لطالما استقبل السوريون شهر أيلول/سبتمبر بفرح ومحبة، إذ يمثل هذا الشهر بداية الاستعدادات للسنة الدراسية الجديدة. يبدأ الأهالي بشراء المستلزمات المدرسية لأبنائهم، مثل الحقائب والدفاتر والملابس الجديدة، وغيرها من التجهيزات الضرورية.
في الوقت ذاته، تنشغل النساء بتحضير المؤونة الشتوية للعائلة، مثل حفر الباذنجان، وتجهيز الملوخية، واللبن المطبوخ، واللبنة، والمربيات والمخللات بأنواعها، وغيرها من الأصناف التي اعتادت الأسر على تناولها خلال فصل الشتاء.
الضغوط الاقتصادية وأثرها على الأسر
خلال السنوات العشر الماضية، عانت معظم الأسر من ضغوط اقتصادية انعكست على حياتها اليومية نتيجة تراكم آثار الحرب والنزوح وفقدان المعيل، إضافة إلى فقدان الموارد بسبب القصف والهجرة. أدت هذه العوامل إلى تدهور الأوضاع المعيشية بشكل ملحوظ، مضاعفة الصعوبات في تأمين الاحتياجات الأساسية.
وأشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن نحو تسعة من كل عشرة سكان في سوريا يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعاني واحد من كل أربعة أشخاص من البطالة. ورغم ذلك، يرى البرنامج أن الاقتصاد السوري قد يتمكن من استعادة مستواه الذي كان عليه قبل الصراع خلال عشر سنوات، في حال تحقق نمو اقتصادي قوي ومستدام.
تقول عائشة محمد، نازحة من ريف إدلب، وهي أم لأربعة أطفال: "خلال هذا الشهر، توجب على أن أشتري التجهيزات المدرسية لابنتيّ، وفي الوقت ذاته، هناك أصناف معينة من المؤونة يجب أن أعدّها، لكن أجر زوجي كعامل يومية بالكاد يكفي لشراء الاحتياجات الأساسية اليومية".
في هذه الحالة، تضطر عائشة كغيرها من ٱلاف الأشخاص الذين يعانون من الفقر، إلى استدانة المال من الآخرين حتى تستطيع تلبية احتياجات المنزلية والأخرى التعليمية، أو اختصار أشياء معينة حتى يتسطيعون تأمين الأخرى الأكثر أهمية.
صعوبة تأمين المستلزمات الدراسية
خلال حديثنا مع بعض الطلاب، أكدوا لنا أنهم كانوا يشعرون بالضغط النفسي عندما يرون أهاليهم منشغلين بالحسابات والقلق يسيطر عليهم، وهم يتساءلون كيف سيؤمّنون ثمن الاحتياجات المدرسية لهم.
لذلك، لجأ البعض منهم يلجأون إلى إعادة ارتداء الملابس القديمة التي استخدموها في العام الدراسي السابق، واستخدام الحقيبة الدراسية نفسها، وتأمين كتب مستعملة من أصدقائهم أو من أقاربهم، في محاولة منهم لتخفيف الأعباء عن عوائلهم.
وقالت سناء اليوسف، معلمة في المرحلة الثانوية:"خلال عملي في مهنة التدريس، وتحديداً في السنوات الأخيرة، لاحظت أن كثيراً من الطلاب لا يكونون قد جهّزوا كامل مستلزماتهم الدراسية مع بداية العام، فبعضهم يستخدم دفتراً واحداً لمادتين أو أكثر، لعدم قدرتهم على شراء دفاتر إضافية، كنت أقدّر وضعهم، لأنني أُدرك حجم الضغوط المادية التي تعيشها أسرهم".
وبحسب سيدات تحدثنا معهن، انعكست الضغوط المادية انعكست على صناعة المؤونة المنزلية، فقد اضطرت النسوة في هذه الحالة إلى تقليل كمية هذه الأصناف، فمثلاً بدلاً من صنع أربع مطربانات مكدوس، يصنعن واحدة فقط، ومنهن اختصرت بعض الأصناف بالكامل، بسبب عدم القدرة على تأمين المواد اللازمة.
ضرورة دعم الأسر المحتاجة
يرى مراقبون أن هناك حاجة ملحة لدعم الأسر الفقيرة لتأمين المستلزمات الدراسية والمؤونة الشتوية، عبر سياسات تخفف العبء مثل الدعم المباشر للقرطاسية وتقديم مساعدات غذائية، وتشجيع المبادرات المجتمعية لمساعدة الأسر الأكثر ضعفا.
تظلّ الضغوط المعيشية والمالية على الأسر واحدة من أبرز التحديات اليومية، وتزداد مع بداية شهر أيلول مع الاستعدادات للعام الدراسي وتجهيز المؤونة الشتوية، ما يجعل الدعم والمبادرات المجتمعية أمراً ضرورياً لتخفيف الأعباء عن العائلات.
قال الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقاء جمعه بعدد من الباحثين والخبراء الدوليين، إن الحكومة الحالية في دمشق يجب أن تُوصَف بـ”الانتقالية”، موضحاً أن البُنى الأمنية والإدارية ما تزال في طور التشكيل، ولا يمكن النظر إلى الدولة باعتبارها كياناً مستقراً بعد.
ومن أبرز الحضور في اللقاء الباحث الأمريكي غريغوري ووترز، وهو مختص بالشأن السوري يعمل مع الأرشيف السوري، وزميل مشارك في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، إضافة إلى كونه محللاً في مركز مكافحة التطرف، وسبق أن عمل مستشاراً لدى مجموعة الأزمات الدولية. وأوضح ووترز أن الشرع استهل اللقاء بالتأكيد على أن جميع السوريين باتوا اليوم “تحت حكم القانون”، وهو مطلب ما يزال مطروحاً بقوة في مختلف المناطق.
وقال ووترز إنه حضر اجتماعًا مع الرئيس السوري أحمد الشرع الأسبوع الماضي، موضحًا أن اللقاء تناول قضايا إسرائيل وقوات سوريا الديمقراطية ومستقبل البلاد، لكنه ركز على «ملاحظات مؤسسية» وصفها بالمهمة.
وأشار ووترز إلى أن الشرع شدّد طوال النقاش الذي استمر ساعتين على أن «الحكومة الحالية انتقالية»، مضيفًا: «علينا أن نسمّيها حكومة انتقالية، لأن هذا ما هي عليه». وأوضح الرئيس أن البنى الأمنية والإدارية والحكومية ما زالت في طور التشكل، مؤكدًا أن «هذه الدولة لا يمكن اعتبارها راسخة بعد».
