج القادمة، خصوصاً في ضوء التحسينات الملحوظة في الخدمات الإدارية والصحية والدينية.

وفي تصريح خاص لوكالة "سانا"، أوضح الوزير شكري أن واقع الحجاج السوريين هذا العام كان مختلفاً، لكونه أول موسم حج ينطلق من دمشق بعد سنوات من الانقطاع، وهو ما انعكس بعمق على مشاعرهم الروحانية والوطنية. 


وأضاف أن شعور الحجاج بالحرية والكرامة جسّد عودة سوريا إلى محيطها العربي والإسلامي، وأعاد إليهم الإحساس بالانتماء والطمأنينة، وهو ما بدا واضحاً في تفاعلهم الإيجابي وأدائهم المميز للمناسك.

ونوّه شكري بالدور التنظيمي الذي أدّته المملكة العربية السعودية في إنجاح الموسم، لا سيما من خلال الإجراءات الصارمة لضبط النظام وتيسير مناسك الحج، مشيداً بفعالية التنسيق المباشر واليومي بين وزارة الحج والعمرة السعودية ووزارة الأوقاف السورية. واعتبر أن هذا التعاون المستمر أتاح تقديم حلول سريعة للمشكلات وتوفير استجابات عاجلة لخدمة الحجاج السوريين.

وأشار الوزير إلى أن موسم هذا العام تميز بتطور نوعي في مختلف الخدمات، سواء من الناحية التنظيمية أو الصحية أو الدينية، مشيداً بأداء البعثات السورية التي أنجزت مهامها وفق الجداول الزمنية المخططة، بما يعكس جهوزية مؤسسية واستعداداً احترافياً يعزز من مكانة سوريا في مجال تنظيم شؤون الحج.

وأضاف شكري أن شعار هذا الموسم، "قُل الحمد لله"، لم يكن مجرد عنوان، بل ترجم فعلياً على أرض الواقع من خلال العمل الدؤوب والمتواصل لفريق الخدمات الذي تجاوزت ساعات عمله اليومية 20 ساعة لضمان راحة الحجاج وتذليل العقبات.

واختتم الوزير بالإشارة إلى أن تجربة هذا العام تفتح آفاقاً واسعة لتوسيع وتحسين الخدمات المقدمة للحجاج السوريين في المواسم القادمة، مؤكداً أن من لا يواكب التطور يتجاوزه الزمن، ومشدداً على أن الوزارة تنظر إلى هذا النجاح باعتباره بداية جديدة لمرحلة أكثر إشراقاً في خدمة ضيوف الرحمن من أبناء سوريا.

 

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
مباحثات سورية تركية لتعزيز التعاون في مجال السكك الحديدية وإعادة تأهيل شبكة النقل

أجرى المدير العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية، أسامة حداد، مباحثات مع القنصل التركي في حلب، هاكان جينكيز، تناولت سبل تعزيز التعاون بين الجانبين في قطاع النقل السككي، وذلك خلال لقاء عُقد في مقر المؤسسة.

وركز اللقاء على آليات تبادل الخبرات الفنية والتكنولوجية في مجال السكك الحديدية، في إطار جهود متبادلة لمدّ جسور التعاون التقني والتدريبي. وبحث الطرفان إمكانية توقيع اتفاقيات تعاون مستقبلية تتضمن برامج للتأهيل الفني، وتنظيم زيارات ميدانية للكوادر السورية إلى تركيا بهدف التدريب وتطوير المهارات.

وأوضح حداد أن هذه الخطوة تأتي في سياق تحسّن تدريجي في العلاقات الاقتصادية بين سوريا وتركيا، بعد فترة من الجمود والانقطاع في المشاريع المشتركة والتبادل التجاري. ولفت إلى أن قطاع السكك الحديدية يُعد من أكثر القطاعات التي تضررت بفعل الحرب، حيث تعرّضت البنية التحتية إلى دمار واسع، وأُوقفت العديد من الخطوط والمسارات عن الخدمة.

وأشار حداد إلى أن التحديات التي يواجهها قطاع النقل السككي لا تقتصر على الأضرار المادية، بل تشمل أيضاً نقص التمويل، والحاجة إلى تجهيزات وقطارات حديثة، فضلاً عن النقص في الكوادر البشرية المؤهلة، نتيجة النزوح والتدهور العام الذي أصاب القطاع خلال سنوات النزاع.

من جهته، أعرب القنصل التركي عن استعداد بلاده لتقديم الدعم الفني والخبرات اللازمة من أجل المساهمة في إعادة تأهيل وتحديث شبكة السكك الحديدية في سوريا، بما يسهم في تعزيز كفاءة منظومة النقل ويرفد جهود الإنعاش الاقتصادي.

ويُذكر أن الجهات السورية المختصة تعوّل على تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لإعادة تشغيل شبكة السكك الحديدية، باعتبارها من الركائز الأساسية في عملية إعادة الإعمار، ولما لها من دور محوري في تسهيل حركة البضائع والركاب، ودعم مشاريع التنمية المستدامة على المستوى الوطني.

 

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
قائد "سنتكوم": سقوط الأسد لحظة مفصلية... والمشروع الإيراني في سوريا تلقّى ضربة قاصمة

اعتبر الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، أن سقوط نظام بشار الأسد يمثل تحولاً استراتيجياً غير مسبوق في الشرق الأوسط، واصفاً الحدث بأنه "الأبرز في المنطقة منذ سنوات"، ويشكّل فرصة تاريخية لإنهاء أحد أكثر الفصول دموية في تاريخ سوريا الحديث.

وفي إفادته خلال جلسة استماع في مجلس النواب الأميركي، أشار كوريلا إلى أن روسيا تدفع اليوم ثمناً باهظاً لتورطها العسكري والسياسي العميق إلى جانب نظام الأسد لأكثر من عقد، قائلاً: "ما تحصده موسكو الآن هو نتيجة دعمها الوحشي لنظام مجرم قمع شعبه وسحق مؤسسات الدولة".

وأكد كوريلا أن النظام السابق في دمشق كان يشكّل ركيزة أساسية للمشروع الإيراني في المنطقة، حيث لعب دور "الدمية بيد طهران"، وسهّل تمرير السلاح إلى "حزب الله" اللبناني، كما وفّر لروسيا موطئ قدم استراتيجياً في قلب بلاد الشام.

وأضاف: "انهيار نظام الأسد وجّه ضربة قاصمة لمخططات إيران في المنطقة، بما في ذلك المشروع الذي كان يقوده قاسم سليماني لإقامة ما يُعرف بالهلال الشيعي الممتد من طهران إلى بيروت، مروراً ببغداد ودمشق"، مشيراً إلى أن تلك الرؤية "تم تهشيمها مع سقوط الحلقة المركزية في دمشق".

وبينما أقرّ كوريلا بأن الحكومة السورية الجديدة تواجه تحديات ضخمة لإعادة بناء مؤسسات الدولة، أشار إلى أن ثمة جهداً واضحاً لإرساء شكل جديد من الحكم يسعى إلى تحقيق الاستقرار بعد سنوات من الحرب. وقال: "ثمة فرصة الآن لإعادة بناء نظام سياسي يمنع الانهيار مجدداً ويحول دون تحوّل سوريا إلى مصدر تهديد إقليمي أو بؤرة للإرهاب العابر للحدود".

في المقابل، حذّر قائد "سنتكوم" من أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ما يزال يمتلك القدرة على إعادة تشكيل نفسه عسكرياً، محذراً من أن التنظيم "يسعى لاستغلال المرحلة الانتقالية والفوضى في بعض المناطق لإعادة ترتيب صفوفه". وأضاف: "إذا خُفّف الضغط العسكري عنه، فقد يتمكن داعش من استعادة السيطرة في سوريا خلال عامين فقط".

واختتم كوريلا بالإشارة إلى أن لحظة سقوط نظام الأسد تمثل "منعطفاً استراتيجياً يجب التعامل معه بحذر وحكمة"، مؤكداً أن واشنطن تراقب الوضع السوري عن كثب، وتواصل التزامها بمحاربة الإرهاب وضمان عدم عودة التنظيمات المتطرفة إلى المشهد.

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
نقابة المحامين في حمص تنتقد قرارات لجنة السلم الأهلي وتطالب بالالتزام بمبادئ العدالة الانتقالية

انتقدت لجنة العدالة الانتقالية والدفاع عن حقوق الإنسان – نقابة المحامين فرع حمص، تصريحات لجنة السلم الأهلي التي أثارت جدلاً واسعًا لدى السوريين، مؤكدةً تمسكها بمبادئ العدالة الانتقالية وحقوق الضحايا، مشيرة إلى أن محاسبة المتورطين في الجرائم المرتكبة خلال حقبة النظام السابق لا يمكن تجاوزها تحت مسميات المصالحة أو التسويات السياسية.

