كشف بيان صادر عن وزارتي التعليم العالي والصحة بشأن المفاضلة الموحدة عن اتخاذ إجراءات لتلبية احتياجات المرحلة القادمة، بتوجيه من الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، وحرصًا على استيعاب أكبر عدد من الأطباء السوريين وتمكينهم من المساهمة في بناء سوريا الحديثة.
وذكر البيان الذي حمل توقيع وزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير الصحة في الحكومة السورية أنه بعد مراجعة نتائج المفاضلة الموحدة للأطباء في وزارتي التعليم العالي والصحة، تم زيادة عدد المقاعد المخصصة للأطباء في كل من وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة.
إضافة إلى تمديد فترة التسجيل أسبوعًا إضافيًا لإتمام الإجراءات وتعديل الرغبات، ما سيسمح بفرص أفضل لعدد أكبر من الأطباء كما تم تجاوز عدد فرص الاختصاصات الطبية سبعة آلاف فرصة بعد التعديل.
تأتي هذه الخطوات في إطار استجابة لاحتياجات إعادة الإعمار والبناء، وتقديرًا للأطباء المقبولين في "دفعة التحرير"، وهي أول مفاضلة بعد تحرير سوريا، وشدد على التأكيد بأن الاستثمار في الكوادر الطبية هو حجر الزاوية في مستقبل صحي آمن، وأن هذه الدفعة ستكون رمزًا للكفاءة والعطاء والانتماء.
وأعلنت وزارة الصحة في الحكومة السورية، يوم الأربعاء 23 نيسان/ أبريل عن انطلاق امتحانات البورد السوري التي تنظّمها الهيئة السورية للاختصاصات الطبية، بمشاركة نحو 800 طبيب وطبيبة من مختلف المحافظات، يتوزعون على أكثر من 60 اختصاصاً طبياً.
يتضمن الامتحان مرحلتين أساسيتين: الأولى نظرية، تُعقد على مستوى وطني موحد، وتُعد شرطاً أساسياً للتأهل إلى المرحلة الثانية، التي تُجرى عملياً بإشراف لجان طبية متخصصة.
وتكتسب اختبارات البورد السوري أهمية مضاعفة في ظل السعي إلى تعزيز كفاءة الكوادر الصحية الوطنية، خصوصاً مع تزايد التحديات التي يواجهها القطاع الطبي في البلاد من نقص التجهيزات والكوادر، إضافة إلى الحاجة لتجديد الثقة بالمؤسسات التعليمية الوطنية.
الشق العملي من الامتحان يُعتبر التحدي الأكبر، حيث يخضع المتقدم لتقييم مباشر في التعامل مع الحالات المرضية أو المحاكاة السريرية، ما يعكس مستوى الجاهزية السريرية للطبيب قبل منحه شهادة الاختصاص.
ويرى مراقبون أن مواصلة تطوير آليات التقييم وتحديث مناهج البورد تمثل خطوة أساسية لضمان تخرج أطباء يمتلكون المعايير الدولية المطلوبة، لا سيما في ظل هجرة عدد من الكفاءات وبحث بعضهم عن فرص تخصص في الخارج.
وكان التقى الرئيس السوري، "أحمد الشرع"، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، "مروان الحلبي"، وعدداً من مسؤولي الوزارة، في اجتماع خصص لمناقشة الخطط الاستراتيجية للوزارة واستعراض التحديات التي يواجهها قطاع التعليم العالي في البلاد.
وتم خلال الاجتماع التطرق إلى سبل النهوض بالجامعات السورية وتطوير البحث العلمي بما يتناسب مع المرحلة الجديدة التي تمر بها سوريا. كما تم بحث آليات تطوير المناهج الجامعية وتعزيز التعاون بين الجامعات والمؤسسات البحثية الدولية لتوسيع آفاق التعليم العالي.
هذا وركز الاجتماع على تحديث البنية التعليمية وتزويد الجامعات بالكوادر المؤهلة لتلبية احتياجات سوق العمل وتعزيز الابتكار في مختلف التخصصات العلمية، بما يسهم في إرساء أسس متينة للنهوض بالقطاع الأكاديمي في سوريا.
ناقش وزير التنمية الإدارية في الحكومة السورية، "محمد السكاف"، مع محافظ حلب، المهندس "عزام الغريب"، في اجتماع عقد في مبنى المحافظة، مجموعة من المبادرات الرامية إلى تحسين كفاءة الأداء الحكومي في المنطقة.
جاء الاجتماع في إطار تعزيز التعاون بين الوزارة والمحافظة بهدف تسريع تحديث الأنظمة الإدارية وتبسيط الإجراءات الحكومية بما يتماشى مع الخطط التنموية المستدامة.
وأكد الوزير "السكاف" خلال الاجتماع أن الوزارة ملتزمة بتقديم الدعم اللازم للمحافظة عبر برامج تدريبية متخصصة ومشاريع تطويرية تهدف إلى رفع قدرة الكوادر المحلية في مختلف المجالات، وأوضح أن هذه الجهود تستهدف تحقيق تطوير إداري مستدام ومواكب.
من جانبه، شدد المحافظ الغريب على أهمية تطوير الإدارة المحلية كجزء أساسي في رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأكد أن محافظة حلب تولي أهمية كبيرة لتحقيق التنمية الشاملة في المنطقة، بما في ذلك تحسين البنية التحتية وتقديم خدمات أكثر فعالية للمواطنين.
شهدت مدينة حلب في الآونة الأخيرة عددًا من الزيارات الرسمية رفيعة المستوى، التي أكدت على أهمية دعم المدينة في مختلف المجالات الاقتصادية، خاصة في مجال الاستثمارات والصناعة، في إطار الجهود الحكومية لتعزيز التنمية الاقتصادية وإعادة بناء ما دمره نظام الأسد البائد.
ومن أبرز الزيارات التي لاقت اهتمامًا كبيرًا، زيارة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، ووزير الصناعة، حيث ركزوا على تفعيل التعاون مع القطاع الخاص لدعم الصناعات المحلية وتشجيع الاستثمارات في حلب.
وقد تطرقت الاجتماعات إلى أهمية تحسين بيئة الأعمال في المدينة، وتسهيل الإجراءات الحكومية لضمان استقطاب الاستثمارات الداخلية والخارجية.
ويذكر أن خلال هذه الزيارات، قدمت الحكومة السورية العديد من الوعود لتحفيز الصناعات المحلية في حلب، بما في ذلك دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير الحوافز اللازمة للشركات المملوكة للقطاع الخاص.
وتضمنت الوعود تحسين البنية التحتية وتقديم التسهيلات الجمركية والضريبية للشركات الراغبة في إقامة مصانع ومشاريع صناعية في المدينة.
