عقدت اللجنة الفنية الأردنية السورية المشتركة اجتماعها الرسمي الأول في منطقة سد الوحدة على الحدود بين البلدين من الجانب الأردني، بمشاركة وفدين رفيعين برئاسة أمين عام سلطة وادي الأردن المهندس هشام الحيصة، ومعاون وزير الطاقة السوري لشؤون موارد المياه المهندس أسامة أبو زيد، وذلك لبحث أبرز ملفات الخلافات المائية المتراكمة منذ عام 2011 وعلى رأسها حوض نهر اليرموك.
وأسفر الاجتماع عن توقيع محضر رسمي يضمن “التوزيع العادل لحصص المياه في حوض اليرموك”، ويُعد ذلك أول توافق فني–سياسي حقيقي بين البلدين منذ سنوات، بعد تعمد النظام السوري السابق خرق الاتفاقيات الثنائية، لا سيما اتفاقية عام 1987 التي سمحت ببناء 25 سداً فقط على الجانب السوري، بينما أنشأت السلطات السابقة أكثر من 40 سداً، إضافة إلى آلاف الآبار غير المرخصة، ما تسبب بانخفاض منسوب حوض اليرموك وحرمان سد الوحدة من كميات مياهه المتفق عليها.
وتناول الاجتماع التفاهم على وقف حفر الآبار في الجنوب السوري، وتركيب أجهزة رصد وقياس مشتركة لتبادل البيانات المائية بشفافية، ودراسة واقع السدود والموارد في الحوض، إلى جانب إمكانية تزويد الأردن بمياه إضافية خلال الصيف لتعويض النقص الحاد في مياه الشرب.
وأشاد الحيصة بما وصفه “جدية واضحة” من الجانب السوري الجديد في معالجة القضايا العالقة، معتبراً أن الاجتماع يشكل “نقلة نوعية” في واقع التعاون المائي المشترك، لا سيما في ظل انخفاض حاد في مخزون سد الوحدة، الذي لم يُعبأ بالكامل منذ تشغيله عام 2011، إذ لم تتجاوز وارداته عام 2024 نحو 14.4 مليون متر مكعب، مقارنة بسعته البالغة 110 ملايين متر مكعب.
من جهته، أبدى أبو زيد استعداداً فنياً وسياسياً واضحاً للتعاون، وأكد أن الحكومة السورية الجديدة ملتزمة بتصحيح التجاوزات السابقة في إطار تفاهمات تحفظ حقوق الطرفين وتضمن إدارة منصفة للموارد المشتركة.
وجاء الاجتماع بعد زيارة رسمية أجراها وزير الطاقة السوري محمد البشير إلى عمّان، جرى خلالها التوافق على مراجعة اتفاقية التعاون المائي لعام 1978، وإطلاق دراسة مشتركة للاستمطار تهدف إلى تعزيز الموارد السطحية.
ويُنتظر أن تستكمل اللجنة المشتركة أعمالها باجتماع ثانٍ يُعقد في دمشق منتصف تموز/يوليو، لتحويل التفاهمات الحالية إلى إجراءات تنفيذية قابلة للتطبيق.
ويُعد هذا التحرك مؤشراً على تبدل كبير في آليات العمل بين عمان ودمشق، بعد سنوات من التجاهل والانقطاع في ظل حكم النظام السابق. ويؤسس هذا التفاهم لبناء شراكة في كل الملفات، ما يعكس تحولات سياسية أوسع تشهدها العلاقة بين البلدين في مرحلة ما بعد الأسد.
أكد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أن اللقاء الذي جمع رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بـ رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع، يعكس عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، ويجسّد التزام الإمارات بدعم سوريا في هذه المرحلة المفصلية من تاريخها.
وأوضح قرقاش، في تصريحات نشرتها وكالة أنباء الإمارات، أن المحور الاقتصادي والتنموي كان في صلب المباحثات بين الجانبين، مشيراً إلى أن النجاح الملهم للجالية السورية الكبيرة في الإمارات، والتي تُقدّر بنحو 400 ألف شخص، يمثل أحد مفاتيح التعاون المستقبلي، والدور المحوري الذي يمكن أن تؤديه الإمارات في دعم جهود الإعمار والتنمية في سوريا.
وشدّد المستشار الإماراتي على أن النجاح الاقتصادي والتنموي هو السبيل الأمثل لوضع سوريا على طريق التعافي والازدهار، في ظل الانفتاح الإقليمي المتزايد تجاهها.
وكان الرئيس أحمد الشرع قد وصل إلى الإمارات مساء الإثنين 7 تموز 2025، في زيارة رسمية ضمن جولة خليجية بدأها من أبو ظبي، وكان في استقباله وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان.
وعقد الطرفان اجتماعًا رسميًا ناقش سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي، ودعم جهود سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، حيث أكد الرئيس الشرع خلال اللقاء أن سوريا “طوت صفحة الحرب والانقسام، وتتجه إلى بناء شراكات استراتيجية مع الأشقاء في الخليج”
رحّبت المملكة المتحدة بالتزام الحكومة السورية بتدمير ما تبقّى من برنامج الأسلحة الكيميائية الذي أسسه النظام السابق، وبموقفها الداعم لمحاسبة المسؤولين عن استخدام هذه الأسلحة، واصفة التعاون الجاري مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأنه “نموذجي”.
