كررت ميليشيات الهجري سيناريوهات قديمة اتسمت بالفظاعة مع عشائر البدو في ريف السويداء، ذات الانتهاكات التي ارتكبتها نظام بشار الأسد مع الشعب السوري الحرّ، على مدار 14 عاماً من الحرب، نتيجة انضمامه لصفوف الثورة ومطالبته بالحرية والعدالة.
ساعات مرعبة مملوءة بالخوف والتوسل لطلب الرحمة، عاشتها عشرات العائلات من عشائر البدو في ريف السويداء، عُقب هجمات انتقامية وممارسات إجرامية ارتكبتها مجموعات خارجة عن القانون ضدها، إذ قامت الأخيرة بخرق الاتفاق الذي تم الإعلان عنه بين الدولة السورية ووجهاء ومشايخ محافظة السويداء لاحتواء التصعيد الذي حصل، والذي تسبب بكارثة أدت إلى مقتل وجرح أشخاص في تلك المنطقة.
فوجهت العائلات نداءات استغاثة لإنقاذهم من الانتهاكات والتي تمثلت تبعاً لقصص نقلتها وسائل الإعلام وشهادات حية من متضررين، بارتكاب مجازر تقشعر لها الأبدان، من ذبح وتنكيل بجثث النساء والأطفال، كما قامت تلك العصابات المسلحة التي تتبع للهجري بحرق المنازل والخيام، وأجبرت الأهالي على مغادرة منازلهم بعد الاعتداء عليهم وضربهم.
ذات الوجع ذاقه الشعب السوري في عدة مناطق من البلاد في إدلب وحلب وحمص ودمشق ودرعا طوال سنوات الحرب، مظاهر جثث أبناء العشائر التي عرضتها فيديوهات انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة الطفلة ذات الرأس المقطوع والدماء، أعادت إلى السوريين ذكريات بشعة ومؤلمة.
تذكر السوريون لحظات مشابهة مروا بها خلال المجازر، مثل: مجزرتي الحولة والخالدية في عام 2012، ومجزرة حماة في عهد الرئيس الأسبق حافظ الأسد، وغيرها. حالة من الغضب انتابت الناشطون والحقوقيون مع توالي المشاهد المرعبة التي تسببت بها ميليشيات الهجري، كإعدام إحدى المدنيين من فوق مبنى عالي جداً، وطريقة الذبح والقتل المُتبعة.
أصوات بكاء النساء ونحيبها على الدماء التي أريقت والممتلكات التي تمت استباحتها، أيقظت في السوريين مشاعر الحسرة التي عاشوها على أشقائهم وأبنائهم وأهاليهم الذين قضوا تحت الأنقاض بعد القصف أو بطرق مروعة كالذبح والشنق وغيرها من وسائل القتل التي اتبعها جنود الأسد.
مشاهد الطفلات وهن يبكين بعد الخروج من ديارهن، مكوث العائلات في العراء بعد الهروب الفوري بالأرواح، أعاد السوريون إلى لحظات الهجرة والنزوح بسبب الأسد، عندما خرجوا من منازلهم، تاركين خلفهم أثاث المنزل والممتلكات والأراضي وجميع ما يملكون من ماديات، هرباً من بطش قوات الأسد المخلوع.
مشاهد الإعدامات الميدانية وخوف النساء وجثث المدنيين والأطفال والأشلاء والدماء، رحلات النزوح القسرية، أصوات الرصاص أعادت السوريين سنوات إلى الخلف، إلى انتهاكات مروعة عاشوها بسبب النظام البائد وحلفائه، إلى لحظات عجز وانكسار ومرارة تجرعوها طويلاً.
تعبت سوريا من هذه اللحظات والمشاعر والانتهاكات، لم يعد يتمنى الأهالي سوى أن يعيشوا بسلام بعد سنوات طويلة من الحرب، والاشتباكات التي لم تنتهي بعد بالرغم من سقوط النظام البائد ووعود الحكومة بتحقيق الأمان للأهالي، إلا أن المجموعات الخارجة عن القانون والمتربصون ما يزالون يسعون لحرمان البلاد من الاستقرار.
أصدر الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بيانًا أكد فيه فقدان الاتصال برئيس مركز الخوذ البيضاء في مدينة البيضا، حمزة العمران، يوم الأربعاء الماضي، أثناء توجهه لإجلاء فريق تابع للأمم المتحدة بطلب منهم داخل مدينة السويداء.
