أصدرت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" تقريرها الإحصائي الشامل بعنوان "الحصاد الموجع"، والذي يوثق الكارثة الإنسانية التي لحقت باللاجئين الفلسطينيين في سوريا خلال سنوات الحرب، محذراً من أن الأرقام المسجلة لا تعكس الحجم الكامل للمأساة.
ويغطي التقرير الفترة الممتدة بين آذار/مارس 2011 وحتى كانون الأول/ديسمبر 2024، مقدماً تحليلاً مفصلاً لمسار المعاناة التي حوّلت المخيمات الفلسطينية إلى ساحات قصف واعتقال وتعذيب واختفاء قسري.
أرقام صادمة تتجاوز حدود التوثيق
أوضح التقرير أن عدد الضحايا الفلسطينيين الموثقين بلغ 4965 ضحية، غير أن هذا الرقم ليس نهائياً، إذ تعيق صعوبات التوثيق والخوف من الإفصاح معرفة العدد الحقيقي الذي يفوق بكثير ما تم رصده. كما أشار التقرير إلى وجود مئات الحالات المجهولة المصير، خصوصاً بين المختفين قسرياً في سجون نظام الأسد البائد أو ضمن صفوف الفصائل المسلحة.
أما عدد المعتقلين الفلسطينيين فبلغ 7237 معتقلاً، شكّل الذكور منهم 96.2%، والإناث 3.8% فقط، ما يعكس حجم الاستهداف الممنهج.
مخيم اليرموك.. مركز المعاناة
احتل مخيم اليرموك في دمشق موقع القلب من المأساة، إذ سجّل وحده أكثر من 32% من إجمالي الضحايا بواقع 1596 ضحية، بينهم 194 امرأة. كما تصدّر قائمة المعتقلين والمختفين قسرياً، وسجّل العدد الأكبر من ضحايا التعذيب حيث قضى 294 معتقلاً تحت التعذيب داخل السجون.
التعذيب.. السبب الأول للوفاة
كشف التقرير أن التعذيب في سجون النظام البائد كان السبب الرئيس لوفاة الضحايا الفلسطينيين، إذ وثّق مقتل 1298 شخصاً تحت التعذيب، يليه القصف من قوات النظام والمجموعات الموالية له (1230 ضحية)، ثم الطلق الناري (1110 ضحايا).
مأساة المختفين قسرياً
أبرز التقرير أن عدد المختفين قسرياً وصل إلى 5370 شخصاً، أي ما يعادل 72% من إجمالي المعتقلين، مع استمرار غياب أي معلومة عن مصيرهم بعد سقوط النظام، ما يترك آلاف العائلات في دوامة من الانتظار والقلق. وأوضح أن 562 معتقلاً فقط أفرج عنهم، فيما قُتل 1305 تحت التعذيب، في دلالة واضحة على سياسة الإبادة الممنهجة.
توصيات عاجلة
اختتم التقرير بجملة من التوصيات، أبرزها، إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة للكشف عن مصير المختفين قسرياً ومحاسبة المتورطين في جرائم الاعتقال والتعذيب، وتوفير حماية دولية للاجئين الفلسطينيين وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، ودعم وكالة الأونروا وزيادة تمويلها لتعزيز خدماتها الأساسية، وتقديم دعم نفسي وقانوني لعائلات الضحايا والمفقودين.
وأكد التقرير أن ما ورد فيه ليس مجرد أرقام وإحصاءات، بل شهادة حية على معاناة إنسانية عميقة طالت مجتمعاً بأكمله، وصرخة تطالب بحفظ ذاكرة الضحايا وحقوقهم بعيداً عن التجاهل أو النسيان.
رحبت وزارة الخارجية الفرنسية، الثلاثاء، بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن أحداث الساحل السوري التي جرت بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس الماضيين، واعتبرته "خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة وكشف حقيقة الانتهاكات".
دعوة لتنفيذ التوصيات
أكدت الخارجية الفرنسية ضرورة المضي قدماً في تنفيذ توصيات اللجنة، وتمكين فرقها من الوصول دون قيود إلى المناطق المتضررة، مشيرة إلى أن الحكومة السورية أبدت استعدادها للتعاون مع وكالات الأمم المتحدة في التحقيقات الجارية حول الانتهاكات في محافظة السويداء.
موقف باريس من المسار السياسي
شددت باريس على أن أي تحول سياسي في سوريا لن يكتب له النجاح ما لم يستند إلى مبادئ الشمولية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، مؤكدة استمرار دعمها لجهود الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، واستعدادها للمساهمة في تعزيز قدرات النظام القضائي السوري بما يضمن العدالة والمساءلة.
وكان حثّ الاتحاد الأوروبي الحكومة السورية على الإسراع في تنفيذ التوصيات الواردة في تقرير لجنة التحقيق الدولية الخاصة بأحداث آذار في الساحل السوري، مع التشديد على ضرورة محاسبة المتورطين في الانتهاكات التي وثقها التقرير.
إشادة أوروبية بعمل لجنة التحقيق
ورحبت المتحدثة الرئيسية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، أنيتا هيبر، بنشر التقرير الأممي، مشيدةً بما وصفته بـ"العمل الدؤوب" في توثيق الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وأثنت هيبر على سماح الحكومة السورية للجنة بالوصول إلى مصادر المعلومات وتسهيل مهمتها، مؤكدةً أهمية استمرار التعاون بين اللجنة الأممية واللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل.
