التقى الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم الثلاثاء، عدداً من قادة الدول العربية والغربية على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في أول مشاركة لرئيس سوري في الاجتماعات الأممية منذ أكثر من خمسة عقود.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” أن اللقاءات جرت في مقر البعثة السورية في نيويورك، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني، وشملت كلاً من ملك الأردن عبد الله الثاني، وولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، إلى جانب رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، ورئيس وزراء النرويج يوناس غار ستوره، ورئيس جمهورية التشيك بيتر بافيل.
ولم تنشر “سانا” تفاصيل عن مضمون هذه اللقاءات، لكن عدداً من القادة المشاركين كشفوا عبر حساباتهم الرسمية على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) عن بعض ما دار خلالها.
في السياق العربي، قال الديوان الملكي الأردني في تغريدة رسمية: “في نيويورك، جلالة الملك عبدالله الثاني يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويشدد على دعم الأردن لجهود سوريا في الحفاظ على أمنها واستقرارها وسيادتها”.
من جهته، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي: “سعدنا هذا اليوم بلقاء أخي فخامة الرئيس أحمد الشرع، وأكدنا معاً متانة العلاقات بين بلدينا الشقيقين، وآفاقها الواعدة على كافة المستويات”، مشيداً بـ”التنسيق الثنائي الوثيق بين الجانبين، وجهود تعزيز وحدة الصف العربي في مواجهة التحديات المشتركة”.
أما لبنان، فقد أكدت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس جوزاف عون واللبنانية الأولى نعمت عون التقيا الرئيس السوري أحمد الشرع على هامش الجلسة الافتتاحية، ضمن سلسلة لقاءات جمعتهم بعدد من الزعماء العرب والأجانب، من بينهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وولي العهد الكويتي، ورئيس بولندا.
وعلى الصعيد الأوروبي، وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لقاءها مع الرئيس الشرع بأنه “تبادل جيد حول التحديات التي تواجه سوريا خلال مرحلة انتقالها”. وأكدت أن “الاتحاد الأوروبي مستمر في دعم انتقال سوري حقيقي، شامل، وسلمي، يقوده السوريون أنفسهم، ويخلو من أي تدخلات أجنبية ضارة”، مشيرة إلى التزام بروكسل بـ”تعزيز الحوار السياسي وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة ودعم التعافي الاجتماعي والاقتصادي وإعادة الإعمار في سوريا”.
الموقف نفسه أكده أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبي، الذي قال: “تبادل جيد مع الرئيس الشرع حول التحديات التي تواجه سوريا خلال انتقالها”. وأضاف: “الاتحاد الأوروبي مستمر في دعم انتقال حقيقي، شامل، سلمي، وبقيادة سورية، بعيد عن التدخلات الأجنبية الضارة”، مشيراً إلى التزام الاتحاد “بزيادة الحوار السياسي، وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة، ودعم التعافي الاجتماعي والاقتصادي وإعادة الإعمار في سوريا”.
رئيس وزراء فنلندا ألكسندر ستوب قال إنه ناقش مع الشرع مسار الانتقال السياسي، وأعرب عن دعمه وتشجيعه لـ”التحول نحو الديمقراطية”، مؤكداً على “أهمية إشراك جميع الأقليات”، وشكر الرئيس السوري على اللقاء.
أما رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، فكتبت باللغـة الإيطالية أن لقاءها مع الرئيس الشرع شكّل مناسبة لتأكيد “دعم إيطاليا لإعادة بناء سوريا مستقرة وذات سيادة، من خلال استثمارات للشركات الإيطالية في قطاعات متعددة”. كما شددت على أهمية التزامات الحكومة الإيطالية في مجال التعاون التنموي، و”ضرورة العمل على إدماج وحماية مكونات المجتمع السوري، وخاصة الأقليات كالمسيحيين، وضمان العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين”.
ويُعد الشرع أول رئيس سوري يتحدث من على منبر الجمعية العامة منذ الرئيس الأسبق نور الدين الأتاسي (1966 – 1970)، حيث انقطعت مشاركة الرؤساء السوريين منذ حرب 1967 وخسارة الجولان، بسبب ما اعتبرته دمشق حينها انحيازاً غربياً لإسرائيل داخل المؤسسات الدولية.
وتأتي مشاركة الشرع في إطار تحركات دبلوماسية واسعة تقوم بها الإدارة السورية الانتقالية، التي تشكلت بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024، وتسلمت الحكم رسمياً في يناير/ كانون الثاني 2025 بقيادة الرئيس أحمد الشرع لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات.
ويُنظر إلى لقاءات الشرع في نيويورك كجزء من جهود أوسع لإعادة إدماج سوريا دبلوماسيًا وتعزيز فرص الاستقرار الداخلي من خلال علاقات خارجية متوازنة.
أفاد ناشطون محليون في المنطقة الشرقية أن عناصر من قوات سوريا الديمقراطية "قسد" أقدموا على الاعتداء بالضرب المبرح على مدني يعمل في مجال نقل المحروقات، ما أدى إلى وفاته، وذلك على خلفية خلافات داخلية بين عناصرها حول تقاسم نسب الأرباح.
وأوضح الناشطون أن الحادثة تكشف جانباً من التوترات المتصاعدة داخل "قسد"، حيث تتكرر النزاعات المرتبطة بعمليات تجارة المحروقات واحتكارها، الأمر الذي يدفع المدنيين في كثير من الأحيان إلى دفع الثمن الباهظ نتيجة هذه الخلافات.
ويأتي هذا التطور في ظل اتهامات واسعة لـ"قسد" بانتهاكات تطال السكان المحليين، سواء عبر التضييق الأمني أو فرض إتاوات مالية، إضافة إلى الخلافات الداخلية التي غالباً ما يكون ضحاياها من المدنيين الأبرياء.
