أثار أحمد موفق زيدان، مستشار الرئيس السوري أحمد الشرع للشؤون الإعلامية، جدلًا واسعًا بعد نشره مقالة دعا فيها صراحة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا إلى حل نفسها، معتبراً أن تمسكها بشكلها التنظيمي الحالي يضر بالبلاد ويعزلها عن السياق السوري الجديد بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وجاءت المقالة بعد أسابيع قليلة فقط من تعيين زيدان في منصبه في أغسطس/آب الجاري، وهي الخطوة التي أثارت بدورها موجة من الانتقادات والتساؤلات، خصوصاً من جهات معارضة علمانية أو قومية، رأت في تعيين زيدان مؤشراً على تقارب غير معلن بين السلطة الجديدة وجماعة الإخوان، أو على الأقل أحد رموزها السابقين.
أعلنت الرئاسة السورية رسميًا، منتصف أغسطس، تعيين الإعلامي أحمد موفق زيدان مستشارًا إعلاميًا للرئيس أحمد الشرع، في إطار تغييرات مؤسسية عقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويُعد زيدان شخصية معروفة في الأوساط الإعلامية والسياسية، حيث عمل مراسلًا لقناة “الجزيرة” سابقًا، وارتبط اسمه بنشاطات إعلامية معارضة للنظام السابق، وبتوجهات فكرية إسلامية، لا سيما انتمائه التاريخي لجماعة الإخوان المسلمين، وتحديدًا لجناح عصام العطار.
وعلى الرغم من أن التعيين جاء ضمن سياق إعادة هيكلة شاملة للدولة السورية الجديدة، إلا أن بعض الأقلام المعارضة عبّرت عن تخوفها من “تغلغل الإسلاميين” في المناصب العليا، معتبرة أن “زيدان إخواني سابق، وربما لا يزال يحمل أجندة سياسية”.
في مقالته التي حملت عنوان “متى ستحل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا نفسها؟”، ونشرت في موقع الجزيرة نت، استعرض زيدان خلفيته الفكرية والتنظيمية، متحدثًا عن انتمائه السابق للجماعة، ونضاله ضد نظام حافظ الأسد، قبل أن يدعو بوضوح إلى حل الجماعة وطي صفحتها.
وقال زيدان:
“كنتُ قد انتميت في فترة من حياتي إلى جماعة الإخوان المسلمين، غير أنني بقيت دائمًا وفيًّا لتاريخي وللأمانة الفكرية… وباعتقادي المتواضع، فإن حل التنظيم اليوم، كما فعلت المكونات الأخرى، سيخدم البلد”.
وأشار إلى أن غالبية كوادر الإخوان باتوا متقدمين في السن، وأن الفجوة العمرية الواسعة، إلى جانب القطيعة السياسية الطويلة، جعلت التنظيم “غير قابل للتجدد أو المساهمة في بناء الدولة”.
وأضاف:
“إصرارهم على البقاء في موقع تنظيمي مغلق يجعلهم في خصومة غير معلنة مع الشارع السوري، ويحول دون انخراطهم في عملية بناء الدولة الجديدة”.
في مقالته، اعتمد زيدان أسلوب المقارنة، مستعرضًا نماذج لجماعات إسلامية اختارت التخلي عن الشكل التنظيمي القديم أو تأسيس أحزاب جديدة، من بينها تجربة حسن الترابي في السودان، وراشد الغنوشي في تونس، و”جبهة العمل الإسلامي” في الأردن، بل وحتى حركة “العدالة والتنمية” في تركيا التي خرجت من عباءة نجم الدين أربكان.
كما ذكّر بأن الإخوان في سوريا سبق أن حلوا أنفسهم طواعية في عهد الوحدة مع مصر، نزولًا عند شروط جمال عبد الناصر، متسائلًا إن كانت ظروف اليوم – بعد سقوط نظام الأسد – أقل أهمية من تلك المرحلة.
ولمّح إلى أن بقاء الجماعة بشكلها التقليدي يعرّضها للفناء، على غرار “الديناصورات التي لم تتأقلم مع المتغيرات البيئية”، حسب تعبيره.
لاقى المقال ترحيبًا من بعض الكتاب والنشطاء الداعمين للسلطة الجديدة، واعتبروه “خطوة جريئة” ومؤشرًا على “تحرر زيدان من إرثه التنظيمي”، فيما رآه آخرون مراجعة فكرية ضرورية في سياق بناء الدولة بعد الثورة.
في المقابل، انتقد معارضون إسلاميون المقال بشدة، واعتبروه “انقلابًا على التاريخ والنضال”، واتهموه بـ”مغازلة السلطة الجديدة” لضمان موقعه داخلها. وأشار بعضهم إلى أن زيدان “يتنكر لرفاق الأمس”، وأن دعوته تأتي متأخرة أو “وظيفية الطابع”.
يرى مراقبون أن المقال لا يعكس فقط رأي كاتبه الشخصي، بل قد يحمل رسائل سياسية ضمنية من الرئاسة السورية إلى الفاعلين الإسلاميين، مفادها أن “مرحلة التنظيمات القديمة انتهت”، وأن الدولة الجديدة لا تنوي استيعاب أطر سياسية ذات طابع ديني إن لم تنخرط بشكل مدني بالكامل.
وفيما لا تزال جماعة الإخوان في سوريا تحتفظ بتكوينها التقليدي في المنافي، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تلتقط الرسالة؟ أم تختار الاستمرار في موقعها الرمزي، خارج المؤسسة السياسية السورية الجديدة؟
شنت ما تسمى "الإدارة الذاتية"، الذراع المدنية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يوم الأحد 24 آب/ أغسطس، هجوماً على إعلان اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب إرجاء الانتخابات في المنطقة الشرقية الخاضعة لسيطرتها، واعتبرت ذلك "خطوات مناقضة لأهداف الثورة السورية"، وفق تعبيرها.
