أدان "مرصد بصمة لحقوق الإنسان" المحلي، بأشد العبارات الجريمة المروعة التي ارتكبتها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، والمتمثلة بإعدام ميداني وتعذيب مدنيين اثنين عقب اعتقالهما شرقي محافظة حلب، محملاً "قسد" المسؤولية الكاملة عن الجريمة. وطالب المرصد بفتح تحقيق شفاف ومستقل، لضمان محاسبة الجناة وعدم إفلات مرتكبي الانتهاكات من العقاب.
تفاصيل الحادثة
وفقاً لتوثيقات "مرصد بصمة"، فقد انطلق المواطن عبود إسماعيل العلي، من مواليد قرية وضحه بتاريخ 15 شباط 1958، بسيارته الخاصة (شاحنة من نوع هيونداي بيضاء اللون، رقم اللوحة 359525 حلب)، برفقة المواطن علي الحسين الجفال، على طريق مسكنة – البابيري، يوم الخميس 12 كانون الأول 2024، قبل أن يُفقد الاتصال بهما في اليوم ذاته.
عقب اختفائهما، تم تداول نداءات على منصات التواصل الاجتماعي للكشف عن مصيرهما، قبل أن تُرد إفادة من شاهد عيان تؤكد أن الرجلين أوقفا عند حاجز تابع لـ"قسد" بالقرب من مضخة مياه البابيري بين مدينتي مسكنة والخفسة.
اكتشاف الجريمة
ورغم الجهود المبذولة للبحث عنهما في السجون والمستشفيات ومراكز التفتيش، لم تتوفر أي معلومات حول مصير الضحيتين، حتى ورد بلاغ في 26 كانون الأول 2024 يفيد بالعثور على جثة تطفو في قناة مياه محطة ضخ البابيري.
بعد المعاينة، تبيّن أن الجثة تعود للمواطن عبود إسماعيل العلي، وقد تم العثور عليها في ذات النقطة التي حددها الشاهد، في حين بقي مصير المواطن علي الحسين الجفال مجهولاً حتى لحظة إعداد التقرير.
آثار تعذيب بشعة
أظهرت المعاينة الأولية للجثة تعرض الضحية لعبارات تعذيب وحشي، تمثلت في "حبل مشدود من الفم إلى مؤخرة الرأس، تم شده بسيخ حديدي حتى دخل إلى داخل الفم، وكدمات شديدة في الرأس بسبب الضرب بأداة حادة، تسببت في تهشيم الجزء العلوي الأيمن من الجمجمة.
كما تعرض لتصفية بثلاث طلقات نارية، واحدة في الرأس، الثانية في الفخذ الأيمن، والثالثة في البطن، وكانت آثار الرصاص واضحة على الجسد والملابس من الجهتين، وفي 5 نيسان 2025 عثر الأهالي على جثة الرجل الثاني "علي حسين الجفال"، قرب قناة مياه تابعة لمحطة ضخ البابيري بمحيط بلدة مسكنة بريف حلب الشرقي.
رواية شاهد داخلي
نقل مرصد بصمة إفادة من أحد الشهود (امتنع عن الكشف عن اسمه حفاظاً على سلامته)، أكد أن عنصراً سابقاً من "قسد" كان يخدم على نفس الحاجز يوم الحادثة وانشق لاحقاً "بسبب الظلم"، قد صرح بأن الرجلين تم إنزالهما من السيارة مباشرة، ليُفتّش هاتف علي الحسين الجفال من قبل عنصر يُعرف باسم "الحجي"، يُعتقد بانتمائه لحزب العمال الكردستاني.
وخلال تفتيش الهاتف، عُثر على محادثة تتعلق بالأوضاع الأمنية في المنطقة، ما دفع العناصر إلى اتهام الرجلين بالانتماء إلى "خلايا الجيش السوري الحر"، ليتم اقتيادهما وتعذيبهما وتصفيتهما ميدانياً في اليوم نفسه، كما تم الاستيلاء على سيارة عبود إسماعيل العلي واقتيادها إلى جهة مجهولة، ولا تزال مفقودة حتى الآن.
دعوة لتحقيق دولي
أكد "مرصد بصمة" أن ما جرى يُعد جريمة قتل خارج القانون وجريمة تعذيب ترتقي إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية، داعياً المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى تشكيل لجنة تقصّي حقائق مستقلة حول الحادثة، ومحاسبة كل من تورط في ارتكابها.
وختم المرصد بيانه بالتشديد على أن "مرتكبي الانتهاكات لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن"، مطالباً بإجراء تحقيقات عاجلة وضمان ملاحقة الجناة أمام العدالة الجنائية الوطنية أو الدولية.
وثقت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، يوم الجمعة 18 نيسان، مقتل شابين وإصابة اثنين آخرين إثر انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب، أثناء قيامهم بصيد الأسماك في سد برادون الواقع في ريف اللاذقية الشمالي.
وأوضحت المؤسسة أن فرقها استجابت للحادثة، حيث أسعفت أحد المصابين وقدمت له الإسعافات الأولية، فيما عملت على انتشال جثماني الشابين ونقلهما إلى مشفى في مدينة اللاذقية.
مخلفات الحرب.. خطر دائم يهدد حياة المدنيين
وأكدت "الخوذ البيضاء" أن مخلفات الحرب لا تزال تشكّل تهديدًا طويل الأمد لحياة المدنيين، إذ تتسبب بانفجارات مميتة وإصابات خطرة، فضلًا عن تأثيرها السلبي العميق على مختلف مناحي الحياة اليومية.
وأشارت المؤسسة إلى أن هذه المخلفات تعيق استقرار السكان، وتُقوّض فرص العيش، وتهدد النشاطات التعليمية والزراعية، وتحرم آلاف السوريين من العودة إلى منازلهم ومناطقهم الأصلية.
لتحمّل المسؤولية الجماعية
وشددت "الخوذ البيضاء" على أن التصدي لهذا الخطر هو مسؤولية جماعية تتطلب جهودًا متكاملة من كافة أطياف المجتمع والجهات المعنية، من خلال نشر الوعي والتوعية المجتمعية، بالإضافة إلى تسريع وتكثيف عمليات إزالة الألغام والمخلفات الحربية لضمان سلامة المدنيين وتهيئة بيئة آمنة للعودة والاستقرار.
وتُعدّ مخلفات الحرب من أخطر التهديدات التي لا تزال تلاحق المدنيين في سوريا، حيث تتسبب بسقوط ضحايا بشكل متكرر، وتخلّف إصابات بليغة تؤثر على حياة الأفراد بشكل دائم. كما أنها تُعيق استئناف النشاطات اليومية والاقتصادية، وتعرقل عودة السكان إلى مناطقهم، إلى جانب تأثيرها السلبي على العملية التعليمية والزراعية والصناعية، مما يعمّق من معاناة السوريين ويؤخر جهود التعافي وإعادة الإعمار.