وأضاف ووترز أن الشرع استهل حديثه بالتذكير بتحديات قرنٍ من التاريخ السوري، لكنه أكد أن «جميع السوريين اليوم تحت حكم القانون». وعلّق الباحث بأن سيادة القانون مطلب متكرر بين السوريين من مختلف الخلفيات، مشيرًا إلى أن كثيرين يرون أنه لم يُطبّق بعد في مناطقهم.
ونقل ووترز عن الرئيس قوله إن الحكومة في أشهرها الأولى حاولت إدارة البلاد بعيدًا عن النظم التي جرى تطبيقها في إدلب، «لأن الظروف مختلفة جذريًا».
وأوضح أن هذا الموقف ليس محصورًا بالرئاسة، إذ قال مسؤول رفيع في وزارة الداخلية إن بناء قوة أمن داخلي وطنية «يجب أن يبدأ من الصفر»، فيما أكد مسؤول في وزارة الدفاع أن عملية التوحيد التي شهدتها إدلب منذ 2020 «لا يمكن أن تُسقط» على واقع الوزارة اليوم لاختلاف القدرات والاحتياجات.
ورجّح ووترز أن الخبرات التي اكتسبها قادة هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ في إدلب بين عامي 2018 و2024 لعبت دورًا بعد ديسمبر، لكنه لفت إلى أن الشرع وفريقه «لا ينوون استنساخ النماذج» التي جرى اختبارها هناك.
وأكد ووترز أن الرئيس الشرع يرى في الإنعاش الاقتصادي «الأداة الأساسية لالتئام المجتمع وتقليص النزاعات الداخلية»، مضيفًا أن معظم من التقاهم الباحث يتفقون مع هذا الطرح.
لكن ووترز أشار إلى أن الطريق «سيكون طويلًا جدًا» بالنظر إلى حجم الدمار الذي أصاب اقتصاد الأرياف، مشددًا على الحاجة الملحّة إلى مبادرات محلية للسِّلم الأهلي وحل النزاعات المجتمعية في هذه المرحلة.
يأتي الاجتماع بعد أسابيع من إعلان الحكومة السورية الانتقالية سياسات جديدة لبناء مؤسسات الدولة من الصفر، وسط نقاش واسع حول كيفية الانتقال من واقع الحرب والانقسام إلى نموذج وطني جامع.
أعلن مصرف سورية المركزي، يوم الثلاثاء 23 أيلول/ سبتمبر، عن توقيع مذكرة تفاهم تاريخية مع ماستركارد في دمشق، تهدف إلى التعاون في تطوير البنية التحتية لأنظمة المدفوعات الوطنية وتوسيع نطاق الخدمات المالية الرقمية في سوريا.
وتُعد هذه الخطوة نقلة نوعية في مسار تحديث القطاع المالي، إذ تركز على استكشاف فرص تعزيز الشمول المالي والوصول إلى الخدمات المصرفية لملايين المواطنين، إلى جانب إدخال أحدث الابتكارات التقنية بما يضمن المرونة وتكافؤ الفرص.
وأكد حاكم المصرف المركزي، الدكتور "عبد القادر حصرية"، أن ماستركارد بما تملكه من شبكة عالمية وحلول تقنية متطورة تعد شريكاً استراتيجياً لدعم جهود بناء نظام مالي قوي في سوريا، معتبراً أن هذه المذكرة تضع إطاراً تعاونياً لتبادل الخبرات وتطوير البنية التحتية للمدفوعات، بما يسهم في تمكين الاقتصاد والمجتمع.
من جانبه، قال "آدم جونز"، الرئيس الإقليمي لغرب المنطقة العربية لدى ماستركارد، إن الاتفاق يعكس قناعة مشتركة بأن بناء منظومات مالية شاملة يقوم على الشراكة والابتكار والمشاركة المحلية، مشدداً على تطلع الشركة لتقديم أحدث حلول الدفع العالمية لخدمة المواطنين المحليين والمسافرين الدوليين في السوق السورية الواعدة.
وتمثل المذكرة إطاراً أولياً للتعاون، على أن تُبنى عليها خطوات لاحقة تشمل ورش عمل تقنية، برامج تدريبية، ومبادرات مشتركة لتعزيز الشمول المالي وتطوير البنية التحتية للمدفوعات. ويؤكد الطرفان أنها خطوة تأسيسية لفتح آفاق شراكات أوسع تدعم الأفراد والشركات وتخدم مسيرة التنمية الاقتصادية في سوريا.
أعلنت ثلاث منظمات حقوقية دولية ومحلية – هيومن رايتس ووتش، وسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، والأرشيف السوري – أن التحقيقات التي أجرتها السلطات السورية الانتقالية بشأن أحداث مارس/آذار 2025، لم ترقَ إلى مستوى الشفافية المطلوبة، ولم تحدد بعد دور كبار القادة العسكريين والمدنيين في الانتهاكات الواسعة التي شهدتها محافظات الساحل وحماة.
جاء التقرير المشترك، الصادر في 51 صفحة بعنوان “أنت علوي؟ الاستهداف القائم على الهوية خلال المرحلة الانتقالية في سوريا”، ليؤكد أن العمليات الأمنية الحكومية، التي بدأت في 6 مارس/آذار واستمرت حتى 10 منه على الأقل، أسفرت عن مقتل أكثر من 1,400 شخص، معظمهم من أبناء الطائفة العلوية الذين اعتُبروا موالين للنظام السابق.
وثّقت المنظمات، استنادًا إلى أكثر من 100 مقابلة وشهادات ميدانية، بالإضافة إلى مقاطع فيديو وصور أقمار صناعية، إعدامات ميدانية، وحرق منازل، ونهب ممتلكات، وإذلال ممنهج للمحتجزين. في بعض القرى، وُجه سؤال مباشر للضحايا: “هل أنت علوي؟”، ليحدد مصيرهم بين الحياة والموت .
أكد التقرير أن وزارة الدفاع أشرفت بشكل مركزي على العملية العسكرية، وحشدت عشرات آلاف المقاتلين من فصائل مختلفة، وحددت مناطق انتشارهم، وسهلت تسليم السيطرة لقوات الأمن العام بعد انتهاء التمشيط.
وأشار التقرير أنه ورغم عدم وجود أدلة على أوامر مكتوبة بارتكاب الانتهاكات، إلا أن استمرار التنسيق العسكري، حتى بعد شيوع أخبار المجازر، يُظهر – بحسب التقرير – تقصير القيادة وتقاعسها عن وقف الجرائم. وهو ما قد يرقى، وفق مبدأ مسؤولية القيادة، إلى مسؤولية جنائية مباشرة .