وتداولت مصادر إعلامية محلية فجر يوم الاثنين 22 أيلول/ سبتمبر معلومات عن قيام قوات HAT التابعة لميليشيا قسد باقتحام حي الوهب في مدينة الطبقة بريف الرقة، ما أسفر، وفق هذه المصادر، عن مقتل ثلاثة شبان بينهم قاصر وإصابة أكثر من ثمانية آخرين.
ولفتت مصادر محلية في المنطقة الشرقية إلى أن عمليات الاقتحام ترافقت مع ما وصفته بـ “إعدامات ميدانية”، وذكرت أسماء بعض القتلى، من بينهم ميمون (17 عاماً) وزهير النمشة.
يُذكر أن هذه التقارير تأتي في وقت يشهد تحرك رتل عسكري من قوات HAT باتجاه المدينة، مع استنفار ميليشيات قسد، وهو ما أكدته بعض المصادر المحلية قبل انطلاق العملية بساعات.
وتشهد مدينة الطبقة منذ فترة تحركات عسكرية متكررة لميليشيا "قسد"، ما يزيد من احتمال وقوع حوادث خلال الاشتباكات أو عمليات الاقتحام، كما تكررت مشاهد انتشار أمني في المنطقة وسط استنفارات بين الحين والآخر.
ويأتي ذلك في وقت تواصل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حملات الاعتقال والمداهمات في مناطق سيطرتها بدير الزور والحسكة والرقة، وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات ممنهجة تستهدف المدنيين والإعلاميين والمشاركين في حملة "دير العز".
ففي الحسكة، أقدمت قوى الأمن الداخلي التابعة لقسد على اعتقال ثمانية شبان من حيي النشوة وغويران، بذريعة نشر أخبار كاذبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم تقتصر الاعتقالات على ذلك، إذ تم اعتقال الإعلامي سعيد العلي بعد مداهمة محل عمله في حي تل حجر، على خلفية مشاركته في حملة "دير العز". كما شملت الحملة اعتقال ثلاثة من أصحاب محل للصرافة والحوالات بتهمة إيصال مبالغ مالية لدعم الفعالية.
أما في ريف دير الزور الشرقي، فقد نفذت قسد سلسلة مداهمات في بلدة جديد عكيدات أسفرت عن اعتقال عدد من المدنيين من عائلات معروفة في المنطقة.
وشهدت بلدة الشحيل حملة مشابهة حيث اعتُقل الشاب حسين سعيد التميرات بعد مداهمة نفذتها قوة مؤلفة من ست آليات مدعومة بطائرة مسيّرة، وذلك في أعقاب استهداف مجهولين نقطة عسكرية تابعة لقسد بقذيفة "آر بي جي" في ذيبان، كما داهمت دوريات أخرى منازل في بلدة الجنينة غرب دير الزور واعتقلت أفراداً من عائلة العروات بسبب دعم أحد أبنائها لحملة "دير العز".
وفي محافظة الرقة، لم تسلم المخيمات من حملات التضييق، إذ شملت الاعتقالات مخيم سهـلة البنات شرق المدينة حيث تم توقيف عدد من الأشخاص بتهمة الانتماء إلى تنظيم داعش.
كما اعتُقل 19 نازحاً من مخيم المحمودلي في ريف الرقة الغربي، ومعظمهم من أبناء دير الزور، بحجة التخطيط لعملية فرار جماعي.
ويخضع المخيم منذ أشهر لقيود أمنية مشددة تمنع النازحين من العودة إلى قراهم بذريعة أنها "غير آمنة"، في وقت تتزايد فيه معاناتهم مع توقف الدعم الطبي واللوجستي بعد انسحاب المنظمات الدولية.
ولم تقتصر الانتهاكات على الاعتقالات، إذ شهدت بلدة غرانيج شرقي دير الزور حالة من التوتر العشائري عقب مقتل الشاب حكيم الرافع الخليف العبد الحسن برصاص دورية تابعة لقسد، فيما أصيب شاب آخر كان برفقته.
هذه الممارسات تأتي في ظل تصاعد حالة الغضب الشعبي والعشائري من وجود "قسد" في المنطقة، حيث يصف الأهالي حملات الاعتقال بأنها تعسفية وممنهجة وتهدف إلى خنق أي حراك معارض، خصوصاً مع توسع استهداف الداعمين والمشاركين في حملة "دير العز" التي تحولت إلى رمز للاحتجاجات ضد سيطرة "قسد" شرق الفرات.
وصف مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط، الباحث تشارلز ليستر، الاجتماع الذي نظّمه المعهد في نيويورك مع رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع بأنه «حدث تاريخي» بكل المقاييس.
وقال ليستر في منشور على منصة «إكس» إن معهد الشرق الأوسط استضاف اجتماعاً رفيع المستوى ضم أكثر من 250 دبلوماسياً وصحفياً وقادة أعمال، شهد نقاشاً معمقاً مع الرئيس السوري حول القضايا المحلية والسياسة الخارجية وسُبل إعادة بناء العلاقات الدولية لسوريا.
رفض التقسيم والدعوة للعودة إلى خطوط ما قبل 8 ديسمبر
شدد الشرع على أن أي حديث عن تقسيم سوريا «يضر بها أولاً وباستقرار دول الجوار، لا سيما تركيا والعراق»، داعياً إسرائيل إلى العودة إلى ما قبل الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024، ومؤكداً: «قلنا لن نكون مصدر خطر لأحد».
عودة اللاجئين وتراجع تهريب الكبتاغون
ولفت الرئيس السوري إلى أنه منذ تحرير دمشق عاد مليون لاجئ إلى البلاد وانخفض تصدير الكبتاغون بنسبة 90%، معتبراً أن «ليس من مصلحة أحد أن تعود سوريا إلى المشهد السابق»، مشدداً على أن بلاده تريد أن تكون على مسافة واحدة من الجميع.
مقاربة جديدة لأحداث السويداء
وتطرق الشرع إلى أحداث السويداء قائلاً إنها شهدت أخطاء من جميع الأطراف، مشيراً إلى «مساعٍ جديدة للمصالحة وتأليف القلوب»، وداعياً إلى الحكم على المرحلة الحالية بظروفها الراهنة لا بما حدث سابقاً، مؤكداً أن كل مرحلة لها ظروفها التي تؤدي إليها، وأنه لا يمكن استيراد أنظمة جاهزة أو نسخ تجارب تاريخية لتطبيقها على سوريا.
