أصدر مصرف سوريا المركزي، اليوم الخميس، نشرة أسعار الصرف الرسمية للعملات الأجنبية مقابل الليرة السورية، والتي بدأ العمل بها اعتباراً من 17 تموز الجاري. ووفق النشرة، بلغ سعر صرف الدولار الأميركي 11,110 ليرات سورية، في حين سجل اليورو 12,930.93 ليرة سورية، والجنيه الإسترليني 14,990.47 ليرة سورية.
كما حُدد سعر صرف الريال السعودي عند 2,962.11 ليرة سورية، والدينار الكويتي عند 36,354.71 ليرة سورية، بينما سجلت الليرة التركية 277.34 ليرة سورية.
وأشار المصرف في النشرة إلى أن الأسعار الواردة تُطبق على الحوالات والعمليات المصرفية الرسمية، وتخضع لهامش تغيير بنسبة 5% في بعض المعاملات التجارية والمصرفية.
وتأتي هذه النشرة في إطار الإجراءات الدورية للمصرف المركزي لضبط حركة سوق الصرف، ومواكبة المتغيرات الاقتصادية والمالية على المستوى المحلي والدولي.
شهدت أسعار الصرف الرسمية التي يحددها مصرف سوريا المركزي منذ مطلع يوليو 2025 استقراراً نسبياً مع تسجيل تذبذبات طفيفة مرتبطة بحركة السوق المحلية وحجم التدفقات النقدية. ففي بداية الشهر، كان سعر صرف الدولار الأميركي مثبتاً عند 11,050 ليرة سورية، قبل أن يشهد ارتفاعاً تدريجياً ليصل اليوم إلى 11,110 ليرات سورية، وهو أعلى مستوى له منذ بداية العام.
أما اليورو، فقد سجل خلال الأسبوع الأول من يوليو متوسط سعر بلغ 12,870 ليرة سورية، ليرتفع اليوم إلى 12,930.93 ليرة سورية، متأثراً بتغيرات أسعار الصرف العالمية وقوة العملة الأوروبية مقابل الدولار.
وتشير تقديرات خبراء اقتصاديين إلى أن هذا الاستقرار النسبي يعود إلى تشديد الرقابة على سوق القطع الأجنبي وتوجيه الحوالات عبر القنوات الرسمية، إضافةً إلى إجراءات جديدة اتخذها المصرف للحد من المضاربات، من بينها ضبط عمليات تمويل المستوردات عبر البنوك المعتمدة.
أصدر مصرف سوريا المركزي بياناً حذّر فيه من تزايد حالات الاحتيال التي طالت عملاء في القطاع المصرفي مؤخراً، وأدت إلى خسارة بعضهم مبالغ من ودائعهم، وأكد أن عدداً من الأشخاص يستغلون حاجة المواطنين لتسييل أموالهم المودعة، عبر وسائل وأساليب ملتوية تندرج تحت جرائم الاحتيال المالي.
وأوضح المصرف أن بعض المحتالين يعمدون إلى نشر إعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي يزعمون فيها إمكانية استقبال الأموال على حساباتهم المصرفية وتسليم قيمتها نقداً أو عبر حوالات داخلية مقابل عمولة محددة، لكنهم يختفون فور إتمام التحويل دون تسليم الأموال.
كما أشار إلى وجود حالات يتم فيها إرسال روابط إلكترونية للضحايا تُستخدم لسرقة معلومات الدخول إلى حساباتهم، ليقوم الجناة لاحقاً بتنفيذ عمليات تحويل من تلك الحسابات دون علم أصحابها.
ولفت المركزي إلى أن بعض الضحايا تعرضوا لتسليم أوراق نقدية أو إشعارات حوالات مصرفية اتضح لاحقاً أنها مزورة أو تحمل شبهة تزييف، بينما تم الإبلاغ عن حالات أخرى جرى فيها خداع العملاء من خلال وعود بإيداع مقابل نقدي بالليرة السورية لحوالات تُسلم بالدولار، وبسعر صرف مغرٍ لا يتوافق مع النشرات الرسمية، قبل أن يختفي المتورطون ويتنصلوا من التنفيذ.
وفي ختام بيانه، شدد المصرف على ضرورة توخي الحذر وعدم التعامل مع جهات أو أفراد غير معروفين، وعدم الانجرار وراء أي روابط إلكترونية أو إعلانات مشبوهة، مؤكداً أن ذلك لا يعرّض الضحايا لخسارة أموالهم فحسب، بل قد يورطهم قانونياً، خاصة في حال ثبوت وجود ارتباط بين هذه العمليات ومخالفات خطيرة مثل غسيل الأموال أو تمويل الإرهاب.
وأكد أن حماية أموال العملاء تتطلب وعياً وانتباهاً، والامتناع الكامل عن أي معاملات خارج القنوات المصرفية الرسمية والمعروفة، وكانت أصدرت هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية تنويهاً حذّرت فيه من التعامل مع منصات أو مكاتب تدّعي تقديم خدمات التداول في سوق الفوركس أو العملات الرقمية المشفّرة داخل سوريا، مؤكدة أن هذه الجهات غير مرخّصة قانوناً.
وذكرت الهيئة في بيانها الذي نشرته مؤخراً، أن معلومات تم تداولها في وسائل الإعلام خلال الآونة الأخيرة تشير إلى وجود كوات ومنصات تروّج لخدمات من هذا النوع، في حين أن القوانين السورية السارية لا تُجيز ترخيص مثل هذه الأنشطة، مما يجعل ممارستها مخالفة قانونية صريحة.
ونوّهت الهيئة إلى أن الاستثمار في هذه المجالات ينطوي على مخاطر مالية عالية، إلى جانب احتمال التعرّض لعمليات احتيال وتلاعب من قبل جهات غير خاضعة لأي رقابة تنظيمية.