في 22 يوليو/تموز، أعلنت “اللجنة الوطنية السورية للتحقيق في أحداث الساحل” أن 1,426 شخصًا قُتلوا خلال العمليات، وأن 298 مشتبهاً بهم أُحيلوا إلى القضاء. ورغم أن اللجنة اعترفت بوقوع فظائع جماعية، إلا أنها نسبت معظم الجرائم إلى “أعمال ثأرية شخصية”، وتجنبت معالجة مسؤولية المؤسسات والقيادات العليا، مكتفية بالتركيز على الأفراد.
المنظمات الحقوقية اعتبرت أن هذا النهج يمثل استمرارية لثقافة الإفلات من العقاب التي سادت في عهد الأسد، وإن كان في سياق جديد أكثر تعقيدًا.
تضمن التقرير روايات مباشرة لضحايا وناجين، من بينها شهادة امرأة من قرية برابشبو في ريف اللاذقية، قالت إن مسلحين اقتحموا منزلها في 8 مارس/آذار، وبعد أن تحققوا من هوية زوجها العلوية، أطلقوا النار عليه عند عتبة الباب دون أي استجواب إضافي.
كما تحدث مقاتلون سابقون عن إعدامات تمت فقط على أساس الهوية، وأكد بعضهم أنهم تلقوا أوامر غير مباشرة عبر غرف عمليات مرتبطة بوزارة الدفاع.
لم تقتصر الانتهاكات على الساحل وحماة، بل امتدت أنماط الاستهداف والاعتقالات التعسفية إلى حمص وريفها قبل مارس/آذار، كما شهدت محافظة السويداء في يوليو/تموز إعدامات ونهباً وتدميراً للممتلكات على يد وحدات تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية .
المنظمات الثلاث دعت الحكومة إلى خطوات عاجلة، أبرزها:
• نشر التقرير الكامل للجنة تقصي الحقائق، مع حماية الشهود وضمان حقوق المتهمين.
• شمول المحاكمات المسؤولية المؤسسية إلى جانب الجرائم الفردية.
• إخضاع جميع الفصائل المسلحة لقيادة موحدة تحت إشراف مدني، وتدقيق خلفيات المقاتلين.
• إقصاء المتورطين في الانتهاكات من المناصب، واعتماد مدونات سلوك واضحة.
• التعاون مع آليات الأمم المتحدة، بما فيها اللجنة الدولية للتحقيق المستقلة والآلية الدولية المحايدة.
• إنشاء آلية وطنية لجبر الضرر، تشمل التعويض المادي وإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، وكشف الحقيقة أمام الضحايا وعائلاتهم .
أشارت المنظمات إلى أن انتهاكات مارس/آذار ليست حدثًا معزولاً، بل ذروة لانقسامات طائفية متجذرة وضعف في سيادة القانون ورثته البلاد من عهد الأسد. وأكدت أن عدم محاسبة القادة العسكريين والمدنيين يهدد بتكرار دوامات العنف، ويفتح المجال أمام جماعات متطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لاستغلال فراغ العدالة.
ويؤكد التقرير أن مستقبل سوريا في المرحلة الانتقالية يتوقف على مدى جدية الحكومة بقيادة الرئيس أحمد الشرع في ضمان العدالة الشاملة. فإما أن تشكّل هذه الخطوات أساسًا لإعادة بناء الثقة بين المكونات السورية، أو تتحول إلى حلقة جديدة من الإفلات من العقاب والعنف.
نظمت مؤسسة «التراث اليهودي في سوريا» (JHS)، بقيادة الحاخام يوسف حمرا، أول رحلة للجالية اليهودية السورية إلى البلاد بعد سقوط نظام الأسد، بهدف تنشيط الحياة اليهودية وترميم المعابد والآثار المهمة التي تمثل جزءاً من الذاكرة الوطنية السورية.
دعم علني للحكومة الجديدة ورفع العقوبات
وسبق أن أعلنت شخصيات يهودية أميركية من أصول سورية تأييدها العلني لحكومة الرئيس السوري أحمد الشرع، مطالبة الإدارة الأميركية برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا وشطب اسم الحكومة من قوائم الإرهاب تمهيداً للاعتراف الدولي بها، ويُعد رجل الأعمال هنري حمرا من أبرز من قادوا هذه المبادرة، إذ ينتمي إلى الجالية اليهودية السورية في نيويورك وكان قد غادر دمشق في شبابه.
رسالة من المنفى إلى الوطن
وكان أعرب هنري حمرا، خلال لقاءاته مع أعضاء في الكونغرس الأميركي، عن رغبته العميقة في «العودة إلى الوطن»، مؤكداً أن سوريا جزء لا يتجزأ من هويته، وقال في تصريح سابق لصحيفة «نيويورك تايمز»: «ما رأيته خلال زيارتي الأخيرة إلى سوريا كان مزيجاً من الدمار والأمل. هناك تعطش للنهوض من جديد، لكن العقوبات تحاصر الشعب وليس النظام السابق».
زيارة شباط… بُعد تراثي ورسالة سياسية
وفي شباط/فبراير الماضي، نظّم حمرا زيارة إلى سوريا برفقة والده الحاخام يوسف حمرا، وبدعم من «فريق الطوارئ السوري»، شارك فيها أيضاً عدد من السوريين الأميركيين المسلمين. وشملت الجولة زيارة معالم دينية يهودية بينها كنيس جوبر المدمر ومقبرة يهودية تاريخية، حيث حظي الوفد بتسهيلات رسمية شاملة من وزارة الخارجية السورية.
وقال معاذ مصطفى، مدير فريق الطوارئ السوري، إن الزيارة لم تكن مجرد رحلة تراثية بل محاولة لإيصال رسالة سياسية إلى واشنطن بأن الحكومة السورية الجديدة تسعى إلى شراكة وطنية تتجاوز الانقسامات السابقة.
إغلاق صفحة الماضي واستعادة الذاكرة الوطنية
أوضح الحاخام يوسف حمرا أن الهدف من الزيارة هو «إغلاق صفحة الماضي بكرامة، واستعادة جزء من الذاكرة الوطنية التي جمعت السوريين بمختلف أديانهم لقرون طويلة».
مبادرة رمزية على طريق المصالحة الوطنية
وكتنت وصفت وزارة الخارجية السورية الزيارة بأنها «مبادرة رمزية على طريق المصالحة الوطنية»، مشددة على استعداد الدولة السورية لحماية جميع أبنائها دون تمييز والعمل على استعادة علاقاتها الدولية وفق رؤية شاملة جديدة. وتأمل دمشق أن تفتح هذه المبادرة باباً لاختراق دبلوماسي يساهم في كسر الحصار السياسي والاقتصادي والتمهيد لمرحلة جديدة من الانفتاح الدولي وإعادة الإعمار.
