نعى ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وفاة المعتقل السوري أسامة الجاعور، المنحدر من مدينة القصير بريف حمص، داخل سجن رومية اللبناني، بعد سنوات من الاعتقال في ظروف قاسية.
ويعرف أن "الجاعور"، اعتُقل على خلفية دعمه ومشاركته في الثورة السورية، تنقّل منذ توقيفه بين أروقة فروع الأمن اللبناني قبل أن يستقر به الحال في سجن رومية، أحد أشهر السجون في البلاد.
وخلال تلك السنوات، خاض صراعاً مريراً مع قسوة الاحتجاز ووطأة الغربة، في ظل وعود واهية من المحامين وابتزاز سماسرة الملفات، بينما كانت عائلته تبذل الغالي والنفيس في محاولة لإنهاء معاناته.
وفي عام 2019، أصدر القاضي العسكري السابق "حسين.ع" حكماً قاسياً بحقه يقضي بالأشغال الشاقة المؤبدة، في خطوة صادمة وصفها مقربون بأنها "طلقة أطفأت نصف حياته" كان حينها في منتصف الثلاثينات، بكامل صحته الجسدية والعقلية، لكن حالته بدأت تتدهور تدريجياً بعد الحكم، بفعل الصدمة والضغط النفسي.
وفي عام 2023، ظهرت عليه أعراض مرضية حادة في الأعصاب، فبات يعاني من رجفان مستمر وضعف شديد في البنية الجسدية، حتى أصبح عاجزاً عن المشي أو القيام بأبسط حاجاته اليومية دون مساعدة ونتيجة الإهمال الطبي، تراجع وضعه الصحي إلى درجة الحاجة لمرافق دائم، بينما كان بعض السجناء السوريين يتطوعون لخدمته.
ومع مرور الوقت، تدهورت حالته العقلية أيضاً، ليُنقل لاحقاً إلى ما يُعرف بـ"السجن الاحترازي" أو "البيت الأزرق" المخصص لذوي الأمراض النفسية داخل رومية، حيث تفتقر الظروف فيه إلى الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية وهناك، أكملت سنوات الإهمال والمرض ما بدأه الحكم القاسي، لينتهي الأمر برحيله بصمت، بعيداً عن الكاميرات والاهتمام الإعلامي.
هذا وتبقى قصة "أسامة الجاعور" واحدة من عشرات الحالات التي يعاني فيها معتقلون سوريون في لبنان من ظروف احتجاز قاسية، وسط مطالبات حقوقية بإنقاذ من تبقى على قيد الحياة.
ونظّم أهالي سوريون وقفة احتجاجية صامتة عند معبر جوسيه الحدودي، حاملين أعلام الثورة السورية ولافتات تطالب بالإفراج عن أبنائهم المعتقلين في سجن رومية، سيء السمعة بسبب ظروف الاحتجاز اللاإنسانية.
وبحسب المشاركون والمشاركات في الوقفة الذين التقينا بهم، فإنها صامتة هذه المرة، لأنهم تحدثوا مراراً عن معاناة أبنائهم المعتقلين في سجن رومية وطالبوا بالإفراج عنهم دون جدوى، فاختاروا الصمت كوسيلة احتجاج.
يشهد سجن رومية في لبنان أوضاعًا صحية كارثية تهدد حياة المعتقلين السوريين، ولا سيما من شاركوا في الثورة السورية، في ظل تفشي أوبئة خطيرة داخل وحدات الاعتقال، أبرزها الكوليرا، التيفوئيد، وإنفلونزا الخنازير، إلى جانب التهابات جلدية حادة ناجمة عن الإهمال الطبي المزمن.
وأكدت مصادر حقوقية أن المرافق الصحية داخل السجن تشهد انهياراً شبه كامل في شروط النظافة والتعقيم، وسط اكتظاظ كبير في الزنازين، وانعدام الرعاية الطبية الأساسية، ما حول أقساماً كاملة من السجن إلى بؤر وبائية مغلقة.
ويُخشى على حياة مئات المعتقلين السوريين – معظمهم من معارضي نظام الأسد الذين فروا من سوريا ثم اعتُقلوا لاحقاً في لبنان – من التدهور الصحي الحاد، خصوصاً في ظل تجاهل تام من إدارة السجن، وغياب أي تحرك فعّال من الجهات القضائية اللبنانية، أو حتى استجابة من المنظمات الإنسانية الدولية المعنية بحماية المعتقلين.
يشير التقرير بوضوح إلى أن التعاون بين الدولة السورية الجديدة والأمم المتحدة وصل إلى مستوى غير مسبوق، حيث تم منح لجنة التحقيق وصولاً غير مقيد إلى المناطق المتضررة، وهو ما لم يحدث طوال عقود حكم نظام الأسد المخلوع. هذه النقطة تمثل تحوّلاً استراتيجياً في النهج السوري، من موقف الرفض والإنكار إلى الانفتاح والشفافية، بما يعزز صورة الدولة أمام المجتمع الدولي ويدعم شرعيتها.
الاعتراف بالمصداقية الوطنية في تقصي الحقائق
التطابق الكبير بين نتائج لجنة التحقيق الأممية واللجنة الوطنية المستقلة التي شُكلت فور الأحداث، يعكس احترافية مؤسسات الدولة الناشئة. هذا التوافق يضعف الاتهامات السابقة التي كانت تقلل من شأن التقارير المحلية، ويؤكد أن الدولة لا تسعى لحماية الجناة، بل تعمل على تحديدهم ومحاسبتهم دون تمييز أو اعتبارات سياسية أو طائفية.
