تواصل الحرائق انتشارها في الريف الشمالي لمحافظة اللاذقية، متأثرة بظروف مناخية قاسية تعيق جهود فرق الإطفاء، وتسرّع من تمدّد النيران نحو مناطق إضافية، ما أسفر عن إغلاق طرق رئيسية وإجلاء المزيد من سكان القرى القريبة من مناطق الخطر.
وفي جولة ميدانية على مواقع الحرائق، اطّلع وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح، برفقة محافظ اللاذقية محمد عثمان، على سير عمليات الإخماد/ وقال الصالح في تصريح لووكالة "سانا" إن فرق الطوارئ تتعامل حالياً مع أكثر من 40 حريقاً موزعة على أكثر من 20 منطقة في مختلف أنحاء البلاد، مشيراً إلى أن حريق قسطل معاف يُعد من بين الأخطر حالياً.
وأضاف الصالح أن الحديث عن نتائج ملموسة لا يزال مبكراً، نظراً لأن الأحوال الجوية تتحكم بمجريات الميدان، خاصةً لجهة الرياح النشطة ودرجات الحرارة المرتفعة، إلى جانب خطر انفجار مخلفات الحرب الموجودة في تلك المناطق، ما يزيد من تعقيد عمليات السيطرة على الحرائق.
ولفت إلى أن مختلف الوزارات، بالتنسيق مع محافظة اللاذقية والدفاع المدني السوري والجهات المحلية، تبذل جهوداً كبيرة رغم الإمكانيات المحدودة، في سبيل احتواء النيران.
وأكد الصالح تحقيق تقدم نسبي في بعض النقاط، حيث جرى إخماد الحرائق ودخولها في مرحلة التبريد، معرباً عن أمله في تحسن الأوضاع خلال ساعات الليل، في ظل التوقعات بانخفاض درجات الحرارة وتراجع سرعة الرياح.
من جانبه، أوضح محافظ اللاذقية محمد عثمان أن السلطات المعنية شرعت في إخلاء القرى القريبة من مواقع الحريق، كجزء من الإجراءات الهادفة لحماية السكان وضمان سلامتهم، مشيراً إلى تسجيل إصابتين طفيفتين تم التعامل معهما وإسعافهما من قبل فرق الطوارئ.
أما مدير المنطقة الشمالية، مصطفى جولحة، فقد أوضح أن الحرائق بدأت من قرية الإمام يوم أمس، ثم امتدت بفعل تغيّر اتجاه الرياح إلى قرى السرايا وطربجق والحلوة، إضافة إلى القرى المحيطة بمفرق البسيط، ما أدى إلى قطع الطريق الرئيسي المؤدي إلى ناحية البسيط. كما اجتاحت النيران مساحات واسعة من قسطل معاف، فيما انتشرت فرق الإطفاء على ثلاثة محاور رئيسية: بللوران، البسيط، وقسطل معاف.
وأشار جولحة إلى أن دعماً إضافياً من الجانب التركي من المتوقع أن يصل خلال الساعات القادمة، لتعزيز الجهود المحلية التي تقوم بها فرق الدفاع المدني ومديرية الزراعة والمتطوعون من أبناء المجتمع المحلي، في مواجهة اتساع رقعة الحرائق.
أقدم الشاب السوري محمد فواز الأشرف (40 عامًا) على إنهاء حياته شنقًا داخل سجن رومية في لبنان، وفق ما أفادت به مصادر من داخل السجن. الأشرف، الذي ينحدر من محافظة حمص، كان موقوفًا منذ أكثر من عامين ونصف دون أن تُعقد له جلسات محاكمة، ما أدى إلى تدهور حالته النفسية تدريجيًا.
وأوضحت المصادر أن الأشرف كان يعاني من مرض الصدفية، ولم يُسمح له بإدخال الأدوية اللازمة للعلاج، الأمر الذي فاقم من حالته الصحية والنفسية، وانتهى بالحادثة المؤلمة.
في السياق ذاته، دعت لجنة أهالي السجناء في لبنان الجهات المعنية إلى فتح تحقيق جاد ومحاسبة المقصرين في إدارة السجن، كما ناشدت الحكومة السورية للتدخل الرسمي للاطلاع على مجريات التحقيق وحقوق مواطنيها المحتجزين.
