ما يزال أهالي مئات آلاف المعتقلين في سوريا يبحثون عن أبنائهم المختفين قسرياً، ويتساءلون عن مصيرهم المجهول، فلا يقتنعون بفكرة أنهم ماتوا، خاصة أنهم لم يروا الجثث ولا يعرفون مكان الدفن. نقلت زمان الوصل، السبت، قصة مؤثرة لأب شاب معتقل، اعتقله عناصر الأمن العسكري بحلب يوم 6 آب 2024. اسم الشاب محمد الحمصي، عمره 21 سنة، وهو طالب جامعي، من مواليد دمشق.
وذكر الأب أنه جرى نقل ابنه إلى المشفى العسكري بحلب، ثم وصلته أخبار وفاته بعد أسابيع من الاعتقال، لكنه لا يعلم إذا ما كان الخبر صحيحاً أو خاطئاً، كما أنه لا يملك أي معلومة عن مكان دفنه. في الوقت ذاته، يعاني من ظروف صحية ومادية تمنعه من السفر والتحقق بنفسه.
اعتقال لمدة 100 يوم دون تهمة
وأضاف والد المعتقل أن المخابرات بعد ذلك اقتحمت منزل العائلة بدمشق، واعتقلت الأب وزوجته وابنهما الأصغر، وتم احتجازهم لمدة 100 يوم دون تهمة واضحة، منوهاً إلى أنهم عانوا من رهاب وخوف وأعراض نفسية وجسدية من آثار الاعتقال.
وخلال السجن، كان المحقق يتوعد لهم بالسجن عشر سنوات، إلا أنهم خرجوا يوم تحرير دمشق. وطلب الأب المكلوم المساعدة بمعرفة مصير ابنه، فوجه نداءً إنسانياً، وقال: "إذا في أي اسم، أي وثيقة، أي مكان دفن، تساعدني أعرف مصير ابني، أرجو المساعدة".
آلاف المعتقلين مجهولي المصير
ليس المعتقل محمد الحمصي الوحيد من جُهل مصيره وغاب خلف القضبان، بل هناك مئات آلاف المختفين قسرياً الذين ما تزال عائلاتهم تنتظر خبراً عنهم، خاصة بعد التحرير وافتتاح السجون. وبحسب تصريحات لرئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، فإن هناك أكثر من 112 ألف معتقل مختفٍ قسرياً لم يتم الوصول إليهم، وعلى الأغلب تمت تصفيتهم. وأطلَّ عبد الغني من خلال لقاء عبر تلفزيون سوريا، وقدم اعتذاره لذوي المعتقلين الذين لم يتم العثور عليهم، ثم لم يتمالك نفسه وبكى.
قيصر يفضح ملفات النظام
اعتمد نظام الأسد السابق الاعتقال في السجون وسيلة لقمع معارضيه ومعاقبتهم على المواقف الثورية التي اتخذوها ضده، وكان يُمارس فيها أشد أنواع التعذيب، أدت إلى موت الآلاف، وذلك ما أثبته مصور عسكري منشق عن النظام، أطلق على نفسه اسم "قيصر".
ففي عام 2014، فضح قيصر تورط النظام بقتل عشرات الآلاف من المعتقلين، ونشر صور جثثهم المشوهة، والتي تم تعذيبها وقتلها، فقدم أكثر من 50 ألف ملف إلى منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية.
وبعد أن انتصرت فصائل الثورة على نظام بشار الأسد وحلفائه في الثامن من شهر ديسمبر/كانون الأول الفائت، ودخولهم العاصمة السورية دمشق، فرّ المخلوع بشار الأسد رفقة عائلته إلى روسيا، وسارع الأهالي إلى السجون للوصول إلى معتقليهم، لكن الصدمة كانت كبيرة بأن مئات آلاف المعتقلين لم يعرف مصيرهم.
على مدى سنوات الحرب، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة مؤلمة لأطفال سوريين يتعرضون للعنف من أحد الأبوين أو من أسرهم، ما أثار موجات من الغضب الشعبي. وفي كثير من تلك الحالات، يتبين لاحقاً أن الأم مطلّقة ومُبعدة عن أبنائها، بعد أن اضطرت للتنازل عن حضانتهم قسرًا.
الطلاق والضغوط الاقتصادية.. أرقام مقلقة
تشير تقارير ودراسات اجتماعية إلى أن معدلات الطلاق في سوريا شهدت تصاعدًا لافتًا خلال السنوات الأخيرة. وبحسب بيانات نشرها موقع "داتا بانداز"، حلت سوريا في المرتبة السابعة عربياً في معدلات الطلاق لعام 2024، حيث تقابل كل 29 ألف حالة زواج نحو 11 ألف حالة طلاق، وذلك في ظل التدهور المعيشي والأمني المستمر.