وشدد بيان الاتحاد الأوروبي على أن تنفيذ التوصيات الواردة في التقرير يمثل خطوة ضرورية لمحاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات، سواء تلك التي ارتكبت في عهد نظام الأسد البائد أو بعدها، مؤكداً أن "لا سبيل إلى المصالحة والاستقرار إلا عبر مواجهة الانتهاكات بشكل علني وتقديم الجناة إلى العدالة".
دعوة لإصلاح أمني وقضائي شامل
وأعربت هيبر عن قلق الاتحاد الأوروبي إزاء تكرار أعمال العنف وتصاعد التوترات المجتمعية في سوريا، داعية الحكومة إلى اتخاذ خطوات إصلاحية عاجلة تشمل نزع سلاح العناصر المتورطين في الانتهاكات وتسريحهم، وإعادة هيكلة جهاز الأمن الوطني بما يتماشى مع المعايير الدولية.
وشددت على ضرورة إصلاح شامل للنظام القضائي لضمان سيادة القانون بمصداقية وحيادية، مؤكدة أن المرحلة الحالية تتطلب بدء عملية انتقالية شاملة وسلمية تتجاوز الانقسامات الطائفية وتكسر دائرة العنف.
الموقف البريطاني وتوافق التقارير
من جانبها، رحبت المبعوثة البريطانية إلى سوريا، آنا سنو، بتقرير لجنة التحقيق الدولية، مشيرة إلى أن نتائجه تتوافق مع ما خلصت إليه اللجنة الوطنية المستقلة في سوريا، حيث تضمنت توصيات واضحة لضمان المساءلة وحماية جميع السوريين، وأكدت سنو استعداد المملكة المتحدة لدعم عملية تنفيذ التوصيات، مرحبةً بالتزام الحكومة السورية بالتعاون مع التحقيق الأممي.
تقرير أممي: إنجاز تاريخي بعد سقوط النظام البائد
وكانت لجنة التحقيق الأممية قد أصدرت تقريرها حول مجازر آذار/مارس 2025 في الساحل وغربي وسط سوريا، معتبرة أن التقرير يمثل محطة مفصلية لكل من سوريا والأمم المتحدة، بعد أن جرى تجديد تفويض اللجنة بالإجماع دون اعتراض من الدولة السورية، في سابقة مغايرة لممارسات نظام الأسد المخلوع الذي كان يرفض التعاون مع التحقيقات.
وأشار التقرير إلى أن اللجنة تمتعت لأول مرة بوصول غير مقيد إلى المناطق الساحلية بتسهيل من الحكومة الجديدة، التي سارعت إلى تشكيل لجنة وطنية مستقلة خلال أيام من الأحداث واعتقلت العشرات من المشتبه بتورطهم. كما أكد التقرير تطابقاً كبيراً بين نتائج التحقيق الأممي والتحقيق الوطني، حيث خلص كلاهما إلى أن الانتهاكات ارتكبها أفراد من فلول النظام البائد وعناصر أمنية محددة، دون أن تكون هناك سياسة رسمية أو توجيه حكومي لارتكاب الجرائم.
نحو مرحلة جديدة من العدالة الانتقالية
أوضح التقرير أن الأحداث وقعت في سياق هش بعد أشهر قليلة من انتهاء الحرب، وسط فراغ أمني وت legacy من جرائم النظام السابق، مشدداً على أن استمرار إصلاح القطاع الأمني ومحاسبة المتورطين يمثلان شرطاً أساسياً لترسيخ السلم الأهلي. كما دعا المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة السورية الجديدة لتنفيذ بقية التوصيات، مؤكداً أن الدولة هي الضامن الوحيد للاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب.
واعتبر التقرير أن مستوى التعاون غير المسبوق بين الحكومة السورية والأمم المتحدة، والتوافق الكبير بين التحقيقات الوطنية والدولية، يمثلان تحولاً جوهرياً في علاقة سوريا بالمجتمع الدولي، ويمهدان لمرحلة جديدة من العدالة الانتقالية والمصالحة، قائمة على الشفافية وحماية حقوق جميع السوريين دون تمييز.
بدأ الهلال الأحمر القطري تنفيذ المرحلة الثانية من مشروعه الإنساني "جسور الشفاء والأمل"، الهادف إلى توفير الأدوية الكيميائية والمناعية والهرمونية مرتفعة التكلفة لمرضى السرطان المسجلين في مراكز الأورام شمالي سوريا، وذلك لمدة خمسة أشهر، في خطوة تهدف إلى التخفيف من معاناة آلاف المرضى في بلد أنهكته الحرب.
أهداف المشروع وآليته
أوضح الهلال الأحمر القطري أن المرحلة الثانية ستستهدف 112 مريضاً بشكل مباشر، إضافة إلى نحو 560 شخصاً من أسرهم والمجتمع المحلي، وذلك بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية ومديريتي الصحة في إدلب وحلب لضمان جودة العلاجات وتوزيعها بشكل عادل ومنظم. ويأتي المشروع امتداداً للمرحلة الأولى التي نُفذت عام 2024 واستفاد منها أكثر من 900 مريض، إلى جانب دعم المراكز الطبية بالتجهيزات وتدريب الكوادر المتخصصة.
