أعلنت مؤسسة الدفاع المدني السوري عن استمرار جهودها في إزالة الأنقاض وترحيل الركام من الأحياء المدمّرة في العاصمة دمشق، لاسيما في حيي القابون وتشرين، حيث تم ترحيل أكثر من 650 متراً مكعباً من الركام، في إطار مشاريعها الخدمية الرامية إلى التمهيد لعودة السكان وتحسين الواقع البيئي والصحي.
وقالت المؤسسة عبر معرفاتها الرسمية إن حي القابون تحوّل بفعل قصف النظام المخلوع وحلفائه إلى كتلة هائلة من الركام، مشيرة إلى أن هذا الدمار يختزل سنوات من التدمير الممنهج الذي طال البنية التحتية وأحلام المدنيين، لكنه لن يكون نهاية القصة.
وأكدت فرق الدفاع المدني أن إزالة الأنقاض تُعد خطوة أساسية في مسار التعافي وإعادة الحياة، إذ تسهم في فتح الطرقات، وتسهيل عودة المهجرين، والحد من الأضرار البيئية والصحية الناجمة عن تراكم الركام في المناطق السكنية.
وفي مدينة حلب، أطلقت المؤسسة مشروعاً موسعاً لإزالة الأنقاض وهدم الأبنية الآيلة للسقوط في أحياء الشعار، قاضي عسكر، وكرم حومد، وهي من أكثر المناطق تضرراً بفعل الغارات الجوية والقصف الذي شهدته المدينة خلال سنوات الحرب.
ووفق بيانات المؤسسة، تمكن المشروع منذ انطلاقه وحتى 20 آذار الجاري من ترحيل 10 آلاف و358 متراً مكعباً من الأنقاض، وهو ما يمثل 25% من الكمية المستهدفة البالغة 40 ألف متر مكعب.
أما في محافظة دير الزور، وتحديداً في مدينة البوكمال، التي تعاني من انهيار كبير في البنية التحتية وطرق مغلقة بسبب الإهمال المتراكم، فقد قامت فرق الدفاع المدني بفتح طريق رئيسي يؤدي إلى أحد مشافي المدينة، بعد أن ظل مغلقاً لفترة طويلة بسبب الركام والأتربة، مما أعاد له دوره الحيوي كممر آمن للمرضى والمسعفين.
كما قدمت الفرق الدعم لشركة المياه المحلية عبر المساهمة في أعمال الحفر لصيانة خطوط المياه، في محاولة للتخفيف من معاناة الأهالي وتحسين مستوى الخدمات الأساسية في المدينة المنكوبة.
وأكدت المؤسسة في ختام بيانها أن مشاريع إزالة الأنقاض وإعادة تأهيل البنية التحتية ستستمر بالتوازي مع الجهود الإنسانية الأخرى، وأن هذه الخطوات ضرورية لتهيئة الأرضية اللازمة لتعافي المجتمعات واستقرار السكان في المناطق المحررة.
أعلنت اللجنة الوزارية اللبنانية المكلّفة بملف النازحين السوريين عن استعداد الحكومة اللبنانية لوضع خطة شاملة بالتعاون مع السلطات السورية والمنظمات الدولية، تهدف إلى تأمين عودة النازحين السوريين إلى بلادهم بصورة آمنة وكريمة.
وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام"، أن اللجنة عقدت اجتماعها الثاني اليوم الأربعاء، برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء، وبحضور الوزراء ميشال منسى، أحمد الحجار، حنين السيد، عادل نصار، ومحمد حيدر، في حين تغيّب الوزير يوسف رجّي بسبب سفره خارج البلاد.
وبحث المجتمعون في الاجتماع سبل استكمال جمع البيانات الدقيقة حول أعداد النازحين السوريين في لبنان، إلى جانب دراسة أوضاعهم القانونية والاجتماعية والاقتصادية، كما ناقشوا نتائج المبادرات الرسمية السابقة لإعادة النازحين إلى سوريا.
وأكدت اللجنة الوزارية، في ختام الاجتماع، تمسّك الدولة اللبنانية بموقفها الرافض لأي شكل من أشكال التوطين، وشددت على ضرورة تنظيم العودة الطوعية عبر خطة عملية قابلة للتنفيذ، يتم إعدادها بالتعاون المباشر مع السلطات السورية والمنظمات الدولية المعنية.
وأكد الجانبان خلال زيارة الوفد الوزاري اللبناني إلى دمشق، على ضرورة بناء علاقات راسخة تقوم على قاعدة الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، في خطوة وصفت بأنها "انطلاقة حقيقية لعهد سياسي جديد بين البلدين الجارين".
زيارة رسمية رفيعة المستوى إلى دمشق
وبحسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء اللبناني، فقد اختتم رئيس الحكومة نواف سلام زيارة رسمية إلى العاصمة السورية دمشق، على رأس وفد وزاري ضم وزراء الخارجية يوسف رجي، الدفاع ميشال منسى، والداخلية أحمد الحجار.
وقد التقى الوفد بالرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، حيث جرى خلال اللقاء بحث ملفات متعددة شائكة، في مقدمها "ضبط الحدود والمعابر ومكافحة التهريب"، إضافة إلى "ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية"، وهي ملفات سبق أن طُرحت في لقاء جدة الأخير، الذي جمع وزيري الدفاع في البلدين برعاية سعودية.
سلام: صفحة جديدة من الثقة والاحترام المتبادل
وأكد الرئيس نواف سلام، أن الزيارة تمثل فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، تقوم على مبادئ حسن الجوار، واحترام السيادة، واستعادة الثقة بين الشعبين، مشدداً على أن "قرار سوريا للسوريين، وقرار لبنان للبنانيين"، وهو ما لاقى تجاوبًا من الجانب السوري.
ملفات اللاجئين والمفقودين: أولوية إنسانية مشتركة
تناولت المباحثات أيضًا قضية اللاجئين السوريين في لبنان، حيث جرى التشديد على أهمية العودة الآمنة والكريمة للنازحين إلى مدنهم وقراهم، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة. كما طرح الوفد اللبناني ملف المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في سوريا، مطالبًا بكشف مصيرهم والتعاون القضائي لتسليم المطلوبين في قضايا بارزة، أبرزها قضية تفجيري مسجدي التقوى والسلام، وغيرها من الملفات المتراكمة منذ سنوات النظام السابق.
تعزيز التنسيق الأمني وتعاون اقتصادي واسع النطاق
وأكد البيان أن الجانبين شدّدا على ضرورة تعزيز التنسيق الأمني بين البلدين، بما يضمن الاستقرار ويمنع عودة الفوضى على طرفي الحدود. كما ناقش الطرفان مجموعة من القضايا الاقتصادية، من أبرزها فتح خطوط التجارة البرية والبحرية، واستجرار النفط والغاز، وتفعيل النقل الجوي، إلى جانب النظر في الاتفاقيات السابقة، وخصوصًا مراجعة دور المجلس الأعلى السوري اللبناني.
لجنة وزارية مشتركة لمتابعة الملفات
تم الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية مشتركة تضم وزارات الخارجية، الدفاع، الداخلية والعدل، لمتابعة الملفات ذات الطابع الأمني والقضائي، على أن تتابع وزارات الاقتصاد، النقل، الشؤون الاجتماعية والطاقة، بقية الملفات ذات الطابع الخدمي والتنموي.
وفي ختام اللقاء، شدد الجانبان على ضرورة رفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، بما يسمح بتنشيط الاقتصاد السوري وفتح الطريق أمام إعادة الإعمار والاستثمارات، وهو ما سيعود بالفائدة على لبنان كذلك، خاصة في ملفي الطاقة وتسهيل تصدير المنتجات اللبنانية برًا عبر الأراضي السورية.
تشير هذه الزيارة إلى تحوّل لافت في الديناميكيات السياسية الإقليمية، تعكس إرادة واضحة لدى البلدين لتجاوز إرث الماضي والتأسيس لتعاون حقيقي على قاعدة الشراكة لا الوصاية، والانفتاح لا الصراع، في لحظة إقليمية مفصلية تتطلب تفعيل كل أدوات الحوار الإقليمي لتعزيز الاستقرار والتنمية المشتركة.
أطلقت إدارة الأمن العام في محافظة درعا سلسلة من العمليات الأمنية المكثفة خلال الأيام الأخيرة، استهدفت مكافحة سرقة الممتلكات العامة وحماية البنية التحتية.
وأفاد مصدر أمني أن دورية تابعة للأمن العام تعرضت لإطلاق نار مباشر أثناء تنفيذ مهام استعادة ممتلكات عامة مسروقة في مدينة الشيخ مسكين.
وأشار المصدر الأمني أن عناصر الدورية ردوا على مصادر النيران، ما أدى إلى مقتل أحد اللصوص وإصابة ثلاثة آخرين، في عملية وصفها المصدر بأنها “ضمن جهود فرض النظام العام وملاحقة المعتدين على الأملاك العامة”.
كما نفذت وحدات من الأمن العام حملة مداهمات وتفتيش في القرى المحاذية للأوتستراد الدولي جنوب سوريا، استهدفت عدداً من الأشخاص المشتبه بتورطهم في سرقة وقطع الأسلاك الكهربائية.