وأكدت الهيئة أن التداول في الفوركس أو العملات الرقمية من دون ترخيص رسمي قد يؤدي إلى خسائر فادحة للمواطنين، داعية إلى توخي الحذر وعدم الانجرار وراء الإعلانات المضلّلة.
كما شدّدت الهيئة على أن ممارسة هذا النشاط دون ترخيص يعرّض الجهة القائمة عليه للمساءلة القانونية، داعية المواطنين إلى الإبلاغ عن أي جهات تدّعي تقديم خدمات تداول أو استثمار من هذا النوع داخل البلاد.
هذا وصرح رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية الدكتور "عبد الرزاق قاسم"، بوقت سابق أن الانتقال إلى سياسة الاقتصاد المفتوح يتطلب توفير بيئة تشريعية وتنظيمية مرنة، تساعد الشركات المساهمة على العمل بحرية وثقة، ولا سيما في ظل التسهيلات المتاحة بعد تخفيف العقوبات الغربية وإتاحة تمويل الأموال عبر النظام المصرفي.
أدان المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي السورية، بما في ذلك الغارات الجوية التي استهدفت وسط دمشق، وأسفرت عن استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة 34 آخرين، إلى جانب أضرار مادية جسيمة في الممتلكات، وفق ما أعلنه في بيان نشره مكتبه الرسمي.
وحث بيدرسون إسرائيل على الوقف الفوري لجميع انتهاكاتها لسيادة سوريا وسلامة أراضيها، داعيًا إلى الامتناع عن أي إجراءات أحادية الجانب من شأنها زيادة الصراع.
كما جدّد مناشدته الحكومة السورية وجميع الأطراف السورية بمواصلة بناء توافق سياسي يضمن الاستقرار ويحافظ على وحدة سوريا وتنوع مكوناتها.
وفيما يخص التطورات في محافظة السويداء، كرر بيدرسون دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى التهدئة الفورية وحماية المدنيين والعودة إلى الحوار، مشددًا على ضرورة إجراء تحقيق شفاف وعلني ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
جاء بيان بيدرسون في ظل تصعيد عسكري واسع شهدته سوريا يوم أمس، حيث شنّ سلاح الجو الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت مبنى الأركان وقصر الشعب في دمشق، إضافة إلى مواقع عسكرية في محافظتي درعا والسويداء، منها استهداف اللواء 132 في درعا.
ووفق وزارة الصحة السورية، تسببت هذه الغارات في خسائر بشرية وأضرار مادية كبيرة.
وفي السويداء، تزامنت هذه التطورات مع اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري ومجموعات مسلحة خارجة عن القانون، أسفرت عن مقتل وجرح عشرات العسكريين والمدنيين منذ بداية الأسبوع، ما دفع الحكومة السورية إلى تعزيز انتشارها الأمني في المحافظة.
وعلى الصعيد الدولي، توالت الإدانات العربية والدولية للغارات الإسرائيلية؛ إذ وصف مجلس التعاون الخليجي الهجمات بأنها “عدوان صارخ”، واعتبرت الخارجية التركية أنها “محاولة لتخريب مساعي إرساء السلام”، فيما أكدت هيئة الطيران المدني السورية إغلاقًا مؤقتًا للممر الجوي الجنوبي “حرصًا على السلامة الجوية”.
وأعلنت الولايات المتحدة أنها “تبذل جهودًا لتهدئة الوضع” في ظل مخاوف من اتساع دائرة التصعيد.
في شوارع سوريا التي تبدو نظيفة ومنسّقة، قد لا يلحظ المارّة من يقف خلف هذا المشهد المرتب. إذ يقف عمّال النظافة في الخطوط الأولى لصناعة هذا الجمال اليومي، وهم يؤدون عملهم بهدوء وتفانٍ وسط ظروف معيشية صعبة، وإرهاق جسدي لا يظهر على الواجهة كما تظهر الأرصفة اللامعة والساحات النظيفة.
فمنذ ساعات الصباح الأولى، يبدأ عمّال النظافة يومهم بالتنقل بين الأحياء والشوارع، يحملون أدواتهم ويجمعون النفايات وينقلونها إلى الحاويات المخصصة، ليحافظوا على مشهد يومي اعتاده السوريون، دون أن يدرك كثيرون حجم الجهد المبذول خلفه. ورغم طبيعة عملهم الشاقة، يواصلون مهامهم بإصرار، متجاهلين نظرات الاستعلاء أحيانًا، أو الشفقة المؤلمة أحيانًا أخرى، مستمرّين في أداء دورهم في الحفاظ على بيئة المدينة.
عبء إضافي في زمن الانهيار
لم يكن عمال النظافة بمنأى عن التبعات القاسية للحرب التي مزقت البلاد. فمع تدهور الاقتصاد، وارتفاع الأسعار بشكل متسارع، باتت أجورهم لا توازي أدنى احتياجات المعيشة اليومية. وازداد العبء مع انهيار قيمة الليرة السورية، لتتحول رواتبهم الضئيلة إلى مجرد أرقام لا تصمد أمام متطلبات السوق، تاركة عائلاتهم في صراع يومي مع الفقر والحاجة.
تقول إحدى العاملات في مجال التنظيف بمدينة حماة: "الراتب لا يكفي ثمن الخبز، نعمل تحت الشمس أو المطر، ونعود إلى منازلنا بحاجات لا نقدر على تلبيتها". هذا الصوت يتكرر في مختلف المدن، ليكشف عن واقع تتقاطع فيه الحاجة مع الواجب، وسط تجاهل رسمي طويل الأمد.
مهنة شاقة ومخاطر يومية
إلى جانب الضائقة المعيشية، يواجه عمّال النظافة تحديات ترتبط بطبيعة عملهم اليومي. فهم يتعاملون بشكل مباشر مع النفايات، بما في ذلك المخلفات الطبية والزجاج المكسور والمواد الحادة، ما يعرضهم لمخاطر صحية مستمرة، في ظل غياب أدوات الحماية الكافية أو التأمين الصحي.