وأوضحت اللجنة في بيانها أن العدالة لا تُختزل في إجراءات أمنية أو تسويات سياسية، بل تقوم على منظومة متكاملة تشمل كشف الحقيقة، جبر الضرر، محاسبة الجناة، وضمان عدم تكرار الجرائم.

وشددت على أن الضحايا وأولياء الدم لا يُمثلهم أحد دون إرادتهم، ولا يجوز تقديم مصالحات باسمهم دون اعتراف بالمسؤولية ومحاسبة المتورطين، كما أن أي عفو أو إفراج لا يستند إلى قرار قضائي يشكل انتهاكًا واضحًا للمبادئ القانونية.

ورفضت اللجنة لما وصفته بـ"العفو الانتقائي وغير القانوني"، في إشارة إلى قرار العفو عن المدعو فادي صقر وإطلاق سراحه، وهو ما اعتبرته تجاوزًا خطيرًا يمس حقوق الضحايا وكرامتهم، ويقوض الثقة بعملية السلم الأهلي.

وأكدت على ضرورة أن تكون العدالة في سوريا المستقبل شفافة وغير مسيّسة، ولا تقوم على مجرد عناوين للتسوية، بل على مرجعية وطنية موحدة تضمن المحاسبة والانصاف، ورفض تبرير العفو باسم "مصلحة الدولة"، مؤكدة أن الدولة الدستورية لا تُبنى على النسيان أو القفز عن الجرائم، بل على الاعتراف والمساءلة.

وفي ختام بيانها، شددت اللجنة على أن الشكل الحقيقي للعدالة الانتقالية في سوريا لا يقوم إلا على الوضوح القانوني وتغليب الحقوق على التسويات، مؤكدة أن أي تجاهل لهذه المبادئ لن يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الاستبداد وتهديد السلم المجتمعي.

وسبق أن حذر "فضل عبد الغني" مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، من خطورة الإفراج عن عناصر وضباط نظام بشار الأسد، على مسار العدالة الانتقالية في سوريا، مؤكداً أن "الإفراج عن أفراد يشتبه بتورطهم في جرائم جسيمة، بعضهم معروف على نطاق واسع بمسؤوليته عن انتهاكات خطيرة وموثقة، دون أي توضيحات رسمية من قبل الحكومة، يولّد مشاعر غضب واحتقان في أوساط الضحايا ويدفع باتجاه شعور متزايد بعدم الإنصاف".

 واعبتر عبد الغني في تسجيل صوتي لشبكة "شام"، أن أي خطوة من هذا النوع يجب أن تتم في إطار شفاف وخاضع للقانون، مؤكداً أن "من حق الرأي العام أن يعرف على أي أساس تم اتخاذ هذا القرار"، وقال إننا نتحدث عن قضايا تتعلق بالتعذيب، والإخفاء القسري، والقتل، وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، ولا يجوز التعامل معها بمعزل عن المساءلة".

 وأكد عبد الغني أن صلاحية البت في مصير هؤلاء الأشخاص، لا سيما المتهمين بارتكاب انتهاكات خطيرة، يجب أن تكون حصرية للسلطة القضائية المستقلة، وليس لأي جهة تنفيذية أو أمنية، وأوضح: "من الواجب تحويل ملفاتهم إلى القضاء عبر النائب العام، ليُصار إلى اتخاذ قرار قضائي واضح، سواء بالإفراج أو المحاكمة، بناء على أدلة وضمن مسار قانوني شفاف".

 واعتبر أن الإجراء الأخير "يمثل مخالفة صريحة للمعايير القانونية"، موضحاً أن "اعتقال الأشخاص ثم الإفراج عنهم دون رقابة قضائية حقيقية يعكس حالة من الفوضى، ويرسل رسالة بالغة السلبية إلى المجتمع مفادها أن الجناة قد يفلتون من المحاسبة".

 وتابع عبد الغني محذراً من أن غياب العدالة قد يؤدي إلى نتائج كارثية على الصعيد المجتمعي، قائلاً: "حين يشعر الضحايا بأن لا أحد سينصفهم، وأن العدالة لن تتحقق، فإن هذا قد يدفع بعضهم إلى الانتقام الفردي، ويفتح الباب أمام العنف والقتل خارج القانون".

 واختتم مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان تصريحه بدعوة الحكومة السورية المؤقتة إلى الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات، وإحالة جميع قضايا الانتهاكات إلى القضاء المختص، كخطوة أساسية لضمان العدالة، وتعزيز الثقة المجتمعية بمؤسسات الدولة وسيادة القانون.

 وكان أثار المؤتمر الصحفي الذي عقدته "لجنة السلم الأهلي" في مبنى وزارة الإعلام بدمشق، بإدارة عضو اللجنة حسن صوفان، موجة واسعة من الغضب والرفض في أوساط السوريين، خصوصًا بين ذوي الضحايا وأبناء الثورة، لما تضمنه من مواقف اعتُبرت تبريرات صريحة لمجرمي الحرب وتطبيعًا مع رموز النظام السابق تحت شعار "السلم الأهلي" و"حقن الدماء".

 الاستياء العام جاء عقب تصريحات صوفان خلال المؤتمر، والتي دافع فيها عن سياسة الإفراج عن عدد من ضباط النظام السابقين وعدم محاسبتهم وفق القانون وعبر محاكم علنية، وعلى رأسهم "فادي صقر"، متجاهلًا سجلهم الدموي الحافل، وذهب صوفان إلى حد اعتبار هؤلاء شركاء في النصر، معتبراً أن بعضهم ساهم في "حقن الدم السوري" وفي التعاون مع قيادة العمليات العسكرية خلال معارك "التحرير"، مطالبًا من ينتقدهم بتقديم "أدلة موثوقة" على تورطهم في الجرائم.

 وتواجه الحكومة السورية الجديدة في دمشق، حالة واسعة من الانتقال والحنق الشعبي من طرف "أبناء الثورة" وذوي الضحايا والمفقودين، وسط حالة استنكار شائعة تُنذر بانفجار وشيك، مع حالة التماهي المتبعة مع أذناب والنظام البائد ومجرمي الحرب الذين يتم الإفراج  عنهم تباعاً من السجون دون إخضاعهم لأي محاكم أو محاسبة.

 خلال الأشهر الماضية، وفي سياق السياسة التصالحية بين كافة مكونات الشعب السوري التي اتبعتها السلطة الجديدة في سوريا، برز مايسمى "السلم الأهلي" لاسيما عقب أحداث الساحل الدامية في شهر آذار عقب هجمات فلول الأسد، لكن هذا السلم بدأ يأخذ منحى "استفزاز أهلي"، مع تصدير شخصيات متورطة بدماء السوريين في واجهة المشهد، والإفراجات المتكررة عن ضباط وعناصر للنظام البائد متورطون بالدماء.

 ففي الوقت الذي لم ينجو إلا بضع مئات من المعتقلين المفقودين في سجون الأسد، وهروب كبار الضباط والمجرمين، وحالة الصدمة التي عاشتها مئات آلاف العائلات التي تجهل حتى اليوم مصير أبنائها، تصاعدت المطالبة بتطبيق "العدالة الانتقالية"، لإنصاف هؤلاء الضحايا، ولتأخذ العدالة مجراها كما في كل بلد يخرج من أتون الحرب، ويسعى لترميم الجراح ومداواتها وتعويذ ذوي الضحايا.
لكن مايجري حالياً - وفق رأي الغالبية العظمى من أبناء الثورة - الذين دفعوا الدماء والتضحيات وخسروا الكثير لايزال الآلاف منهم في المخيمات، بات استفزازياً ويسير في غير مساره الطبيعي، عقب الإفراج عن المئات من ضباط النظام وعناصره، كذلك التماهي في ملاحقة الشبيحة الذين عادوا لمناطقهم وبدئوا باستفزاز الأهالي.

 ظهور "فادي صقر" وكثير من الشخصيات القيادية في عهد النظام البائد في صدارة الداعين للسلم الأهلي، وتأمين الحماية الأمنية لهؤلاء، كذلك شأن التجار ومجرمي الحرب الكبار المعروفين في عهد الأسد، ممن عادوا إلى دمشق مؤخراً، والموالين من الشبيحة والممثلين والفنانين والشخصيات التي ساندت الأسد لسنوات طويلة وروجت ودعت للقتل والتدمير، لاتزال في مأمن ودون محاسبة باسم "السلم الأهلي".