وأسفرت الحملة حسب الصفحة الرسمية لمحافظة درعا، عن اعتقال عدد من المتهمين، ضمن خطة لحماية البنية التحتية ومنع تفشي الجرائم المنظمة بحق الشبكة الكهربائية.
وفي مدينة إزرع، تعاونت الشركة العامة للكهرباء مع إدارة الأمن العام لتنفيذ حملة لفصل التغذية الكهربائية عن الآبار الخاصة والتعديات غير القانونية على الشبكة، كما تم تنظيم ضبوط قانونية بحق المخالفين.
وتأتي هذه الخطوة ضمن برنامج لتصحيح التعديات التي أثقلت كاهل الشبكة العامة وأثرت على توزيع الطاقة في المناطق الريفية.
بالتوازي، نفذت دوريات أمنية من إدارة الأمن العام جولات ميدانية على امتداد خط التوتر العالي بين الأوتستراد الدولي والطريق الغربي لدمشق، في محاولة لتأمين خطوط الإمداد ومنع أي عمليات تخريب أو سرقة قد تستهدف البنية التحتية للطاقة في المنطقة.
وفي سياق منفصل، ولتعزيز الوجود الأمني الرسمي، افتُتحت ناحية ومخفر جديد في مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، بحضور محافظ درعا أنور الزعبي، ومدير أمن المحافظة العميد شاهر جبر عمران، وقائد الشرطة العميد بدر عبد الحميد.
وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة شاملة لتعزيز الأمن والاستقرار في مناطق ريف درعا بعد سنوات من الفوضى وغياب الدولة.
وتشهد محافظة درعا منذ أشهر تصعيداً أمنياً متصاعداً، يشمل حملات مداهمة وعمليات تفكيك تشكيلات مسلّحة كانت تنشط في الجنوب، بالتزامن مع استعادة مؤسسات الدولة لزمام السيطرة الإدارية والأمنية. وتعتبر هذه العمليات جزءاً من خطة أوسع لتثبيت الاستقرار وإعادة هيكلة الجهاز الأمني والخدمي في المنطقة.
تشهد الأسواق السورية هذه الأيام تراجعاً متفاوتاً في أسعار العديد من المواد الغذائية، لا سيما بعد انتهاء شهر رمضان، وسط تفاوت بين المحافظات من حيث طبيعة الانخفاض وأسبابه، إلا أن القاسم المشترك بينها جميعاً هو تحسن نسبي في التوريد المحلي، وتأثير الظروف المناخية على الإنتاج، مقابل استمرار ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.
دمشق وريفها: مؤونة بانتظار الكهرباء
مع انطلاق موسم المؤونة، بدأ الإقبال على تجهيز الفول والبازلاء والأنجينار والباذنجان المجفف. ورغم تراجع الأسعار نسبياً، إلا أن الكثير من الأسر تتريث بسبب عدم استقرار الكهرباء، أو تكتفي بكميات أقل. وشهدت أسعار الفول تراجعاً إلى حدود 5 – 6 آلاف ليرة، والبازلاء بين 13 – 16 ألفاً. فيما بلغ سعر كيلو ورق العنب والفطر أكثر من 35 ألفاً.
ويُلاحظ توجه شريحة من الأسر نحو شراء المؤونة الجاهزة "مفرطة ومفرزة"، ما فتح باباً لفرص عمل موسمية لسيدات يعملن في تجهيزها.
درعا: خضروات باكورية تبشّر بموسم مبكر
في محافظة درعا، سجّلت أسعار الخضروات استقراراً نسبياً، مع انخفاض واضح في أسعار الكوسا والفاصولياء، حيث تراجعت أسعارها إلى النصف مقارنةً بما كانت عليه في رمضان، نتيجة دخول المحاصيل الباكورية المزروعة في حوض اليرموك إلى الأسواق.
كما شهدت الخضروات الورقية هبوطاً تجاوز 40%، فيما سجلت الطماطم والبطاطا والخيار تراجعاً طفيفاً. وتوقع تجار محليون استمرار الانخفاض مع دخول المزيد من المحاصيل البلدية إلى السوق، مثل الخيار والبازلاء والفول، وسط توقعات متحفظة بإنتاج أقل هذا الموسم بسبب موجة الصقيع الأخيرة والجفاف.
اللاذقية: أسعار الألبان تتراجع… لكن السوق ما زالت راكدة
أما في اللاذقية، فقد تراجعت أسعار الألبان والأجبان بنسبة تفوق 20% بعد رمضان، مدفوعة بانخفاض الطلب وتحسن الإنتاج. وبلغ سعر الجبنة المسنّرة نحو 55 ألف ليرة، والجبنة البلدية بين 22 إلى 27 ألفاً، واللبنة البلدية 30 ألفاً، فيما سجل اللبن المبستر 8 آلاف ليرة.
وأرجع رئيس جمعية المواد الغذائية في اللاذقية، رامز دبلو، هذا الانخفاض إلى تحسن توفر الغاز وتراجع القيود على المنتجين. لكنه أشار إلى أن الحركة الشرائية لا تزال ضعيفة، في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
السويداء: اللحوم ليست حكراً على الميسورين
وفي السويداء، لم تعد اللحوم الحمراء حكراً على المقتدرين، إذ تراجع سعر لحم العجل من 200 ألف إلى نحو 90 ألف ليرة، ولحم الخروف إلى 110 آلاف، فيما توفرت اللحوم المستوردة المجمدة بسعر 50 ألفاً للكيلو. وأرجع القصابون الانخفاض إلى تراجع أسعار الماشية الحية، وضبط عمليات التهريب.
كما تراجعت أسعار الفروج، حيث وصل سعره حياً إلى 26 ألفاً، وسجلت مشتقاته أسعاراً متفاوتة تراوحت بين 17 إلى 46 ألف ليرة حسب القطعة.
الحسكة: الأسعار ترتفع مع الدولار
وفي المقابل، شهدت الحسكة ارتفاعاً عاماً في أسعار المواد الغذائية بالتزامن مع تذبذب سعر الصرف، حيث وصل سعر طبق البيض إلى 25 ألف ليرة، وزيت القلي إلى 64 – 68 ألفاً، فيما تجاوز سعر كيلو الفريز 30 ألف ليرة، والكيوي 35 ألفاً. الأمر الذي زاد من الأعباء المعيشية على المواطنين في ظل استمرار ضعف الدخل.
جبلة: أسعار معتدلة ومحاولات لضبط السوق
في جبلة، لوحظ استقرار نسبي في أسعار عدد من المواد الأساسية مثل الزيت والمتة والسمنة والبيض، وسط تنوع في العروض والأسعار، بينما نفى أمين سر جمعية المطاعم بدمشق صدور تسعيرات جديدة للمأكولات الشعبية، في وقت تُكثف فيه الجهات الرقابية جولاتها لضبط الأسعار وجودة المواد، كما حدث مؤخراً في طرطوس.
واقع الأسعار بين الأمل والتحفظ
ورغم التفاوت بين المحافظات، تشير المؤشرات إلى تحسن نسبي في توريد المواد المحلية، خاصة الخضروات، إلا أن التحديات المعيشية لا تزال ترخي بظلالها على الأسواق، إذ إن انخفاض الأسعار وحده لا يكفي لإنعاش السوق ما لم يتحقق توازن فعلي بين الدخل والاحتياجات الأساسية.
أطلق مجموعة من النشطاء الحقوقيين من أبناء المنطقة الشرقية مبادرة جديدة تحمل اسم "بصمة لحقوق الإنسان"، وهي مرصد مستقل يُعنى بتوثيق ورصد انتهاكات حقوق الإنسان في مختلف أنحاء سوريا، مع تركيز خاص على المحافظات الشرقية، وهي الحسكة ودير الزور والرقة، في ظل غياب كافٍ للمبادرات الحقوقية الجادة التي تتابع أوضاع السكان في تلك المناطق.
ويضم المرصد فريقاً من النشطاء والباحثين ذوي الخبرة في العمل الحقوقي، ينتمون لخلفيات مهنية متنوعة، ويجمعهم الإيمان بدور التوثيق في تحقيق التغيير، حيث يعمل الفريق بشكل مستقل ومحايد، بعيداً عن أي اصطفاف سياسي أو حزبي، ملتزماً بالمهنية والموضوعية في نقل الانتهاكات والدفاع عن الحقوق الأساسية للأفراد والمجتمعات.
منصة للضحايا وصوت للحقيقة
يهدف مرصد "بصمة" إلى أن يكون منصة للضحايا ومرجعاً موثوقاً لرصد الحقائق، عبر توثيق الانتهاكات التي تطال السكان، بغضّ النظر عن الجهة الفاعلة. ويعتمد في عمله على المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بمنهجية دقيقة تضمن المصداقية، وتحترم القيم الحقوقية والإنسانية.