وذكرت الإدارة في بيانها أن "التاريخ يكرر نفسه، ويتم مرة أخرى سلب حق الترشح والانتخاب من السوريين، لأن هذه الانتخابات ليست ديمقراطية ولا تعبّر عن إرادتهم بأي شكل من الأشكال، بل تمثل استمراراً لنهج التهميش والإقصاء"، مشبّهة ذلك بحقبة حكم نظام الأسد البائد.
وأضاف البيان أن "إجراء ما يُسمى بالانتخابات في الوقت الراهن هو تغييب وإقصاء لقرابة نصف السوريين عن هذه العملية، سواء عبر التهجير القسري أو عبر سياسات ممنهجة لمنع مشاركة المكوّنات والقوى الفاعلة في رسم مستقبل البلاد"، على حد وصفها.
وتابع البيان: "إن هذا الإقصاء بحد ذاته دليل قاطع على أن ما يُسمى بالانتخابات هو خطوة شكلية لا تستجيب لمتطلبات الحل السياسي الشامل الذي يحتاجه السوريون".
واختتمت الإدارة بالقول: "إن تعريف مناطقنا بأنها غير آمنة لتبرير سياسة الإنكار بحق أكثر من خمسة ملايين سوري عارٍ عن الصحة"، معلنة رفضها لأي إجراءات أو قرارات تُفرض "بعقلية أحادية"، وداعيةً المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى عدم الاعتراف بهذه الانتخابات.
ويأتي بيان "الإدارة الذاتية" عقب إعلان المتحدث الإعلامي للجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، نوار نجمة، أن اللجنة، "حرصاً منها على التمثيل العادل في مجلس الشعب لمحافظات السويداء والحسكة والرقة، ونظراً لما تشهده من تحديات أمنية، قررت إرجاء العملية الانتخابية فيها إلى حين توفر الظروف المناسبة والبيئة الآمنة لإجرائها، مع بقاء مخصصاتها من المقاعد محفوظة لحين إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن".
إلى ذلك قال رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب "محمد طه الأحمد"، إن الإجراءات العملية لتطبيق المرسوم الخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري الذي أصدره الرئيس "أحمد الشرع".
وأوضح أن اللجنة ستستقبل مقترحات عضوية الهيئات الناخبة في الدوائر التي تم تقسيمها حتى الوصول لعملية الانتخاب والفرز وإصدار النتائج، وأضاف أن الدوائر الانتخابية تم تقسيمها إلى 62 دائرة ستجري فيها عملية الترشح والانتخاب.
وكان أصدر الرئيس السوري "أحمد الشرع"، المرسوم رقم (143) لعام 2025 الخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب في سوريا، وبحسب النظام المصادق عليه، فإن المجموع الكلي لعدد أعضاء مجلس الشعب هو مئتان وعشرة أعضاء، يتم انتخاب الثلثين منهم وفق أحكام المرسوم.
كما تتوزع مقاعد المحافظات بحسب التوزع السكاني فيها، بحيث يكون للدائرة الانتخابية مقعد واحد أو أكثر، ويحظر النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب على العسكريين ومنتسبي الأجهزة الأمنية الترشح لعضوية البرلمان، كما حظر النظام الانتخابي الجديد على المحافظين والوزراء السابقين الترشح لعضوية البرلمان الجديد، فيما تضمن النظام الانتخابي حظراً لترشح "دعاة التقسيم والانفصال والاستقواء بالخارج وداعمي النظام البائد".
وبالعودة إلى موقف "قسد" وإدراتها من الدولة السورية تتزاحم التصريحات الصادرة عنها والتي تؤكد عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة مع الدولة مع استمرار التنصل والمراوغة وكانت عقدت مؤتمر في محافظة الحسكة تحت شعار "وحدة موقف المكونات" دعت فيه إلى إنشاء دولة لا مركزية.
وكان اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن "مؤتمر الحسكة" يمثّل خرقاً للاتفاق الموقع في 10 آذار/مارس الماضي مع "قسد"، موضحاً في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة، أن المؤتمر "لا يمثل الشعب السوري ولا الغالبية العظمى من النخب العشائرية والدينية وحتى الكردية".
كشف الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس عن اعتماد بلاده نموذجاً جديداً لإعادة العائلات السورية إلى وطنها، يقوم على تقسيم الأدوار بين الوالدين، وبحسب النموذج، تعود الأم مع الأطفال إلى سوريا مع منحة مالية قدرها 1000 يورو لكل طفل، فيما يُمنح الوالد تأشيرة عمل لثلاث سنوات في قبرص بهدف تأمين المال لإعادة الإعمار، على أن يغادر البلاد بعد انتهاء المدة المحددة.
جاء الإعلان خلال لقاء الرئيس القبرصي مع المستشار النمساوي كريستيان شتوكر، الذي قال إنه اطّلع على النموذج خلال زيارته إلى نيقوسيا، واعتبره خطوة في إطار سياسة أوروبية لإنهاء الهجرة غير الشرعية.
وأكد خريستودوليدس أن موجات الهجرة تسببت سابقاً بمشاكل كبيرة للاتحاد الأوروبي، مشدداً على ضرورة إيجاد حلول عملية لمواجهتها، بحسب ما نقلت صحيفة "كرونة" النمساوية.
في المقابل، أكدت كورينا دروسيوتو، منسقة مجلس اللاجئين القبرصي، أن السلطات القبرصية تدفع المزيد من المهاجرين، بمن فيهم سوريون، نحو المنطقة العازلة الفاصلة بين شطري الجزيرة. وكشفت أن أكثر من 80 مهاجراً ما زالوا عالقين هناك بعد أن منعتهم الشرطة من العبور إلى الجنوب، وأعادتهم إلى خيامهم.