ويُذكر أن العديد من السوريين المحتجزين في سجن رومية يواجهون أوضاعًا إنسانية وصحية صعبة، وسط تصاعد المناشدات والمطالبات للحكومتين السورية واللبنانية للإسراع في إطلاق سراح المحتجزين أو تسوية ملفاتهم القانونية في ظل التباطؤ الواضح في الإجراءات القضائية
أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي "عبد القادر حصرية"، يوم الجمعة 4 تموز/ يوليو، عن توجهات جديدة للسياسة النقدية في البلاد، مؤكدًا أن هذه التوجهات "تتماشى مع الثوابت السيادية للقرار الاقتصادي السوري" بحسب تعبيره.
وفق ما صرح به الحاكم فإنه بأمر من الرئيس السوري "أحمد الشرع" لن تلجأ سوريا إلى الديون الخارجية، ولن تستدين من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، ما يشير إلى تمسك الحكومة بخيارات تمويل ذاتية.
أكد المحافظ في حديثه ضمن مقابلة صحفية أن المصرف لن يربط سعر صرف الليرة السورية بالدولار أو اليورو، بل سيواصل العمل على تثبيت سعرها داخلياً دون تبعية مباشرة للسوق العالمية.
أشار إلى أن الليرة السورية سجلت تحسناً بنسبة 30%، متوقعاً انتهاء ما وصفه بـ"التشوهات" في سعر الصرف خلال الأشهر المقبلة، والوصول إلى سعر موحد للعملة الوطنية.
وكشف المحافظ عن نية المصرف استحداث مؤسسة لضمان الودائع في البنوك السورية، في خطوة يُنتظر أن تعزز الثقة بالقطاع المصرفي وتُشجع الإيداع والادخار.
وأعلن أيضاً عن قرب إصدار قروض عقارية مخصصة للسوريين في الخارج، في محاولة لجذب أموال المغتربين وتشجيعهم على الاستثمار في السوق العقارية السورية، وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الاقتصاد السوري ضغوطاً كبيرة.
ويُنظر إلى هذه التوجهات على أنها محاولة للموازنة بين ضبط السوق النقدية وتوسيع خيارات التمويل المحلي، دون الارتهان للمؤسسات المالية الدولية، وهو ما قد يثير جدلاً واسعاً بين مؤيدين لهذه السياسة باعتبارها "استقلالاً اقتصادياً"، ومنتقدين يرون أنها قد تعرقل فرص التعافي المالي.
وكان أعرب حاكم مصرف سوريا المركزي، عن ترحيبه بقرار الرئيس الأميركي القاضي برفع العقوبات على سوريا، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل تحوّلًا جوهريًا في المشهد المالي والمصرفي السوري.
وأوضح أن القرار ألغى ستة أوامر تنفيذية كانت تشكّل الإطار القانوني لعقوبات واسعة النطاق أثرت لسنوات على القطاع المالي، كما أنهى حالة الطوارئ الوطنية المفروضة على سوريا منذ عام 2004، والتي تم تجديدها سنويًا.
وأضاف أن هذا التطور يُعد خطوة حاسمة نحو تخفيف القيود الأمريكية على تصدير الخدمات والسلع والتقنيات إلى سوريا، ويفتح المجال أمام استئناف التبادلات التجارية والمالية مع الخارج.
كما أشار إلى أن المرسوم يوجّه وزارة التجارة الأميركية بمراجعة ورفع القيود التي أعاقت التفاعل المصرفي بين سوريا والعالم، ما يعزز قدرة البلاد على الاستفادة من الأنظمة التكنولوجية الحديثة، بما فيها نظام "سويفت" للتحويلات.
وأكد "حصرية"، أن القرار يشمل رفع العقوبات عن أكثر من 500 كيان ومؤسسة، بينها مصارف سورية، ما سينعكس إيجابًا على حركة الأموال والتحويلات الدولية، ويعزز مناخ الانفتاح الاقتصادي والمالي.
فيما نوّه حاكم مصرف سوريا المركزي، "عبد القادر حصرية"، إلى أن المرسوم يوجّه وزير الخارجية الأميركي بمراجعة تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب، في خطوة قد تمهّد لتحولات قانونية ودبلوماسية مهمة.
يشهد مهرجان التسوق في مدينة الكسوة بريف دمشق إقبالاً متزايداً من الأهالي، مع عروض وحسومات مشجعة على مجموعة واسعة من المنتجات التي تلبي احتياجات الأسرة، وذلك في إطار فعالية تسويقية أُطلقت أمس تحت عنوان "مهرجان النصر".
وينظم المهرجان غرفة صناعة دمشق وريفها بالتعاون مع مجلس مدينة الكسوة، بمشاركة أكثر من 75 شركة صناعية تعرض ما يزيد على 100 علامة تجارية في مجالات متعددة تشمل المواد الغذائية، والمنظفات، والألبسة، والأحذية، والأدوات المنزلية، والجلديات، وإكسسوارات وألعاب الأطفال.
رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها، المهندس "محمد أيمن المولوي"، أكد في تصريح صحفي أن المهرجان يمثل خطوة لدعم المستهلك السوري، من خلال كسر حلقات الوساطة التجارية، وتوفير السلع مباشرة من المنتج إلى المستهلك، وهو ما يسهم في تخفيض الأسعار بنسبة تتراوح بين 30% و40%، مما يخفف من الأعباء الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطنين.
بدوره، أشار "أحمد الرحيل"، المشرف على منطقة الكسوة، إلى أن إقامة هذا المهرجان في المدينة تمثل نقلة نوعية في مجال البيع المباشر، معرباً عن أمله في أن تمتد هذه الفعالية إلى مناطق أخرى لما لها من أثر إيجابي على الأسواق والأسرة السورية.
ويستمر المهرجان حتى الرابع عشر من شهر تموز الجاري، ما يتيح أمام الزوار فرصة مميزة للاستفادة من العروض المقدمة، في وقتٍ يعاني فيه السوريون من ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتراجع القدرة الشرائية، ويُعد المهرجان جزءاً من توجه عام نحو دعم الصناعة المحلية، وتنشيط الأسواق، وتوفير البدائل المباشرة للمستهلك بعيداً عن الوسطاء والأسواق التقليدية.
فعّل برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بوليصة تأمين كبرى بقيمة 7.9 مليون دولار، لمساعدة المجتمعات السورية المتضررة من النزاع والجفاف الحاد الذي يضرب البلاد، والذي يُعد الأسوأ منذ نصف قرن، بحسب ما أعلنته الوكالة الأممية اليوم.
وأوضح البرنامج أن هذا الدعم يندرج ضمن مبادرة التأمين على المستوى الكلي، التي تهدف إلى تقديم استجابة استباقية للمزارعين الأكثر هشاشة، في ظل ما وصفه خالد عثمان، نائب مدير البرنامج في سوريا، بأنه "أزمة حقيقية تهدد سبل العيش" وليس مجرد صدمة مناخية عابرة.
انهيار الإنتاج الزراعي وتهديد الأمن الغذائي
تشهد سوريا تراجعاً في معدلات هطول الأمطار بنسبة تجاوزت 50%، ما أدى إلى خسائر حادة في القطاع الزراعي. ويتوقع الخبراء تراجع إنتاج القمح لهذا العام بنحو 2.7 مليون طن، فيما انخفضت أعداد الثروة الحيوانية بنسبة وصلت إلى 40%، وسط ارتفاع كبير في تكاليف الأعلاف والري، وهو ما زاد من الضغط على الأسر الريفية.
وبحسب بيان البرنامج، فإن نحو 120 ألف شخص سيستفيدون من المساعدات المبكرة، التي تشمل الغذاء ومواد أساسية، في محاولة للحد من تفاقم الكارثة قبل تحولها إلى أزمة إنسانية أوسع.
تمويل دولي واستجابة تأمينية مبتكرة
المبادرة تلقّت دعماً مالياً وتقنياً من المملكة المتحدة وألمانيا، عبر "مرفق التمويل العالمي للوقاية"، بالتعاون مع منظمة "هيومانتي إنشورد"، ومنتدى تطوير التأمين، وشركة "سويس ري"، وتُعد خطوة غير مسبوقة في استخدام أدوات التأمين لمواجهة الكوارث المناخية في بلد يعاني من النزاع.
وأكد ماثيو دوبروي، المستشار الرئيسي لتمويل مخاطر الكوارث والمناخ في البرنامج، أن اعتماد هذه السياسات في دول مثل سوريا يُعد تحولاً نوعياً في الاستجابة للكوارث المناخية، داعياً إلى تعميم التجربة وتوسيع نطاقها في السنوات القادمة.
تأتي هذه الخطوة في وقت حرج تمر فيه سوريا بأزمة مزدوجة ناجمة عن تداعيات التغير المناخي وتعد هذه المرة الأولى التي يُفعل فيها مثل هذا النوع من البوليصات التأمينية في البلاد، في إطار توجّه أممي أوسع نحو أدوات استباقية لمواجهة آثار الكوارث على الفئات الضعيفة.
ويؤمل أن تسهم هذه المقاربة في تعزيز صمود المجتمعات المحلية، خاصة مع توقعات بتزايد شدة الظواهر المناخية في المنطقة مستقبلاً.
