أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية، يوم 19 تموز 2025، وقفًا شاملًا وفوريًا لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، في خطوة قالت إنها تأتي استجابة للظروف الدقيقة التي تمر بها سوريا، وحرصًا على وقف نزيف الدم السوري، وصونًا لوحدة أراضي الدولة وسلامة شعبها.
وأكدت الرئاسة السورية أن هذا القرار نابع من حسّ وطني وإنساني، داعية جميع الأطراف دون استثناء إلى الالتزام الفوري والكامل به، ووقف كافة الأعمال القتالية في كل المناطق، بما يضمن حماية المدنيين وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية من دون أية عوائق.
وأهابت رئاسة الجمهورية بجميع الجهات المعنية إفساح المجال أمام الدولة السورية، ومؤسساتها وقواتها، من أجل تنفيذ هذا القرار بمسؤولية عالية، وضمان تثبيت الاستقرار ووقف سفك الدماء في مختلف أنحاء البلاد.
وفي إطار تنفيذ هذا القرار، بدأت قوات الأمن بالانتشار في عدد من المناطق بهدف ضمان تطبيق وقف إطلاق النار، والحفاظ على النظام العام، وتأمين أمن المواطنين وممتلكاتهم، في سياق يسعى إلى تعزيز التهدئة وترسيخ الاستقرار.
وحذّرت الرئاسة السورية من أن أي خرق لهذا القرار سيُعدّ انتهاكًا مباشرًا للسيادة الوطنية، وسيتعامل معه بما يقتضيه القانون والدستور من إجراءات رادعة، مؤكدة أن الحفاظ على السلم الأهلي مسؤولية وطنية جامعة.
وختمت رئاسة الجمهورية بيانها بالتأكيد على أن وحدة سوريا وأمن شعبها تبقى أولوية عليا لا تقبل المساومة، متوجهة بالدعاء أن يحفظ الله سوريا وأهلها من كل سوء.
كشفت "المؤسسة السورية للمخابز"، عن تنفيذ سلسلة مشاريع تطوير وتحديث لعدد من المخابز في مختلف المحافظات خلال النصف الأول من العام الجاري، شملت تركيب وتجهيز 10 خطوط إنتاج جديدة ومرافق تشغيلية في 7 محافظات، في خطوة تهدف إلى تحسين جودة الرغيف وتعزيز استقرار التوريد.
وأوضح المدير العام للمؤسسة، المهندس "محمد الصيادي"، في تصريح رسمي أن المشاريع شملت تحديث خط الإنتاج في مخبز داعل بدرعا، وتركيب خطوط جديدة في الكرامة 2 باللاذقية، القصير بحمص، القدموس بطرطوس، جرمانا، ويلدا، ودوما بريف دمشق.
في حين جرى تجهيز مخبز البوكمال بدير الزور بخط إنتاج متكامل ومجموعة توليد، وتعزيز مخبز الراموسة بحلب بخط إضافي، إلى جانب تزويد مخبز التل بخزانات مياه لتحسين استقرار التشغيل.
وأكد المسؤول ذاته تنفيذ المشاريع بالتعاون مع منظمات دولية وجهات حكومية، في إطار دعم البنية التحتية للمخابز، وتحسين القدرة الإنتاجية في المناطق ذات الكثافة السكانية أو التي تعاني ضعفاً خدمياً.
وأشار إلى أن الاستهلاك اليومي من الدقيق في سوريا يصل إلى نحو 2400 طن، تتم مراقبته وضبط استخدامه بدقة، موضحًا أن الدولة مستمرة في دعم الخبز رغم التحديات الاقتصادية وارتفاع تكاليف التشغيل، لاسيما الوقود والصيانة والمواد الأولية.
وبين أن القيمة الحقيقية لربطة الخبز تبلغ 7835 ليرة سورية، فيما تباع للمواطنين بسعر مدعوم، في حين تصل تكلفة إنتاج طن الخبز إلى 6 ملايين ليرة لدى المؤسسة السورية للحبوب.
وأرجع "الصيادي"، تفاوت جودة الخبز بين المخابز، إلى تفاوت كفاءة الكوادر الفنية واختلاف جهوزية الآلات، مؤكداً وجود خطة شاملة لاستبدال المعدات القديمة بأخرى حديثة عالية الكفاءة.
وأضاف أن المؤسسة تنسق مع مديريات التجارة الداخلية لسحب عينات دورية من الدقيق وفحصها في المخابر الفنية، كما تُتابع الشكاوى على مستوى المحافظات وفق معايير موحدة لضمان الجودة.
وأوضح "الصيادي"، فيما يتعلق بالمخالفات، أن المؤسسة تتخذ إجراءات مشددة ضد أي تجاوزات مثل التلاعب بمخصصات الدقيق أو تسريب الخبز للسوق السوداء، وتشمل العقوبات الإحالة للجهات المختصة، وتنظيم الضبوط التموينية، بالإضافة إلى تفتيشات مفاجئة تنفذها لجان رقابية داخلية تابعة للمؤسسة.
وكشف عن خطة مستقبلية لإحداث مخابز جديدة في المناطق المحتاجة، وإعادة تأهيل المخابز القائمة، إلى جانب إدخال تقنيات إنتاج حديثة بالتعاون مع منظمات دولية وشركات متخصصة. كما تعمل المؤسسة على تأهيل الكوادر البشرية فنياً وإدارياً عبر دورات تدريبية وشراكات فنية من شأنها رفع كفاءة الأداء.