وقالت دروسيوتو إن السلطات لم توضح المعايير التي تعتمدها لاختيار المهاجرين الذين يتم إرسالهم إلى المنطقة العازلة، مشيرة إلى أن بينهم لاجئين سوريين وأفغاناً وفلسطينيين وصوماليين، وجميعهم يملكون حق اللجوء وفق القانون الدولي. واعتبرت أن الحل الوحيد يكمن في قبول طلباتهم بدلاً من إبقائهم في ظروف قاسية وسط العراء.
الحكومة القبرصية بدورها رأت أن دعوات الأمم المتحدة لوقف إرسال اللاجئين إلى المنطقة العازلة "غير مفيدة"، مؤكدة التزامها بواجباتها الدولية، لكنها اعتبرت أن تركيا دولة آمنة لأغراض اللجوء، وأن قبرص لا تتحمل مسؤولية المهاجرين القادمين منها. هذا الموقف أثار تحذيرات في صحف محلية من تدهور العلاقات مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي تنتشر في المنطقة.
تأتي هذه التطورات بينما تتراجع وتيرة هجرة السوريين عبر البحر من شمال لبنان باتجاه قبرص وأوروبا، نتيجة الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها السلطات القبرصية على سواحلها. وتشير مصادر أمنية لبنانية إلى أن حركة قوارب المهاجرين انخفضت بشكل كبير هذا الصيف مقارنة بالعام الماضي.
يرى مراقبون أن النموذج القبرصي الجديد يعكس محاولة أوروبية لإيجاد صيغ وسطية بين ترحيل اللاجئين وضبط الحدود من جهة، والإبقاء على مسار دعم إعادة الإعمار في سوريا من جهة أخرى. غير أن الانتقادات الحقوقية تسلط الضوء على أن هذه السياسات قد تنتهك مبادئ الحماية الدولية، خصوصاً في ظل استمرار المخاطر الأمنية والإنسانية التي تواجه العائدين إلى سوريا.
أجمع خبيران اقتصاديان على أن خطوة حذف صفرين من العملة السورية يمكن أن تترك أثراً نفسياً إيجابياً وتسهّل العمليات الحسابية والمصرفية، لكنها لن تحقق نتائج ملموسة ما لم تترافق مع برنامج إصلاح اقتصادي ونقدي متكامل.
وأوضح الخبير الاقتصادي والمصرفي "إبراهيم قوشجي"، أن هذه العملية تدعم نفسياً ثقة المواطنين بالعملة، خصوصاً إذا رافقتها إصلاحات ممنهجة كما جرى في تجارب سابقة بتركيا والبرازيل.
وأشار إلى أن حذف الأصفار لا يغير من القيمة الحقيقية للعملة، لكنه يسهّل الفوترة والتسعير ويحد من الأخطاء المحاسبية، فضلاً عن مساهمته في تقليص مخاطر غسل الأموال وضبط السيولة.
ولفت إلى أن نجاح هذه الخطوة يرتبط بتحديث جداول الرواتب وإعادة تسعير دقيقة للسلع والخدمات، إلى جانب قوانين تحمي القوة الشرائية والالتزامات المالية بعد التغيير. واعتبرها فرصة لإعادة هيكلة العلاقة بين المالية العامة والسياسة النقدية بما يعزز الاستقرار.
بدوره، رأى أستاذ الاقتصاد المالي والنقدي في جامعة دمشق "ياسر المشعل"، أن حذف الأصفار قد يمنح راحة نفسية للمواطنين، ويخفف الضغط عن الأنظمة المصرفية والمحاسبية، لكنه وصفه بأنه “حل تجميلي” إذا لم يُدرج ضمن إطار إصلاح اقتصادي شامل.
وأضاف أن نجاح التجارب الدولية، مثل تجربة تركيا عام 2005، لم يكن بحذف الأصفار وحده بل بإصلاحات واسعة طالت المالية العامة والنمو الإنتاجي.
وأكد أن الاقتصاد السوري يواجه تحديات عميقة من تضخم وضعف في الإنتاج وتراجع الثقة المصرفية، ما يجعل أي خطوة جزئية غير كافية. وشدد على أن المطلوب هو تعزيز القطاعات الإنتاجية، ضبط العجز المالي، واستعادة ثقة المودعين عبر سياسات شفافة تضمن حماية الودائع وجذب الاستثمارات.
وخلص الخبيران إلى أن حذف الأصفار من الليرة قد يحقق مكاسب نفسية ومحاسبية محدودة، لكن مستقبلها مرتبط بقدرة الدولة على وقف التضخم وتحريك عجلة الإنتاج وبناء الثقة بين المواطن والمؤسسات المالية.
وأعلن مصرف سوريا المركزي، يوم السبت 23 آب/ أغسطس 2025، أنه في مراحل متقدمة من وضع خطة لطرح عملة جديدة، جرى تصميمها وفق أعلى المعايير الفنية المعتمدة لدى المصارف المركزية حول العالم، وذلك في إطار برنامج إصلاحي أوسع يستهدف تعزيز الثقة بالعملة الوطنية، وتسهيل المعاملات اليومية، ودعم الاستقرار المالي.
وأوضح المصرف، في بيان رسمي، أن هذه الخطوة جاءت بعد تقييم شامل لاحتياجات السوق المحلي وواقع التداول النقدي، مؤكداً أنها لن تترك أي أثر سلبي على التوازن النقدي أو قيمة الليرة السورية، وإنما تهدف لتحسين جودة الأوراق النقدية المتداولة.
وأكد "المركزي" أن إدخال العملة الجديدة سيتم وفق الأصول وبموجب قانون مصرف سورية المركزي رقم 23 لعام 2002، مشدداً على أن الكميات المطبوعة ستكون مدروسة بعناية بما يتناسب مع حجم الاقتصاد الوطني وفي إطار السياسة النقدية القائمة.