جاء ذلك في كلمة ألقاها مدير شؤون الدفاع والأمن الدولي في وزارة الخارجية البريطانية، ستيفن ليلي، أمام الدورة الـ109 للمجلس التنفيذي للمنظمة، المنعقدة اليوم الثلاثاء في مدينة لاهاي الهولندية.
وقال ليلي إن سوريا “أبدت التزاماً واضحاً بتدمير العناصر المتبقية من برنامجها الكيميائي”، مشيراً إلى دعمها الكامل للأمانة الفنية في المنظمة، مضيفاً أن “هذا الالتزام يفتح المجال أمام المجلس التنفيذي ليشهد أخيراً استكمال المهمة التي كُلفت بها سوريا من قبل مجلس الأمن الدولي بعد هجوم 2013 بغاز السارين، والمتمثلة في التدمير الكامل لبرنامج الأسلحة الكيميائية للنظام السابق”.
وأوضح المسؤول البريطاني أن ثلاث بعثات ميدانية نفذتها المنظمة هذا العام إلى سوريا عكست جدية التزام الحكومة السورية، داعياً إلى تسريع الجهود لمواجهة ما تبقى من تحديات فنية، بالتنسيق بين سوريا والأمانة الفنية والدول الأطراف.
وأعلن ليلي خلال كلمته أن وزير الخارجية البريطاني قدّم مساهمة مالية إضافية بقيمة مليوني جنيه إسترليني لدعم بعثات المنظمة في سوريا، وذلك خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق بتاريخ 5 تموز الجاري، مضيفاً أن هذه المساهمة تُضاف إلى 837 ألف جنيه كانت بريطانيا قد حولتها لصالح عمل المنظمة منذ كانون الأول الماضي.
كما دعا ليلي بقية الدول الأعضاء إلى تقديم الدعم الفني والمالي واللوجستي اللازم لإنجاز المهمة، مؤكداً أن “التنسيق الدولي الحثيث ضروري”، وعلى سوريا والمنظمة “وضع آلية تنظيمية لهذا الغرض دون تأخير”.
وفي 5 تموز 2025، قام وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بزيارة رسمية إلى دمشق، في أول زيارة لوزير بريطاني إلى سوريا منذ 14 عامًا.
واستقبله رئيس الجمهورية أحمد الشرع، وناقشا سبل تعزيز التعاون، بما في ذلك تقديم 94.5 مليون جنيه إسترليني لإعادة الإعمار والدعم الإنساني، بالإضافة إلى تعزيز مراقبة وتدمير الأسلحة الكيميائية في البلاد.
نقلت وسائل إعلامية، مساء الثلاثاء، عن مصادر مطلعة، أن لقاءًا ثلاثيًا مرتقبًا سيجمع بين رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع، والمبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، وقائد “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي، خلال الأيام القليلة المقبلة، في إطار دفع جهود تطبيق اتفاق 10 آذار الموقع بين دمشق و”قسد”.
ووفقًا للمصادر، فإن لقاءً تمهيديًا سيعقد أولاً بين باراك وعبدي، على أن يعقبه اللقاء الثلاثي مع الرئيس الشرع، دون أن يُحدد حتى الآن موقع الاجتماع.
وسيركّز اللقاء على بحث خطوات تنفيذ اتفاق 10 آذار، الذي نصّ على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لـ”قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية، بما يشمل المعابر الحدودية، والمطارات، وحقول النفط والغاز. كما نصّ الاتفاق على اعتبار المكوّن الكردي جزءاً أصيلاً من الدولة السورية، وضمان حقوقه الدستورية.
وأشارت المصادر إلى إمكانية إدخال تعديلات محدودة على بنود الاتفاق، بطلب من “قسد” وبالتنسيق مع واشنطن، خاصة فيما يتعلق بفترة التطبيق المحددة بنهاية العام الحالي، وبعض المطالب المتعلقة بالتمثيل السياسي والإداري للكُرد.
وبحسب نفس المصادر، فإن فرنسا ستنضم إلى جانب الولايات المتحدة في رعاية تنفيذ الاتفاق، وضمان منع حدوث أي تصعيد ميداني في المناطق الخاضعة لـ”قسد” شمال شرقي سوريا.
وسيتناول الاجتماع أيضًا مستقبل التعاون بين الحكومة السورية، والتحالف الدولي، و”قسد” في مكافحة تنظيم “داعش”، لا سيما في ظل تصاعد نشاط بعض الخلايا في البادية السورية خلال الأشهر الأخيرة.
وفي 10 آذار 2025، وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي اتفاقًا سياسيًا وصف بالتاريخي، ينص على دمج مؤسسات “قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية، بما في ذلك قوى الأمن والإدارة المحلية في شمال شرقي البلاد.
وشدّد الاتفاق على وحدة الأراضي السورية، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية، وتكريس الهوية الوطنية الجامعة، مع منح المكوّن الكردي الحقوق الثقافية والسياسية ضمن إطار الدستور السوري.