 كل هذه الخطوات، باتت تدفع باتجاه حالة متصاعدة من الحنق والرفض الشعبي لهذا السياسة التصالحية الزائدة مع مجرمي الحرب، والمتورطين بالدم، وعدم محاسبتهم ومحاكمتهم وفق الأصول القانونية، بدأت تدفع تجاه الانتقام الفردي عبر خلايا مجهولة باتت تمارس عمليات القتل والانتقام في حلب وحمص والساحل وحماة بشكل يومي، مايعزز انتشار الجريمة وغياب سلطة الدولة ونشر الفوضى العارمة.

 كانت حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من أن الصلاحيات المحدودة الممنوحة للهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا تُهدد بتقويض مصداقيتها وتُقصي العديد من الضحايا، داعية الحكومة السورية إلى ضمان مشاركة فعلية وواسعة للناجين والمجتمعات المتضررة في مسار العدالة الانتقالية.
وفي بيان أصدرته المنظمة تعليقاً على المرسوم الرئاسي القاضي بتشكيل كلٍّ من "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين"، اعتبرت أن "هاتين الهيئتين يمكن أن تمثّلا نقطة تحوّل مهمة في كشف حقيقة الفظائع المرتكبة في سوريا وتحقيق المساءلة، لكن نجاحهما سيعتمد على الشفافية والانفتاح ومشاركة الضحايا".

 وأبدت المنظمة الحقوقية قلقها من أن مرسوم إنشاء هيئة العدالة الانتقالية جاء بصلاحيات "محدودة بشكل مقلق"، إذ يقتصر على الانتهاكات التي ارتُكبت من قبل النظام المخلوع بقيادة بشار الأسد، دون التطرق إلى الجرائم التي ارتكبتها جهات غير حكومية، كما أنه لا يوضح آليات إشراك الضحايا في تصميم وتنفيذ مهام اللجنة، ما يشكّل – بحسب المنظمة – "نقطة ضعف جوهرية".

 وشددت المنظمة على أن استمرار الإقصاء سيزيد من عمق الانقسامات المجتمعية، وأشارت إلى أن سوريا تقف اليوم عند مفترق طرق، فإما أن تسلك مساراً حقيقياً للعدالة يُنصف الضحايا، أو تكرّس ممارسات الماضي التي أدت إلى الدمار والانقسام.

 من جهتها، كانت أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً جديداً يحدد الأطر القانونية والمبادئ الأساسية التي ينبغي أن تستند إليها عملية تشكيل هيئة العدالة الانتقالية، تحت عنوان: "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان توصي بإنشاء هيئة العدالة الانتقالية في سوريا عبر قانون صادر عن المجلس التشريعي."

 أكد التقرير ضرورة تأسيس هيئة العدالة الانتقالية في سوريا بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية، محذّراً من المخاطر التي قد تترتب على اللجوء إلى مرسوم تنفيذي كبديل عن المسار التشريعي. 

 وأوضح أنَّ اعتماد هذا الأسلوب من شأنه أن يهدد استقلال الهيئة ويقوّض فعاليتها، مستشهداً بتجارب دولية في دول مثل أوغندا وبيرو والمغرب، حيث أظهرت تلك التجارب أنَّ الهيئات التي أنشئت بقرارات تنفيذية غالباً ما تفتقر إلى السلطة الفعلية والشرعية المجتمعية، وتعاني من ضعف في قدراتها التحقيقية، ومحدودية في إشراك الضحايا، فضلاً عن تعرضها لتدخلات سياسية تُضعف أداءها وتؤثر على استقلالها.

 وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أصدر في 17 أيار/مايو 2025 مرسومين رئاسيين يقضيان بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية" و"الهيئة الوطنية للمفقودين"، بهدف التصدي لإرث الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت خلال حكم النظام السابق، والكشف عن مصير أكثر من 100 ألف مفقود.

 وقد لاقت هذه الخطوة إشادة واسعة من أطراف دولية ومنظمات حقوقية، واعتبرتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مؤشراً واضحاً على التزام الحكومة السورية الجديدة بالمسار الحقوقي، وتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية، في إطار أوسع لبناء بيئة مستقرة وآمنة تُمهّد لإعادة بناء الدولة على أسس القانون والحقوق.
 
ووفق فعاليات أهلية وشعبية، فإننا نقف اليوم على مفترق طرق خطير، حيث بلغ الاستياء الشعبي في سوريا حدًّا ينذر بانفجار اجتماعي إذا لم يتم تداركه سريعًا إنّ حالة الغضب التي تعمّ الشارع السوري اليوم لا تنبع فقط من الظروف المعيشية أو الأمنية، بل من إحساس عميق بالظلم… وإهمال متواصل لأهم الملفات المصيرية:

 وأكد هؤلاء أن تغييب العدالة عن المرحلة الانتقالية، وعدم محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت بحق أبناء هذا الشعب، يشكّل خرقًا صارخًا لكل وعود الإصلاح والتغيير، فلا يمكن الحديث عن مستقبل دون مصالحة حقيقية، ولا يمكن أن تقوم المصالحة على طيّ الصفحات قبل قراءتها ومحاسبة من لوّثها بالدم والفساد.

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
فضل عبد الغني: الإفراج عن ضباط سابقين دون محاكمة يقوّض الثقة بالعدالة

حذر "فضل عبد الغني" مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، من خطورة الإفراج عن عناصر وضباط نظام بشار الأسد، على مسار العدالة الانتقالية في سوريا، مؤكداً أن "الإفراج عن أفراد يشتبه بتورطهم في جرائم جسيمة، بعضهم معروف على نطاق واسع بمسؤوليته عن انتهاكات خطيرة وموثقة، دون أي توضيحات رسمية من قبل الحكومة، يولّد مشاعر غضب واحتقان في أوساط الضحايا ويدفع باتجاه شعور متزايد بعدم الإنصاف".

واعبتر عبد الغني في تسجيل صوتي لشبكة "شام"، أن أي خطوة من هذا النوع يجب أن تتم في إطار شفاف وخاضع للقانون، مؤكداً أن "من حق الرأي العام أن يعرف على أي أساس تم اتخاذ هذا القرار"، وقال إننا نتحدث عن قضايا تتعلق بالتعذيب، والإخفاء القسري، والقتل، وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، ولا يجوز التعامل معها بمعزل عن المساءلة".

وأكد عبد الغني أن صلاحية البت في مصير هؤلاء الأشخاص، لا سيما المتهمين بارتكاب انتهاكات خطيرة، يجب أن تكون حصرية للسلطة القضائية المستقلة، وليس لأي جهة تنفيذية أو أمنية، وأوضح: "من الواجب تحويل ملفاتهم إلى القضاء عبر النائب العام، ليُصار إلى اتخاذ قرار قضائي واضح، سواء بالإفراج أو المحاكمة، بناء على أدلة وضمن مسار قانوني شفاف".

واعتبر أن الإجراء الأخير "يمثل مخالفة صريحة للمعايير القانونية"، موضحاً أن "اعتقال الأشخاص ثم الإفراج عنهم دون رقابة قضائية حقيقية يعكس حالة من الفوضى، ويرسل رسالة بالغة السلبية إلى المجتمع مفادها أن الجناة قد يفلتون من المحاسبة".

وتابع عبد الغني محذراً من أن غياب العدالة قد يؤدي إلى نتائج كارثية على الصعيد المجتمعي، قائلاً: "حين يشعر الضحايا بأن لا أحد سينصفهم، وأن العدالة لن تتحقق، فإن هذا قد يدفع بعضهم إلى الانتقام الفردي، ويفتح الباب أمام العنف والقتل خارج القانون".

واختتم مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان تصريحه بدعوة الحكومة السورية المؤقتة إلى الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات، وإحالة جميع قضايا الانتهاكات إلى القضاء المختص، كخطوة أساسية لضمان العدالة، وتعزيز الثقة المجتمعية بمؤسسات الدولة وسيادة القانون.

وكان أثار المؤتمر الصحفي الذي عقدته "لجنة السلم الأهلي" في مبنى وزارة الإعلام بدمشق، بإدارة عضو اللجنة حسن صوفان، موجة واسعة من الغضب والرفض في أوساط السوريين، خصوصًا بين ذوي الضحايا وأبناء الثورة، لما تضمنه من مواقف اعتُبرت تبريرات صريحة لمجرمي الحرب وتطبيعًا مع رموز النظام السابق تحت شعار "السلم الأهلي" و"حقن الدماء".