أمهات تحت الضغط: التنازل عن الحضانة خيارٌ لا بديل له
أجبرت ظروف الحرب الكثير من النساء على التنازل عن حضانة أطفالهن، نتيجة لعدة عوامل أبرزها غياب الاستقلال المالي. فقد بيّنت شهادات لعدد من الأمهات أن النفقة التي يحصلن عليها من أزواجهن السابقين لا تكفي لتغطية احتياجات الأطفال الأساسية، ما يدفعهن إلى التخلي عن حضانتهم تجنبًا لصراعات قانونية مرهقة، ولعدم رغبتهن بالدخول في نزاعات جديدة مع الطليق.
النزوح وتقلص المساحة الاجتماعية
أدى النزوح القسري إلى خنق الخصوصية، حيث لجأت مئات آلاف العائلات إلى المخيمات والمناطق العشوائية. وفي هذه البيئات المزدحمة، تُفرض على النساء المطلقات قيود اجتماعية مضاعفة. تقول إحداهن: "الناس يراقبون كل تصرف تقوم به المرأة المطلقة، وتُحمّل المسؤولية حتى عن أنفاسها".
وفي كثير من الحالات، اضطرت الأمهات إلى مغادرة منازل أزواجهن دون إمكانية اصطحاب أطفالهن، بسبب ضيق المساحة في بيوت أهلهن، أو لأن عائلتهن لا تستطيع تحمل أعباء إضافية وسط واقع اقتصادي متدهور. وتشير إحصائيات صادرة عن فريق "منسقو استجابة سوريا" إلى أن أكثر من 91% من العائلات في شمال غربي البلاد تعيش تحت خط الفقر.
الطلاق مقابل التنازل عن الأطفال
كشفت بعض النساء أن أزواجهن وضعوا شرط التنازل عن الحضانة لاستكمال إجراءات الطلاق، وهو ما قبلنه مضطرات هربًا من زيجات منهكة ومسيئة. كما تخشى العديد من الأمهات من تعرض أطفالهن لمكروه وهم تحت رعايتهن، الأمر الذي قد يعرضهن للوم اجتماعي واتهامات بالإهمال، حتى في حال لم يكن لهن يد فيما جرى.
فرص الزواج مجددًا.. واقع مُر
تؤكد تجارب نساء مطلقات أن فرصهن في الزواج مجددًا تتضاءل في حال احتفظن بحضانة أطفالهن، إذ ترفض كثير من العائلات تزويج أبنائها لنساء لديهن أبناء، رغم وجود استثناءات عديدة لرجل احتضن أبناء زوجته وأحبهم كأبنائه. لكن تبقى بعض الحالات المؤلمة حاضرة، حيث تعرض أطفال للإساءة من زوج الأم، ما دفعها لإعادتهم إلى والدهم أو عائلتها، خوفًا على سلامتهم.
في كل مرة أسمع توسلات بناتي بالقبول بالعودة إلى والدهنَّ بعد طلاق مرَّ عليه 4 سنوات، عندما يتحدثن معي عن طريق الواتس، أتذكرُ على الفور تعامله ضربه المبرح لي. لا يوجد أم في العالم تتنازل عن أطفالها إلا عند تُدهس كرامتها وتتجرع المُرّ. كنتُ أعلم قبل إقدامي على أي خطوة أنني سأكون خاسرة، في حال بقيتُ على ذمته فسوف يستمر بضربي ليلاً ونهاراً، وسوف أبقى مستمرة بالعمل مع الورش الزراعية بناءً على طلبه وبيع المكياج بالتجول بين البيوت بدون أن أسمع كلمة شكر.
"خاسرة في كل الاحتمالات"
أما في حال تطلقتُ منه وأخذتُ الأولاد، فسوف يتنصل زوجي السابق من مسؤوليته كالعادة، وسوف أتحملُ موضوع الإنفاق عليهم وأنا لا يوجد لدي عمل بمدخول ثابت، كما أنه سيحملني نتيجة أي مكروه يلحق بالأولاد حتى لو كان قضاء وقدر، عدا عن إتاحة المجال أمامه لتودد إليّ والضغط عليّ كي أقبل بالعودة إليه، فاخترتُ الاحتمال الثالث أن انفصل عنه وأترك له أولادنا الأربعة. بدأتْ قصتي مع طليقي قبل 14 عاماً، لم أكن أعرفه في السابق، ويكبرني بسبعة عشرة عاماً، زوجني إياه والدي دون أخذ موافقتي.
"ضربني وأنا عروس"
رضيتُ بقسمتي ونصيبي، وقررتُ أن أبني عائلة معه، ليمدَّ يده عليّ خلال الأسبوع الأول فقط، والسبب تأخري بتحضير الغذاء، تفاجأت حينها بطبعه، ولم أصدق ما حصل "عروس تضرب بأيامها الأولى". اضطررت للصمت لأنه من غير المعقول أن تعود عروس إلى أهلها بعد مرور أسبوع واحد فقط على الزواج. نصحتني أمي بالصبر وباستيعاب طباع زوجي وسماع أوامره. فصارَ ضربي عنده عادة، لألجأ إلى ترك البيت وأذهب إلى منزل أهلي الذين كانوا يعيدونني إليه عندما كان يأتي طالباً السماح. إذ كانوا يخافون علي من كلام الناس إذا تطلقتْ.