وبحسب البيان، فإن الأوراق النقدية الجديدة ستُطبع لدى مصدرين أو ثلاثة مصادر دولية موثوقة، مستخدمة أحدث التقنيات المضادة للتزوير، بهدف تعزيز موثوقية التداول وحماية حقوق المتعاملين.
أشار "المركزي" إلى أن طرح العملة الجديدة سيحقق عدة غايات أبرزها: تبسيط العمليات النقدية اليومية، تحسين إدارة السيولة وتسهيل الدفع والشراء، دعم كفاءة السياسة النقدية والسيطرة على التضخم، تعزيز الثقة بالنظام المصرفي، حماية صغار المودعين، تمكين إصلاحات مالية أوسع نطاقاً، وترسيخ مكانة الليرة السورية كأداة رئيسية للتعامل.
أكد المصرف أنه يستعد لإطلاق حملة توعية وطنية شاملة عند اكتمال عناصر الخطة، تتضمن التشاور مع مختلف الأطراف المعنية بالترتيبات اللوجستية وتوضيح كافة التفاصيل المرتبطة بالعملة الجديدة، مع الإجابة عن التساؤلات التي قد تهم المواطنين والجهات الاقتصادية.
وشدد على التزامه بالشفافية والتواصل المستمر مع الرأي العام، معتبراً ذلك من مرتكزات العمل النقدي المسؤول. كما أوضح أن الإصدار الجديد إجراء فني وتنظيمي ضمن السياسة النقدية، ولا يرتبط بزيادة الكتلة النقدية أو التسبب بموجات تضخمية جديدة، بل يهدف إلى تعزيز فعالية إدارة النقد وحماية الاستقرار العام.
واختتم المصرف بالتأكيد أن الهدف الجوهري لسياساته يتمثل في حماية القوة الشرائية لليرة السورية، وتمكين القطاع المالي من أداء دوره في دعم النمو والاستقرار، داعياً المواطنين والجهات كافة إلى استقاء المعلومات من موقعه الرسمي ومصادره المعتمدة حصراً.
استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم أمس السبت، عدداً من الناجين من مجازر الكيماوي التي ارتكبها نظام الأسد المخلوع، مؤكداً أن هذه الجرائم ستبقى شاهداً حياً على معاناة السوريين وإصرارهم على نيل الحرية والكرامة، وأن محاسبة مرتكبيها حق لا يسقط بالتقادم.
وشددت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، في بيان رسمي بمناسبة الذكرى الثانية عشرة للهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية، على أن تحقيق العدالة والمحاسبة يمثلان أولوية وطنية، مشيرة إلى أن المجزرة أودت بحياة أكثر من 1410 ضحايا، بينهم 200 طفل وامرأة.
بدوره، أكد رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية عبد الباسط عبد اللطيف، خلال مشاركته في فعالية رسمية لإحياء الذكرى بريف دمشق يوم الخميس، التزام الهيئة بمحاسبة المسؤولين عن المجزرة، موضحاً أن العدالة ستبقى المسار الوحيد لإنصاف الضحايا.
وأشار إلى أن الهيئة عازمة على بذل كل الجهود الممكنة لملاحقة مرتكبي جرائم استخدام السلاح الكيميائي والانتهاكات الجسيمة الأخرى التي ارتكبها النظام البائد، مؤكداً أن المجرمين سيُساقون إلى المحاكم لينالوا جزاءهم العادل.
وأوضح عبد اللطيف أن مسار العدالة الانتقالية سيكون شاملاً وعادلاً، بعيداً عن منطق الانتقام أو الانتقائية، لافتاً إلى أن الهدف ليس العفو عن المجرمين، بل إنصاف الضحايا وتخليد ذكراهم، والعمل على جبر الضرر بما يسهم في ترسيخ السلم الأهلي والمصالحة الوطنية.
وشهدت مدينة معضمية الشام بريف دمشق، مساء أمس، فعالية جماهيرية ورسمية بمناسبة الذكرى الثانية عشرة للمجزرة، أقيمت في ساحة التحرير بمشاركة واسعة من الأهالي وذوي الضحايا وعدد من الشخصيات الرسمية والثقافية، في تأكيد على أن ملف الكيماوي سيبقى حاضراً في الذاكرة الوطنية حتى تحقيق العدالة.
وكانت أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً اليوم، بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لأكبر هجوم بالأسلحة الكيميائية في سوريا، الذي استهدف الغوطتين الشرقية والغربية في ريف دمشق فجر الأربعاء 21 آب/أغسطس 2013. نفذت قوات نظام بشار الأسد هجوماً منسقاً بصواريخ محمّلة بغاز السارين، ضمن سياسة ممنهجة لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد السكان المدنيين، مع استهداف واضح للأطفال والنساء، بقصد إرهاب المجتمع وفرض السيطرة بالقوة.
وفق الشبكة، تحلّ هذه الذكرى في مرحلة مفصلية من تاريخ سوريا، مع دخول البلاد مساراً انتقالياً يشهد التزاماً حكومياً متزايداً بالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بما يفتح نافذة حقيقية لتحقيق العدالة، وكشف الحقائق كاملة، وضمان محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم.
سجّلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 1144 شخصاً اختناقاً، أي ما يعادل قرابة 76 % من إجمالي ضحايا الهجمات الكيميائية التي نفذها النظام منذ كانون الأول/ديسمبر 2012 وحتى أيار/مايو 2019. وتوزّعت حصيلة هذا الهجوم على النحو الآتي: مقتل 1119 مدنياً، بينهم 99 طفلاً و194 سيدة (أنثى بالغة)، ما يثبت الاستهداف المباشر للمدنيين؛ إضافة إلى مقتل 25 من مقاتلي المعارضة المسلحة. كما أصيب نحو 5935 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، بأعراض تنفسية وحالات اختناق جرّاء التعرّض للغازات السامة.