تُعد هذه الزيارة أول مؤشر عملي على انفتاح الحكومة السورية الجديدة على مكوّن ظلّ لعقود بعيداً عن المشهد الوطني، ما يمنح دمشق فرصة لإعادة تقديم نفسها في الإعلام الغربي والجاليات السورية بالخارج بوصفها دولة تسعى للمصالحة وحماية التنوع الديني والثقافي.
وظهور الحاخام يوسف حمرا ونجله هنري في دمشق، بمشاركة شخصيات سورية أميركية مسلمة، أرسل إشارة قوية إلى دوائر القرار والإعلام في واشنطن ونيويورك بأن سوريا الجديدة لا تكتفي برفع شعارات التسامح بل تترجمها إلى مبادرات ملموسة، وهذه الصورة تساهم في إعادة بناء جسور الثقة مع الجاليات السورية في المنفى، وتُشجع على إطلاق مشاريع تعاون ثقافي واقتصادي تُسهم في كسر عزلة سوريا الدولية وتدعم مسار إعادة الإعمار.
شهدت مناطق بريف حمص الغربي خلال الأيام الماضية موجة حرائق حراجية ضخمة، تركزت بشكل خاص في مناطق حبنمرة وقرب علي والحواش، وامتدت ألسنة اللهب لمساحات واسعة مهددةً القرى والمنازل وسط ظروف طبيعية بالغة الصعوبة.
فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري وأفواج الإطفاء الحراجي، وبمساندة الأهالي، واصلت العمل لليوم الثالث على التوالي في محاولة لوقف تمدد النيران التي غذّتها الرياح النشطة والتضاريس الوعرة، إلى جانب الأعشاب الجافة التي ساعدت في سرعة الاشتعال.
وقد تمكنت هذه الجهود من منع وصول النيران إلى منازل المدنيين في حبنمرة، بعد دخول فرق الإطفاء بين الأحياء السكنية لتأمينها، فيما استمر الخطر قائماً في أحراج قرب علي حيث تعيق طبيعة الأرض وصول الفرق إلى البؤر المشتعلة.
وأفادت مصادر ميدانية بتعرض عدد من رجال الإطفاء لإصابات نتيجة استنشاق الأدخنة الكثيفة، في وقت تواصلت فيه الجهود الليلية دون توقف، وسط مشاهد مواجهة مباشرة مع ألسنة اللهب المرتفعة التي غطت سماء المنطقة بسحب الدخان.
ويؤكد القائمون على عمليات الإخماد أن السيطرة الكاملة تتطلب جهداً متواصلاً خلال الأيام المقبلة، إلى جانب تعاون الأهالي في تجنب أي سلوك قد يفاقم الحرائق، مثل إشعال النار في الأحراج أو رمي أعقاب السجائر.
وتأتي حرائق حمص في وقت متزامن مع حرائق ضخمة تشهدها غابات ريف اللاذقية وجبال التركمان، الأمر الذي دفع إلى استنفار واسع لفرق الإطفاء في مختلف المحافظات، وإرسال مؤازرات من حلب وطرطوس وحماة إلا أن حمص تبقى محور القلق الأكبر مع اقتراب ألسنة اللهب من المناطق السكنية.
وكان أصدر الدفاع المدني السوري إرشادات هامة تتعلق بارتفاع درجات الحرارة ومخاطر انفجار البطاريات، خاصة في المخيمات والمنازل، داعيًا الأهالي إلى اتخاذ تدابير وقائية لتفادي الحوادث المحتملة خلال فصل الصيف.
انطلقت في فندق الداماروز بدمشق الندوة الحوارية الموسعة التي تقيمها وزارة التنمية الإدارية تحت عنوان "نحو تعزيز الكفاءة الحكومية.. إصلاح الإدارة العامة وقانون الخدمة المدنية"، وفق بيان رسمي نشرته الوزارة يوم الأحد 22 أيلول/ سبتمبر.
وتندرج هذه الندوة ضمن مسار النقاش الوطني الواسع حول مشروع القانون الجديد والعقد المؤسسي الذي يشكل خطوة محورية لتكريس هوية الخدمة المدنية في سوريا.
وأكد وزير التنمية الإدارية "محمد حسان السكاف"، أكد في كلمته أن النقاشات تمثل خطوة عملية على طريق بناء إدارة عامة أكثر قدرة على استثمار رأسمالها البشري وتقديم خدمة أفضل وأسرع للمواطن.
وأوضح أن الوزارة تنتظر من المشاركين نقاشاً علمياً وقراءات مهنية واقتراحات قابلة للتطبيق، مشيراً إلى أن الآراء التطويرية ستتحول إلى توصيات عملية تظهر نتائجها بشكل مباشر في تطبيقات الخدمة المدنية.
وشدد على أن القانون المرتقب سيشكل مرجعية تشريعية عامة، وأن الأنظمة التنفيذية واللوائح التطبيقية ستصدر بشكل متزامن مع دخوله حيز النفاذ، بما يضمن الجاهزية الكاملة للتطبيق منذ اليوم الأول.
واعتبر أن مشروع القانون الجديد هو نواة لمنظومة حيّة تبنى عليها سياسات واقعية يمكن قياسها بالنتائج، ما يعزز دور الإدارة العامة في خدمة المواطن وتحقيق التنمية.
وأعلنت وزارة التنمية الإدارية في الحكومة السورية يوم الثلاثاء 16 أيلول/ سبتمبر عن انتهاء مهمة اللجنة المكلفة بإعداد الصياغة النهائية لمشروع قانون الخدمة المدنية، الذي يهدف إلى رسم ملامح مستقبل الوظيفة العامة في سوريا، بحسب ما صرح به وزير التنمية الإدارية محمد حسان السكاف.
وأشار الوزير إلى أن المشروع الجديد يطرح تحولاً جوهرياً في مفهوم الوظيفة العامة، حيث ينتقل من منطق اعتبارها استحقاقاً إلى منظور أعمق يركز على المسؤولية والأداء، مع توفير فرصة مستمرة للتطور المهني للموظفين.
وأكد أن القانون الجديد سيكون "نقطة تحول حقيقية لبناء جهاز حكومي أكثر كفاءة وفاعلية، وأكثر استجابة لتطلعات المواطنين السوريين"، لافتاً إلى أن المشروع يهدف إلى تحسين جودة الأداء الحكومي وتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة.