"كان ينفس عن غضبه بضربي"
عشتُ معه عشرة سنوات، كل يوم كنت أقول: "سوف يتغير، ربما غداً الله يهديه". أنجبنا أربعة أولاد، صبيين وبنتين، لكن طباعه كانت تزداد سوءاً، حتى نزحنا من قريتنا بريف إدلب الجنوبي في ٱيار عام 2019، وأقمنا في مخيم تابع لمشهد روحين. وبسبب الظروف التي طرأتْ على حياتنا بعد النزوح، أصبحتْ تصرفاته لا تُحتمل، صارَ يفتعل المشاكل كي يضربني وينفس عن غضبه، فصارَ أهالي المخيم يتجمعون على صوتي ويتدخلون لينقذونني من بين يديه.
نفذَ صبري وفررت من الخيمة متوجهةً إلى المخيم الذي يعيش فيه أهلي، كنتُ في حالة يُرثى لها، وٱثار الضرب واضحة على جسدي ووجهي. ولم يتوقف طليقي عند هذا الحد صارَ يتكلمُ بسوء عليّ وعلى عائلتي، هنا قرر والدي تخليصي من العذاب. فرفع عليه دعوى طلاق، وتجاهلَ كل الناس الذين أرسلهم كـ " جاهة" ليصالحني، تنازلتُ له عن حقوقي المصوغات التي بعتها خلال زواجي لأنفق على العائلة، والمهر والأولاد، كل همي كان أن أتخلص منه.
الانتقام بحرماني من أولادي
ما يزال الٱن يُحاولُ أن يُعيدني إلى عصمته، خاصة أن ولا إمرأة قبلت الزواج منه، فالكل يعرفُ طباعه، لذلك انتقمَ مني برفضه إرسال الأولاد إليّ كي أراهم أيام العطل والمناسبات، حتى أن ملابس العيد التي اشتريتها لهم أرجعها ليّ. الٱن أنا أعيش في منزل أهلي، أتابعُ أخبارَ أولادي من الناس، أراهم بالسرّ، أصبرُ على ألم فراقهم، لكن لا يوجد أمامي سوى خيارين أحلاهما مرّ إما أن أتحمل غيابهم، أو أعود إلى رحاب منزل رجل لا يجيد سوى الضرب بالتعامل مع زوجته.
دائماً الأمور في أولها يكون لها جمال خاص ورونق مميز ومكانة خاصة في القلب، الحب الأول، العمل الأول، اللقاء الأول، الراتب الأول، التجربة الأولى. لما تحملُ من تفاصيل تبقى محفورة في الذاكرة وقريبة من القلب. كلُ الناس يفرحون براتبهم الأول ولهم قصة جميلة معه، إلا أنا يرتبط بأكثر ذكرى مرعبة عاشتها أسرتي.
أولُ عمل زاولته خلال مسيرتي المهنية كان مع منظمة إنسانية، فحصلت على عقد منشطة دعم نفسي ضمن فريق جوال يزور المدارس في قريتنا والقرى التي حولها. كنت سعيدة جداً بهذه الفرصة لاسيما أنها الأولى لي، إضافة إلى ذلك أنه سنحت لي الفرصة للعمل بسن صغير وأنا لم أتخرج بعد. عدا عن كوني بحاجة ماسّة إلى العمل خاصة في ظل ظروف الحرب التي كنا نعاني منها. لم يستوعب عقلي من الفرحة عندما الموارد البشرية أرسلت لي رسالة القبول، فطرت من فرط سروري.
أذكر أن عقدي بدأ حينها بأواخر ثلاثة أيام من شهر آب عام 2016، وبعد نهاية شهر أيلول الذي تلاه اقترب موعد أول راتب لي في مسيرتي المهنية. كنت متحمسة جداً لهذه اللحظة التي أحصدُ فيها نتيجة دراستي، وأتحولُ من شخص مستهلك إلى شخص منتج، من طالبة تأخذ مصروفها من عائلتها، إلى أخرى تعطيهم. فصرتُ أخطط ماذا سوف أشتري هدايا لأفراد عائلتي والأشخاص الذين دعموني مادياً خلال رحلتي الدراسية. لتصبح قائمة الأشياء التي نويت شرائها طويلة وتحتاج رواتب ثلاثة شهور معاً.
لكن الشخص الذي نشأَ في ظروف الحرب، ومرّتْ أهم مراحل حياته فيها، من الطبيعي أن تفسد فرحته بأهم المواقف والمناسبات بحياته. فتزامن قدوم راتبي مع اختطاف شقيقي من قبل فصيل عسكري، لأنه كان يعمل مع فصيل آخر دخل معه بخلاف مما أدى إلى وقوع معركة بينهما، وكل فريق أسر أشخاص من الآخر، وكان من بينهم شقيقي.