سوريا بلد محوري ودور أساسي في استقرار المنطقة
وأكد الرئيس الشرع أن سوريا بلد محوري قادر على كسب جميع الأطراف ولعب دور أساسي في استقرار المنطقة، مشيراً إلى أن أمن الدول المجاورة يرتبط باستقرار سوريا، وأن القوة وحدها لن تجلب لإسرائيل السلام. كما رأى أن واشنطن تستطيع المساعدة في دمج القوات الكردية المنضوية تحت تنظيم «قسد» ضمن الجيش السوري.
شعب قوي ورسالة حياد
وختم الشرع بالتأكيد على أن «شعب سوريا قوي وشجاع ويعمل بحب وتضحية وإخلاص»، وأن بلاده «لن تكون في أي معسكر ضد آخر»، في إشارة إلى رغبة دمشق في انتهاج سياسة متوازنة بعيدة عن المحاور المتصارعة.
إليك فقرة تحليلية تُضاف في ختام النص لتبرز الرسائل السياسية وراء تصريحات الرئيس الشرع وأثرها على صورة سوريا في الخارج:
الرسائل السياسية وأثرها على صورة سوريا
تحمل تصريحات الرئيس أحمد الشرع في معهد الشرق الأوسط أكثر من بُعد رمزي وسياسي؛ فهي تأتي في قلب نيويورك، أمام جمهور من صناع القرار والخبراء، لتقدم سوريا الجديدة بوصفها دولة تحاول إعادة تعريف موقعها بعد الحرب.
كما أن حديثه عن «عودة سوريا إلى المجتمع الدولي» وتأكيده رفض التقسيم والاصطفاف في المحاور يعكس توجهاً نحو بناء صورة دولة متوازنة، قادرة على الانفتاح على جميع الأطراف، وتبني لغة المصالحة لا المواجهة.
والإشارة إلى عودة اللاجئين وانخفاض تهريب الكبتاغون بنسبة 90% تقدّم أدلة ملموسة على التغيير الداخلي، فيما دعوته إسرائيل للعودة إلى خطوط ما قبل 8 ديسمبر 2024 وإشارته إلى دور واشنطن في دمج «قسد» في الجيش السوري تحمل رسائل مباشرة للولايات المتحدة وإسرائيل عن استعداد دمشق للتفاوض وتقديم حلول وسط.
بهذه الطريقة، تتحول تصريحات الشرع إلى منصة دبلوماسية لتسويق مسار «سوريا الجديدة» وإقناع الرأي العام الدولي بأنها لاعب مستقر ومسؤول يمكنه الإسهام في أمن المنطقة بدلاً من أن يكون مصدراً لاضطرابها.
وقّعت الشركة العامة للدراسات الهندسية التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان، مذكرة تفاهم استراتيجية مع شركة "خطيب وعلمي" الاستشارية الدولية، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الهندسة والاستشارات الفنية ودعم مشاريع إعادة الإعمار.
وجرى توقيع المذكرة خلال اجتماع عُقد في مقر الوزارة برئاسة وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس مصطفى عبد الرزاق، حيث تخلل اللقاء سلسلة مباحثات تقنية مكثفة أسفرت عن التوصل إلى اتفاق مشترك يؤسس لشراكة طويلة الأمد.
وفي ختام الاجتماع، عُقد لقاء موسع برئاسة معاون الوزير وبمشاركة عدد من المديرين والخبراء، جرى خلاله وضع خارطة تنفيذية للتعاون المستقبلي، مع التركيز على دعم مشاريع البنية التحتية وتعزيز جهود التعافي الاقتصادي.
وأكد وزير الأشغال العامة والإسكان، مصطفى عبد الرزاق، أن المؤسسة العامة للإسكان، والتعاون السكني، والتطوير العقاري تعمل على برامج تتضمن إنشاء نحو مئة ألف مسكن، في خطوة تهدف إلى مواجهة الأزمة السكنية وتلبية احتياجات المواطنين، رغم محدودية الموارد التمويلية.
وأشار الوزير في تصريحات رسمية إلى أن تنفيذ هذه البرامج يتم عبر مسارات متعددة تشمل الدعم الحكومي، والاستثمار، والشراكات مع القطاع الخاص، بما يتيح توسيع الرقعة السكنية بشكل مستدام.
وأضاف أن الوزارة أصدرت قراراً بإعفاء المتخلفين عن سداد الأقساط منذ عام 2011، بما يسمح لهم بالعودة إلى الاكتتاب، إلى جانب معالجة وضع من دفعوا مبالغ إضافية في السنوات الماضية لضمان إنصاف جميع المواطنين.
وأوضح الوزير أن معالجة العشوائيات والمناطق المدمرة تشكل أولوية في خطط الوزارة، لافتاً إلى أن نحو ربع السكان يعيشون في مساكن غير آمنة، فيما يوجد حوالي مليون منزل مدمر جراء الأزمة السابقة، ما يستدعي التركيز على إعادة الإسكان بصورة عاجلة.
وأشار الوزير إلى أن الجهود ستتركز في المرحلة الأولى على النازحين والمناطق المدمرة بالكامل، مع وضع خطط لاحقة لمعالجة التجمعات الأخرى، لضمان شمولية البرامج.
هذا كما كشف عن توقيع عدة مذكرات تفاهم في مجال الاستثمار العقاري، يجري العمل حالياً على تحويلها إلى عقود تنفيذية، بما يسهم في تعزيز الاستثمار وتحريك سوق الإسكان في البلاد.