العمل المتكرر في ظل درجات حرارة مرتفعة أو أجواء باردة، والتعرض للروائح الكريهة والمخلفات المتحللة، يترك آثارًا صحية مزمنة على أجسادهم. وتنتشر بين كثير منهم مشكلات في الظهر والمفاصل بسبب ساعات العمل الطويلة وحمل الأكياس الثقيلة دون أدوات مساعدة.
وصمة اجتماعية تلاحقهم
رغم أهمية الدور الذي يلعبه عمال النظافة في الحفاظ على البيئة والصحة العامة، لا يزال بعض أفراد المجتمع ينظر إليهم بنوع من الدونية. وتُسجَّل حالات تنمّر واستهزاء تطال أبناءهم في المدارس، ما يترك جراحاً نفسية عميقة لا تلتئم بسهولة.
أحد العاملين في مدينة دمشق روى كيف تعرض ابنه لحملة تنمّر في مدرسته، حين أطلق عليه زملاؤه لقب "ابن الزبّال"، ما اضطره إلى نقله لمدرسة أخرى في حي مختلف. وفي حادثة أخرى، ذكر عامل آخر أنه سمع فتاتين تتهكمان عليه خلال عمله في الشارع، عندما قالت إحداهن مازحة للأخرى: "هذا خطيبك"، لتردّ الثانية: "لا لا، خطيبك إنتِ"، في مشهد بسيط ظاهرياً، لكنه حمل له إهانة جارحة ظلّ صداها في ذاكرته طويلاً.
مهنة شريفة.. ورسالة توعية
على الرغم من تلك المعاملة القاسية من البعض، فإن كثيراً من عمال النظافة يعبّرون عن فخرهم بمهنتهم، ويؤكدون أنهم يؤدون عملاً نبيلاً يخدم المجتمع ويكسبهم لقمة العيش بالحلال. يقول أحدهم: "أنا لا أسرق، ولا أتسوّل، أنظف الشارع لأعيش، وهذا شرف لي".
وينادي مراقبون بضرورة تعزيز ثقافة احترام العاملين في هذا القطاع، خاصة بين الأجيال الجديدة، من خلال المناهج الدراسية والإعلام، والتأكيد على أن كل عمل شريف يستحق التقدير. كما يطالبون بتأمين الحد الأدنى من الحقوق لهؤلاء العمّال، وتوفير التأمين الصحي، ورفع الأجور بما يتناسب مع تكاليف المعيشة.
ما بعد سقوط النظام.. أمل بالتغيير
اليوم، وبعد سقوط النظام البائد في سوريا، يتطلع عمّال النظافة إلى أن تشملهم وعود التغيير. ينتظرون أن تُنصفهم الحكومة الجديدة، وأن تُعامل مهنتهم بقدر من الاحترام والرعاية، فيُعاد النظر في أوضاعهم المعيشية، وتُوفَّر لهم الحماية الصحية والاجتماعية، وتُزال الوصمة التي ظلت تلاحقهم لعقود.
ففي النهاية، عمّال النظافة ليسوا مجرّد أشخاص يكنسون الشوارع، بل هم جزء أساسي من دورة الحياة اليومية، وواجهة المدن التي نتباهى بنظافتها. هم العمّال الذين يعملون بصمت كي يبقى المشهد جميلاً، ويستحقون منّا كل احترام وتقدير.
لم تكن الحرب في سوريا مجرد مواجهة عسكرية، بل معركة يومية للبقاء خاضها المدنيون، وبرزت فيها المرأة السورية كفاعل أساسي في مقاومة تبعاتها وتداعياتها، ليس فقط في ميادين الدعم الإنساني والاجتماعي، بل أيضًا في ميادين محفوفة بالمخاطر، كالتعامل مع الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب.
في هذا التقرير، نسلّط الضوء على تجارب ثلاث نساء سوريات انخرطن في العمل التطوعي ضمن فرق الدفاع المدني، حيث أسهمن بفعالية في أعمال التوعية وإزالة آثار الحرب، متحديات الخوف والقيود الاجتماعية، ومثبتات حضوراً لافتاً في ميدان لطالما احتُكر من قبل الرجال.
إسراء الجرو.. من علم النفس إلى خطوط التماس
إسراء الجرو، طالبة في قسم الإرشاد النفسي، بدأت مسيرتها التطوعية في صفوف الدفاع المدني السوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ضمن فرق التعامل مع مخلفات الحرب. خضعت لتدريبات متخصصة على أيدي خبراء في الدفاع المدني، تعرّفت خلالها على أنواع الذخائر، وآليات رصدها والتعامل معها، إضافة إلى بروتوكولات الأمان والوقاية الشخصية.
في حديثها لـ"شبكة شام"، أوضحت إسراء أن مهمتها الأساسية تتمثل في توعية المدنيين بمخاطر الذخائر غير المنفجرة، والإبلاغ عن مواقع وجودها تمهيدًا لإزالتها، مشيرة إلى أن هدفها الأول هو حماية المجتمعات المحلية من هذه الأخطار الصامتة.
تقول إسراء: "قبل أن نبدأ العمل في أي منطقة، نقوم بجمع معلومات تفصيلية عنها، من خلال استبيانات ميدانية مع السكان المحليين، ونسأل عن تاريخ تعرضها للقصف أو الاشتباه بوجود ألغام. بعدها نطبق الإجراءات القياسية بدقة، من ارتداء اللباس المخصص، إلى الالتزام بمبدأ (رجل واحد، خطر واحد)، حيث يمنع الاقتراب العشوائي من أي جسم مشبوه".