عشتُ أسبوعاً كاملاً مع عائلتي على أعصابنا، ننتظر إيجاد حلّ بين الطرفين، ونخافُ من وقوع مكروه للأسرى. حينها أتى راتبي الأول، ذهب لاستلامه بخطوات مترددة، لم أعدّه ولم اهتم له، تركته داخل الظرف ولم أفتحه، فأعطيته لأمي فور وصولي إلى المنزل، ودخلت غرفتي أبكي وحيدة على شقيقي الذي من الممكن أن يقتل بأي لحظة.
نمت فرأيت في حلمي مجموعة من العساكر الذين يرتدون زي عسكري أخضر قادمين إلى حارتنا، فوقفوا بجانب المنزل وأنزلوا أخي وهو ملفوف بالقماش الأبيض فذعرتُ في آخر المنام من المشهد الذي رأيته. فاستيقظت من الحلم خائفة جداً. لكنني صرتُ أقنع نفسي أن تفسيره جيداً، لما فيه من دلالات جيدة. فيما بعد تم حلّ الخلاف بين الفصيلين وأُطلق سراح الأسرى، وعاد أخي إلى المنزل سالماً.
مع أن تلك المشكلة انتهت، ومرَّ عليها تقريبا تسع سنوات، لم أشفى من فوبيا أول راتب، في أي مكان جديد أعمل فيه أخاف عند استلام أول راتب من حصول مشكلة أو مكروه.
"يا أمي تحررت الضيعة" عبارة ما إن طرقتْ مسمعي، خلقتْ في أعماقي فرحةً عارمة، فمن شِدة ما مرَّ علينا خلال النزوح فقدتُ الأمل، فلم أكن أتخيل أنني سأعيش حتى هذه اللحظة. أول شيء فكرتُ به بعد التحرير هو زيارة قبر ابني أحمد الشهيد، لكن أولادي طلبوا مني التريث حتى يتم التأكد أن قريتنا كفرسجنة خالية بالكامل من العسكر. على مضض قبلتُ بطلبهم، وجلستُ أحلم باليوم الذي أمكثُ فيه بالقرب من قبر ابني، وأقرأ له القرآن، وأضع له الريحان والورود.
مع إلحاحي بطلب الذهاب إلى القرية، استأجرَ ابني سيارة ثم انطلقنا جميعاً. على الطريق عدتُ بالذاكرة إلى الوراء 12 عاماً، إلى اليوم الذي عادَ فيه أحمد منشقاً عن نظام الأسد. حينها كنتُ في المطبخ أعدُّ الغذاء وبالي عنده، كان قد مرَّ على الثورة السورية بضعةَ أشهر، وابني كان متطوعا بسلك الجيش/ فينة جوية، ضمن مطار خلخلة العسكري في السويداء. سمعتُ صوت أقدام تأتي إلى المطبخ، فنظرتُ إلى الباب وإذ أتى ووقف عنده مبتسماً، ركضتُ إليه وعانقته بحرارة، حامدةً الله على انشقاقه عن النظام السابق بسلام.
فيما بعد انضم أحمد إلى فصيل عسكري وصار يحضر اجتماعات ويشارك في المعارك، حتى قررَ الذهاب مع بعض شباب الحارة المنشقين إلى مدينة حلب. توسلتُ إليه بأن لايذهب، إلا أنه أصرَّ على رأيه وغادر بعد أن قبّلَ يديَّ طالباً مني الرضى. مرَّ على غيابه أربعة أيام، اليوم الخامس كان يصادف لـ 17 رمضان، والذي يوافق اليوم السادس من شهر آب عام 2012. حينها كان الوقت بعد الظهيرة وكنا صائمين.
فجأة صار الناس يجتمعون في منزلي، الرجال وقفوا في الخارج والنسوة جلسن معي في الداخل، جميعهم كانوا ينظرون إلى بصمت والحزن يسيطرُ على ملامح وجوههم. لم ينطق أحد بكلمة وعندما سألتهم:"في شي صار مع أحمد، ليش كلكم مجتمعين"؟ ثم دخل جارنا منادياً "نيالو أحمد، أحمد استشهد وربح البيعة مع الله"، فشلتْ قدماي في حملي، شعرت أن ظهري كُسر وأنه لم يعد لدي قوة، كذّبت الخبر، تمنيت بأن يكون الخبر غير صحيح، أخبرتهم بأنني لن أصدق حتى آراه بعيني، وفي قلبي أمل أنه سوف يعود سالماً وأُكحل عيني برؤيته.
فجأة علَتْ أصواتُ التكبير والسيارات، عادَ إليَّ ابني شهيداً محملاً على الأكتاف. أدخلوه إلى الغرفة كي آراه ويتسنى للآخرين توديعه لآخر مرة، كم تمنيت أن يكون كابوساً أو خيالا، لكنه لم يكن سوى حقيقة مُرّة. ثم هموا بأخذه إلى المقبرة مثواه الأخير. وما إن رفعوه مرة أخرى على الأكتاف وأطلقت العيارات النارية في السماء ورافقتها زغاريد النساء،ُ تمنيتُ لو أن هذه الأصوات سمعتها في زفافه وليس بيوم تشييعه.