وكانت أشددت مؤسسة الدفاع المدني، على أن مواجهة هذا الخطر تتطلب مسؤولية جماعية، من خلال تعزيز حملات التوعية بمخاطر الذخائر غير المنفجرة، وتسريع جهود إزالة المخلفات الحربية وتأمين المناطق المتضررة، بما يضمن حماية المدنيين وعودة الحياة إلى طبيعتها.
قال مسؤول رفيع في الأمم المتحدة، أمس الجمعة، إن مناقشات دولية ستُعقد خلال اجتماعات الربيع الجارية في واشنطن لبحث إعادة تفعيل الدعم المالي لسوريا من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، رغم استمرار العقوبات الغربية التي لا تزال تمثل عقبة رئيسية أمام جهود إعادة الإعمار.
اجتماع سعودي - دولي بشأن سوريا على هامش اجتماعات واشنطن
وأوضح عبد الله الدردري، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تصريح لوكالة "رويترز" من دمشق، أن اجتماعاً خاصاً بسوريا ستستضيفه الحكومة السعودية والبنك الدولي، يُعقد على هامش الاجتماعات السنوية للمؤسستين الماليتين الدوليتين في العاصمة الأميركية.
وقال الدردري إن هذا الاجتماع "يوجه رسالة واضحة إلى الشعب السوري والمجتمع الدولي بأن المؤسسات المالية الكبرى باتت جاهزة لدعم سوريا"، مؤكداً أن هذه الخطوة تمثل تطوراً هاماً في مسار استعادة البلاد لعلاقاتها المالية الدولية.
السعودية تسدد متأخرات سوريا للبنك الدولي
وكانت "رويترز" قد كشفت في وقت سابق أن السعودية تعتزم تسديد نحو 15 مليون دولار من المتأخرات المستحقة على سوريا لصالح البنك الدولي، وهو ما اعتُبر خطوة تمهيدية تفتح المجال أمام منح مالية محتملة لدعم إعادة الإعمار. وقد أكدت مصادر لاحقة أن هذه الدفعات قد تم تسديدها بالفعل.
ووفقاً للدردري، فإن سداد هذه المستحقات سيسمح للبنك الدولي باستئناف تقديم الدعم لسوريا من خلال "المؤسسة الدولية للتنمية" التابعة له، والمخصصة لتمويل الدول ذات الدخل المنخفض.
حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد.. أداة دعم إضافية
وأشار المسؤول الأممي إلى أهمية استفادة سوريا أيضاً من "حقوق السحب الخاصة" في صندوق النقد الدولي، مشدداً على أن هذه الأدوات تمثل فرصاً حيوية لسوريا للانخراط في مفاوضات مباشرة مع المؤسسات المالية الدولية في المرحلة القادمة.
وفد حكومي سوري رفيع إلى واشنطن
وفي تطور بارز، أعلنت وكالة "رويترز" أن كلاً من وزير المالية محمد يسر برنية، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، سيشاركون في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن في وقت لاحق من هذا الشهر.
وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها لوفد سوري رفيع إلى الولايات المتحدة منذ نحو عشرين عاماً، كما أنها تمثل أول مشاركة رسمية على هذا المستوى منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
تحديات ما بعد الحرب والعقوبات المستمرة
وتواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات هائلة في ظل دمار واسع لحق بالبنية التحتية جراء أكثر من 14 عاماً من الحرب التي أعقبت انطلاق الاحتجاجات ضد الأسد. وتسعى دمشق إلى إعادة بناء علاقاتها الدولية والإقليمية، وتوفير الدعم المطلوب لإعادة إعمار البلاد.
لكن العقوبات الأميركية الصارمة التي فُرضت خلال حكم الأسد لا تزال قائمة، رغم صدور إعفاء مؤقت لمدة ستة أشهر في يناير/كانون الثاني الماضي يتيح مرونة محدودة في المساعدات الإنسانية. إلا أن تأثير هذا الإعفاء ظل محدوداً على أرض الواقع.
تباين أميركي في الموقف من دمشق الجديدة
ورغم أن واشنطن قدمت، في مارس/آذار الماضي، قائمة شروط للحكومة السورية الجديدة مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، إلا أن التواصل المباشر معها ظل محدوداً. ويرجع ذلك إلى وجود تباينات داخل دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة بشأن طبيعة العلاقة التي يجب أن تربط واشنطن بالحكومة السورية الجديدة.
وصل وفد من الكونغرس الأميركي إلى العاصمة السورية دمشق، يوم الجمعة، في زيارة رسمية تُعد الثانية من نوعها منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024. وتندرج الزيارة في إطار الجهود الأميركية لتقييم المرحلة الانتقالية في سوريا ومناقشة مستقبل العلاقة بين البلدين.
ويضم الوفد عضوَي الكونغرس كوري ميلز ومارلين ستوتزمان، إلى جانب أعضاء من "التحالف السوري الأميركي من أجل السلام والازدهار"، في زيارة تهدف إلى لقاء القيادة السورية والاطلاع على الأوضاع الميدانية.
جولة ميدانية في حي جوبر وزيارة مرتقبة لصيدنايا
استهل الوفد زيارته بجولة في حي جوبر شمال شرقي دمشق، الذي دُمّر بشكل واسع إبان سنوات القصف على يد النظام المخلوع. ومن المرتقب أن تشمل الجولة زيارة لاحقة إلى سجن صيدنايا، أحد أبرز رموز الانتهاكات في عهد الأسد، وفقاً لما أكدته مصادر مطلعة في دمشق.
لقاء مرتقب مع الرئيس الشرع ووزير الخارجية
وبحسب الجدول الرسمي، سيعقد الوفد لقاءً مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بالإضافة إلى وزير الخارجية أسعد الشيباني. وأكدت مصادر عراقية مطّلعة أن اللقاء يأتي في سياق متابعة العلاقات الثنائية، ومناقشة الملفات السياسية والإنسانية ذات الأولوية.
ميلز: العقوبات قيد النقاش.. ولقاء محتمل بين ترامب والشرع
قال عضو الكونغرس كوري ميلز في تصريحات لموقع "الجزيرة" من حي جوبر إن رفع العقوبات عن سوريا "يتطلب خطوات ملموسة"، مشيراً إلى أن واشنطن تسعى لرؤية واقع مستقر في سوريا تحت حكومة ديمقراطية منتخبة. وأضاف أن مسألة العقوبات ستكون ضمن محاور النقاش مع الرئيس الشرع.
وعن احتمال عقد لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس أحمد الشرع خلال الزيارة المرتقبة لترامب إلى الشرق الأوسط، قال ميلز: "الأمر ممكن، خصوصاً إذا وجد الرئيس مؤشرات إيجابية كما حدث في ملفات سابقة مثل كوريا الشمالية".