ولاء دياب.. قيادة نسائية في مواجهة الذخائر
ولاء دياب، تقود فريق مسح الذخائر غير المنفجرة التابع للدفاع المدني في مركز صوران بمحافظة حماة. تعمل في هذا المجال منذ أكثر من ثلاث سنوات، بدأت خلالها بتلقي تدريبات متقدمة في المسح غير التقني والتوعية المجتمعية، وتُشرف يوميًا على تنفيذ عمليات الكشف الميداني في المناطق المتأثرة بالقصف.
تؤمن ولاء بأهمية وجود عناصر نسائية ضمن فرق المسح، ليس فقط لدواعي التنوع، بل أيضًا لتسهيل التواصل مع مختلف فئات المجتمع، خاصة في المناطق المحافظة التي يصعب فيها على الرجال الوصول إلى النساء.
وتقول: "وجود النساء في الفرق الميدانية يفتح أمامنا المجال للحصول على معلومات دقيقة، سواء عبر التقييم المجتمعي أو من خلال النساء أنفسهن اللواتي غالبًا ما يمتلكن معطيات لا تصل إلى الرجال".
ديمة السعيد.. صوت من إدلب يحمل رسالة إنسانية
من محافظة إدلب، تنضم ديمة السعيد إلى هذا الحضور النسائي الفاعل، حيث تعمل منذ ثلاث سنوات في مجال الكشف عن الذخائر غير المنفجرة والتوعية بمخاطرها. انخرطت ديمة في هذا العمل بدافع إنساني، بعدما شاهدت آثار انفجار ذخيرة على إحدى العائلات في قريتها، وقررت أن تكون جزءًا من الجهود الرامية إلى إنقاذ الأرواح.
تشارك ديمة في أنشطة متنوعة، تشمل استخدام الأجهزة المخصصة لرصد الأجسام المشبوهة، والمشاركة في عمليات الإزالة الميدانية، إلى جانب جلسات التوعية التي تستهدف النساء والأطفال بشكل خاص.
تقول: "النساء هنّ مفتاح الوصول إلى شرائح مجتمعية حساسة، والأطفال هم الفئة الأضعف التي يجب أن نحميها. لهذا، نركّز في توعيتنا على أشكال الذخائر، وطرق التعرف عليها، وخطوات الإبلاغ الآمن عند رؤيتها".
وتوجه ديمة رسالة للأهالي: "لا تلمسوا أي جسم غريب، لا تقتربوا من شيء لا تعرفونه، بل بلّغوا فورًا. الوعي هو درع الحماية الأول لنا ولأبنائنا، وكل بيت ومدرسة يمكن أن يكونا منابر للتوعية".
صوت نسائي يرفض الصمت
تعكس تجارب إسراء وولاء وديمة ملامح نضال صامت تقوده نساء سوريات في وجه آثار الحرب، واضعات أنفسهن في الخطوط الأمامية، من أجل مستقبل أكثر أمانًا لمجتمعاتهن. وفي ظل التحديات الأمنية والاجتماعية، أثبتت هؤلاء النساء أن الإرادة والوعي كفيلان بكسر القيود وتغيير الواقع، حتى في أكثر الميادين خطورة.
دفعت آلاف العائلات السورية ثمناً باهظاً لجرائم النظام البائد، الذي حوّل حياة الناس إلى مأساة دائمة، ومزّق نسيجهم الأسري، وترك في ذاكرتهم جراحًا لا تندمل. وبين تلك القصص، تبرز حكاية سيدة من ريف دمشق، عاشت فقدان ابنها، وموت زوجها تحت وطأة السجن، قبل أن تختبر بنفسها أهوال الاعتقال، فقط لأنها أرادت استخراج جواز سفر لابنها الأصغر.
تبدأ قصتها في عام 2013، حينما اعتُقل ابنها "عمار" على يد قوات النظام، ومنذ تلك اللحظة انقطعت أخباره تمامًا. لم يتلقَّ ذووها أي معلومة عن مصيره، ليبدأ الانتظار القاتل الذي دام لسنوات. في عام 2019، قرر زوجها "أحمد فرحات"، المقيم في السعودية حينها، العودة إلى سوريا، لكنه لم يكد يصل حتى أوقفته قوات الأمن عند معبر جديدة يابوس، واقتيد مباشرة إلى أحد فروع الاعتقال.
أمضى "أحمد" أربعة أشهر داخل أقبية السجون، ثم خرج منها مريضًا ومنهكًا، حتى توفي بعد تسعة أيام فقط من الإفراج عنه. وتقول زوجته: "اتهموه بتمويل الإرهاب، رغم أنه لا علاقة له بأي نشاط سياسي، كل ما كان يهمهم وقتها هو المال، كانوا جائعين للمال حدّ الوحشية".
النكبات لم تتوقف عند هذا الحد. فحين حاولت السيدة استخراج جواز سفر لابنها الأصغر "معتز"، الذي كان قاصرًا آنذاك، وجدت نفسها معتقلة في دائرة الهجرة والجوازات. اعتُقلت مباشرة، وأحيلت إلى "فرع فلسطين"، حيث أمضت 47 يومًا في ظروف إنسانية قاسية، وصفتها بأنها "كابوس لا ينسى".
في الزنزانة التي احتُجزت فيها، كانت هناك 38 معتقلة أخرى، بينهن شابة عراقية اعتُقلت وهي حامل، وطفلها إلى جانبها لم يتجاوز عامه الثاني. كما كانت هناك امرأة من ريف إدلب، جاءت مع طفل عمره ستة أشهر بعد أن أوقفها أحد الحواجز.
دفعت العائلة مبالغ كبيرة لمحامٍ بغرض إطلاق سراحها، وخرجت بورقة "عفو" تحمل توقيع "بشار الأسد"، لكنها تقول إن العفو بحد ذاته كان نوعًا من الإذلال. "اتهموني بالتستر على ابني وزوجي، ولا يوجد شيء اسمه براءة. إما تخرج بورقة عفو مذلّة، أو تبقى في غياهب السجن"، تضيف السيدة بحرقة.