وكان كشف وزير الأشغال العامة والإسكان مصطفى عبد الرزاق أن سوريا فقدت نحو مليون منزل خلال 14 عاماً، فيما يعيش ما بين 3 و4 ملايين مواطن في مساكن عشوائية تفتقد للتخطيط والأمان الوزير وصف الواقع السكني بـ"المأساوي"، لافتاً إلى أن مشاريع إسكانية أُطلقت منذ عام 2004 لم تُنجز حتى اليوم، وبعضها تجاوز عمره 21 عاماً.
أكد المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، نوار نجمة، أن القوائم النهائية للهيئات الناخبة ستصدر خلال 24 ساعة، إيذاناً ببدء المرحلة التالية من العملية الانتخابية وفتح باب الترشح لعضوية المجلس.
وأوضح نجمة في تصريح نقلته وكالة "سانا"، أن تقديم الطعون على القائمة النهائية سيكون متاحاً لمدة يوم واحد فقط، مشيراً إلى أنه تم قبول الطعون ضد كل من ثبت تورطه بدعم النظام المخلوع أو مخالفته لشروط ومعايير عضوية الهيئات الناخبة.
وأضاف أن باب الترشح لعضوية مجلس الشعب (ضمن الهيئات الناخبة) سيفتح يومي الجمعة والسبت المقبلين، على أن تصدر مدونة قواعد السلوك الخاصة بالمرشحين بالتزامن مع انطلاق عملية الترشح.
تمديد فترة الطعون وتعزيز الرقابة الشعبية
وكانت أوضحت اللجنة عبر قناتها على "تلغرام" أنها أصدرت القرار رقم /43/ لعام 2025 القاضي بتمديد فترة تقديم الطعون على أعضاء الهيئات الناخبة حتى نهاية الدوام الرسمي من اليوم الأحد 21 أيلول الجاري، مؤكدة أن هذه الخطوة تهدف إلى إتاحة المجال الأوسع أمام المواطنين لممارسة حقهم الرقابي على العملية الانتخابية.
وكانت اللجنة قد أصدرت في وقت سابق القرار رقم /22/ لعام 2025 الذي حدّد إجراءات وآليات تقديم الطعون الانتخابية عبر لجان مختصة في القصور العدلية بالمحافظات، بإشراف قضاة مختصين عُيّنوا لرئاسة هذه اللجان في دمشق وريفها وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس ودرعا ودير الزور وإدلب والقنيطرة.
التزام قانوني وموقف حازم تجاه رموز النظام السابق
وشدد المتحدث باسم اللجنة العليا، نوار نجمة، على أن "آلية الطعون والمراقبة الشعبية هي السلاح الأخير لمنع تسلل داعمي النظام البائد إلى الهيئات الناخبة"، مشيراً إلى أن اللجنة تتابع ما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي من وثائق وأدلة لكنها تفضل أن يتوجه المواطنون رسمياً إلى مراكز اللجان لتقديم ما لديهم من إثباتات، ليصار إلى إسقاط العضوية مباشرة في حال قبول الطعن.
وأضاف نجمة أن "نشر الأسماء الأولية للهيئات الناخبة كان الهدف منه تمكين المواطنين من ممارسة حقهم في الطعن وإبعاد كل من يثبت انتماؤه للنظام البائد".
وتزامناً مع هذه الإجراءات، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي منشورات تحمل طابع الاعتراض والاتهام لعدد من الشخصيات المرشحة ضمن الهيئات الناخبة، بينها أسماء من دمشق وحمص وحلب، وُجهت إليها اتهامات بامتلاك تاريخ واضح في الولاء للنظام السابق، ما أثار جدلاً واسعاً ودعوات لإقصائها من العملية الانتخابية.
ويضع هذا المشهد العملية الانتخابية أمام اختبار جدّي بين ضغط الشارع المطالب بإقصاء رموز ارتبطت بالنظام البائد، وبين التزام اللجنة العليا بالمسار القانوني الذي رسمه النظام الانتخابي المؤقت في مرحلة انتقالية حساسة تتسم بجدل متصاعد حول معايير المشاركة السياسية في سوريا الجديدة.
تحوّل الملف السوري إلى محور بارز في أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ تصدرت سوريا كلمات عدد من الرؤساء العرب والأجانب، بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يخوض أول مشاركة رسمية بهذا المستوى منذ عقود.
لبنان والعراق: شراكة جديدة مع دمشق
عبّر الرئيس اللبناني جوزيف عون عن سعي بلاده إلى فتح صفحة جديدة مع سوريا تقوم على تجاوز أعباء الماضي والانطلاق نحو اتفاقات تعاون شاملة، مؤكداً أن المفاوضات الجارية مع دمشق برعاية المملكة العربية السعودية تهدف إلى ضمان عودة اللاجئين السوريين بكرامة وأمان وإرساء علاقات مميّزة تتخطى التباسات الماضي.
وفي الاتجاه ذاته، أكد الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد تطلع بغداد إلى تعزيز التعاون مع سوريا وزيادة الشراكة في مكافحة الإرهاب والقطاعات الأخرى، مجدداً التزام العراق بدعم وحدة الأراضي السورية ومنع أي اعتداءات على سيادتها، ومندداً بالغارات الإسرائيلية على سوريا ولبنان وقطر.
ماكرون: مساعدة سوريا بعد حقبة الديكتاتورية
من جانبه شدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن سوريا تخلصت من حقبة الديكتاتورية، داعياً إلى مساعدة الشعب السوري في مرحلة إعادة البناء وضمان احترام حقوق جميع مكونات المجتمع المدني، ومؤكداً أن الاستقرار لن يتحقق لإسرائيل طالما استمرت في حرب دائمة مع جيرانها.
الشيخ تميم: رفض التدخلات وبناء مؤسسات المواطنة
أما أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني فرأى أن سوريا تمر بمرحلة جديدة بعد طي صفحة قاتمة من تاريخها، ودعا المجتمع الدولي إلى استغلال هذه الفرصة لدعم سوريا في مسار إعادة البناء وتعزيز مؤسساتها الوطنية، محذراً من محاولات التدخل الخارجي وخاصة الإسرائيلية الرامية إلى تقسيم البلاد.