وجاء توقيع الاتفاق في ظل تحولات إقليمية ودولية متسارعة، وبدعم غير مباشر من واشنطن وعدد من الشركاء الدوليين
وقعت يوم أمس الثلاثاء، 8 تموز 2025، اشتباكات مسلحة بين قوى الأمن الداخلي ومجموعة مشتبه بها على طريق إدلب – بنّش، أسفرت عن مقتل أحد أفراد المجموعة وإصابة عنصر من الأمن الداخلي، بحسب ما أعلن العميد غسان محمد باكير، قائد الأمن الداخلي في محافظة إدلب.
وفي بيان صادر عن وزارة الداخلية، أوضح باكير أن الوحدات الأمنية رصدت سيارة من نوع “هيونداي توسان” سوداء اللون يستقلها شخصان يُشتبه بضلوعهما في تجارة الأسلحة والانتماء إلى تنظيم “داعش”. وخلال محاولة توقيف المركبة، أقدم الراكبان على إطلاق النار على دورية أمنية، ما أدى إلى اشتباك مباشر، انتهى بمقتل أحدهما، واعتقال الآخر.
وأشار البيان إلى أنه تم العثور على كمية من الأسلحة والذخائر داخل المركبة، وأن التحقيقات الأولية كشفت ارتباط المشتبه بهما بتنظيم داعش وانخراطهما في بيع وترويج السلاح داخل محافظة إدلب.
وأكد العميد باكير أن قوات الأمن الداخلي “ستواصل جهودها الحثيثة لملاحقة تجار السلاح وخلايا التنظيم الإرهابي، لضمان أمن المواطنين واستقرار المناطق المحررة من الفوضى والسلاح المنفلت”.
تأتي هذه العملية ضمن سلسلة تحركات أمنية شهدتها البلاد في الأسابيع الماضية، كان أبرزها أواخر أيار 2025، أعلنت وزارة الداخلية السورية ضبط خلية تابعة لتنظيم “داعش” في أحياء حلب الشرقية، بحوزتها سترات ناسفة وعبوات معدّة للتفجير، كانت تستهدف مواقع أمنية في المدينة.
وفي 22 حزيران 2025، شهدت العاصمة دمشق هجومًا انتحاريًا تبناه التنظيم، استهدف كنيسة “مار إلياس”، وأدى إلى سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح.
كما نفذت قوى الأمن، خلال الفترة نفسها، حملات دهم وتوقيف قرب دمشق، طالت عناصر يُشتبه بانتمائهم للتنظيم، وضبطت بحوزتهم متفجرات وأسلحة متطورة
عقدت لجنة التحقيق في مصير بنات وأبناء المعتقلات والمعتقلين والمغيبات والمغيبين قسراً في سوريا، يوم أمس الثلاثاء، مؤتمرًا صحفيًا في دمشق، كشفت خلاله عن آلية عملها وخططها المستقبلية بشأن البحث في مصير الأطفال الذين فُقد أثرهم خلال اعتقال أمهاتهم أو ذويهم في سجون النظام السابق.
وأكدت رئيسة اللجنة، الدكتورة رغداء زيدان، أن اللجنة تضم ممثلين عن وزارات الداخلية، والعدل، والأوقاف، والشؤون الاجتماعية والعمل، إلى جانب ممثلين عن منظمات المجتمع المدني وذوي المفقودين، وخبراء في حقوق الإنسان والاختفاء القسري، مشيرة إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تتولى رئاسة اللجنة لتنسيق المهام وتوزيع الأدوار بين الجهات المعنية.
وشددت زيدان على أن الهدف هو العمل وفق مقاربة مهنية ومتكاملة بين الجهات كافة، للكشف عن مصير كل طفل مفقود، وتحديد الجهات المسؤولة عن إخفائه أو تسليمه دون أوراق رسمية.
توقيف موظفين في دور رعاية والتحقيق بتجاوزات
من جهته، أوضح ممثل وزارة الداخلية، سامر قربي، أن الوزارة أوقفت عددًا من العاملين في بعض دور الرعاية بناءً على ادعاءات من ذوي الأطفال، ومؤشرات عن حجب المعلومات والتقصير في التعاون، مشيرًا إلى أن اللجنة بدأت برسم خريطة لتحديد عدد الأطفال الذين تم تحويلهم إلى دور الرعاية ومصير كل حالة.
وأكد مدير الرقابة الداخلية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن اللجنة باشرت زيارات ميدانية لدور الرعاية للتحقق من الوثائق والبيانات المسجلة، والاطلاع على الإجراءات المتبعة سابقًا.
أما ممثل وزارة العدل، القاضي حسام خطاب، فأوضح أن جميع الإجراءات تتم وفق الأصول القانونية، مع متابعة خاصة لحالات السفر غير الشرعي، ودور الرعاية غير الرسمية، وحالات تغيير النسب، مؤكدًا أن من يثبت تورطه في إخفاء الأطفال أو التلاعب بمصيرهم سيُحاسب قانونيًا.