ورغم الإفراج عنها، لا تزال معاناتها مستمرة، فاسمها بقي ضمن قوائم "الممنوعين من السفر"، وهي مضطرة في كل مرة تخطط فيها لمغادرة البلاد إلى مراجعة الفرع الأمني للحصول على "موافقة أمنية"، ما يعني تكرار المواجهة مع أولئك الذين سبّبوا لها هذه المعاناة.
اليوم، ورغم سقوط النظام البائد وتوقيف عدد من المتورطين في الجرائم والانتهاكات، لا تزال جراح الفقد والاعتقال حاضرة في قلوب السوريين. فالمأساة لم تنتهِ بانهيار السلطة القمعية، بل بقيت كذكرى دامغة في الذاكرة الوطنية، لا يمحوها مرور الزمن.
أدانت وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية بشدة الهجمات الجوية التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي على مدينتي السويداء ودمشق، ووصفتها بأنها "عدوان إجرامي" يشكّل انتهاكًا سافرًا لسيادة الدولة السورية.
وفي بيان رسمي، طالبت الوزارة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية، والتحرك العاجل لوضع حدّ لهذه الاعتداءات المتكررة، واتخاذ خطوات جدية لضمان حماية المدنيين السوريين.
وأكدت الخارجية الليبية رفض ليبيا القاطع لأي محاولات لزعزعة استقرار سوريا أو المساس بوحدة أراضيها وسيادتها، مشددة على موقفها الثابت في دعم الشعب السوري وحقه في الأمن والاستقرار.
واختتم البيان بتأكيد أن "الشعب السوري عانى طويلًا من ويلات الحروب والعدوان، وحان الوقت لوقف هذه الانتهاكات وضمان حقه في العيش بأمان وسلام على أرضه".
وكانت أعربت رابطة العالم الإسلامي عن إدانتها الشديدة للهجمات الجوية التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية، معتبرةً إياها انتهاكًا صارخًا لسيادة الدول، وممارسة عدوانية تعكس "سلوكًا همجيًا خطيرًا" من جانب الحكومة الإسرائيلية.
وأعرب رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، عن "قلق بالغ" إزاء تصاعد التوتر في سوريا، وذلك عقب الغارات الإسرائيلية العنيفة التي استهدفت العاصمة دمشق، مؤكداً على ضرورة احترام سيادة الأراضي السورية.
وقال كوستا في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "يجب احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها. أدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد".
وكانت قدّمت الجمهورية العربية السورية طلبًا رسميًا لعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي لمناقشة التصعيد الإسرائيلي الأخير، وذلك في أعقاب سلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت مواقع حكومية في العاصمة دمشق ومحافظة السويداء.
وأكدت البعثة الباكستانية لدى الأمم المتحدة، والتي تترأس المجلس لشهر تموز/يوليو، في تصريح لوكالة "نوفوستي"، أن الطلب السوري قد تم استلامه بالفعل، مشيرةً إلى أن انعقاد الجلسة مرجّح يوم الخميس.
وجاء هذا التحرك في ظل تصعيد غير مسبوق أعلنه الجيش الإسرائيلي، حيث أكد قائد القيادة الشمالية في بيان مساء الأربعاء أن قواته تنفذ عمليات مكثفة ضد ما وصفه بـ"أهداف للنظام السوري" في جنوب البلاد، مضيفًا: "كثفنا الضغط والضربات، وهاجمنا حتى في دمشق وسنواصل الهجوم".
وكانت أدانت وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الذي طال، صباح الأربعاء 16 تموز 2025، منشآت حكومية ومرافق مدنية في كل من العاصمة دمشق ومحافظة السويداء، وأسفر عن سقوط عدد من الشهداء المدنيين، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى عشرات الجرحى، وتسبب بأضرار جسيمة في البنية التحتية والخدمات العامة.
وأكدت الخارجية السورية في بيان رسمي، أن الدولة السورية تُحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير وتداعياته، مشددة على احتفاظها بكامل حقوقها المشروعة في الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها بكل الوسائل التي يقرها القانون الدولي.
ودعت الوزارة المجتمع الدولي، وعلى رأسه مجلس الأمن، إلى الاضطلاع بمسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لوضع حد لهذه الاعتداءات المتكررة على أراضي دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة.
وكانت مقاتلات إسرائيلية قد شنت الأربعاء موجة من الغارات الجوية استهدفت محيط هيئة الأركان ووزارة الدفاع السورية في دمشق، إلى جانب ضربات على مواقع تابعة لقوات الجيش السوري في محافظة السويداء، في تطور وصفته وسائل إعلام عبرية بأنه "تحذير مباشر موجه للطائفة الدرزية".
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصدر عسكري أن سلاح الجو الإسرائيلي أطلق أكثر من 100 صاروخ خلال الهجمات الأخيرة، مستهدفًا دبابات وآليات للقوات السورية في المنطقة الجنوبية.
وتأتي هذه التصريحات عقب سلسلة من الغارات الجوية التي شنها الجيش الإسرائيلي، مساء الأربعاء، استهدفت مواقع حساسة في العاصمة دمشق، من بينها مبنى هيئة الأركان السورية في ساحة الأمويين، ومحيط وزارة الدفاع، إلى جانب موقع عسكري قرب القصر الرئاسي في جبل قاسيون، ما أسفر عن دمار واسع وأصوات انفجارات هزّت المدينة.
أعربت رابطة العالم الإسلامي عن إدانتها الشديدة للهجمات الجوية التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية، معتبرةً إياها انتهاكًا صارخًا لسيادة الدول، وممارسة عدوانية تعكس "سلوكًا همجيًا خطيرًا" من جانب الحكومة الإسرائيلية.