تصريحات المسؤولين
قال محمد بدر السادة، مساعد الأمين العام للإغاثة والتنمية الدولية بالهلال الأحمر القطري، إن استمرار ارتفاع معدلات الوفيات ونقص الموارد الطبية في سوريا يستدعي تكثيف الدعم، مشيراً إلى أن المنظمة تتحضر لمشروع جديد يستهدف توفير أدوية لنحو 400 مريض سرطان إضافي من النازحين والمحتاجين. وأضاف: "تبرع بقيمة 10 آلاف ريال قطري فقط قد ينقذ حياة مريض سرطان بعد سنوات من المعاناة".
من جانبه، أكد مازن عبد الله، رئيس المكتب التمثيلي للهلال الأحمر القطري في تركيا وسوريا، أن العلاج الكيميائي والمناعي والهرموني ليس خياراً بل حق أساسي لكل مريض، مشدداً على أن المشروع الجديد سيسهم في خفض معدلات الوفيات والمضاعفات، ويخفف الضغط عن المرافق الصحية المحلية من خلال تقليل الحاجة إلى العلاج خارج سوريا.
أزمة دوائية متفاقمة
من جهتها، حذرت وزارة الصحة السورية من أزمة خانقة في توافر أدوية السرطان تهدد حياة آلاف المرضى، حيث أشار زهير قراط، مدير التخطيط والتعاون الدولي، إلى أن الاحتياجات الأساسية تتعلق بتأمين الأدوية الكيميائية والمناعية وأجهزة العلاج الشعاعي. وأكد أن الجهود تبذل رغم العقوبات، لكن حجم الأزمة يتطلب تدخلاً إنسانياً عاجلاً.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد مرضى السرطان في سوريا قبل سقوط نظام الأسد بلغ نحو 14 ألف مريض بالغ، بينما تقدر مديرية الصحة في إدلب عدد المرضى الموثقين شمال غربي البلاد بنحو 6 آلاف مريض، بينهم أكثر من 3100 في إدلب وحدها.
قصص إنسانية وسط المعاناة
في ظل هذه الظروف، شكل المشروع بارقة أمل لمرضى عجزوا عن تأمين تكاليف العلاج. أحمد كامل (45 عاماً)، نازح في أحد مخيمات الشمال السوري، عانى من عودة سرطان الجهاز الهضمي بعد سنوات من العلاج. يقول أحمد: "كنت أعيش في خيمة ولا أملك قوت يومي، وعندما قال لي الأطباء إنني بحاجة لعلاج مناعي باهظ، شعرت أن حياتي انتهت". لكن بعد إدراجه ضمن المشروع، حصل على جرعاته بانتظام، معبراً عن امتنانه قائلاً: "اليوم أشعر أنني وُلدت من جديد".
بارقة أمل رغم التحديات
لا تقتصر معاناة مرضى السرطان في سوريا على ارتفاع تكلفة الأدوية، بل تشمل ضعف البنية التحتية الصحية وقلة المراكز المتخصصة وصعوبة الوصول إلى العلاج في الوقت المناسب. ومع رفض بعض المستشفيات التركية استقبال المرضى السوريين، يلجأ كثيرون إلى طلب التبرعات أو بيع ممتلكاتهم، فيما يفارق آخرون الحياة بانتظار الدواء.
ويؤكد مسؤولو الهلال الأحمر القطري أن استمرار المبادرات الإنسانية مثل "جسور الشفاء والأمل" يمد جسور الحياة والكرامة لمرضى السرطان في سوريا، ويساهم في تخفيف آلامهم وإعادتهم إلى مسار حياة طبيعية يستحقونها.
هاجم ناشطون في الجنوب السوري إعلان تشكيل ما يسمى "الجيش الموحد" في السويداء، معتبرين أن الشيخ حكمت الهجري يسعى من خلال هذا المشروع إلى جمع الميليشيات الدرزية المسلحة وتعزيز موقعه كمرجعية سياسية وعسكرية، أكثر من كونه خطوة لحماية الأهالي.
وبحسب ناشطين، فإنّ "الهجري"، يخطط لوضع نفسه في موقع تفاوضي مستقبلي مع الحكومة السورية، بصفته راعياً لتشكيل منظم يشبه في طموحه تجربة "قسد" شمال شرق سوريا، بما يفتح الباب أمام إدخال كتلة عسكرية طائفية منفصلة داخل الجيش السوري.
وفي هذا السياق، أعلن فصيل "لواء الجبل" بقيادة "شكيب عزام"، انضمامه الكامل إلى ما يسمى "الجيش الموحّد"، بموجب بيان رسمي أكد فيه إلغاء الاسم السابق للفصيل ووضع جميع إمكاناته تحت راية التشكيل الجديد الذي يحظى بمباركة "الهجري".
وزعم البيان أن الخطوة تأتي "حرصاً على وحدة الصفوف وتعزيز قوة منظمة وصلبة تتولى حماية العباد والبلاد"، داعياً بقية الفصائل المحلية للانضواء تحت راية "الجيش الموحّد".
وشدد ناشطين على أن الخطاب الذي يروّجه "الهجري" لأتباعه حول "الانفصال" لا يعدو كونه أداة لاستمالة الموهومين، بينما المسار الحقيقي يهدف إلى توحيد الميليشيات تحت عباءته وتكريس نفوذه العسكري والاجتماعي في المحافظة.
وأعلنت "الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز" تشكيل لجان قانونية وإنسانية لمتابعة تداعيات الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة السويداء، في خطوةٍ أثارت علامات استفهام كبيرة، واعتبرها متابعون خطوة "غير بريئة" لا سيما بعد منع دخول مؤسسات الدولة السورية.