هذا و أكد المسؤولون على ضرورة توفير بيئة استثمارية محفزة في حلب، وتعزيز دعم الصناعة المحلية، خاصة بعد تضرر العديد من المصانع جراء حرب النظام البائد ضد الشعب السوري.
كما أكدوا على أهمية تقديم تسهيلات في عملية الحصول على التراخيص وتقديم قروض ميسرة للمشروعات الصناعية، بالإضافة إلى تطوير المناطق الصناعية الخاصة وتوفير الخدمات اللازمة لها.
شاركت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، هند قبوات، في مراسم تشييع البابا فرنسيس، الذي توفي في 21 أبريل الجاري عن عمر ناهز 88 عاماً، وجمع التشييع شخصيات من مختلف أنحاء العالم، حيث التقت خلال المناسبة وزير خارجية سنغافورة، ورئيس وزراء بنغلاديش، في لقاءات عكست حرص سوريا الجديدة على الحضور الدولي الفاعل في مثل هذه المناسبات.
"الشرع" معزياً بوفاة البابا فرنسيس: فقدنا صوتاً عالمياً وقف إلى جانب السوريين في أوقاتهم الصعبة
وكان تقدّم رئيس الجمهورية، السيد أحمد الشرع، بخالص التعازي للطائفة الكاثوليكية الرومانية في سوريا والعالم، برحيل البابا فرنسيس، معرباً عن حزنه العميق لهذا الفقد الكبير.
وأكد الرئيس الشرع في تعزيته أن البابا فرنسيس "كان على الدوام يقف إلى جانب الشعب السوري في أصعب الظروف وأحلك الأوقات، ولم يتوانَ يوماً عن رفع صوته ضد العنف والظلم اللذين تعرّض لهما السوريون طوال السنوات الماضية".
وأشار الرئيس إلى أن الدعوات الإنسانية التي أطلقها البابا الراحل "تجاوزت كل الحدود السياسية والجغرافية"، مؤكداً أن إرثه من الشجاعة الأخلاقية وروح التضامن سيظل حيّاً في قلوب العديد من السوريين الذين لمسوا تعاطفه ودعمه لقضاياهم الإنسانية العادلة.
وفاة البابا فرنسيس... نهاية عهد روحي اتّسم بالدعوة للسلام والدعم الإنساني لسوريا
أعلن الفاتيكان، صباح يوم الاثنين 21 نيسان، في بيان مصوّر، وفاة البابا فرنسيس، الزعيم الروحي للكنيسة الكاثوليكية، عن عمر ناهز 88 عاماً، لينهي بذلك حبراً بابوياً استمر 12 عاماً، تخللته أزمات صحية متعددة، ومواقف أثارت جدلاً واسعاً، خصوصاً في ملفات السلم العالمي والعدالة الاجتماعية.
ويعد البابا فرنسيس، أول بابا من أميركا اللاتينية، وقد عُرف طيلة فترة بابويته بنبرته الإنسانية المشرّعة على قضايا العالم، لا سيما تلك المرتبطة بالحروب واللاجئين والفقراء، معتبراً أن الكنيسة يجب أن تكون إلى جانب الشعوب المنكوبة، وليست معزولة عن آلامها.
مواقف ثابتة تجاه سوريا... ودعوات متكررة لإنهاء معاناة شعبها
ترك البابا فرنسيس بصمة لافتة في مواقفه المتكررة تجاه سوريا، حيث دعا مراراً إلى إيقاف القتال، ورفع العقوبات، وإعادة الأمل لشعب دمّرته الحرب. ففي 9 فبراير 2024، وجه دعوة صريحة للمجتمع الدولي للعمل على إيجاد "حلول جديدة في سوريا"، مناشداً الأطراف المعنية بضرورة الانخراط في "حوار بنّاء وجاد" يفضي إلى إنهاء معاناة المدنيين، وخاصة المتأثرين بالعقوبات الاقتصادية.
وأكد في حينه أن الشعب السوري يعيش حالة من "عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي"، تفاقمت بعد الزلزال المدمر، وعبّر عن تضامنه مع ملايين اللاجئين السوريين المنتشرين في دول الجوار كلبنان والأردن.
صلوات من أجل "سوريا المعذبة"
في مناسبات متعددة، حث البابا فرنسيس العالم على عدم نسيان "الآلام السورية"، مشيراً إلى أن الصراع في هذا البلد لا يزال من أكثر الكوارث الإنسانية تعقيداً في العصر الحديث. وفي مارس 2021، ومع حلول الذكرى العاشرة لانطلاقة الحراك الثوري السوري، أطلق البابا نداءً عاطفياً قال فيه: "أجدد ندائي لأطراف النزاع... لعلّ بصيص أمل يفتح للسكان المنهكين".
وفي خطابه أمام المؤمنين في ساحة القديس بطرس، وصف المأساة السورية بأنها "عنف لا يُطاق"، وذكّر بالملايين من الضحايا، والمفقودين، واللاجئين، معتبراً أن سوريا تعيش في "معاناة هائلة ولا سيما للفئات الأضعف: النساء، الأطفال، والمسنين".
"قرقعة السلاح" في سوريا... موقف لا يُنسى
في رسالة عيد الفصح لعام 2021، هاجم البابا سباقات التسلح واستمرار النزاعات، منتقداً بشدة صمت العالم تجاه ما يحدث في سوريا واليمن وليبيا. وقال بوضوح: "عسى أن يضع المسيح، سلامنا، حداً لقرقعة السلاح في سوريا الحبيبة التي دمرتها الحرب، حيث يعيش الملايين في ظروف غير إنسانية".
كما دعا إلى تقاسم اللقاحات مع الدول الفقيرة، ووقف استخدام المجاعات والعقوبات كأدوات ضغط على الشعوب، في سياق صريح يدعو لتغليب القيم الإنسانية على السياسات المتوحشة.
في 9 من حزيران 2019، أرسل البابا فرنسيس رسالة إلى رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، عبر الكردينال بيتر توركسون، حثّه فيها على إنهاء القتال، وضمان عودة النازحين، ومعاملة المعتقلين السياسيين بإنسانية، والدفع نحو مفاوضات سياسية جادة.
وفي أول موقف علني له بعد سقوط نظام بشار الأسد، دعا البابا فرنسيس مقاتلي عملية "ردع العدوان"، الذين أطاحوا بالنظام، إلى تحقيق الاستقرار في سوريا والحكم بطريقة تعزّز الوحدة الوطنية. في عظته الأسبوعية بساحة القديس بطرس، في 11 من كانون الأول 2024.