هذا وأكد المدير العام للمؤسسة، على أن "رغيف الخبز سيبقى في صلب أولويات الدولة"، رغم ما تواجهه المؤسسة من تحديات في التمويل والبنية التحتية والموارد البشرية، مشددًا على أن الجهود مستمرة لتأمين الخبز للمواطنين بأفضل جودة ممكنة واستمرارية إنتاجية لا تتأثر بالضغوط.
كشفت وكالة "رويترز"، استنادًا إلى شهادات ثمانية مصادر مطلعة من أوساط سياسية وعسكرية سورية ودبلوماسية إقليمية، أن القيادة السورية أساءت تفسير الرسائل الأميركية المتعلقة بمبدأ مركزية الدولة، واعتقدت أن إعادة نشر قواتها في محافظة السويداء لن يواجه أي رد فعل من جانب إسرائيل، ما تسبب بتصعيد مفاجئ في القرار السوري خلال الأسبوع الماضي.
قالت المصادر، ومن بينها مسؤولون سوريون رفيعو المستوى ومصادر أمنية ودبلوماسيان اثنان، إن النظام السوري ظنّ أنه حصل على ضوء أخضر غير مباشر من كل من واشنطن وتل أبيب لإرسال وحدات عسكرية إلى جنوب سوريا، على الرغم من التحذيرات الإسرائيلية المتكررة التي كانت قد صدرت طيلة الأشهر الماضية ضد أي تحرك عسكري حكومي باتجاه المناطق الجنوبية.
وأوضحت المصادر أن هذا التصور السوري المغلوط جاء نتيجة لتصريحات علنية وخاصة أدلى بها المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، إضافة إلى محادثات أمنية أولية جرت مع مسؤولين إسرائيليين.
وقد ساهمت هذه الرسائل في تعزيز قناعة دمشق بأن التحرك العسكري لن يثير اعتراضًا دوليًا، لا سيما مع تصريحات سابقة لباراك أكد فيها ضرورة إدارة سوريا كدولة موحدة من دون أي شكل من أشكال الحكم الذاتي للمكونات، سواء للدروز أو الأكراد أو العلويين.
ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في معرض رده على أسئلة "رويترز"، التعليق على فحوى المحادثات الدبلوماسية الخاصة، لكنه جدّد موقف واشنطن الداعم لوحدة الأراضي السورية، مشددًا على أن الدولة السورية تتحمل مسؤولية حماية جميع المواطنين، بمن فيهم الأقليات.
من جهته، نفى مسؤول بارز في وزارة الخارجية السورية أن تكون المواقف الأميركية قد أثّرت في القرار السيادي لنشر القوات في السويداء، مؤكدًا أن هذا القرار أتى بدافع وطني خالص هدفه الأساسي وقف إراقة الدماء، وتأمين المدنيين، والحؤول دون تفاقم النزاع الأهلي في الجنوب.
وفي السياق نفسه، أفاد مصدر سياسي سوري وآخر دبلوماسي غربي بأن السلطات السورية فسّرت نتائج محادثات غير معلنة جرت مؤخرًا في العاصمة الأذربيجانية باكو مع ممثلين عن إسرائيل، على أنها بمثابة تفاهم غير مباشر يتيح إرسال القوات إلى الجنوب السوري في إطار فرض سيطرة الدولة على محافظة السويداء.
وفي تعليق على المشهد، قال الباحث الأميركي جوشوا لانديس، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، إن الرئيس السوري أحمد الشرع قد يكون بالغ في استثمار المواقف الدولية لصالحه، مشيرًا إلى أن الفريق المحيط به أخطأ في فهم الدعم الأميركي، كما أخطأ في تقدير موقف إسرائيل من تحركات الدولة السورية في جبل الدروز، وفسر تصريحات باراك المناهضة للفيدرالية على أنها تفويض للحكومة المركزية باستخدام القوة لفرض سيطرتها.
وأضاف مسؤول عسكري سوري أن المراسلات التي جرت مع واشنطن قبل التحرك عززت هذا الانطباع، موضحًا أن عدم تلقي رد أميركي حازم عندما أُبلغت الجهات الأميركية بخطط نشر الصواريخ في الجنوب اعتُبر بمثابة موافقة ضمنية، الأمر الذي دفع دمشق للاعتقاد بأن إسرائيل لن تتدخل عسكريًا.
وبحسب دبلوماسي أجنبي مقيم في دمشق، فإن التقديرات السورية كانت مفرطة في الثقة، وبُنيت على إشارات أميركية غير واضحة، تبيّن لاحقًا أنها لا تعكس الواقع الفعلي للموقف الدولي تجاه هذا التحرك.
في المقابل، أفاد مسؤول خليجي رفيع المستوى بأن دمشق ارتكبت خطأ جسيمًا في إدارة ملف السويداء، متهمًا القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات خطيرة بحق أبناء الطائفة الدرزية، بما في ذلك عمليات قتل وتعذيب وإهانات، وهو ما أعطى إسرائيل، بحسب رأيه، مبررًا قويًا للتدخل العسكري في الجنوب.
وأشار مصدر استخباري في المنطقة إلى أن الرئيس الشرع لم يكن يسيطر على تفاصيل العمليات الميدانية، بسبب تراجع الانضباط في صفوف القوات النظامية، واعتماده على مجموعات مسلحة متعددة الخلفيات، العديد منها يحمل توجهات إسلامية متشددة.