ووفقًا للبيان الصادر عن الشيخ "حكمت سلمان الهجري"، الذي حمل نبرة إنسانية وتحدث عن أهمية "التكاتف والتضامن" في ظل ما وصفه بـ"المرحلة الدقيقة"، ،مشدّدًا على أن إرادة الحياة لدى أهالي السويداء "عصية على الانكسار".
ويذكر أن الكثير من المتابعين رأوا في هذه الخطوة محاولةً لتكريس واقع ميداني قائم على تغييب الدولة السورية، خاصة بعد الرفض الصريح الذي واجهته الجهات الرسمية أثناء محاولتها دخول المحافظة لتقديم الخدمات الطارئة ومعاينة الأضرار وغيرها.
وتأتي هذه المبادرة في سياق تشكيل "لجان محلية" بإشراف "لجنة قانونية عليا" تضم قضاة ومستشارين ومحامين، أوكلت إليها مهام توثيق الانتهاكات وتقديم الدعاوى، إضافة إلى إدارة ملفات الإغاثة وتوزيع المساعدات، وتولي الخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه.
وتتوزع اللجان الفرعية على ستة مجالات تقصي الحقائق والانتهاكات وتقديم الدعاوى القضائية وتوزيع مواد الإغاثة وتوزيع الإعانات المالية واللجنة الطبية وشؤون المفقودين ولجنة الخدمات الإدارية، وهذا التنظيم الموازي لعمل المؤسسات الرسمية يعيد إلى الواجهة سيناريو "الإدارة الذاتية" المصغّرة، وسط مخاوف من أن يُستثمر الملف الإنساني في ترسيخ سلطة محلية بديلة على حساب الدولة السورية.
وكانت اعتبرت الرئاسة الروحية أن الخطوة تهدف إلى "تعزيز الثقة وتنظيم العمل القانوني والإنساني بشكل منهجي"، غير أن هذا الطرح، بحسب مصادر حقوقية، لا يمكن فصله عن السياق الأمني والسياسي المتوتر، خاصة بعد رفض دخول الدفاع المدني والأمن الداخلي، ما يثير تساؤلات حول مدى ارتباط هذه المبادرة بمحاولة فرض أمر واقع إداري بديل في المحافظة.
عثرت قوات الأمن الداخلي صباح الأربعاء 20 آب 2025 على تسعة جثث مجهولة الهوية داخل مزرعة تعود ملكيتها للعميد الطيار السابق في نظام الأسد البائد حسن يوسف يونس، وذلك في قرية بستان الباشا شمال مدينة جبلة، حيث وُجدت الجثث ضمن فتحة للصرف الصحي بعد أن أبلغ الأهالي عن روائح كريهة تصدر من المكان.
قال العميد عبد العزيز هلال الأحمد، قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، إن معلومات أمنية وردت إلى فرع المعلومات أفادت بوجود مقبرة جماعية في محيط القرية، ما استدعى تحرك الوحدات المختصة نحو الموقع. وأوضح أنه تم العثور على حفرة كبيرة تحتوي على تسع جثث متحللة، وقد تولت فرق الدفاع المدني عملية الانتشال، بينما باشرت المباحث الجنائية توثيق الأدلة وجمع المعلومات بإشراف الجهات المختصة.
أفادت مصادر محلية أن الجثث يُعتقد أنها تعود إلى عدد من أبناء المنطقة الذين فقدوا خلال أحداث آذار الماضي، حيث كان فصيل "السلطان مراد" يتمركز داخل الفيلا التابعة للمزرعة خلال فترة الاضطرابات قبل أن يغادرها لاحقاً.
وأكدت قيادة الأمن الداخلي أن التحقيقات ما تزال جارية لمعرفة هوية الضحايا وكشف ملابسات الحادثة، مشددة على التزامها بالعمل بمسؤولية ودقة في متابعة مثل هذه القضايا، بما يضمن كشف الحقائق وترسيخ الأمن والاستقرار في محافظة اللاذقية.
وكان أكد رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين الدكتور محمد رضا جلخي، في تصريحات لوكالة “سانا”، أن ولاية الهيئة تمتد لتغطي الفترة الزمنية منذ عام 1970 وحتى اليوم، دون تحديد مدة زمنية لإنجاز عملها، مشيراً إلى أن ملف المفقودين يُعد من أعقد الملفات وأكثرها إيلاماً في سوريا.
وأوضح جلخي أن لدى الهيئة خريطة تتضمن أكثر من 63 مقبرة جماعية موثقة داخل سوريا، فيما تُقدَّر أعداد المفقودين بما يتراوح بين 120 و300 ألف شخص، وقد يتجاوز هذا الرقم بسبب صعوبة الحصر.
وبيّن أن عمل الهيئة يشكّل حجر الأساس في مسار العدالة الانتقالية والسلم الأهلي، حيث يجري وفق ستة مبادئ أساسية تشمل الشفافية، التشاركية، والشمولية، إضافة إلى هيكلية مؤقتة تضم مجلساً استشارياً وآخر تنفيذياً موزعاً على خمسة قطاعات عمل.
أُلقي القبض على المدعو راتب علي حسين الملقب "أبو فهد"، الذي شغل سابقاً منصب رئيس مفرزة الأمن العسكري في منطقة محردة بريف حماة، والمتهم بارتكاب انتهاكات واسعة شملت اعتقال وتصفية عدد كبير من شباب ريف حماة، إلى جانب تورطه في عمليات خطف وابتزاز خلال سنوات سيطرة الأجهزة الأمنية السابقة.