ستوتزمان: نرى فرصة لحكومة صديقة للغرب
بدورها، عبّرت عضوة الكونغرس مارلين ستوتزمان عن تفاؤلها بسوريا الجديدة، وقالت في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: "جئت لأرى سوريا عن قرب، وسأنقل ما لمسته من تفاصيل ومواقف إلى الداخل الأميركي". وأضافت: "ما شاهدناه من دمار في الأحياء السكنية يدعو للحزن، لكنّي متفائلة بإرادة السوريين لبناء المستقبل".
التحالف السوري الأميركي: نطالب بتخفيف العقوبات
من جانبه، أكد مجد عبار، عضو التحالف السوري الأميركي، أن الوفد يهدف إلى الاطلاع على أثر العقوبات المفروضة على المدنيين في سوريا، ولقاء ممثلي الحكومة والمجتمع المدني. وأوضح أن جدول الزيارة يشمل أيضاً لقاءات مع قيادات دينية، من بينها البطريرك في الكنيسة الآشورية في دير مار تقلا، بالتزامن مع عيد الفصح المجيد.
وأشار عبار إلى أن الوفد سيتنقل في عدد من المناطق بهدف "رؤية التنوع والنسيج الاجتماعي السوري عن قرب"، مؤكداً أن مهمة التحالف هي نقل صورة واضحة إلى الإدارة الأميركية حول الوضع الإنساني، والضغط من أجل تخفيف الإجراءات العقابية على الشعب السوري.
أعلنت وزارة الخارجية القطرية، يوم الجمعة، أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رعى لقاءً رسمياً جمع الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في العاصمة الدوحة، وذلك في إطار الجهود القطرية لتعزيز مسارات العمل العربي المشترك.
وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إن اللقاء "عُقد في أجواء إيجابية عكست روح التفاهم والتقارب بين الجانبين"، دون أن يكشف عن تفاصيل محددة بشأن الموضوعات التي تم التباحث بشأنها.
وأوضح الأنصاري أن استضافة بلاده لهذا اللقاء تأتي في سياق "حرص دولة قطر على دفع عجلة التلاقي العربي، ودعم المبادرات التي تهدف إلى استقرار المنطقة وتعزيز التعاون بين الدول الشقيقة".
وكان مصدر مسؤول مقرّب من الحكومة العراقية قد أفاد في وقت سابق، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أجرى زيارة سريعة إلى الدوحة، التقى خلالها بكل من أمير قطر والرئيس السوري، في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية.
وأضاف المصدر أن اللقاء تناول مستجدات الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا، حيث أكد السوداني أن "العراق يتابع عن كثب الأحداث الجارية في البلد الجار، وعلى رأسها التحديات المرتبطة بالتواجد العسكري الإسرائيلي"، مشدداً على موقف العراق الثابت في دعم سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
وأشار رئيس الوزراء العراقي خلال الاجتماع إلى ضرورة المضي في "عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا وتنوّعها المجتمعي والديني، وتضمن إشراك كافة الأطراف في صياغة مستقبل البلاد".
كما شدد السوداني على "أهمية أن تبادر الحكومة السورية الجديدة باتخاذ خطوات عملية وجدية في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي"، معتبراً أن تحقيق تقدم ملموس في الملفات الأمنية والسياسية من شأنه فتح آفاق جديدة من التعاون بين البلدين، وتعزيز أمن واستقرار المنطقة ككل.
وأوضح البيان أن هذا اللقاء تم بمبادرة وساطة من دولة قطر، انطلاقاً من حرصها على دعم الحوار العربي وتعزيز جسور التواصل بين الدول الشقيقة. وقد ناقش الجانبان خلال الاجتماع العلاقات الثنائية بين الجمهورية العربية السورية وجمهورية العراق، في ضوء الروابط التاريخية العميقة التي تجمع الشعبين، والسعي المشترك لإحياء مسارات التعاون العربي على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وأكد الرئيس أحمد الشرع ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني في محادثاتهما على أهمية احترام سيادة واستقلال البلدين، ورفض كل أشكال التدخل الخارجي، معتبرين أن أمن واستقرار سوريا والعراق يمثلان دعامة أساسية لأمن المنطقة بأسرها.
وتناول الجانبان قضية أمن الحدود المشتركة، حيث تم الاتفاق على تعزيز التنسيق الأمني والميداني وتكثيف التعاون الاستخباراتي بين الجهات المختصة في كلا البلدين، من أجل مواجهة التحديات والمخاطر الأمنية العابرة للحدود.
وفي الشق الاقتصادي، ناقش اللقاء سبل تفعيل التعاون التجاري بين سوريا والعراق، والعمل على تسهيل حركة البضائع والأفراد عبر المعابر الحدودية، إلى جانب تشجيع الاستثمارات المتبادلة وفتح آفاق تعاون جديدة في قطاعات الطاقة والنقل والبنية التحتية، بما يحقق تطلعات الشعبين ويخدم الأهداف الاستراتيجية للبلدين.
وقد أعرب فخامة الرئيس الشرع خلال اللقاء عن عميق شكره لدولة قطر الشقيقة، ولصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد، على رعايته الكريمة لهذا اللقاء، وجهوده المخلصة في دعم الحوار العربي وتعزيز مسيرة التضامن بين الدول العربية.
واختتم البيان بالتأكيد على أن هذا اللقاء يمثل محطة محورية في مسار بناء علاقات عربية متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل والشراكة الفاعلة، ويمثل خطوة متقدمة نحو تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، وتكريس نهج التعاون العربي في مواجهة التحديات المشتركة، وبناء مستقبل أكثر إشراقاً لشعوب المنطقة.
"السوداني" يوجه دعوة رسمية للرئيس "الشرع" لحضور القمة العربية في بغداد
وكان أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء 16 نيسان/أبريل 2025، عن توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية المرتقبة، المقرر عقدها في العاصمة بغداد بتاريخ 17 أيار/مايو المقبل.
وأكد السوداني، خلال مشاركته في "ملتقى السليمانية الدولي التاسع"، أن الرئيس الشرع سيحضر القمة العربية، مشدداً على أن القيادة السورية مرحب بها في بغداد، في إطار دعم العراق لمسار التعاون العربي وتعزيز العلاقات مع دمشق.
وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام عراقية من بينها "السومرية نيوز"، أن السوداني لم يكتف بتوجيه الدعوة فحسب، بل أعلن أيضاً عزمه الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة، في خطوة تؤكد استمرارية حضوره السياسي على الساحة العراقية.
اتصال هاتفي بين الشرع والسوداني: نحو فتح صفحة جديدة
وجاءت هذه الدعوة في أعقاب اتصال هاتفي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بحثا خلاله سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين سوريا والعراق، وأكدا على عمق الروابط التي تجمع الشعبين على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وخلال الاتصال، هنأ السوداني الرئيس الشرع بمناسبة عيد الفطر المبارك، معرباً عن دعمه لتشكيل الحكومة السورية الجديدة، ومجدداً موقف العراق الثابت في دعم أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها.