منذ ذلك اليوم وفي قلبي غصّة، وزادَ حزني عندما نزحتُ من القرية في أيار عام 2019، لأنني انحرمتُ من زيارة قبره ومن وضع الريحان والورد عليه. كم كنتُ أخاف أن أموت وأن أُدفن في بلاد النزوح بعيداً عن قبر ابني، لكن تلاشتْ مخاوفي بعد مرور خمسةُ سنوات وثمانيةُ أشهر بعد أن تحررت القرية، فاستطعت قصد قبره المكان الذي أصبح الأحبَّ على قلبي بعد استشهاده.
وما إن وصلت إلى المقبرة تسارعت خطواتي إلى قبره، خُيّل لي وكأنه عند القبر ينتظرني كي يعانقني، شعرتُ بالسكينة والطمأنينة عندما جلستُ بالقرب منه، فوضعتُ الورودَ على القبر وقرأتُ سورةً من القرآن، وبشرتُ شهيدي بسقوط الأسد.
ما يزالُ ذلك اليوم خالداً في ذاكرتي، لا تغيب تفاصيله عنها، تراودني في كل ليلة أخلدُ فيها إلى النوم، يُعاد المشهدُ أمامي "جلوسي قبل عامين في عيادة طبيب العصبية بمدينة إدلب وأنا انتظر بفارغ الصبر أن يحين موعد دوري كي أفحص ابنتي شام.
أُنقل ناظري ما بين الأشخاص الذين يحين دورهم والآخرون المغادرون للمكان. وأنا من الداخل أجري حوار مع نفسي، وأتوقع النتيجة المتوقعة لـ الطبقي المحوري، التي طلبها الطبيب لشام، فأقنع نفسي بأنها مُرضية وأن ابنتي بخير. فسرعان ما تدور في عقلي مقارنات بينها وبين الأطفال الذين بعمرها، فأجد أن الفرق ليس عادياً، ليسيطر عليّ الذعر، فتجاهلته ما إن طرقَ مسمعي نداء الممرضة باسم طفلتي.
مكثتُ أمام الطبيب انتظر منه أن يعطيني النتيجة، تسارعت ضربات قلبي وارتجفت يداي الحاملتين للطفلة. لاحظتُ تبدُّل ملامحه، صمتَ قليلاً ثم قال: "ابنتك مريضة بالضمور الدماغي بدرجة متوسطة"، شعرتُ أن إناء ماء بارد انكب عليّ. لأول مرة أعجزُ عن الكلام، لا أعلم كيف قادتني قدماي إلي السيارة فحملتُ ابنتي وغادرت العيادة تاركة زوجي يتناقش مع الطبيب بخطة العلاج. عانقت شام وانخرطت في موجة من البكاء، لم أكن حينها أريد أن يراني أحد، تحدثت إليها طالبة منها أن تسامحني على ماذا لم أكن أعرف، أما هي كانت تحرك رأسها وتلعب بقارورة المياه وتضحك.
لا أعلم لماذا سيطرت على المفاجئة، مع أنني سبق وقرأت ماقاله الطبيب في إحدى المواقع الطبية عندما كنت أبحث عن حالة ابنتي، لكنني كنت أُكذب التقارير والدراسات، وأخدع نفسي بأنها طبيعية وحالها كحال باقي الأطفال الآخرين، لكن في هذه اللحظة لم يعد هناك مجالاً للأمل الكاذب. فابنتي لن تكون مثل أقرانها.
بدأتْ قصتي مع ابنتي عندما كان عمرها شهرين إلا أسبوع، مرضت وأصابها نقص أكسجة حاد، فأسعفتها إلى المشفى لتمضي عشرة أيام، ثم تعود. ومع مرور الوقت لاحظتُ أن نموها ضعيف وحركتها قليلة، فاستعنت بعيادات تغذية لكن الحال لم يتغير حتى طُلب مني صورة طبقي محوري للتأكد من حالتها.
أخبرني أشخاص ذاقوا نفس المرار، أن رحلة العلاج طويلة تتطلب صبراً ومتابعة وقوة وتقبل لأي شيء سلبي ممكن أن يحصل، وكنتُ أعلم أنني في حال لم أتابع العلاج فسوف يزداد الوضع سوءاً. لتأخذ شام كل وقتي واهتمامي، وصرت أزور طبيب العصبية في كل شهر مرة، وأطبق الوصفة التي يذكرها لنا بالتفصيل سواء الدواء أو العلاج الفيزيائي ودمجها مع الأطفال. فأصبحت كل تفاصيل حياتي مرتبطة، صرتُ أميل للأطعمة سهلة المضغ وأنام في موعد نومها واستيقظ معها في الوقت ذاته، نسيتُ الخروج من المنزل، وزيارة الأصدقاء لأنها لاتحب تغيير الأماكن. صار كل همي أسماء الأدوية ومواعيدها وطريقة إعطائها.