وأوضح البيان أن العمران دخل السويداء الساعة الرابعة والنصف عصرًا، وكان يقود سيارة تحمل شعارات المنظمة بشكل واضح. وخلال مروره بدوار السويداء، أوقفت مجموعات مسلحة السيارة، وأنزلت العمران واقتادته إلى مكان مجهول.
وأشار البيان إلى أن محاولات التواصل معه عبر الوسطاء منذ يومين لم تلقَ أي استجابة، محمّلًا الفصائل المسيطرة في السويداء المسؤولية الكاملة عن سلامته، ومطالبًا بالإفراج الفوري عنه، محذرًا من استخدام سيارة الدفاع المدني في أي أعمال أخرى.
واعتبرت المنظمة أن هذا العمل يمثل انتهاكًا خطيرًا للقوانين الإنسانية ويعيق تقديم الخدمات الأساسية التي يحتاجها آلاف المدنيين، مجددة التزامها الكامل بالحياد والوقوف إلى جانب جميع المتضررين في السويداء دون تمييز.
تشهد محافظة السويداء منذ بداية يوليو/تموز 2025 توترات أمنية حادة، تخللتها اشتباكات عنيفة بين فصائل محلية ومقاتلين من عشائر البدو، رافقها عمليات انتقامية شملت حرق منازل وتهجير قسري لعشرات العائلات البدوية، خصوصاً في الريفين الغربي والشرقي.
وجاءت هذه الأحداث عقب انسحاب الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي من المحافظة، بناءً على تفاهمات سياسية هدفت إلى تهدئة الأوضاع وتسليم ملف الأمن للفصائل المحلية ومشايخ العقل. غير أن مجموعات مسلحة وُصفت بأنها “خارجة عن القانون” خرقت هذه التفاهمات وارتكبت انتهاكات بحق المدنيين، وهو ما دفع الرئاسة السورية إلى إصدار بيان رسمي حملت فيه تلك المجموعات مسؤولية ما جرى، مؤكدة أنها ستتم محاسبة جميع المتورطين.
كما رافقت هذه التطورات تحذيرات دولية؛ حيث دعا المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى التهدئة وحماية المدنيين، في حين نددت عدة أطراف عربية ودولية، بينها السعودية وتركيا، بالاعتداءات على المدنيين ودعت إلى احترام سيادة الدولة السورية وبسط سلطة القانون.
وتسببت هذه الأزمة الإنسانية في حركة نزوح واسعة باتجاه ريف درعا، مع تسجيل لجوء عدد من العائلات النازحة إلى مساجد ومدارس في مدينة بصرى الحرير، وسط انقطاع للكهرباء والاتصالات في مناطق عدة من السويداء.
شكّل محافظ درعا، السيد "أنور طه الزعبي"، لجنة طوارئ خاصة لمتابعة أوضاع المهجّرين الوافدين من محافظة السويداء، وتنسيق جهود الاستجابة الإنسانية بالتعاون مع المنظمات والمجتمع المحلي، بهدف تأمين المأوى والاحتياجات الأساسية لهم.
ويأتي هذا التحرك عقب موجة نزوح واسعة شهدتها محافظة السويداء، غادرت على إثرها أكثر من ألف عائلة مناطقها بعد الاعتداءات التي طالت عشائر البدو على يد مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون، ما دفع بالأسر إلى اللجوء نحو عدد من مناطق محافظة درعا، من أبرزها بصرى الشام، ومعربة، والغرية الشرقية، والحراك، وإزرع، وبصر الحرير.
وعملت اللجنة المشكلة على تأمين مراكز إيواء مؤقتة للعائلات، وتوفير مساعدات غذائية وغير غذائية عاجلة، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات الطبية، ولا سيما للنساء الحوامل والأطفال الرضع، وسط ظروف إنسانية حساسة.
وتولى الأستاذ "حسين النصيرات"، عضو المكتب التنفيذي للشؤون الاجتماعية والعمل والطوارئ والكوارث والتعاون الدولي في محافظة درعا، مهمة التنسيق مع المنظمات الإغاثية والمجتمع المحلي لتوحيد الجهود وتقديم استجابات أكثر فاعلية.
وكان كشف وزير الطوارئ وإدارة الكوارث "رائد الصالح"، عبر حسابه في منصة إكس، عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة، تضم الغرفة ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الحكومية، والدفاع المدني السوري، ومنظمات محلية إنسانية ومؤسسات خدمية، وتعمل هذه الغرفة على مدار الساعة لتقديم خدمات الإغاثة والإخلاء والإسعاف.