وفي ختام التصريحات، أكد مسؤول بارز في وزارة الخارجية السورية أن العملية العسكرية لم تكن تستهدف التصعيد أو الانتقام، بل جاءت بدافع حماية وحدة البلاد، مشددًا على أن القوات السورية مستعدة لإعادة الانتشار فور توفُّر ظروف ملائمة، تشمل ضمانات أميركية صريحة بعدم تدخل إسرائيل مستقبلًا في مسار استعادة السيطرة على الجنوب السوري.
أعلنت الرئاسة التركية أن الرئيس رجب طيب أردوغان أجرى اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ناقش خلاله آخر المستجدات في الملف السوري، بالإضافة إلى تطورات الحرب في أوكرانيا، مع التأكيد على استمرار دور تركيا في تسهيل الحوار بين الأطراف المعنية.
وأوضحت الرئاسة التركية أن أردوغان شدد خلال الاتصال على ضرورة عدم السماح لإسرائيل بانتهاك سيادة سوريا، معتبرًا أن هذه الخروقات تمثل تهديدًا مباشرًا لأمن المنطقة، كما عبّر عن قلقه إزاء الاشتباكات التي اندلعت في محافظة السويداء بعد انسحاب القوات السورية منها، محذرًا من أن استمرار هذه المواجهات يشكل خطرًا على استقرار الجنوب السوري والمنطقة برمتها.
وأكد الرئيس التركي أن بلاده تواصل السعي من أجل تحقيق التنمية في سوريا، والعمل على ترسيخ الأمن والاستقرار فيها، بما يضمن وحدة البلاد وسلامة شعبها، مجددًا تمسك أنقرة بالحلول السياسية كخيار أساس لإنهاء الأزمات التي تعصف بالمنطقة.
وفي سياق منفصل، تطرق الاتصال إلى تطورات الحرب في أوكرانيا، حيث أكد أردوغان أهمية عقد الجولة الثالثة من المفاوضات الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى استعداد تركيا لاستضافة هذه الجولة في إسطنبول، بالتوقيت الذي يتم الاتفاق عليه من قبل الطرفين، في إطار مساعي أنقرة لتهيئة بيئة ملائمة للحوار المباشر بين موسكو وكييف.
من جهته، أعلن المكتب الإعلامي للكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين تبادل وجهات النظر مع الرئيس التركي حول الأوضاع في سوريا وأوكرانيا، مؤكدًا اتفاق الطرفين على أهمية تحقيق الاستقرار في سوريا من خلال دعم الحوار وتعزيز التوافق الوطني بين مختلف القوى السورية.
وأضاف الكرملين أن الرئيس الروسي جدد التزام بلاده بالحلول السياسية والدبلوماسية لتسوية الصراع في أوكرانيا، وعبّر عن امتنانه لتركيا على دورها في تسهيل المفاوضات الثنائية، ودعمها المستمر لإيجاد مخرج سلمي من الحرب القائمة.
وشهدت محافظة السويداء تصاعد خطير خلال الأيام الماضية، عقب انسحاب القوات العسكرية والأمنية من بعض المناطق، استجابةً إلى نزع فتيل التوتر بعد اشتباكات دامية مع مليشيا الهجري، غير أن هذا الانسحاب أفسح المجال أمام الميليشيا لتنفيذ هجمات انتقامية طالت مدنيين من عشائر البدو، شملت حرق منازل وتهجيرًا قسريًا لعائلات.
وقد تسببت هذه الأحداث بصدور موجة من ردود الفعل العربية والدولية، حيث شدد الرئيس الشرع في بيان سابق على التزام الحكومة بمحاسبة جميع المتورطين في الاعتداءات، وضمان فرض سيادة القانون في كامل أنحاء البلاد، بينما عبّرت عدة دول عربية، إلى جانب تركيا، عن إدانتها الصريحة لما جرى، مؤكدة دعمها لوحدة الأراضي السورية واستقرارها، ومحذّرة من تبعات استمرار حالة الانفلات الأمني في الجنوب.
تُشكل مسألة الزواج في سوريا واحدة من أبرز التحديات التي يواجهها الشباب في ظل ما خلّفته الحرب في سوريا من أزمات اجتماعية واقتصادية خانقة. وعلى الرغم من سقوط نظام الأسد البائد، ما تزال آثار الحرب تقيّد أحلام آلاف الشباب، وتُحيل طموحاتهم إلى رهائن للواقع المتأزم في مختلف المجالات، من العمل والسكن إلى التكاليف المرتفعة والتقاليد الاجتماعية الصارمة.
كشف عدد من الشبان الذين قابلهم فريقنا الميداني خلال إعداد هذا التقرير، أن تأمين المسكن بات العقبة الأشد وطأة أمام فكرة الزواج، إذ ترفض معظم الفتيات الإقامة في بيت عائلة الزوج، ويفضلن بدء حياة جديدة في منزل مستقل، ما يضع الشاب أمام تحدٍ كبير لتوفير منزل سواء عن طريق الشراء أو البناء، وهو ما يبدو مستحيلاً في ظل انهيار القدرة الشرائية وارتفاع أسعار العقارات.
وأشار آخرون إلى أن ارتفاع الإيجارات بعد عودة أعداد كبيرة من المهجرين إلى مناطقهم في أعقاب تحرير سوريا في كانون الأول/ديسمبر 2024، فاقم أزمة السكن، خاصة مع الشروط المجحفة التي يفرضها بعض المؤجرين، كطلب سداد الإيجار لأشهر متعددة مقدمًا، وهو ما يعرقل أي محاولة لتأمين استقرار مؤقت.