إرث بابوي ورسالة باقية
رحل البابا فرنسيس، تاركاً خلفه إرثاً من الرسائل الروحية والإنسانية، لطالما جسد فيها موقف الكنيسة إلى جانب الفقراء والمقهورين، وخصوصاً الشعب السوري، الذي نال حصة كبيرة من اهتمامه وصلواته ومبادراته الأخلاقية والدبلوماسية، وبرحيله، تطوى صفحة حبر أعاد تشكيل صورة الفاتيكان بوجه أكثر اقتراباً من معاناة الشعوب، وأكثر دعوة للسلام العادل، في عالم أنهكته الحروب والانقسامات.
في حدث فني وثقافي مميز، شهد فرع مكافحة المخدرات في مدينة جرمانا بريف دمشق الشرقي، يوم الجمعة الماضي، انطلاق فعاليات مشروع "دولة فارماكون"، برعاية وزارة الثقافة السورية ودعم عدد من المنظمات والمؤسسات المحلية، بمشاركة فنانين ومثقفين وخبراء، بهدف تسليط الضوء على العلاقة المركبة بين تجارة المخدرات والحرب في سوريا.
مشروع يفتح ملفات مسكوتاً عنها
أوضح الفنان خالد بركة، صاحب فكرة المشروع وأحد منظميه، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، أن "دولة فارماكون" يسعى لتفكيك العلاقة بين الحروب وتجارة المخدرات من جوانب اجتماعية وبصرية، وكشف كيف استُخدم الإدمان أداة للقمع من قبل النظام السوري السابق. وأضاف بركة أن المشروع يتناول أيضاً قضايا حقوقية تتعلق بضرورة تحديث قانون المخدرات، ليصبح أكثر ملاءمة للواقع السوري الحالي، الذي يعاني من تفشي ظاهرة الإدمان.
وأكد بركة أن سوريا، تحت حكم النظام السابق، تحولت إلى واحدة من أكبر إمبراطوريات المخدرات عالمياً، حيث جرى استخدام "الكبتاغون" كعملة حرب لتمويل الميليشيات، وفي الوقت ذاته جرى تجريم المدمنين في الداخل وتعذيبهم، رغم أن الدولة ذاتها كانت تروج المواد المخدرة عبر الحدود.
المعارض الفنية.. توثيق الألم وفتح نوافذ الأمل
افتتح المشروع بمعرض فني ضم عشرات اللوحات والمنحوتات، أعدّها فنانو تجمع "تراكم"، وتناولت موضوعات الإدمان وتجارب السجناء في فرع مكافحة المخدرات. أوضحت الفنانة رؤى بريك الهنيدي أن عنوان المعرض "فارماكون"، المستوحى من الكلمة اليونانية التي تحمل معنيين متناقضين (الدواء والسم)، يعبر عن هدف الفعالية: تجاوز مرحلة التدمير نحو العلاج والتعافي.
وأشارت الهنيدي إلى أهمية تغيير النظرة المجتمعية تجاه المدمنين، معتبرة أنهم ضحايا بحاجة إلى العلاج والرعاية، لا إلى العقاب.
وفي السياق ذاته، عرض الفنان سليمان عبيد منحوتات مصنوعة من مادة "الأبوكسي"، جسدت حالات الألم والانهيار النفسي التي عاشها السجناء المدمنون. وقال عبيد: "العرض هنا هو تأكيد على قدرة الفن على المساهمة في التعافي الجماعي من إرث القمع".
أما الفنانة دنيا أيوب، فقدمت لوحة بعنوان "الفراشة"، عبرت فيها عن الإغراء الزائف الذي تمثله المخدرات لشباب المجتمع، داعية لتحويل مفهوم مكافحة المخدرات إلى مفهوم علاجي يعيد دمج المدمنين في المجتمع كأفراد فاعلين.
الفن في مواجهة قمع المخدرات السياسي
شدّد الفنان بسام الحجلي على أن المخدرات في عهد النظام السابق لم تكن فقط أداة للدمار الاجتماعي، بل أيضاً وسيلة لتدمير الإنسان الحر وتغييبه عن قضاياه الوطنية. واعتبر الحجلي أن المعرض يسلط الضوء على ضرورة استعادة قيم المجتمع عبر مواجهة آفة المخدرات التي تفشت خلال سنوات الحرب.
حضور رسمي ومجتمعي
شهد المعرض اهتماماً رسمياً تمثل بزيارة وفد من محافظة ريف دمشق برئاسة الدكتور محمد علي عامر، إلى جانب عدد من مشايخ الطائفة الدرزية ووجهاء مدينة جرمانا. ورأى عامر أن المشروع يمثل خطوة متقدمة لاقتراح حلول مجتمعية متكاملة لظاهرة الإدمان، التي فاقمها النظام السابق.
وأكد على أهمية دعم المبادرات المحلية التي تدمج الفن بالمجتمع وتسعى لتغيير النظرة تجاه المدمنين، واعتبارهم أفراداً بحاجة إلى العلاج وإعادة التأهيل.
مشروع ممتد وطموح
بدوره، أوضح خالد بركة أن مشروع "دولة فارماكون" يمتد على مدى 15 يوماً، ويتضمن فعاليات متعددة تهدف إلى تحويل الفن إلى أداة مجتمعية وسياسية تمنح الفنانين صوتاً مؤثراً. كما شدد على أن المشروع يمثل رداً مدنياً وأخلاقياً على إرث المخدرات الذي زرعه النظام المخلوع.
يُذكر أن "دولة فارماكون" يعد أول مشروع فني ومجتمعي بهذا الحجم ينطلق في سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، ويأتي استجابةً لحاجة ملحة لمعالجة ظاهرة الإدمان التي تفاقمت تحت حكم النظام، الذي حوّل سوريا إلى ما وصفته تقارير دولية بأنها "إمبراطورية مخدرات" تهدد السلم الاجتماعي والإقليمي.
شهدت أسواق حمص ارتفاعًا جديدًا في أسعار بعض الخضار والفواكه، بعد فترة من الاستقرار النسبي في الأسعار. هذا الارتفاع أربك العديد من المواطنين، الذين أصبحوا يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأساسية، مثل ثمن ربطة الخبز.
ومن بين الخضروات التي شهدت زيادة ملحوظة، كانت البندورة التي تراوحت أسعارها بين 8 – 9 آلاف ليرة سورية، مقارنة بـ 3 – 4 آلاف ليرة في الفترة الماضية.