الاستياء العام جاء عقب تصريحات صوفان خلال المؤتمر، والتي دافع فيها عن سياسة الإفراج عن عدد من ضباط النظام السابقين وعدم محاسبتهم وفق القانون وعبر محاكم علنية، وعلى رأسهم "فادي صقر"، متجاهلًا سجلهم الدموي الحافل، وذهب صوفان إلى حد اعتبار هؤلاء شركاء في النصر، معتبراً أن بعضهم ساهم في "حقن الدم السوري" وفي التعاون مع قيادة العمليات العسكرية خلال معارك "التحرير"، مطالبًا من ينتقدهم بتقديم "أدلة موثوقة" على تورطهم في الجرائم.

وتواجه الحكومة السورية الجديدة في دمشق، حالة واسعة من الانتقال والحنق الشعبي من طرف "أبناء الثورة" وذوي الضحايا والمفقودين، وسط حالة استنكار شائعة تُنذر بانفجار وشيك، مع حالة التماهي المتبعة مع أذناب والنظام البائد ومجرمي الحرب الذين يتم الإفراج  عنهم تباعاً من السجون دون إخضاعهم لأي محاكم أو محاسبة.

خلال الأشهر الماضية، وفي سياق السياسة التصالحية بين كافة مكونات الشعب السوري التي اتبعتها السلطة الجديدة في سوريا، برز مايسمى "السلم الأهلي" لاسيما عقب أحداث الساحل الدامية في شهر آذار عقب هجمات فلول الأسد، لكن هذا السلم بدأ يأخذ منحى "استفزاز أهلي"، مع تصدير شخصيات متورطة بدماء السوريين في واجهة المشهد، والإفراجات المتكررة عن ضباط وعناصر للنظام البائد متورطون بالدماء.

ففي الوقت الذي لم ينجو إلا بضع مئات من المعتقلين المفقودين في سجون الأسد، وهروب كبار الضباط والمجرمين، وحالة الصدمة التي عاشتها مئات آلاف العائلات التي تجهل حتى اليوم مصير أبنائها، تصاعدت المطالبة بتطبيق "العدالة الانتقالية"، لإنصاف هؤلاء الضحايا، ولتأخذ العدالة مجراها كما في كل بلد يخرج من أتون الحرب، ويسعى لترميم الجراح ومداواتها وتعويذ ذوي الضحايا.
لكن مايجري حالياً - وفق رأي الغالبية العظمى من أبناء الثورة - الذين دفعوا الدماء والتضحيات وخسروا الكثير لايزال الآلاف منهم في المخيمات، بات استفزازياً ويسير في غير مساره الطبيعي، عقب الإفراج عن المئات من ضباط النظام وعناصره، كذلك التماهي في ملاحقة الشبيحة الذين عادوا لمناطقهم وبدئوا باستفزاز الأهالي.

ظهور "فادي صقر" وكثير من الشخصيات القيادية في عهد النظام البائد في صدارة الداعين للسلم الأهلي، وتأمين الحماية الأمنية لهؤلاء، كذلك شأن التجار ومجرمي الحرب الكبار المعروفين في عهد الأسد، ممن عادوا إلى دمشق مؤخراً، والموالين من الشبيحة والممثلين والفنانين والشخصيات التي ساندت الأسد لسنوات طويلة وروجت ودعت للقتل والتدمير، لاتزال في مأمن ودون محاسبة باسم "السلم الأهلي".

كل هذه الخطوات، باتت تدفع باتجاه حالة متصاعدة من الحنق والرفض الشعبي لهذا السياسة التصالحية الزائدة مع مجرمي الحرب، والمتورطين بالدم، وعدم محاسبتهم ومحاكمتهم وفق الأصول القانونية، بدأت تدفع تجاه الانتقام الفردي عبر خلايا مجهولة باتت تمارس عمليات القتل والانتقام في حلب وحمص والساحل وحماة بشكل يومي، مايعزز انتشار الجريمة وغياب سلطة الدولة ونشر الفوضى العارمة.

كانت حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من أن الصلاحيات المحدودة الممنوحة للهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا تُهدد بتقويض مصداقيتها وتُقصي العديد من الضحايا، داعية الحكومة السورية إلى ضمان مشاركة فعلية وواسعة للناجين والمجتمعات المتضررة في مسار العدالة الانتقالية.
وفي بيان أصدرته المنظمة تعليقاً على المرسوم الرئاسي القاضي بتشكيل كلٍّ من "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين"، اعتبرت أن "هاتين الهيئتين يمكن أن تمثّلا نقطة تحوّل مهمة في كشف حقيقة الفظائع المرتكبة في سوريا وتحقيق المساءلة، لكن نجاحهما سيعتمد على الشفافية والانفتاح ومشاركة الضحايا".

وأبدت المنظمة الحقوقية قلقها من أن مرسوم إنشاء هيئة العدالة الانتقالية جاء بصلاحيات "محدودة بشكل مقلق"، إذ يقتصر على الانتهاكات التي ارتُكبت من قبل النظام المخلوع بقيادة بشار الأسد، دون التطرق إلى الجرائم التي ارتكبتها جهات غير حكومية، كما أنه لا يوضح آليات إشراك الضحايا في تصميم وتنفيذ مهام اللجنة، ما يشكّل – بحسب المنظمة – "نقطة ضعف جوهرية".

وشددت المنظمة على أن استمرار الإقصاء سيزيد من عمق الانقسامات المجتمعية، وأشارت إلى أن سوريا تقف اليوم عند مفترق طرق، فإما أن تسلك مساراً حقيقياً للعدالة يُنصف الضحايا، أو تكرّس ممارسات الماضي التي أدت إلى الدمار والانقسام.

من جهتها، كانت أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً جديداً يحدد الأطر القانونية والمبادئ الأساسية التي ينبغي أن تستند إليها عملية تشكيل هيئة العدالة الانتقالية، تحت عنوان: "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان توصي بإنشاء هيئة العدالة الانتقالية في سوريا عبر قانون صادر عن المجلس التشريعي."

أكد التقرير ضرورة تأسيس هيئة العدالة الانتقالية في سوريا بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية، محذّراً من المخاطر التي قد تترتب على اللجوء إلى مرسوم تنفيذي كبديل عن المسار التشريعي. 

وأوضح أنَّ اعتماد هذا الأسلوب من شأنه أن يهدد استقلال الهيئة ويقوّض فعاليتها، مستشهداً بتجارب دولية في دول مثل أوغندا وبيرو والمغرب، حيث أظهرت تلك التجارب أنَّ الهيئات التي أنشئت بقرارات تنفيذية غالباً ما تفتقر إلى السلطة الفعلية والشرعية المجتمعية، وتعاني من ضعف في قدراتها التحقيقية، ومحدودية في إشراك الضحايا، فضلاً عن تعرضها لتدخلات سياسية تُضعف أداءها وتؤثر على استقلالها.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أصدر في 17 أيار/مايو 2025 مرسومين رئاسيين يقضيان بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية" و"الهيئة الوطنية للمفقودين"، بهدف التصدي لإرث الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت خلال حكم النظام السابق، والكشف عن مصير أكثر من 100 ألف مفقود.

وقد لاقت هذه الخطوة إشادة واسعة من أطراف دولية ومنظمات حقوقية، واعتبرتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مؤشراً واضحاً على التزام الحكومة السورية الجديدة بالمسار الحقوقي، وتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية، في إطار أوسع لبناء بيئة مستقرة وآمنة تُمهّد لإعادة بناء الدولة على أسس القانون والحقوق.
 
ووفق فعاليات أهلية وشعبية، فإننا نقف اليوم على مفترق طرق خطير، حيث بلغ الاستياء الشعبي في سوريا حدًّا ينذر بانفجار اجتماعي إذا لم يتم تداركه سريعًا إنّ حالة الغضب التي تعمّ الشارع السوري اليوم لا تنبع فقط من الظروف المعيشية أو الأمنية، بل من إحساس عميق بالظلم… وإهمال متواصل لأهم الملفات المصيرية:

وأكد هؤلاء أن تغييب العدالة عن المرحلة الانتقالية، وعدم محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت بحق أبناء هذا الشعب، يشكّل خرقًا صارخًا لكل وعود الإصلاح والتغيير، فلا يمكن الحديث عن مستقبل دون مصالحة حقيقية، ولا يمكن أن تقوم المصالحة على طيّ الصفحات قبل قراءتها ومحاسبة من لوّثها بالدم والفساد.