وفي بيان صادر عن الأمانة العامة، ندد الأمين العام للرابطة ورئيس هيئة علماء المسلمين، الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، بما وصفه بـ"النهج العدواني الخطير" الذي تتبعه إسرائيل، مشيرًا إلى أنه يمثل تعديًا فاضحًا على القوانين والأعراف الدولية، ويهدد الأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة بأكملها.
وأكد العيسى دعم الرابطة الكامل لسوريا في وجه كل ما يمس أمنها واستقرارها وسيادتها ووحدة أراضيها، داعيًا المجتمع الدولي إلى اتخاذ "إجراءات فورية وحازمة" لوضع حد لهذه الانتهاكات المتكررة، والتي تقوّض جهود السلام وتزيد من معاناة الشعب السوري في مرحلة حساسة من تاريخه.
وفي سياق متصل، صرّح قائد القيادة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأربعاء، أن قواته تنفذ عمليات مكثفة في محافظة السويداء، مستهدفة مواقع تابعة للنظام السوري، مؤكّدًا أن الضربات شملت أيضًا العاصمة دمشق، ومشيرًا إلى استمرار التصعيد العسكري في الجنوب السوري.
وجاءت هذه التصريحات بعد تنفيذ سلسلة من الغارات التي طالت مناطق قرب مقرات حكومية ومواقع عسكرية، في خطوة وصفتها مصادر إسرائيلية بأنها "ردّ استباقي" على ما أسمته تهديدات محتملة ضد الطائفة الدرزية في الجولان المحتل.
قال رئيس الجمهورية العربية السورية، أحمد الشرع، في كلمة متلفزة يوم الخميس، إن الشعب السوري خاض ثورته دفاعًا عن حريته وكرامته، وانتصر رغم التضحيات الكبيرة، ولا يزال مستعدًا لمواجهة أي تهديد قد يمس كرامته أو وحدة بلاده.
وأكد أن الدولة أوكلت إلى الفصائل المحلية ومشايخ العقل مسؤولية الحفاظ على الأمن في محافظة السويداء، منعًا لانزلاق الأوضاع نحو صراع أوسع.
مخططات إسرائيلية لزعزعة الاستقرار بعد سقوط النظام السابق
وفي معرض حديثه عن التهديدات الخارجية، اتهم الرئيس الشرع الكيان الإسرائيلي بالسعي المتواصل إلى إغراق سوريا في الفوضى منذ سقوط النظام البائد، عبر تأجيج الفتن والانقسامات وزرع الصراعات.
وقال إن محاولات تل أبيب لاستغلال الظروف وخلق بيئة من عدم الاستقرار تهدف إلى تقويض وحدة السوريين وإضعاف مسيرة إعادة البناء، مؤكداً أن هذه السياسات لن تنجح أمام تماسك الشعب ورفضه لأي مشاريع تقسيم.
الشعب السوري يعي المؤامرات ويمنع تكرار الدمار
وحذّر الشرع من محاولات جرّ السوريين إلى حروب عبثية لا طائل منها سوى التفتيت والفوضى، مؤكدًا أن أبناء سوريا يمتلكون الوعي الكافي لتمييز من يعمل لمصلحتهم ممّن يسعى لزرع الفتنة. وأضاف: "لن نسمح بتحويل سوريا إلى ساحة لتجارب الآخرين أو ساحة لتنفيذ أجنداتهم على حساب دماء أبنائنا ومستقبل أطفالنا".
الدولة لجميع السوريين وحمايتهم مسؤوليتنا
وشدد على أن الدولة السورية هي الإطار الجامع لكل السوريين، وهي الضمانة الحقيقية للكرامة الوطنية، وأن بناء مستقبل مشترك يقوم على التكاتف والمساواة دون تفرقة أو تمييز. ودعا كل القوى الوطنية إلى الالتفاف حول مؤسسات الدولة، وتقديم المصلحة العليا على أي اعتبارات فئوية أو شخصية، مضيفًا: "وحدتنا هي سلاحنا، والعمل الجاد هو طريقنا، وإرادتنا الراسخة هي ركيزة مستقبلنا".
رسالة خاصة للدروز: أنتم شركاء أصيلون ولن نسمح باستهدافكم
وفي رسالته لأبناء الطائفة الدرزية، قال الرئيس الشرع: "إنكم جزء أصيل من نسيجنا الوطني، وستظل حقوقكم وحريتكم محلّ حماية ورعاية من الدولة السورية، ولن نسمح بأي محاولة لجرّكم إلى الاصطفافات الخارجية أو إشعال الفتنة في صفوفكم". وأكد أن سوريا ستبقى وطنًا موحدًا يرفض التقسيم، وشدد على الشراكة الوطنية الجامعة بين كل مكوناته.
جهود رسمية لاحتواء النزاع المسلح في السويداء
وأشار الرئيس إلى أن الدولة تدخّلت بكل مؤسساتها لاحتواء القتال الداخلي الذي اندلع بين مجموعات مسلّحة في السويداء، نتيجة خلافات قديمة. وبيّن أن بعض الجماعات الخارجة عن القانون استغلّت الوضع لتأجيج الفوضى، ورفضت مرارًا الجلوس إلى طاولة الحوار، مفضّلة مصالحها الضيّقة على مصلحة الوطن.
إسرائيل تصعّد.. وسوريا تتجاوز الأخطار عبر التهدئة
وكشف الشرع أن الدولة نجحت، رغم التصعيد الإسرائيلي، في استعادة الاستقرار وإخراج الجماعات المسلحة من المدينة. وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف البنية التحتية المدنية في محاولة لإفشال جهود المصالحة، لكن تدخّل الوساطات الدولية، من الولايات المتحدة ودول عربية وتركيا، ساهم في احتواء الموقف ومنع تدهور شامل.