واتفق الجانبان على أهمية فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، تقوم على التعاون المشترك، ومواجهة التحديات الإقليمية، بما يسهم في تعزيز استقرار المنطقة وخدمة شعوبها.
تعزيز أمني مشترك ومواجهة التهريب
كما تناول الاتصال ملف أمن الحدود المشتركة بين البلدين، حيث شدد الجانبان على ضرورة تعزيز التنسيق الأمني، خصوصاً في ما يتعلق بمكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات والعناصر الخارجة عن القانون.
وأكد الرئيس الشرع التزام بلاده باحترام سيادة العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، داعياً إلى شراكة استراتيجية بين دمشق وبغداد، قائمة على المصالح المتبادلة والتعاون الثنائي لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.
دعم متبادل ورؤية مشتركة للاستقرار
وفي ختام الاتصال، جدّد الجانب العراقي تأكيده دعم سوريا في مسيرتها نحو الاستقرار السياسي، معرباً عن تطلعه إلى تطوير علاقات أكثر عمقاً بما يخدم مصالح الشعبين، ويعزز الأمن والاستقرار الإقليمي في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة.
قمة القاهرة الطارئة: بداية الانفتاح العربي
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد شارك في القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة بتاريخ 4 آذار/مارس الماضي، بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وذلك في أول مشاركة له ضمن محفل عربي رفيع منذ توليه رئاسة الجمهورية في المرحلة الانتقالية، عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024.
وفي إطار الانفتاح العربي على دمشق، أكدت جامعة الدول العربية أن سوريا ستشارك أيضاً في القمة العربية المقبلة في بغداد، وأن تحديد مستوى التمثيل يعود للدولة السورية، سواء عبر الرئيس أو وزير الخارجية.
زيارة تاريخية لوزير الخارجية السوري إلى بغداد
وتزامناً مع هذا الحراك الدبلوماسي، أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني زيارة رسمية إلى بغداد، هي الأولى من نوعها لمسؤول سوري منذ سقوط النظام السابق، حيث عقد مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع نظيره العراقي فؤاد حسين.
وأكد الشيباني خلال الزيارة على وحدة الصف السوري العراقي، وضرورة الوقوف صفاً واحداً في وجه التهديدات والتدخلات الخارجية، معرباً عن استعداد دمشق الكامل للتعاون مع بغداد في مكافحة الإرهاب وتنظيم داعش، قائلاً: "أمن سوريا من أمن العراق، ومصائرنا مشتركة".
وصف وزير الاقتصاد والصناعة السوري، الدكتور محمد نضال الشعار، زيارة نظيره التركي، وزير التجارة عمر بولاط، بأنها "مثمرة وتعكس عمق الروابط الأخوية بين البلدين"، مؤكداً أنها تمثل بداية واعدة لشراكة اقتصادية قوية بين الجانبين.
ونقلت قناة وزارة الاقتصاد على "تلغرام" عن الوزير الشعار قوله: "كانت الزيارة ناجحة وتناولنا خلالها العديد من القضايا المهمة، وهي تعكس العلاقات الأخوية المتجذرة بين سوريا وتركيا، وتمثل انطلاقة جديدة نحو تعاون اقتصادي فعّال". وأضاف: "نحن اليوم نكتب معاً فصلاً جديداً من التاريخ، تؤلفه السواعد السورية والتركية بتعاون مشترك".
زيارة الوزير بولاط إلى دمشق، التي جرت يوم الأربعاء الماضي، جاءت على رأس وفد رسمي ضم مسؤولين بارزين وعدداً من رجال الأعمال الأتراك. وشهدت الزيارة سلسلة مباحثات مع مسؤولين سوريين ركّزت على فتح آفاق جديدة للتعاون التجاري والاستثماري في المرحلة المقبلة.
وقبيل مغادرته دمشق، أعرب الوزير التركي للصحفيين عن رغبة بلاده في بدء مفاوضات رسمية مع الحكومة السورية لعقد اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، مشيراً إلى أهمية هذه الخطوة في تعزيز استقرار المنطقة وفتح قنوات جديدة للنمو والتنمية بين الشعبين الجارين.
سوريا وتركيا تبحثان تعزيز التبادل التجاري وتطوير البنى التحتية للمنافذ المشتركة
وكان بحث رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا، قتيبة بدوي، مع وزير التجارة التركي عمر بولاط، خلال اجتماع رسمي عُقد في دمشق، سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاستثماري في المرحلة الانتقالية.
وأكد الجانبان في الاجتماع على أهمية "التنسيق العالي في القضايا الاقتصادية"، وتطرقا إلى عدد من القضايا الجوهرية، من بينها تعزيز التبادل التجاري، مناقشة التعرفة الجمركية، الاستثمار التركي في المناطق الحرة السورية، وتنشيط حركة عبور السيارات والشاحنات بين البلدين، بما في ذلك إعادة فتح معبر كسب الحدودي أمام حركة الشحن التجارية الصغيرة.
خارطة طريق لتعميق التعاون الاقتصادي
وشهد اللقاء الموسّع الذي جمع الوفد التركي بمسؤولي الهيئة السورية، مناقشات مفصلة حول تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية، وتذليل العقبات التي تعترض تدفق السلع، إلى جانب وضع خطة لتوسيع الصادرات المتبادلة ورفع مستواها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
وأعرب قتيبة بدوي عن شكر سوريا العميق للدولة التركية قيادةً وحكومةً وشعباً، مشيداً بالمواقف التركية الداعمة للشعب السوري منذ انطلاق الثورة وحتى تحقيق النصر على النظام البائد، مشيراً إلى تشكيل لجان تركية متخصصة لتقديم الدعم للحكومة السورية في مختلف القطاعات بعد سقوط النظام.
كما أكد البدوي أن الحكومة السورية اتخذت سلسلة من الإجراءات الجمركية منذ بداية العام الجاري تهدف إلى رفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين، موضحاً أهمية تأهيل البنى التحتية في المعابر والموانئ، وخاصة فيما يخص أجهزة الفحص (السكانر)، لدعم انسياب البضائع وتعزيز قطاع النقل المشترك والسياحة.
بولاط: تركيا ملتزمة بدعم سوريا وشعبها
من جانبه، شدد وزير التجارة التركي عمر بولاط على أن زيارة الوفد التركي، والتي ضمت نخبة من رجال الأعمال وممثلي غرف التجارة والصناعة في تركيا، تأتي في سياق تعزيز التعاون مع الحكومة السورية الجديدة. ولفت إلى عمق الروابط التاريخية بين الشعبين السوري والتركي، مؤكداً أن **أنقرة حريصة على الوقوف إلى جانب دمشق في مرحلة البناء والتنمية**.
وقال بولاط: "منذ انطلاق الثورة، وقف الشعب التركي مع أشقائه السوريين، واليوم نحتفل بانتصار الحق والعدالة، ونثق بأن سوريا الموحدة ستواصل السير نحو مستقبل مزدهر"، مضيفاً أن **تركيا تدعم خطط النهوض بالاقتصاد السوري وتعتبر استقراره أولوية استراتيجية**.