وذكر أن الغرفة المشكلة جاءت تلبية لنداءات المواطنيين السوريين في المحافظة، عقب الأحداث المؤسفة وفي ظل الظروف الأمنية والإنسانية الصعبة التي تشهدها محافظة السويداء وقدر أنه صباح الخميس 17 تموز 2025، تم إسعاف أكثر من 570 جريحاً، ونقل 87 من الضحايا الذين قتلوا جراء التصعيد.
كما تم إخلاء مئات العائلات إلى مناطق أكثر أماناً، وشارك في الاستجابة 90 متطوعاً مدرّبين ومجهّزين من فرق الدفاع المدني السوري، إلى جانب أسطول ميداني ضمّ 17 سيارة إسعاف، وأكثر من 22 حافلة إخلاء.
فيما ضم الأسطول المذكور 10 سيارات نقل متنوعة، و6 ملاحق إطفاء، وآليات للنقل اللوجستي، بالإضافة إلى غرف تنسيق داخلية لرصد نداءات الاستغاثة وتنظيم عمليات نقل العائلات إلى الأماكن التي تحددها العائلات نفسها أو إلى مراكز إيواء مخصصة.
وكانت قدرت مصادر رسمية في محافظة درعا جنوبي سوريا أن أكثر من 600 عائلة من عشائر البدو فرت من محافظة السويداء نتيجة التوترات الأمنية وانتشرت في مناطق متفرقة من ريف درعا الشرقي في ظروف إنسانية صعبة، دون مأوى.
وثقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 321 سورياً، بينهم 6 أطفال و9 سيدات (إحداهن توفيت إثر أزمة قلبية بعد تلقيها نبأ وفاة حفيدها)، وإصابة ما يزيد عن 436 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة في محافظة السويداء، وذلك خلال الفترة الممتدة من 13 تموز/يوليو 2025 وحتى اليوم.
ويأتي هذا التصعيد في سياق اشتباكات عنيفة وأعمال عنف متصاعدة، شملت عمليات قتل خارج إطار القانون، وقصفاً متبادلاً، إلى جانب هجمات جوية نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
تشمل الحصيلة الأولية ضحايا من المدنيين، بمن فيهم أطفال وسيدات وأفراد من الطواقم الطبية، إضافة إلى مقاتلين من مجموعات عشائرية مسلحة من البدو، وأخرى محلية خارجة عن سيطرة الدولة من أبناء المحافظة، إلى جانب عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة الانتقالية السورية.
أكدت الشَّبكة أنَّ هذه الحصيلة تُعد أولية، وتعكس ما تم التحقق منه حتى لحظة إصدار البيان، على أن يجري تحديثها تباعاً مع ورود المزيد من المعلومات. ولا تزال الجهود جارية لتصنيف الضحايا بحسب الجهة المسؤولة عن الانتهاكات، وتمييز صفتهم بين مدنيين ومقاتلين.
وانطلاقاً من منهجيتها المعتمدة في توثيق الضحايا، والمبنية على قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا تقوم الشَّبكة بتوثيق حالات مقتل المسلحين المنتمين إلى مجموعات خارجة عن سيطرة الدولة في حال قضوا خلال الاشتباكات، باعتبار ذلك لا يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان. في المقابل، تُوثّق الشَّبكة مقتل أي شخص بعد إلقاء القبض عليه باعتباره جريمة قتل خارج نطاق القانون.
تؤكد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّها تتابع التطورات الميدانية في محافظة السويداء، وتواصل العمل على التحقق من تفاصيل الحوادث والانتهاكات المرتكبة، وتوثيقها استناداً إلى إفادات مباشرة وأدلة متاحة، وذلك في إطار سعيها الدائم لتحديد صفة الضحايا وتوثيق المسؤوليات القانونية المترتبة على مختلف الجهات المشاركة في تطورات الأحداث الجارية.
وطالبت الشبكة من الحكومة السورية، ضبط استخدام القوة بما يتوافق مع المعايير القانونية الدولية، والامتناع عن أي استخدام مفرط أو عشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة، لما لذلك من تهديد مباشر لحياة المدنيين وتقويض للاستقرار المجتمعي.
وشددت على أن ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وفوري إلى المناطق المتضررة، وتأمين ممرات آمنة لوصول فرق الإغاثة، وتقديم الدعم الطبي والنفسي للمصابين، ولا سيما الأطفال والنساء.
وطالبت بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع الانتهاكات المبلّغ عنها، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والاختطاف، والاحتجاز التعسفي، والمعاملة المهينة، تمهيداً لمساءلة المتورطين، وتعزيز ثقة المجتمع بمؤسسات العدالة.