مبادرات داعمة ومكتب لاستقبال ذوي المفقودين
ودعت ممثلة منظمات المجتمع المدني، نور الجزائرلي، إلى تعاون جميع الجهات الرسمية والمدنية، والأهالي ممن يمتلكون معلومات أو وثائق تتعلق بالمفقودين، مع أعمال اللجنة.
من جانبها، تحدّثت ملك عودة، ممثلة عن عائلات الأطفال المفقودين، عن التحديات التي تواجه توثيق الحالات، خاصةً في ما يتعلق بفقدان وثائق رسمية بعد سقوط النظام، وغياب إجراءات التسليم القانونية للأطفال الذين خرجوا من السجون مع ذويهم.
كما أعلنت مياسة الشيخ أحمد، ممثلة روابط ضحايا الاختفاء القسري، عن تخصيص خطين ساخنين لتقديم الاستشارات وجمع المعلومات، وإنشاء مكتب لاستقبال ذوي المغيبين، إضافة إلى التحضير لإطلاق منصة تواصل موحدة بين الأهالي لتبادل البيانات وتسهيل تقديم الشكاوى
اعتقل فرع المباحث الجنائية في دمشق وزير التربية الأسبق في حكومة النظام المخلوع، دارم طباع، بموجب قرار قضائي، على خلفية اتهامه بالتورط في قضايا فساد مالي وتلقي رُشا ضمن شبكة واسعة يجري التحقيق في تفاصيلها.
وأوضح نائب رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية، "وسيم المنصور"، أن توقيف طباع جاء إثر تقرير رقابي كشف مخالفات جسيمة تتعلق باستغلال المنصب، وقضايا فساد مالي وارتباطات مشبوهة.
وأضاف أنه وبعد استكمال عمليات التحقق وجمع الأدلة، تم إحالة الملف إلى النيابة العامة المختصة التي أصدرت بدورها قرار توقيف الوزير الأسبق وفق الأصول القانونية، مؤكداً أن الجهاز مستمر في أداء مهامه الرقابية والتحقيقية بمهنية واستقلالية، التزاماً بحماية المال العام وتعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة في مؤسسات الدولة.
ويُذكر أن دارم طباع عُيّن وزيراً للتربية في حكومة النظام عام 2020، ما أثار جدلاً واسعاً حينها بسبب خلفيته الأكاديمية، إذ يحمل دكتوراه في الطب البيطري وشغل طباع قبل ذلك عدداً من المناصب، من بينها معاون وزير التربية في عهد عماد العزب، ومدير المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية، كما تولّى عمادة جامعة حماة، وله مؤلفات في مجالي الصحة العامة والعلوم الجامعية.
ويأتي اعتقاله بعد أيام من توقيف الوزيرتين السابقتين للشؤون الاجتماعية والعمل، كندة الشماط وريما القادري، وإحالتهما إلى التحقيق في مقر الأمن الجنائي بدمشق، على خلفية اتهامات تتعلق بسوء إدارة ملفات إنسانية، من بينها قضية الأطفال الذين فُقدوا أثناء احتجاز ذويهم في معتقلات النظام البائد خلال السنوات الماضية.
وتولت الشماط وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بين عامي 2013 و2015، بعد أن كانت عضوة في لجنة صياغة دستور 2012 وتحمل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص من جامعة دمشق، وعملت لاحقاً مع عدد من المنظمات المحلية والدولية، وكانت مسؤولة خلال فترة عملها الوزاري عن ملفات المساعدات الإنسانية والنازحين.
أما القادري، فقد تسلمت الوزارة بين عامي 2015 و2020، وتقلدت مناصب تنفيذية متعددة، من بينها رئاسة الهيئة الناظمة لشؤون الأطفال مجهولي النسب، وإدارة التعاون الدولي في وزارة الاقتصاد، إضافة إلى مناصب في مجالي التخطيط والتنمية.
وتأتي هذه التطورات وسط تصاعد الحملة التي تقودها جهات قضائية وأمنية في دمشق للتحقيق في ملفات فساد ومخالفات تتعلق بشخصيات بارزة في الحكومات السابقة، وسط ترقّب لمزيد من الأسماء التي قد تُحال للمساءلة خلال الفترة المقبلة ضمن ملف شامل يتناول محاسبة المسؤولين بعد سقوط النظام البائد.
سجلت الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية الرئيسية اليوم الثلاثاء حالة من التحسن في السوق الموازية في المقابل استقر سعر الليرة أمام الدولار الأميركي في التعاملات الرسمية، وفق نشرة مصرف سوريا المركزي.
وفي التفاصيل سجّل سعر صرف الدولار في السوق السوداء نحو 10,000 ليرة سورية للشراء و10,050 ليرة للبيع في كل من دمشق، حلب، وإدلب، فيما ارتفع السعر في الحسكة إلى 10,125 ليرة للشراء و10,200 ليرة للبيع. وبذلك تعادل قيمة 100 دولار في السوق الموازية مليون ليرة سورية.
أما في السوق الرسمية، فقد أبقى مصرف سوريا المركزي سعر الصرف عند 11,000 ليرة للشراء و11,055 ليرة للبيع، بحسب آخر نشرة صادرة على موقعه الإلكتروني، والتي شملت أكثر من 30 عملة من بينها الليرة التركية واليورو.