السياق الأمني والسياسي للأحداث
أحداث الساحل وقعت في مرحلة انتقالية حساسة، بعد أشهر قليلة من انتهاء الحرب وسقوط النظام السابق، وسط فراغ أمني، ووجود مجموعات مسلحة خارج السيطرة الكاملة للدولة، التقرير يضع هذه الظروف في إطارها الواقعي، معتبراً أن العنف الذي شهدته المنطقة هو امتداد لإرث طويل من القمع الطائفي والدمار الاجتماعي الذي خلّفه حكم الأسد، وهو ما يجعل الإصلاح الأمني تحدياً مركزياً للدولة الجديدة.
رسائل مباشرة للمجتمع الدولي
التوصية الأساسية للتقرير تدعو إلى دعم الحكومة السورية الجديدة في تنفيذ الإصلاحات وتوسيع نطاقها، مع رفع أي عقوبات متبقية، هذه الدعوة تشكّل اعترافاً ضمنياً بأن الدولة تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها تحتاج إلى دعم سياسي ولوجستي لتجاوز إرث الحرب وضمان استقرار طويل الأمد.
البعد الحقوقي والعدالة الانتقالية
إبراز التقرير لعدد المتهمين (265 من جميع الأطراف) يعكس التزاماً بمبدأ العدالة الشاملة وعدم الإفلات من العقاب. كما أن توصياته بدمج القوات، وإبعاد المتورطين، ومنع تكرار الانتهاكات، تتماشى مع المعايير الدولية للعدالة الانتقالية، ما يمنح الدولة فرصة لبناء مؤسسات أمنية وقضائية أكثر احترافية واستقلالية.
إدارة السردية الإعلامية ومكافحة التضليل
التقرير يلفت الانتباه إلى تأثير المعلومات المغلوطة وخطاب الكراهية في تأجيج الانقسامات وعرقلة العدالة، وهي نقطة طالما حذرت منها الدولة السورية. إدراج هذه المسألة في الوثيقة الأممية يمنح الحكومة مبرراً لتعزيز برامج مكافحة التضليل الإعلامي، والعمل مع الشركاء الدوليين والمنصات التقنية لحماية الحقيقة.
يؤسس هذا التقرير لمرحلة جديدة من العلاقة بين سوريا والأمم المتحدة، تقوم على الشفافية والتعاون، وتضع العدالة الانتقالية في قلب مسار بناء الدولة. وفي حين لا ينفي التقرير وقوع انتهاكات خطيرة، إلا أنه يقدّم إطاراً واقعياً لفهمها، ويعترف بجهود الحكومة في محاسبة المسؤولين، بما يعزز مصداقية الدولة أمام الداخل والخارج. إذا استثمرت سوريا هذا الزخم الدبلوماسي، فقد يكون التقرير خطوة أساسية نحو استعادة مكانتها الدولية وضمان انتقال مستقر نحو دولة القانون.
أصدرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تقريرها حول مجازر آذار/مارس 2025 في مناطق الساحل وغربي وسط سوريا، معتبرة أن هذا التقرير يمثل إنجازاً بارزاً ومحطة مفصلية لكل من سوريا والأمم المتحدة، إذ جرى تجديد تفويض اللجنة بالإجماع دون اعتراض من الدولة السورية، في سابقة تاريخية مغايرة لمواقف نظام الأسد المخلوع الذي كان يرفض ذلك مراراً.
وأكد التقرير أن اللجنة تمتعت وللمرة الأولى بوصول غير مقيد للمناطق الساحلية بتسهيل من الحكومة الجديدة، وهو ما لم يحدث سابقاً، مشيراً إلى أن الدولة شكلت "اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق" خلال أيام من وقوع الحوادث، واعتقلت العشرات من المشتبه بتورطهم، فيما أظهرت النتائج توافقاً كبيراً بين ما توصلت إليه اللجنة الأممية واللجنة الوطنية.
وخلص التقرير إلى أن الانتهاكات الجسيمة التي وقعت ارتكبها أفراد من فلول النظام البائد وعناصر أمنية محددة، دون وجود سياسة رسمية أو توجيه حكومي لارتكاب الجرائم، مؤكداً أن الحكومة تحركت سريعاً لإيقاف العنف ومنحت الأمم المتحدة وصولاً غير مسبوق للتحقيق، ما يعكس الشفافية والمصداقية.
وأشار التقرير إلى أن الأحداث وقعت في سياق مضطرب بعد ثمانية أشهر من انتهاء الحرب، وسط فراغ أمني ومظالم طائفية ووجود مجموعات مسلحة خارج السيطرة الكاملة للدولة، وهي بيئة ورثت إرثاً ثقيلاً من جرائم نظام الأسد وسنوات التهجير والحصار.
كما شدد على ضرورة استمرار إصلاح القطاع الأمني، ودمج القوات، وإبعاد العناصر المتورطة، ومحاسبة جميع المتهمين دون استثناء، لافتاً إلى أن اللجنة الوطنية حددت 265 متهماً من جميع الأطراف. ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة السورية الجديدة لتنفيذ بقية التوصيات وتوسيع نطاق الإصلاحات، مؤكداً أن الدولة هي الضامن الوحيد للسلم الأهلي في ظل واقع ما بعد الحرب.