كما يؤمن القائمون على المبادرة أن نقل الحقيقة هو الخطوة الأولى نحو التغيير والمساءلة، وأن بناء قاعدة بيانات موثوقة سيسهم في رفع الوعي العام، وتمكين المنظمات الفاعلة محلياً ودولياً من الوصول إلى معلومات دقيقة، تدعم جهود مناصرة الضحايا ومحاسبة الجناة.
السرية وحماية المصادر
يولي المرصد أهمية قصوى لمبدأ الخصوصية وحماية الشهود، إذ يلتزم بحماية هوية المصادر، وضمان سرية المعلومات المتداولة، بما يضمن سلامة الأفراد وعدم تعريضهم لأي مخاطر أو تهديدات أمنية.
دعوة للتعاون والمشاركة
وفي ختام الإعلان، دعا فريق "بصمة" جميع النشطاء والإعلاميين والمهتمين بقضايا حقوق الإنسان إلى التعاون والمشاركة في المبادرة، بهدف توحيد الجهود لإحداث أثر ملموس في مسار العدالة والحرية، وترك "بصمة" إنسانية لا تُمحى في سجل الكفاح الحقوقي بسوريا.
أعلنت فعاليات مدنية وشعبية من مناطق الجزيرة السورية والفرات عن تشكيل "مجلس التعاون والتنسيق"، في خطوة تهدف إلى توحيد الجهود السياسية والإعلامية والمدنية لمواجهة سلطات "قسد" ومشاريع التقسيم، وعلى رأسها طرح الفيدرالية، الذي يُعتبر تهديداً مباشراً لوحدة سوريا أرضاً وشعباً.
وأوضح القائمون على المجلس أن هذه المبادرة جاءت كرد فعل مباشر على ما وصفوه بـ"السلطة المفروضة بقوة الأمر الواقع"، مؤكدين أن "قسد" لا تمثل المكون العربي الذي يشكل الأغلبية السكانية في المنطقة، وأن وجود بعض العرب في صفوفها لا يُضفي عليها أي شرعية أو تمثيل حقيقي.
وشدد المجلس على رفض أي محاولة لاعتبار "قسد" طرفاً مفاوضاً باسم عرب الجزيرة والفرات، سواء في أي حوار داخلي أو لقاء سياسي دولي، معتبرين أن الهدف الرئيس للمجلس هو دعم صمود الأهالي، والتأكيد على الانتماء الوطني لسوريا الواحدة، وإيصال صوت سكان المنطقة إلى الحكومة السورية والمنظمات الدولية.
وأكد البيان أن التغيير المنشود في المنطقة لا يمكن أن يتم إلا من خلال العمل المدني المشترك، وتوحيد الصفوف في وجه مشاريع العزل والتقسيم، التي لطالما كانت وسيلة لتمزيق الهوية الوطنية الجامعة.
وأوضح القائمون على التجمع أن "تاج" كيان غير ربحي وغير حزبي، يُعنى بتعزيز الوعي الاجتماعي والسياسي، وترسيخ مفاهيم المواطنة والعدالة الاجتماعية والعيش المشترك، والعمل على تحقيق التنمية المستدامة.
وتضمنت "أهداف التجمع" في تمثيل قضايا ومصالح أبناء الجزيرة على المستويين السياسي والمدني، وتعزيز الهوية الثقافية والتاريخية للمنطقة، والدفاع عن الحقوق المشروعة للمجتمعات المحلية، ودعم الحكم الرشيد والمشاركة السياسية الفاعلة، والمساهمة في بناء اقتصاد تنموي عادل ومستدام.
وأكد التجمع أنه لا يدّعي احتكار التمثيل، بل يسعى إلى خلق مساحة وطنية تعبّر عن طيف واسع من أبناء المنطقة، وتؤمن بضرورة تحرير كامل الأراضي السورية من الميليشيات الأجنبية والانفصالية، وإعادة بسط سيادة الدولة على جميع المناطق.
موقف "تاج" من قسد: لا شرعية ولا تمثيل وطني
وفي بيان واضح، أكد التجمع أن "قسد" لا تعبر عن أي خيارات وطنية، بل تُعتبر فرعاً من حزب العمال الكردستاني، وهي مسؤولة عن تعميق الانقسام وإلحاق الأذى بمصالح السوريين. وأضاف أن التجمع يدعم خيار الدولة في مواجهة هذا الواقع المفروض بقوة السلاح، بما يضمن وحدة البلاد وإنهاء الهيمنة العسكرية والانفصال السياسي.
وترى هذه الأطراف أن الفيدرالية لا تعني الانفصال، بل تهدف إلى ضمان الحقوق الثقافية والإدارية والدستورية للكرد، ضمن دولة موحدة. وأكدت مصادر أن مسودة مقترح للفيدرالية يجري العمل عليها حالياً، وسيتم عرضها قريباً في اجتماع موسع يضم أطرافاً سياسية ومنظمات مجتمع مدني وتنظيمات نسوية، في محاولة لإيجاد توافق داخل المكون الكردي وخارجه.
تجاذب سياسي في شمال شرق سوريا وسط غياب إطار وطني جامع
تتزامن هذه التحركات مع حالة من الفراغ السياسي والإداري في شمال شرق سوريا بعد سقوط النظام السابق، وظهور أصوات محلية تسعى لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة المركزية وسكان المنطقة. وفي ظل هذه التطورات، تتصاعد المخاوف من تفكك النسيج الوطني ما لم يتم التوصل إلى صيغة جامعة تحفظ وحدة سوريا وتضمن الحقوق المتساوية لجميع مكوناتها.
أعلن وزير الداخلية المهندس أنس خطاب، عن أبرز الإنجازات التي حققتها الوزارة منذ تسلّمه مهامه، كاشفًا عن خطة تطوير شاملة تشمل مختلف إدارات الوزارة وقطاعاتها الحيوية. وأكد أن هذه التحركات تأتي ضمن رؤية وزارة الداخلية لبناء مجتمع آمن ومستقر، يتمتع فيه المواطن بالحرية والكرامة، وترتكز على توحيد الجهود، وتجاوز التحديات الميدانية، والاستثمار الأمثل للطاقات البشرية والموارد المتاحة.
تثمين للجهود السابقة
وأعرب خطاب عن تقديره للجهود الكبيرة التي بُذلت منذ لحظة تحرير العاصمة دمشق، مشيدًا بالدور الذي أداه وزيرا الداخلية السابقان، الأستاذ محمد عبد الرحمن والمهندس علي كده، في إرساء دعائم العمل المؤسسي وتعزيز الأداء الأمني. ووجّه الشكر لجميع الكوادر العاملة في الوزارة، داعيًا إلى مواصلة العمل بروح جماعية ومسؤولية وطنية.
هيكلية جديدة للأمن والشرطة: توحيد القيادة وتسهيل الأداء
ضمن خطة تطوير العمل الأمني، أعلن الوزير عن اعتماد هيكلية جديدة على مستوى المحافظات، يتم من خلالها تعيين ممثل واحد لوزارة الداخلية في كل محافظة، يتولى مهام قيادة الأمن والشرطة معًا، بدلاً من ازدواجية الهيئات السابقة. وستتبع له جميع الفروع والمكاتب الأمنية في المحافظة، مما يتيح مرونة أكبر في اتخاذ القرار، ويُحسّن من كفاءة التنسيق والتعامل مع الملفات المحلية.
المباحث الجنائية: تحديث شامل وتطوير المختبرات
وفي إطار النهوض بعمل المباحث الجنائية، تم تكليف الإدارة المعنية بإعداد دراسة متخصصة لتطوير الأداء، تشمل تجهيز المخابر الجنائية بأحدث الأجهزة والتقنيات، بما يضمن رفع القدرة على كشف الجرائم وتحقيق العدالة بكفاءة، وقد باشرت اللجنة أعمالها فعليًا خلال الأيام الماضية.
مكافحة المخدرات: تفكيك إرث الكبتاغون الأسود
أوضح الوزير أنه تم عقد جلسة موسعة مع إدارة مكافحة المخدرات، جرى فيها تقييم الوضع الحالي، وطرح خطة لتأهيل الكوادر المختصة عبر دورات تدريبية متقدمة، بهدف التصدي لآفة المخدرات المنتشرة، لا سيما بعد تحويل سوريا سابقًا إلى مركز لإنتاج الكبتاغون من قبل شبكات إجرامية مدعومة من النظام البائد.
التحول الرقمي: قواعد بيانات ذكية وتطبيقات خدمية
وفي مجال التحول الرقمي، كشف خطاب عن انطلاق المرحلة الأولى لتطوير قاعدة بيانات الأحوال المدنية، وإنشاء منظومة إلكترونية لمعالجة الطلبات والمراسلات داخل الوزارة. كما يجري التنسيق مع وزارة الاتصالات لإطلاق تطبيقات إلكترونية خدمية تسهّل إجراءات المواطنين، وتُسهم في تقليص الوقت والجهد والكلفة.
نظام مروري ذكي وحلول للازدحام
على صعيد المرور، أعلن الوزير عن البدء بتنفيذ خطة لتحديث العمل المروري باستخدام تقنيات المراقبة الذكية، مثل كاميرات الرصد، وأجهزة قياس السرعة، وبرمجيات تتبع الحوادث والمخالفات. كما تمّت مناقشة حلول إسعافية للازدحامات في مدينة دمشق، وتُتابع اللجان المختصة حاليًا دراسة المقترحات وتحديد أولويات التنفيذ.