وبالانتقال إلى أسعار الذهب، انخفض سعر غرام الذهب عيار 24 إلى نحو 1.07 مليون ليرة سورية للشراء والبيع، بينما سجل غرام الذهب عيار 21 سعر 941 ألف ليرة للشراء و936 ألف ليرة للبيع، في حين بلغ سعر غرام الذهب عيار 18 نحو 807 آلاف ليرة للشراء و803 آلاف ليرة للبيع.
وفي ما يتعلق بالعملات الأجنبية الأخرى، استقر سعر صرف اليورو في السوق السوداء عند 11,746 ليرة للشراء و11,809 ليرات للبيع، بينما سجلت الليرة التركية 248 ليرة للشراء و251 ليرة للبيع.
بالمقابل بحث وزير النقل السوري يعرب بدر مع وفد من نقابة مالكي الشاحنات اللبنانية، سبل تسهيل حركة النقل البري عبر المعابر الحدودية. وأكد الوزير خلال اللقاء حرص الحكومة السورية على تقديم التسهيلات اللازمة لعبور الشاحنات، مشيراً إلى استعداد الوزارة لدراسة المطالب اللبنانية والعمل على ضمان استمرار انسيابية النقل، بما ينعكس إيجاباً على التبادل التجاري بين البلدين.
وأعلن بنك سورية الدولي الإسلامي عن رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه، واعتبر في إفصاحه المقدم إلى سوق دمشق للأوراق المالية أن الخطوة تشكّل "علامة فارقة" في مسيرته. وجدد البنك التزامه بخدمة عملائه ومساهميه وتقديم حلول مصرفية تتناسب مع طموحاتهم.
وفي تطور مهم، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن تلقيه مدفوعات بقيمة 7.9 ملايين دولار بموجب وثيقة تأمين ضد الجفاف في سوريا. وأوضح البرنامج أن هذه الخطوة جاءت بعد استيفاء منطقتين من ثلاث الشروط بنسبة 100%، والثالثة بنسبة 80%. تأتي هذه الخطوة وسط تحذيرات متكررة من منظمات دولية.
وكان أصدر البنك الدولي تقريراً جديداً تضمن مراجعة إيجابية لتوقعات النمو الاقتصادي في ثماني دول عربية، من بينها سوريا، التي ظهرت مجدداً في بيانات البنك للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاماً.
يشار أن خلال الفترة الماضية أصدرت القيادة السورية الجديدة قرارات عدة لصالح الاقتصاد السوري، أبرزها السماح بتداول العملات الأجنبية، والدولار في التعاملات التجارية والبيع والشراء، وحتى الأمس القريب، وكان النظام البائد يجرّم التعامل بغير الليرة ويفرض غرامات وعقوبات قاسية تصل إلى السجن سبع سنوات.
انطلقت في العاصمة السورية دمشق أعمال ورشة العمل الإقليمية التي ينظمها المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد)، بالتعاون مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي السورية، تحت عنوان: "استصلاح الأراضي المالحة في الوطن العربي"، وذلك بمشاركة خبراء وممثلين عن منظمات وهيئات عربية ودولية معنية بقضايا الزراعة والموارد الطبيعية.
تناولت الورشة، التي تستمر يومين، عدداً من المحاور العلمية والعملية الرامية إلى مواجهة ظاهرة تملح التربة في الدول العربية، من أبرزها "الإدارة المستدامة للأراضي المالحة والقلوية، استخدام المياه غير التقليدية (المالحة، العسرة، المعالجة) في الري الزراعي، استعراض تجارب سوريا ومصر في تطوير أصناف من القمح مقاومة للملوحة، عرض نماذج مبتكرة لإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، تسليط الضوء على النباتات الرعوية والمحاصيل العلفية الملائمة للبيئات المالحة.
وناقش المشاركون نتائج أبحاث الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية في سوريا، إضافة إلى أهمية النمذجة الرياضية في محاكاة تملح التربة، ودراسات تصنيفية لنباتات *الرغل* المنتشرة في المناطق الجافة السورية.
وفي تصريحات رسمية خلال الورشة، أكد الدكتور أيهم عبد القادر، معاون وزير الزراعة السوري، أن تملح التربة يؤثر على نحو 20% من الأراضي الزراعية في البلاد، نتيجة سوء استخدام المياه والأسمدة، مشدداً على أهمية إيجاد حلول وقائية وعلاجية مستدامة لهذه الظاهرة.
من جانبه، أوضح الدكتور نصر الدين العبيد، المدير العام لأكساد، أن المنظمة تسعى لتطوير تقانات زراعية حديثة تمكّن من استخدام المياه المالحة دون الإضرار بالتربة، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة تأهيل الكوادر الفنية العربية لمواجهة التصحر والتدهور البيئي.