وأكدت على حماية المراكز المدنية الحيوية، مثل المدارس والمستشفيات ودور العبادة، ومنع استخدامها لأغراض عسكرية أو تعرّضها لأي اعتداء، والعمل على تحييدها بشكل كامل عن دائرة النزاع، واحترام مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان من قبل جميع الأطراف، وتأكيد التزامات الدولة في هذا الإطار.
كذلك دعم دور المؤسسات المحلية والمجتمعية في تسوية النزاعات، عبر تعزيز مبادرات الحوار الأهلي والوساطات المدنية، وإشراك الوجهاء والقيادات المجتمعية والدينية في جهود التهدئة ومنع التصعيد.
والحد من الخطاب التحريضي والطائفي على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، والترويج لخطاب الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، عبر إجراءات رقابية ومبادرات توعية مجتمعية فعالة.
وضمان الشفافية والمساءلة في العمليات الأمنية التي تنفّذها الجهات الرسمية، مع ضرورة إبلاغ السكان مسبقاً بأي إجراءات قد تمس حياتهم اليومية، كفرض حظر التجوال أو تنفيذ الحملات الأمنية، وتوفير آليات تظلّم فعالة.
وطالبت بتشجيع الإعلام المحلي والوطني على أداء دور مسؤول ومتوازن يرتكز على توثيق الوقائع دون إثارة النزاع، والمساهمة في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والسلم الأهلي، وتقديم الدعم الشامل للضحايا وذويهم، بما يشمل الرعاية النفسية والاجتماعية، والتعويض العادل، والاعتراف بمعاناتهم، ودمجهم في مسارات العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
ولفتت إلى أهمية تفعيل برامج التوعية والتثقيف في مجالات حقوق الإنسان، وقيم التسامح والتعددية والمواطنة، خصوصاً في المناطق المتضررة من النزاع، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والمبادرات المحلية.
وشددت على ضرورة الاستفادة من الخبرات الوطنية والدولية في مجال إدارة الأزمات، وتطوير آليات استجابة سريعة للنزاعات المحلية تقوم على الوقاية والوساطة والمشاركة المجتمعية، بعيداً عن الحلول العسكرية وحدها، ومراجعة مسار الانتقال السياسي الذي جرى بشكل مركزي، والعمل على توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية والتعددية في مختلف مؤسسات الدولة.
نفت وزارة الخارجية الأمريكية أي دور داعم للضربات الجوية التي نفذتها إسرائيل مؤخرًا في سوريا، مؤكدة أن واشنطن أعربت عن استيائها إزاء التصعيد الأخير، وسارعت إلى بذل جهود دبلوماسية لاحتوائه.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، في مؤتمر صحفي: "فيما يتعلق بالتدخل الإسرائيلي والأنشطة الأخيرة، يمكنني التأكيد أن الولايات المتحدة لم تؤيد الغارات الجوية التي نُفذت مؤخرًا داخل الأراضي السورية".
وأوضحت بروس أن بلادها أجرت اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوى مع كل من الجانبين الإسرائيلي والسوري، في محاولة لمعالجة التوترات الحالية، والتوصل إلى تفاهمات تحول دون تصاعد الأزمة.
ورفضت المتحدثة الرد على سؤال بشأن ما إذا كانت واشنطن تدعم قيام إسرائيل بتنفيذ عمليات عسكرية عندما تعتبرها ضرورية، وقالت: "لن أعلّق على محادثات سابقة أو مقبلة. تركيزنا الآن منصبّ على التعامل مع ما حدث مؤخرًا، وقد عبّرنا عن موقفنا بوضوح، خاصة من قبل الرئيس ترامب، واتخذنا إجراءات سريعة لاحتواء الموقف".
وكانت إسرائيل قد نفذت يوم الأربعاء سلسلة من الغارات الجوية استهدفت مواقع في العاصمة دمشق ومواقع عسكرية حكومية جنوب سوريا، مطالبة بانسحاب القوات السورية من مناطق في محيط السويداء، وبرّرت هجومها بأنه يهدف إلى "حماية الطائفة الدرزية" في جنوب البلاد، والتي تشكل أقلية دينية لها امتدادات في لبنان وإسرائيل.
نفّذ فرع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في محافظة دير الزور، جولة رقابية شملت عدداً من الأفران الحكومية والخاصة في مدينة دير الزور، وذلك لمتابعة واقع إنتاج الخبز وضمان التزام الأفران بالمواصفات والمعايير المطلوبة.