إدارة الهجرة والجوازات: استمرارية رغم التحديات
أكد الوزير أن إدارة الهجرة والجوازات واصلت عملها منذ اللحظة الأولى لتحرير دمشق، رغم الأضرار التي لحقت بمقرها. وقد تم استخراج أكثر من 160,000 جواز سفر خلال الفترة الماضية، ويجري العمل على تطوير الإدارة لما لها من ارتباط مباشر بحياة المواطنين اليومية وشؤونهم الإدارية.
مكافحة فلول النظام: إحباط مشروع انقلاب وتنسيق أمني موسّع
وكشف الوزير عن إحباط مشروع انقلاب كان يتم التحضير له من قبل مجموعة من ضباط النظام السابق، مؤكدًا أن الملف أصبح من الماضي، بفضل جهود القوات الوطنية وتعاون الشعب. وبيّن أن الوزارة بدأت بمراجعة المعلومات الاستخباراتية بالتنسيق مع وزارة الدفاع، كما تم الاتفاق على تعزيز التنسيق بين الإدارات المختصة بملاحقة الخارجين عن القانون.
إعادة هيكلة الوزارة: تطوير شامل للموارد والسياسات
ضمن إطار التخطيط الاستراتيجي، ناقشت الوزارة سُبل تطوير الهيكلية الإدارية، بما ينسجم مع المهام المستقبلية. وأوضح الوزير أن العمل جارٍ لرسم هيكل تنظيمي متكامل يُحدد العلاقة بين المديريات والفروع، ويواكب التغيرات الطارئة على مستوى الأمن والخدمات.
السجون: من أماكن احتجاز إلى مراكز تأهيل
أشار الوزير إلى أن ملف السجون يُمثّل أولوية خاصة نظرًا لحساسيته لدى السوريين، موضحًا أن الوزارة تسعى لتحويل السجون إلى بيئات تأهيلية حقيقية، عبر برامج إصلاح وإعادة دمج للموقوفين. وتم الاتفاق مع إدارة الإنشاءات على إعادة تأهيل المرافق الحالية بشكل مؤقت، إلى حين إنشاء مراكز جديدة تراعي حقوق الإنسان وتوفّر بيئة إنسانية وعدلية تحفظ كرامة المحتجزين.
دوائر شكاوى جديدة لخدمة المواطنين ومعالجة الإشكالات القانونية
في إطار تحسين آليات التواصل مع المواطنين ومعالجة القضايا اليومية، أعلنت وزارة الداخلية عن قرب إطلاق دائرة الشكاوى المركزية في مدينة دمشق خلال العشرين يومًا القادمة، وذلك بهدف استقبال مراجعات المواطنين، وتلقي شكاواهم، والعمل على معالجتها وفق الأطر القانونية المعتمدة.
تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة
في إطار الانفتاح على التجارب الدولية وتطوير العمل المؤسسي، أوضح وزير الداخلية أنه تم إيفاد عدد من البعثات التخصصية إلى دول مختلفة للاطلاع على أحدث ما توصلت إليه العلوم الأمنية والشرطية، بهدف نقل الخبرات وتطبيقها بما يتناسب مع السياق السوري.
كما استقبلت الوزارة خلال الفترة الماضية وفودًا رسمية من عدة دول، جرى خلالها بحث سبل التعاون المشترك، وإطلاق برامج تدريب وتبادل خبرات، تُعزّز من كفاءة الكوادر وتساهم في الارتقاء بالعمل الأمني والشرطي.
وأكد الوزير تطلع الوزارة إلى مزيد من التنسيق والتعاون الإقليمي والدولي، ولا سيما مع دول الجوار، في ملفات حيوية مثل مكافحة تنظيم داعش، وضبط الحدود، والحد من انتشار المخدرات والجرائم المنظمة، مشدداً على أهمية العمل المشترك في مواجهة التحديات العابرة للحدود، وتحقيق الأمن الجماعي.
وأوضح الوزير أن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية الوزارة في تسهيل الوصول إلى العدالة، وتقديم الخدمات مباشرة للمواطنين، بما يضمن الإنصاف وسرعة الاستجابة. كما أشار إلى أن فرعًا مماثلًا سيتم افتتاحه قريبًا في مدينة حلب لتخفيف الضغط عن الأهالي، على أن تتوسع الشبكة لاحقًا بافتتاح فروع مماثلة في باقي المحافظات تدريجيًا، بما يضمن تغطية جغرافية شاملة لخدمة جميع المواطنين دون استثناء.
أكد الوزير أن وزارة الداخلية تمضي قدمًا بخطى واثقة نحو بناء جهاز أمني ومؤسساتي متطور، يُلبّي تطلعات السوريين، ويُرسّخ قواعد الأمن والعدالة، في ظل مرحلة انتقالية تفرض تحديات كبيرة، لكنها في الوقت ذاته تفتح آفاقاً واسعة لبناء مستقبل آمن وعادل لجميع أبناء الوطن.
وفي كلمته خلال مراسم إعلان الحكومة في 29 آذار 2025، أعلن وزير الداخلية أن وزارته ستعمل على إعادة بناء المؤسسات الأمنية على أسس حديثة تعزز الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية. وأكد أن الأمن مسؤولية مشتركة بين الشعب والدولة، مشيرًا إلى أن الوزارة ستقوم بتحديث الشؤون المدنية، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية دقيقة، مما يساهم في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين. وأضاف أن هدفه هو إنشاء منظومة أمنية نظيفة تعتمد على أحدث التقنيات، وتحفظ كرامة المواطن السوري.
حذر نشطاء حقوقيون سوريون في فرنسا من تصاعد تحركات سياسية وطائفية تقودها شخصيات مناهضة للثورة السورية، على رأسها الشاعر المعروف علي إسبر، الملقب بـ"أدونيس"، وعدد من المؤيدين للنظام السوري السابق، وذلك في أعقاب المجازر الأخيرة التي شهدها الساحل السوري.
وأوضح الناشطون أن هذه التحركات تدّعي تمثيل العلويين، إلا أن أهدافها الحقيقية سياسية بحتة، وتتمحور حول محاولة استثمار تعاطف الدولة الفرنسية التقليدي مع الأقليات الدينية، بهدف عرقلة المسار الدبلوماسي المتجدد بين باريس ودمشق، ومنع أي تخفيف للعقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا.
وأشار النشطاء إلى أن أبرز أدوات هذا المسعى كانت عبر تكرار مطالب الحماية الدولية، والدعوة إلى إنشاء كيان إداري علوي مستقل في الساحل السوري، وهو ما عبّرت عنه بيانات صدرت عن شخصيات دينية وحقوقية ومدنية، بعضها ينشط داخل الأراضي السورية، وأخرى تقيم في دول أوروبا.
دعوى قضائية مثيرة للجدل ضد الحكومة السورية الجديدة
وفي هذا الإطار، نظم ما يُعرف بـ"التجمع الفرنسي العلوي" وقفة احتجاجية في ساحة بوابة كليشي أمام قصر العدل في العاصمة الفرنسية باريس، شارك فيها عشرات الأشخاص، واعتُبرت إعلاناً رمزياً عن دعوى قضائية رفعها التجمع ضد الرئيس السوري أحمد الشرع، وعدد من أعضاء الحكومة الانتقالية، من بينهم وزراء الدفاع والداخلية والخارجية، بالإضافة إلى قائد الفرقة 25 محمد الجاسم الملقب "أبو عمشة".
ورفع المشاركون لافتات كُتب عليها "أوقفوا الإبادة الجماعية بحق العلويين"، بعضها اتخذ شكل توابيت تحمل شعار الصليب، إلى جانب أقنعة بيضاء، في مشهد وصفه المراقبون بأنه استعراضي ويثير الجدل، خصوصًا في ظل مخالفة هذه التحركات للقانون الفرنسي الذي يحظر تشكيل التجمعات على أساس ديني أو طائفي.
مطالب بملاحقة "التجمع الفرنسي العلوي" قضائيًا
وفي رد فعل على هذه التحركات، صرّح رئيس "المجلس السوري الفرنسي" علي الزرقان لموقع تلفزيون سوريا، بأن ترخيص هذا التجمع الطائفي يشكّل سابقة خطيرة ويتطلب مراجعة فورية من السلطات الفرنسية، مؤكداً أن المجلس يعتزم التقدم بدعوى قضائية ضده بتهمة تلفيق مزاعم بحق رئيس الدولة السورية من دون وجود أدلة، فضلاً عن تحريضه على السوريين ودعمه لرموز النظام السابق المطلوبين دوليًا بجرائم حرب.
وأشار الزرقان إلى أن الناطقة الإعلامية باسم هذا التجمع، وهي دكتورة في القانون الدولي، معروفة بمواقفها المؤيدة لحزب الله، في تعارض واضح مع القيم القانونية والحقوقية التي تدّعي الدفاع عنها.