وبيّن عدد من الشبان أن ارتفاع أسعار الذهب يُعد من أكبر المعوقات المادية التي تعترض طريق المقبلين على الزواج، إذ تجاوز سعر غرام الذهب من عيار 21 حاجز التسعين دولارًا، فيما لا تزال التقاليد تُلزم العريس بشراء كمية من المجوهرات للعروس، ما يضيف عبئًا ماليًا لا يمكن تحمله في معظم الحالات.
وأوضح بعض الشباب أن تكلفة الزواج لا تقتصر على السكن والمهر فقط، بل تمتد إلى تجهيز المنزل وشراء المستلزمات الأساسية والملابس والهدايا، في وقت تندر فيه فرص العمل وتغيب فيه الضمانات الوظيفية، مما يُبقي الشباب في حلقة من العجز والانتظار المفتوح.
وشدد من التقتهم فرقنا على أن الصعوبات الاقتصادية تُضاف إليها العقبات الاجتماعية، حيث يصر الكثير من الأهالي على شروط مادية صارمة تتجاوز قدرة الشاب، ما يجعل مسألة الزواج مرتبطة بصورة العائلة ومكانتها الاجتماعية أكثر من ارتباطها برغبة الشريكين في الاستقرار وتكوين أسرة.
ودعا مراقبون إلى ضرورة تخفيف الأعباء المفروضة على الشباب، من خلال حملات توعية مجتمعية تدعو إلى تيسير متطلبات الزواج، ووقف التقاليد التي تُثقل كاهل العائلات، إلى جانب أهمية إطلاق برامج حكومية فعالة توفر فرص العمل والدخل المستقر.
كما طالبوا بوضع تشريعات واضحة تنظم سوق الإيجارات وتحد من الاستغلال، بما يضمن توفير بيئة سكنية مستقرة تدعم حق الشباب في تأسيس حياة كريمة ومستقلة.
وبين وطأة الواقع الاقتصادي والتقاليد المجتمعية القاسية، يقف شباب سوريا عاجزين أمام حلم الزواج، بانتظار حلول تُعيد لهم الأمل في بناء أسر مستقرة بعد سنوات الحرب.
عبّر شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان، سامي أبي المنى، عن رفضه المطلق لأي دعوات انفصالية أو تقسيمية في سوريا ولبنان، مؤكدًا أن وحدة الأرض والشعب خط أحمر لا يجوز تجاوزه، ومستنكرًا في الوقت ذاته أي شكل من أشكال الاستعانة بالعدو الإسرائيلي.
قال أبي المنى إن طلب الحماية من العدو الإسرائيلي مرفوض جملة وتفصيلًا، لما يشكله من خيانة وطنية وشرعية، محملًا الحكومة السورية مسؤولية تدهور الأوضاع في الجنوب، وداعيًا إلى معالجة المشكلات بحكمة ومسؤولية وطنية.
من جانبه، دعا الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط إلى تغليب صوت العقل في مقاربة التطورات المتسارعة في محافظة السويداء، مشددًا على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وتجنيب المدنيين مزيدًا من المآسي في ظل اشتداد موجات العنف المرتبط بالحرب في سوريا.
بيان شرعي من مجلس الإفتاء الأعلى
وفي وقت سابق، أصدر مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا بيانًا شرعيًا تناول فيه تطورات الأوضاع في السويداء، محذرًا من تصاعد وتيرة العنف وسفك الدماء، ومشددًا على مجموعة من الأحكام الشرعية التي تضبط الموقف من الناحية الدينية.
شدد المجلس على أن اللجوء إلى العدو الإسرائيلي المحتل يُعد خيانة محرّمة بإجماع العلماء، مؤكدًا أن هذا الكيان لطالما أثبت غدره ونقضه للمواثيق، ولا يجوز التعامل معه أو الاعتماد عليه في أي ظرف أو سياق.
أشار البيان إلى أن الاعتداء على المدنيين، وخاصة النساء والأطفال والضعفاء، أو تهجيرهم من منازلهم، يُعد جريمة مضاعفة، لا سيما في الشهر الحرام، مستندًا إلى قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا﴾، في دعوة واضحة لالتزام المبادئ الأخلاقية والشرعية.
لفت المجلس إلى ضرورة التمييز بين المعتدين ومن يستقوي بالعدو من جهة، وبين أبناء المجتمع المحلي من جهة أخرى، محذرًا من الاعتداء على أي سوري بناءً على خلفيته الطائفية أو المناطقية، ومذكّرًا بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.
أكد المجلس أن من واجب الدولة السورية شرعًا أن تؤمّن الحماية لجميع المواطنين دون استثناء، وتمنع الفتنة، وتتصدى لكل مظاهر الاعتداء والانفلات، وتغيث المتضررين والمهجرين أينما وجدوا، بغض النظر عن انتماءاتهم.
حذر البيان من خطر الخطابات الطائفية، مشيرًا إلى أن التحريض المذهبي هو من الأسباب الرئيسية لتفجير الأوضاع، داعيًا إلى التحقق من المعلومات وعدم التفاعل مع الأخبار إلا بعد التأكد من مآلاتها وعدم تسببها في إشعال الفتنة.
أقر المجلس بشرعية الدفاع عن النفس والمال والعرض، والدعوة إلى نجدة المظلوم والمختطف ضمن الإمكانات المتاحة، لكنه شدد على أن القيام بذلك لا يُبرر منازعة الدولة في مهامها السيادية، وأن المرجعية في الأمن يجب أن تبقى بيد السلطة الشرعية وحدها.