واعتبر التقرير أن التعاون غير المسبوق من جانب سوريا مع الأمم المتحدة، والتطابق الكبير بين نتائج التحقيق الوطني والتحقيق الأممي، يمثلان تحولاً في علاقة الدولة السورية بالمجتمع الدولي، ويؤسسان لمرحلة جديدة من العدالة الانتقالية والمصالحة، قائمة على الشفافية وحماية جميع السوريين دون تمييز.
وجّه وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية، أسعد حسن الشيباني، رسالة رسمية إلى رئيس لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا، باولو سيرجيو بينهيور، عبّر فيها عن شكر وتقدير الحكومة السورية للجهود المبذولة في إعداد التقرير الأخير الصادر عن اللجنة، مؤكداً أن نتائجه وتوصياته تتوافق مع ما توصلت إليه اللجنة الوطنية المستقلة لتقصي الحقائق في سوريا.
تأكيد على التوافق في النتائج
أشاد الوزير الشيباني بما ورد في التقرير من معطيات وحقائق، مشيراً إلى أن التوصيات الواردة فيه تنسجم مع ما خلصت إليه التحقيقات الوطنية، خاصة فيما يتعلق بتحديد الانتهاكات، وضبط المسؤوليات، وتحديد الآليات اللازمة لمساءلة مرتكبي الجرائم وضمان عدم تكرارها.
التزام بدمج التوصيات في مسار بناء الدولة
أكدت الرسالة التزام سوريا بإدماج التوصيات الدولية ضمن عملية إعادة بناء المؤسسات وترسيخ دولة القانون في سوريا الجديدة، مع إيلاء أهمية خاصة لحماية حقوق الإنسان وصون السلم الأهلي، بما يعكس التوجه الرسمي نحو الانفتاح على التعاون مع المجتمع الدولي.
التعاون المستمر مع المجتمع الدولي
أعرب الوزير عن تقديره للدور الذي يلعبه التعاون بين الحكومة السورية واللجنة الدولية في تعزيز الجهود المشتركة لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات، مشدداً على أن المرحلة المقبلة ستشهد استمرار التنسيق لتنفيذ توصيات التقرير بما يخدم مصلحة جميع السوريين.
رسالة سياسية وقانونية
حملت الرسالة بعداً سياسياً يعكس رغبة الحكومة السورية في تأكيد التزامها بمسار العدالة الانتقالية، واستعدادها للتعاون مع الهيئات الدولية المعنية، بما يعزز صورة الدولة السورية في المحافل الدولية ويدعم جهود إعادة الاستقرار بعد سنوات الحرب.
لجنة التحقيق الأممية: انتهاكات خطيرة في أحداث الساحل قد ترقى إلى جرائم حرب
وكانت أصدرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة المعنية بسوريا تقريراً موسعاً حول أحداث الساحل، مؤكدة أن موجة العنف التي شهدتها المنطقة تضمنت ارتكاب أفعال قد ترقى إلى جرائم حرب، شملت القتل والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية للموتى، إضافة إلى النهب على نطاق واسع وحرق المنازل، مما تسبب في نزوح عشرات الآلاف من المدنيين.
وأشار التقرير إلى تورط عناصر من قوات "الحكومة المؤقتة"، إلى جانب مدنيين ومقاتلين موالين لنظام الأسد، في تنفيذ هذه الانتهاكات، داعياً السلطات المؤقتة إلى ملاحقة جميع الجناة بغض النظر عن انتماءاتهم أو رتبهم، ومشدداً على أن حجم العنف الموثق يتطلب توسيع نطاق جهود المساءلة والمحاسبة.
ولفتت اللجنة إلى أن قوات الحكومة المؤقتة حاولت في بعض الحالات وقف الانتهاكات وإجلاء المدنيين وحمايتهم، غير أن بعض العناصر المنضوية ضمن تشكيلات أمنية تورطت بدورها في ارتكاب انتهاكات، ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة، منها فصل الأفراد المشتبه في تورطهم من الخدمة بانتظار نتائج التحقيق.
وأكد التقرير أن نتائجه تستند إلى تحقيقات مكثفة شملت أكثر من 200 مقابلة مع ضحايا وشهود، وأن اللجنة ما تزال تتلقى معلومات عن انتهاكات مستمرة في مناطق عدة، الأمر الذي يتطلب تعزيز إجراءات الحماية للمجتمعات المتضررة.
وأقرّت اللجنة بالتزام السلطات المؤقتة بتحديد هوية المتورطين كما ورد في تقريرها الأخير، معتبرة أن تقريرها إلى جانب تقرير اللجنة الوطنية للتحقيق في سوريا يمثلان خطوات مهمة نحو الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة.
ذكر موقع "ميدل إيست آي" أن تركيا والولايات المتحدة منحتا قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي مهلة 30 يوماً للإسراع في عملية الانضمام إلى دمشق، وهي مهلة أوشكت على الانتهاء.