وأكد الزرقان أن "التجمع الفرنسي العلوي"، الذي لم يمض على تأسيسه سوى أسبوع، لا يملك وفق القانون الفرنسي الأهلية القانونية لتقديم دعوى أمام القضاء، في ظل الشروط القانونية الصارمة التي تحكم الاعتراف بالمنظمات الأهلية ومشروعية تمثيلها.
الولاية القضائية العالمية في فرنسا... ومحدداتها
من جانبه، أوضح الناشط الحقوقي المقيم في فرنسا ثائر حجازي، أن القانون الفرنسي يُجيز للنيابة العامة النظر في الجرائم الدولية الكبرى، مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، حتى وإن وقعت خارج الأراضي الفرنسية، وذلك بموجب مبدأ "الولاية القضائية العالمية".
وقال حجازي في تصريحه لموقع تلفزيون سوريا، إن هذا النوع من الدعاوى يتطلب ارتباطًا قانونيًا بفرنسا، سواء من جهة الضحايا أو المتهمين، عبر الجنسية أو الإقامة، كما لا تُفتح المحاكمات تلقائيًا بل بعد التحقق من الأدلة وصلة فرنسا بالوقائع، ثم ينتقل الملف إلى قاضي التحقيق للاستماع إلى الشهود وجمع الإفادات.
مذكرات توقيف بحق مسؤولين سوريين في قضايا سابقة
واستشهد حجازي بعدة قضايا سابقة نجحت في استصدار مذكرات توقيف من القضاء الفرنسي، أبرزها مذكرة التوقيف بحق "علي مملوك" في قضية مقتل السوري الفرنسي باتريك الدباغ، بناء على دعوى رفعها شقيقه، إضافة إلى مذكرة توقيف أخرى بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، اتهم فيها بـ"التواطؤ في جريمة حرب"، على خلفية مقتل السوري الفرنسي "صلاح أبو نبوت" إثر قصف مروحي استهدف مدينة درعا عام 2017، بعد دعوى تقدم بها نجله عمر.
خلفيات سياسية وتوظيف للطائفية
ويرى مراقبون أن الحراك الأخير المدفوع بخطاب طائفي يندرج في إطار جهود لإحياء مشاريع قديمة لفدرلة سوريا أو تقسيمها طائفيًا، وهو طرح سبق أن روج له عدد من شخصيات النظام السابق كخطة بديلة لحماية معاقل السلطة في حال فقدان السيطرة على العاصمة دمشق.
ويحذر النشطاء السوريون في أوروبا من خطورة السماح لمثل هذه التحركات بأن تجد موطئ قدم في الساحة الأوروبية، مشيرين إلى أنها لا تمثل الطائفة العلوية، بل تُوظف الطائفية وسيلة للابتزاز السياسي ومواجهة التغيرات التي شهدتها الساحة السورية بعد سقوط النظام السابق.
وجاء في بيان أصدره نارلي باسم ما أسماه "العلويين في الساحل السوري"، أن "العلويين اتخذوا خطوة تاريخية بإعلان الإدارة الذاتية"، معتبرًا أن هذه المبادرة تأتي "ردًا على عقود من القمع ومحاولات الانصهار"، على حد تعبيره. وأضاف أن هذه الخطوة تمثل "كفاحًا من أجل الوجود وقرارًا شجاعًا لتقرير المصير".
مشاركة علوية من تركيا وسوريا وأوروبا
وفي حديث للصحفي التركي "مصطفى ديليك"، أوضح نارلي أن هذه المبادرة الانفصالية تشهد دعمًا من علويين مقيمين في تركيا، وسوريا، ودول أوروبية، مشيرًا إلى أن "خارطة الطريق" الخاصة بالمشروع سيتم إعلانها رسميًا خلال الفترة القريبة المقبلة.
ويُعد سليم نارلي شخصية مثيرة للجدل في الأوساط السياسية والطائفية، وسبق أن أثار الانتباه بتصريحات صدامية أبرزها قوله: "إما تركيا أو إسرائيل"، في إشارة إلى تهديدات غير مباشرة ضمن سياق التجاذبات الطائفية والعرقية في تركيا والمنطقة.
قراءة في الخلفيات والأبعاد
يحمل إعلان "الإدارة الذاتية" المزعومة في الساحل السوري من قبل نارلي، دلالات خطيرة على مستوى وحدة الأراضي السورية، خاصة أن هذا الطرح يأتي بعد سقوط نظام بشار الأسد، الذي لطالما وُصف بأنه حامٍ لمصالح الطائفة العلوية، وسط اتهامات باستخدامها كدرع في مواجهة ثورة شعبية واسعة.
ويُعتقد أن هذه الدعوات الانفصالية، وإن بقيت محدودة التأثير شعبيًا في الوقت الراهن، تستند إلى تصورات قديمة عن إقامة كيان طائفي في منطقة الساحل السوري (اللاذقية وطرطوس وأجزاء من حمص)، وهي تصورات روجت لها شخصيات من النظام السابق خلال سنوات الصراع، كخط دفاع أخير في حال خسارة العاصمة دمشق.
ردود فعل مرتقبة
ورفض قطاعات واسعة من العلويين في سوريا لأي مشروع طائفي أو تقسيمي، معتبرين أن هذا النوع من الخطاب يعيد إنتاج النموذج الذي ساهم في تمزيق النسيج الوطني السوري لعقود.
ويُتوقع أن تثير هذه التصريحات ردود فعل تركية، نظرًا لوجود نارلي على أراضيها، واحتمال تورطه في أنشطة سياسية تتقاطع مع الأمن القومي التركي، خاصة في ظل حساسية الملف العرقي والطائفي على الحدود الجنوبية لتركيا.
ورغم كل ماظهر من تهميش وقهر مورس بحق أبناء "الطائفة العلوية" مارسه نظام بشار الأسد بدا واضحاً عقب هروبه وانهيار نظامه، إلا أن هناك من يحاول استثمار أحداث الاضطراب الأمني في سوريا للمطالبة بحماية الأقليات واستثمار الورقة دولياً لمحاربة السلطة الجديدة في سوريا، لاسيما من أزلام وأتباع النظام السابق ورجالاته الذين أقروا علانية بمسؤوليتهم عن الانقلاب الأمني الأخير في الساحل السوري، دون تحمل عواقب ماحصل ولاسيما أن "الطائفة العلوية" كانت أكثر المتضررين.
وكان خرج محمد الجابر، القائد السابق لميليشيا "صقور الصحراء" المدرجة على قوائم مرتكبي جرائم الحرب، في مقابلة بثتها قناة "المشهد"، من العاصمة الروسية موسكو، ليُعلن مسؤوليته عن محاولة انقلاب فاشلة ضد الحكومة السورية في الساحل، وقدّم الجابر نفسه بصورة المتحدي للدولة السورية، وأطلق تهديدات مبطّنة حملت في طياتها لهجة تصعيد واستعراض.
هجمات طائفية متبادلة
أوضح التقرير أن التمرد العلوي بدأ باشتباكات في الساحل السوري مطلع مارس/آذار، ترافقت مع هجمات على مدنيين سنّة وقوات موالية للحكومة، تبعها ردود عنيفة من القوات الحكومية استهدفت قرى وبلدات ذات غالبية علوية، وهو ما فاقم المشهد الطائفي، وأشار أحد قادة التمرد، بحسب التقرير، إلى أن العمليات نُفذت عمداً لاستدراج الحكومة إلى ارتكاب مجازر انتقامية، تهدف لتقويض شرعيتها أمام المجتمع الدولي.
دعوات سابقة لعودة الاحتلال بزعم حماية الطائفة
وسبق أن أثار المدعو "صالح حسن منصور"، الذي ظهر بمقاطع مرئية تحريضية من الساحل السوري، جدلاً واسعاً في فيديو نشر في 15 كانون الثاني/ يناير، قدم فيه نفسه على أنه شيخ ممثل الطائفة العلوية، وطالب بعودة الاحتلال الفرنسي في الساحل السوري، وقال "منصور"، "إذا استمر قتل أبنائنا لأنهم علويون سأتقدم بوثيقة للأمم المتحدة تضم توقيع الملايين من أبناء الطائفة العلوية لنطلب الحماية فيها من الحكومة الفرنسية"
دعوات سابقة لعودة الاحتلال بزعم حماية الطائفة
وسبق أن أثار المدعو "صالح حسن منصور"، الذي ظهر بمقاطع مرئية تحريضية من الساحل السوري، جدلاً واسعاً في فيديو نشر في 15 كانون الثاني/ يناير، قدم فيه نفسه على أنه شيخ ممثل الطائفة العلوية، وطالب بعودة الاحتلال الفرنسي في الساحل السوري، وقال "منصور"، "إذا استمر قتل أبنائنا لأنهم علويون سأتقدم بوثيقة للأمم المتحدة تضم توقيع الملايين من أبناء الطائفة العلوية لنطلب الحماية فيها من الحكومة الفرنسية"
وأشار إلى استعداده للتواصل مع أي جهة خارج سوريا لدعم هذه الخطوة، ريثما يتم تشكيل الدولة ادّعى أنه ممثل الطائفة العلوية مدعومًا بإجماع من العلويين في تركيا وجبل محسن في لبنان وظهر خلال إلقائه كلمة أمام حشد في تشييع أحد الأشخاص بقرية "قرفيص" بريف جبلة.