جُرحَ شعوري عندما سمعتُ أن نسوة الحي يلقبونني بـ أم المعاقة، وينسبنَّ سبب مرضها إلي، ويصفنني بالأم المهملة والبخيلة التي لا تهتم بمظهر ابنتها الخارجي. لا يعرفنَّ أن شام ملولة في كل مرة أُزين لها شعرها تنزع الزينة بيديها، وأنها تمضي وقتها بالزحف من غرفة لأخرى طوال النهار، ولا تستوعب الأمر أو النهي، لذلك تتسخ ملابسها وأنني أغيّرهم عدة مرات في اليوم. لم يرغب الأولاد باللعب معها لعدم تفاعلها معهم، فصرتُ أشتري حلويات وأعطي نقوداً لمن يلعب معها ويصبر على طبعها الملول.
ببداية الأمر كنت أحزن عندما يقول عنها أحد "معاقة عقليا"، "مريضة"، "اللهم عافينا" الممزوجة بنظرات الشفقة، حتى قررت أن التزم بيتي وعملي، وأن ابتعد عنهم. لم أعد أهتم لكلام الناس أو انتقادهم لي، فكل ما يهمني تأمين الأجواء المريحة لطفلتي.
الٱن عمر شام ثلاث سنوات وأربع أشهر وأسبوع، تمشي بضع خطوات قليلة ثم تسقط على الأرض، تشرب المياه بالببرونة، تعبرُ عن مشاعرها واحتياجاتها بالبكاء، لغتها الوحيدة التي لا يفهمها أحد سواي. أتابع علاجها وسقف طموحاتي أن أراها تمشي دون مساعدة أحد، تلعب مع الأطفال الآخرين، تمسك ملعقة الطعام وتتناوله بنفسها، وتشرب المياه من الكأس، وتقضي حاجتها. وسوف يتحقق حلمي.
"ما كنت متخيلة حالي أنه نوصل لهالمواصيل, نركض بالصحراء, نشحد من هون وهون, كنت متمنية غير هيك..."، بهذه الكلمات تبدأ أم حسن المرأة الأربعينية حديثها بعد أن أجهشت بالبكاء, وفي قلبها آلاف الآهات والزفرات الحبيسة.
12 عاماً قضتها أم حسن برفقة زوجها في مدينة الرقة السورية, إلى أن اشتد مرض زوجها واشتد الخناق أكثر فأكثر على مدينتهم, فطلبوا الخروج للعلاج ولكن مُنعوا من قبل تنظيم الدولة إلى أن وافت زوجها المنية وبقيت برفقة صغارها الأربعة الذي لم يبلغوا سن الحلم بعد.
حين بدء أهالي الرقة بالنزوح والهرب من جحيم القصف قررت أم حسن الذهاب إلى أهلها الذين هم في الأصل من مدينة صوران في ريف حماة الشمالي، ولكن بعد أن احتلتها ميليشيات الأسد نزحت أم حسن مع صغارها إلى جناة الصوارنة في ريف حماة الشرقي.
تحدثنا أم حسن عن رحلة الهرب قائلة " ضلينا شهر كامل نمشي عالطريق, عانينا كثير حتى إنه أبني المصاب بالربو أختنق معي عالطريق, كانت رحلة مخيفة لأنه الأفاعي والعقارب حوالينا"، وتكمل أم حسن سرد معاناتها " بعد أن وصلت لريف حماة ما لقيت حدى من أهلي, وبعد ما سألت عنهم عرفت أنهم نازحين في إدلب, فتوسلت لأهل الخير اللي وصلوني بعدة سيارات لإدلب".
وبعد معاناة وصلت أم حسن لأهلها لتجدهم في إحدى مخيمات ريف معرة النعمان الشرقي، بعد أن نزحوا من ريف حماة الشرقي, حيث لم يبق منهم سوى أخيها الذي لم يتزوج بعد بالرغم من أنه تجاوز الثلاثين عاماً بعد أن أثقلت كاهله مسؤولياته تجاه عائلة أخويه الذين توفي أحدهم وقتل النظام الآخر برفقة زوجته.
وجدت أم حسن حال أهلها يرثى له, لتجد نفسها قد أضافت لأخيها المسؤول عن عشرة أيتام أربعة أيتام آخرين، طرقت أم حسن أبواب المنظمات التي تدعي الإنسانية دون جدوى, مما اضطرها لمد يدها للعون من أهالي المدينة القريبة وأصحاب السيارات المارة برفقة ابنها حسن والبالغ من العمر 9 أعوام بالإضافة إلى ولدها المصاب بالربو، بعد أن ضاقت بها الحياة بكل مافيها في سبيل إطعام صغارها، وقد غفلت عنها كما غفلت عن آلاف العائلات أعين المنظمات الإنسانية والداعمين.