اختتم مجلس الإفتاء بيانه بتجديد التأكيد على ضرورة حماية وحدة البلاد وسلامة سكانها، ورفض الانجرار إلى الفتنة أو الاقتتال الداخلي، في ظل تفاقم التصعيد في الجنوب السوري ضمن سياق الحرب في سوريا، داعيًا إلى وعي وطني جماعي يوقف الانهيار ويعيد الأمن.
دعا حكمت الهجري، أحد المرجعية الروحية لطائفة الموحدين الدروز في السويداء، إلى وقف فوري لإطلاق النار في المحافظة ، مؤكداً ضرورة “الاحتكام لصوت العقل والحكمة والإنسانية، لا للسلاح والفوضى”، في ما اعتبره مراقبون بيان تراجع واضح بعد أيام من المواجهات الدامية.
البيان الذي صدر مساء الثلاثاء، جاء بعد ساعات من دخول آلاف المقاتلين من العشائر السورية إلى المحافظة، استجابةً لنداءات النفير التي أُطلقت إثر تقارير عن انتهاكات طالت مدنيين بدو، بينهم نساء وأطفال، على يد مجموعات محلية موالية للهجري.
وأكد الهجري في بيانه أن الطائفة المعروفية “لم تكن يومًا دعاة فتنة أو تفرقة”، مشددًا على أن “الجبل كان ملاذًا للمظلومين”، ومترحمًا على من وصفهم بـ”الشهداء الذين قضوا دفاعًا عن كرامتهم وهويتهم”.
وكان السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الخاص لسوريا، توم باراك، قد أعلن مساء الثلاثاء عن “اتفاق لوقف إطلاق النار بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس السوري أحمد الشرع، بدعم من الولايات المتحدة وبتأييد تركيا والأردن”، داعيًا “الدروز والبدو والسنّة وجميع المكونات السورية إلى وضع السلاح وبناء هوية سورية موحدة في ظل السلام والازدهار”.
وتأتي هذه الدعوة بعد خسائر ميدانية تكبدتها الجماعات المسلحة التابعة للهجري، وانهيار عدد من مواقعها داخل المدينة وفي ريفها، ما دفع مراقبين إلى وصف البيان بـ”رسالة استسلام ناعمة”، تهدف إلى تجنيب السويداء المزيد من التصعيد في ظل اختلال واضح في موازين القوى.
وتبقى الأوضاع في المحافظة مرشحة لمزيد من التوتر، في ظل غياب أي اتفاق سياسي شامل أو تدخل حاسم من الحكومة السورية، وسط استمرار المخاوف من انزلاق الأوضاع إلى فوضى شاملة.
أصدر مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا بيانًا شرعيًا يتناول فيه تطورات الأوضاع في محافظة السويداء، في ظل ما شهدته من أعمال عنف وسفك دماء وتهجير للسكان، مشددًا على جملة من الأحكام التي تحكم الموقف الشرعي في هذه الأحداث.
تحريم الاستعانة بالعدو الإسرائيلي
أكد المجلس على أن الاستعانة بالعدو الصهيوني المحتل تُعد خيانة محرّمة شرعًا، مشددًا على أن هذا العدو لم يثبت يومًا أنه أهل للعهود أو المواثيق، بل أكد مرارًا أنه خصم لا يؤتمن، وعدو لا يُستعان به في أي ظرف.
حرمة قتل الأبرياء والاعتداء على المدنيين
شدد المجلس على تحريم استهداف النساء والأطفال والمدنيين والضعفاء وتهجيرهم من منازلهم، بغض النظر عن طوائفهم أو انتماءاتهم، موضحًا أن هذه الحرمات تتعاظم في الشهر الحرام، وأن هذه المبادئ مقررة بإجماع العلماء، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾.
التمييز بين المعتدي والمجتمع المحلي
دعا المجلس إلى ضرورة التمييز بين من يستقوي بالعدو وبين المواطنين السوريين من أبناء المجتمع الواحد، محذرًا من الاعتداء على أي سوري ينتمي لأي طائفة أو مكون، ومذكّرًا بقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.
مسؤولية الدولة في حماية المواطنين
أوضح البيان أن من الواجب الشرعي على الدولة أن تبسط الأمن وتحمي المواطنين جميعًا دون تمييز، وأن تتدخل لمنع الفتنة وردع المعتدين، وإغاثة المهجرين والمنكوبين، بغض النظر عن طوائفهم أو مناطقهم.
رفض الخطاب الطائفي والتحريض الإعلامي
حذّر المجلس من خطورة الخطابات التحريضية ذات الطابع الطائفي، واعتبرها من أسباب الفتنة والاقتتال، مؤكدًا على وجوب التثبت من صحة الأخبار ومراعاة المصلحة العامة قبل نشرها أو التفاعل معها.
حق الدفاع وضوابطه الشرعية
أقرّ المجلس بشرعية الدفاع عن النفس والعِرض والمال في وجه أي اعتداء، كما أكد على فضيلة نصرة المظلومين والمختطَفين، ضمن حدود المقدور، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة الرجوع إلى الدولة في كل ما يخص المهام الأمنية والسيادية، وعدم منازعتها فيها.
وأكد مجلس الإفتاء في ختام بيانه أن هذه الأحكام تأتي في سياق الحرص على وحدة البلاد وسلامة أهلها، والابتعاد عن منزلقات الاقتتال الداخلي والفتن التي تهدد السلم الأهلي في ظل تصاعد العنف في الجنوب السوري خلال الحرب في سوريا.