وتركزت الجولة على مراقبة جودة الرغيف، والنظافة العامة، وسير عمل خط الإنتاج، إضافة إلى التحقق من وزن ربطة الخبز وعدد الأرغفة ضمن كل ربطة، في خطوة تهدف إلى رفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين.
كما قامت اللجنة المختصة بالتحقق من الكميات المستلمة من مادة الدقيق، ومطابقتها مع كميات الإنتاج الفعلية، فضلاً عن توثيق الملاحظات المرتبطة بجودة الرغيف وسلامة عمليات التصنيع.
وأسفرت الجولة عن اتخاذ الإجراءات القانونية بحق عدد من المخالفين، وذلك بالتعاون مع مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي شاركت في تنفيذ الحملة الرقابية.
وأكد فرع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في دير الزور أن هذه الجولات ستستمر بشكل دوري، في إطار الحرص على ضمان وصول رغيف الخبز للمواطنين بجودة عالية ووفق المواصفات المعتمدة.
وعادت أزمة الخبز لتطفو مجددًا على سطح المشهد المعيشي في ريف دير الزور الشرقي، وسط شكاوى متكررة من الأهالي بشأن ارتفاع الأسعار وتدني الجودة، في ظل غياب استجابة ملموسة من الجهات المعنية.
ويعاني الأهالي من استمرار توزيع الخبز عبر المعتمدين، انطلاقًا من عدّة أفران، من بينها فرن "الخلف" الآلي الذي يُعد من الأفضل من حيث جودة الرغيف، لكنه يستلم كمية محدودة من الطحين لا تتجاوز الطنين يوميًا.
ويتم تأمين باقي الكميات من فرنين آخرين في مدينة العشارة، يحصل كل منهما أيضًا على مخصصات يومية تُقدّر بطنين فقط، ما ينعكس سلبًا على الكمية والجودة معًا.
ويطالب السكان الجهات المعنية بزيادة كميات الطحين المخصصة للأفران، إلى جانب فرض رقابة فعلية على جودة الإنتاج وآليات التوزيع، إلا أن هذه المطالب لا تزال دون أي تحرك فعلي، ما يعمّق معاناة المواطنين في واحدة من أكثر السلع ارتباطًا بالأمن الغذائي.
وفي تطور لافت، تمّت الموافقة رسميًا على اعتماد فرن "القورية" شرقي دير الزور ضمن قائمة الأفران الاحتياطية التابعة للدولة، ومن المتوقع تسليمه خلال الأسبوع الجاري تمهيدًا لبدء تشغيله، وسط آمال بأن يسهم هذا الإجراء في تخفيف الضغط وتحسين واقع الخبز في المنطقة.
وصرح مدير عام المؤسسة في حديث صحفي سابق إن مادة الخبز في سوريا هي مطلب وحاجة كل عائلة وهو مادة أساسية، وتم إلغاء البطاقة الذكية (بطاقة دعم كانت تستخدم أيام النظام البائد) وتوجيه المخابز بإعطاء المواطن حاجته من الخبز".
وفي شأن استمرار الطوابير أمام المخابز أكد أنه "تم وضع خطة من أجل إنهاء ظاهرة الطوابير بزيادة عدد المخابز بالمحافظات، على أن تكون متوزعة بجميع أرجاء المحافظة".
وفيما يتعلق بتضاعف سعر الربطة بعد انهيار نظام الأسد أوضح أن "الدولة السورية كانت تدعم مادة الخبز، وهو عبئ كبير، وعند سقوط النظام البائد وجدت الحكومة الخزينة السورية فارغة ومنهوبة من قبل عصابات الأسد المجرم، مما شكل عبئا كبيرا جدا على كاهلها".
وعن انخفاض وزن الربطة أجاب "لقد قل وزن الربطة حفاظا على المخزون الحالي، وأضاف "الحكومة تسعى جاهدة إلى إيجاد الحلول المناسبة من أجل استمرار تقديم مادة الخبز إلى أهلنا بسوريا".
وقال بوقت سابق إنه بعد تقييم أولي للمحافظات وأريافها، من حيث عدد السكان وكثافتهم في المناطق والمدن والقرى والمساحة الجغرافية، أعلنت المؤسسة عن حاجتها لإقامة مخابز جديدة في أغلب المحافظات، بهدف تخديمها بالشكل الأمثل، وتخفيف الازدحام على المخابز.
أفاد مسؤول إسرائيلي، اليوم الجمعة، أن حكومة الاحتلال لن تعترض على دخول محدود لقوات الأمن الداخلي السورية إلى محافظة السويداء خلال الساعات الـ48 المقبلة، وذلك وسط استمرار التوتر الأمني في الجنوب السوري.
