صورة تم تصميمها بالذكاء الاصناعي
صورة تم تصميمها بالذكاء الاصناعي
● أخبار سورية ٨ يوليو ٢٠٢٥

العمل عن بُعد: فرصة للنساء السوريات بين التمكين والتحديات

حُظيت عشرات النساء في سوريا بفرص عمل عبر الإنترنت خلال الحرب، فوجدن فيها وسيلة لتحقيق دخل مادي يساعد أسرهن، وفي الوقت ذاته خطوة نحو استقلال اقتصادي شخصي. لكن هذا المسار، رغم مزاياه الإيجابية، لم يكن خالياً من التحديات. في هذا التقرير، نسلّط الضوء على هذه التجربة من خلال شهادات جمعناها خلال عملنا على هذا الموضوع.

تنوّعت مجالات العمل التي انخرطت فيها النساء عبر الإنترنت، فمنهن من قدّمن تدريبات ودورات تعليمية عن بُعد، ومنهن من عملن في مجال الصحافة والكتابة والتحرير الإعلامي، سواء عبر التعاون مع مواقع إلكترونية أو مؤسسات إعلامية.

كما برزت مشاركتهن في الترويج للمنتجات والتسويق الإلكتروني، إلى جانب أعمال أخرى مرتبطة بإدارة المحتوى والتواصل الرقمي وغيرها من المهام والنشاطات التي لا تتطلب الحضور الفيزيائي، بل تعتمد على المهارة والاتصال بالإنترنت فقط.

من أبرز محاسن العمل عن طريق الإنترنت، كما ذكرت نساء قابلناهن، أنه وفّر عليهن أعباء التنقل اليومية وتكاليف المواصلات. كما أتاح لهن هذا النوع من العمل راحة نفسية لكونهن قريبات من أطفالهن، يعتنين بهم ويرتبن شؤونهم، دون أن يبتعدن عن مسؤولياتهن المنزلية، مما منح النسوة شعوراً بالرضا والاطمئنان.

وساعد العمل عبر الإنترنت العديد من النساء اللواتي كانت العادات والتقاليد الاجتماعية تمنعهن من العمل خارج المنزل، فوجدن في هذا النمط من العمل فرصة مناسبة لتحقيق دخل دون أن يخرجن من بيئتهن الخاصة أو يصطدمن مع القيود المحيطة بهن.

وفي حالات أخرى، وفّر الإنترنت فرصة للنساء المقيمات في مناطق نائية أو ريفية تفتقر إلى وجود فرص عمل محلية، فاستطعن ممارسة مهام في مجالات متعددة من داخل منازلهن، مستفيدات من الأدوات المتاحة لهن عبر العالم الرقمي.

تقول إحدى العاملات في المجال الإعلامي: "وجدت في العمل عبر الإنترنت فرصة جيدة لتحقيق دخل من خلال كتابة المحتوى والتحرير الصحفي والعمل عن بُعد. أتاح لي هذا النوع من العمل أن أكون في منزلي، بجانب أطفالي، وأعمل في الأوقات التي أختارها دون الحاجة للخروج أو معاناة التنقل والمواصلات. من وجهة نظري، هذا النوع من العمل أفضل بكثير من الوظائف التقليدية خارج المنزل".

يمثّل انقطاع الإنترنت أحد أبرز التحديات التي تواجه النساء العاملات في مجالات تعتمد على الاتصال الرقمي، إذ إن الإنترنت هو الركيزة الأساسية التي يقوم عليها هذا النوع من العمل. وفي جانب آخر، فإن وجود المرأة في منزلها، محاطة بأطفالها ومسؤولياتها العائلية، كثيراً ما يعيقها عن أداء عملها بالكفاءة المطلوبة.

كما قد تطرأ زيارات مفاجئة من الأقارب أو اختلاط المهام المنزلية بالعملية، ما يصعّب عليها الفصل بين حياتها الخاصة ومهامها المهنية، ويؤثر على تركيزها وجودة إنتاجها.

تروي بيان أكرم: "أحياناً يُكلّفني الموقع بتحرير تقرير معين، فأبدأ بالعمل عليه، لكن أتفاجأ بقدوم ضيوف في وقت غير متوقّع. لا أستطيع أن أتجاهل الضيوف، وفي نفس الوقت يكون من المفروض أن أنجز المادة في موعدها. هذا الضغط يجعلني مشتتة بين واجباتي العائلية والتزاماتي المهنية".

كما اشتكت سيدات من شعورهن بالتشتت أو التقصير في أحد الجانبين: العمل أو الأسرة، وتعرض البعض منهن إلى عدم التقدير من المحيطين، حيث يُنظر أحياناً إلى عملها على الإنترنت كأنه "مجرد جلوس أمام شاشة" ونوع من أنواع التسلية.

لعبت هؤلاء النسوة دوراً إيجابياً خلال فترات عانت فيها العائلات من ظروف الحرب القاسية وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. فقد ساهمن بشكل فعّال في دعم أزواجهن وإعالة أسرهن، وحققن استقلالاً مادياً بفضل جهودهن الكبيرة، رغم تحملهن مسؤوليات البيت ومهامهن الأسرية، حيث وفّقن بين عملهن وواجبات المنزل.

وفّرت فرص العمل عبر الإنترنت للنساء إمكانية العمل من داخل منازلهن، دون الحاجة إلى التنقل أو مغادرة البيت، مما سهّل عليهن الانخراط في سوق العمل بطرق تتناسب مع ظروفهن. لكن ورغم هذه الإيجابيات، واجهن تحديات حقيقية، سواء على المستوى التقني أو الاجتماعي. ورغم كل ذلك، أصرّت الكثير من النساء على الاستمرار وتحمّل الصعوبات، من أجل إعالة أسرهن وتحقيق الاستقلال المادي.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