ناقشت وزارة التنمية الإدارية السورية مع مديري التنمية في عدد من الجهات الحكومية سبل تسريع إعادة العاملين المفصولين تعسفياً من قبل النظام البائد، بسبب مشاركتهم في الثورة السورية، وذلك ضمن جهود رسمية لردّ الحقوق الوظيفية وإنصاف المتضررين.
غياب الأرشيف يعرقل الإجراءات
وسلط الاجتماع الذي عقد في مقر الوزارة بدمشق، الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه تنفيذ عملية الإعادة، وفي مقدمتها غياب قاعدة بيانات شاملة للعاملين سابقاً في الدولة، إضافة إلى فقدان الأرشيف الوظيفي الذي يضم الثبوتيات وأسباب الفصل، ما يصعّب مهمة التحقق من الملفات ويؤخر البت بالطلبات.
وأكد المشاركون أن الوزارة تسعى إلى إعادة المفصولين ضمن الأطر القانونية، من خلال وضع آلية تنفيذية مشتركة بالتنسيق مع مديريات التنمية الإدارية في الوزارات، تضمن مراجعة المفصولين لمديرياتهم في المحافظات، على أن تُحدد مراكز عملهم الجديدة وفق معايير مدروسة تراعي الكفاءة والاختصاص ومكان الإقامة والحاجة الفعلية.
وأشار المجتمعون إلى أن العمل مستمر على دراسة طلبات المفصولين الذين لم تُعلن أسماؤهم بعد، تمهيداً لمعالجة أوضاعهم الوظيفية بما ينسجم مع خطط التطوير الإداري في المرحلة القادمة، مؤكدين أن أسماء الدفعات القادمة ستُنشر خلال الأيام المقبلة مع تحديد أماكن مراجعتهم.
هذا وتأتي هذه الجهود في سياق استكمال خطوات العدالة الانتقالية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس من الكفاءة والشفافية، بعد سنوات من الإقصاء السياسي والوظيفي الذي طال آلاف العاملين بسبب مواقفهم المؤيدة للثورة.
وأكد مصدر عامل في وزارة التنمية الإدارية" أن الحكومة السورية لا تزال بصدد دراسة ملفات الموظفين المسرحين تعسفياً من قبل النظام السابق، مشيراً إلى إجراءات جديدة ستطاول هذا الملف من بينها العمل على إعادة قسم من الموظفين إلى وظائفهم الحكومية، لكن ضمن خطة تدريجية تعمل عليها الوزارات المعنية.
ونوه المصدر إلى عدم وجود رقم محدد حول تعداد الموظفين الذين سرحهم النظام السابق على مدار عقد وأربع سنوات من الثورة، لكن يبدو أن الرقم كبير جداً ويصل إلى عشرات آلاف الموظفين، وفق "اقتصاد" المحلي.
وكانت وزارة التنمية الإدارية أكدت إنجازها دراسة تهدف إلى إعادة العاملين المفصولين من وظائفهم بسبب مشاركتهم في الثورة، وذلك استناداً إلى معايير واضحة وشفافة، بدأ تطبيقها فعلياً في وزارة التربية والتعليم.
وأفاد المصدر أنه نظراً للعدد الكبير للموظفين المفصولين تعسفياً، فإن قرارات العودة لن تشمل الجميع على الأغلب، إلا إذا حدثت شواغر وظيفية في مؤسسات الدولة.
وبخصوص المستحقات السابقة للموظفين المفصولين، أكد أنه جرى بحث هذه القضية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، دون التوصل إلى قرار حاسم يخصها، لافتاً إلى أن المتاعب المالية وإفلاس الخزانة العامة قد يعيقان صدور قرار من هذا النوع.
هذا وشددت وزارة التنمية الإدارية على أن عملية معالجة الملفات تسير بعدالة وشفافية تامة، وأن جميع المحافظات والجهات مشمولة دون استثناء، ونُهيب بالجميع عدم الالتفات إلى الإشاعات المغرضة التي تهدف إلى التشويش على الجهود المبذولة لإنصاف المفصولين وإعادتهم إلى مواقعهم الوظيفية.
أجرى وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية، السيد أسعد الشيباني، اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الأميركي، ماركو روبيو، بحثا خلاله عدداً من الملفات السياسية والأمنية، على رأسها العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، وملف الأسلحة الكيميائية، ومكافحة تنظيم "داعش"، والنفوذ الإيراني، إلى جانب الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة في المنطقة.
وأكد الوزير الشيباني خلال الاتصال على استعداد الحكومة السورية للتعاون الجاد مع واشنطن في ملف رفع العقوبات، مشدداً على أن استمرار العمل بـ"قانون قيصر" يعيق بشكل مباشر جهود الاستثمار طويل الأمد وعودة الحياة الاقتصادية في سوريا إلى طبيعتها، داعياً إلى تهيئة بيئة دولية مشجعة على إعادة الإعمار.