وأوضح المسؤول، الذي تحدّث إلى الصحفيين مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن هذا الموقف يأتي "في ظل تصاعد حالة عدم الاستقرار في جنوب غرب سوريا"، مشيراً إلى أن تل أبيب "لن تمانع تحركاً محدوداً لقوى الأمن السورية باتجاه السويداء خلال اليومين القادمين".
ويأتي هذا التصريح بعد ساعات من إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عن إطلاق حزمة مساعدات إنسانية عاجلة موجهة إلى السويداء بقيمة مليوني شيكل، تتضمن طرودًا غذائية وإمدادات طبية. وقال ساعر في بيانه: "أصدرت تعليمات فورية بتحويل المساعدات لأبناء الطائفة الدرزية في السويداء بعد سلسلة الهجمات الأخيرة التي تعرضوا لها".
في المقابل، نفت وزارة الداخلية السورية ما تم تداوله بشأن تحرك أو انتشار جديد لقوات الأمن في المحافظة. وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، نور الدين البابا، في تصريح لوكالة "سانا"، إن "الأنباء التي تحدثت عن دخول قوى الأمن الداخلي إلى السويداء لا تمت للحقيقة بصلة"، مضيفاً أن الوزارة "لم تصدر أي بيان بهذا الشأن".
واتهم البابا بعض الوسائل الإعلامية بترويج "معلومات مغلوطة"، مؤكداً أن "قوات وزارة الداخلية تعمل ضمن الجاهزية المعتادة، ولا توجد أي تحركات استثنائية على الأرض حتى الآن".
ويأتي هذا النفي بعد بيان أصدرته رئاسة الجمهورية مساء أمس الخميس، حمل اتهامات واضحة لما وصفته بـ"المجموعات الخارجة عن القانون" بارتكاب "مجازر بحق المدنيين" عقب انسحاب القوات النظامية من المحافظة. وأكد البيان أن الانسحاب جاء في سياق "منع التصعيد وتلبية لمبادرة وساطة عربية وأميركية"، لكنه أشار إلى أن "ما تلا الانسحاب شكّل خرقاً واضحاً للتفاهمات، وتسبب في أعمال انتقام تهدد السلم الأهلي".
وشددت الرئاسة على أن الدولة السورية "لن تتهاون في حماية كافة أبناء الوطن، وستحاسب كل من يتورط في تجاوز القانون"، داعية المجتمع الدولي إلى "الوقوف إلى جانب مؤسسات الدولة في مساعيها لإعادة الأمن والاستقرار، وبسط سلطة القانون على كامل التراب السوري".
أعلن "رائد الصالح" وزير الطوارئ وإدارة الكوارث، عن تفعيل غرفة عمليات طارئة لمواجهة التصعيد الأمني والإنساني في محافظة السويداء.
وأكد الوزير أن هذه المنظومة المشتركة، التي تضم ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الحكومية، الدفاع المدني السوري، منظمات إنسانية محلية، ومؤسسات خدمية، بدأت العمل الفوري منذ اندلاع الأزمة، لتقديم خدمات إنقاذ شاملة على مدار الساعة.
ووفق الصالح، تمكنت فرق الطوارئ حتى صباح اليوم الخميس من إسعاف أكثر من 570 جريحًا**، ونقل 87 جثة إلى المستشفيات، من ضحايا الأعمال العدائية الأخيرة، كما تم إجلاء مئات الأسر من مناطق التوتر إلى مناطق أكثر أمانًا، استجابة لنداءات الأهالي.
وشارك في هذه الجهود 90 متطوعًا من الدفاع المدني السوري، تم تدريبهم وتوفير التجهيزات اللازمة. إلى جانب ذلك، تم نشر أسطول ميداني يشمل 17 سيارة إسعاف و22 حافلة إخلاء و10 مركبات نقل متعدّدة الأغراض و6 وحدات إطفاء وآليات للنقل اللوجستي.
وأُنشئت غرف تنسيق ميدانية لاستقبال نداءات المستغيثين وتنظيم الإخلاء بناءً على رغبات العائلات، سواء إلى أماكن تختارها العائلة أو إلى مراكز إيواء مخصصة.
تأتي هذه الجهود في سياق تفاقم الاشتباكات الأمنية والانتهاكات في المحافظة، والتي تدهور أثرها على السكان والمدنيين، ما دفع الدولة وفرق الطوارئ لتعزيز جلّ استجابتها الإنسانية بالتعاون مع الجهات المعنية.
