
22 توغلًا خلال شهر.. الشبكة السورية توثق خروقات إسرائيلية ممنهجة في القنيطرة وريف دمشق ودرعا
رصدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان سلسلة من التوغلات البرية نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي السورية الجنوبية، شملت مناطق في محافظات القنيطرة وريف دمشق ودرعا، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 9 حزيران/يونيو و5 تموز/يوليو 2025.
بلغ عدد هذه العمليات الموثقة 22 عملية توغل، نُفذت جميعها دون أي إعلان رسمي أو إنذار مسبق، ما أثار حالة من الذعر بين السكان، وطرح تساؤلات جدية حول أهداف هذه التحركات وتبعاتها القانونية والإنسانية.
وشملت الانتهاكات التي رافقت تلك التوغلات مقتل مدني واحد على الأقل، واحتجاز ما لا يقل عن 13 مدنيًا بطريقة تعسفية، إلى جانب اقتحام مدارس ومنازل، وهدم أكثر من 15 منزلًا في بعض القرى، وتقييد حركة المدنيين من خلال نقاط تفتيش مؤقتة وانتشار عسكري مفاجئ في الأحياء السكنية.
وثّقت الشبكة تفاصيل هذه العمليات في عدة بلدات وقرى، أبرزها قرية الحميدية التي شهدت أكبر عملية هدم للمنازل، وبيت جن التي سُجّل فيها مقتل مدني واحتجاز سبعة آخرين. كما طالت التوغلات مدارس كما حدث في قرية الحرية، حيث اقتحمت القوات الإسرائيلية مدرسة رسمية وعبثت بمحتوياتها.
كذلك امتدت التحركات العسكرية الإسرائيلية إلى مناطق مجاورة مثل جباتا الخشب، الصمدانية الشرقية والغربية، رويحينة، أم اللوقس، والمعلقة، حيث نفذت القوات عمليات تفتيش موسعة، وأقامت حواجز مؤقتة، دون وجود أي مواجهة مسلحة أو مقاومة محلية، ما يؤكد أن هذه التوغلات جرت في سياق استعراضي أو استعلامي، لا في إطار ردود فعل أمنية أو دفاعية.
تعتبر الشبكة السورية هذه التوغلات خرقًا واضحًا لسيادة الدولة السورية وانتهاكًا لمبادئ القانون الدولي، وعلى رأسها المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة التي تحظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد وحدة أراضي الدول. كما أنها تمثل مخالفة مباشرة لاتفاقية فض الاشتباك الموقعة بين سوريا وإسرائيل عام 1974، التي حددت مناطق يمنع على القوات الإسرائيلية التواجد فيها.
كما أن قيام القوات الإسرائيلية بقتل مدني، واحتجاز آخرين، وتنفيذ تفتيش وهدم لمنازل دون أي سند قانوني أو حالة طوارئ، يشكل خرقًا صارخًا لاتفاقية جنيف الرابعة، وخاصة المواد 49 و147، ويصنّف في خانة "الانتهاكات الجسيمة" التي تستوجب المساءلة الدولية. كذلك، فإن اقتحام المدارس يُعدّ انتهاكًا لحرمة المنشآت التعليمية المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني.
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتحرك أممي واضح تجاه هذه الانتهاكات، داعية مجلس الأمن والجمعية العامة إلى إصدار إدانة رسمية لهذه التوغلات التي تمثل تهديدًا مباشرًا لأمن وسلامة المدنيين في الجنوب السوري. كما دعت قوة مراقبة فض الاشتباك (UNDOF) إلى فتح تحقيقات ميدانية عاجلة، وتوثيق الانتهاكات ضمن آليات العدالة الدولية، بما في ذلك الآلية الدولية المحايدة والمستقلة (IIIM).
وطالبت الشبكة بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وفتح تحقيق دولي شفاف في عمليات القتل والاحتجاز غير المشروع، والنظر في إمكانية تصنيف بعض الأفعال كجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، لا سيما القتل خارج القانون، والاعتقال التعسفي، واستهداف البنية السكنية والمدنية.
ترى الشبكة أن استمرار هذه التوغلات يشير إلى مساعٍ إسرائيلية لفرض وقائع ميدانية جديدة على الأرض، تتجاوز الهدف الأمني المؤقت، وربما ترقى إلى سياسة مدروسة للضغط على الحكومة الانتقالية في سوريا، أو إعادة رسم مناطق النفوذ في الجنوب.
وفي ظل غياب أي مواجهة عسكرية أو تهديد حقيقي يبرر هذه التحركات، تبقى هذه العمليات محلاً لإدانة واسعة، وتستلزم تحركًا دوليًا عاجلًا لمنع تكرارها، وضمان احترام سيادة سوريا وحقوق سكانها، لا سيما بعد مرحلة سياسية حرجة شهدت سقوط النظام السابق واستلام الحكومة الانتقالية للسلطة في البلاد.