وأضاف الوزير أن مشروع القانون المعدّ سيتم إرساله قريباً إلى الوزارات والهيئات العامة لتلقي مقترحاتهم وملاحظاتهم، مشيراً إلى أنه جارٍ التحضير لعقد ندوة حوارية خلال الأسبوع المقبل مع عدد من المسؤولين الحكوميين والخبراء والأكاديميين، بهدف الاستماع إلى آرائهم التصويبية والتطويرية قبل اعتماد الصياغة النهائية.
وعقدت اللجنة المكلفة بإعداد الصياغة النهائية لمشروع قانون الخدمة المدنية اجتماعها الثامن في مقر وزارة التنمية الإدارية برئاسة الوزير "محمد حسان السكاف"، حيث خُصص الاجتماع لمناقشة الباب السادس المتعلق بالالتزامات والمساءلة الوظيفية.
وأكد الوزير أن هذا الباب يمثل ركناً أساسياً في ضمان الحوكمة الوظيفية، موضحاً أن تعزيز ثقافة النزاهة وربط الأداء بالمسؤولية وتحديد الحدود القانونية للسلوك الإداري تشكل شروطاً جوهرية لإرساء بيئة عمل مستقرة وموثوقة، تسهم بدورها في دعم التحول المؤسسي وإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة.
وشملت النقاشات الجوانب المتعلقة بالتزامات الجهة العامة تجاه موظفيها من حيث توفير بيئة عمل آمنة ومحفزة وضمان السلامة المهنية وتكافؤ الفرص، إضافة إلى تحديد التزامات الموظف المهنية والسلوكية سواء في العلاقة مع الرؤساء والمرؤوسين أو في التعامل مع متلقي الخدمة والحفاظ على المال العام.
كما تناول الاجتماع القواعد المنظمة للمحظورات المهنية وتضارب المصالح، وآليات فرض العقوبات التأديبية لضمان العدالة الوظيفية وبناء ثقافة مؤسسية مسؤولة.
وتكثف اللجنة اجتماعاتها خلال الأيام المقبلة لاستكمال الصياغة النهائية لمشروع القانون قبل نهاية الشهر الماضي، تمهيداً لمرحلة الإقرار الرسمي وإطلاق قانون حديث يعيد تنظيم الوظيفة العامة في سوريا على أسس الكفاءة والانضباط والعدالة.
بموازاة ذلك، تواصل وزارة التنمية الإدارية جهودها الرامية إلى رفع كفاءة المؤسسات العامة عبر تنظيم دورة تدريبية بعنوان "الإدارة الشاملة للأداء المؤسسي" استهدفت الكوادر الإدارية العليا في عدد من الجهات الحكومية.
وأُقيمت الدورة في مقر الوزارة بدمشق تحت إشراف الدكتور "هشام أحمد كيالي" المتخصص في إدارة الأداء المؤسسي والتخطيط، وتناولت محاور عدة أبرزها مفهوم وأهمية إدارة الأداء والتمييز بين إدارته وقياسه، إضافة إلى بطاقات الأداء المتوازن وإدارة العمليات والمخاطر، فضلاً عن المكونات الرئيسة للإدارة الشاملة للأداء المؤسسي.
هذا وتندرج هذه الدورة ضمن سلسلة من البرامج التدريبية التي تهدف إلى تطوير قدرات القيادات الإدارية، بما يضمن تعزيز جودة الخدمات الحكومية ورفع الجاهزية التنافسية للمؤسسات العامة في المرحلة المقبلة.
كثّف الرئيس السوري أحمد الشرع نشاطه الدبلوماسي والاقتصادي في نيويورك على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في إطار تحرك واسع يهدف إلى إعادة تقديم سوريا كلاعب فاعل في الساحة الدولية بعد سنوات من الحرب والعزلة.
لقاء مع رجال الأعمال والمستثمرين
والتقى الرئيس الشرع، نخبة من رجال الأعمال والمستثمرين وممثلي كبرى الشركات الأمريكية والعالمية في جلسة الطاولة المستديرة التي نظمتها غرفة التجارة الأمريكية، حيث ناقش معهم فرص الاستثمار المتاحة في سوريا والإمكانات الاقتصادية الواعدة بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات.
وشملت قائمة الشركات المشاركة أسماء بارزة مثل: «غوغل»، «مايكروسوفت»، «فيزا»، «ماستركارد»، «شِل»، «بيكتل»، «كاتربيلر»، «بوينغ»، «توتال إنرجيز»، «أوبر»، «سيتي»، «ماستركارد»، «فوسفوروس سيكيوريتي»، «جي إي للرعاية الصحية»، «مايكروسوفت»، «إلومينا»، وغيرها من الشركات الأمريكية والعالمية الكبرى.
مباحثات مع وزير الخارجية الأميركي
وعلى الصعيد السياسي، التقى الرئيس الشرع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وبحث معه أهمية العلاقات السورية – الإسرائيلية في تعزيز الأمن الإقليمي، إلى جانب جهود مكافحة الإرهاب. وأفاد بيان للخارجية الأميركية بأن الاجتماع شهد نقاشاً حول الجهود المبذولة لتحديد أماكن أميركيين مفقودين في سوريا.
وقال روبيو في منشور على منصة «إكس»: «التقيتُ بالرئيس السوري أحمد الشرع لمناقشة أهدافنا المشتركة في سوريا مستقرة وذات سيادة، والجهود المتواصلة لتحقيق الأمن والازدهار لجميع السوريين»، مضيفاً: «كما ناقشنا تنفيذ إعلان الرئيس دونالد ترامب التاريخي بشأن تخفيف العقوبات عن سوريا، والعلاقات بين سوريا وإسرائيل».
لقاءات متواصلة مع قادة ومسؤولين
وسع الرئيس السوري نشاطه ليشمل لقاء رئيس جمهورية التشيك بيتر بافيل بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني، والاجتماع برئيس وزراء النرويج يوناس غار ستوره، إلى جانب لقاء السيناتور جين شاهين عضو مجلس الشيوخ الأميركي والنائب غريغوري ميكس عضو مجلس النواب الأميركي. هذه اللقاءات المتتابعة تعكس انفتاح دمشق على مختلف الدوائر السياسية الغربية وتعزيز قنوات التواصل معها.
مشاركة في مؤتمر «حل الدولتين»
شارك الرئيس السوري برفقة وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني في مؤتمر «حل الدولتين» المنعقد في قاعة الجمعية العامة، حيث دعت رئيسة الجمعية العامة أنالينا بيربوك إلى وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، مشيرة إلى أن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية يقوّض آفاق الحل السياسي، وأن السبيل الوحيد للسلام هو حل الدولتين.