كما أشار الدكتور فراس الغماز، مدير الأراضي في وزارة الزراعة، إلى الأضرار الواسعة التي لحقت بالأراضي الزراعية في حوض الفرات، نتيجة تدهور شبكات الري والصرف خلال السنوات الماضية، بينما شدد الدكتور أكرم البلخي، مدير إدارة الأراضي في أكساد، على أهمية الإدارة الرشيدة للموارد المائية، واختيار نباتات مقاومة للملوحة والجفاف معاً.
وأكد الدكتور أحمد سيد أحمد، نائب مدير إدارة الأراضي في أكساد، أن الورشة تهدف إلى رسم خارطة طريق عملية لإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، وتقليص الفجوة الغذائية في العالم العربي.
شهدت الورشة مشاركة شخصيات بارزة، من بينها رئيس الاتحاد العام للفلاحين في سوريا غزوان الوزير، ونقيب المهندسين الزراعيين المهندس مصطفى المصطفى، ومديرة المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) الدكتورة طريفة الزعابي، إضافة إلى ممثلين عن وزارات الزراعة واتحادات الفلاحين ومنظمات إقليمية ودولية.
وتأتي هذه الورشة في وقت تواجه فيه الدول العربية تحديات متزايدة تتعلق بتدهور الأراضي الزراعية وارتفاع معدلات الملوحة، نتيجة التغيرات المناخية وسوء إدارة الموارد المائية. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 20% من الأراضي الزراعية في المنطقة تعاني من درجات متفاوتة من الملوحة، ما يشكّل تهديداً مباشراً للأمن الغذائي، ويستدعي تبني سياسات وتدابير علمية عاجلة.
وتندرج هذه الورشة ضمن جهود "أكساد" الرامية إلى تعزيز العمل العربي المشترك في مجال استصلاح الأراضي وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة في المناطق الجافة والقاحلة.
نفت وزارة الإعلام السورية صحة التقارير التي تداولتها بعض وسائل الإعلام حول عقد لقاء بين الرئيس السوري أحمد الشرع ومسؤولين إسرائيليين، واصفة تلك الأنباء بـ"المفبركة" والمنافية للواقع.
وأكد مصدر رسمي في الوزارة، في تصريح لوسائل الإعلام المحلية، أنه "لم يُعقد أي اجتماع، مباشر أو غير مباشر، بين الرئيس الشرع وأي مسؤول إسرائيلي"، مشيراً إلى أن ما جرى تداوله عن لقاء جمع الرئيس السوري بمستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، عارٍ تماماً عن الصحة.
وبالتوازي، فنّدت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية صحة تلك المزاعم، وأوضحت أن هنغبي كان ضمن الوفد الرسمي المرافق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال زيارته إلى العاصمة الأميركية واشنطن يوم الاثنين، ما ينفي مشاركته في أي لقاءات خارج الأراضي الأميركية في التاريخ ذاته.
وكان الرئيس أحمد الشرع قد وصل يوم الاثنين إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، في مستهل جولة خليجية بدأها من أبو ظبي، حيث أجرى مباحثات رسمية مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، تناولت العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية.
وأفادت وكالة الأنباء السورية "سانا" بأن الجانبين ناقشا ملفات التعاون الاقتصادي والتنموي، وسبل دعم استقرار سوريا في المرحلة الانتقالية، فيما أكد أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي، أن اللقاء ركّز على بناء شراكة تنموية، معتبراً أن "تحقيق التنمية الاقتصادية هو مفتاح تعافي سوريا وعودتها إلى محيطها الطبيعي".
رغم النفي الرسمي، لا تزال وسائل إعلام إسرائيلية ودولية تتابع مؤشرات لما يُعتقد أنه "مسار تفاوضي غير علني" بين سوريا وإسرائيل. وشهدت الأسابيع الماضية تقارير متعددة تحدّثت عن محادثات أمنية وسياسية مباشرة، كشف عنها هنغبي نفسه، حين أشار إلى إشرافه على "قناة حوار مباشرة" مع الحكومة السورية، دون الكشف عن تفاصيل.
ووفقاً لتقارير بثتها قناة "i24NEWS"، فإن مفاوضات غير معلنة تُجرى حول اتفاق سلام محتمل قبل نهاية عام 2025، قد يشمل انسحاباً إسرائيلياً تدريجياً من مناطق في الجولان، احتُلت خلال التوغل العسكري في المنطقة العازلة بعد سقوط نظام بشار الأسد أواخر 2024، بما في ذلك قمة جبل الشيخ الاستراتيجية.
وفي الوقت ذاته، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر أمنية إسرائيلية أن العقبة الرئيسية أمام أي اتفاق تكمن في الموقف السوري الرافض لأي سلام لا يتضمن انسحاباً كاملاً من الجولان المحتل، وهي نقطة يعتبرها الجانب الإسرائيلي غير قابلة للتنفيذ في المدى القريب. وأوضحت الصحيفة أن المفاوضات الجارية تتركز حالياً على اتفاق أمني، بوساطة دولية، من دون بلوغ مستوى معاهدة سلام نهائية.
أما صحيفة "الشرق الأوسط"، فنقلت عن مصادر مقربة من الحكومة السورية أن دمشق تطالب بوقف جميع الاعتداءات الإسرائيلية داخل أراضيها، والعودة إلى اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974.