أردوغان: دعم سوريا خالية من الإرهاب
بدوره أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستواصل دعمها لسوريا موحدة وآمنة وخالية من الإرهاب، معتبراً أن إسقاط النظام البائد في ديسمبر الماضي فتح صفحة جديدة أمام السوريين، محذراً في الوقت نفسه من التهديدات الإسرائيلية للأمن الإقليمي التي لا تقتصر على غزة بل تمتد إلى سوريا وإيران واليمن ولبنان.
الشرع: عودة سوريا إلى المجتمع الدولي
في موازاة هذه المواقف، يستعد الرئيس أحمد الشرع لإلقاء خطاب مرتقب أمام الجمعية العامة يوم الأربعاء، حيث سيعرض ملامح المرحلة المقبلة وخطة سوريا لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وقد شارك الشرع بالفعل في جلسة مائدة مستديرة مع كبار المستثمرين ضمن قمة «كونكورديا» الخامسة عشرة في نيويورك، وأجرى مقابلة مباشرة مع المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ديفيد بترايوس، كما شارك في جلسة حوارية بمعهد الشرق الأوسط حيث اعتبر زيارته الحالية «عنوان عودة سوريا إلى المجتمع الدولي»، مؤكداً أن نجاح أي اتفاق مع دولة الاحتلال الإسرائيلي يمكن أن يمهّد لاتفاقات أخرى تسهم في تعميم السلام بالمنطقة.
دلالات الحضور
يشكل هذا الحراك الدبلوماسي المكثف حدثاً مفصلياً في السياسة الخارجية السورية، فهو أول حضور رسمي على هذا المستوى منذ مشاركة الرئيس الراحل نور الدين الأتاسي عام 1967، ويعكس رغبة دمشق في الانتقال من مرحلة الحرب والعزلة إلى مرحلة الشراكة والانفتاح واستعادة مكانتها كلاعب محوري في الإقليم.
أعرب الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، في كلمته أمام المناقشة العامة للدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، عن تطلع بلاده إلى تعزيز التعاون مع سوريا في مختلف المجالات، وفي مقدمتها جهود مكافحة الإرهاب، بما يرسّخ العلاقات الثنائية ويدعم تطلعات الشعبين نحو الاستقرار والتقدم.
التزام بدعم استقرار سوريا وسيادتها
أكد رشيد التزام بغداد الثابت بدعم وحدة الأراضي السورية ومنع أي اعتداءات على سيادتها، مندداً في الوقت نفسه بالهجمات الإسرائيلية على دول المنطقة، بما فيها سوريا ولبنان وقطر، وداعياً إلى تحرك دولي شامل وسريع لوقف هذه الاعتداءات.
المياه والمناخ ملف مشترك مع دول الجوار
وشدد الرئيس العراقي على أهمية التعاون مع دول الجوار في مواجهة تحديات التغير المناخي وإدارة الموارد المائية، داعياً إلى تبني مقاربات شاملة تضمن التوصل إلى تفاهمات راسخة بين العراق وإيران وتركيا وسوريا لتوزيع مياه نهري دجلة والفرات بشكل عادل ومنتظم، بما يحقق المنافع للجميع ويمنع الضرر.
تعاون أمني راسخ بين دمشق وبغداد
وسبق أن استقبل الرئيس الشرع في دمشق رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي حميد الشطري بحضور رئيس جهاز الاستخبارات العامة السورية حسين السلامة، حيث استعرض الجانبان واقع التعاون الأمني بين البلدين، وشددا على أهمية تطوير آليات الردع المشترك لمواجهة أي تهديدات عابرة للحدود، والتنسيق في مكافحة الإرهاب وتأمين المناطق الحدودية بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
دفع العلاقات الاقتصادية وإحياء أنبوب النفط العراقي
كما تطرقت المباحثات في دمشق إلى الجوانب الاقتصادية؛ إذ أكد الشرع والوفد العراقي ضرورة تفعيل حركة التبادل التجاري وفتح المنافذ البرية بما يخدم مصالح الشعبين، إضافة إلى بحث إعادة تأهيل أنبوب النفط العراقي الممتد عبر الأراضي السورية إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط باعتباره خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي.
تظهر هذه المواقف والتحركات العراقية أن بغداد تتعامل مع سوريا باعتبارها شريكاً محورياً في استقرار المشرق العربي، وأنها تسعى إلى مقاربة متكاملة تربط بين الأمن والاقتصاد والمياه في إطار إقليمي واسع، بما يعزز فرص التنمية المشتركة ويعيد رسم معادلة العلاقات بين البلدين بعد سنوات من الاضطرابات الإقليمية.
أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون في كلمته أمام الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة أن بلاده تسعى إلى فتح صفحة جديدة مع سوريا، تقوم على تجاوز أعباء الماضي والانطلاق نحو اتفاقات تعاون شاملة تخدم مصلحة البلدين وتعيد صياغة العلاقات الثنائية على أسس راسخة من حسن الجوار والشراكة.
أزمة لجوء غير مسبوقة وشراكة مع الأمم المتحدة وسوريا
شدّد عون على أنّ لبنان يواجه حالة لجوء غير مسبوقة قياساً بعدد السكان، معتبراً أن الحل لا يمكن أن يكون أحادياً بل في إطار شراكة متكاملة مع الأمم المتحدة ووكالاتها المختصّة، ومع السلطات السورية، مشيراً إلى أن المفاوضات مع دمشق تجري بشكل مباشر وبرعاية مشكورة من المملكة العربية السعودية للوصول إلى اتفاقات تضمن عودة اللاجئين السوريين بكرامة وأمان.
ترسيم الحدود وتفاهمات اقتصادية
وفي مقابلة سابقة مع قناتي «العربية» و«الحدث»، أوضح الرئيس اللبناني أن ترسيم الحدود مع سوريا يمثل خطوة أساسية في مسار بناء الثقة بين البلدين، قائلاً: «نحن بانتظار أن يأتي موفد من سوريا لترتقي العلاقة إلى مستوى أعلى».