خطاب مرتقب أمام الجمعية العامة
من المقرر أن يلقي الرئيس أحمد الشرع يوم الأربعاء المقبل خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في أول مشاركة رسمية لسوريا بهذا المستوى منذ أعوام، حيث سيعرض ملامح المرحلة المقبلة وخطة سوريا لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
حضور اقتصادي بارز في قمة «كونكورديا»
إلى جانب نشاطه السياسي، حضر الرئيس جلسة مائدة مستديرة مع كبار المستثمرين والخبراء الاقتصاديين ضمن أعمال قمة «كونكورديا» الخامسة عشرة في نيويورك، وأجرى مقابلة مباشرة مع المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ديفيد بترايوس، حيث أكد أن قضية الشعب السوري كانت «قضية حق وقضية نبيلة» في مواجهة نظام مجرم ارتكب جرائم حرب ومجازر جماعية، موضحاً أن معركة تحرير سوريا جرت بأقل الخسائر بفضل الخبرة المكتسبة في إدلب، وأن حل المشكلات المتراكمة عبر ستة عقود يحتاج إلى التدرج لا القفزات.
مرحلة تاريخية جديدة وعلاقات متجددة مع الغرب
أوضح الشرع أن سقوط النظام فتح مرحلة تاريخية جديدة للمنطقة، وأن هناك مصالح متطابقة اليوم بين سوريا والغرب والولايات المتحدة، مؤكداً حاجة سوريا إلى فرصة جديدة للحياة، ولافتاً إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أزال العقوبات عن سوريا لكن على الكونغرس أن يعمل أكثر لرفعها بشكل نهائي.
اتهم سليمان عبد الباقي، قائد «أحرار جبل العرب» في مدينة السويداء، الزعيم الروحي الدرزي حكمت الهجري بتلقي أموال من إسرائيل والعمل على تأجيج الفتنة الطائفية والدينية في المحافظة، معتبراً أن تصوير الهجري بوصفه «زعيمًا ثوريًا» كان أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبها هو والحكومة السورية الحالية.
السويداء وموقعها في الثورة السورية
أوضح عبد الباقي، في مقابلة مع برنامج «مع تيسير» على قناة الجزيرة الإخبارية، أن مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية لم تكن منفصلة عن الثورة السورية، إذ تخلف 60 ألفاً من رجالها عن الخدمة في جيش بشار الأسد، ووصل الأمر إلى أن مجموعته كانت تختطف ضباطاً من النظام لتبادلهم مع معتقلين من أهالي المدينة رفضوا الخدمة العسكرية.
وذكر أن «أحرار جبل العرب» تحالف مع هيئة تحرير الشام التي وفّرت – بحسب قوله – الحماية للهجري حين قرر الانسلاخ عن نظام بشار الأسد والتحالف مع الثورة.
انتقادات للهجري وتحميله مسؤولية الفوضى
رأى عبد الباقي أن تقدم هيئة تحرير الشام لإسقاط النظام وتسلم دمشق حمى سوريا من فوضى داخلية طويلة الأمد، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الدولة لم تقم بدورها اللازم لفرض السيطرة على السويداء رغم تقديمها تنازلات لتجنب الصدام.
واتهم الهجري برفض كل الحلول التي قدمتها الحكومة الحالية، وبالتحصن خلف عصابات ومطلوبين جنائياً واستخدام صفحات على الإنترنت لبث الخلافات الطائفية والقبلية، مستعيناً – وفقاً له – بثلاثة أشخاص يقيمون في كندا وألمانيا وهولندا نشروا رسائل مسيئة عبر مجموعات «واتساب».
تبدلات في مواقف الهجري ومواجهات دامية
قال عبد الباقي إن الهجري دعا في البداية قوات الحكومة لفرض الأمن في المدينة ثم عاد ودعا لحمل السلاح في مواجهتها، ما أدى إلى مواجهات دامية أوقعت قتلى وجرحى، وأضاف أن الدولة، رغم فتحها كل الأبواب للوصول إلى تفاهمات، لم تتخذ الإجراءات الكافية لبسط سيطرتها، ما سمح بوقوع انتهاكات كبيرة بين الدروز والعشائر وفتح الباب أمام إسرائيل للتدخل وطرح نفسها كحامية للدروز.
انتهاكات متبادلة وانتقادات للحل الأمني
لم ينكر عبد الباقي وقوع اعتداءات من جانب قوات الحكومة والعشائر على المدنيين، مشيراً إلى أن الانتهاكات جعلت بعض الأهالي ينظرون إلى المهاجمين بوصفهم «حماة لهم»، وانتقد لجوء الدولة إلى الحل العسكري وفتح الطريق أمام العشائر لدخول المدينة، معتبراً أن ذلك أسهم في تعزيز التباعد الذي يسعى إليه الهجري.
دعوة لمحاسبة المتورطين وتوحيد الصف
أكد عبد الباقي أن الدولة، بما في ذلك الرئيس أحمد الشرع، بذلت جهوداً مضنية لحل الخلافات وتوحيد الصف، لكنه شدد على أن البداية يجب أن تكون من محاسبة المتورطين في انتهاكات ضد المدنيين، وتنحية الطائفية والتجييش وإعادة المهجرين إلى بيوتهم وحماية الدروز والعشائر معاً، وتفعيل دور أبناء السويداء في الجيش والأمن ضمن سقف القانون.
إسرائيل والحسابات الإقليمية
يرى عبد الباقي أن ما جرى في السويداء عزز مكانة إسرائيل كـ«أم حنون» للدروز، معتبراً أن معالجة الملف وطنياً ستكشف حقيقة الهجري الذي – حسب قوله – «حرص على إفشال كل حل وتلقى أموالاً من تل أبيب». هذه التصريحات تفتح الباب لنقاش أوسع حول البعد الإقليمي للأزمة في السويداء ودور اللاعبين المحليين والخارجيين في تأجيجها أو تهدئتها.
أكدت السيناتور الأمريكية جين شاهين، عضو مجلس الشيوخ، أهمية الجهود المبذولة من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري لإلغاء «قانون قيصر» المفروض على سوريا بالكامل.
ووفقاً لحساب لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ على منصة «إكس»، سلّطت شاهين خلال لقائها اليوم مع رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الضوء على الدور الإيجابي الذي تلعبه قطر في سوريا من خلال تعزيز الاستثمار والحوكمة الفعّالة بما يعود بالنفع على الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
لقاءات للرئيس الشرع مع أعضاء الكونغرس
وعلى هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، التقى رئيس الجمهورية أحمد الشرع بالسيناتور جين شاهين عضو مجلس الشيوخ الأمريكي والنائب غريغوري ميكس عضو مجلس النواب الأمريكي، في سلسلة لقاءات تأتي ضمن تحرك دبلوماسي مكثف لسوريا لإعادة بناء قنوات الاتصال مع واشنطن وصنّاع القرار فيها.