دعم تركي لتأهيل المعابر وتنظيم المعارض
وخلال الاجتماع، أعرب عدد من أعضاء الوفد التركي عن استعدادهم للمساهمة في إعادة تأهيل المعابر البرية المشتركة وميناءي اللاذقية وطرطوس، وتقديم الدعم في مجال تكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن اهتمام بعض الشركات المتخصصة بتنظيم معارض دائمة للمنتجات التركية في سوريا.
وفي ردّه على مداخلات الوفد، أوضح بدوي أن الهيئة أجرت تعديلات على الرسوم الجمركية استناداً إلى اقتراحات عملية تهدف إلى توحيد الأنظمة في المنافذ البرية والبحرية، وحماية المنتج المحلي، وتوفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة.
وأشار رئيس الهيئة إلى أنه تم الاتفاق على إقامة منطقة حرة سورية – تركية مشتركة، يتم فيها إنشاء مصانع من الطرفين، وتُمنح منتجاتها إعفاءً جمركياً، بما يعزز قدرتها التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية.
لم يكن وقع العودة إلى الديار سهلاً على كثير من أبناء ريفي حماة وإدلب، فمع لحظة التحرير التي طال انتظارها، كان الأمل معقوداً على استعادة الأرض والبناء والكرامة، لكن مشهداً قاسياً آخر كان بانتظارهم: أشجارهم المثمرة، التي طالما شكّلت مصدر رزقهم وامتداداً لذكرياتهم، قُطعت واجتثت على يد جنود الأسد، خلال سنوات الاحتلال الطويلة.
ففي القرى التي عاد إليها الأهالي بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، اصطدم العائدون بجريمة بيئية واقتصادية واجتماعية دفعت كثيرين منهم إلى وصف ما جرى بأنه "اجتثاث للهوية"، لا مجرد تخريب.
مصدر رزق مدمَّر
بحسب شهادات ميدانية جمعها مراسلونا، فإن سكان مناطق متفرقة في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة، ممن عادوا إلى قراهم، فوجئوا بغياب الأشجار التي كانوا يعتنون بها لعقود، وخاصة الزيتون والتين والفستق الحلبي. هذه الأشجار، التي كانت تمثل عماد الاقتصاد العائلي لآلاف الأسر، لم تعد موجودة، بعد أن قضت عليها سكاكين الانتقام وثقافة الإبادة.
يقول أحد العائدين: "كنا نخطط لجني محصولنا، كي نتمكن من إعادة بناء منازلنا، لكنهم لم يتركوا لنا حتى الظلّ". ويضيف آخر: "لم تكن مجرد أشجار، بل مواسم عمر، كنا نحيا من خيراتها".
قطع الأشجار.. عقوبة جماعية
الواقع الجديد فتح جرحاً عميقاً في الذاكرة الجمعية للأهالي، لا سيما أن عمليات القطع جرت بصورة ممنهجة، وسط صمت مطبق من النظام، بل وتواطؤ صريح. فقد استغل عناصر الأسد وجودهم في هذه المناطق لارتكاب أبشع الجرائم البيئية، إذ حوّلوا الحقول إلى مصدر حطب ومواد للبيع، ووسيلة انتقام من أهالي القرى الذين عرفوا بمواقفهم الثورية ضد النظام.
وبالرغم من أن رأس النظام أصدر سابقاً مرسوماً يفرض غرامات مالية على قاطعي الأشجار، تتراوح بين 150 إلى 200 ألف ليرة للدونم الواحد، إلا أن القرار لم يكن سوى حبر على ورق. لا أحد طُبّق عليه القانون، لأن من نفّذ الجريمة هم أنفسهم المحميون أمنياً والمغذَّون بسياسة العقاب الجماعي.
صدمة وحرمان
في أحد الفيديوهات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي، يروي أحد العائدين بأسى: "أهل قريتي كانوا يعيشون من محصول الزيتون والتين، واليوم عادوا فلم يجدوا شجرة واحدة واقفة... الأرض تحولت إلى صحراء". شهادته تكررت على ألسنة كثيرين، الذين عبّروا عن ألمهم في تعليقات موجعة: "هدموا البيوت وسرقوا الأسقف، لكن قطع الشجر هو الكارثة الأكبر"، وآخر وصف المشهد قائلاً: "حتى مضخات المياه سرقوها، لم يتركوا حجراً على حجر، نحن عدنا من تحت الصفر".
في مشهد موازٍ، رأى بعض السكان أن قلع الأشجار لا يختلف عن قلع الأرواح، فهو عملية إبادة لا تختلف عن القتل أو القصف، بل هو امتداد لسياسة الأرض المحروقة التي انتهجها الأسد ضد معارضيه.
انتظار الموسم الذي لن يعود
اليوم، يفكر العائدون في زراعة الأشجار من جديد، لكنهم يعلمون جيداً أن الزيتونة لا تثمر إلا بعد سنوات، وأنهم فقدوا مواسم متراكمة من الرزق والعيش. وكما يقول أحد الفلاحين: "بعض الأشجار التي قطعوها زرعها أبي بيده، واليوم أنظر مكانها فلا أرى إلا جذعاً محروقاً، وكأنهم يريدون محو أثرنا من الأرض".
تؤكد هذه المشاهد أن معركة السوريين لم تنتهِ مع تحرير الأرض فقط، بل بدأت فصولها الحقيقية مع إعادة الإعمار والعدالة، ومواجهة الآثار العميقة التي تركها نظام استخدم كل أدوات الإبادة، حتى الشجر لم يسلم من نيرانه.
رغم مرور أكثر من عقد على جريمة استخدام الأسلحة الكيميائية في بلدة التمانعة بريف إدلب، لا تزال آثار تلك الهجمات المروعة حاضرة في الوجدان الجمعي لأهالي البلدة. سبع هجمات بالسلاح المحرّم دولياً استهدفت البلدة، وأسفرت عن استشهاد سبعة مدنيين، وخلّفت مئات المصابين والناجين، الذين لا تزال معاناتهم شاهدة على واحدة من أبشع الجرائم المرتكبة في سياق الحرب السورية.
وفي ذكرى المجزرة، نظّم أهالي التمانعة وقفة صامتة وفاءً لضحايا تلك الهجمات، واستذكاراً لمعاناة الناجين، وتأكيداً على مطلب لا يزال حيّاً في الضمير السوري: محاسبة المتورطين في جريمة الكيماوي، وإنصاف الضحايا.
ورغم انهيار النظام السابق في نهاية عام 2024، لم تتحقق حتى الآن العدالة المرجوة. غير أن أهالي التمانعة يؤكدون أن سقوط النظام لا يعني طي صفحة الجريمة، بل يمثل بداية المسار القانوني والأخلاقي نحو المساءلة والمحاسبة، واستعادة حقوق من قضوا ومن نجا من جحيم الغاز السام.