من جانبه، عبّر الوزير الأميركي ماركو روبيو عن نية الولايات المتحدة إعادة فتح سفارتها في العاصمة دمشق خلال الفترة المقبلة، في خطوة رمزية تعكس تغيرًا في مقاربة واشنطن تجاه الوضع السوري. كما وجّه دعوة رسمية لنظيره السوري لزيارة العاصمة الأميركية واشنطن قريباً.
واتفق الجانبان على تشكيل لجنة سورية-أميركية مشتركة لتنسيق الجهود حول ملف الأسلحة الكيميائية، والعمل على آليات تحقق شفافة، مع تأكيد الطرفين على التزامهما بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
كما ناقش الجانبان الوجود الإيراني في سوريا، حيث أعربت دمشق عن قلقها من "محاولات طهران تغيير موازين القوى داخل سوريا"، في حين حذّرت واشنطن من "استمرار النفوذ الإيراني رغم التحديات الداخلية التي تواجهها طهران".
وفيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، شدد الوزيران على أن تنظيم "داعش" لا يزال يمثل تهديداً فعلياً، ما يتطلب تنسيقًا أوسع بين دمشق وواشنطن لضمان عدم عودته مجددًا، وسط مؤشرات على تحركات نشطة في بعض الجيوب الصحراوية.
وطالبت الحكومة السورية خلال الاتصال بضغط أميركي للعودة إلى اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974 مع إسرائيل، لتفادي أي تصعيد محتمل في الجنوب السوري، فيما أكدت الولايات المتحدة أن خطر التقسيم أو العودة إلى الحرب الأهلية لا يزال قائمًا، داعية إلى الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها.
يأتي الاتصال الهاتفي بين وزيري الخارجية السوري والأميركي في سياق التحولات الدبلوماسية المتسارعة التي تشهدها سوريا منذ نهاية عام 2024، عقب تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وما تبعها من انفتاح دولي تدريجي على دمشق.
وقد مثّل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب مؤخراً عن توقيع أمر تنفيذي يقضي بتخفيف العقوبات على سوريا، أحد أبرز مؤشرات التغيير في السياسة الأميركية، لا سيما مع التوجه نحو دعم الاستقرار والتنمية بدلًا من التركيز على العزل والعقوبات.
كما يتزامن هذا الحراك مع خطوات إقليمية ودولية متزايدة لإعادة إدماج سوريا في محيطها، وإشراكها في ترتيبات أمنية وسياسية جديدة، منها الحديث عن انضمامها المحتمل إلى اتفاقيات إقليمية كاتفاق "فضّ الاشتباك" مع إسرائيل، وتفعيل الحوار غير المباشر بوساطة أميركية، إضافة إلى بروز مخاوف مشتركة من استمرار نشاط تنظيم داعش، وتصاعد النفوذ الإيراني داخل البلاد.
وبذلك، يشير الاتصال إلى بداية مسار دبلوماسي جديد قد يُعيد رسم العلاقة بين دمشق وواشنطن، بعد أكثر من عقد من القطيعة، ويعكس توازنًا جديدًا في الأولويات بين مكافحة الإرهاب، وضبط النفوذ الإقليمي، والتعاون السياسي المشروط برفع تدريجي للعقوبات.
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن تصريحات هامة أدلى بها السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توماس باراك، أكّد فيها أن الولايات المتحدة ترعى حالياً محادثات غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب، ضمن مسار دبلوماسي يهدف إلى استكشاف فرص انضمام سوريا إلى اتفاقيات أبراهام.
وقال باراك إن "الإدارة الأميركية تسهّل هذا الحوار كجزء من سياسة تهدف إلى تهدئة الحدود واستكشاف مسارات سلام جديدة"، مشيراً إلى أن "تحقيق هذا السلام قد يتطلب وقتاً أطول بسبب التعقيدات السياسية والاجتماعية داخل سوريا".
وأوضح المبعوث الأميركي أن الرئيس السوري أحمد الشرع "لن يُفرض عليه التطبيع من الخارج"، وأنه "قد يواجه مقاومة داخلية في حال اتجه نحو التوقيع الفوري على الاتفاقيات"، مؤكداً أن "الحكومة الأميركية تترك له حرية التحرك التدريجي".
استراتيجية جديدة: العقوبات مقابل التقدّم
وتأتي هذه التطورات بعد أيام من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمراً تنفيذياً برفع معظم العقوبات المفروضة على سوريا، في إطار نهج جديد "يُركّز على الحوافز بدل الضغوط" بحسب تعبير باراك.