الشرع: رفع العقوبات خطوة كبيرة وصفحة جديدة
وفي مقابلة بثتها شبكة «سي بي إس» الأمريكية يوم الأحد، اعتبر الرئيس السوري أحمد الشرع أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا يمثّل «خطوة كبيرة نحو فتح صفحة جديدة بين البلدين وإعادة الأمل للاجئين والنازحين في إمكانية العودة إلى وطنهم».
وقال الشرع: «أعدنا الأمل للاجئين والنازحين ليتمكنوا من العودة لوطنهم، وعلى العالم ألا يتواطأ مجدداً في قتل الشعب السوري بتعطيل رفع العقوبات… لقد خذل العالم سوريا واليوم بإمكانهم المساعدة»، في إشارة إلى ضرورة تحويل هذا القرار إلى دعم عملي لمسار التعافي.
خطوات ميدانية ورسائل إلى المجتمع الدولي
أكد الرئيس السوري أن استعادة العلاقات الأميركية السورية بشكل مباشر وجيد «ضرورة لا تحتمل التأجيل»، لافتاً إلى أن حكومته اتخذت خطوات حاسمة على الأرض أبرزها «إخراج الميليشيات الإيرانية وحزب الله من المنطقة»، في رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي حول تغير الواقع السوري.
وأوضح الشرع أنه يتطلع إلى لقاء جديد مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال الفترة المقبلة، لإعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح وفتح آفاق أوسع للتعاون بين واشنطن ودمشق في الملفات السياسية والأمنية والإنسانية.
صفقة سياسية لإلغاء قانون قيصر
وفي وقت سابق، أعلن «المجلس السوري الأميركي» عن التوصل إلى صفقة سياسية مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأميركي أفضت إلى إلغاء عقوبات «قانون قيصر» المفروضة على سوريا ضمن حزمة شروط تلتزم الحكومة السورية بتنفيذها على مدى السنوات الأربع المقبلة.
وجاء الإعلان عبر تسجيل مصوّر لرئيس السياسات ومدير الشؤون الحكومية في المجلس محمد علاء غانم، كشف فيه تفاصيل التسوية التي جرى التوصل إليها بعد مشاورات مطوّلة مع أعضاء الكونغرس. وأوضح غانم أن الفقرة (أ) من الاتفاق نصّت على إلغاء القانون مع نهاية العام الحالي ضمن إطار إقرار ميزانية وزارة الدفاع الأميركية (NDAA)، على أن يرفع وزير الخارجية تقريراً نصف سنوي للكونغرس يبيّن فيه مستوى التقدّم المحقق، وفي حال فشل الحكومة السورية في تحقيق تقدّم ملموس لمدة عام كامل، يحتفظ الكونغرس بحق إعادة فرض العقوبات.
قراءة في دلالات التصريحات
تظهر هذه التطورات أن الملف السوري يشهد تحولات متسارعة على الساحة الأميركية، مع تقارب غير مسبوق بين الحزبين في الكونغرس لإعادة النظر بالعقوبات، وتوظيف دور دول إقليمية مثل قطر في دعم الاستثمار والحَوْكمة، فيما يسعى الرئيس الشرع إلى ترجمة هذه المؤشرات إلى اختراق حقيقي يعيد العلاقات بين دمشق وواشنطن إلى مسارها الطبيعي ويمنح اللاجئين أملاً بعودة آمنة وكريمة.
أكد وزير العدل في الحكومة السورية "مظهر الويس"، أن ملف المعتقلين السوريين في لبنان يُعتبر من القضايا الجوهرية التي تحظى باهتمام خاص من الحكومة السورية، نظراً لبعده الإنساني والوطني، وارتباطه بحقوق المواطنين وظروف احتجازهم.
وقال الويس، في منشور عبر منصة "X"، يوم الأحد 22 أيلول/ سبتمبر، إن الأسباب التي كانت تبرر استمرار هذه المعاناة قد زالت مع سقوط النظام البائد وبدء مرحلة جديدة تُكرّس مبادئ العدالة القائمة على احترام القانون وحقوق الإنسان.
وأضاف أن وزارة العدل تتابع هذا الملف الحساس بشكل مباشر ضمن خطة وطنية شاملة تهدف إلى معالجته وفق القواعد القانونية المرعية، وبالتعاون والاحترام المتبادل بين البلدين الشقيقين، وبما يضمن العدالة والكرامة للمعتقلين وذويهم.
وأوضح الوزير أن الفترة الماضية شهدت عدة مشاورات ولقاءات مع الجانب اللبناني، أظهرت تفهماً ورغبة في التعاون، معرباً عن أمله في أن تثمر هذه الجهود بإغلاق الملف نهائياً، بما يخدم مصلحة الشعبين ويخفف من معاناة الأهالي.
وشدد على أن وزارة العدل ستواصل العمل على هذا الملف بالتعاون مع الوزارات المعنية ضمن إطار العمل الحكومي المشترك، في سياق الحرص على متابعة شؤون المواطنين السوريين خارج البلاد.
وختم بتقدير أي جهد يُبذل من الجانب اللبناني في هذا السياق، داعياً إلى استكمال الإحصاءات والملفات والبيانات اللازمة، بما يسهم في تسريع الحل القانوني والإنساني لهذه القضية.
ونظّم أهالي سجناء سوريين موقفين في السجون اللبنانية، ظهر يوم الجمعة 25 نيسان/ أبريل وقفة احتجاجية أمام السفارة اللبنانية في حي المزة بدمشق، للمطالبة بالإفراج الفوري عن معتقلي الرأي السوريين المحتجزين في سجن رومية وغيره من السجون اللبنانية.
وجاءت الوقفة تعبيراً عن تضامن المعتقلين المحرّرين وعائلات المغيّبين قسراً مع اللاجئين السوريين الذين فرّوا إلى لبنان هرباً من بطش نظام بشار الأسد البائد، ليواجهوا انتهاكات جديدة على يد السلطات اللبنانية، بحسب الجهة المنظمة.
وفي كلمة أُلقيت خلال الفعالية، دعا القائمون الحكومة اللبنانية إلى إطلاق سراح المعتقلين فوراً، معتبرين أن هذا الإجراء "لا يمثل فقط نهاية مأساة المعتقلين، بل يشكل بداية صفحة جديدة قائمة على العدالة والمحبة والسلام بين الأشقاء".