قدم الدكتور مروان قبلان، الباحث والأستاذ الجامعي، قراءة معمقة للأحداث المتسارعة في سوريا، معتبرًا أن ما يجري ليس مجرد تصعيد ميداني، بل انعكاس لأزمة سياسية وطنية عميقة تهدد بتفكك البلاد ما لم يُبادر إلى معالجتها، وأكد أن سوريا تدخل اليوم مرحلة مفصلية من تاريخها، قد تؤدي إلى انهيار الدولة وتحولها إلى "كنتونات طائفية"، في حال استمر غياب الحل السياسي.
فشل الحل الأمني وتفاقم الأزمة
يرى قبلان أن جذور ما يحدث في مناطق مثل الساحل وصحنايا وجرمانا والسويداء، تعود إلى غياب أفق سياسي حقيقي، مشددًا على أن لا حل أمنيًا أو عسكريًا يمكن أن يُعيد الاستقرار.
وأوضح أن استمرار تجاهل المطالب السياسية وإغلاق الأبواب أمام الحوار يدفع البلاد نحو مزيد من الانقسام. وأشار إلى أن الوضع الراهن يُبعد سوريا أكثر فأكثر عن استعادة سيادتها ووحدتها، في ظل تفاقم التدخلات الخارجية وتعقيد المشهد من قبل أطراف كـ"قسد" التي تراقب التطورات وتحاول فرض وقائع جديدة على الأرض.
نداء للقيادة: الرئيس أمام مفترق طرق
في تقييمه لمسؤولية القيادة السياسية، وجّه قبلان نداءً مبطنًا إلى الرئيس أحمد الشرع، مؤكدًا أن سوريا اليوم أمام لحظة حاسمة: إما الحفاظ على وحدة الدولة أو الوقوع في هاوية التفكك والانقسام. واعتبر أن إنقاذ البلاد يتطلب الاعتراف الكامل بوجود أزمة سياسية بنيوية، ورفض الاستمرار في نهج الإقصاء أو التفكير بحكم سوريا من منظور اللون الواحد.
مؤتمر إنقاذ وطني كمدخل للحل
اقترح الدكتور قبلان عقد "مؤتمر إنقاذ وطني" يشكل مدخلًا حقيقيًا لبدء مسار سياسي واسع، يشمل جميع المكونات السورية دون استثناء. ورأى أن هذا المؤتمر يجب أن ينطلق بوقف شامل لإطلاق النار ووقف التحريض الطائفي المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب إطلاق إجراءات لبناء الثقة تبدأ بدعوة ممثلين حقيقيين عن الفئات والقوى السياسية والمجتمعية الفاعلة.
وأكد ضرورة أن يكون المؤتمر جادًا، لا شكليًا أو مختزلًا كما حدث في محطات سابقة، وأن يفضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة الرئيس الشرع، تضم ممثلين حقيقيين عن كافة المكونات، ليس وفقًا للمحاصصة الطائفية، بل على أساس معالجة التهميش وضمان التمثيل العادل.
دستور جديد وعدالة انتقالية
كما شدد قبلان على أهمية التوافق في المؤتمر على شكل الدولة المقبلة، وصياغة إعلان دستوري جديد يمهد لوضع دستور دائم يعكس تطلعات جميع السوريين. وأوضح أن الدستور يجب أن يكون عقدًا اجتماعيًا يعبر عن الإرادة الوطنية، لا مجرد وثيقة قانونية مغلقة.
وتحدث عن غياب العدالة الانتقالية باعتباره أحد أبرز أسباب شعور المواطنين بالظلم، محذرًا من أن غياب المحاسبة على الانتهاكات سواء قبل أو بعد سقوط النظام السابق يدفع الناس إلى أخذ حقوقهم بأيديهم، ويهدد السلم المجتمعي. وطالب الدولة بتحمّل مسؤوليتها في هذا المسار، وإعادة بناء الثقة مع الناس.
الانتهاكات والضبط الأمني
انتقد قبلان السلوك غير المنضبط لبعض القوات الحكومية التي دخلت مناطق في الساحل والسويداء، وارتكبت انتهاكات ضد المدنيين، معتبرًا أن هذا السلوك يُفقد الدولة شرعيتها أمام المواطنين. وقال بوضوح: "إذا لم تكن الدولة قادرة على ضبط قواتها، فلا داعي لإرسالها"، مشيرًا إلى أن قوة الدولة تأتي من انضباط مؤسساتها والتزامها بالقانون.
تحذير من الوصاية الدولية والدور الإسرائيلي
وحذر قبلان من استغلال إسرائيل لحالة الانقسام الداخلي في سوريا، عبر تقديم نفسها كقوة حماية لطوائف أو فئات تشعر بالتهديد، مؤكدًا أن الوحدة الوطنية هي السد الحقيقي أمام أي تدخل خارجي. كما نبّه إلى أن استمرار الفوضى قد يدفع المجتمع الدولي إلى فرض وصاية على سوريا بذريعة منع انهيار الدولة.
وأشار إلى أن المبادرة لا تزال بيد السوريين، وأنهم مطالبون بتقديم تنازلات لبعضهم البعض بدلاً من انتظار حلول خارجية تُفرض عليهم.
السويداء: اختبار جديد لموقف الدولة
تطرق قبلان إلى التطورات الجارية في محافظة السويداء، معبّرًا عن أمله في أن يكون دخول قوات الأمن إليها في سياق اتفاق سياسي شامل، لا كخطوة أمنية منفردة. وأكد أن الدولة مطالبة بكسب ثقة أبناء السويداء، من خلال ضمان أن تكون قواتها قوة حماية لا مصدر تهديد، بما يعزز سيطرتها الرمزية والقانونية لا الأمنية فقط.