وفي المقابل، تسعى تل أبيب إلى تأمين منطقة عازلة على طول الحدود. وأكدت المصادر أن الدولة السورية، بوصفها "ناشئة" في مرحلة انتقالية، غير مهيأة بعد لتوقيع اتفاق سلام نهائي، مشيرة إلى أن الحل الواقعي قد يكون في اتفاق أمني معدّل، يُمهّد لمسار سلام في المستقبل، مع استمرار وجود رفض شعبي، وإن كان أقل حدّة من السابق، ووجود مجموعات مسلحة ترفض أي تقارب مع إسرائيل.
يأتي هذا الجدل في وقت تشهد فيه سوريا مرحلة تحول سياسي عميق، بعد سقوط نظام الأسد، وتشكيل حكومة انتقالية جديدة تعمل على إعادة هيكلة الدولة وفتح قنوات دبلوماسية جديدة. إلا أن ملف العلاقة مع إسرائيل يظل من أكثر الملفات حساسية وتعقيداً، في ظل وجود إرث طويل من العداء العسكري والسياسي، واحتلال مستمر لأراضٍ سورية، ورفض شعبي لأي تطبيع لا يسبقه انسحاب كامل وضمانات سيادية.
أعلن الاتحاد الأوروبي، اليوم، تفعيل آلية الحماية المدنية الأوروبية استجابة لطلب رسمي قدّمته الحكومة السورية الانتقالية، بهدف دعم جهود إخماد الحرائق المستعرة في مناطق الساحل السوري، لا سيما في محافظة اللاذقية، التي تشهد منذ أكثر من أسبوع موجة حرائق هي الأكبر منذ سنوات.
القرار، الذي صدر عن المفوضية الأوروبية في بروكسل، يأتي في إطار التنسيق الإنساني مع الحكومة السورية الجديدة، التي تسلّمت السلطة عقب سقوط نظام المخلوع بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، ويشكّل أول تدخل أوروبي منظم عبر قنوات رسمية لدعم سوريا في مواجهة كارثة طبيعية منذ أكثر من عقد.
وبحسب البيان الصادر عن المفوضية، فإن تفعيل آلية الحماية المدنية يتيح للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدات فورية تشمل معدات إطفاء متطورة، وخبراء في إدارة الكوارث، ودعمًا لوجستيًا للفرق الميدانية التي تعمل على الأرض.
وزارة إدارة الطوارئ والكوارث في الحكومة السورية الانتقالية، التي يقودها الوزير رائد الصالح، كانت قد تقدّمت بطلب رسمي إلى الاتحاد الأوروبي يوم 1 تموز/يوليو، ضمن خطة الاستجابة الوطنية لحماية الغابات واحتواء تمدد النيران.
وأوضح الصالح في تصريح سابق، أن الوزارة فعّلت غرفة عمليات مركزية بالتنسيق مع وزارات الدفاع والزراعة والداخلية والدفاع المدني السوري، لكن حجم الكارثة فاق الإمكانيات المحلية، ما استدعى اللجوء إلى الدعم الدولي.
وقال الصالح في بيان صحفي عقب القرار الأوروبي: "نرحّب بهذا التحرك من قبل الاتحاد الأوروبي ونعتبره خطوة أولى في إطار شراكة استراتيجية جديدة بين سوريا الحرة والعالم الخارجي. هذا الدعم لا يحمل فقط قيمة ميدانية، بل يعكس اعترافًا دوليًا بالواقع الجديد في سوريا بعد سقوط النظام الاستبدادي الذي حرم البلاد من أي تنسيق دولي في حالات الكوارث."*
تقديرات أولية أشارت إلى أن الحرائق تسببت حتى الآن باحتراق نحو 10 آلاف هكتار من الغابات الطبيعية والأراضي الزراعية، وإصابة عدة عناصر من فرق الدفاع المدني السوري بحالات اختناق وحروق، وسط تضاريس وعرة وظروف مناخية حارة ورياح نشطة ساهمت في اتساع رقعة النيران.
وقالت منسقة الاتحاد الأوروبي للاستجابة للطوارئ، في تصريح إعلامي، إن "الاستجابة الإنسانية الأوروبية في سوريا تدخل اليوم مرحلة جديدة من الشراكة المؤسسية مع الحكومة الانتقالية، وإن الاتحاد ملتزم بدعم جهود حماية المدنيين والبيئة في هذا البلد المنكوب".
من المتوقع أن تبدأ المساعدات الأوروبية بالوصول إلى سوريا خلال أيام، وتشمل معدات إطفاء حرائق، وخزانات مياه متنقلة، وطائرات درون لرصد النيران، إضافة إلى دعم لوجستي لفرق الدفاع المدني السوري العاملة في اللاذقية وريفها.
ودعت الحكومة السورية الانتقالية المنظمات الدولية الأخرى إلى اتخاذ خطوات مشابهة، والتفاعل مع خطة الطوارئ الوطنية التي تهدف إلى احتواء الحرائق خلال الأيام المقبلة، ومنع امتدادها إلى مناطق مأهولة.