ونقل الموقع عن مصدر إقليمي أن مسؤولين أميركيين حذروا "قسد" من أن التحالف الدولي قد لا يتمكن من حمايتها إذا شنت دمشق هجوماً عسكرياً، في حال لم يتم الالتزام باتفاق 10 آذار.
وأوضح التقرير أن تركيا، رغم عدم نيتها التدخل العسكري المباشر ضد "قسد"، قد تقدم دعماً غير مباشر لعملية محدودة تنفذها القوات السورية، وأن الاستعدادات لهذه العملية قد أُنجزت مسبقاً.
ووفقاً للمصادر الأمنية، فإن المبعوث الأميركي الخاص، توم باراك، طلب خلال اجتماعاته في أنقرة مزيداً من الوقت لإجراء مفاوضات دبلوماسية مع "قسد"، لكن الجانب التركي شدد على أن القرار النهائي يعود لدمشق، وأن أي طلب دعم أمني منها سيُقابَل إيجابياً.
وأشار التقرير إلى أن زيارة وفد سوري إلى أنقرة ستتركز على مناقشة ملفات الأمن المشترك، وأمن الحدود، ومتابعة الاتفاقيات، والاستثمارات الاقتصادية المحتملة. وأكدت مصادر سورية أن دمشق طلبت الشهر الماضي دعماً أمنياً من تركيا، وأن مناقشات نشر القوات التركية في سوريا ستكون أيضاً ضمن جدول الأعمال.
وكان عقد وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان مؤتمراً صحفياً مشتركاً في العاصمة التركية أنقرة، تناول مسار العلاقات الثنائية وملفات التعاون بين البلدين، إضافة إلى التحديات التي تواجه سوريا في المرحلة الراهنة.
أكد فيدان أن علاقات سوريا مع دول المنطقة، ومنها تركيا، شهدت قفزات نوعية خلال الأشهر الماضية رغم محاولات بعض الأطراف عرقلة هذا المسار وإثارة المؤامرات، ولفت إلى أن الجانبين يعملان على وضع حلول للمشكلات الراهنة بهدف القضاء على المؤامرات، وتذليل العراقيل، وتطوير مختلف القطاعات وفي مقدمتها الاقتصاد، بما يهيئ الأجواء لعودة اللاجئين.
وشدد فيدان على رفض بلاده للمساعي الإسرائيلية الهادفة إلى إضعاف سوريا وخلق حالة من الفوضى فيها، مؤكداً أن ذلك يهدد استقرار المنطقة بأكملها. كما جدد دعم تركيا لاستقلال سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها، معرباً عن تفاؤله بإيجاد حلول جذرية لجميع التحديات بعيداً عن أي تدخل خارجي، وداعياً إلى دعم الدولة السورية في بناء سوريا جديدة تحقق مصالح شعبها.
عقد معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية لشؤون مجلس الوزراء، المهندس علي كده، اجتماعاً تنسيقياً مع وزير الأشغال العامة والإسكان، المهندس مصطفى عبد الرزاق، ووزير النقل، الدكتور يعرب بدر، لمناقشة واقع شبكة الطرق العامة والمشاريع الاستثمارية والإصلاحية الجارية.
وركز الاجتماع على متابعة تنفيذ مشروعي صيانة طريق أريحا – اللاذقية وطريق إدلب – سرمدا، لما لهما من أهمية في ربط المدن والمناطق الرئيسية، إضافة إلى بحث أعمال صيانة طرق في محافظتي إدلب وحلب، وإعادة تأهيل جسر القسطل وجسر الرستن، مع التأكيد على تفعيل التنسيق بين الوزارتين لضمان إعادة تشغيل هذه المرافق الحيوية وتحسين حركة النقل.
وشهدت محافظة إدلب خلال الأيام الأخيرة سلسلة لقاءات وزيارات واجتماعات هدفت إلى تعزيز العمل المشترك بين مناطق المحافظة، ومناقشة مشاريع خدمية وتنموية، خاصة في قطاع النقل والبنية التحتية.
ففي مدينة حارم، زار مدير المنطقة حسين جنيد، برفقة عدد من وجهاء وأهالي المنطقة، معاون محافظ إدلب حسن الفجر، حيث جرى بحث سبل تطوير التعاون بين منطقتي حارم وإدلب، والتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من التنسيق لخدمة الأهالي وتحسين الواقع المعيشي.
وفي معرة النعمان، عُقد اجتماع تشاوري برعاية إدارة المنطقة، وبحضور مدراء الدوائر الحكومية وممثلي الجهات الرسمية والمنظمات الإنسانية والخدمية، جرى خلاله مناقشة الوضع الخدمي العام والاستحقاقات القادمة كما تم تكريم ممثلي الجهات الحكومية والمنظمات، تقديراً لجهودهم في دعم الأهالي وتحسين الخدمات.
وعلى الصعيد الخدمي الاستراتيجي، عقد وزير النقل بوقت سابق اجتماعاً تنسيقياً مع محافظ إدلب محمد عبد الرحمن في مبنى الوزارة بدمشق، بحضور المعنيين في المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية، لبحث الخطة الشاملة لتطوير شبكة الطرق والجسور في المحافظة.
وأكد وزير النقل أن الوزارة، بالتعاون مع المؤسسة، أعدت خطة متكاملة تتضمن دراسات وكشوفات فنية، وترشيح المشاريع ذات الأولوية، إضافة إلى تقدير التكاليف وإعداد مقترحات للانطلاق بالتنفيذ وفق الإمكانيات المتاحة.