وكان أعرب المحامي السوري "عارف الشعال" عن استنكاره الشديد لما ورد في بيان مصور ألقاه المحامي عيسى إبراهيم، حفيد الشيخ صالح العلي، عبر صفحته في "فيسبوك"، والذي زعم أنه صادر عن ممثلين للطائفة العلوية في سوريا، ووجه خلاله دعوة إلى المجتمع الدولي لإجراء استفتاء بإشراف دولي لتقرير المصير للعلويين في مناطقهم، وصولاً إلى إقامة كيان "عصري" قائم على "العلمانية والديمقراطية والمواطنة".
"الشبكة السورية" ترفع حصائل توثيقاتها في أحداث الساحل إلى 1332 شخصاً منذ 6 آذار 2025
حدثت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، توثيقاتها المتعلقة بأحداث الساحل السوري الدامية، معلنة تسجيل مقتل 1332 شخصاً، منذ تاريخ 6 آذار/مارس 2025، موضحة أن هذه الحصيلة لا تشمل القتلى من فلول نظام الأسد (العصابات الخارجة عن سلطة الدولة) الذين قُتلوا أثناء الاشتباكات، حيث لا يُعد ذلك انتهاكاً للقانون.
وأوضحت الشبكة في تحديث صادر على موقعها الرسمي للحصائل المسجلة لديها، أنها وثقت قتل فلول نظام الأسد (عصابات مسلحة خارجة عن سلطة الدولة) ما لا يقل عن 445 شخصاً، توزعوا إلى 214 شخصاً من عناصر قوات الأمن العام، و231 مدنياً.
ووثقت تسبب القوى المسلحة المشاركة في العملية العسكرية ضد فلول نظام الأسد، شملت هذه القوى: (فصائل عسكرية، سكان محليين مسلحين (سوريين وأجانب)، عناصر الأمن العام)، بمقتل ما لا يقل عن 887 شخصاً، بينهم مدنيون وعناصر من فلول الأسد منزوعي السلاح، الغالبية العظمى من هؤلاء قتلوا على يد الفصائل العسكرية التي انضمت مؤخرا إلى إدارة الأمن العام.
في تقريرها الأولي، قالت الشبكة إن سوريا شهدت في تلك الفترة تدهوراً أمنياً غير مسبوق، وصفه بأنَّه إحدى أسوأ موجات العنف التي شهدتها البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. وقد نفّذت المجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة المرتبطة بنظام الأسد هجمات منسّقة استهدفت مواقع أمنية وعسكرية تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة الانتقالية، ما دفع القوات الحكومية الرسمية إلى شن عمليات أمنية موسعة لملاحقة المهاجمين.
في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية وتدهور سعر صرف الليرة السورية، عاد إلى الواجهة مجددًا الحديث عن إمكانية استبدال العملة كجزء من خطة إصلاح نقدي تهدف إلى إنعاش الاقتصاد وتحسين المؤشرات المالية في البلاد.
وبينما يرى البعض أن حذف الأصفار وتغيير شكل العملة قد يسهم في تسهيل التعاملات اليومية وخفض تكاليف الطباعة، يحذّر خبراء من أن هذه الخطوة لن تكون ذات جدوى حقيقية ما لم تترافق مع إصلاحات شاملة في السياسات المالية والمصرفية.
الخبير الاقتصادي الدكتور "علي محمد" أشار إلى أن "حذف الأصفار أو تغيير العملة هو إجراء فني أكثر مما هو اقتصادي"، موضحًا أن أي أثر ملموس على التضخم أو الأسعار يتطلب معالجة الأسباب العميقة، مثل ضعف الإنتاج، وتراجع الاستثمار، وغياب الشفافية في السياسات النقدية.
كما لفت "محمد" إلى أن طباعة العملة في الخارج – وغالبًا في "روسيا" – تُعد خيارًا أقل تكلفة مقارنة بالدول الأوروبية، إلا أن التوسع في الطباعة دون ضوابط قد يؤدي إلى زيادة التضخم وتآكل القدرة الشرائية. وأوضح أن "تكلفة طباعة ورقة نقدية واحدة قد تصل إلى 20 سنتًا"، ما يعني أن الكلفة قد تتجاوز قيمة الورقة نفسها في السوق.
من جانبه، أكد مصدر في "مصرف سوريا المركزي" أن النقاشات الجارية تتضمن حذف ثلاثة أصفار من العملة الحالية، بحيث تتحول "الألف ليرة إلى ليرة واحدة"، مشيرًا إلى أن تطبيق هذه الخطة قد يستغرق من 6 أشهر إلى عام كامل لضمان التنفيذ بسلاسة دون التسبب باضطرابات نقدية.
وفي السياق ذاته، تواصلت عمليات طباعة العملة السورية في "روسيا"، حيث استلمت البلاد خلال الأشهر الماضية شحنتين من الأوراق النقدية ضمن اتفاق تعاون وقّع أواخر عام 2024. ويُقدَّر أن "الشحنة الأخيرة التي وصلت في آذار/مارس الماضي" بلغ وزنها نحو 6 أطنان، بقيمة تُقارب 300 مليار ليرة.
في المقابل، أعيد فتح ملف طباعة العملة في أوروبا، بعد تصريح للقائم بأعمال "بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا"، بالتزامن مع تداول أنباء عن تخفيف محتمل لبعض العقوبات، ما أثار تساؤلات حول طبيعة هذه الخطوة: هل هي مجرد إجراء نقدي أم مقدّمة لتحوّل سياسي أوسع؟
هذا وعاد ملف طباعة العملة السورية إلى الواجهة مع تداول أنباء عن تحضيرات لطبعها في دول الاتحاد الأوروبي، بدلًا من روسيا التي تتولى هذه المهمة منذ سنوات. التصريح الصادر عن القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا، وما رافقه من حديث عن تخفيف بعض العقوبات، يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة تعني تحولًا سياسيًا أوسع، أم أنها مجرد إجراء إسعافي في سياق أزمة نقدية خانقة.
عاد الشيخ "سليم نارلي"رئيس طائفة العلويين في لواء إسكندورن (هاتاي)، إلى الواجهة مجددًا بإطلاق تصريحات مثيرة للجدل، أعلن فيها عن بدء خطوات عملية لتأسيس كيان إداري علوي يتمتع بحكم ذاتي في الساحل السوري، في تحرك يُنظر إليه على أنه يحمل أبعادًا طائفية وسياسية حساسة في ظل المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا والمنطقة.
وجاء في بيان أصدره نارلي باسم ما أسماه "العلويين في الساحل السوري"، أن "العلويين اتخذوا خطوة تاريخية بإعلان الإدارة الذاتية"، معتبرًا أن هذه المبادرة تأتي "ردًا على عقود من القمع ومحاولات الانصهار"، على حد تعبيره. وأضاف أن هذه الخطوة تمثل "كفاحًا من أجل الوجود وقرارًا شجاعًا لتقرير المصير".
مشاركة علوية من تركيا وسوريا وأوروبا
وفي حديث للصحفي التركي "مصطفى ديليك"، أوضح نارلي أن هذه المبادرة الانفصالية تشهد دعمًا من علويين مقيمين في تركيا، وسوريا، ودول أوروبية، مشيرًا إلى أن "خارطة الطريق" الخاصة بالمشروع سيتم إعلانها رسميًا خلال الفترة القريبة المقبلة.
ويُعد سليم نارلي شخصية مثيرة للجدل في الأوساط السياسية والطائفية، وسبق أن أثار الانتباه بتصريحات صدامية أبرزها قوله: "إما تركيا أو إسرائيل"، في إشارة إلى تهديدات غير مباشرة ضمن سياق التجاذبات الطائفية والعرقية في تركيا والمنطقة.
قراءة في الخلفيات والأبعاد
يحمل إعلان "الإدارة الذاتية" المزعومة في الساحل السوري من قبل نارلي، دلالات خطيرة على مستوى وحدة الأراضي السورية، خاصة أن هذا الطرح يأتي بعد سقوط نظام بشار الأسد، الذي لطالما وُصف بأنه حامٍ لمصالح الطائفة العلوية، وسط اتهامات باستخدامها كدرع في مواجهة ثورة شعبية واسعة.
ويُعتقد أن هذه الدعوات الانفصالية، وإن بقيت محدودة التأثير شعبيًا في الوقت الراهن، تستند إلى تصورات قديمة عن إقامة كيان طائفي في منطقة الساحل السوري (اللاذقية وطرطوس وأجزاء من حمص)، وهي تصورات روجت لها شخصيات من النظام السابق خلال سنوات الصراع، كخط دفاع أخير في حال خسارة العاصمة دمشق.
ردود فعل مرتقبة
ورفض قطاعات واسعة من العلويين في سوريا لأي مشروع طائفي أو تقسيمي، معتبرين أن هذا النوع من الخطاب يعيد إنتاج النموذج الذي ساهم في تمزيق النسيج الوطني السوري لعقود.