كما أشار إلى أن التعاون الاقتصادي بين بيروت ودمشق يجري في إطار الملاحظات اللبنانية على «ورقة» المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك، التي تحوّلت إلى ورقة لبنانية معدلة وتشكل خارطة طريق لوقف إطلاق النار عام 2024، وتضم بنوداً حول الانسحاب الإسرائيلي وتحرير الأسرى وإنعاش الاقتصاد اللبناني وإعادة الإعمار إضافة إلى ترسيم الحدود مع سوريا.
إشادة بالموقف السوري والدور السعودي
أشاد عون بالموقف السوري الداعم لهذه الورقة وبالدور السعودي في إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان ودعم جهود ترسيم الحدود وتحسين العلاقات مع دمشق، مؤكداً أن أولويته تبقى تحقيق الأمن والاستقرار قائلاً: «نرحب بكل من يريد مساعدة لبنان شرط عدم التدخل في شؤونه الداخلية».
لقاءات ثنائية لتعزيز التعاون
وكانت الرئاسة اللبنانية قد أعلنت في وقت سابق أن الرئيس السوري أحمد الشرع ونظيره اللبناني جوزيف عون ناقشا في الدوحة على هامش القمة العربية الإسلامية الطارئة ملفات محورية أبرزها ترسيم الحدود البحرية، وأوضاع اللاجئين، والموقوفين السوريين في لبنان، في مؤشر على أن المسار الجديد بين بيروت ودمشق بدأ يترجم إلى لقاءات مباشرة تبحث القضايا الخلافية العالقة.
أنهت وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية أعمال ترميم 531 مدرسة في مختلف المحافظات السورية، وذلك ضمن خطة واسعة لإعادة تأهيل الأبنية التعليمية وتحضيرها لاستقبال الطلاب مع بداية العام الدراسي المقبل.
وقد توزعت المدارس المرممة على معظم الجغرافيا السورية، حيث كان النصيب الأكبر لمحافظة إدلب التي شهدت ترميم 205 مدارس، تلتها العاصمة دمشق بـ61 مدرسة، فيما سُجل في ريفها ترميم 38 مدرسة.
وفي طرطوس 40 مدرسة، وفي حلب 35، بينما أنهت حماة ترميم 28 مدرسة، ودرعا 25، واللاذقية 17، إضافة إلى 18 مدرسة في السويداء، و16 في حمص، و14 في القنيطرة، إلى جانب 34 مدرسة في الرقة.
وأوضحت الوزارة أن هذه الجهود شملت المدارس التي تعرضت لأضرار متفاوتة بين الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، حيث جرى إصلاح الهياكل المتضررة وإعادة تجهيز المرافق الصحية بما يضمن بيئة مدرسية آمنة وصحية مع انطلاقة العام الدراسي الجديد.
ويأتي هذا التحرك في إطار مساعي الحكومة السورية لتعزيز القطاع التعليمي وتحسين بنيته التحتية، وذلك في مواجهة التحديات الكبيرة التي تركتها سنوات الحرب على المؤسسات التعليمية.
كما يعكس الترميم المستمر حرص الوزارة على توفير مقاعد دراسية ملائمة للطلاب وتسهيل عمل الكادر التدريسي، مع التأكيد على أن العمل سيستمر ليشمل مدارس إضافية خلال الفترات المقبلة.
وأعلن وزير المالية السوري يسّر برنية أن الحكومة السورية تعمل على الحصول على منحة مالية بقيمة 120 مليون دولار، مخصصة لإعادة تأهيل المدارس وتطوير المناهج الرقمية في البلاد.
وأوضح برنية أنه التقى في نيسان الماضي مع فريق من الشراكة العالمية للتعليم (Global Partnership for Education) في العاصمة الأمريكية واشنطن، مشيراً إلى أنه رحّب لاحقاً بزيارة ممثلي المنظمة إلى دمشق، حيث جرى بحث آليات التعاون الممكنة.
وأكد الوزير أهمية توسيع مجالات التعاون مع وزارة التربية والتعليم، بما يضمن استفادة سوريا من التمويل الدولي المتاح، لافتاً إلى أن الدعم لن يقتصر على التمويل فقط، بل يشمل التدريب والدعم الفني وبرامج تحديث المناهج التعليمية لتتواكب مع متطلبات العصر الرقمي.
ويأتي هذا التوجّه ضمن مساعي الحكومة لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية المتضررة وتعزيز قدرات النظام التعليمي بما يسهم في تطوير الموارد البشرية ودعم مسار التعافي الاقتصادي والاجتماعي.
قدمت مؤسسة الدفاع المدني السوري مساء الثلاثاء 23 أيلول 2025، حتى الساعة العاشرة ليلاً، تقريراً ميدانيا مفصلاً عن واقع حرائق الغابات والأحراج المشتعلة في أرياف اللاذقية وحماة وحمص، مشيرة إلى أن فرق الإطفاء تواصل عملياتها المكثفة رغم الظروف المعقدة والخطرة.
أكثر من 30 فريق إطفاء ومؤازرات من محافظات عدة
أوضحت المؤسسة أن فرق الدفاع المدني وأفواج الإطفاء وأفواج الحراج العاملة ضمن غرفة عمليات وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث، وبمساندة الأهالي، تخوض مواجهة مستمرة مع النيران عبر أكثر من 30 فريقاً مزوداً بسيارات إطفاء وصهاريج مياه وآليات ثقيلة لفتح طرقات وخطوط نار، كما وصلت مؤازرات إضافية من حلب وإدلب ودمشق وريف دمشق لتعزيز جهود الإخماد.
محور جبل التركمان: أخطر بؤر النيران
اعتبرت المؤسسة أن محور جبل التركمان بريف اللاذقية هو الأخطر والأوسع انتشاراً لليوم الثالث على التوالي، حيث تعمل الفرق في قرى السكرية وريحانية ودغمشلية وسويك وغمام وسط صعوبات كبيرة ناجمة عن انتشار الألغام ومخلفات الحرب ووعورة التضاريس وبعد مناهل المياه (20–30 كم). وأكدت احتراق آليتين لتزويد المياه بعد محاصرة النيران لفرق الإطفاء في قرية غمام، فيما تمكّن رجال الإطفاء من الخروج سالمين.