أعلن مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) تأجيل الملتقى التشاوري للمبادئ الدستورية، الذي كان من المقرر عقده في مدينة الرقة، معللاً القرار بضرورة "تهيئة بيئة أكثر ملاءمة للحوار الوطني" في ظل المستجدات السياسية على المستويين المحلي والإقليمي.
وقال المجلس في بيان صدر عقب اجتماع هيئته الرئاسية بحضور الرئاسة المشتركة ليلى قره مان ومحمود المسلط، إن التأجيل جاء "حرصاً على إنجاح الملتقى باعتباره محطة وطنية هامة"، مشيراً إلى أن الظروف الراهنة تستوجب توفير مناخ أفضل لإطلاق حوار وطني جامع.
وبحسب مسد، فإن الهدف من الملتقى هو ترسيخ مبادئ دستورية جامعة تخدم مسار الحل السياسي في سوريا، والمساهمة في بناء دولة ديمقراطية تعددية لامركزية، وكشفت مصادر مقربة من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومسد والإدارة الذاتية أن التحضيرات شملت مشاورات مع قوى سياسية واجتماعية من داخل شمال شرقي سوريا وخارجها، للوصول إلى مبادئ جديدة غير مدرجة في الإعلان الدستوري المؤقت، تمهيداً لعرضها على الحكومة السورية الجديدة للتفاوض.
وأكد المنظمون أن المؤتمر يندرج ضمن سعي مسد وقسد إلى تقديم نفسيهما كمشروع سياسي "جامع ومرن" قادر على استيعاب التنوع الأيديولوجي والاجتماعي والديني في البلاد، بعد مؤتمر الحسكة الذي عُقد في 8 آب/أغسطس الجاري تحت شعار "وحدة موقف المكونات"، والذي دعا إلى دستور يضمن التعددية ودولة لا مركزية.
في المقابل، أعلنت "عشائر الجزيرة والفرات" ومعها غالبية العشائر السورية في 15 آب/أغسطس رفضها الصريح لمخرجات مؤتمر الحسكة، ووصفت المشاركين فيه بأنهم "أداة لمشروع انفصالي لا يمثل إلا أصحابه". وشددت العشائر في بيانها على أن من تحدث باسمها "لا يمثلون إلا أنفسهم"، مؤكدة أن القبائل العربية "قدمت دماء أبنائها دفاعاً عن وحدة الأرض السورية ولن تقبل المساس بها".
واتهم البيان قسد بالمسؤولية عن تهجير العرب وتجنيد القاصرين وارتكاب انتهاكات واسعة طالت الحريات والثروات واعتقال النشطاء، مجدداً التمسك بالدولة السورية "على أسس الكرامة والمساواة والمواطنة الكاملة التي يضمنها الإعلان الدستوري".
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن "مؤتمر الحسكة" خرق واضح للاتفاق الموقع مع قسد في 10 آذار/مارس الماضي، وأوضح خلال مؤتمر صحفي مشترك في أنقرة مع نظيره التركي هاكان فيدان، أن المؤتمر "لا يعكس إرادة الشعب السوري ولا الغالبية العظمى من النخب العشائرية والدينية وحتى الكردية"، مؤكداً أن مثل هذه التحركات تزيد من تعقيد المشهد ولا تخدم الاستقرار أو مسار الحل السياسي.
مع سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، بدأت قوافل النازحين من الداخل والخارج بالعودة إلى قراهم ومدنهم، مُحملين بالأمل والحنين، إلا أن الواقع كان صادماً؛ المنازل مدمّرة، والمنشآت الصحية شوالحيوية منهارة بالكامل أو متضررة جزئياً، ما جعل إعادة الحياة الطبيعية تحدياً يحتاج لتنسيق وترميم طويل الأمد.
رغم ذلك، لم يستسلم الأهالي، بل واجهوا التحديات بعزيمة، ساعين لإعادة قراهم ومدنهم إلى سابق عهدها، ومن هنا انطلقت فكرة التبرع الشعبي، حيث يجمع السكان الأموال وفق إمكانياتهم لتخصيصها لمشاريع خدمية متنوعة، مثل ترميم المدارس، إعادة تأهيل الجوامع والمنشآت العامة، وغيرها من المشاريع الحيوية.
في مدينة مورك بريف حماة الشمالي، برزت إحدى المبادرات الفردية الملهمة، حين تبرع أحد أبناء المدينة المغتربين بأكثر من نصف مليون دولار أمريكي لإنشاء مدرسة حديثة ومسجد جديد، هذه المبادرة هدفت إلى تعزيز البنية التعليمية والدينية في المنطقة، وحظيت بإشادة المسؤولين المحليين الذين اعتبروها نموذجاً للتضامن المجتمعي ودعم التعليم وبناء المجتمع.
وفي اللطامنة، أطلق الأهالي حملة شعبية بعنوان "مدرستي" لجمع التبرعات لترميم المدارس قبل بدء العام الدراسي الجديد، الحملة لاقت تفاعلاً واسعاً بين سكان البلدة في الداخل والخارج، حيث تهدف إلى تأهيل المدارس وجعلها بيئة آمنة للطلاب بعد سنوات من الإهمال والدمار.
وفي قرى متعددة من ريف إدلب وريف حماة، شكل الأهالي مجموعات تنسيق عبر تطبيق الواتس آب، ومنصات التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات وترتيب الأولويات، ركزت هذه الحملات على ترميم المساجد والمدارس وتنفيذ إصلاحات خدمية أساسية، ما يعكس روح التعاون والمسؤولية المجتمعية الواضحة في المناطق المحررة، حيث يتولى أبناء القرى جهود إعادة البناء بأنفسهم وفق إمكانياتهم.