ويُتوقع أن تثير هذه التصريحات ردود فعل تركية، نظرًا لوجود نارلي على أراضيها، واحتمال تورطه في أنشطة سياسية تتقاطع مع الأمن القومي التركي، خاصة في ظل حساسية الملف العرقي والطائفي على الحدود الجنوبية لتركيا.
تجمع علوي يرفع دعوى قضائية ضد الرئيس "الشرع" في فرنسا
تسلّمت النيابة العامة الفرنسية دعوى قضائية ضد الرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من وزرائه بتهم تتعلق بـ”الإبادة الجماعية، التطهير العرقي، وجرائم ضد الإنسانية”، وذلك على خلفية الأحداث التي وقعت في الساحل السوري في آذار الماضي.
وبحسب المذكرة القضائية التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فقد تقدّم المحامي بيدرو أندروجار بالدعوى نيابة عن ما يُعرف بـ”التجمع الفرنسي-العلوي”، موجّهًا اتهامات مباشرة للقيادة السورية بارتكاب حملة ممنهجة ضد أبناء الطائفة العلوية.
وجاء في المذكرة أن الحكومة السورية بقيادة أحمد الشرع أعلنت النفير العام عقب الهجوم، وشرعت في ردود انتقامية استهدفت مناطق وقرى ذات غالبية علوية، ما أسفر عن ارتكاب عشرات المجازر بحق المدنيين.
وتضمنت قائمة المتهمين إلى جانب الرئيس أحمد الشرع، كلًا من وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ووزير الداخلية أنس خطاب، وقائد الفرقة 25 محمد الجاسم المعروف بـ”أبو عمشة”، حيث تُحمّلهم الدعوى مسؤولية ارتكاب أكثر من 50 مجزرة أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 2500 مدني من الطائفة العلوية، بالإضافة إلى سقوط ضحايا من عائلات مسيحية وسنية.
وطالبت الدعوى القضائية بوقف كافة العمليات العسكرية في مناطق الساحل، وإطلاق سراح المعتقلين، وفتح تحقيق دولي عاجل في الجرائم التي وُثّقت خلال الأسابيع الماضية.
وكان نظم مايعرف بـ "التجمع الفرنسي العلوي"، تجمعاً حضره العشرات في بوابة كليشي، أمام قصر العدل في العاصمة الفرنسية باريس، اعتبرت حملة إشهار للدعوى التي رفعها التجمع ضد الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية، في الحكومة الانتقالية، بالإضافة لقائد الفرقة 25، محمد الجاسم الملقب "أبو عمشة".
ارتدى المحتجون أقنعة بيضاء، وحملوا لافتات "أوقفوا الإبادة الجماعية بحق العلويين"، ولافتات على شكل تابوت حملت شعار الصليب، وكتب عليها "غدا دورنا"، رغم أن القانون الفرنسي العلماني يحظر تشكيل التجمعات على أساس طائفي.
هذه الوقفة أثارت ردود أفعال مختلفة، لاسيما أنها تأتي في وقت يحاول فيه البعض استثمار أحداث الساحل السوري الأخيرة والتي بدأت بهجمات فلول نظام بشار الأسد، لتعويم مايسمى بـ "مظلومية العلويين"، مطالبين تارة بحماية دولية، وتارة أخرى بالانفصال عن سوريا وتقرير المصير، لتبدأ اللعب على وتر "خطف النساء وسبي العلويات"، علماً أنه لم تسجل حالة خطف واحدة في عموم المناطق السورية للنساء خلال الأحداث الأخيرة.
ورغم كل ماظهر من تهميش وقهر مورس بحق أبناء "الطائفة العلوية" مارسه نظام بشار الأسد بدا واضحاً عقب هروبه وانهيار نظامه، إلا أن هناك من يحاول استثمار أحداث الاضطراب الأمني في سوريا للمطالبة بحماية الأقليات واستثمار الورقة دولياً لمحاربة السلطة الجديدة في سوريا، لاسيما من أزلام وأتباع النظام السابق ورجالاته الذين أقروا علانية بمسؤوليتهم عن الانقلاب الأمني الأخير في الساحل السوري، دون تحمل عواقب ماحصل ولاسيما أن "الطائفة العلوية" كانت أكثر المتضررين.
وكان خرج محمد الجابر، القائد السابق لميليشيا "صقور الصحراء" المدرجة على قوائم مرتكبي جرائم الحرب، في مقابلة بثتها قناة "المشهد"، من العاصمة الروسية موسكو، ليُعلن مسؤوليته عن محاولة انقلاب فاشلة ضد الحكومة السورية في الساحل، وقدّم الجابر نفسه بصورة المتحدي للدولة السورية، وأطلق تهديدات مبطّنة حملت في طياتها لهجة تصعيد واستعراض.
تحركات منظمة تستهدف إشعال فتيل الطائفية
أكد التقرير أن المتمردين العلويين كثفوا من عملياتهم خلال الأسابيع الماضية، متبعين خطاباً يقدّمهم كمدافعين عن طائفتهم، وذلك في ظل شعور متزايد بالتهميش في ظل حكومة انتقالية ذات غالبية سنية، ووفقاً للتقرير، فإن الحكومة لم تتخذ خطوات كافية لتطمين العلويين، مما زاد من احتمالات توسع دائرة العنف.
هجمات طائفية متبادلة
أوضح التقرير أن التمرد العلوي بدأ باشتباكات في الساحل السوري مطلع مارس/آذار، ترافقت مع هجمات على مدنيين سنّة وقوات موالية للحكومة، تبعها ردود عنيفة من القوات الحكومية استهدفت قرى وبلدات ذات غالبية علوية، وهو ما فاقم المشهد الطائفي، وأشار أحد قادة التمرد، بحسب التقرير، إلى أن العمليات نُفذت عمداً لاستدراج الحكومة إلى ارتكاب مجازر انتقامية، تهدف لتقويض شرعيتها أمام المجتمع الدولي.
دعوات سابقة لعودة الاحتلال بزعم حماية الطائفة
وسبق أن أثار المدعو "صالح حسن منصور"، الذي ظهر بمقاطع مرئية تحريضية من الساحل السوري، جدلاً واسعاً في فيديو نشر في 15 كانون الثاني/ يناير، قدم فيه نفسه على أنه شيخ ممثل الطائفة العلوية، وطالب بعودة الاحتلال الفرنسي في الساحل السوري، وقال "منصور"، "إذا استمر قتل أبنائنا لأنهم علويون سأتقدم بوثيقة للأمم المتحدة تضم توقيع الملايين من أبناء الطائفة العلوية لنطلب الحماية فيها من الحكومة الفرنسية"
دعوات سابقة لعودة الاحتلال بزعم حماية الطائفة
وسبق أن أثار المدعو "صالح حسن منصور"، الذي ظهر بمقاطع مرئية تحريضية من الساحل السوري، جدلاً واسعاً في فيديو نشر في 15 كانون الثاني/ يناير، قدم فيه نفسه على أنه شيخ ممثل الطائفة العلوية، وطالب بعودة الاحتلال الفرنسي في الساحل السوري، وقال "منصور"، "إذا استمر قتل أبنائنا لأنهم علويون سأتقدم بوثيقة للأمم المتحدة تضم توقيع الملايين من أبناء الطائفة العلوية لنطلب الحماية فيها من الحكومة الفرنسية"
وأشار إلى استعداده للتواصل مع أي جهة خارج سوريا لدعم هذه الخطوة، ريثما يتم تشكيل الدولة ادّعى أنه ممثل الطائفة العلوية مدعومًا بإجماع من العلويين في تركيا وجبل محسن في لبنان وظهر خلال إلقائه كلمة أمام حشد في تشييع أحد الأشخاص بقرية "قرفيص" بريف جبلة.
وكان أعرب المحامي السوري "عارف الشعال" عن استنكاره الشديد لما ورد في بيان مصور ألقاه المحامي عيسى إبراهيم، حفيد الشيخ صالح العلي، عبر صفحته في "فيسبوك"، والذي زعم أنه صادر عن ممثلين للطائفة العلوية في سوريا، ووجه خلاله دعوة إلى المجتمع الدولي لإجراء استفتاء بإشراف دولي لتقرير المصير للعلويين في مناطقهم، وصولاً إلى إقامة كيان "عصري" قائم على "العلمانية والديمقراطية والمواطنة".
وأوضحت الشبكة في تحديث صادر على موقعها الرسمي للحصائل المسجلة لديها، أنها وثقت قتل فلول نظام الأسد (عصابات مسلحة خارجة عن سلطة الدولة) ما لا يقل عن 445 شخصاً، توزعوا إلى 214 شخصاً من عناصر قوات الأمن العام، و231 مدنياً.
ووثقت تسبب القوى المسلحة المشاركة في العملية العسكرية ضد فلول نظام الأسد، شملت هذه القوى: (فصائل عسكرية، سكان محليين مسلحين (سوريين وأجانب)، عناصر الأمن العام)، بمقتل ما لا يقل عن 887 شخصاً، بينهم مدنيون وعناصر من فلول الأسد منزوعي السلاح، الغالبية العظمى من هؤلاء قتلوا على يد الفصائل العسكرية التي انضمت مؤخرا إلى إدارة الأمن العام.