اضطر عشرات الشباب السوريين في داخل البلاد وخارجها إلى القبول بفرص عمل تختلف عن الاختصاص الجامعي الذي درسوه لسنوات، وكرّسوا له جزءاً كبيراً من وقتهم وجهدهم. فقد اصطدموا بعد التخرج بواقعٍ معيشيٍ قاسٍ خلال الحرب، وواجهوا صعوبات كبيرة في العثور على أعمال تتناسب مع اختصاصاتهم.
ومع ازدياد الأعباء خلال الحرب والنزوح والهجرة، أصبح العمل ضرورة ملحة، ليدخل الشباب مجالات بعيدة عن الفروع التي درسوها، بهدف إعالة أسرهم وتغطية احتياجاتهم وتحقيق قدر من الاستقلال المادي. وفي ظل هذا الواقع لاقى شبان إيجابيات وسلبيات سنستعرضها ضمن هذا التقرير بناء على قصص رصدناها خلال عملنا على هذا الموضوع.
ذكر عدد من الشباب الذين قابلناهم أنهم استفادوا من العمل في مجالات مختلفة عن تخصصاتهم الجامعية، حيث تمكنوا من اكتساب مهارات وخبرات جديدة ساعدتهم على تطوير أنفسهم عملياً. كما ساهمت هذه التجارب في تعزيز قدرتهم على التكيف مع الظروف الصعبة، وتحمل المسؤولية، وهي صفات أساسية في أي بيئة عمل.
وأكد بعضهم أنهم وسّعوا من آفاق تفكيرهم، واكتشفوا اهتمامات وقدرات لم يكونوا على دراية بها خلال فترة دراستهم الجامعية. من جهة أخرى، ساعدتهم هذه الأعمال في تحقيق دخل مادي مكّنهم من الاستقلال وعدم الاعتماد على الآخرين.
كذلك، وبفضل تنقّلهم بين وظائف مختلفة، خاصة في المنظمات والقطاعات المتعددة، تمكنوا من بناء شبكة علاقات واسعة مع أشخاص من خلفيات متنوعة، الأمر الذي قد يفتح لهم مستقبلاً أبواباً جديدة للتطور المهني والفرص الأفضل.
تقول سلام مصطفى، خريجة أدب إنجليزي من جامعة إدلب:"بعد تخرّجي، لم أعمل ضمن اختصاصي لأنه لم تتاح لي فرصة مناسبة، وفضّلت العمل في مجالات ذات أجور أعلى، مثل الدعم النفسي، التوعية، والمراقبة والتقييم، بدلاً من التدريس في اللغة الإنجليزية الذي كان راتبه أقل بكثير".
وتضيف: "كنت أختار الوظيفة التي تساعدني أكثر من الناحية المادية. لكن في بعض الأحيان، كنت أنزعج من كوني لا أعمل في اختصاصي، لأن اللغة الإنجليزية تحتاج إلى ممارسة مستمرة ومراجعة دائمة، وابتعادي عنها جعلني أشعر بالخوف من فقدان مهاراتي فيها".
ونوّه عدد من الشباب إلى أنهم، عند عملهم في مجالات بعيدة عن اختصاصاتهم الجامعية، كانوا يشعرون أن سنوات الدراسة والجهد التي بذلوها قد ذهبت هدراً. هذا الشعور يترافق غالباً مع إحباط نفسي وفقدان للحافز، خاصة عندما يجدون أنفسهم بعيدين تماماً عن المجال الذي حلموا بالعمل فيه، وكرّسوا له سنوات طويلة من عمرهم في الجامعة.
وكان الوضع أقسى بالنسبة لفئة من الشباب الذين لم يجدوا فرصاً للعمل في المنظمات أو المؤسسات. بعضهم، ممن نزح إلى تركيا، اضطر للعمل في المعامل أو في مهن شاقة تتطلب جهداً جسدياً كبيراً. أما من بقي في سوريا، فغالبًا ما لجأ إلى المهن اليدوية أو البسيطة التي لا تتناسب مع اختصاصه، وكانت أجورها قليلة مقارنة بحجم الاحتياجات اليومية.
يقول أحد الشباب الذين التقينا بهم، وهو مدرس كان يعمل سابقًا في مجال التدريس: ’بعد سيطرة النظام البائد على قريتنا، لم ألتحق بمؤسساته، فتم فصلي من عملي. لم أتمكن من إيجاد فرصة عمل في مجال اختصاصي، واضطررت للعمل في سوق الهال في مدينة معرّة مصرين، حيث أعمل بأجر زهيد لا يتناسب مع دراستي ولا مؤهلاتي، لكنني أواصل العمل من أجل إعالة أسرتي".
بسبب الحرب، اضطر العديد من الشباب للعمل خارج اختصاصاتهم، بهدف تأمين دخل مادي، والاعتماد على الذات، ومحاربة البطالة. واليوم، مع سقوط النظام البائد وإقبال البلاد على مرحلة جديدة، يأمل هؤلاء الشباب أن تتوفر لهم فرص عمل تليق بهم وباختصاصاتهم، وأن تتحسن أوضاعهم المهنية والمعيشية بما يضمن لهم مستقبلاً أكثر استقراراً وعدالة.