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
وزير الخارجية يلتقي نظيره الفرنسي في نيس لبحث آخر المستجدات في الشأن السوري

التقى وزير الخارجية السوري، السيد أسعد حسن الشيباني، بنظيره الفرنسي، السيد جان نويل بارو، في مدينة نيس الفرنسية، وذلك على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات المنعقد في 10 حزيران 2025. وناقش الجانبان خلال اللقاء الثنائي عدداً من القضايا الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك.

تركزت المباحثات على مستجدات الأوضاع في سوريا، لا سيما في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، مع التأكيد على النجاحات التي تحققت على هذه المسارات، إلى جانب التحديات القائمة، سواء تلك المرتبطة بجهات داخلية مثل "قوات سوريا الديمقراطية"، أو تلك الناجمة عن التدخلات الإسرائيلية، وانعكاسها على استقرار البلاد.

وأشاد وزير الخارجية الفرنسي بوتيرة التقدم المحرز في العملية السياسية، والجدول الزمني الملتزم به، كما نوّه باستمرار التعاون السوري مع المنظمات متعددة الأطراف، وفي مقدمتها الأمم المتحدة. من جانبه، عبّر الوزير السوري عن تقدير بلاده للدور الفرنسي في رفع العقوبات، واهتمام باريس بتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية مع سوريا، لا سيما في الملفات الحساسة، ومنها قضية الأسلحة الكيميائية التي تعود إلى الحقبة السابقة.

واتفق الوزيران على أهمية مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق، حيث رحّب الوزير الفرنسي بزيارة مرتقبة لنظيره السوري إلى نيويورك، في إطار مناقشة مقترحات تتعلق بمسألة حل الدولتين.

ويأتي هذا اللقاء ليؤكد حرص الطرفين على ترسيخ الحوار البنّاء وتعزيز التعاون الثنائي، في سبيل التصدي للتحديات المشتركة، ودعم مسار الاستقرار والتنمية في المنطقة.

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
واشنطن تحذر من استهداف الرئيس الشرع وتدعو لتنسيق حماية دولية حوله

عبّر السفير الأميركي والمبعوث الخاص إلى سوريا في عهد الرئيس دونالد ترامب، توم باراك، عن قلق إدارة بلاده من احتمال تعرّض الزعيم السوري الجديد أحمد الشرع لمحاولات اغتيال من قبل متشددين معارضين لجهوده الإصلاحية، مؤكداً ضرورة إنشاء منظومة حماية متقدمة لحمايته من هذه التهديدات المتنامية.

وفي مقابلة مع موقع “المونيتور”، قال باراك: “نحن بحاجة إلى تنسيق نظام حماية حول الشرع”، مضيفاً أن أطرافًا متطرفة داخل سوريا، لا سيما من الفصائل الجهادية المنشقة، تنظر إلى محاولات الحكومة الجديدة في دمشق لبناء نظام شامل باعتبارها تهديداً لمصالحها الأيديولوجية والعسكرية.

السياق الأمني بعد سقوط النظام البائد

منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول، تسلم أحمد الشرع قيادة البلاد وسط تحديات معقدة أبرزها احتواء الفصائل المسلحة، ودمج المقاتلين السابقين، وتأسيس بنية أمنية قادرة على فرض القانون وحماية التنوع الوطني. ووفق باراك، فإن الشرع يعمل على دمج مقاتلين أجانب سابقين في الجيش الوطني، ما يجعلهم هدفاً مغرياً للتجنيد من قبل تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى.

وأشار باراك إلى أن التأخير في تقديم المساعدات الاقتصادية “يمنح الجماعات المتشددة الفرصة لإشعال الفوضى” ويزيد من صعوبة مهمة الحكومة الوليدة في السيطرة على الأوضاع.

لا تدخل عسكرياً.. بل تنسيق استخباراتي

أكد باراك أن الحل الأميركي لا يقوم على التدخل العسكري المباشر، بل عبر “تبادل استخباراتي وثيق بين حلفاء الولايات المتحدة”، لردع أي مخططات تهدد أمن القيادة السورية الجديدة.

وفي تقييمه للرئيس الشرع، وصفه باراك بأنه “ذكي، واثق، ومُركّز”، نافياً الاتهامات المتعلقة بماضيه الجهادي، ومشيداً بما وصفه بـ”الإسلام المعتدل” الذي يسعى الشرع لتكريسه في بنية الدولة الجديدة، مستشهداً بإصلاحات اجتماعية شهدتها إدلب كإلغاء شرطة الآداب وتخفيف القيود على اللباس، والانفتاح على مكونات المجتمع من مسيحيين ودروز.

تحديات متراكمة وإشادة بالتوازن السياسي

ورغم تصاعد العنف الطائفي في بعض المناطق، خاصة في الساحل السوري، رأى باراك أن الحكومة الجديدة تدير الملف الأمني والسياسي بـ”أقصى درجات الحكمة الممكنة”، داعياً إلى استمرار دعمها دولياً.

كما أشاد بجهود الشرع في إعادة الممتلكات المصادرة إلى أبناء الأقليات، وبتشكيله حكومة تضم ممثلين عن مختلف الأطياف، بما يعكس رؤية وطنية غير إقصائية.

لا شروط… لكن “توقعات”

وحول العقوبات، أوضح باراك أن قرار رفعها الذي أعلنه الرئيس ترامب بعد لقائه بالشرع في الرياض كان “غير مشروط”، لكنه محاط بتوقعات واضحة، مثل التصدي للمسلحين الفلسطينيين، ومحاربة داعش، والانفتاح على اتفاقات إبراهيم، والسعي إلى استقرار دائم في الشرق الأوسط.

وقد اتخذت الإدارة الأميركية إجراءات متسارعة منذ لقاء الشرع-ترامب، من بينها إصدار وزارة الخزانة الأميركية ترخيصًا عامًا للتعامل مع المؤسسات المالية السورية، وإعفاءات مؤقتة من قانون قيصر، بانتظار تحرك تشريعي لإلغاءه تمامًا.

العلاقة مع إسرائيل وقوات سوريا الديمقراطية

في سياق آخر، تناول باراك ملف العلاقة مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن الرئيس الشرع ملتزم باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، في وقت تواصل فيه إسرائيل تنفيذ عمليات عسكرية في جنوب سوريا. ورأى باراك أن هناك “تفاهمًا غير معلن” بين الطرفين يجنّب التصعيد.

أما داخلياً، فقد وقّع الشرع اتفاقاً مع قوات سوريا الديمقراطية لدمج عناصرها في الجيش الوطني، وتم تنفيذ عمليات تبادل للأسرى، وسط استمرار الخلافات حول ملفات مثل إدارة سد تشرين.

الأمل في اقتصاد يتعافى

واعتبر باراك أن الهدف الأميركي في سوريا يتمثل في “إزالة العوائق أمام التعافي الاقتصادي”، مشجعاً على دور خليجي وتركياي وسوري محلي في إعادة الإعمار. وأشار إلى أن “ذرة أمل واحدة تتغلب على مخزون من الواقع السيء”، في إشارة إلى إشارات الانفراج الميداني والاقتصادي ال

وفي ضوء هذا التصور، يبدو أن واشنطن تراهن على تجربة سياسية جديدة في سوريا بقيادة الشرع، لكنها ترى أن الدعم الاقتصادي لا يكفي وحده، بل يجب أن يترافق مع حماية أمنية مركزة وتنسيق استخباراتي مكثف لردع أي تهديدات داخلية أو خارجية، ومنع البلاد من الانزلاق مجددًا نحو الفوضى

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
تعاون أمني واستخباراتي يسفر عن إلقاء القبض على مجموعة خارجين عن القانون بريف حمص

أعلنت مديرية الأمن الداخلي في منطقة تلكلخ بريف محافظة حمص الغربي الثلاثاء 10 حزيران، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، من إلقاء القبض على أفراد مجموعة خارجين عن القانون خلال عملية أمنية نوعية نفذت في قرية أم الدوالي بريف حمص.

ونتج عن العملية عن ضبط مستودع يحتوي أسلحةً وذخائر، وهو جزء من الجهود المستمرة التي تبذلها الأجهزة الأمنية لتعزيز الأمن والاستقرار في محافظة حمص.

وتمكنت قوات الأمن من مصادرة الأسلحة والذخائر وأحالت الموقوفين إلى القضاء المختص لاستكمال الإجراءات القانونية، ما يعكس التزام الدولة الكامل بالحفاظ على أمن المواطنين ومكافحة أي تهديدات أمنية.

وأكدت وزارة الداخلية السورية في بيان رسمي أن هذه العملية تأتي في إطار الجهود المستمرة لمكافحة الجرائم، وتعزيز الاستقرار الأمني في جميع المناطق.