كما شدد على أهمية إصلاح البنية التحتية المتضررة، وتأمين الطرق من خلال تركيب العاكسات والمحددات المرورية، وصيانة الجسور بما يضمن سلامة التنقل.
من جانبه، أشار محافظ إدلب إلى أهمية تطوير قطاع النقل لدعم الاستثمار والتنمية الاقتصادية، داعياً إلى إعادة تأهيل الجسور الرئيسية والأوتوستراد الرابط بين غرب وشرق البلاد، وصيانة الطرق الحيوية وخاصة طريق أريحا – سراقب الذي يحتاج إلى تدخل عاجل كما طرح إمكانية إعادة تشغيل خط سكة الحديد وإنشاء محطة جديدة، وتشكيل لجنة فنية لترشيح الكوادر المؤهلة.
هذا وقدم المدير العام المكلف للمؤسسة العامة للمواصلات الطرقية، المهندس خضر فطوم، عرضاً تفصيلياً حول الدراسات المعدة، والتي تشمل أعمال الصيانة الإسعافية، والتوسعة، والتأهيل، إضافة إلى تأمين الإنارة والمستلزمات الفنية، بما يسهم في تحسين النقل وتعزيز السلامة المرورية في المحافظة.
على مدار السنوات الماضية، ازدادت ظاهرة صيد الحيوانات في بعض المناطق من سوريا، في ظل غياب الرقابة البيئية، ليتحول الصيد من نشاط موسمي محدود إلى ممارسات مفرطة، تستهدف كل ما يتحرك في الطبيعة، من الغزلان والضباع والذئاب، إلى الأرانب والطيور بمختلف أنواعها، كالعصافير والحمام وغيرها.
أنواع مستهدفة دون رحمة
تشير صور ومقاطع مصوّرة تم تداولها مؤخراً في صفحات التواصل الاجتماعي، إلى حملات صيد جائرة استهدفت غزلان برية في بادية الرقة، مما أثار استياء شعبي واسع ، وسط مطالب لوزارة الزراعة و الثروة الحيوانيّة بسن قوانين تمنع وتجرم عمليات الصيد خصوصاً أنها تستهدف فئة من الحيوانات البرية المهددة بالانقراض في سوريا.
وسبق ونبهت تقارير محلية إلى الخطورة التي أدى إليها الصيد الجائر والتجارة غير المشروعة للطيور النادرة في سوريا، خصوصاً في ريفي دير الزور وحمص، وصار يهدد بانقراض العديد من هذه الأنواع، وأدى ذلك إلى انخفاض كبير في أعداد الصقور والبوم وغيرها من الأنواع المميزة بيئياً.
ويؤكد مراقبون أن حملات الصيد تستهدف كل الحيوانات سواء التي تطير أوتسير، وتشكل جزءاً أساسياً من السلسلة البيئية. كما لم تسلم الأرانب البرية، أو الطيور المهاجرة، وحتى الطيور المغردة الصغيرة، من بنادق الصيادين. وأحياناً يتم قتل الحيوانات خلال الصيد، وأحيانا أخرى يعملون على صيده دون قتله خاصة في حالة الطيور المُراد بيعها.
أسباب انتشار الظاهرة
يشير مراقبون إلى أن الأسباب خلف هذه الظاهرة عدة، أبرزها: غياب القوانين أو ضعف تنفيذها خاصة في ظل الحرب وانشغال السلطات بالأوضاع الأمنية، بالإضافة إلى عدم امتلاك الصيادين للوعي الكافي بأهمية حماية الحياة البرية، إلى جانب استخدام الصيد كمصدر دخل أو كتسلية، خاصة في المناطق الريفية.
من ناحية أخرى يعتبر بعض الشباب الصيد والتقاط الصور إلى جانب الحيوانات التي تم اصطيادها مع وسائل الصيد والبندقية وغيرها طريقة للتباهي على وسائل التواصل الاجتماعي دون إدراك لخطورة ما يفعلونه.
في حديثنا مع بعض الصيادين المحترفين، أشاروا إلى أن البعض ورث مهنة الصيد عن آبائهم وتعلّموها منذ الصغر، فأصبحت مصدر رزق مجزٍ، خاصة صيد الطيور النادرة ذات القيمة العالية. ويعتبرونها مهنة ممتعة وحرة، بعيدة عن قيود الأوامر والمهام أو الالتزام بساعات عمل محددة.
آثار كارثية على البيئة
وبحسب مختصيين بيئيين فإن الصيد الجائر يؤدي إلى اختلال التوازن البيئي، إذ يُفقد الطبيعة حيوانات تلعب أدوارا أساسية في السلسلة الغذائية. كما تهدد هذه الممارسات التنوع البيولوجي، وقد تدفع بعض الأنواع إلى الانقراض التام، ما يجعل البيئة أكثر هشاشة وأقل مقاومة للتغيرات المناخية أو الزراعية.
نحو حلول عاجلة
لمعالجة الظاهرة، يقترح مطلعون: تفعيل قوانين حماية الحياة البرية، وتغليظ العقوبات على الصيد غير المشروع، إلى جانب التوعية المجتمعية بخطورة الصيد الجائر وأثره، بالإضافة إلى خلق بدائل اقتصادية لمن يمتهنون الصيد كوسيلة للرزق، وشددوا على أهمية التعاون بين الناشطين البيئيين والمجالس المحلية لرصد وتوثيق التجاوزات.