وأوضح أن رفع العقوبات الأميركية مشروط بتحقيق عدد من مؤشرات التقدّم أبرزها، التوصل إلى تسوية سلمية مع إسرائيل، دمج "قوات سوريا الديمقراطية" في مؤسسات الدولة السورية، الكشف عن مصير الأميركيين المفقودين في سوريا.
واعتبر باراك أن "التحول الديمقراطي الكامل وتشكيل حكومة شاملة لا يُعدان حالياً شرطين مباشرين، لكن العملية السياسية يجب أن تبقى مستمرة"، مشدداً في الوقت نفسه على أهمية التنمية الاقتصادية كركيزة للاستقرار.
موقف من المقاتلين الأجانب
وعن مسألة المقاتلين الأجانب في سوريا، أقرّ باراك أن "الحكومة السورية الجديدة قد لا تتمكن من طردهم فوراً"، لكنه دعا إلى "شفافية أكبر بشأن أدوارهم ووضعهم القانوني"، محذّراً من أن استمرار وجودهم دون تنظيم قد يشكل تهديداً للأمن الوطني.
إعادة تعريف الدور الأميركي
وصف باراك السياسة الأميركية الجديدة في سوريا بأنها "ابتعاد عن مشاريع بناء الدول"، معتبراً أن "القوة وحدها هي ما يُحترم في المنطقة"، وأن إدارة ترمب "أثبتت أن القوة يمكن أن تُفضي إلى السلام".
وأشار إلى أن تخفيف العقوبات تدريجياً يُعتبر "نهجاً أكثر فعالية من الضغوط التقليدية"، وهو ما يعكس تحولاً ملحوظاً في استراتيجية واشنطن تجاه دمشق بعد سقوط النظام السابق.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت عن رفع العقوبات عن سوريا، كجزء من سياسة جديدة لدعم الاستقرار في البلاد، وفتح الطريق أمام انخراط سوريا في ترتيبات إقليمية أوسع، بعد سنوات من العزلة الدولية.
وتُعد هذه التصريحات أول تأكيد رسمي على وجود مسار دبلوماسي بين سوريا وإسرائيل برعاية أميركية منذ إعلان سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول 2024.
تواصل فرق الدفاع المدني السوري جهودها المكثفة لمواجهة سلسلة من الحرائق الحراجية المندلعة منذ مساء أمس الخميس في عدة مناطق جبلية بمحافظة اللاذقية، وسط ظروف صعبة تعيق عمليات السيطرة والإخماد.
وأكد مدير الدفاع المدني في الساحل السوري، "عبد الكافي كيال"، يوم الجمعة 4 تموز/ يوليو، أن الحرائق تنتشر حالياً في مناطق العطيرة والريحانية وشلف وزنزف، مشيراً إلى وصول فرق دعم إضافية اليوم لتعزيز الاستجابة ومساندة الفرق الموجودة على الأرض.
تضاريس وعرة ومخلفات حرب تعرقل الاستجابة
وأوضح "كيال" أن فرق الإطفاء تواجه صعوبات بالغة بسبب وعورة تضاريس المنطقة، وعدم وجود طرقات أو خطوط فصل نيران داخل الغابات، فضلاً عن ندرة مصادر المياه اللازمة لعمليات الإخماد.
وأضاف أن وجود مخلفات حرب وألغام في منطقة العطيرة يعقّد المهمة بشكل خاص، إلى جانب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة ونشاط الرياح الذي يزيد من سرعة انتشار النيران.
جهود مكثفة لفصل البؤر المشتعلة
وأشار مدير الدفاع المدني إلى أن الفرق تعمل حالياً على فصل البؤر المشتعلة عن بعضها البعض في محاولة لمنع امتداد النيران ووقف تجدد اشتعالها، مؤكداً أن الجهود تُبذل على مدار الساعة للسيطرة على الوضع.
وزير الطوارئ يتفقد جبهات إخماد الحرائق
وكان زار وزير الطوارئ وإدارة الكوارث "رائد الصالح" عدداً من المناطق المتضررة في ريف اللاذقية، شملت وادي باصور، كنسبا، عيدو، وقلعة الشلف، حيث اطّلع على سير عمليات الإطفاء، واستمع إلى شرح حول التحديات التي تواجه الفرق العاملة وسط ظروف مناخية قاسية وتضاريس صعبة.