قصة أم حسن واحدة من آلاف القصص التي تحمل بين طياتها عذابات أهالي مدينة الرقة المحتلة, وأنات ريف حماة الشمالي الذي مازال قسم منه يرزح تحت نير الاحتلال الأسدي, وأخيراً ريف حماة الشرقي الذي هُجر أهله وتاهوا في ظل شح الدعم الإغاثي والإنساني.
مقدمة وتنويه:
يغطي هذه التقرير الأسبوعي الفترة الواقعة ما بين يومي السبت 27-12-2014 إلى نهاية يوم الجمعة 2-1-2015 ونرى من الأهمية بمكان التنويه إلى النقاط التالية:
1 – إنّ هذا التقرير لا يتضمن قتلى الجيش النظامي السوري ومن يقوم بالقتال إلى جانبه من عناصر الشبيحة أو ما يسمّى "جيش الدفاع الوطني" أو العناصر الخارجية مثل عناصر حزب الله اللبناني أو الميليشيات العراقية أو الإيرانية، وهو – أي هذا التقرير – فقط يتضمن أعداد الضحايا على يد قوات النظام بالإضافية إلى ملحق خاص بأعداد الضحايا على يد الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" وأعداد ضحايا "التحالف الدولي ضد داعش" في حال توفرها وخاصة من المدنيين العزل، ولا يتضمن هذا التقرير أعداد الضحايا على يد الكتائب والفصائل المقاتلة المعارضة الأخرى.
2 – لا تعتبر هذه الإحصائيات نهائية بأي حال من الأحول، فهي تخضع لعملية التدقيق الدوري والمستمر من قبل نشطاء المركز أولاً ومدخلي البيانات وفريق الرصد الميداني في داخل الوطن السوري ثانياً.
3 – إن اختلاف الأرقام من تقرير إلى آخر – حتى بالنسبة إلى المنطقة الواحدة – يعود سببه إلى التدقيق المستمر من قبل نشطاء الرصد الميداني، والذي يتدارك مواضع النقص والخطأ، فضلاً عن متابعة الضحايا مجهولي الهوية حيث يتم توثيقهم بالاسم عند التعرف على هويتهم.
أولا: ضحايا الأسبوع:
استطاع مركز توثيق الانتهاكات في سوريا خلال هذا الأسبوع توثيق مصرع (254) شخصاً، توزعوا على العديد من المحافظات السورية، حيث تمّ توثيق (223) شخصاً بالاسم الكامل من مجموع الضحايا، بينما استطاع المركز توثيق (31) ضحايا كمجهولي الهوية بسبب عدم القدرة على التعرف عليهم وخاصة في حالات تحوّل الجثة إلى أشلاء متناثرة وكانت نسبتهم (12 %) من مجموع عدد الضحايا منهم (4) من مجهولي الهوية ممن تم توثيقهم مع صورة و (27) مجهولاً للهوية تمّ توثيقهم فقط بالخبر.
ثانياً: توزع الضحايا حسب المحافظات:
شهدت محافظة ريف دمشق سقوط العدد الأكبر من الضحايا، حيث بلغ عددهم (67) ضحيّة أي بنسبة ( 26 %) من مجموع عدد الضحايا، تلتها محافظة درعا بعدد الضحايا الذين بلغ عددهم (56) ضحيّة أي بنسبة (22 %) من إجمالي العدد، فيما بلغ عدد الضحايا في محافظة حلب (37) ضحيّة أي بنسبة (15 %)، وبلغ عدد الضحايا في محافظة حمص (26) ضحية.
ثالثاً: توزع الضحايا حسب أسباب الوفاة:
بلغت نسبة الضحايا الذين قضوا نتيجة إطلاق النار ونيران القناصة (37 %) من مجموع عدد الضحايا حيث بلغ عددهم (93) ضحية، وبلغت نسبة الضحايا بسبب القصف الجوي بالطيران الحربي والبراميل المتفجرة (35 %) حيث بلغ عدد الضحايا (89) ضحية، وبلغ عدد الشهداء الذين قضوا نتيجة القصف بقذائف الهاون والمدافع والقصف بالدبابات (38) أي بنسبة (15 %) وقد استطاع المركز توثيق سقوط (8) معتقلاً تمّ تعذيبهم حتى الموت في أقبية أجهزة الأمن وبلغت نسبتهم (3 %) من مجموع عدد الضحايا كما استطاع المركز توثيق أربع ضحايا نتيجة الجوع ونقص التغذية والبرد في المناطق الخاضعة تحت حصار قوات النظام.
رابعاً: توزع الضحايا حسب أيام الأسبوع:
كان يوم السبت المصادف 27-12-2014 اليوم الأكثر دموية في هذا الأسبوع حيث سقط فيه (56) شخصاً أي بنسبة (22 %) من مجموع عدد الضحايا، تلاه يومي الأثنين 29-12-2014 والأربعاء 31-12-2014 من حيث عدد الضحايا حيث سقط في اليومين المذكورين (42) شخصاً على التساوي، أي بنسبة (16.5 %) تلاه يوم الأحد المصادف 28-12-2014 من حيث عدد الضحايا حيث سقط فيه (38) شخصاً.