باتت ظاهر الصيد الجائر في بعض المناطق السورية تهديداً مباشراً للبيئة السورية ومستقبلها. ومن مسؤولية الجميع، الأفراد والجهات الفاعلة، التصدي لهذا الخطر، وإعادة التوازن للطبيعة التي أنهكتها الحرب والعبث.
جدد عضو مجلس النواب الأميركي عن الحزب الجمهوري، جو ويلسون، دعوته إلى تطبيق الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والخاص برفع قيود وضوابط التصدير المفروضة على سوريا، مؤكداً أن هذا التوجيه "واضح تماماً" ويدعو وزارة التجارة ومكتب الصناعة والأمن في الولايات المتحدة إلى التحرك الفوري لتنفيذه.
وأوضح ويلسون في منشور على منصة "إكس" أن نهج الرئيس ترمب في الملف السوري يمثل "خطوة استراتيجية بارعة"، مشيراً إلى أن استقرار سوريا ووحدتها سيساهمان في تقليص نفوذ إيران وتنظيم "داعش"، وتعزيز التعاون مع تركيا، الحليف في الناتو، لإزالة القواعد العسكرية التي أقامها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وحذر النائب الجمهوري من أن استمرار الانقسام والفوضى في سوريا قد يعيد مشهد ليبيا أو الصومال، ويهيئ الظروف لعودة تنظيم "داعش" بصيغة جديدة، إلى جانب تمكين إيران وروسيا من توسيع نفوذهما، مؤكداً أن دعم وحدة سوريا واستقرارها يصب في مصلحة جميع الأطراف الإقليمية والدولية، وأن الفرصة الحالية "يجب عدم إهدارها".
وفي تغريدة أخرى، حث ويلسون وزارة التجارة الأميركية على الإسراع في تنفيذ أوامر الرئيس ترمب برفع ضوابط التصدير بشكل كامل، مشيراً إلى أن استمرار هذه القيود يخدم مصالح الصين، وأن التوجيهات الرئاسية لا تحتمل المزيد من التأجيل.
وسبق أن شدد رئيس اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط في لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس على ضرورة خفض التصعيد في سوريا ووقف التدخلات الخارجية، بما فيها تدخلات الاحتلال الإسرائيلي، مشيداً بجهود الإدارة الأميركية، ولا سيما الرئيس ترمب والسفير الأميركي لدى أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا، توماس باراك، في الدفع نحو تسوية سياسية تنهي الحرب وتعيد الاستقرار للبلاد.
استعرضت الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا، أمس الأربعاء، مجمل أعمالها وأنشطتها خلال المرحلة التأسيسية الأولى، إلى جانب ملامح خططها للمرحلة المقبلة، مؤكدة التزامها بمسار العدالة وجبر الضرر وتعزيز المصالحة الوطنية.
وذكرت الهيئة، في بيان نقلته وكالة "سانا"، أنها نظمت خلال الفترة الماضية سلسلة من الأنشطة شملت اجتماعاً دولياً في جنيف برعاية المركز الدولي للعدالة الانتقالية، ولقاءات لتبادل الخبرات مع ممثلي عدد من الدول، إلى جانب التواصل المباشر مع أبناء المحافظات من مختلف المكونات.
كما باشرت إجراءات تأسيس صندوق لتعويض الضحايا، واختيار كوادرها عبر مقابلات مهنية، فضلاً عن مشاركتها في صياغة مشروع قانون العدالة الانتقالية بالتعاون مع جامعة دمشق.
وأوضحت أن عملها يتركز على تحقيق أهداف إستراتيجية، أبرزها كشف الحقيقة حول انتهاكات حقوق الإنسان، وتوثيق الانتهاكات والضحايا وفق المعايير الدولية، وتحقيق العدالة وجبر الضرر، وضمان عدم تكرار الانتهاكات، والعمل على المصالحة الوطنية وحفظ الذاكرة التاريخية.
وأشارت الهيئة إلى أبرز التحديات التي تواجهها، ومنها الحاجة إلى إصدار قانون متكامل للعدالة الانتقالية، وضرورة إنشاء آليات تنسيق واضحة مع المؤسسات الحكومية، وتعزيز التعايش السلمي، وأهمية الحفاظ على الوثائق والأدلة. وشددت على أهمية الدور المحوري للضحايا وذويهم في المسار، موضحة أنها عقدت ورش عمل ولقاءات مباشرة للاستماع لشهاداتهم وفهم أولوياتهم، والعمل على بناء الثقة معهم.
وأكدت الهيئة استمرارها في تعزيز الشراكة مع المنظمات الدولية والمحلية، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة، وبناء القدرات المؤسسية، وإشراك مختلف فئات المجتمع، في إطار الانتقال نحو دولة القانون في سوريا.
وتتألف الهيئة، التي أُنشئت بموجب المرسوم الرئاسي رقم (20) لعام 2025، من ثلاث دوائر رئيسية: لجان مختصة للتقصي والعدالة وجبر الضرر والمصالحة الوطنية، ومكاتب فنية تشمل الدعم القانوني وحماية الشهود وإدارة البيانات، وأقسام إدارية داعمة.