يُذكر أن الدفاع المدني كان قد تمكن قبل يومين من إخماد أكثر من 13 حريقاً اندلعت في مناطق متفرقة من ريف اللاذقية، في وقت تشهد فيه المنطقة ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة، ما يزيد من احتمالية اندلاع حرائق جديدة.
اندلع حريق ظهر يوم الجمعة 4 تموز 2025 في مركز تجاري قرب سوق الحدادين وسط مدينة حماة، ما أدى إلى احتراق 8 سيارات وعدد من المحال التجارية، في حادثة أثارت مخاوف سكان المنطقة وأصحاب المحال القريبة من موقع الحريق.
ووفق ما أفادت مصادر إعلامية رسمية، فقد هرعت فرق الدفاع المدني على الفور إلى المكان، وبدأت عمليات الإخماد والحد من امتداد النيران إلى الأبنية المجاورة، فيما تستمر حتى لحظة إعداد الخبر عمليات التبريد تحت إشراف فرق الدفاع المدني وعناصر الشرطة.
أسباب غير معروفة.. وشهادات تتحدث عن احتراق صهريج
ونقلت صحيفة "الفداء" الحكومية في محافظة حماة عن شهود عيان أن الحريق بدأ من صهريج لنقل المواد البترولية اشتعل بشكل مفاجئ لأسباب لا تزال مجهولة، قبل أن تمتد ألسنة اللهب إلى عدد من السيارات المتوقفة في المكان، وإلى محال داخل مجمع "سيتي سنتر" في شارع ابن رشد.
وأشارت الصحيفة إلى أن فرق الدفاع المدني والأمن انتشرت في موقع الحادثة، وقامت بتأمين المكان للحفاظ على ممتلكات المواطنين، في وقت لم تُسجل فيه حتى الآن أية إصابات بشرية بحسب المعلومات الأولية.
وتأتي هذه الحادثة بالتزامن مع موجة حرائق تشهدها مناطق مختلفة من سوريا، إذ كانت فرق الإطفاء قد أخمدت أكثر من 13 حريقاً أمس الأول في ريف اللاذقية، بينها حرائق حراجية في غابات العطيرة والريحانية وشلف وزنزف، وسط جهود متواصلة من الدفاع المدني للسيطرة على النيران ومنع خسائر جديدة.
وكان أصدر الدفاع المدني السوري إرشادات هامة تتعلق بارتفاع درجات الحرارة ومخاطر انفجار البطاريات، خاصة في المخيمات والمنازل، داعيًا الأهالي إلى اتخاذ تدابير وقائية لتفادي الحوادث المحتملة خلال فصل الصيف.
أعلنت مصادر محلية في محافظة درعا، أن قوات إسرائيلية نفذت مساء الخميس عمليات توغل بري في عدة مواقع بريف المحافظة الغربي، بالتزامن مع تنفيذ عملية إنزال جوي قرب العاصمة دمشق، في تصعيد ميداني اسرائيلي جديد ومستمر.
وذكرت المصادر أن قوة إسرائيلية مؤلفة من ست عربات عسكرية توغلت داخل قرية صيصون في منطقة حوض اليرموك غرب درعا قبيل منتصف الليل يوم أمس، وأجرت دورية ميدانية داخل القرية قبل أن تنسحب دون تسجيل أي اشتباكات واعتقالات، حسب نشطاء.
وفي تحرك متزامن، دخلت ثلاث آليات إسرائيلية إلى سرية عسكرية مهجورة قرب قرية عين ذكر، كانت تتبع سابقاً للواء 112 في عهد النظام السابق، وهي المرة الثانية التي تدخل فيها القوات الإسرائيلية هذا الموقع منذ ديسمبر/كانون الأول 2024، حيث نفذت آنذاك عمليات تجريف وتخريب.
وفي تطور نوعي، أفادت مصادر محلية في ريف دمشق بأن مروحيات إسرائيلية نفذت إنزالاً جوياً عند الساعة الثالثة من فجر الجمعة في منطقة يعفور، الواقعة على بعد نحو 10 كيلومترات جنوب مركز العاصمة دمشق. وبحسب المعلومات المتوفرة، مكثت القوة الإسرائيلية لفترة وجيزة قبل أن تنسحب دون توضيح لطبيعة العملية أو أهدافها.
كما سُجل توغل إسرائيلي محدود في منطقة رخلة بريف دمشق الغربي قرب مدينة قطنا القريبة من الحدود اللبنانية، وهو ما يُعد سابقة منذ استقرار الوضع الأمني في ريف دمشق بعد الإطاحة بالنظام السابق.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة السورية أو الجهات العسكرية بشأن هذه العمليات حتى لحظة إعداد هذا التقرير، فيما لم تنشر وسائل إعلام اسرائيلية أو رسمية عن العملية بعد.