تبرعت مديرية أوقاف دمشق بأربعة أجهزة تخدير حديثة لغرف العمليات في مشفى دمشق (المعروف بمشفى المجتهد)، بقيمة بلغت 80 ألف دولار أميركي، في خطوة وصفت بأنها استجابة إنسانية عاجلة لتحسين الوضع الطبي في المستشفى الذي يعاني من تهالك التجهيزات منذ عام 2006.
ويأتي التبرع تنفيذًا لتوجيهات وزير الأوقاف الدكتور محمد أبو الخير شكري، عقب زيارته للمشفى برفقة مدير أوقاف دمشق، وذلك للاطلاع على أوضاع الجرحى والمصابين جراء القصف الإسرائيلي الأخير الذي استهدف العاصمة.
وبحسب ما ورد في الوثيقة الصادرة عن مديرية أوقاف دمشق، فإن المبلغ المخصص لشراء الأجهزة تم اقتطاعه من عائدات مزاد علني أقامته المديرية لتأجير صالة كانت تستثمرها سابقًا شخصيات مقرّبة من رستم غزالة في منطقة المزة غربي جامع الهدى، حيث جرى إخراج المستثمرين السابقين وتأجير العقار بمبلغ سنوي قدره 286 ألف دولار.
وتشير الوثيقة إلى أن الأجهزة الحالية في مشفى دمشق لم تُحدث منذ نحو عقدين، ما دفع وزارة الأوقاف لاتخاذ هذا الإجراء كنوع من الإسهام في دعم القطاع الصحي الذي يعاني من تدهور واسع نتيجة الحصار والعقوبات، إضافة إلى الأضرار المباشرة الناتجة عن الاستهدافات العسكرية على يد نظام الأسد البائد.
هذا وتُظهر هذه الخطوة توجّه وزارة الأوقاف في الحكومة السورية نحو توسيع مساهماتها في الجوانب الخدمية والإنسانية، لا سيما في ظل الضغوط التي تواجهها المؤسسات العامة، بما في ذلك المشافي الكبرى في العاصمة السورية دمشق.
دعا رئيس تجمع عشائر الجنوب السوري، الشيخ راكان الخضير، إلى تدخل عاجل لوقف الانتهاكات التي يتعرض لها أبناء العشائر في محافظة السويداء، مطالبًا بالإفراج الفوري عن أكثر من 2000 من الرهائن والمحتجزين، بينهم أطفال ونساء، لدى جماعات مسلحة تابعة لحكمت الهجري.
وقال الخضير في تصريحات لقناتي الجزيرة وتلفزيون سوريا إن انسحاب القوات الحكومية من السويداء تسبب في فراغ أمني استغلته ميليشيات الهجري لتنفيذ عمليات قتل وتنكيل وارتكاب مجازر بحق المدنيين، من بينها عمليات موثقة لقطع رؤوس أطفال واغتصاب نساء.
وأوضح أن ما تسرب من فيديوهات لتلك الجرائم “أثار بركاناً في صفوف العشائر”، ما دفع إلى إعلان النفير العام وتوجه آلاف العناصر إلى المنطقة رغم غياب التنظيم المركزي وغياب أي جهة رسمية تتولى التنسيق.
وأشار الخضير إلى أن ما يزيد عن 100 ألف مدني من أبناء العشائر باتوا مهجرين في العراء بريف درعا الشرقي دون أي تدخل من الحكومة أو المنظمات الإنسانية، داعياً الصليب الأحمر إلى التدخل العاجل.
وأكد أن العشائر لم تكن يوماً طرفاً في الفتنة، وتمد يدها دائماً للصلح والتفاهم، مشدداً على أن هدف التحرك الحالي هو تحرير الرهائن فقط، لا استهداف الدروز أو افتعال حرب أهلية.
وطالب الخضير بوجود طرف ضامن لأي مبادرة تهدئة، لأن الدولة كما قال “أثبتت عجزها عن حماية المدنيين وضبط الأمن”. كما ناشد مشايخ وعقلاء الطائفة الدرزية بتوحيد كلمتهم لوقف الفوضى، مشيراً إلى أن المجازر ارتكبت على يد المجلس العسكري التابع للهجري دون محاسبة.
وختم بالقول: “نريد التعايش ونرفض الفتنة، لكن إن لم تتحمل الدولة مسؤوليتها، فالعشائر ستفعل ذلك بنفسها حفاظًا على كرامتها ووجودها”.
أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، اليوم الجمعة، أن ما تم تداوله عبر بعض الوكالات والقنوات الإعلامية حول دخول قوى الأمن الداخلي إلى محافظة السويداء "غير صحيح على الإطلاق".
وأوضح البابا أن "الوزارة لم تصدر أي تصريح رسمي بهذا الخصوص"، محمّلاً الجهات الإعلامية التي نشرت هذه الأخبار مسؤولية "نقل معلومات غير دقيقة وغير موثوقة"، ومؤكداً أن "قوات وزارة الداخلية في حالة جاهزية طبيعية دون أي تحرك أو انتشار في المحافظة حتى الآن".
ويأتي هذا النفي في أعقاب بيان رسمي صادر عن رئاسة الجمهورية العربية السورية مساء أمس الخميس، أكدت فيه أن "المجموعات الخارجة عن القانون ارتكبت جرائم مروعة بحق المدنيين في السويداء عقب انسحاب قوات الجيش والأمن الداخلي من المحافظة"، مشددة على "محاسبة جميع المتورطين في تلك الجرائم".
وأوضحت الرئاسة أن "عملية الانسحاب العسكري جاءت في إطار حرص الدولة السورية على تجنيب البلاد مزيداً من التصعيد، واستجابةً لوساطة أميركية وعربية"، لافتةً إلى أن "ما جرى لاحقاً مثَّل خرقاً واضحاً لهذه التفاهمات، عبر عمليات انتقامية وجرائم تهدد السلم الأهلي وتدفع باتجاه الفوضى".
وجددت الرئاسة السورية التزامها بـ"حماية جميع أبناء الشعب السوري ومحاسبة كل من تجاوز القانون"، داعيةً المجتمع الدولي إلى "دعم جهود الدولة في استعادة الاستقرار وبسط سلطة القانون على كامل الأراضي السورية".
قدّمت النيابة العامة الفدرالية الألمانية لائحة اتهام أمام محكمة كوبلنز العليا ضد خمسة فلسطينيين سوريين، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، خلال مشاركتهم بحصار مخيم اليرموك جنوبي دمشق، إلى جانب ميليشيات موالية لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وبحسب بيان النيابة الألمانية، فإن المتهمين هم: جهاد.أ (المعروف بـ"جهاد الجمباز")، ومحمود.أ، ومظهر.ج، وسمير.س، ووائل.س، وجميعهم متهمون بجرائم قتل ومحاولة قتل وتعذيب وحرمان من الحرية، والتواطؤ مع أجهزة استخبارات النظام، وخاصة "فرع فلسطين" (الفرع 235)، بين عامي 2011 و2014.
تفاصيل الاتهامات
تشير لائحة الاتهام إلى أن المتهمين الأربعة الأوائل انضموا، مطلع عام 2012، إلى ميليشيات موالية للأسد هي "حركة فلسطين الحرة" و**"الجبهة الشعبية – القيادة العامة"**، بينما كان المتهم الخامس ضابطاً في فرع فلسطين منذ ربيع 2011.
وشارك المتهمون، وفق النيابة، في قمع مظاهرات سلمية داخل المخيم، حيث أطلقوا النار على متظاهرين في 13 تموز 2012، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة آخرين بجروح خطيرة. كما كرروا إطلاق النار في آب 2012، ما أدى إلى إصابة مدنيين آخرين.
واتهمت النيابة المتهمين بارتكاب اعتداءات متكررة على المدنيين عند الحواجز الأمنية، تضمنت الضرب بالأيدي وأعقاب البنادق والركل في الرأس، إضافة إلى تنفيذ اعتقالات غير قانونية وتسليم المعتقلين لأجهزة الأسد الأمنية، حيث قضى عدد منهم تحت التعذيب أو نتيجة ظروف الاحتجاز القاسية.
كما وجّهت اتهامات لـمحمود.أ بالمشاركة في منع توزيع المساعدات الغذائية مرتين، في إطار سياسة التجويع التي انتهجها النظام لإخضاع سكان المخيم المحاصر منذ تموز 2013.
الاعتقالات والمحاكمة
وكانت السلطات الألمانية قد ألقت القبض، في 3 تموز 2024، على المتهمين الخمسة، الذين ينتمون إلى ميليشيات موالية للنظام أو الأجهزة الأمنية، في إطار مذكرات اعتقال صادرة بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.
وتُعد هذه القضية إحدى أبرز القضايا القضائية الأوروبية لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات في سوريا، حيث من المتوقع أن تبدأ جلسات المحاكمة في محكمة كوبلنز العليا قريباً.