خاتمة: العقلانية سبيل النجاة
اختتم الدكتور قبلان رؤيته بالتأكيد على أن جوهر الأزمة في سوريا سياسي بامتياز، وأن تجاوز المحنة يتطلب الحوار لا القمع، والثقة لا التخوين. وأكد أن الوقت لم ينفد بعد، وأن السوريين قادرون على التفاهم وتجاوز الخلافات دون تدخل خارجي، إن توفرت الإرادة السياسية والرؤية الوطنية الجامعة.
أكدت وزارة الصحة السورية أنها مستمرة في أداء واجبها الوطني وتقديم الرعاية الطبية الشاملة والعادلة لجميع السوريين في مختلف المناطق، رغم التحديات الراهنة التي فرضتها التطورات الدامية في محافظة السويداء، مشيرة إلى أنها سخّرت كامل إمكانياتها لضمان عدم توقف الخدمات الصحية الأساسية.
وذكرت الوزارة، في بيان صحفي تلقته وكالة سانا اليوم، أنها فعّلت منذ اللحظات الأولى لاندلاع الأحداث خطة طوارئ صحية متكاملة، وأنشأت فريقًا تقنيًا خاصًا يعمل على مدار الساعة لمتابعة وتنفيذ الاستجابة الصحية العاجلة، شملت نشر سيارات الإسعاف، وتوزيع الأدوية، وتأمين وحدات الدم ومشتقاتها من بنك الدم المركزي، بالإضافة إلى توفير المستلزمات والتجهيزات الطبية والكوادر المتخصصة.
وأوضحت الوزارة أن عمليات التنسيق مستمرة بشكل مباشر بين مديريات الصحة في محافظات السويداء ودرعا ودمشق وريف دمشق، وذلك لضمان تقديم خدمات الإسعاف العاجل ونقل الحالات الحرجة إلى المستشفيات التخصصية في المحافظات الأخرى.
وأشارت الوزارة إلى أنها تعاملت مع 1698 حالة منذ بداية التصعيد، بينها 425 حالة حرجة، فيما تم نقل 1022 مصاباً إلى مشافٍ في محافظات أخرى عبر 57 سيارة إسعاف، كما تم تسجيل 260 حالة وفاة حتى لحظة صدور البيان. وأكدت رفع الجاهزية الكاملة في باقي المحافظات، بالتعاون مع الجهات المعنية، تحسبًا لأي تصعيد إضافي.
وكشفت الوزارة عن تجهيز قافلة طبية طارئة منذ اليوم الثالث للأحداث، تتألف من 20 سيارة إسعاف وفِرَق طبية متخصصة، إضافة إلى كميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات، إلا أن القصف المكثف حال دون دخولها إلى المحافظة، مما اضطر الكوادر إلى التريث حفاظًا على سلامتهم، مع إبقاء القافلة في حالة استعداد دائم للدخول فور توفر ممرات آمنة.
كما أعربت الوزارة عن تقديرها العميق لجميع الكوادر الطبية العاملة في الميدان، والمنظمات الإنسانية المتعاونة، والمجتمعات المحلية، التي تعمل جنبًا إلى جنب لتخفيف معاناة المدنيين. وختمت بالتأكيد على مواصلة العمل رغم كل الظروف، وتسخير كامل الموارد والإمكانات لاستيعاب الوضع المتفاقم، بما يضمن حماية حياة المواطنين وصحتهم.
أعربت الجمهورية العربية السورية في بيان رسمي، اليوم الجمعة، عن قلقها العميق وأسفها الشديد إزاء الأحداث الدامية التي شهدها الجنوب السوري، والتي نجمت عن اعتداءات نفذتها مجموعات مسلحة خارجة عن القانون استهدفت مدنيين، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، مما عرض حياتهم للخطر بشكل مباشر.
وأكد البيان أن الهجوم على العائلات الآمنة وترويع الأطفال والتعدي على كرامات الناس في منازلهم أمر مرفوض بكل المقاييس الأخلاقية والقانونية والإنسانية، مشددًا على أن حماية المدنيين وضمان أمنهم “واجب وطني لا يقبل النقاش”، وأن أي انتهاك لهذه القيم يهدد وحدة المجتمع ويقوض أسس السلم الأهلي.
وجددت الرئاسة السورية موقفها الثابت بأن الدولة هي الضامن الوحيد لجميع السوريين بمختلف انتماءاتهم، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتغليب صوت العقل، والتعاون لإيقاف الاقتتال ومنع تكرار الانتهاكات التي تهدد أمن المواطنين وسلامة المجتمع.
وأشار البيان إلى أن الجهات المختصة تعمل على إرسال قوة متخصصة لفض الاشتباكات وحل النزاع ميدانيًا، بالتوازي مع إجراءات سياسية وأمنية تهدف إلى تثبيت الاستقرار وضمان عودة الهدوء للمحافظة في أسرع وقت.
وختمت الرئاسة بدعوة السوريين إلى التكاتف ونبذ دعوات التصعيد والعمل المشترك لحماية النسيج الاجتماعي المتنوع الذي يميز سوريا عبر العصور.