ويشدد أبناء البلدة على أن ذاكرة الجريمة لن تُمحى، وأنهم ماضون في المطالبة بإحالة المتورطين إلى العدالة، سواء كانوا مخططين أو منفذين أو متواطئين، معتبرين أن هذه الجريمة لم تستهدف التمانعة وحدها، بل شكّلت اعتداءً صارخاً على المبادئ الإنسانية والقانون الدولي.
وأكدوا على أن محاسبة مرتكبي جرائم الكيماوي لم تعد شأناً محلياً فحسب، بل غدت قضية عالمية تمسّ الضمير الإنساني برمّته، وتشكل اختباراً حقيقياً لصدقية المجتمع الدولي في الوقوف بوجه الإفلات من العقاب.
سيظلّ أهالي التمانعة، ومعهم السوريون جميعاً، أوفياء لذكرى الشهداء، متشبثين بحقوقهم، ومتمسكين بحقهم في العدالة، مهما طال الزمن أو تبدلت المعادلات. فالمحاسبة ليست خياراً، بل التزام أخلاقي لا يسقط بالتقادم.
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعاً خلال الأيام الماضية مع إعلان الحكومة السورية الجديدة إعادة الآلاف من الموظفين المفصولين تعسفياً في عهد النظام السابق إلى وظائفهم في وزارة التربية، بعد سنوات طويلة من الحرمان نتيجة مواقفهم الداعمة للثورة السورية ورفضهم الاستبداد الذي مارسه نظام بشار الأسد بحق المواطنين.
وأكد وزير التنمية الإدارية، محمد السكاف، في تصريحات إعلامية، أن الوزارة أنهت دراسة الملفات المقدمة من العاملين في قطاع التربية، موضحاً أن عدد الطلبات التي تلقتها الوزارة بلغ 22,644، جرى الانتهاء من معالجة 14,646 منها حتى الآن. كما أشار إلى استمرار التنسيق مع الوزارات الأخرى للنظر في حالات مشابهة لضمان إعادة الحقوق إلى أصحابها وفق جدول زمني منظم وواضح.
كما أصدرت الوزارة بياناً رسمياً مرفقاً بقائمة أسماء الموظفين الذين تمت إعادتهم إلى وظائفهم، وطلبت منهم مراجعة مديريات التربية المختصة لاستكمال الإجراءات الإدارية اللازمة واستلام وظائفهم مجدداً.
عقوبات على خلفية سياسية
بحسب شهادات حصلت عليها فرق ميدانية من معلمين في إدلب وريفها، فإن معظم قرارات الفصل الصادرة بحقهم كانت بسبب مواقفهم الثورية وانحيازهم للشارع السوري المنتفض، في حين طال الفصل آخرين لمجرد الاشتباه بعدم ولائهم للنظام، أو بسبب عدم التحاقهم بأماكن عملهم، نتيجة ظروف الحرب التي فرضت قيوداً شديدة على التنقل والأمان.
ويرى العاملون في الحقل التربوي أن عقوبة الفصل الوظيفي، على قسوتها، كانت أهون من المآلات الأخرى التي واجهها كثير من المعارضين، كالسجن والاعتقال والتغييب القسري، في بلد لم يكن يسمح بأي هامش من المعارضة أو الحياد.
بدائل مؤقتة وسط الأزمات
بعد فصلهم من وظائفهم، اضطر كثير من المعلمين للبحث عن مصادر دخل بديلة، في ظل انهيار البنية الاقتصادية والمعيشية. بعضهم التحق بسلك التعليم في المدارس الحرة التابعة للإدارة المدنية في المناطق المحررة، بينما لجأ آخرون للعمل في منظمات إنسانية أو افتتحوا مشاريع صغيرة لتأمين لقمة العيش، في وقت كانت فيه سبل الحياة تضيق يوماً بعد آخر.
نزوح وفقدان
ازدادت معاناة المعلمين المفصولين خلال فترات النزوح القسري التي شهدتها مختلف المحافظات السورية، لا سيما بعد فقدانهم منازلهم وممتلكاتهم وأراضيهم، ليجدوا أنفسهم أمام تحديات جديدة في تأمين سكن بديل، وتغطية مستلزمات الحياة اليومية وسط غياب الاستقرار والأمان.
عودة مستحقة بعد انتصار الشعب
وبعد مضي أكثر من 14 عاماً على انطلاق الثورة السورية، ومع سقوط نظام بشار الأسد وفراره مع عائلته إلى موسكو، بدأت ملامح العدالة تعود إلى الواجهة. وعملت الحكومة السورية الجديدة على إعادة تنظيم شؤون الدولة، ومن أبرز الخطوات التي اتخذتها مؤخراً، إعادة المعلمين المفصولين إلى وظائفهم، وفتح الباب أمامهم للعودة إلى ميادينهم التربوية، مرفوعي الرأس، بعدما كان النظام السابق قد أقصاهم ظلماً.
ويُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها واحدة من بوادر الإنصاف وإرساء قيم العدالة الانتقالية، التي تسعى الحكومة الجديدة إلى ترسيخها، كجزء من مشروع وطني يسعى لإعادة الاعتبار لكل من تضرر بسبب مواقفه في سبيل الحرية والكرامة.
أعاد ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تداول مقطع فيديو قديم للمستشارة الإعلامية السابقة لرئيس النظام السوري السابق، لونا الشبل، خلال ظهورها على إحدى القنوات الموالية، وهي تروي روايات وصفت بأنها أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، عن مواقف "بطولية" نسبتها لبشار الأسد. هذا الظهور، الذي سبق تصفيتها في ظروف غامضة، أعاد إلى الواجهة سلسلة من الأكاذيب الإعلامية التي روج لها النظام طوال سنوات الحرب السورية.
مواجهة المسلحين "وجهاً لوجه".. رواية غير قابلة للتصديق
في اللقاء الذي جمعها بالإعلامي حسين مرتضى وإحدى المذيعات المواليات، زعمت الشبل أن بشار الأسد كان يتواجد في أكثر المناطق اشتعالاً، مثل جوبر وداريا ومنطقة الهبيط في ريف إدلب، مشيرة إلى أنه كان يواجه المسلحين "وجهاً لوجه". وروت واقعة قالت إنها حدثت في مرج السلطان، حيث "التقت عين الأسد بعين أحد المسلحين من داخل دشمة"، في مشهد استُقبل بتهكم واسع على منصات التواصل.
الشبل أكدت أن الأسد "كان دائماً حيث يجب أن يكون، مرة مع الجيش ومرة مع الشعب"، على حد تعبيرها، وهاجمت في الوقت ذاته المعارضين الذين اتهموه بالاختباء وعدم قدرته على الظهور علناً، معتبرة أن ما وصفته بـ"الثقة المتبادلة بينه وبين الشعب" أثمرت نتائج سياسية وشعبية هامة.