وأثار الخبر موجة واسعة من التفاعل الشعبي، حيث اعتبره كثيرون بشرى طال انتظارها لأهالي كفرهود وتلملح والتريمسة وشيزر والطار وسائر قرى ريف محردة، ممن ارتبط اسم أبو فهد لديهم بذكريات دامية من القتل والاعتقال والتشريد.
وامتلأت التعليقات بعبارات "الله أكبر" و"الحمد لله" مع تأكيد أن العدالة قد بدأت تأخذ مجراها بعد سنوات من الظلم، فيما وصفه البعض بأنه "رمز للشبيحة والإجرام" الذي حان وقت حسابه.
ولم يقتصر التفاعل على مشاعر الفرح والتشفي، بل حمل أيضاً شهادات شخصية مؤلمة، بينها ما رواه أحد ذوي الاحتياجات الخاصة الذي قال إن أبو فهد اعتقله وكسر عظامه وتركه طريح الفراش شهراً كاملاً، مؤكداً أن لحظة توقيفه تمثل بداية استعادة حقه.
في الوقت نفسه، ارتفعت الأصوات المطالِبة بمحاسبته قضائياً ومواجهته بأهالي الضحايا وفتح دعاوى رسمية بحقه، تجنباً لأن يقتصر الأمر على مجرد توقيف.
ويذهب مراقبون إلى أن هذه الخطوة تحمل بعداً رمزياً يتجاوز شخص أبو فهد، إذ يرى كثيرون أنها تعكس بداية انهيار منظومة الأمن التي ارتبطت بالنظام السابق، ورسالة أمل للمهجرين وذوي الشهداء بأن العدالة وإن تأخرت فإنها آتية.
وتمكن جهاز الأمن الداخلي بحمص من إلقاء القبض على 3 ضباط كانوا من أبرز المسؤولين في النظام البائد، بينهم "يائل حسن العلي"، المعروف بكونه عقيد مستودعات مهين في ريف حمص الشرقي.
كما شملت الاعتقالات ضمن جهود أمنية حثيثة "وجيه إبراهيم"، المسؤول الأمني عن مستودعات البلدة في ريف حمص الشرقي، بالإضافة إلى الضابط "مصطفى الخضر".
وتأتي هذه العملية ضمن جهود الأجهزة الأمنية لملاحقة أبرز الشخصيات المرتبطة بجرائم النظام البائد وضمان المساءلة عن الانتهاكات التي ارتكبت خلال تلك فترة حكم نظام الأسد البائد.
وفي سياق متصل تمكنت إدارة الأمن الداخلي في العاصمة السورية دمشق من إلقاء القبض على أحد سجاني صيدنايا المدعو "أبو أسد"، الأمر الذي أكدته مصادر إعلامية متطابقة.
وأعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص تنفيذ عملية أمنية نوعية بوقت سابق أسفرت عن إلقاء القبض على المدعو "أحمد عابد الفرج"، أحد عناصر ميليشيات النظام البائد، والمتورط في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
وبحسب بيان رسمي، فإن الموقوف متهم بارتكاب جرائم تعذيب وقتل ممنهجة خلال السنوات الماضية، وقد تم تحويله إلى القضاء المختص لاستكمال الإجراءات القانونية العادلة بحقه.
ووفقًا للإعلام الرسمي السوري تأتي هذه العملية ضمن الجهود المتواصلة لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات بحق أبناء الشعب السوري، وضمان تحقيق العدالة الانتقالية في إطار بناء الدولة السورية الجديدة.
وأعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية عن تنفيذ سلسلة عمليات أمنية دقيقة أسفرت عن توقيف عدد من كبار الضباط والمسؤولين السابقين في أجهزة النظام الأمني البائد، ممن يواجهون تهماً تتعلق بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
هذا وأكدت وزارة الداخلية ووزارة الدفاع أن هذه العمليات تأتي في إطار حملة أمنية منظمة تستهدف تفكيك شبكات النظام البائد، وملاحقة المتورطين في قضايا قتل وانتهاكات أمنية، في مسعى لاستعادة الاستقرار ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق السوريين.
أعلنت عائلة القيادي في الجيش الوطني السوري "علاء الدين أيوب" المعروف باسم "الفاروق أبو بكر"، عن استشهاده في مدينة اعزاز شمالي سوريا بعد أن استهدفه مسلحون أثناء مغادرته حرم جامعة حلب الحرة، ووصفت العائلة عملية الاغتيال بأنها "جريمة نكراء هزّت وجدان السوريين وأعادت للأذهان ممارسات فلول نظام الأسد البائد والميليشيات الإرهابية".
خلفية القائد المستهدف
أكد البيان الصادر عن العائلة أن الفاروق أبو بكر كان من أبرز قادة الثورة السورية، ومن مرتبات وزارة الدفاع – الفرقة 60، إضافة لكونه حافظاً لكتاب الله ومن أبناء مدينة حلب الشهباء، مشيرة إلى أن اغتياله مثّل خسارة كبيرة للشارع الثوري.
متابعة أمنية وقضائية
أشادت العائلة بدور الجهات الأمنية والعسكرية في محافظة حلب، والتي سارعت لفتح تحقيق في ملابسات الاغتيال، وتمكنت من اعتقال عدد من المتورطين، وأكدت أنها ملتزمة بتحقيق العدالة عبر المسار القضائي وفق أحكام الشرع، رافضة في الوقت نفسه كل محاولات تصنيف الجريمة ضمن قضايا "ثأر جنائية".