حملات التبرع هذه تعكس التزام السوريين تجاه قراهم ومدنهم، ورغبتهم في تحسين ظروف الحياة رغم الدمار الذي خلفه النظام البائد. كما تظهر قدرة المجتمع على الصمود والتعاون في مواجهة التحديات اليومية بشكل عملي وذاتي، مع التركيز على توفير بيئة مستقرة لأبنائهم وللمجتمع بأكمله.
تعكس هذه المبادرات أيضاً ترابط المجتمع السوري وتضامنه في مواجهة الأزمات. الأهالي لا يعملون بمعزل عن بعضهم البعض، بل يشكلون مجموعات تنسق مع المغتربين لتحديد الأولويات وجمع الموارد اللازمة، مما يعزز التلاحم الاجتماعي ويؤكد أن إعادة البناء ليست مسؤولية فردية، بل جهد جماعي يجسد التزام السوريين تجاه وطنهم ومجتمعهم.
أثبتت المبادرات الشعبية التي تم القيام بها سابقاً والمنطلقة في الوقت الحالي قدرة السوريين على تنظيم أنفسهم لإعادة إعمار مدارسهم ومساجدهم ومنشآتهم الحيوية، مؤكدين أن إعادة بناء الوطن تبدأ من المجتمع نفسه وبجهود أبنائه.
انتقد الشيخ ليث البلعوس، ممثل "مضافة الكرامة" في السويداء، إعلان تشكيل ما يسمى بـ"الحرس الوطني" في المحافظة، معتبراً أنه "استنساخ لتجربة الحرس الثوري الإيراني" ولا يعكس صوت العقل والحكمة التي يحتاجها أبناء الجبل في ظل الظروف العصيبة الراهنة.
وقال البلعوس في بيان نشره عبر حسابه على فيسبوك إن أبناء السويداء كانوا يتطلعون إلى موقف جامع من الشيخ حكمت الهجري، يقودهم نحو الأمن والاستقرار، إلا أن ظهوره محاطاً بقادة فصائل مسلحة متهمة بالخطف والنهب وابتزاز النساء، مثل "قوات سيف الحق" و"قوات الفهد"، أثار مخاوف الأهالي من أن يكون التشكيل الجديد رسالة "خراب ودمار" بدل أن يكون خطوة أمل.
وأكد البلعوس أن سكان المحافظة الذين دفعوا أثماناً باهظة من دماء أبنائهم وتحملوا التهجير والحرمان، لا ينتظرون مزيداً من العسكرة والفوضى، بل يبحثون عن حلول سلمية تحفظ كرامتهم وتعيد لهم الاستقرار.
وأشاد البلعوس بموقف "حركة رجال الكرامة" التي لم تنضم إلى التشكيل الجديد، معتبراً ذلك "دلالة على الحكمة والمسؤولية"، ومؤشراً على إمكانية ظهور موقف أكثر اتزاناً في المستقبل.
وكانت عدة فصائل محلية قد أعلنت، خلال اجتماع عُقد في 23 آب ببلدة قنوات، اندماجها تحت مسمى "الحرس الوطني"، بزعم توحيد القوى المسلحة المحلية وملء الفراغ الأمني بعد غياب الأجهزة الرسمية.
ويرى مراقبون أن المشروع لا ينفصل عن حسابات إقليمية، إذ حذر محللون عسكريون من دعم إسرائيلي للتشكيل عبر التدريب والإمداد اللوجستي، معتبرين أن الأمر قد يشكل نزعة انفصالية تهدد وحدة سوريا. ووصف العقيد المنشق أحمد محمد ديب حمادة التشكيل بأنه "جيش طائفي بلا مستقبل" تستخدمه إسرائيل أداة للضغط على دمشق.
وبحسب ناشطين محليين، يسعى الشيخ حكمت الهجري إلى وضع نفسه في موقع تفاوضي مستقبلي مع الحكومة السورية، عبر رعاية تشكيل منظم يشبه تجربة "قسد" في شمال شرقي سوريا، ما يفتح الباب أمام إدخال كتلة عسكرية طائفية ضمن المشهد السوري، واعتبر الناشطون أن خطابه حول "الانفصال" لا يعدو كونه وسيلة لحشد الأتباع، بينما الهدف الفعلي هو تكريس نفوذه العسكري والاجتماعي داخل المحافظة.
لا تزال السجون التي تديرها ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في شمال وشرق سوريا محط انتقادات واسعة من ناشطين ومنظمات حقوقية، إذ توصف بأنها نسخة جديدة من معتقلات نظام الأسد البائد، من حيث التعذيب والإرهاب والتغييب القسري.
سراديب مظلمة تحت الأرض
تنتشر عشرات السجون سيئة الصيت في الرقة والحسكة ودير الزور، تضم آلاف المعتقلين من مختلف الأعمار، بينهم أطفال وناشطون وصحفيون، وتؤكد شهادات أن هذه المعتقلات شُيّدت على أعماق كبيرة تحت الأرض، لتصبح بمثابة "قبور مظلمة"، يقضي فيها الموقوفون سنوات طويلة دون محاكمة.
سجون سيئة السمعة
تتنوع السجون والمعتقلات التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية، وتنتشر على مناطق عدة في شمالي شرقي سوريا، أبرزها:
-سجن الإرهاب في كوباني: يضم أكثر من 1330 معتقلاً، وتصفه "قسد" بأنه مخصص لقضايا الإرهاب، لكن ناشطين يقولون إنه يُستخدم لاعتقال كل من يخالف توجهاتها، خاصة من العرب.
- سجن عايد بالطبقة: يُعرف بـ"سجن الصحفيين والناشطين"، ويضم أكثر من 2400 معتقل. يروي مفرج عنهم أنهم تعرضوا لتعذيب قاسٍ، من الصعق بالكهرباء إلى التعليق والشبح والتجويع.