في تقريرها الأولي، قالت الشبكة إن سوريا شهدت في تلك الفترة تدهوراً أمنياً غير مسبوق، وصفه بأنَّه إحدى أسوأ موجات العنف التي شهدتها البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. وقد نفّذت المجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة المرتبطة بنظام الأسد هجمات منسّقة استهدفت مواقع أمنية وعسكرية تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة الانتقالية، ما دفع القوات الحكومية الرسمية إلى شن عمليات أمنية موسعة لملاحقة المهاجمين.
يواجه موظفو المنظمات العاملة في شمال غربي سوريا صعوبات متكررة في استلام رواتبهم الشهرية عبر مراكز الـ PTT، التي باتت تُشكّل عبئاً بدلاً من أن تكون وسيلة ميسّرة. فبين الازدحام، وتأخر وصول الأموال، والمحاباة، تحوّل يوم القبض إلى محطة توتر ينتظرها الموظف بقلق، لا بفرح.
وتعتمد منظمات عديدة في المنطقة نظام تحويل الرواتب من بنك الزراعات التركي إلى حسابات شخصية ضمن شبكة الـ PTT، بعد أن كانت تُسلّم الرواتب مباشرة داخل مقارها، وهي طريقة كانت أكثر سلاسة للعاملين، خاصة من ناحية الوقت والجهد.
آلية إنشاء الحساب وانتشار المراكز
إنشاء حساب PTT يتطلب إجراءات محددة تبدأ بالحصول على هوية شخصية من المناطق الخاضعة لإدارة هذه المراكز، تليها زيارة المركز المختص لإجراء البصمتين (قبل الظهر وبعده)، ثم استلام رقم الحساب، في حين تستغرق البطاقة البنكية حوالي 15 يوماً لإصدارها. كما يُشترط توفر رصيد أولي لا يقل عن 50 ليرة تركية في الحساب.
وتنتشر مراكز الـ PTT في مدن وبلدات عدّة مثل جنديرس، عفرين، أعزاز، مارع، الباب، راجو، جرابلس، قباسين، بزاعة، تل أبيض، ورأس العين. ويمكن للموظف السحب باستخدام البطاقة عبر الماكينة الخارجية (حتى 7500 ليرة تركية)، أو عبر البصمة داخل المركز، والتي تتيح سحب مبالغ أكبر حسب توفر السيولة.
انتظار مرهق وشكاوى متكررة
يعاني الموظفون من الازدحام الشديد والانتظار الطويل، حيث يتوجب على البعض الحضور منذ ساعات الصباح الباكر وتسجيل أسمائهم على لوائح الدور، ثم الانتظار حتى وصول سيارة نقل الأموال، والتي قد تتأخر إلى ما بعد الساعة 11 صباحاً، في الوقت الذي يكون فيه الموظفون قد أمضوا أكثر من ساعتين وقوفاً.
في بعض المراكز، يُطلب من المراجعين تسجيل أسمائهم مسبقاً عبر الهاتف في اليوم السابق، ما يزيد من تعقيد العملية، خاصة لأولئك القادمين من مناطق بعيدة كإدلب.
اتهامات بالمحاباة وتمييز في الدور
لا يخلو الأمر من شكاوى تتعلق بالمحاباة والتمييز، حيث أفاد موظفون بأن أشخاصاً غير مسجّلين على لوائح الدور، أو وصلوا متأخرين بساعات، يدخلون قبيل الآخرين ويستلمون رواتبهم، ما يثير الاستياء في صفوف المنتظرين، ويعزز الشعور بعدم العدالة، خصوصاً في ظل غياب آلية رقابية شفافة تنظم الأولويات.
انقطاع الكهرباء وتعطّل النظام
تشكل الأعطال الفنية، مثل انقطاع الكهرباء وتوقف النظام الإلكتروني، عائقاً إضافياً أمام عملية الاستلام، وتؤدي أحياناً إلى توقف الخدمة في منتصف اليوم، ما يحرم عدداً من الموظفين من استلام رواتبهم، خاصة أولئك الذين يصلون في فترات ما بعد الظهر بعد انتهاء مهامهم الميدانية.
محاولات لتجاوز الإشكالات دون حلول دائمة
بعض الموظفين يحاولون تجاوز هذه العقبات باستغلال يوم الجمعة – يوم العطلة – لزيارة مراكز الـ PTT، على أمل تقليل أوقات الانتظار، غير أن ذلك يأتي على حساب الراحة الأسبوعية ووقت العائلة. ورغم هذه المحاولات، لا يزال كثيرون يطالبون بحلول دائمة تُراعي ظروف الموظفين وساعات عملهم.
في حالات استثنائية، يُبدي موظفو المراكز مرونة، مثل تسهيل الإجراءات للنساء الحوامل، أو اللواتي يحملن أطفالاً رضع، أو يعانين من ظروف صحية موثقة، حيث يُسمح لهن بالدخول دون انتظار.
تساؤلات حول مستقبل آلية الاستلام
بعد تحرير سوريا من سيطرة نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، تتزايد التساؤلات بين الموظفين حول مصير مراكز الـ PTT، وما إذا كانت الآلية الحالية لاستلام الرواتب ستشهد تغييرات تضمن مزيداً من العدالة والسهولة. وفيما يترقب العاملون قرارات السلطات الجديدة، يبقى الأمل معقوداً على تطوير نظام أكثر كفاءة واستجابة لحاجاتهم اليومية.
في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية وتدهور سعر صرف الليرة السورية، عاد إلى الواجهة مجددًا الحديث عن إمكانية استبدال العملة السورية كجزء من خطة إصلاح نقدي تهدف إلى إنعاش الاقتصاد وتحسين المؤشرات المالية في البلاد.
إجراء فني أم حل جذري؟
وبينما يرى البعض أن حذف الأصفار وتغيير شكل العملة قد يسهم في تسهيل التعاملات اليومية وخفض تكاليف الطباعة، يحذّر خبراء من أن هذه الخطوة لن تكون ذات جدوى حقيقية ما لم تترافق مع إصلاحات شاملة في السياسات المالية والمصرفية.
الخبير الاقتصادي الدكتور "علي محمد" أشار إلى أن "حذف الأصفار أو تغيير العملة هو إجراء فني أكثر مما هو اقتصادي"، موضحًا أن أي أثر ملموس على التضخم أو الأسعار يتطلب معالجة الأسباب العميقة، مثل ضعف الإنتاج، وتراجع الاستثمار، وغياب الشفافية في السياسات النقدية.
طباعة مكلفة.. ومخاطر تضخمية
كما لفت "محمد" إلى أن طباعة العملة في الخارج – وغالبًا في "روسيا" – تُعد خيارًا أقل تكلفة مقارنة بالدول الأوروبية، إلا أن التوسع في الطباعة دون ضوابط قد يؤدي إلى زيادة التضخم وتآكل القدرة الشرائية. وأوضح أن "تكلفة طباعة ورقة نقدية واحدة قد تصل إلى 20 سنتًا"، ما يعني أن الكلفة قد تتجاوز قيمة الورقة نفسها في السوق.
المصرف المركزي: حذف ثلاثة أصفار قيد الدراسة
من جانبه، أكد مصدر في "مصرف سوريا المركزي" أن النقاشات الجارية تتضمن حذف ثلاثة أصفار من العملة الحالية، بحيث تتحول "الألف ليرة إلى ليرة واحدة"، مشيرًا إلى أن تطبيق هذه الخطة قد يستغرق من 6 أشهر إلى عام كامل لضمان التنفيذ بسلاسة دون التسبب باضطرابات نقدية.
شحنات نقدية من موسكو.. والتفكير ببدائل أوروبية
وفي السياق ذاته، تواصلت عمليات طباعة العملة السورية في "روسيا"، حيث استلمت البلاد خلال الأشهر الماضية شحنتين من الأوراق النقدية ضمن اتفاق تعاون وقّع أواخر عام 2024. ويُقدَّر أن "الشحنة الأخيرة التي وصلت في آذار/مارس الماضي" بلغ وزنها نحو 6 أطنان، بقيمة تُقارب 300 مليار ليرة.
في المقابل، أعيد فتح ملف طباعة العملة في أوروبا، بعد تصريح للقائم بأعمال "بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا"، بالتزامن مع تداول أنباء عن تخفيف محتمل لبعض العقوبات، ما أثار تساؤلات حول طبيعة هذه الخطوة: هل هي مجرد إجراء نقدي أم مقدّمة لتحوّل سياسي أوسع؟
هذا وعاد ملف طباعة العملة السورية إلى الواجهة مع تداول أنباء عن تحضيرات لطبعها في دول الاتحاد الأوروبي، بدلًا من روسيا التي تتولى هذه المهمة منذ سنوات. التصريح الصادر عن القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا، وما رافقه من حديث عن تخفيف بعض العقوبات، يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة تعني تحولًا سياسيًا أوسع، أم أنها مجرد إجراء إسعافي في سياق أزمة نقدية خانقة.