جذور الخلاف مع آل عباس
أوضح البيان أن خلفية الخلاف تعود إلى نحو عام ونصف، حين كُشفت قضايا فساد كبرى تورط بها آل عباس داخل فرقة المعتصم، أعقبها محاولة للانقلاب على القيادة عبر استدراج القادة إلى اجتماع رسمي ومحاولة اعتقالهم بقوة عسكرية، الأمر الذي أدى إلى اندلاع اشتباك مسلح نتج عنه مقتل أحمد عباس بالخطأ وإصابة شقيقه معتصم عباس.
وأضافت العائلة أن الفاروق أبو بكر ورفاقه سلموا أنفسهم طوعاً للقضاء، وتم الاتفاق حينها على الاحتكام الكامل للمسار القضائي بحضور وجهاء وأعيان مدينة حلب.
دلائل براءة الفاروق أبو بكر
أشارت العائلة إلى أن جميع التحقيقات في القضية أثبتت عدم مسؤولية الفاروق أبو بكر عن مقتل أحمد عباس، كما شهد شقيقه معتصم أمام القضاء بأنه لم يكن بين مطلقي النار، بل أكد أن الوفاة حصلت "بالخطأ".
ولفت البيان إلى أن محاولات عدة بوساطة وجهاء وشخصيات وطنية هدفت إلى التهدئة وإصلاح ذات البين، وأن آل عباس أعلنوا في أكثر من مناسبة التزامهم بقرارات القضاء.
تهديدات متكررة قبل الاغتيال
اتهمت العائلة المدعو أسامة عباس –أحد المتورطين في جريمة الاغتيال– بتهديد الفاروق أبو بكر علناً قبل أيام من استشهاده داخل جامعة حلب الحرة، معتبرة أن ذلك يمثّل دليلاً على نية مسبقة للغدر والتصفية.
دعوة لمحاسبة المتورطين
رفضت عائلة الفاروق أبو بكر أي محاولات للتمييع أو تحميل الجريمة لأشخاص ثانويين، مطالبةً الجهات المعنية بإلقاء القبض على جميع أفراد المجموعة التي خططت ونفذت العملية، ومشددة على تمسكها الكامل بالقانون والمسار القضائي لتحقيق العدالة.
وفي وقت سابق، أعلن نور الدين البابا، المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، التوصل إلى تحديد هوية منفذي اغتيال القيادي السابق في الجيش الوطني السوري "علاء الدين أيوب" المعروف بـ"الفاروق أبو بكر"، موضحاً أن الفاعل سلّم نفسه واعترف بجريمته، في حين تشير التحقيقات الأولية إلى أن دوافع العملية ذات طابع ثأري.
تفاصيل الاغتيال وصدمته في الشارع المحلي
وكان قُتل "الفاروق أبو بكر" ظهر الأحد 17 آب/أغسطس قرب مقر "جامعة حلب الحرة" في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، بعد استهداف مباشر من مسلحين مجهولين. وانتشرت صور للضحية وهو مضرج بدمائه داخل سيارته، فيما أشارت روايات محلية إلى أنه خرج للتو من قاعة امتحان جامعي لحظة وقوع العملية، ما أثار صدمة واسعة في الأوساط الثورية والشعبية.
مسيرة عسكرية بارزة
عُرف "الفاروق أبو بكر" كأحد أبرز القادة العسكريين في الثورة السورية، إذ اعتقلته المخابرات الجوية في بدايات الحراك بحلب قبل أن ينخرط في العمل المسلح، من خلال كتيبة **مصعب بن عمير** التي اندمجت لاحقاً في لواء العباس، ثم ساهم في تأسيس حركة الفجر الإسلامية التي أصبحت جزءاً من أحرار الشام.
وفي عام 2014 تولى ملف الأسرى والمبادلات في حلب، وكان شخصية محورية في مجلس القيادة الموحد خلال حصار المدينة عام 2016، ومفاوضاً أساسياً مع نظام الأسد حول اتفاق خروج المقاتلين والمدنيين من شرق حلب في كانون الأول/ديسمبر من العام ذاته.
ومع انتقاله إلى إدلب، واصل نشاطه ضمن أحرار الشام قبل أن ينشق عنها عام 2018 وينضم إلى فرقة المعتصم في الجيش الوطني السوري، غير أن مسيرته لم تخلُ من خلافات داخلية وصراعات أفضت في نهاية المطاف إلى وضعه في دائرة الاتهام والاستهداف، حتى اغتياله.
أعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص عن ضبط شاحنة محملة بصواريخ "غراد" كانت في طريقها إلى لبنان، بعد تنفيذ كمين محكم قرب الحدود اللبنانية أسفر عن مصادرة الشحنة وتنظيم محضر ضبط رسمي.
وأكدت مصادر في حمص، أن الأجهزة الأمنية تمكنت من إيقاف الشاحنة المصادرة ضمن خطة ميدانية دقيقة، مشيرة إلى أن العملية جاءت في إطار الجهود المستمرة لمكافحة تهريب الأسلحة بين سوريا ولبنان.
أوضحت المصادر أن الفترة الأخيرة شهدت تكثيف الحملات الأمنية المشتركة على جانبي الحدود السورية اللبنانية، إذ أُحبطت عدة محاولات لتهريب أسلحة وذخائر في الاتجاهين، بما في ذلك عمليات ضبط تمت خلال الأشهر الماضية.