وكانت عثرت قوى الأمن الداخلي في مدينة حمص، في 8 من حزيران، على دراجة نارية مفخخة في أحد أزقة المدينة، وعملت على الفور على تفكيكها بعد استدعاء الفرق الهندسية، دون وقوع أضرار مادية أو خسائر بشرية.

وأطلقت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص حملةً أمنية في منطقة المخرم شمال شرق المحافظة، نهاية شهر أيار الماضي أسفرت عن ضبط كمية كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والذخائر.

وأحبطت مديرية الأمن الداخلي في مدينة القصير بريف حمص محاولة تهريب شحنة أسلحة نوعية كانت معدّة للعبور إلى الأراضي اللبنانية، وذلك بعد عملية رصد ومتابعة دقيقة نفذتها قوى الأمن.

وأوضحت وزارة الداخلية السورية في بيان، أن الشحنة المضبوطة تضمنت صواريخ موجهة مضادة للدروع من طراز "كورنيت"، وذخائر من عيار 30 مم، كانت مخبأة بإحكام داخل مركبة محملة بالخضروات بهدف التمويه.

وأضاف البيان أن العملية الأمنية نُفذت باختيار دقيق للزمان والمكان المناسبين، وأسفرت عن ضبط المركبة ومصادرة الأسلحة والذخائر، كما تم إلقاء القبض على السائق المتورط، وإحالته إلى القضاء المختص لاستكمال الإجراءات القانونية بحقه.

وأكدت الوزارة أن هذه العملية تأتي في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها مديريات الأمن الداخلي في التصدي لمحاولات تهريب الأسلحة، وضبط الأنشطة غير القانونية التي تهدد الأمن والاستقرار.

ويأتي تزايد حالات ضبط المهربات في وقت تبذل فيه الإدارة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، جهودًا حثيثة لبسط سيطرة الدولة على الحدود مع دول الجوار، لا سيما لبنان، حيث يشمل ذلك ملاحقة مهربي الأسلحة والمخدرات، وفلول النظام السابق الذين يُنظر إليهم كمصدر تهديد أمني دائم.

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
شبيح مكوع يتصدر الواجهة بغطاء إنساني.. من هو الشبيح الطائفي "سقراط الرحيلة"؟!

تصدر المدعو اسمه "سقراط الرحيلة"، أحد أبناء مدينة جبلة بريف محافظة اللاذقية، مواقع التواصل الاجتماعي، كأحد الشخصيات الإعلامية التي تنشط بغرض "السلم الأهلي" والعمل الإغاثي".

وأسس "رحية"، مؤخرًا فريق تحت مسمى "فريق سقراط التطوعي"، وزعم انه نشط في "إغاثة الحالات المنكوبة" وروج خلال ذلك وجود ما وصفها مجازر في الساحل السوري، حيث حرض ضد الدولة السورية في عدة مناسبات.

ودعا خلال الفترة الماضية إلى الإفراج عن عناصر وضباط جيش النظام البائد بدعوى كما ادعى أن ذلك يندرج في سياق "المبادرات الوطنية والأنسانية لزرع الفرح".

وبمراجعة تاريخ "سقراط"، بتبين أنه شبيح مكوع حيث يظهر مؤخرًا الولاء للدولة السورية الجديدة، علما أنه من أشد شبيحة نظام الأسد البائد.

واشتهر بتقديس قتلى النظام البائد ووصفهم بالشهداء، ولا يزال في صفحته الكثير من النعوات لا سيما نعوة المجرم اللواء "عصام زهر الدين". إضافة إلى "حسن الرحية، رامي الرحية".

وسبق أن شتم الثوار السوريين مرارا وتكرارا، في عدة مناسبات منها قوله إن معركة تحرير الساحل عام 2013، ونشر منشورات طائفية كثيرة منها "لبيك ياعلي، العلويين باقون" إضافة إلى السخرية من الحجاب، ونشر محتوى جنسي هابط.

والمفارقة أن الشبيح الطائفي "سقراط الرحيلة" الذي يروج للسلم الأهلي بغطاء العمل الإنساني، هو ذاته رفض ما سمي في عهد النظام البائد بالمصالحة، وقال عام 2018: "إرهابي من درعا يتجول بدمشق بعد عودته لحضن الوطن بينما وزارة التربية فصلت معلمين لعدم التحاقهم بالخدمة الاحتياطية" في جيش النظام البائد.

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
مقتل ناشط بارز وعنصر أمن داخلي بهجمات متفرقة مع تجدد الاغتيالات في درعا

شهدت محافظة درعا، اليوم الثلاثاء 10 حزيران 2025، تصاعداً خطيراً في عمليات الاغتيال وإطلاق النار التي طالت عدداً من المدنيين وعناصر الأمن الداخلي، في مشهد يعكس هشاشة الوضع الأمني في المحافظة، واستمرار التحديات أمام جهود ضبط الاستقرار.

اغتيال ناشط معارض ورفيقه شرق درعا

في واحدة من أبرز الهجمات، قُتل الناشط المعروف “عبد الرحمن الحريري”، الملقب بـ”أبو شاهين الصورة”، برفقة الشاب “محمد عبد الحميد الجرابعة”، بعد تعرض سيارتهما لإطلاق نار مباشر من قبل مجهولين على الطريق الواصل بين مدينة الحراك وبلدة الصورة في ريف درعا الشرقي. ونُقلت جثتاهما إلى مشفى الحراك.

ويُعتبر “أبو شاهين” من أبرز الناشطين المحليين على مواقع التواصل، حيث دأب على توثيق وفضح نشاطات مروجي المخدرات في المحافظة. اغتياله بهذا الشكل يثير مخاوف من استهداف الأصوات التي تكشف ملفات حساسة في الجنوب السوري.

مقتل عنصر في الأمن الداخلي غرب المحافظة

وفي بلدة حيط بريف درعا الغربي، أقدم مسلحون مجهولون على إطلاق النار على الشاب “محمود غسان الغزاوي”، ما أدى إلى مقتله، بينما أُصيب قريبه “معاذ الغزاوي” بجروح خلال الحادثة. ونُقل المصاب إلى أحد مشافي المنطقة لتلقي العلاج.

ووفق مصادر محلية، فإن القتيل يعمل ضمن صفوف جهاز الأمن الداخلي، وقد تم استهدافهما بعد استدراجهما إلى موقع في منطقة شفا وادي حيط.

محاولة اغتيال وإطلاق نار على منزل شمال درعا

في مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، فتح مجهولون النار على منزل “منوخ الهيمد”، دون ورود معلومات عن وقوع إصابات. وأفادت مصادر محلية أن قوى الأمن الداخلي ردّت بإطلاق نار باتجاه الدراجة النارية التي استُخدمت في الهجوم، والتي لاذ سائقوها بالفرار.

إصابة شاب في مدينة بصرى الشام

وفي حادثة منفصلة وقعت بعد منتصف الليل، أُصيب الشاب “خالد خليل المصاطفة” (المقداد) برصاصة في ساقه إثر إطلاق نار تعرض له في مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، ونُقل على إثرها إلى المشفى.

وبحسب مصادر إعلامية محلية، ارتفعت حصيلة الاغتيالات وحوادث إطلاق النار في محافظة درعا إلى أكثر من عشرة ضحايا خلال أسبوع واحد، ما يعكس اتساع دائرة الفلتان الأمني رغم الانتشار الأمني المكثف.

وتشير المعطيات إلى تنوع خلفيات المستهدفين بين عناصر أمن سابقين، وناشطين إعلاميين ومواطنين، ما يعقّد المشهد الأمني ويطرح تساؤلات عن الجهات التي تقف خلف هذه العمليات، لا سيما في ظل عدم تبنّي أي جهة مسؤولية عنها حتى اللحظة.

ويطالب أبناء المحافظة الجهات المعنية باتخاذ خطوات أكثر حزماً لضبط الأمن، وتجفيف منابع السلاح، وتعزيز أجهزة الشرطة المحلية التي تشكّلت عقب المرحلة الانتقالية، مؤكدين أن الاستقرار لا يمكن أن يتحقق دون وضع حد للفوضى والمحاسبة العادلة للمتورطين في الاغتيالات والتهديدات.

 

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
باحث سوري: السلم الأهلي لا يُبنى بالتجاوز عن حقوق الضحايا ولا بتمجيد رموز النظام السابق

قال الكاتب والباحث السوري "أحمد أبازيد"، إن عقد مؤتمر للسلم الأهلي في دمشق يُعد خطوة إيجابية من حيث المبدأ، وإن جاءت متأخرة، نظراً لكونه مطلباً ملحاً في ظل الظروف الراهنة، وشدد على أن مؤسسات الدولة مطالَبة بإعلان سياساتها وما تقوم به من إجراءات أمام الرأي العام، والخضوع للمساءلة الإعلامية على أقل تقدير، في ظل غياب آليات المساءلة الشعبية داخل الدولة نفسها.