قرار شجاع لحماية الوطن ودرء الحرب
وأوضح الشرع أن الدولة كانت أمام خيارين: إما مواجهة مفتوحة مع الكيان الإسرائيلي على حساب المدنيين وأمن البلاد، أو منح فرصة للقوى الاجتماعية والدينية في السويداء لتغليب صوت العقل والوطن، وهو ما تم اختياره لتفادي الدمار.
الفصائل المحلية ومشايخ العقل مسؤولون عن أمن السويداء
وأشار إلى أن قرار تكليف الفصائل المحلية ومشايخ العقل بحفظ الأمن في السويداء جاء انطلاقًا من إدراك خطورة المرحلة، وحرصًا على منع نشوب حرب داخلية جديدة تُبعد سوريا عن أولوياتها الوطنية في التعافي وإعادة الإعمار، بعد سنوات من الحرب التي خلّفها النظام السابق.
العدالة ستطال كل من أساء لأبناء السويداء
واختتم الرئيس كلمته بالتأكيد على أن الدولة لن تتهاون في محاسبة كل من أساء لأهل السويداء، وأنهم في حماية الدولة وتحت سقف القانون، مشددًا على أن وحدة الوطن وسلامة أراضيه واستقرار المجتمع هي الأولوية العليا، ولن يُسمح لأي جهة بعرقلة طريق سوريا نحو التعافي والكرامة.
جدّد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إدانته للهجمات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا، واصفاً إياها بأنها جزء من سياسة ممنهجة لزعزعة الاستقرار الإقليمي وفرض الأمر الواقع.
وأكد في تصريحات أدلى بها للصحفيين في نيويورك، على هامش مشاركته في اجتماع موسّع بشأن قبرص، أن إسرائيل "تتجاهل سيادة الدول وقوانين المجتمع الدولي تحت ذريعة حماية أمنها القومي".
وأضاف فيدان أن استمرار إسرائيل بهذه السياسات لا يهدد المنطقة فقط، بل يعرّضها هي نفسها للخطر، داعياً المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى التحرك بشكل عاجل للحد من هذه التصرفات العدوانية. وأشار إلى أن بلاده نقلت موقفها بشكل واضح إلى الجانب الإسرائيلي عبر القنوات الاستخباراتية.
وأوضح الوزير التركي أن هناك جهودًا إقليمية ودولية تبذل لوضع حد للتصعيد الإسرائيلي في سوريا، مشيراً إلى وجود متابعة من قبل جهات فاعلة مثل واشنطن ومبعوثها الخاص إلى سوريا. كما كشف عن وجود "خريطة طريق جديدة" بُنيت على جهود الرئيس رجب طيب أردوغان ومساهمات دولية، تهدف إلى دعم الحكومة السورية الجديدة المعترف بها دوليًا وتعزيز الأمن والازدهار في البلاد.
وشدّد فيدان على أن تركيا تسعى لتوسيع هذا التعاون مع دول الجوار والشركاء الدوليين لحل الأزمات المزمنة في سوريا، مع ضمان سيادتها وسلامة أراضيها، واحترام الحقوق المتساوية لجميع مكوناتها. كما وجّه تحذيراً لتنظيم "واي بي جي" من استغلال التوترات الجارية في السويداء لتحقيق مكاسب خاصة.
أعربت الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، إلى جانب رؤساء المجالس المحلية وأعضاء الكنيست، عن دعمهم الكامل لأهالي جبل الدروز في سوريا، مؤكدة وقوفها معهم "قلبًا وقالبًا في معركة الحق والكرامة"، بحسب ما ورد في البيان.
وأشار البيان إلى أن القيادات الروحية والاجتماعية كانت حاضرة طيلة اليوم على الحدود السورية، برئاسة الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، برفقة آلاف من أبناء الطائفة من الجليل والكرمل والجولان، وذلك لمتابعة الأحداث والتعبير عن تضامنهم المباشر مع الفصائل في السويداء.
وقالت إنها وخلال وجوده على الحدود، أجرى الشيخ طريف سلسلة اتصالات عاجلة مع رئيس الحكومة ورئيس الدولة، كما اجتمع مع قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، ونائب رئيس الأركان، ومفتش الشرطة العامة.
وطالب المجتمعون بتكثيف الضغط العسكري على ما وصفوه بـ"الإرهابيين في سوريا"، بهدف طردهم من محافظة السويداء، وشددوا على ضرورة استمرار الحراك الجماهيري وأيام الغضب والحداد، حتى التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتهدئة بإجماع مشايخ وأهالي المنطقة.
وكانت أصدرت "الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز"، يوم الأربعاء 16 تموز/ يوليو، بيانًا شديد اللهجة، نفت فيه التوصل إليه من بنود تهدف لوقف إطلاق النار وإعادة دمج المحافظة ضمن مؤسسات الدولة، وأكدت استمرار ما وصفته بـ"القتال المشروع".
البيان، الذي صدر باسم الرئاسة الروحية ويمثل موقف الشيخ "حكمت الهجري"، تضمّن لغة تصعيدية ورفضًا صريحًا لأي اتفاق مع ما وصفه بـ"العصابات المسلحة التي تسمي نفسها زورًا حكومة"، في إشارة مباشرة إلى مؤسسات الدولة السورية، الأمر الذي يثير التساؤلات حول دوافع هذا الخطاب المتشدد في لحظة يُجمع فيها السوريون على ضرورة التهدئة والوحدة.
وكانت وزارة الداخلية السورية قد أعلنت، في وقت سابق اليوم، عن اتفاق شامل يتضمن 14 بندًا يهدف إلى إنهاء مظاهر التوتر وضمان أمن المواطنين في السويداء، من خلال وقف فوري لإطلاق النار، ونشر حواجز أمنية بمشاركة أبناء المحافظة، وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة، فضلًا عن ضمان الحقوق، وتقصي الحقائق، وتأمين الخدمات الأساسية.