ذكرت قيادة الجيش في يونيو الماضي أنها أحبطت عملية تهريب قذائف ومذنبات من الأراضي السورية إلى لبنان في منطقة بسيبس – الهرمل، وضبطت كميات منها، فيما أعلنت مديرية الأمن الداخلي بمدينة القصير بريف حمص في الشهر ذاته عن ضبط شحنة أسلحة أخرى كانت معدّة للتهريب إلى لبنان.
كشف المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك، عن تفاصيل لقائه شيخ عقل الدروز في إسرائيل، موفق طريف، الذي جرى في العاصمة الفرنسية باريس.
وأوضح باراك، في منشور عبر حسابه على منصة "إكس"، أن اللقاء كان "ودياً ومثمراً"، مشيراً إلى أنه تركز على مناقشة الوضع في محافظة السويداء، وسبل تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، وتهدئة التوترات، والعمل على بناء تفاهمات مشتركة.
من جانبه، قال الشيخ طريف في تصريحات صحفية إنه بحث مع باراك مستجدات الأوضاع في السويداء، وطالب باستمرار وقف إطلاق النار في المحافظة، إضافة إلى فتح معبر إنساني "درزي – درزي" يسهّل وصول المساعدات. وأكد طريف تمسكه بخيار السلم ورفضه أي اعتداءات تستهدف الدروز في السويداء.
ويُذكر أن الشيخ طريف كان قد شارك ضمن وفد إسرائيلي التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في باريس، في لقاء أثار اهتماماً واسعاً باعتباره أول اجتماع يُعلن عنه رسمياً بين الجانبين منذ عقود.
وشكّل الإعلان الحكومي عن لقاء وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني مع وفد إسرائيلي في العاصمة الفرنسية باريس حدثاً سياسياً لافتاً، إذ يعدّ هذا اللقاء الأول الذي يُكشف عنه رسمياً عبر الإعلام الحكومي، في سياق مساعٍ إقليمية ودولية لخفض التوتر وتعزيز الاستقرار في الجنوب السوري.
سارعت وسائل الإعلام الإسرائيلية البارزة إلى تناول بيان وكالة "سانا" بشأن اللقاء السوري الإسرائيلي في باريس، حيث وصفت هيئة البث الإسرائيلية وصحيفة يديعوت أحرونوت الخطوة بأنها "غير معتادة" و"استثنائية"، فيما أشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن هذا البيان هو الأول من نوعه منذ نحو 25 عاماً تنشره وسائل إعلام رسمية حول محادثات مباشرة بين الحكومتين السورية والإسرائيلية.
أكد سيباستيان غوركا، المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأمريكي، خلال ندوة نظمها مركز السلام والأمن في الشرق الأوسط التابع لمعهد هادسن، أن قطع طريق الإمداد الإيراني عبر سوريا يُعد أعظم إنجاز حققته إسرائيل للعالم خلال العقد الماضي.
وأوضح غوركا أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب قدّم عرضاً غير مسبوق للرئيس السوري أحمد الشرع، قائلاً: "هذه فرصتك لبناء سوريا"، مشيراً إلى أن المبادرة جاءت بدفع من السعودية وتركيا، وبدور أقل من قطر، واعتبر أن هذه الخطوة كانت "الفرصة الأخيرة" أمام مختلف الأطراف لجعل سوريا دولة فاعلة، رغم إدراكه أن المهمة ليست سهلة.
وتطرق غوركا إلى مسألة التنوع السوري، مؤكداً أن رغبة الأكراد في الحفاظ على وضع خاص بهم أو سعي الدروز للانفصال عن دمشق لن يؤدي إلا إلى حرب أهلية جديدة ستدفع الأجيال القادمة ثمنها. وأضاف: "أتوقع أن يعمل فريقي عن قرب مع المبعوث باراك لمنح السوريين بمختلف مكوناتهم فرصة الالتقاء والتوافق".
وشدد غوركا على أن الحل يكمن في تمثيل شامل لجميع المكونات الطائفية في دمشق، بحيث لا تكون أي جماعة مهددة أو عرضة للخطر، بل قادرة على الدفاع عن نفسها بدعم من الدولة المركزية، مع ضرورة وجود دور لكل من أنقرة والسعودية وقطر في العملية.
وأضاف: "نحن عدنا إلى زمن كيسنجر، حيث يتولى وزير الخارجية أيضاً مهام مستشار الأمن القومي. رئيسنا، الوزير روبيو، لديه هدف مباشر وهو ضمان عدم تكرار مجازر في سوريا بحق أي مكوّن، سواء في السويداء أو اللاذقية أو غيرها". وأردف: "لسنا بصدد بناء دول، الدولة الوحيدة التي يسعى رئيسنا إلى بنائها هي الولايات المتحدة نفسها".
وأشار غوركا إلى أن مشاكل سوريا لن تُحل عبر فرض أوامر من الخارج، بل من خلال توافق بين الأطراف المعنية، بحيث تصل تركيا وإسرائيل إلى صيغة للتعايش حول مستقبل سوريا. وختم قائلاً: "نحن نعمل على تمكين الحكومة السورية الناشئة من امتلاك قدرات مكافحة الإرهاب لمنع وقوع المجزرة التالية، وهذا ما يشكل جوهر مهمتي".
ذكرت مصادر محلية أن قوات التحالف الدولي نفذت عملية إنزال جوي فجر الأربعاء في منطقة أطمة بريف إدلب شمال غربي سوريا، بمشاركة وحدات عسكرية سورية.