تأتي إدانة الرئاسة السورية للأحداث الدامية في محافظة السويداء عقب سلسلة تطورات أمنية خطيرة شهدتها المحافظة خلال الأيام الماضية، تمثلت في انسحاب قوات الجيش والأمن الداخلي السوري من بعض المناطق استجابةً لوساطة أميركية-عربية هدفت لتهدئة التوتر، وهو ما استغلته مجموعات مسلحة خارجة عن القانون لشن هجمات انتقامية استهدفت مدنيين من عشائر البدو، شملت حرق منازل وتهجير عائلات، بحسب ما وثقته مصادر رسمية ومحلية.
وكانت هذه التطورات قد أثارت ردود فعل عربية ودولية واسعة، من بينها تأكيد الرئيس السوري أحمد الشرع في بيان سابق التزام الحكومة بمحاسبة المتورطين وضمان بسط سيادة الدولة، في حين أدانت دول عربية وتركيا الاعتداءات، مجددة دعمها لوحدة سوريا واستقرارها
في خضم التصعيد الأمني المتواصل في محافظة السويداء، أصدرت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري بيانًا أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء الانتهاكات التي طالت متطوعيها ومنشآتها خلال تنفيذ مهامهم الإنسانية في المنطقة الجنوبية، مؤكدة التزامها بمبادئ الحياد وعدم التحيّز، واستمرار تقديم الخدمات رغم التحديات الميدانية المتزايدة.
وقالت المنظمة في بيان إن متطوعيها وآلياتها تعرضوا خلال الأيام الماضية لسلسلة من الاعتداءات والانتهاكات، تمثلت بإطلاق النار على سيارة إسعاف، واحتراق أحد مستودعاتها وعدد من الآليات المركونة بالقرب منه، بالإضافة إلى تعرّض عدد من المتطوعين لانتهاكات فردية.
وأبدت المنظمة أسفها العميق حيال هذه التطورات، داعيةً إلى تحييد العمل الإنساني، وحماية المدنيين والمتطوعين من أي استهداف مباشر أو غير مباشر، مشددة على أن سلامة طواقمها تبقى أولوية قصوى، مع تأكيدها استمرار تقديم خدماتها المنقذة للحياة في محافظتي السويداء ودرعا.
الدفاع المدني يفقد أحد كوادره أثناء مهمة رسمية
من جهته، أصدر الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بيانًا منفصلًا أكد فيه فقدان الاتصال برئيس مركز الخوذ البيضاء في مدينة البيضا، حمزة العمران، منذ يوم الأربعاء الماضي، أثناء تنفيذه مهمة لإجلاء فريق تابع للأمم المتحدة داخل مدينة السويداء.
ووفقًا للبيان، دخل العمران مدينة السويداء حوالي الساعة الرابعة والنصف مساءً على متن سيارة تحمل شعارات المنظمة بشكل واضح، غير أن مجموعة مسلحة أوقفته عند دوار السويداء واقتادته إلى جهة مجهولة، ولا يزال مصيره مجهولًا رغم محاولات التواصل المستمرة مع الفصائل المحلية عبر وسطاء.
وأشار الدفاع المدني إلى أن احتجاز العمران يشكّل انتهاكًا صارخًا للقوانين الإنسانية، محذرًا من استخدام سيارة الدفاع المدني التي كان يقودها في أغراض قد تعرض المنظمة أو المدنيين للخطر، ومطالبًا بالإفراج الفوري عنه، مع تحميل الجهات المسيطرة في السويداء المسؤولية الكاملة عن سلامته.
خلفية التوتر: اشتباكات وتهجير وانفلات أمني
تشهد محافظة السويداء، منذ مطلع يوليو/تموز 2025، تصعيدًا ميدانيًا خطيرًا إثر اندلاع اشتباكات عنيفة بين فصائل محلية ومجموعات مسلحة من عشائر البدو، وتركّزت المواجهات بشكل خاص في الريفين الشرقي والغربي للمحافظة، حيث رافقتها عمليات انتقامية شملت حرق منازل وممتلكات، وتهجير قسري لعشرات العائلات البدوية نحو ريف درعا.
جاءت هذه التطورات بعد انسحاب القوات العسكرية النظامية وقوى الأمن الداخلي من المحافظة، تنفيذًا لتفاهمات سياسية هدفت إلى تسليم ملف الأمن إلى الفصائل المحلية ومشايخ العقل، بوساطة عربية وأممية، إلا أن مجموعات "خارجة عن القانون" خرقت هذه التفاهمات وارتكبت انتهاكات جسيمة، دفعت الرئاسة السورية إلى إصدار بيان رسمي حمّلت فيه هذه المجموعات مسؤولية تدهور الأوضاع، مؤكدة نيتها محاسبة المتورطين كافة.
تحذيرات دولية ونزوح داخلي واسع
بالتزامن مع الأحداث، صدرت مواقف دولية منددة، أبرزها من المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، الذي دعا إلى التهدئة وحماية المدنيين، فيما عبّرت كل من السعودية وتركيا عن قلقهما إزاء الاعتداءات والانتهاكات، مشددتين على ضرورة احترام سيادة الدولة السورية وبسط سلطة القانون.
وقد تسببت الأزمة في موجة نزوح داخلية واسعة، خصوصًا من قرى وبلدات الريف الشرقي والغربي، باتجاه مناطق أكثر أمانًا في ريف درعا. ووثّقت منظمات محلية لجوء عشرات العائلات إلى مدارس ومساجد في مدينة بصرى الحرير، وسط معاناة إنسانية متفاقمة، وانقطاع تام للكهرباء والاتصالات في عدد من بلدات السويداء.