وسبق أن قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، إن الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا ليست جهة مخولة بالتواصل مع الإنتربول الدولي لملاحقة رئيس النظام المخلوع بشار الأسد وشقيقه ماهر، مشددًا على أن مثل هذه الإجراءات تُنفذ حصراً عبر القنوات الرسمية المعترف بها دوليًا.
وأوضح عبد الغني أن الإنتربول لا يتعامل مع منظمات مدنية أو هيئات غير رسمية، سواء في سوريا أو خارجها، بل يعتمد على "المكتب المركزي الوطني" التابع لوزارة الداخلية في كل دولة عضو، والذي يعد الجهة الوحيدة القادرة على تقديم طلبات إصدار النشرات الحمراء بحق المطلوبين.
وجاءت تصريحات عبد الغني تعليقاً على تصريحات لرئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، عبد الباسط عبد اللطيف، أعلن فيها عن فتح قنوات تواصل مع الإنتربول وهيئات دولية لملاحقة بشار وماهر الأسد بتهم تتعلق بارتكاب جرائم جسيمة ضد السوريين.
في بعض مناطق سوريا، لا تقتصر الأفراح عادةً فقط على أصوات الزغاريد والموسيقى، فباتت ظاهرة إطلاق العيارات النارية تُلقي بظلالها القاتمة على المناسبات السعيدة. هذه العادة، التي أصبحت شائعة خلال سنوات الحرب مع انتشار الأسلحة، تحوّل لحظات البهجة إلى مآسٍ، حيث يُطلق الأهالي الرصاص في الهواء احتفاءً بزواج، خطوبة، نجاح طالب، أو عودة غائب. لكن هذا التعبير "الاحتفالي" يترك وراءه ضحايا وخوفاً يعمّ الجميع.
إصابات ووفيات: الثمن الباهظ للرصاص الطائش
تشير مصادر طبية إلى تكرار وصول حالات إلى أقسام الطوارئ في المشافي السورية جرّاء إصابات الرصاص الطائش. تتراوح هذه الإصابات بين جروح سطحية وخطيرة، وبعضها ينتهي بوفيات مؤلمة. ما يبدأ كاحتفال قد ينتهي بمأتم، مخلفاً جروحاً جسدية وخلافات عائلية تُعمّق الانقسامات الاجتماعية. إذ تحولت هذه العادة من تعبير عن الفرح إلى تهديد مباشر لسلامة المجتمع.
جذور الظاهرة: تقاليد وفوضى أمنية
تعود أسباب انتشار هذه الظاهرة إلى عوامل متعددة. فمن جهة، تُعتبر إطلاق العيارات النارية تقليداً قديماً في بعض المناطق، يُستخدم للتعبير عن الفرح. ومن جهة أخرى، يُسهم غياب الوعي بمخاطرها، إلى جانب انتشار الأسلحة بعد سنوات النزاع، في تفاقم المشكلة. يرى مراقبون أن البعض يلجأ إلى إطلاق الرصاص لاستعراض القوة أو إثبات النفوذ، في محاولة لجذب الأنظار أو إثارة الرهبة بين الآخرين.
آثار نفسية واجتماعية مدمرة
لا تقتصر تداعيات هذه الظاهرة على الإصابات الجسدية، بل تمتد إلى إحداث اضطرابات نفسية عميقة. يعيش الكثيرون، خاصة الأطفال، في خوف وقلق من حضور المناسبات العامة، خشية التعرض للرصاص الطائش. هذا الواقع يهدد شعور السكان بالأمان في بيئتهم، ويزرع عدم الثقة في المجتمع المحلي.
حلول مقترحة: التوعية والتغيير الثقافي
يؤكد ناشطون ومطلعون على ضرورة مواجهة هذه الظاهرة عبر حملات توعية مكثفة تُبرز مخاطرها الجسدية والنفسية. يُطالبون بكسر الصورة النمطية التي تربط إطلاق النار بالاحتفال أو الرجولة، وتعزيز ثقافة احترام الحياة. تلعب وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في هذا السياق، من خلال عرض قصص المتضررين، واستضافة خبراء يقدمون حلولاً عملية.
خطوة نحو مجتمع آمن
في الختام، تظل ظاهرة إطلاق العيارات النارية في سوريا تحدياً خطيراً يهدد سلامة المدنيين ويعكس اختلالات اجتماعية وأمنية عميقة. ما يُنظر إليه كوسيلة تعبير قد يُكلف أرواحاً ويُدمر أفراحاً. الحد من هذه الظاهرة يتطلب جهوداً مشتركة بين الأفراد والمجتمع والجهات القانونية، من خلال تعزيز التوعية، وتطبيق قوانين صارمة لضبط انتشار الأسلحة، وبناء ثقافة تحتفي بالحياة بدلاً من العنف. فقط عبر هذا التكامل يمكن تحويل المناسبات السعيدة إلى لحظات فرح حقيقية، خالية من الخوف والخطر.
أكد محافظ السويداء الدكتور مصطفى البكور، أن المحافظة تواصل العمل والتنسيق مع الجهات المعنية لإعادة تأهيل قرى ريف السويداء الغربي وصولاً إلى الحدود الإدارية مع درعا، والبالغ عددها 34 قرية، بهدف تأمين خدمات المياه والاتصالات والكهرباء والمشافي والمدارس، تمهيداً لعودة الأهالي.