وقالت المصادر إن العملية بدأت عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل، حيث شهدت المنطقة تحليقاً مكثفاً للمروحيات، تزامناً مع تطويق عدد من الأحياء السكنية، فيما استمر الطيران بالتحليق في سماء المنطقة طوال مدة العملية.
وأوضحت المصادر أن إطلاق نار خفيف سُمع مرتين خلال الإنزال، من دون تسجيل أي اشتباكات مباشرة أو تبادل للنيران بين القوات المهاجمة وأطراف أخرى في المنطقة.
يأتي هذا التطور بعد نحو شهر على العملية التي نفذتها قوات القيادة المركزية الأميركية في مدينة الباب بريف حلب الشمالي، والتي أسفرت عن مقتل القيادي البارز في تنظيم "داعش" ضياء زوبع مصلح الحرداني، ونجليه عبد الله وعبد الرحمن.
وأكدت القيادة حينها في بيان رسمي أن المستهدفين كانوا يشكلون تهديداً للقوات الأميركية وقوات التحالف إلى جانب الحكومة السورية الجديدة، مشيرة إلى أن الموقع المستهدف كان يضم ثلاث نساء وثلاثة أطفال لم يتعرضوا لأي أذى خلال العملية.
واعتبرت عملية الباب واحدة من أكبر عمليات التحالف في سوريا خلال الأشهر الأخيرة، في إطار ملاحقة قادة التنظيم في مناطق متفرقة من شمال البلاد، ولا سيما مع تزايد نشاط "داعش" مؤخراً في بعض المناطق الريفية والبادية.
شكّل الإعلان الحكومي عن لقاء وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني مع وفد إسرائيلي في العاصمة الفرنسية باريس حدثاً سياسياً لافتاً، إذ يعدّ هذا اللقاء الأول الذي يُكشف عنه رسمياً عبر الإعلام الحكومي، في سياق مساعٍ إقليمية ودولية لخفض التوتر وتعزيز الاستقرار في الجنوب السوري.
سارعت وسائل الإعلام الإسرائيلية البارزة إلى تناول بيان وكالة "سانا" بشأن اللقاء السوري الإسرائيلي في باريس، حيث وصفت هيئة البث الإسرائيلية وصحيفة يديعوت أحرونوت الخطوة بأنها "غير معتادة" و"استثنائية"، فيما أشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن هذا البيان هو الأول من نوعه منذ نحو 25 عاماً تنشره وسائل إعلام رسمية حول محادثات مباشرة بين الحكومتين السورية والإسرائيلية.
دلالات التوقيت والمكان
أبرز ما يلفت في اللقاء أنه جرى في باريس، المدينة التي اعتادت أن تكون ساحة لمفاوضات حساسة لا يُعلن عنها عادة. إعلان دمشق عن الاجتماع بشكل صريح يعكس استعداداً لإدخال هذا المسار في إطار العلن، بعد سنوات من التفاهمات غير المعلنة عبر وسطاء.
ولعل التوقيت كذلك يرتبط بتطورات ميدانية وأمنية متصاعدة في السويداء والجنوب السوري، الأمر الذي يفرض على جميع الأطراف البحث عن ترتيبات جديدة لضبط الأوضاع.
محاور النقاش
أوضحت البيانات الرسمية أن النقاشات تمحورت حول خفض التصعيد ومنع التدخل في الشأن السوري الداخلي، إلى جانب مراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء وإعادة تفعيل اتفاق 1974، وهذه النقاط تكشف عن رغبة دمشق في تثبيت الاستقرار جنوب البلاد، مقابل التزام إسرائيلي بعدم توسيع المواجهات أو استغلال الفوضى الداخلية.
البعد الأمريكي
وجود الولايات المتحدة كوسيط رئيسي في هذه الجولة يضفي ثقلاً على المسار التفاوضي، ويشير إلى رغبة واشنطن في إعادة ضبط قواعد الاشتباك في سوريا بما يضمن تقليص التوتر بين دمشق وتل أبيب، كما أن الربط بين لقاء باريس والاجتماع الثلاثي السابق في عمّان (سوريا – الأردن – الولايات المتحدة) يوحي بتنسيق إقليمي أوسع لتكريس التهدئة.
الأهمية السياسية
يأتي الإعلان الرسمي عن هذا اللقاء ليضع حداً لمرحلة من السرية كانت تحكم التواصل بين سوريا وإسرائيل، ويعكس استعداد الحكومة السورية لطرح ملف الجنوب على طاولة علنية تحت رعاية دولية.
وهذه الخطوة قد تُقرأ كجزء من استراتيجية الانفتاح السياسي التي تبنّاها الرئيس السوري أحمد الشرع منذ تسلمه السلطة، وكمحاولة لإعادة صياغة موقع دمشق الإقليمي عبر بوابة التفاهمات الأمنية.
التحديات والآفاق
وتبقى التحديات قائمة، وعلى رأسها هشاشة التفاهمات الميدانية في السويداء، واحتمالات التصعيد الإسرائيلي، إلى جانب الانقسام الداخلي حول جدوى هذه اللقاءات، ومع ذلك، فإن تحول هذا النوع من الاجتماعات إلى مسار علني قد يشكل بداية لمرحلة جديدة من العلاقات الإقليمية، تُبنى على مبدأ التهدئة وتبادل الضمانات الأمنية.