ورأى أبازيد أن ما طرحه الأستاذ حسن صوفان عضو لجنة السلم الأهلي، ينطلق من مبدأ صحيح يتمثل في استحالة محاسبة كل من قاتل أو تعاون مع النظام السابق، إلا أن تطبيق هذا المبدأ تم بطريقة تُفرغ العدالة من مضمونها، إذ حُصرت المحاسبة فقط في كبار الضباط المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة، وهؤلاء إما غادروا البلاد، أو حصلوا على "أمان" من القيادة، ما يجعلهم فعلياً خارج نطاق المساءلة.

ولفت أبازيد إلى أن التسليم باستحالة محاسبة الجميع لا يعني بأي حال من الأحوال أن من حق الدولة إسقاط حقوق الضحايا أو التنازل عنها، فذلك ليس من صلاحياتها أصلاً، لا سيما حين يتعلق الأمر بمنفذي الجرائم المباشرين. وأضاف أن هذا النوع من التنازل لا يحقق السلم الأهلي، بل يقوّضه، إذ يغذّي الشعور بانعدام العدالة ويعزز فقدان الثقة بشرعية السلطة، ويفتح الباب أمام نزعات الانتقام الفردي.

وأوضح أن الحديث عن العدالة الانتقالية ودرجاتها وآليات تطبيقها لا ينبغي أن يتم من خلال مؤتمر صحفي يُعقد على عجل لامتصاص غضب منصات التواصل الاجتماعي، بل يجب أن يكون عبر هيئات وطنية ذات تمثيل شعبي واسع، تتوافق على أولويات العدالة وأساليب تحقيقها، وتضمن على أقل تقدير عزل وتهميش من لا تشملهم العقوبات القضائية، لا أن يُعاد تدويرهم في مواقع القرار، أو يُحتفى بهم كـ"قادة فاتحين"، بينما يُطالب الضحايا بالتسامح والانتماء والطاعة.

وانتقد أبازيد الخطاب الذي طغى على مداخلات الأستاذ صوفان وآخرين تحدثوا باسم الدولة، مشيراً إلى أن تركيزهم على مفاهيم مثل "ولي الأمر" و"الطاعة للقيادة" و"الثقة بالمحرِّرين" يُعيد إنتاج عقلية ما قبل الدولة الحديثة، ولا ينسجم مع منطق السياسة أو بناء المؤسسات. وأضاف أن هذه المقاربات لا تعود بالنفع، بل تزيد من نقمة الشارع وتغذي مشاعر الغضب من السلطة.

وأكد أن منطق الدولة يقوم على الفصل بين السلطات، وعلى وجود رقابة متبادلة فيما بينها، إضافة إلى مرجعية شعبية تمنح الشرعية وتضمن التوازن. أما منطق "الثقة بالقيادة" المطلقة دون مساءلة، فهو الأساس الذي قامت عليه جميع الديكتاتوريات العربية في القرن العشرين، ولا يجوز قبوله أو الترويج له حتى تحت ذرائع استثنائية، دون أن ينفي ذلك أهمية الاعتراف بجهود من ساهموا فعلاً في إسقاط النظام السابق.

وشدد على أن ما يصحّ في زمن المعركة من منح الأمان للمقاتلين أو حتى دمج بعضهم، لا يمكن أن يُنقل إلى منطق الدولة، إذ ينبغي أن يمر هذا الأمان عبر مؤسسات شرعية، مثل القضاء وهيئات العدالة الانتقالية والبرلمان، وأن يخضع لنقاش سياسي وشعبي وإعلامي مفتوح وشفاف.

وأضاف أن حجة "خصوصية الساحل" وضمان "السلم الأهلي" تُستخدم بالمقلوب، حيث يُصار إلى التعامل مع المجتمع العلوي من خلال ضباط النظام ومسؤوليه السابقين باعتبارهم الممثلين الشرعيين له، بينما الصواب هو بناء علاقة مباشرة مع مشايخ ومثقفي ومعارضي هذا المجتمع، بعيداً عن منظومة النظام، لعزله عنها لا تكريسه كامتداد لها. واعتبر أن ما جرى عملياً هو عزل المجتمع لصالح هؤلاء الضباط، وربط مصيره بهم.

ولفت أبازيد إلى أن التركيز الإعلامي على فادي صقر يُغفل دور شخصيات أخرى مثل خالد الأحمد، عضو لجنة السلم الأهلي، والذي شغل سابقاً موقع المستشار لدى بشار الأسد، وكان جزءاً من منظومة الحكم خلال سنوات الانتهاكات الكبرى.

وختم بالقول إن الدولة لا تزال تعتقد أن الغموض، والانفراد بالقرار، والابتعاد عن الشفافية والرقابة الشعبية، هو الطريق الأسهل والأسرع لضبط الأمور، إلا أن الأزمة الأخيرة أظهرت العكس تماماً، إذ أدت هذه السياسات إلى تعميق فجوة الثقة بينها وبين المجتمع، ولا سيما الحاضنة الثورية التي تُفترض أن تكون عماد شرعية الدولة وضمانة استمرارها.

وكان أثار المؤتمر الصحفي الذي عقدته "لجنة السلم الأهلي" في مبنى وزارة الإعلام بدمشق، بإدارة عضو اللجنة حسن صوفان، موجة واسعة من الغضب والرفض في أوساط السوريين، خصوصًا بين ذوي الضحايا وأبناء الثورة، لما تضمنه من مواقف اعتُبرت تبريرات صريحة لمجرمي الحرب وتطبيعًا مع رموز النظام السابق تحت شعار "السلم الأهلي" و"حقن الدماء".

الاستياء العام جاء عقب تصريحات صوفان خلال المؤتمر، والتي دافع فيها عن سياسة الإفراج عن عدد من ضباط النظام السابقين وعدم محاسبتهم وفق القانون وعبر محاكم علنية، وعلى رأسهم "فادي صقر"، متجاهلًا سجلهم الدموي الحافل، وذهب صوفان إلى حد اعتبار هؤلاء شركاء في النصر، معتبراً أن بعضهم ساهم في "حقن الدم السوري" وفي التعاون مع قيادة العمليات العسكرية خلال معارك "التحرير"، مطالبًا من ينتقدهم بتقديم "أدلة موثوقة" على تورطهم في الجرائم.

وتواجه الحكومة السورية الجديدة في دمشق، حالة واسعة من الانتقال والحنق الشعبي من طرف "أبناء الثورة" وذوي الضحايا والمفقودين، وسط حالة استنكار شائعة تُنذر بانفجار وشيك، مع حالة التماهي المتبعة مع أذناب والنظام البائد ومجرمي الحرب الذين يتم الإفراج  عنهم تباعاً من السجون دون إخضاعهم لأي محاكم أو محاسبة.

خلال الأشهر الماضية، وفي سياق السياسة التصالحية بين كافة مكونات الشعب السوري التي اتبعتها السلطة الجديدة في سوريا، برز مايسمى "السلم الأهلي" لاسيما عقب أحداث الساحل الدامية في شهر آذار عقب هجمات فلول الأسد، لكن هذا السلم بدأ يأخذ منحى "استفزاز أهلي"، مع تصدير شخصيات متورطة بدماء السوريين في واجهة المشهد، والإفراجات المتكررة عن ضباط وعناصر للنظام البائد متورطون بالدماء.

ففي الوقت الذي لم ينجو إلا بضع مئات من المعتقلين المفقودين في سجون الأسد، وهروب كبار الضباط والمجرمين، وحالة الصدمة التي عاشتها مئات آلاف العائلات التي تجهل حتى اليوم مصير أبنائها، تصاعدت المطالبة بتطبيق "العدالة الانتقالية"، لإنصاف هؤلاء الضحايا، ولتأخذ العدالة مجراها كما في كل بلد يخرج من أتون الحرب، ويسعى لترميم الجراح ومداواتها وتعويذ ذوي الضحايا.
لكن مايجري حالياً - وفق رأي الغالبية العظمى من أبناء الثورة - الذين دفعوا الدماء والتضحيات وخسروا الكثير لايزال الآلاف منهم في المخيمات، بات استفزازياً ويسير في غير مساره الطبيعي، عقب الإفراج عن المئات من ضباط النظام وعناصره، كذلك التماهي في ملاحقة الشبيحة الذين عادوا لمناطقهم وبدئوا باستفزاز الأهالي.