زيادة الأسعار في الأسواق
سجلت أسعار الخضار الأخرى أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا؛ حيث وصل سعر الخيار البلدي إلى ما بين 11 – 15 ألف ليرة، والخيار "بذرة بلدية" بين 8 – 9 آلاف، بينما وصل سعر كيلو الفليفلة إلى 18 ألف ليرة، وسعر كيلو الباذنجان إلى 8 آلاف ليرة، أما الفاصوليا، فقد قفز سعر الكيلو إلى 20 ألف ليرة.
ارتفاع تكاليف الإنتاج
أوضح أحد المزارعين أن السبب وراء هذا الارتفاع يعود إلى انتهاء موسم محصول البندورة المحمية لدى العديد من المزارعين، مشيرًا إلى أن عمليات زراعة البيوت المحمية الجديدة لم تبدأ بعد.
وأضاف أن هذا الأمر أدى إلى نقص في العرض وبالتالي ارتفاع أسعار البندورة العادية في الأسواق. كما أشار إلى أن أسعار البندورة المخصصة للتصدير تكون عادةً أعلى بسبب تكاليف الإنتاج المرتفعة المرتبطة بشروط التصدير.
وأشار مزارع آخر إلى أن أسعار البذار والأسمدة والمبيدات الحشرية، بالإضافة إلى تكاليف النقل، تشكل عبئًا كبيرًا على المزارعين وطالب بضرورة منع استيراد الخضار من الخارج خلال فترة الإنتاج المحلي لتفادي تكبد خسائر إضافية.
التحديات اللوجستية
أحد تجار سوق الهال أوضح أن الارتفاع في الأسعار يعود أيضًا إلى قلة الإنتاج في بعض الأنواع بسبب الظروف المناخية السيئة هذا العام، والتي تسببت في تراجع الإنتاج في البيوت البلاستيكية. كما أشار إلى أن تكاليف النقل المرتفعة والصعوبة في توفير وسائل النقل كانت لها تأثيرات واضحة على زيادة الأسعار.
وأضاف أن الاستيراد غير المنظم للخضار من دول الجوار أدى إلى تشبع الأسواق بكميات كبيرة، ما ساهم في تفاوت الأسعار بين المحال التجارية المختلفة.
الخطوات المستقبلية:
من جانبها، أكدت مديرية الزراعة في حمص أن المساحة المزروعة بالبندورة في المحافظة لا تتجاوز 140 هكتارًا في مرحلة الشتول، مشيرة إلى أن الخضار المتوافرة في الأسواق هي إما محلية من الزراعة المحمية أو مستوردة من الأردن.
رغم الوفرة... ارتفاع الأسعار يظل مشكلة مؤرقة للمواطنين
على الرغم من توفر العديد من السلع الغذائية في الأسواق، إلا أن الكثير من المواطنين يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم اليومية، نتيجة للقدرة الشرائية الضعيفة. العديد من المواطنين يشكون من الفرق الكبير في أسعار المواد الغذائية بين المحال المختلفة داخل نفس السوق، مما يزيد من العبء على عائلاتهم.
هذا وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، يبقى المواطن في حمص يعاني من ارتفاع الأسعار في وقت يعجز فيه عن تأمين احتياجات أسرته الأساسية، متمنين أن تكون الأسعار أكثر تناسبًا مع القدرة الشرائية وتوفير رقابة فعالة على الأسواق.
في أول ظهور علني له بعد تعيينه، شارك الدكتور ماهر الشرع، شقيق الرئيس السوري أحمد الشرع، في استقبال رسمي لرئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي، حميد الشطري، في قصر الشعب بدمشق يوم الجمعة 25 نيسان/أبريل 2025. هذه الإطلالة الأولى لماهر الشرع أثارت موجة نقاش واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية في سوريا الجديدة.
ورغم امتناع الإعلام الرسمي السوري عن نشر صور شاملة للاستقبال، إلا أن وسائل الإعلام العراقية المرافقة للوفد كشفت صور اللقاء، حيث ظهر ماهر الشرع واقفًا خلف شقيقه الرئيس خلال مراسم الاستقبال الرسمية، مؤكداً على موقعه الجديد في هرم الدولة.
تعيين أثار جدلاً في الشارع السوري
أثار قرار تعيين ماهر الشرع أمينًا عامًا لرئاسة الجمهورية خلفًا لعبد الرحمن سلامة، الذي كُلّف بمسؤوليات جديدة في محافظة حلب، ردود فعل متباينة. فبينما اعتبر البعض أن الخطوة تحمل مؤشرات مقلقة على احتمالات عودة عقلية "المحاصصة العائلية"، رأى آخرون أنها تستند إلى معايير الثقة الضرورية في مرحلة دقيقة تمر بها سوريا.
وكان ماهر الشرع قد تولى سابقاً منصب وزير الصحة بالوكالة في الحكومة الانتقالية، إضافة إلى عمله مستشارًا صحياً في مستشفيات الشمال السوري، وهو يحمل دكتوراه في العلوم الطبية ودبلومًا في إدارة النظم الصحية.
الأمانة العامة للرئاسة.. موقع حساس ومهام استراتيجية
بحسب مصادر مطلعة، تشكل الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية مركزًا إداريًا بالغ الأهمية، من أبرز مهامه (تنظيم جدول أعمال الرئيس والزيارات والمراسلات - صياغة مشاريع المراسيم والقرارات ومتابعة تنفيذها - التنسيق بين الرئاسة ومؤسسات الدولة المختلفة، بما في ذلك الحكومة والبرلمان والأجهزة الأمنية - إعداد تقارير استراتيجية تغطي الوضعين السياسي والاقتصادي - الإشراف على البروتوكولات والفعاليات الرسمية).
هذه الصلاحيات تعكس حجم الدور الحساس للأمانة العامة، ما يفسر الجدل الذي أثير حول تعيين قريب للرئيس في هذا الموقع المفصلي.
من فورونيج إلى قصر الشعب.. مسيرة ماهر الشرع
كشفت وسائل إعلام روسية جوانب من السيرة الذاتية لماهر الشرع، المولود عام 1973، الذي قضى سنوات طويلة في مدينة فورونيج الروسية، حيث نال شهاداته الجامعية والعليا في الطب، وتخصص في أمراض النساء والتوليد. عمل بين سوريا وروسيا في المجال الطبي، ونال تقييمات إيجابية من مرضاه خلال فترة عمله هناك.
ماهر الشرع متزوج من سيدة روسية تحمل الجنسية السورية وله ثلاثة أبناء، وانتقل إلى تركيا عام 2022 قبل أن يعود إلى الانخراط بالحياة العامة السورية بعد سقوط النظام السابق.