وتأتي هذه التحركات ضمن سلسلة من الانتهاكات المتكررة التي تنفذها إسرائيل منذ انهيار اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، حيث استغلت تل أبيب الفراغ الأمني الذي خلفه سقوط النظام السابق لتعزيز حضورها في مناطق الجنوب السوري، لاسيما في محافظتي القنيطرة وريف دمشق.
ويخشى مراقبون من أن تؤشر هذه التحركات إلى مسار تصعيدي جديد في الجنوب السوري، وسط غياب موقف دولي حازم تجاه الانتهاكات المتكررة للسيادة السورية.
رغم التفاؤل الذي رافق عودة عشرات الآلاف من السوريين إلى بلادهم بعد سقوط النظام السابق، اصطدم كثيرون منهم بواقع اقتصادي صعب، كان أبرز تجلياته أزمة السكن وارتفاع الإيجارات، لا سيما في المناطق الحضرية والمدن الكبرى.
الغلاء يبدّد نشوة العودة
منذ كانون الأول/ديسمبر 2024، تدفّق آلاف السوريين إلى مدنهم وقراهم، قادمين من دول الجوار ومنافي اللجوء. لكنّ رحلة العودة اصطدمت سريعًا بعقبة تأمين المأوى، في ظلّ محدودية المعروض العقاري وارتفاع الطلب، ما أدى إلى صعود حاد في الإيجارات، تجاوز قدرات معظم العائدين.
يقول أسامة المصطفى، عائد من مدينة عفرين: "كنت أعيش حلم العودة إلى دمشق. وعندما حصلت على فرصة عمل في مشفى، فوجئت بأن راتبي لا يغطي ربع إيجار منزل بسيط. لم أتمكن من الاستقرار واضطررت لتأجيل العودة مجددًا."
شروط تأجير صعبة وممارسات ضاغطة
اشتكى كثيرون من شروط إيجار وصفوها بـ"التعجيزية"، كدفع الإيجار سلفًا لأربعة أشهر أو أكثر، وأحيانًا لسنة كاملة. ولم تقتصر المعاناة على العائدين الجدد، بل طالت المستأجرين القدامى الذين وجدوا أنفسهم تحت ضغوط متزايدة من بعض المالكين لرفع الإيجار أو إخلاء المنازل.
"أبو محمد"، أحد سكان مدينة إدلب، قال لشبكة شام: "المالك يطالبني بزيادة الإيجار رغم دخلي المحدود. وعندما رفضت، هددني بإخلاء المنزل بذريعة أنه يحتاجه لأغراض شخصية. هذه المبررات نعرفها جيدًا، ونسمعها منذ سنوات الحرب."
العائلات تتقاسم المنازل.. أو تهاجر داخل الوطن
دفعت أزمة الإيجار بعض الأسر إلى البحث عن مساكن في أطراف المدن أو الأرياف، ما يعني غالبًا التنازل عن البنية التحتية والخدمات الأساسية. واضطرت عائلات أخرى إلى تقاسم السكن مع أقارب أو أصدقاء لتخفيف العبء المالي.
تقول أم عمر، التي عادت من لبنان مؤخرًا: "الصورة التي كنت أحتفظ بها عن وطني تغيّرت. الأسعار مرتفعة جدًا، والوضع المعيشي أصعب مما توقعت. أحيانًا أشعر بالندم لأني عدت."
دعوات لتنظيم سوق الإيجارات وتوسيع مشاريع الإسكان
في مواجهة هذه التحديات، طالب العائدون بإقرار تشريعات جديدة تضع سقوفًا عادلة للإيجارات، وتنظم العلاقة بين المالك والمستأجر، مع ضرورة إطلاق برامج إسكان تشاركية تشمل الحكومة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني.
كما دعا مراقبون إلى تضمين ملف الإسكان في خطة الاستقرار الوطني، من خلال توسيع رقعة المشاريع السكنية، وترميم الأبنية المدمرة، وتسهيل الحصول على التمويل، ضمن بيئة قانونية شفافة ومستقرة.
أزمة السكن اليوم ليست مجرد أزمة عرض وطلب، بل اختبارٌ لقدرة الدولة والمجتمع على استقبال العائدين بما يليق بحقهم في وطنٍ آمن ومستقر. ما لم تتوفر الإرادة السياسية والاقتصادية الحقيقية لمعالجة هذا الملف، فإن "العودة" ستبقى حلماً مؤجلاً، وسيظل الوطن في نظر الكثيرين محطة مؤقتة لا ملاذًا دائمًا.