سجن الأحداث في الرقة: يضم نحو 1700 معتقل، ويعاني نزلاؤه من أمراض وإهمال طبي متعمد. سجّلت خلال عامي 2023 و2024 عشرات الإصابات بمرض الجرب، ووفاة معتقلين تحت التعذيب.
معتقلات الاستخبارات.. الخوف المضاعف
من أبز المعتقلات التي تديرها قوى الاستخبارات التابعة لقوات "قسد"
-سجن الاستخبارات غرب مشفى الطب الحديث: يضم زنازين انفرادية تحت الأرض ويُستخدم للتحقيق، لكن معتقلين يُحتجزون فيه لسنوات.
- سجن الاستخبارات في حي الطيار: معتقل سري بالكامل تحت الأرض، يُنقل إليه الموقوفون ليلاً معصوبي الأعين، في تكرار لأساليب فروع الأمن السورية السابقة.
سجون مركزية ورسائل ترهيب
وهناك العديد من السجون التي تستخدمها الميليشيا للقتل والترهيب
- السجن المركزي في الرقة: مستودعات للحبوب حُولت إلى معتقل ضخم، جرى فيه دمج موقوفين مدنيين مع عناصر من تنظيم داعش، ما أثار تحذيرات منظمات حقوقية.
- "صيدنايا الرقة": سجن جديد في منطقة الأقطان شمال الرقة، بُني على غرار سجن صيدنايا الشهير، ويضم أكثر من 2500 معتقل معظمهم ناشطون وصحفيون معارضون. ويعتبره ناشطون رسالة تهديد واضحة مفادها أن مصير معارضي "قسد" لن يختلف عن مصير معتقلي النظام البائد.
اتهامات حقوقية
منظمات حقوقية اتهمت "قسد" بممارسة التضليل تجاه التحالف الدولي، عبر تصوير معارضيها المحليين على أنهم مرتبطون بتنظيم داعش، بينما تشير الشهادات إلى أن آلاف المعتقلين جرى تغييبهم قسراً دون مسوغ قانوني.
الناشط ثائر الرقاوي، الذي وثّق شهادات من الرقة، شدد على أن هذه الممارسات "لا تختلف عن إجرام النظام السوري السابق"، مؤكداً أن الجزيرة السورية تحتاج إلى حرية وعدالة، لا إلى "معتقلات جديدة تُعيد إنتاج القمع".
يشرع "مجلس قضاء الجزائر، يوم الثلاثاء المقبل، في محاكمة شبكة متهمة بتزوير جوازات سفر وبطاقات تعريف بيومترية لصالح رعايا سوريين مقيمين في البلاد، في قضية وُصفت بـ"الثقيلة"، وفق ما أفادت به وسائل إعلام جزائرية.
ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة 20 متهماً بينهم 12 موقوفاً، معظمهم موظفون في بلدية الجلفة شمال الجزائر، حيث يواجهون تهماً خطيرة تشمل إدخال بيانات مغشوشة في نظام المعالجة الآلية بما يضر بهيئة عمومية، تكوين جمعية أشرار، وإساءة استغلال الوظيفة، وذلك استناداً إلى مواد من قانون العقوبات وقانون الوقاية من الفساد.
وتعود القضية إلى شكوى تقدم بها رئيس مصلحة الوثائق البيومترية ببلدية الجلفة في 28 فبراير/شباط 2024، بعد اكتشافه إصدار جوازات وبطاقات تعريف مزورة لأشخاص لا يحملون الجنسية الجزائرية، وقد وُجهت أصابع الاتهام في البداية إلى أحد موظفي البلدية قبل أن تتسع دائرة الملاحقات لتشمل موظفين آخرين وعدداً من المتورطين.
ضحايا التزوير.. أطفال سوريون
وأظهرت التحقيقات أن الوثائق المزورة صدرت لفائدة 13 أجنبياً، بينهم 12 طفلاً سورياً تتراوح أعمارهم بين مواليد 2010 و2018، حيث تم تزوير مستندات إثبات الجنسية والبصمات، وكشفت التحريات أن بصمة أحد الأطفال على استمارة الطلب تعود في الحقيقة إلى موظف في المصلحة البيومترية، كما ضُبطت ملاحظات بخط يد موظف سابق توحي بتورطه في تمرير الملفات للمعالجة.
شبكة منظمة داخل الإدارة
وتشير المعطيات إلى أن المحاكمة المرتقبة قد تكشف عن شبكة منظمة للتزوير تعمل داخل الإدارة العامة، مستغلة نظام المعالجة الآلية وقاعدة بيانات وزارة الداخلية والجماعات المحلية، وهو ما يشكل تهديداً خطيراً لسلامة الوثائق الرسمية.
السوريون في الجزائر
ويُقدر عدد السوريين المقيمين في الجزائر بين 35 و40 ألف شخص وفق تقارير إعلامية، حيث يعمل معظمهم في قطاعات مختلفة بعد قدومهم إلى البلاد منذ عام 2012 عقب اندلاع الحرب في سوريا.
أعلنت وزارة الداخلية السورية يوم السبت 23 آب/ أغسطس، عن إلقاء القبض على ثلاثة من السجانين المتورطين في انتهاكات داخل معتقل صيدنايا العسكري، وهم ماهر إبراهيم من تلكلخ، وحيان علي داوود من خربة تين نور، ورمضان علي عيسى من خربة تين نور بريف حمص.
وبثّت الوزارة اعترافات للمقبوض عليهم كشفوا خلالها عن مشاركتهم في عمليات تعذيب وتصفية معتقلين، إلى جانب ممارسات وحشية وغير إنسانية.