جدل بين التخوفات والتبريرات
التعيين أعاد إلى الواجهة تساؤلات حول مدى التزام سوريا الجديدة بمبدأ الفصل بين الروابط العائلية وإدارة الدولة. فقد حذر ناشطون سياسيون من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تقويض ثقة الشارع بالمؤسسات الناشئة. كما عبّر حقوقيون عن قلقهم من تكريس نفوذ العائلة، في تناقض مع مبادئ الثورة السورية التي قامت على رفض التوريث والمحسوبية.
في المقابل، اعتبر آخرون أن المرحلة الانتقالية تتطلب أشخاصاً يحظون بثقة مطلقة من القيادة، مؤكدين أن المنصب لا يمنح صاحبه بالضرورة سلطة مطلقة، بل يشكل قناة لتسهيل عمل الدولة في ظرف استثنائي.
لحظة اختبار للثقة العامة
في خضم هذا السجال، تبدو سوريا الجديدة أمام اختبار حقيقي: هل ستنجح في بناء مؤسسات شفافة تضع الكفاءة فوق الاعتبارات الشخصية؟ أم أن حسابات الولاء والثقة ستظل تحكم القرارات المصيرية؟
وفي كل الأحوال، يبقى الشارع السوري يراقب ويترقب، واضعاً نصب عينيه أن المرحلة القادمة يجب أن تبرهن أن سوريا ما بعد الأسد مختلفة جذرياً عن ما سبقها، ليس بالشعارات فقط، بل بالممارسات أيضاً.
أعلن نادي الكرامة السوري، في بيان رسمي، عن تعيين المدرب محمد قويض (69 عامًا) مديرًا فنيًا للفريق الأول، خلفًا للمدرب السابق فجر إبراهيم الذي تم فسخ عقده بالتراضي، ويأتي هذا التعيين بعد ساعات من إنهاء تكليف جميع العاملين في الوظائف الإدارية والخدمية والمالية وحل الأجهزة الفنية لجميع الألعاب الرياضية بالنادي.
وفي بيانه على منصة "إكس"، أوضح النادي أن محمد قويض سيعود إلى الفريق الذي شهد انطلاقته الكبرى في عالم التدريب، خصوصًا وأن الفريق يتصدر حاليًا جدول ترتيب الدوري السوري للموسم 2024-2025 مع نهاية الجولة الخامسة، وذلك قبل استئناف منافسات الدوري.
بدأ محمد قويض مشواره التدريبي في عام 1990 مع فريق شباب الكرامة تحت 20 عامًا، حيث حقق معه لقب الدوري السوري في موسم 1992-1993. ثم انتقل للعمل كمساعد للمدرب أنور عبد القادر في الفريق الأول، قبل أن يصبح مدربًا رسميًا في موسم 1997-1998، حيث قاد الكرامة إلى المركز الثاني في الدوري السوري.
بعد ذلك، خاض قويض تجارب تدريبية خارج سوريا، حيث انتقل إلى تدريب فريق العهد اللبناني في موسم 2002-2003، وحقق معه وصافة الدوري اللبناني، بالإضافة إلى فوز الفريق بثلاثة ألقاب مهمة في موسم 2002-2004، وهي كأس لبنان وكأس الاتحاد وكأس النخبة، ليُختار أفضل مدرب في لبنان في عامي 2003 و2004.
وفي عام 2005، عاد قويض إلى نادي الكرامة ليقوده إلى تحقيق لقب الدوري السوري للمرة الخامسة في تاريخ النادي، بالإضافة إلى الوصول إلى نهائي دوري أبطال آسيا، حيث حل وصيفًا للبطل الكوري الجنوبي تشونبوك، ليحصل على جائزة ثاني أفضل مدرب في القارة الآسيوية.
وحدد اتحاد كرة القدم في سوريا، موعد استئناف الدوري الممتاز لكرة القدم في 21 من شهر آيار/ مايو، وفقاً لآلية محددة، وذلك خلال الاجتماع الذي عقده اليوم مع مندوبي الأندية في المحافظات بمقره بدمشق.
وتتضمن الآلية الجديدة لاستئناف الدوري استكمال مرحلة الذهاب التي لعب منها 5 جولات فقط، مع تبقي بعض المباريات المؤجلة.
وفي ختام مرحلة الذهاب، يلعب أصحاب المراكز الأربعة الأوائل في الدور النهائي ضمن دوري الأقوياء، ويتم منحهم نقاطاً تمييزية قبل خوض المرحلة النهائية
وأعلن الاتحاد العربي السوري لكرة القدم، وبالتعاون مع الكادر الفني الوطني المكلّف باستكشاف ومتابعة وتدريب اللاعبين السوريين المغتربين، عن اطلاق منصة لاستكشاف اللاعبين المغتربين الراغبين في تمثيل المنتخبات الوطنية.
وطلب الاتحاد في صفحته عبر الفيسبوك من اللاعبين الراغبين بتمثيل منتخب سورية التسجيل عبر الرابط المعلن كما طالب الاتحاد اللاعبين المغتربين بإرسال مقاطع فيديو لهم، مع ذكر عنوان البريد الإلكتروني واسم اللاعب باللغة الإنجليزية.
وكان أحدث رئيس الجمهورية الجديدة السيد أحمد الشرع، وزارة جديدة تحت اسم وزارة الرياضة والشباب، لتحل مكان منظمة الاتحاد الرياضي العام، والتي كانت أعلى سلطة رياضية في البلاد، وتدير الشأن الرياضي فيه منذ أن أُحدثت في العام 1971.
وأُوكلت حقيبة الرياضة والشباب إلى السيد محمد سامح الحامض، المنحدر من مدينة كفرتخاريم في ريف إدلب الشمالي الغربي، وكان الحامض قد شغل منصب مدير مديرية الشباب والرياضة في حكومة الإنقاذ السورية منذ العام 2022، وخلال الكلمة التي ألقاها أمام الرئيس السوري قبل أدائه القسم الدستوري، وعد الحامض بصيانة جميع الملاعب والصالات في البلاد، والتي دُمّرت خلال سنوات الحرب.
هذا ولاقى إحداث الوزارة ارتياحًا عامًا لدى الجماهير الرياضية السورية، آملين أن تنهض بالرياضة السورية، وتُعيدها إلى الساحة العربية والإقليمية والعالمية في قادم السنوات.
في مشهد مفعم بالفرح والوقار، ازدانت مدينة إدلب بحفل تكريم 1493 من حفظة كتاب الله، من أطفال وفتيات، أتموا حفظ القرآن الكريم كاملاً ضمن مدارس دار الوحي الشريف المنتشرة في عدة مناطق سورية. هذا الحدث البارز أقيم يوم السبت الموافق 26 نيسان/أبريل 2025، وسط أجواء احتفالية غمرتها السعادة والاعتزاز.