جبل الأكراد وعين غزال: مواجهة صعبة وسط الألغام
تواصل الفرق لليوم الثاني إخماد الحريق الحراجي في منطقة عين غزال بجبل الأكراد، حيث سيطرت على بؤر متعددة وتواجه صعوبات في المنطقة الجبلية الوعرة وغياب خطوط النار. وأصيب رجل إطفاء بحالة اختناق وضيق تنفس بسبب الأدخنة الكثيفة ودرجة الحرارة العالية رغم اتخاذ تدابير السلامة.
ريف جبلة وحماة وحمص: سيطرة وتبريد
أشارت المؤسسة إلى أن فرق الإطفاء نجحت في إخماد حريق حراجي وزراعي في منطقة بستان الباشا بريف جبلة وتعمل حالياً على تبريده، كما سيطرت على حريق غابات وادي العيون في ريف حماة الغربي وتواصل مراقبة بؤر النيران. وفي ريف حمص الغربي، أُخمد الحريق الحراجي في أحراج حبنمرة وقرب علي بعد عمل استمر ثلاثة أيام، والفرق حالياً في مرحلة التبريد والمراقبة.
تحديات ميدانية غير مسبوقة
سرد التقرير أبرز الصعوبات التي تواجهها الفرق منها انتشار الألغام ومخلفات الحرب في محوري جبل التركمان والأكراد ما يهدد سلامة عناصر الإطفاء ويعرقل وصولهم إلى بؤر النيران، واشتداد الرياح الشرقية الجافة وتقلبها المستمر بما يسرّع انتشار الحرائق في مختلف الاتجاهات، وتضاريس شديدة الوعورة وعدم وجود خطوط نار أو طرقات إلى بؤر الحريق، كذلك بُعد مناهل المياه (حتى 30 كم)، مع جفاف غير مسبوق في الأعشاب والأشجار (أسوأ موجة جفاف منذ 60 عاماً).
يعكس هذا التحديث حجم التحديات التي تواجه فرق الإطفاء السورية في التعامل مع حرائق غير مسبوقة في اتساعها وشدتها، فالمشهد ليس مجرد مواجهة مع النيران، بل مع تركة ثقيلة من مخلفات الحرب والظروف المناخية القاسية التي تجعل السيطرة على الحرائق أكثر تعقيداً، ورغم ذلك، يظهر استمرار الفرق والأهالي في العمل الميداني مؤشراً على قدرة المجتمعات المحلية على الصمود والتعاون في ظل غياب الموارد السريعة والبيئة الآمنة للعمل.
كشف رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، باولو سيرجيو بينهيرو، في تقرير شفوي أمام الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، أن إسرائيل كثّفت غاراتها على دمشق وحمص واللاذقية، ما تسبب في دمار واسع وسقوط ضحايا مدنيين، مؤكداً أن تل أبيب «تواصل انتهاك السيادة السورية وتوسيع احتلال أراضٍ جديدة جنوب البلاد».
اتفاق 10 آذار وتعثر دمج «قسد»
وأشار بينهيرو إلى أن اتفاق 10 مارس/آذار بين السلطات السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» يواجه تعثراً، موضحاً أن الاشتباكات الأخيرة تثير مخاوف من انفجار جديد للعنف في ظل بقاء آلاف عناصر تنظيم داعش قيد الاحتجاز، وهو ما يهدد الاستقرار في الشمال الشرقي للبلاد.
نزوح واسع في السويداء ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات
وفي سياق عرضه للتطورات الداخلية، أوضح رئيس اللجنة أن المواجهات التي اندلعت بين الدروز والبدو في السويداء في يوليو/تموز 2025 تسببت في نزوح نحو 200 ألف مدني وسقوط مئات القتلى والجرحى. وأشار إلى أن وزير العدل السوري شكّل لجنة تحقيق مستقلة وأُعلن عن توقيف عناصر متورطين في الأحداث، في خطوة اعتبرها مؤشراً على وجود توجه نحو المساءلة.
آمال بالسلام رغم التحديات
وقال بينهيرو إنه وبعد عقود من «الديكتاتورية الوحشية» شهدت سوريا قبل تسعة أشهر موجة جديدة من التطلعات نحو السلام والعدالة، لافتاً إلى أنه خلال زيارته الأخيرة إلى سوريا لاحظ أن هذه الآمال ما زالت حية لدى كثيرين رغم استمرار العنف ضد المدنيين في بعض المناطق.
دمج المجتمعات المتنوعة شرط لوحدة سوريا
وشدد في تقريره على أن مستقبل سوريا يتوقف على دمج جميع مناطقها ومجتمعاتها المتنوعة في دولة موحدة وآمنة تحترم الحقوق، مبيناً أن ذلك يتطلب بيئة سياسية وأمنية مستقرة بما يكفي لمعالجة جذور المظالم والانتهاكات المتراكمة.
لقاءات مع الحكومة السورية وهيئات المفقودين والعدالة الانتقالية
وأشار بينهيرو إلى أنه التقى وزير العدل السوري الذي طمأنه بأن الاعتقالات تتم بإشراف قضائي وأن المحتجزين يتمكنون من التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم، مؤكداً أن اللجنة ستتابع ذلك عن كثب. كما التقى أعضاء الهيئة الوطنية لشؤون المفقودين وأعضاء هيئة العدالة الانتقالية، حيث شدد على أن العائلات التي بحثت بلا كلل عن أحبائها يجب أن تكون في صلب هذه العملية كمشاركين فاعلين لا كمستفيدين فقط، مع الاستفادة من التجارب المماثلة في المنطقة وخارجها.