بين حياة القصور والادعاء بالتواضع
رغم الصورة التي حاولت الشبل رسمها عن تواضع الأسد وتفاعله مع أبناء شعبه، فإن الوقائع الموثقة تشير إلى أن تحركاته كانت تخضع لحراسة مشددة وإجراءات أمنية دقيقة، وكان يُحضّر لها مسبقاً بأدق التفاصيل. جميع اللقطات التي ظهر فيها بين المدنيين كانت منظمة بعناية، تهدف إلى تلميع صورته أمام الإعلام وتقديمه كشخص بسيط يعيش بين الناس، بينما الواقع يُظهر تمسكه بالسلطة على حساب حياة آلاف السوريين.
حين يصبح "البحث عن نتيجة البكالوريا" إنجازاً!
وفي استمرار لسرد المبالغات، قالت الشبل إن الأسد "كان يحصل على نتائج أبنائه الدراسية مثل أي مواطن عادي، وينتظر ظهورها عبر الإنترنت". وأضافت أن الأسد لم يستخدم صلاحياته كرئيس للحصول على النتائج قبل موعدها، في إشارة إلى نتائج ابنته زين وابنه حافظ. إلا أن المتابعين سرعان ما سخروا من هذه الرواية، مؤكدين أن نجاح أبناء الأسد كان مضموناً في نظام لا يعرف الشفافية، على غرار نتائج الانتخابات الرئاسية التي لطالما حاز فيها على أكثر من 99% من الأصوات، بما في ذلك أصوات الأموات.
سخرية واسعة وتعليقات لاذعة
الفيديو المتداول أثار موجة واسعة من السخرية، حيث استعاد المتابعون نبرة الإعلام الموالي التي كانت تُطلق الأكاذيب بلا حرج. وعلّق أحدهم: "قديش كان لطيف... ربي يحفظه بثلاجة الموتى"، فيما كتب آخر: "أجت عينه بعين المسلح وتركوه... يا أما المسلح أعمى، يا أما عميل". وعلّقت إحدى المتابعات ساخرة: "كانت عينه تجي بعين المسلح ويقله بنظراته شايفك بس عايفك، مع زئير الأسد".
الماكينة الإعلامية والقصص الأسطورية
لم يكن حديث الشبل استثناءً في سجل الأكاذيب الإعلامية التي غذّى بها النظام الموالي جمهوره على مدى سنوات، من روايات "العسكري الذي استيقظ في ثلاجة الموتى"، إلى "الأبطال الذين هزموا المؤامرة الكونية". جميعها حكايات تعكس محاولة مستميتة لتجميل صورة نظام كان ولا يزال يُتهم بارتكاب أفظع الجرائم بحق شعبه.
في النهاية، تبقى مثل هذه الروايات شاهداً على حجم التزييف الذي مارسه إعلام النظام، في محاولاته لتلميع وجه سلطة لم تكن ترى في مواطنيها سوى أدوات للتمجيد أو أهدافاً للقمع. أما الشبل، التي طالما دافعت عن زعيمها، فقد اختفت عن المشهد في ظروف غامضة، تاركة وراءها إرثاً من الأكاذيب الإعلامية التي لن تُمحى بسهولة من ذاكرة السوريين.
أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني السابق، وليد جنبلاط، وجود احتضان عربي ودعم سعودي واضح للإدارة الجديدة في سوريا، مشيراً إلى أن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى دولة الإمارات "تمثل خطوة إيجابية".
وفي مقابلة بودكاست على منصة "هامش جاد" التابعة لـ "التلفزيون العربي"، قال جنبلاط إن "المرحلة الحالية تشهد مؤشرات على انفتاح عربي وسعودي تجاه الإدارة السورية الجديدة"، واصفاً زيارة الرئيس الشرع الأخيرة للإمارات بـ"الجيدة"، لما تحمله من دلالات على انخراط دمشق مجدداً في محيطها العربي.
لكن جنبلاط أشار في الوقت نفسه إلى استمرار التحديات أمام الحكومة السورية الجديدة، لا سيما في ظل العقوبات الدولية المفروضة، وتساءل عن الشروط المحتملة لرفع العقوبات الأميركية والإسرائيلية، مضيفاً أن "السيناريو الأقرب ربما يكون مشابهاً للتجربة العراقية، عبر إنشاء حكومة مستقلة في كردستان وتوزيع الثروات بشكل متوازن".
وفي حديثه عن لقائه الأخير بالرئيس السوري أحمد الشرع، كشف جنبلاط عن تفاصيل اللقاء الذي وصفه بأنه تناول ملامح المرحلة الجديدة بعد عقود من حكم النظام السابق برئاسة بشار الأسد، مضيفاً أن "الشرع لا يزال في بداية الطريق، وإذا تمكن من تأسيس شرعية حقيقية لحكمه، كما حصل في العراق، فسيكون ذلك إنجازاً سياسياً مهماً".
ولم يغفل جنبلاط الحديث عن الملف العسكري، مشيراً إلى انهيار البنية العسكرية لجيش النظام السابق، وقال: "جيش النظام انتهى فعلياً، ولن تسمح إسرائيل بإعادة بنائه، خصوصاً في ظل الفراغ العسكري الذي تعاني منه البلاد". وأشار إلى أن الرئيس الشرع يسعى حالياً للتعاون مع فصائل محلية بهدف تشكيل ما يمكن وصفه بـ"جيش بديل"، ورأى أن انضمام فصيل "أحمد العودة" إلى وزارة الدفاع السورية يمثل "مؤشراً إيجابياً على هذا المسار".
وعن قضية الضابط إبراهيم حويجة، الذي يُتهم باغتيال الزعيم الدرزي كمال جنبلاط وعدد من الشخصيات الوطنية اللبنانية، قال جنبلاط إن توقيفه يمثل "خطوة نحو تحقيق العدالة"، معتبراً أن هذه الخطوة تأتي في سياق إعادة الاعتبار للمسار القضائي ومحاسبة مرتكبي الجرائم السياسية.
وختم جنبلاط حديثه بتأكيد أهمية المرحلة الجديدة في سوريا، وما تحمله من تحولات سياسية وإقليمية كبرى، مشدداً على أن نجاح الإدارة الجديدة مرهون بقدرتها على بناء شرعية وطنية، والانفتاح على مكونات المجتمع السوري، واستعادة علاقاتها الطبيعية مع المحيط العربي والدولي.
جنبلاط يحذر من استغلال بعض الدروز كأداة لتقسيم سوريا
حذر الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، اليوم الأحد، مما وصفه بـ”الاختراق الفكري الصهيوني” الذي يستهدف أبناء الطائفة الدرزية، متهماً بعضهم بالمساهمة في مخططات تقسيم سوريا تحت شعار “تحالف الأقليات”.
وجاءت تصريحات جنبلاط خلال خطاب ألقاه في قصره ببلدة المختارة في قضاء الشوف، بمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال والده كمال جنبلاط في 16 آذار 1977، حيث حضر التجمع عدد كبير من مناصريه الدروز.