خطوات ثابتة نحو النور
بخطوات صغيرة وثابتة، تقدم الحافظون نحو ساحة التكريم وهم يحملون مصاحفهم بقلوب يملؤها الفخر. رغم صغر سنهم، إلا أنهم أنجزوا مهمة عظيمة تستحق الإشادة، حيث أتموا حفظ كلام الله عن ظهر قلب، في إنجاز يمثل مفخرة دينية وتربوية.
مئات الحفظة يجتمعون في ملعب إدلب
استضاف الملعب البلدي في إدلب هذا الحدث الكبير، حيث اجتمع الأهالي والإعلاميون للاحتفال بهذا الإنجاز الاستثنائي. ووفقاً لما أكده الدكتور أحمد زيدان، المشرف على مدارس دار الوحي الشريف، فإن هذا التكريم شمل 1493 حافظاً وحافظة، بينهم 84 حصلوا على إجازة قرآنية رسمية، تخولهم إقراء غيرهم القرآن وفق قواعد التجويد.
مدارس دار الوحي، المنتشرة بـ 74 فرعاً و28 روضة قرآنية، تقدم مزيجاً من العلوم الشرعية والدنيوية، مما يجعلها صرحاً تعليمياً متكاملاً يعمل على بناء جيل واعٍ وراسخ في العلم والإيمان.
بهجة الأهالي.. دموع فخر وورود محبة
أجواء الفرح لم تقتصر على الأطفال الحافظين بل امتدت لتشمل الأهالي الذين غمرتهم مشاعر الفخر والسعادة. اصطف الآباء والأمهات على مدرجات الملعب، يتابعون أبناءهم بحب وعين دامعة، وقد حمل بعضهم باقات من الورود لتهنئة فلذات أكبادهم.
ولم تخل المناسبة من لحظات إنسانية مؤثرة، حيث فاجأ أحد الآباء ابنته الحافظة بلقائه بها لأول مرة بعد عشر سنوات من الانفصال، مما أضفى طابعاً إنسانياً عميقاً على هذا العرس القرآني.
تفاعل واسع على منصات التواصل
احتفت منصات التواصل الاجتماعي بهذا الحدث الكبير، حيث تناقلت صفحات المدن والبلدات السورية أسماء الحفظة بكل فخر. وكتب أحد المتابعين معلقاً: "هنا إدلب.. ملعب يتسع لـ17 ألف متفرج لم يمتلئ يوماً بمباراة، لكنه اليوم امتلأ بحفظة كتاب الله. هذا مشهد لن يُنسى.. هنا سوريا الحرة، هنا مستقبلنا المشرق".
احتفالات الحرية.. ثمرة النصر
لا تعود فرحة السوريين في إدلب فقط إلى حفظ القرآن، بل لأنها ثمرة من ثمار الحرية بعد سقوط النظام السابق. لسنوات طويلة، كان الاهتمام بالمجالات الدينية، خصوصاً تحفيظ القرآن، ممنوعاً بل وملاحقاً، أما اليوم فقد عادت الروح إلى المساجد والمدارس القرآنية، وشهدت البلاد مبادرات دينية واجتماعية غير مسبوقة.
وبعد أن بدأت إدلب بإطلاق مثل هذه الفعاليات عقب تحررها، لحقت بها محافظات أخرى، مثل حماة التي احتفلت قبل أسابيع بتكريم الملتزمين بصلاة الفجر في المساجد، في مشهد يعكس عودة الحياة إلى أصولها وقيمها الأصيلة.
يشهد سوق إيجارات العقارات في المدن السورية الكبرى ارتفاعاً قياسياً غير مسبوق، وسط غياب أي رقابة أو ضوابط رسمية، ما جعل تأمين منزل للإيجار تحدياً حقيقياً، لا سيما في دمشق وحلب وحماة وحمص، حيث أصبحت الأسعار تفوق أضعاف رواتب الموظفين في الدولة.
إيجارات تضاهي الأسعار العالمية
في العاصمة دمشق، تتراوح إيجارات المنازل حالياً بين 4 ملايين و20 مليون ليرة سورية شهرياً، فيما تتراجع الأسعار نسبياً في مناطق ريف دمشق، لكنها تبقى بعيدة عن متناول ذوي الدخل المحدود، حيث يعادل إيجار منزل متوسط نحو أربعة أضعاف الراتب الحكومي البالغ 390 ألف ليرة.
إلى جانب ارتفاع الإيجارات، يواجه المستأجرون مطالب بدفع مقدمات مالية ضخمة تصل إلى ستة أشهر أو سنة كاملة مسبقاً، مما يزيد من أعبائهم في ظل الظروف الاقتصادية المتردية.
قصص معاناة تبحث عن حلول
لؤي الخطيب، الذي عاد إلى دمشق في زيارة للبحث عن منزل، قال لـ"العربي الجديد" إن الأسعار "مبالغ فيها بشكل صارخ"، مشيراً إلى أن إيجارات المنازل تضاهي مثيلاتها في تركيا، بل تتجاوزها أحياناً رغم الفارق الكبير في مستوى الخدمات.
وأضاف أن منزله العائلي المدمر في حي جوبر يمنع عودتهم، لافتاً إلى "طمع واضح من الملاك واستغلال للظروف".
وفي حماة، حيث البنية التحتية لا تزال جيدة نسبياً، ارتفعت الإيجارات أيضاً بشكل لافت "حمزة الأحمد"، وهو من أبناء المدينة، أوضح أن العثور على منزل بسعر معقول أصبح مهمة شبه مستحيلة، مشيراً إلى أن إيجار منزل مناسب يتجاوز ثلاثة ملايين ليرة شهرياً، وهو ما يحول دون عودته مع عائلته من تركيا.
أما في حمص، فإن الوضع ليس أفضل حالاً، حيث تجاوزت إيجارات الشقق في مركز المدينة 15 مليون ليرة، ما دفع كثيرين إلى الإحجام عن العودة رغم توفر فرص العمل.
وأشار "عمار زكريا" إلى أن إيجار منزل في حي الوعر يبلغ مليوني ليرة، مع تكاليف نقل شهرية مماثلة، ما يجعل الدخل بالكاد يكفي لتغطية هذه المصاريف الأساسية.
سوق خارج السيطرة واستغلال فجّ
مع قلة العرض الناجم عن الدمار الواسع، وغياب تدخل الجهات المعنية، يواصل مالكو العقارات فرض أسعارهم دون حسيب أو رقيب. دعا زكريا إلى تدخل رسمي لفرض سقف للإيجارات، محذراً من أن أزمة السكن قد تستمر لعشر سنوات قادمة.