وركز الاتفاق على خصوصية المحافظة الاجتماعية والتاريخية، وعلى دور أبنائها في إدارة الملف الأمني، في تأكيد واضح على أن الدولة لا تفرض حلولًا فوقية، بل تبني شراكات حقيقية من داخل المجتمع المحلي ومع ذلك، اختارت الرئاسة الروحية رفض هذه المبادرة، ووصفتها بأنها "لا تمثل الجبل"، رغم أنها أتت استجابة لمطالب الأهالي وحقنًا للدماء.
ويرى متابعون بأن بيان الرئاسة الروحية اتسم بتوجه منفصل عن منطق الدولة ومؤسساتها، حيث تحدث عن "استمرار القتال حتى تحرير كامل تراب المحافظة"، في تجاهل تام لمساعي التهدئة، واعتبر أن أي جهة تتواصل أو تتفق مع الدولة تُعرض نفسها للمحاسبة، في خطوة تتنافى مع مبادئ القانون والمؤسسات.
وفي الوقت الذي تعهدت فيه الدولة بحماية من يُسلّم سلاحه وضمان حقوقه، دعت الرئاسة إلى تسليم المسلحين أنفسهم "لشباب الجبل"، ما يثير مخاوف من تشكيل سلطات أمر واقع موازية، بدلًا من العودة إلى سيادة القانون.
هذا وأكدت مصادر رسمية أكدت أن الدولة السورية ما زالت منفتحة على جميع المبادرات الوطنية، وتعتبر أن محافظة السويداء جزء عزيز لا يتجزأ من الوطن، مشيرة إلى أن ما طُرح في اتفاق وزارة الداخلية ليس إملاءً بل خارطة طريق وطنية تضمن الأمن، وتحفظ الكرامة، وتضع حدًا للانفلات الذي عانى منه أهالي السويداء خلال السنوات الماضية.
أدان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي، الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت عدة مناطق في سوريا، مؤكدَين أن هذه الاعتداءات تقوّض الجهود المبذولة لإرساء الاستقرار في البلاد.
ونقلت وكالة "الأناضول" عن مصدر في وزارة الخارجية التركية أن الجانبين شددا، خلال المكالمة التي جرت اليوم، على ضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية فورًا، معتبرَين أنها تمثل تصعيدًا خطيرًا يهدد أمن المنطقة برمتها.
وسبق أن أعرب رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، عن "قلق بالغ" إزاء تصاعد التوتر في سوريا، وذلك عقب الغارات الإسرائيلية العنيفة التي استهدفت العاصمة دمشق، مؤكداً على ضرورة احترام سيادة الأراضي السورية.
وقال كوستا في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "يجب احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها. أدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد".
وتأتي هذه التصريحات عقب سلسلة من الغارات الجوية التي شنها الجيش الإسرائيلي، مساء الأربعاء، استهدفت مواقع حساسة في العاصمة دمشق، من بينها مبنى هيئة الأركان السورية في ساحة الأمويين، ومحيط وزارة الدفاع، إلى جانب موقع عسكري قرب القصر الرئاسي في جبل قاسيون، ما أسفر عن دمار واسع وأصوات انفجارات هزّت المدينة.
وكانت قدّمت الجمهورية العربية السورية طلبًا رسميًا لعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي لمناقشة التصعيد الإسرائيلي الأخير، وذلك في أعقاب سلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت مواقع حكومية في العاصمة دمشق ومحافظة السويداء.
وأكدت البعثة الباكستانية لدى الأمم المتحدة، والتي تترأس المجلس لشهر تموز/يوليو، في تصريح لوكالة "نوفوستي"، أن الطلب السوري قد تم استلامه بالفعل، مشيرةً إلى أن انعقاد الجلسة مرجّح يوم الخميس.
وجاء هذا التحرك في ظل تصعيد غير مسبوق أعلنه الجيش الإسرائيلي، حيث أكد قائد القيادة الشمالية في بيان مساء الأربعاء أن قواته تنفذ عمليات مكثفة ضد ما وصفه بـ"أهداف للنظام السوري" في جنوب البلاد، مضيفًا: "كثفنا الضغط والضربات، وهاجمنا حتى في دمشق وسنواصل الهجوم".
وكانت أدانت وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الذي طال، صباح الأربعاء 16 تموز 2025، منشآت حكومية ومرافق مدنية في كل من العاصمة دمشق ومحافظة السويداء، وأسفر عن سقوط عدد من الشهداء المدنيين، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى عشرات الجرحى، وتسبب بأضرار جسيمة في البنية التحتية والخدمات العامة.
وأكدت الخارجية السورية في بيان رسمي، أن الدولة السورية تُحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير وتداعياته، مشددة على احتفاظها بكامل حقوقها المشروعة في الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها بكل الوسائل التي يقرها القانون الدولي.
ودعت الوزارة المجتمع الدولي، وعلى رأسه مجلس الأمن، إلى الاضطلاع بمسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لوضع حد لهذه الاعتداءات المتكررة على أراضي دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة.
وكانت مقاتلات إسرائيلية قد شنت الأربعاء موجة من الغارات الجوية استهدفت محيط هيئة الأركان ووزارة الدفاع السورية في دمشق، إلى جانب ضربات على مواقع تابعة لقوات الجيش السوري في محافظة السويداء، في تطور وصفته وسائل إعلام عبرية بأنه "تحذير مباشر موجه للطائفة الدرزية".
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصدر عسكري أن سلاح الجو الإسرائيلي أطلق أكثر من 100 صاروخ خلال الهجمات الأخيرة، مستهدفًا دبابات وآليات للقوات السورية في المنطقة الجنوبية.