وفي خطابه، دعا جنبلاط الدروز، الذين أشار إليهم بـ”بني معروف”، إلى التمسك بهويتهم العربية وتراثهم الإسلامي، قائلاً: “إلى بني معروف، حافظوا على إرثكم الفكري والنضالي والسياسي الذي أرساه كبارنا، وفي مقدمتهم سلطان الأطرش وشكيب أرسلان وكمال جنبلاط”.
مباركاً نصر السوريين .. "وليد جنبلاط" أول زعيم لبناني يزور دمشق بعد سقوط حكم الأسد
وصل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، يرافقه وفد من نواب اللقاء الديمقراطي والقيادة الحزبية وعدد كبير من المشايخ الدروز في لبنان وسوريا، إلى دمشق، يوم الأحد 22 كانون الأول، في زيارة هي الأولى لزعيم لبناني، عقب سقوط نظام بشار الأسد.
وقالت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، إن "جنبلاط والشرع شددا على وحدة سوريا بكافة مناطقها ورفض كل مشاريع التقسيم والعمل على بناء سوريا الجديدة الموحدة"، وأكدا على إعادة بناء دولة حاضنة لجميع أبنائها.
واعتبر الشرع أن "جنبلاط دفع ثمنا كبيرا بسبب ظلم النظام السوري بدءا من استشهاد كمال جنبلاط"، موضحا أنه كان نصيرا دائما لثورة الشعب السوري منذ اللحظة الأولى، ولفتت الوكالة إلى أن الرئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي" في لبنان وقائد إدارة العمليات العسكرية اتفقا على اللقاء قريبا في العاصمة السورية دمشق.
لعب "جنبلاط" دوراً رئيسياً في مواجهة سطوة نظام الأسد في لبنان، وكان من الشخصيات التى واجهت النظام السوري السابق وكان من أبرز من ساهم بإخراجه من لبنان عام 2005. كما كان جنبلاط من مساندي ثورة الشعب السوري منذ انطلاقها في العام 2011.
أكد فيصل يوسف، الناطق الإعلامي باسم المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS)، أن التحضيرات الجارية لعقد كونفرانس "وحدة الصف والموقف الكوردي" تسير بخطى واثقة ومدروسة، مدفوعة بإرادة حقيقية لإنجاح هذا الحدث السياسي المرتقب، موضحاً أن الإعلان الرسمي عن موعد انعقاده سيتم فور استكمال الترتيبات النهائية.
وقال يوسف في بيان صحفي نقلته وكالة "باسنيوز"، إن العمل على عقد الكونفرانس يسير بثبات، ويعكس إصراراً جماعياً ملموساً من أجل توحيد الرؤية والموقف الكوردي في هذه المرحلة الحساسة.
وأضاف أن "المخاوف التي تسود الشارع الكردي من احتمالات الفشل تبقى مشروعة، نظراً للتجارب السابقة"، مشدداً على أهمية "استخلاص الدروس من محطات التعثر الماضية وتفادي تكرار الأخطاء التي حالت دون الوصول إلى توافق شامل".
وأشار إلى أن المجلس الوطني الكردي "يُقدّر تطلعات وآراء أبناء الشعب الكوردي وأصدقائه ببالغ الاحترام"، مؤكداً أن المجلس ملتزم بتحقيق طموحات الشعب في إطار مشروع سياسي واضح يستند إلى اللامركزية والديمقراطية في سوريا المستقبل.
وشدد يوسف على أن "المجلس الوطني الكوردي يعتبر وحدة الصف خياراً استراتيجياً لا رجعة فيه"، لافتاً إلى أن الجهود المبذولة في هذا الاتجاه لم تتوقف، وأن الكثير من الإجراءات التنظيمية والإدارية الخاصة بالكونفرانس قد أُنجزت بالفعل.
واختتم بالتأكيد أن الإعلان عن موعد انعقاد الكونفرانس سيتم في أقرب وقت، بعد الانتهاء الكامل من الترتيبات اللازمة، في خطوة تهدف إلى تعزيز وحدة الصف الكوردي وتحقيق التطلعات الوطنية الجامعة ضمن إطار سوريا موحدة وديمقراطية.
"إلهام أحمد" تتحدث عن مؤتمر كردي لتشكيل لجنة تشرف على صياغة مسودة دستور جديد لسوريا
أكدت إلهام أحمد، ممثلة دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، خلال لقائها وفدًا برلمانيًا مشتركًا من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في مدينة القامشلي، أن الحوار بين الأطراف الكردية لا يزال مستمرًا ونشطًا، مشيرة إلى وجود "نقاشات جادة حول تحقيق الوحدة السياسية".
ونقل موقع "Rudaw" عن أحمد أنها قدمت للوفد إحاطة مفصلة تناولت أبرز التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية في مناطق الإدارة الذاتية، إلى جانب المساعي المبذولة لتوحيد الصف الكردي، والتحضيرات الجارية لعقد مؤتمر وطني جامع للأحزاب الكردية في 18 نيسان الجاري، تمهيدًا لتشكيل لجنة مشتركة تتولى مهمة الإشراف على صياغة مسودة دستور جديد لسوريا.
نحو دستور شامل يضم جميع مكونات المجتمع السوري
وأوضحت أحمد أن الخطوة التالية بعد المؤتمر تتمثل في تشكيل لجان دستورية تضم ممثلين عن مختلف مكونات الشعب السوري، مؤكدة أن هذه الخطوة تعد "أساسية قبل الشروع في أي عملية لصياغة الدستور".
وأضافت: "نحن بحاجة إلى دستور يعكس التعددية السورية ويضمن العدالة الاجتماعية، ويشكل أساسًا لانتخابات ديمقراطية حقيقية، لأن الانتخابات لا يمكن أن تكون نزيهة دون وضوح في طبيعة النظام الانتخابي والقانون المنظم لها".
رؤية موحدة لفيدرالية دستورية
في أعقاب التحولات السياسية العميقة التي شهدتها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، عادت مسألة الفيدرالية لتتصدر المشهد السياسي في مناطق شمال شرقي البلاد. وتتمسك القوى الكردية، لاسيما المجلس الوطني الكردي (ENKS) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، بطرح الفيدرالية كنموذج حكم مثالي لحل القضية الكردية ضمن سوريا موحدة وديمقراطية، علماً أن روسيا كانت أول من طرحها إبان اجتماعات أستانا.
تؤكد القوى الكردية أن النظام الفيدرالي لا يهدف إلى الانفصال، بل إلى ضمان الحقوق القومية، والإدارية، والثقافية للكرد، وتمثيلهم دستورياً، ضمن دولة سورية موحدة. ويجري العمل على مسودة توافقية ستُعرض قريباً في اجتماع موسع يضم الأطراف الكردية السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والتنظيمات النسوية، وممثلين من خارج الإطارين الرئيسيين ENKS وPYD.