"فاطمة العبد الله"، وهي أم لطلاب جامعيين، أوضحت أن العثور على منزل ملائم في حمص بات شبه مستحيل، بعد أن ارتفعت الأسعار إلى مستويات تفوق إمكانيات معظم العائلات، مشيرة إلى اضطرارها لعقد إيجار قصير الأمد وسط حالة من القلق حول المستقبل.
مستقبل سكني غامض وغياب للحلول
أمام هذا الواقع، تبدو أزمة السكن مرشحة للتفاقم مع غياب مبادرات جدية لتنظيم السوق، وسط معاناة يومية يعيشها السوريون بين البحث عن منزل واستنزاف مواردهم المالية في ظل غياب حلول حقيقية ومستدامة.
كشف وزير المالية السوري، الدكتور "محمد يسر برنية"، عن أبرز نتائج مشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، مؤكداً أن اللقاءات حملت رسائل بالغة الأهمية لمستقبل الاقتصاد السوري.
وأوضح أن الهدف الأساسي من المشاركة هو إعادة إدماج سوريا ضمن المجتمع الدولي والنظام المالي العالمي، وبناء شراكات مع المؤسسات الدولية، ولفت إلى أن وفد سوريا حظي بترحيب واهتمام فاق التوقعات من جانب صندوق النقد والبنك الدوليين، وكذلك من المؤسسات الإقليمية والدول الشقيقة والصديقة.
وأكد أن الطاولة المستديرة التي عُقدت حول سوريا شهدت حضوراً دولياً واسعاً، بمشاركة رئيس مجموعة البنك الدولي، مديرة صندوق النقد الدولي، وزراء من مجموعة السبع، إضافة إلى وزراء مالية من دول عربية ورؤساء مؤسسات إقليمية ودولية، ما عكس دعماً واضحاً لجهود إعادة الإعمار.
وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية كان لها دور محوري في تنظيم هذا الاجتماع، مقدماً شكره الخاص لمعالي الوزير محمد الجدعان، كما وجه الشكر لكل من السعودية، قطر، الإمارات، الأردن وتركيا لدعمهم المعلن لسوريا واستقرارها.
تركيز على الدعم الفني لا القروض
أكد برنية أن سوريا لا تسعى لطلب قروض من المؤسسات الدولية، بل تركز على الحصول على الدعم الفني، وبناء القدرات، ونقل المعرفة لدعم جهود الإصلاح الاقتصادي واستعادة مسار التعافي.
كما كشف عن بدء وصول بعثات دولية إلى سوريا اعتباراً من الغد، لتقييم الوضع واقتراح خطط عمل، مع التركيز على توفير الاحتياجات الأساسية، خاصة في مجالات الطاقة والكهرباء، وإعادة بناء المؤسسات، وتهيئة البيئة التشريعية والمناخ الاستثماري، مع إعطاء أولوية لدور القطاع الخاص.
التزامات بالإصلاح والشفافية
بيّن وزير المالية أن الحكومة السورية تضع في مقدمة أولوياتها تحديث الإدارة المالية الحكومية، تعزيز الشفافية، الالتزام بالمعايير الدولية، ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى تقوية منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
العقوبات والتحديات أمام التعافي
اعتبر برنية أن العقوبات الدولية تشكل "حجر عثرة" كبيراً أمام جهود التعافي، رغم وجود بعض التخفيفات المقدرة من قبل بريطانيا والاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن الظروف السياسية والأخلاقية والاقتصادية لاستمرار العقوبات لم تعد قائمة. وأشار إلى وجود تفهم متزايد دولياً لضرورة رفع هذه الإجراءات.
رسائل للمستثمرين والقطاع الخاص
في ختام حديثه، وجه الوزير رسالة تفاؤل لقطاع الأعمال والمستثمرين العرب والأجانب، داعياً إلى الاستثمار في سوريا، ومؤكداً أن إعادة الإعمار ستتم بجهود أبناء سوريا ودعم الأشقاء والأصدقاء، مع التركيز على بناء شبكات حماية اجتماعية ومحاربة الفقر، بما يعزز فرص عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
اختتمت القوى الكردية في سوريا مؤتمر "وحدة الصف والموقف الكردي" بالإعلان عن رؤية سياسية مفصلة لمستقبل القضية الكردية ضمن إطار الدولة السورية، وقد حمل البيان الختامي مجموعة من المبادئ والطروحات المهمة، إلا أن المتابعين والنشطاء السياسيين سجلوا عدداً من الملاحظات الجوهرية التي كشفت عن وجود تناقضات بنيوية في الرؤية المعلنة، ما يثير تساؤلات عن مدى قابليتها للتطبيق العملي.
تناقض بين حياد الدولة الديني والاعتراف الديني
أولى الإشكاليات ظهرت في التناقض بين بندين أساسيين: من جهة، يؤكد البيان على ضرورة "حيادية الدولة تجاه الأديان والمعتقدات وضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية"، ومن جهة أخرى، يطالب "بالاعتراف بالديانة الإيزيدية كديانة رسمية في الدولة".
هذا الطرح يثير إشكالية فلسفية وقانونية؛ إذ أن حيادية الدولة تقتضي عدم تبني أو تمييز أي ديانة رسمياً، بل معاملة جميع الأديان بشكل متساوٍ ودون اعتراف رسمي مخصص لأي دين. أما الاعتراف الرسمي بدين معين، فهو يتعارض مع مبدأ الحياد ويخلق امتيازاً لدين دون آخر، حتى لو كان من باب جبر الضرر أو دعم المكون الإيزيدي.
لذلك، يرى المراقبون أن المؤتمر كان يحتاج إلى حسم الموقف: إما الدعوة لدولة علمانية محايدة بالكامل أمام جميع الأديان، أو الإقرار بأن هناك ديانات تحتاج إلى وضع خاص مع ضمان المساواة للجميع.
ازدواجية الطرح بين توحيد المناطق الكردية وإعادة التقسيم الإداري
من جهة أخرى، دعا البيان إلى "توحيد المناطق الكردية كوحدة سياسية إدارية متكاملة"، في حين تحدث في بند آخر عن ضرورة "إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية بما يراعي الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية".
وهنا يُطرح سؤال منطقي: ماذا لو أن المناطق الكردية الموحدة المقترحة لا تتطابق مع معايير الكثافة السكانية أو التوزيع الجغرافي العادل؟ هل سيتم التمسك بالتوحيد القومي أم احترام معايير إدارية وطنية موحدة؟
هذا التناقض يعكس ازدواجية في المنهج: المطالبة بتوحيد قومي خاص، وفي ذات الوقت الدعوة إلى تقسيمات إدارية تراعي التوزيع الوطني العام، ما يجعل تحقيق "هوية وطنية جامعة" أمراً أكثر تعقيداً مع إصرار كل مكون على كيانية إدارية خاصة به.