في أحد الاعترافات، قال أحد المقبوض عليهم إنه فُرز إلى سجن صيدنايا في الأول من تموز عام 2019 بقرار من فرع المخابرات الجوية 227، وبعد فترة وصل حكم بإعدام ستة أشخاص وكان أحد المنفذين. وأوضح أنه كان يتم تعليق المعتقلين على ما يُعرف بالجنازير، حيث يتناوب خمسة أو ستة سجانين على تعذيبهم حتى الموت، فيما كان يُترك البعض أياماً من دون طعام أو ماء حتى لا تفوح رائحة جثثهم بعد الإعدام.
وكشفت شهادات أخرى عن مشاهد مأساوية، حيث تحدث أحد المقبوض عليهم عن غرفة ضمت مئتي معتقل نُفذ فيهم حكم الإعدام، قبل أن تُنقل جثثهم إلى مشفى حرستا حيث كانت تُرقم ولا يُعرف مصيرها، كما أشار إلى أن ضابطاً كان يحقن المرضى بإبر تؤدي إلى وفاتهم بعد دقائق، في إشارة إلى استخدامها كوسيلة قتل مباشر.
ولم تقتصر الاعترافات على القتل والتعذيب، إذ تحدث أحدهم عن تقديمه طلباً لمساعد مدير السجن لجلب فتيات إلى الزنازين، وأنه قام باغتصاب تسع منهن بتسهيل مباشر من إدارة السجن.
في حين روى المعتقل السابق أحمد خالد محيميد تفاصيل اعتقاله في نيسان 2019، قائلاً إنه استُقبل مع آخرين بالضرب والإهانات، وأجبروا على خلع ملابسهم قبل أن يُساقوا إلى ما يسمى بالبناء الأبيض، ومنه إلى أجنحة أخرى بينها الأحمر والأسود، حيث بدأت حفلات التعذيب.
وأضاف أن كبار السن لم يتحملوا التعذيب وكانوا يموتون تحت الضرب، بينما استشهد شقيقه عبد الله المصاب بالربو بعد أن رفض السجان ماهر درويش إعطاءه بخاخاً طبياً قائلاً: "خليه يموت".
التفاصيل التي وردت في التسجيل تضمنت أيضاً مشاهد توصف بأنها صادمة، إذ تحدث أحد المعتقلين عن قيام السجان ماهر درويش بخلط البول مع إبريق الشاي وإجبار المعتقلين على شربه، ومن يرفض كان يتعرض للضرب بالكابل أو يواجه خطر الإعدام، الأمر الذي دفع الجميع إلى الرضوخ وشربه خوفاً من الموت.
هذا وختمت وزارة الداخلية بالتأكيد على نجاح وحداتها الأمنية في تنفيذ عملية رصد دقيقة في منطقتي الحولة وتلكلخ بريف حمص، أسفرت عن إلقاء القبض على السجانين المتورطين بمجازر صيدنايا أثناء محاولتهم الفرار خارج البلاد، ليُحالوا إلى القضاء وينالوا جزاءهم العادل.
أعلنت فصائل محلية في محافظة السويداء خلال الأيام الماضية عن اندماجها ضمن تشكيل جديد يحمل اسم “الحرس الوطني”، وذلك في خطوة تهدف إلى توحيد القوى العسكرية المحلية تحت إطار واحد.
وبحسب ما نقلته منصة “السويداء 24”، عُقد اجتماع يوم السبت 23 آب في دارة الرئاسة الروحية في بلدة قنوات، بحضور قادة عدد من الفصائل والتشكيلات الأهلية والعائلية، حيث جرى الاتفاق على الاندماج ضمن التشكيل الجديد.
ووفقاً لمصادر في قيادة الحرس الوطني، فإن أهداف التشكيل تتضمن ملء الفراغ الأمني في المحافظة بعد غياب الأجهزة الرسمية، وتوحيد الصفوف من خلال جمع الفصائل المحلية تحت قيادة واحدة، إضافة إلى ضبط انتشار السلاح.
كما تشمل المهام المعلنة: حماية المجتمع والدفاع عن القرى، مكافحة الإرهاب، التنسيق مع جهات إقليمية ودولية في مواجهة التنظيمات المتطرفة، والمساهمة في ضبط الحدود لمنع التسلل أو التهريب.
وأكدت المصادر أن التشكيل يسعى لأن يكون “إطاراً مؤسسياً منظماً” يضم الفصائل المحلية في السويداء ضمن هيكل عسكري موحد.
شهدت محافظة السويداء منذ منتصف عام 2025 تطورات أمنية متسارعة، اتخذت الحكومة السورية الجديدة على إثرها إجراءات استثنائية لإعادة ضبط الأوضاع في المحافظة.
فقد اندلعت اشتباكات واسعة في يوليو/تموز بين مجموعات محلية مسلّحة وعشائر بدوية، أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى، ما دفع الرئاسة السورية إلى إعلان وقف إطلاق نار شامل وتكليف وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي بمهام إعادة الاستقرار، وتحرير مختطفين، وإنشاء لجان تحقيق لمحاسبة المتورطين بالانتهاكات.
الأحداث في السويداء سرعان ما أخذت بعدًا دوليًا؛ إذ نفذت إسرائيل غارات جوية على مواقع عسكرية سورية قرب دمشق وجنوب البلاد، قالت إنها لحماية الأقلية الدرزية.
الولايات المتحدة نفت دعم هذه الغارات، لكنها تدخلت دبلوماسيًا إلى جانب تركيا والأردن لرعاية اتفاق هدنة بين الأطراف المتنازعة.
كما أعرب مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة عن قلقهما من الوضع الإنساني في المحافظة، ودعوا إلى حماية المدنيين والتحقيق في الانتهاكات.
في المقابل، أعلنت دول عربية وإقليمية، مثل مصر ولبنان والسعودية والإمارات، رفضها لأي تدخل خارجي ودعمها لوحدة وسيادة سوريا