التحول السياسي والمؤسسي وتعزيز حقوق الإنسان
ولفت إلى أنه التقى في دمشق بمسؤولين حكوميين وناقش معهم إمكانات التحول السياسي والمؤسسي الجاري لتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان لجميع السوريين، ناقلاً إليهم مخاوفه بشأن تجدد العنف والتحديات التي تواجه التمتع بهذه الحقوق والتي تتطلب خطوات ملموسة لمعالجتها.
تقرير باولو سيرجيو بينهيرو لم يقتصر على رصد الانتهاكات، بل قدّم صورة مركبة عن سوريا بعد سقوط النظام السابق: دولة تحاول إعادة بناء مؤسساتها واستعادة الاستقرار، لكنها تواجه تحديات أمنية واجتماعية عميقة، من الغارات الإسرائيلية إلى نزاعات السويداء وتعثر اتفاقات الشمال الشرقي.
وفي المقابل، أظهر التقرير وجود بوادر لتوجه جديد نحو المحاسبة والعدالة الانتقالية إذا ما قُرن بالخطوات التنفيذية. هذه الرسائل المزدوجة – التحذير من العنف والإشادة بالإصلاحات – تشكّل اختباراً جدياً لقدرة دمشق على تحويل وعودها إلى واقع يعيد ثقة السوريين والمجتمع الدولي.
أكد معاون وزير الاقتصاد والصناعة محمد ياسين حورية، أن عدد المعامل التي استأنفت نشاطها داخل سوريا بعد صدور القرار رقم 37، القاضي بإعفاء الآلات الصناعية المستوردة من الرسوم الجمركية، تجاوز 1500 معمل، مشيراً إلى أن الوزارة تتلقى يومياً طلبات من صناعيين من خارج البلاد، في مؤشر على استعادة البيئة الصناعية السورية ثقة المستثمرين.
حلب تتصدر مشهد العودة الصناعية
أوضح حورية في تصريح لـ«سانا» أن محافظة حلب جاءت في المرتبة الأولى من حيث عدد طلبات إعادة تشغيل المنشآت، تلتها ريف دمشق بما في ذلك مدينة عدرا الصناعية، لافتاً إلى أن الصناعات المرخّصة تنوعت بين الكيميائية والنسيجية والغذائية والهندسية، ما يعكس رغبة الحكومة في تنويع القاعدة الإنتاجية وعدم الاكتفاء بقطاع واحد.
تسهيلات واسعة وتحرير صناعات
وكشف معاون الوزير أن الوزارة قدّمت تسهيلات كبيرة، منها إلغاء القيود القديمة، وتحرير صناعات كانت محتكرة لصالح الدولة مثل تعبئة المياه، وتسهيل استيراد المواد الأولية دون الحاجة لإجازات استيراد، فضلاً عن تيسير التصدير ضمن بيئة سوق تنافسية مفتوحة.
مراجعة شاملة للقرارات الناظمة
وأشار حورية إلى أن وزارة الاقتصاد بدأت مراجعة شاملة للبلاغات والقرارات الناظمة للعمل الصناعي، وفي مقدمتها البلاغ رقم 10 الذي وصفه بالمجحف بحق الصناعة السورية، إلى جانب البلاغين 16 و17 المتعلقين بإقامة منشآت صناعية خارج المدن الصناعية، وإعادة النظر في البلاغ رقم 4، في إطار تحديث المنظومة القانونية بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة.
موافقات صناعية أسرع وبيروقراطية أقل
ولفت معاون الوزير إلى أن إجراءات منح الموافقات الصناعية باتت أكثر بساطة وسرعة؛ إذ تُحدد مواقع المعامل، ثم يصدر القرار الصناعي ويُقدّم طلب الإعفاء الجمركي للآلات ليحال لاحقاً إلى هيئة المنافذ والمعبر المطلوب خلال مدة لا تتجاوز أسبوعاً، مؤكداً استمرار العمل على تطوير البيئة التشريعية والإجرائية لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الصناعية.
تحديث المواصفات القياسية لتعزيز المنافسة
وبيّن حورية أن الهيئة السورية للمواصفات والمقاييس شرعت في تحديث المواصفات القياسية من خلال لجان فنية مختصة لكل قطاع، بينها لجنة لصناعة المنظفات، موضحاً أن الالتزام بمواصفات قديمة يشكّل عائقاً أمام تطور الصناعة وقدرتها على المنافسة، ما يستدعي اعتماد مواصفات مرنة تراعي الجوانب الصحية والبيئية فقط وتتيح للصناعيين التنافس بالجودة والسعر.
انفتاح على أسواق الجوار
وأشار إلى وجود تقدم كبير في المباحثات مع دول مجاورة، خصوصاً الأردن، لإعادة تفعيل التبادل التجاري وتسهيل دخول المنتجات الصناعية السورية عبر قوائم جمركية تفضيلية، مشدداً على ضرورة فتح الأسواق أمام المنتج السوري طالما أنه يتمتع بالمواصفات التنافسية المطلوبة.
سوق حر وحماية للصناعة الوطنية
واختتم حورية بالتأكيد على أن النموذج الاقتصادي الجديد في سوريا يقوم على «سوق حر تنافسي مع حماية للصناعة الوطنية»، من خلال رسوم جمركية مدروسة تحمي المنتج المحلي من المنافسة غير العادلة، وخاصة في ظل ارتفاع تكاليف الطاقة مقارنة بدول الجوار، لافتاً إلى أن الوزارة على تواصل دائم مع غرف الصناعة لمعالجة التحديات وتوفير بيئة محفزة للإنتاج الوطني.
تصريحات حورية لا تُظهر مجرد تحسن في المؤشرات الصناعية، بل تعكس توجهاً حكومياً لبناء قاعدة إنتاجية جديدة بعد الحرب، تجمع بين الانفتاح على الأسواق الإقليمية وتحرير القطاعات، وبين حماية الإنتاج الوطني عبر سياسات جمركية وتشريعية، ونجاح هذه الرؤية قد يحوّل عودة 1500 معمل إلى نقطة انطلاق نحو إعادة تموضع سوريا كوجهة استثمارية وصناعية في المنطقة.