ولفت المحافظ إلى جهود موازية لإعادة الحياة إلى أكثر من 17 قرية وبلدة في ريف السويداء الشرقي، تعاني من انعدام الخدمات الأساسية نتيجة المعارك السابقة وأعمال التخريب وسرقة الممتلكات من قبل مليشيات النظام البائد، بما يتيح عودة نحو 50 ألف نسمة.
وكان أوضح أن الخطة تقوم على رفع كتب رسمية من المؤسسات لتحديد احتياجاتها، وتأمينها بالتنسيق مع الوزارات المختصة، بالتوازي مع إيصال قوافل إغاثية – بلغ عددها سبعاً – محملة بآلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية والطبية، لتوزيعها على المهجرين والمتضررين في السويداء والمناطق الحدودية بدرعا.
وكانت شهدت العاصمة الأردنية عمّان في 12 آب/أغسطس 2025 اجتماعاً مشتركاً ضم المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية العربية السورية والولايات المتحدة الأمريكية، بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظرائه الأردني والأمريكي، وممثلين عن تركيا ومؤسسات أممية.
وهدف الاجتماع إلى دعم إعادة البناء في سوريا، وتثبيت وقف إطلاق النار في السويداء، وحماية المحافظة بكل مكوناتها ضمن مسار بناء سوريا الجديدة، مع ضمان تمثيل أبنائها في مستقبل البلاد.
واتفق المجتمعون على خطوات عملية شملت التحقيق في الجرائم والانتهاكات بالتعاون مع الأمم المتحدة، وتسهيل وصول المساعدات، وإعادة تفعيل المؤسسات الخدمية، وبدء عمليات إعادة التأهيل، ودعم عودة النازحين، وإطلاق مسار للمصالحات وتعزيز السلم الأهلي.
ورحبت الأردن والولايات المتحدة بالتزامات الحكومة السورية، وأكدتا استعدادهما لدعم هذه الجهود، في إطار مسار إقليمي ودولي لإنهاء الأزمة في السويداء ودمجها في الحياة السياسية والاقتصادية لسوريا ما بعد الحرب.
في مجتمعاتنا، كما في كثير من البيئات حول العالم، لا تقتصر المعارك على ساحة الفكرة والرأي، بل غالباً ما تتحول إلى ساحة شخصية إذا عجز الخصم عن الرد بالحجة أو كُشف ضعف منطقه. وعوضاً عن نقاش الأفكار أو تقديم رد عقلاني، يذهب البعض إلى أساليب غير جيدة لا تمت للباقة بصلة، مثل: السخرية من المظهر الخارجي، عيب خلقي بالطرف الٱخر، من اللهجة، أو الطعن في السلوك، التهكم على الأصول، وتلفيق التهم الأخلاقية.
وهذا النوع من الهجوم لا يقوم به البعض فقط عادة عند الاختلاف بالرأي، وإنما عند محاربة الشخص الناجح والمتميز الذي قدم شيء تسبب بإشعال نيران الغيرة والحسد لديهم، ولعدم قدرتهم على مواكبته وتقديم ذات الجهود. فبدلاً من تقدير إنجازاته والثناء عليها يلجؤون إلى الانتقاص منه وجرح مشاعره والإساءة مما ينعكس على حالته النفسية.
والأساليب المتبعة في هذه النوع من الهجوم اللاأخلاقي عدة، منها: السخرية من الشكل الخارجي أو اللباس أو الصوت، والتنمر العلني والضمني عبر التعليقات والمنشورات، بالإضافة إلى اتهامات لا تستند إلى دليل تمس الأخلاق أو القيم الشخصية، إلى جانب استخدام الصور القديمة أو اقتطاع الكلام لتشويه المعنى.
أما بالنسبة لـ الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة متعددة، منها: الشعور بالعجز والغيرة من النجاح، الجهل بثقافة الحوار والنقد، إلى جانب الرغبة في لفت الانتباه على حساب الآخرين، وغياب المحاسبة الأخلاقية والقانونية، خصوصاً في منصات التواصل.
ويؤكد أخصائيون أن الخطورة في النتائج التي تتركها هذه الممارسات: التأثير النفسي العميق على الأفراد المستهدفين، لا سيما الشباب والنساء، وتحجيم الصوت الحر وتشجيع ثقافة الخوف والصمت، إلى جانب خلق بيئة سامة تعيق النمو الفكري والاجتماعي، عدا عن تراجع ثقة المجتمع بالكلمة والرأي العام، ما يعزز الاستقطاب والعدائية.
ويقترحون مجموعة من الحلول للتعامل مع هذه الممارسات، مثل: نشر الوعي حول أخلاقيات التعبير والاختلاف، تربية الجيل على تقبّل الرأي الآخر دون شخصنة، تعزيز دور منصات الإعلام المستقلة في فضح حملات التشويه. إلى جانب تفعيل قوانين تجرّم التشهير والاعتداء اللفظي.
في النهاية، يجب أن ندرك أن المجتمعات تنهض حين يعلو فيها صوت المنطق والعقل، وتسقط حين تفتح الباب لثقافة التجريح والتشويه. الرد بالحجة قيمة، والتطاول ضعف، والاختلاف لا يبرر الإهانة.