ظهور "فادي صقر" وكثير من الشخصيات القيادية في عهد النظام البائد في صدارة الداعين للسلم الأهلي، وتأمين الحماية الأمنية لهؤلاء، كذلك شأن التجار ومجرمي الحرب الكبار المعروفين في عهد الأسد، ممن عادوا إلى دمشق مؤخراً، والموالين من الشبيحة والممثلين والفنانين والشخصيات التي ساندت الأسد لسنوات طويلة وروجت ودعت للقتل والتدمير، لاتزال في مأمن ودون محاسبة باسم "السلم الأهلي".

كل هذه الخطوات، باتت تدفع باتجاه حالة متصاعدة من الحنق والرفض الشعبي لهذا السياسة التصالحية الزائدة مع مجرمي الحرب، والمتورطين بالدم، وعدم محاسبتهم ومحاكمتهم وفق الأصول القانونية، بدأت تدفع تجاه الانتقام الفردي عبر خلايا مجهولة باتت تمارس عمليات القتل والانتقام في حلب وحمص والساحل وحماة بشكل يومي، مايعزز انتشار الجريمة وغياب سلطة الدولة ونشر الفوضى العارمة.

كانت حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من أن الصلاحيات المحدودة الممنوحة للهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا تُهدد بتقويض مصداقيتها وتُقصي العديد من الضحايا، داعية الحكومة السورية إلى ضمان مشاركة فعلية وواسعة للناجين والمجتمعات المتضررة في مسار العدالة الانتقالية.
وفي بيان أصدرته المنظمة تعليقاً على المرسوم الرئاسي القاضي بتشكيل كلٍّ من "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين"، اعتبرت أن "هاتين الهيئتين يمكن أن تمثّلا نقطة تحوّل مهمة في كشف حقيقة الفظائع المرتكبة في سوريا وتحقيق المساءلة، لكن نجاحهما سيعتمد على الشفافية والانفتاح ومشاركة الضحايا".

وأبدت المنظمة الحقوقية قلقها من أن مرسوم إنشاء هيئة العدالة الانتقالية جاء بصلاحيات "محدودة بشكل مقلق"، إذ يقتصر على الانتهاكات التي ارتُكبت من قبل النظام المخلوع بقيادة بشار الأسد، دون التطرق إلى الجرائم التي ارتكبتها جهات غير حكومية، كما أنه لا يوضح آليات إشراك الضحايا في تصميم وتنفيذ مهام اللجنة، ما يشكّل – بحسب المنظمة – "نقطة ضعف جوهرية".

وشددت المنظمة على أن استمرار الإقصاء سيزيد من عمق الانقسامات المجتمعية، وأشارت إلى أن سوريا تقف اليوم عند مفترق طرق، فإما أن تسلك مساراً حقيقياً للعدالة يُنصف الضحايا، أو تكرّس ممارسات الماضي التي أدت إلى الدمار والانقسام.

من جهتها، كانت أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً جديداً يحدد الأطر القانونية والمبادئ الأساسية التي ينبغي أن تستند إليها عملية تشكيل هيئة العدالة الانتقالية، تحت عنوان: "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان توصي بإنشاء هيئة العدالة الانتقالية في سوريا عبر قانون صادر عن المجلس التشريعي."

أكد التقرير ضرورة تأسيس هيئة العدالة الانتقالية في سوريا بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية، محذّراً من المخاطر التي قد تترتب على اللجوء إلى مرسوم تنفيذي كبديل عن المسار التشريعي. 

وأوضح أنَّ اعتماد هذا الأسلوب من شأنه أن يهدد استقلال الهيئة ويقوّض فعاليتها، مستشهداً بتجارب دولية في دول مثل أوغندا وبيرو والمغرب، حيث أظهرت تلك التجارب أنَّ الهيئات التي أنشئت بقرارات تنفيذية غالباً ما تفتقر إلى السلطة الفعلية والشرعية المجتمعية، وتعاني من ضعف في قدراتها التحقيقية، ومحدودية في إشراك الضحايا، فضلاً عن تعرضها لتدخلات سياسية تُضعف أداءها وتؤثر على استقلالها.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أصدر في 17 أيار/مايو 2025 مرسومين رئاسيين يقضيان بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية" و"الهيئة الوطنية للمفقودين"، بهدف التصدي لإرث الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت خلال حكم النظام السابق، والكشف عن مصير أكثر من 100 ألف مفقود.

وقد لاقت هذه الخطوة إشادة واسعة من أطراف دولية ومنظمات حقوقية، واعتبرتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مؤشراً واضحاً على التزام الحكومة السورية الجديدة بالمسار الحقوقي، وتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية، في إطار أوسع لبناء بيئة مستقرة وآمنة تُمهّد لإعادة بناء الدولة على أسس القانون والحقوق.
 
ووفق فعاليات أهلية وشعبية، فإننا نقف اليوم على مفترق طرق خطير، حيث بلغ الاستياء الشعبي في سوريا حدًّا ينذر بانفجار اجتماعي إذا لم يتم تداركه سريعًا إنّ حالة الغضب التي تعمّ الشارع السوري اليوم لا تنبع فقط من الظروف المعيشية أو الأمنية، بل من إحساس عميق بالظلم… وإهمال متواصل لأهم الملفات المصيرية:

وأكد هؤلاء أن تغييب العدالة عن المرحلة الانتقالية، وعدم محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت بحق أبناء هذا الشعب، يشكّل خرقًا صارخًا لكل وعود الإصلاح والتغيير، فلا يمكن الحديث عن مستقبل دون مصالحة حقيقية، ولا يمكن أن تقوم المصالحة على طيّ الصفحات قبل قراءتها ومحاسبة من لوّثها بالدم والفساد.

اقرأ المزيد
١٠ يونيو ٢٠٢٥
وزارة التربية واليونيسف تبحثان سبل دعم امتحانات الشهادات العامة في سوريا

بحث معاون وزير التربية والتعليم، السيد يوسف عنان، اليوم في دمشق مع نائبة ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في سوريا، زينب آدم، والوفد المرافق لها، استعدادات الوزارة لامتحانات الشهادات العامة، وسبل تأمين احتياجاتها ومستلزماتها الضرورية.

وخلال الاجتماع الذي عُقد في مقر الوزارة، شدد عنان على أهمية تحديد الأولويات خلال المرحلة الحالية لضمان نجاح العملية الامتحانية، مؤكدًا تطلع الوزارة إلى تعزيز التعاون مع منظمة اليونيسف بما يسهم في تحقيق الأهداف المشتركة في المجال التعليمي.

وأوضح عنان أن الوزارة تولي أهمية قصوى لتوفير جميع الظروف الأساسية التي تكفل للطلاب حقهم في تقديم الامتحانات بشكل عادل ومنظم.

من جهتها، أكدت زينب آدم التزام منظمة اليونيسف بدعم العملية التعليمية في سوريا، مشيرة إلى أن المنظمة ستعمل بالتعاون مع وزارة التربية على تنفيذ خطة متكاملة لضمان توفير المستلزمات الأساسية، إلى جانب تقديم الدعم الفني واللوجستي اللازم.

وكان أعلن وزير التربية والتعليم محمد عبد الرحمن تركو، الاثنين 9 حزيران/ يونيو، أن وزارته وضعت خطتي استجابة إحداهما طارئة وأخرى استراتيجية للارتقاء بالتعليم، وذكر في لقاء تلفزيوني ضمن برنامج "إشراقة سورية" على شاشة قناة الإخبارية السورية الرسمية أن خطة الاستجابة الطارئة تتعلق بالتعامل مع الواقع التعليمي والتربوي الحالي.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٣٠ يونيو ٢٠٢٥
أبناء بلا وطن: متى تعترف سوريا بحق الأم في نقل الجنسية..؟
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
محاسبة مجرمي سوريا ودرس من فرانكفورت
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
استهداف دور العبادة في الحرب السورية: الأثر العميق في الذاكرة والوجدان
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
١٧ يونيو ٢٠٢٥
فادي صقر وإفلات المجرمين من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
١٣ يونيو ٢٠٢٥
موقع سوريا في مواجهة إقليمية محتملة بين إسرائيل وإيران: حسابات دمشق الجديدة
فريق العمل
● مقالات رأي
١٢ يونيو ٢٠٢٥
النقد البنّاء لا يعني انهياراً.. بل نضجاً لم يدركه أيتام الأسد
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٦ يونيو ٢٠٢٥
النائب العام بين المساءلة السياسية والاستقلال المهني
فضل عبد الغني مدير ومؤسس الشبكة السورية لحقوق الإنسان