وشدد المشاركون على أن سجن رومية أصبح رمزاً لمعاناة السوريين، الذين لم يكن ذنبهم سوى التعبير السلمي عن آرائهم ومعتقداتهم، مؤكدين أن هذه القضية "ليست محلية أو فردية، بل إنسانية وعالمية، تستوجب تضامناً دولياً واسعاً".
من جهته، قال "مهند الغندور"، المحرر من سجن صيدنايا ومدير مكتب الرابطة في دمشق، إنهم يقفون اليوم "لرفع صوت أطفال ونساء المعتقلين السياسيين في رومية"، مطالباً الحكومة اللبنانية بإعادة النظر في ملفات المعتقلين، وداعياً الحكومة السورية إلى ممارسة الضغط على الجانب اللبناني للإفراج عنهم.
وأكد استعداد الرابطة لتقديم ملفات قانونية دولية لتحريك القضية. بدوره، قال أحمد نواف المبسبس، مدير مكتب الرابطة في درعا، إن المعتقلين في رومية يعيشون أوضاعاً نفسية وإنسانية صعبة نتيجة الانتهاكات، مضيفاً: "هؤلاء أبرياء، لجؤوا إلى لبنان فراراً من القمع، ولا يجوز أن يتحوّل لجوؤهم إلى مأساة جديدة".
وفي شهادة مؤثرة خلال الوقفة، قال عمر، أحد المشاركين: "أبي معتقل في سجن رومية منذ أن كان عمري أربع سنوات، لم أره إلا مرة واحدة داخل السجن، أطالب الرئيس أحمد الشرع والحكومة اللبنانية بالإفراج عن جميع المعتقلين الذين سُجنوا لدعمهم الثورة السورية ضد نظام الأسد".
هذا واختتمت الوقفة بتجديد الدعوة إلى استمرار التضامن مع المعتقلين، والتأكيد على أن هذه القضية لن تُنسى، وأن أصوات المعتقلين ستبقى حاضرة حتى ينالوا حريتهم وكرامتهم.
وشهد سجن رومية المركزي، أكبر مرافق الاحتجاز في لبنان، حركة عصيان داخلي بالتزامن مع انعقاد جلسة تشريعية للبرلمان اللبناني يوم الخميس 24 نيسان/أبريل 2025.
وذلك في تحرك يهدف إلى الضغط على المجلس النيابي للمصادقة على اقتراح قانون تقدمت به كتلة "الاعتدال الوطني" يهدف إلى الحد من الاكتظاظ في السجون وتسريع الإجراءات القضائية، فضلاً عن الاحتجاج على التراجع في وعود ترحيل السجناء السوريين وتسليمهم إلى الإدارة السورية الجديدة.
وكان عشرات السجناء السوريين قد أعلنوا في 11 شباط/فبراير الماضي إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على ما وصفوه بـ"الاعتقال التعسفي"، مطالبين بالترحيل أو الإفراج، وسط تجاهل رسمي لمطالبهم.
التقى الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم الاثنين، في نيويورك بوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، حيث بحث معه «أهمية العلاقات الإسرائيلية السورية في تعزيز الأمن الإقليمي» إلى جانب جهود مكافحة الإرهاب، وأفاد بيان للخارجية الأميركية بأن الاجتماع شهد أيضاً نقاشاً حول الجهود المبذولة لتحديد أماكن أميركيين مفقودين في سوريا.
وأكد وزير الخارجية الأميركي أهمية استمرار الجهود لتحقيق الأمن والازدهار لجميع السوريين، وقال في منشور على منصة «إكس»: «التقيتُ بالرئيس السوري أحمد الشرع لمناقشة أهدافنا المشتركة في سوريا مستقرة وذات سيادة، والجهود المتواصلة لتحقيق الأمن والازدهار لجميع السوريين».
وأضاف روبيو: «كما ناقشنا تنفيذ إعلان الرئيس دونالد ترامب التاريخي بشأن تخفيف العقوبات عن سوريا، والعلاقات بين سوريا وإسرائيل».
نشاط دبلوماسي متسع على هامش الجمعية العامة
وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، التقى الرئيس أحمد الشرع رئيس جمهورية التشيك بيتر بافيل بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني، كما اجتمع برئيس وزراء النرويج يوناس غار ستوره، وبالسيناتور جين شاهين عضو مجلس الشيوخ الأميركي والنائب غريغوري ميكس عضو مجلس النواب الأميركي.
وشارك الرئيس السوري برفقة وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني في مؤتمر «حل الدولتين» الذي عُقد في قاعة الجمعية العامة، حيث دعت رئيسة الجمعية العامة أنالينا بيربوك إلى وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، مشيرة إلى أن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية يقوّض آفاق الحل السياسي، وأن السبيل الوحيد للسلام هو حل الدولتين.
خطاب مرتقب أمام الجمعية العامة
من المقرر أن يلقي الرئيس أحمد الشرع يوم الأربعاء المقبل خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في أول مشاركة رسمية لسوريا بهذا المستوى منذ أعوام، حيث سيعرض ملامح المرحلة المقبلة وخطة سوريا لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
حضور اقتصادي بارز ضمن قمة كونكورديا
شارك الرئيس الشرع كذلك في جلسة مائدة مستديرة مع كبار المستثمرين والخبراء الاقتصاديين ضمن أعمال قمة «كونكورديا» الخامسة عشرة في نيويورك، وأجرى على هامشها مقابلة مباشرة مع المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ديفيد بترايوس.
قضية الشعب السوري ومعركة التحرير
وقال الرئيس الشرع في القمة إن قضية الشعب السوري كانت «قضية حق وقضية نبيلة» في مواجهة نظام مجرم ارتكب جرائم حرب ومجازر جماعية، موضحاً أن معركة تحرير سوريا جرت بأقل الخسائر بفضل الخبرة المكتسبة خلال وجودهم في إدلب، مؤكداً أن سوريا ورثت اضطرابات كثيرة خلال ستين عاماً ولا يمكن حل هذه المشكلات دفعة واحدة بل بالتدرج.
مرحلة تاريخية جديدة وعلاقات مع الغرب
أوضح الشرع أن سقوط النظام فتح مرحلة تاريخية جديدة للمنطقة، وأن هناك مصالح متطابقة اليوم بين سوريا والغرب والولايات المتحدة، مؤكداً حاجة سوريا إلى فرصة جديدة للحياة، ولافتاً إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أزال العقوبات عن سوريا لكن على الكونغرس أن يعمل أكثر لرفعها بشكل نهائي.