غموض بين الفيدرالية واللامركزية
من التناقضات الأخرى اللافتة، الدعوة إلى "توحيد المناطق الكردية كوحدة سياسية إدارية في إطار سوريا اتحادية"، مع التأكيد في الوقت ذاته على أن "سوريا دولة لا مركزية تضمن التوزيع العادل للسلطة والثروة".
والفرق بين الفيدرالية واللامركزية جوهري كما هو معروف قانونياً ودستورياً، فالفيدرالية تعني أن الدولة تتكون من أقاليم تتمتع بحكومات محلية ودساتير خاصة ضمن دولة واحدة، كما هو الحال في الولايات المتحدة وألمانيا.
أما اللامركزية الإدارية، فتعني تفويض بعض الصلاحيات للسلطات المحلية مع بقاء الدولة موحدة بدستور وحكومة مركزية واحدة، كما هو الحال في فرنسا، وبالتالي فإن المزج بين هذين المفهومين بدون تحديد واضح قد يفتح الباب أمام إشكالات دستورية لاحقة، لاسيما مع المخاوف التاريخية لدى أطراف وطنية من أن الفيدرالية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السورية.
المفارقة حول حقوق الأطفال والانتهاكات الميدانية
البيان شدد أيضاً على "حماية حقوق الأطفال" وفق الاتفاقيات الدولية، غير أن واقع الممارسات الميدانية يناقض هذه الدعوة. فقد وثقت تقارير حقوقية محلية ودولية استمرار ظاهرة تجنيد الأطفال ضمن معسكرات "الشبيبة الثورية" في مناطق شمال شرقي سوريا، وهي ظاهرة تتناقض جذرياً مع مبادئ حماية حقوق الطفل التي تضمنها الرؤية السياسية المعلنة، وهذا التناقض بين الطرح النظري والممارسة الواقعية يطرح تساؤلات جدية حول مصداقية الالتزام بهذه المبادئ على الأرض.
ويبدو أنه في زمن التحولات الكبرى، لا يكفي إعلان المبادئ، بل المطلوب تأسيس مشروع وطني متماسك يقوم على الواقعية السياسية والالتزام الصادق بثقافة المواطنة والدولة الجامعة، فين الطموح المشروع بوضع إطار عادل للقضية الكردية، وبين التناقضات العميقة التي شابت مضامين البيان، تبرز الحاجة الملحة لمراجعة شاملة ودقيقة لهذه الرؤية، بما يتجاوز الشعارات الفضفاضة إلى بلورة حلول عملية وقابلة للتطبيق، قادرة على بناء دولة سورية موحدة ديمقراطية تعددية، تحفظ حقوق جميع مكوناتها من دون تمييز أو تهميش.
أعلنت القوى الكردية في سوريا، في ختام أعمال مؤتمر "وحدة الصف والموقف الكردي"، الذي عقد يوم السبت 26 نيسان 2025، عن رؤيتها السياسية لحل المسألة الكردية في البلاد، مؤكدين أن أي حل مستدام يجب أن ينطلق من وحدة سوريا الوطنية، ويرتكز إلى مبادئ العدالة والمساواة والديمقراطية وحرية المرأة.
نحو دولة ديمقراطية متعددة القوميات
أكد البيان الختامي أن سوريا المستقبل يجب أن تُبنى كدولة متعددة القوميات والثقافات والأديان، يضمن دستورها، على أساس مبادئ فوق دستورية، الحقوق الكاملة لجميع مكوناتها القومية والدينية، بما يشمل العرب والكرد والسريان والآشوريين والشركس والتركمان، إلى جانب الطوائف مثل العلويين والدروز والإيزيديين والمسيحيين.
وشدد المؤتمر على دعم النظام اللامركزي، مع توزيع عادل للسلطة والثروة بين المركز والأطراف، واعتماد نظام برلماني يقوم على التعددية السياسية وفصل السلطات. كما دعت الوثيقة إلى "صياغة دستور يكفل حقوق الإنسان والمواطنة المتساوية، وتبني هوية وطنية جامعة تراعي خصوصيات كافة المكونات، وضمان حياد الدولة تجاه الأديان، والاعتراف بالإيزيدية كدين رسمي".
وشددت على ضرورة "تمثيل المرأة بشكل متساوٍ في جميع مؤسسات الدولة، واحترام حقوق الطفل ورعايته وفق المواثيق الدولية، وإعادة النظر بالتقسيمات الإدارية لتراعي الكثافة السكانية والجغرافيا، واسترجاع الآثار السورية المنهوبة، وإلغاء سياسات التغيير الديمغرافي، مع ضمان العودة الآمنة للنازحين والمهجرين، خصوصاً في رأس العين، وتل أبيض، وعفرين، وتشكيل جمعية تأسيسية وطنية لصياغة الدستور، بتمثيل جميع المكونات وبرعاية دولية، وضمان حق التعبير والتعليم باللغات الأم، واعتماد الثامن من آذار عيداً وطنياً للمرأة السورية".
الرؤية القومية الكردية: وحدة سياسية وحقوق دستورية
على الصعيد القومي الكردي، دعت الرؤية إلى "توحيد المناطق الكردية كوحدة سياسية وإدارية ضمن إطار سوريا اتحادية، والإقرار الدستوري بالوجود القومي للشعب الكردي، وضمان حقوقه السياسية والثقافية والإدارية وفق العهود الدولية، والاعتراف الرسمي باللغة الكردية إلى جانب العربية، مع تأسيس معاهد وجامعات ومراكز إعلامية باللغة الكردية.
كذلك دعت إلى "ضمان تمثيل الكرد في المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية والأمنية، واعتماد عيد النوروز (21 آذار) عيداً رسمياً وطنياً، واستذكار انتفاضة قامشلو في 12 آذار من كل عام، وإلغاء كافة السياسات التمييزية السابقة مثل مشروع الحزام العربي، وتعويض المتضررين منها، وإعادة الجنسية للمجردين منها بموجب إحصاء 1962 الاستثنائي، وتخصيص جزء من عائدات الموارد الطبيعية في المناطق الكردية لتنميتها وإعمارها.
رسالة موحدة: سوريا للجميع
جددت القوى الكردية في ختام مؤتمرها التأكيد على أن رؤيتهم للحل تنطلق من الحرص على وحدة سوريا واستقرارها، مع إرساء مبادئ الشراكة الوطنية الحقيقية التي تكفل لكافة المكونات السورية حقوقها وهويتها، ضمن إطار دولة ديمقراطية مدنية حديثة.