خامساً: توزع الضحايا بحسب الجنس:
بلغ عدد الضحايا من الذكور البالغين (192) شخصاً أي بنسبة (76 %) من مجموع عدد الضحايا، وبلغ عدد الضحايا من الأطفال الذكور (37) طفلاً أي بنسبة (14 %)، وبلغ عدد الضحايا من الإناث البالغات (18) أنثى بالغة أي بنسبة (7 %) كما وبلغ عدد الضحايا من الإناث الأطفال (7) طفلة أي بنسبة (3%).
سادساً: توزع الضحايا بحب الفئة (مدني –غير مدني)
بلغ عدد الضحايا من المدنيين (166) مدنياً أي بنسبة (65 %) من مجموع عدد الضحايا، وبلغ عدد الضحايا من المقاتلين (88) مقاتلاً أي بنسبة (35 %) من مجموع عدد الضحايا بينهم طفلين اثنين ما دون سنّ الثامنة عشر.
سابعاً: ضحايا تنيظم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش":
استطاع مركز توثيق الانتهاكات في سوريا خلال هذا الأسبوع توثيق مصرع ما لا يقل عن (25) شخصاً على يد عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) منهم (15) مدنياً وعشر مقاتلين من كتائب الجيش الحر وكتائب مقاتلة أخرى.
مقدمة وتنويه:
يغطي هذه التقرير الأسبوعي الفترة الواقعة ما بين يومي السبت 13-12-2014 إلى نهاية يوم الجمعة 19-12-2014 ونرى من الأهمية بمكان التنويه إلى النقاط التالية:
1 – إنّ هذا التقرير لا يتضمن قتلى الجيش النظامي السوري ومن يقوم بالقتال إلى جانبه من عناصر الشبيحة أو ما يسمّى "جيش الدفاع الوطني" أو العناصر الخارجية مثل عناصر حزب الله اللبناني أو الميليشيات العراقية أو الإيرانية، وهو – أي هذا التقرير – فقط يتضمن أعداد الضحايا على يد قوات النظام بالإضافية إلى ملحق خاص بأعداد الضحايا على يد الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" وأعداد ضحايا "التحالف الدولي ضد داعش" في حال توفرها وخاصة من المدنيين العزل، ولا يتضمن هذا التقرير أعداد الضحايا على يد الكتائب والفصائل المقاتلة المعارضة الأخرى.
2 – لا تعتبر هذه الإحصائيات نهائية بأي حال من الأحول، فهي تخضع لعملية التدقيق الدوري والمستمر من قبل نشطاء المركز أولاً ومدخلي البيانات وفريق الرصد الميداني في داخل الوطن السوري ثانياً.
3 – إن اختلاف الأرقام من تقرير إلى آخر – حتى بالنسبة إلى المنطقة الواحدة – يعود سببه إلى التدقيق المستمر من قبل نشطاء الرصد الميداني، والذي يتدارك مواضع النقص والخطأ، فضلاً عن متابعة الضحايا مجهولي الهوية حيث يتم توثيقهم بالاسم عند التعرف على هويتهم.
أولا: ضحايا الأسبوع:
استطاع مركز توثيق الانتهاكات في سوريا خلال هذا الأسبوع توثيق مصرع (389) شخصاً، توزعوا على العديد من المحافظات السورية، حيث تمّ توثيق (351) شخصاً بالاسم الكامل من مجموع الضحايا، بينما استطاع المركز توثيق (38) ضحايا كمجهولي الهوية بسبب عدم القدرة على التعرف عليهم وخاصة في حالات تحوّل الجثة إلى أشلاء متناثرة وكانت نسبتهم (10 %) من مجموع عدد الضحايا منهم (2) من مجهولي الهوية ممن تم توثيقهم مع صورة و (36) مجهولاً للهوية تمّ توثيقهم فقط بالخبر.
ثانياً: توزع الضحايا حسب المحافظات:
شهدت محافظة حلب سقوط العدد الأكبر من الضحايا، حيث بلغ عددهم (100) ضحيّة أي بنسبة ( 26 %) من مجموع عدد الضحايا، تلتها محافظة ادلب بعدد الضحايا الذين بلغ عددهم (77) ضحيّة أي بنسبة (20 %) من إجمالي العدد، فيما بلغ عدد الضحايا في محافظة دير الزور (68) ضحيّة أي بنسبة (18 %)، وبلغ عدد الضحايا في محافظة حمص(51) ضحية.
ثالثاً: توزع الضحايا حسب أسباب الوفاة:
بلغت نسبة الضحايا الذين قضوا نتيجة إطلاق النار ونيران القناصة (37 %) من مجموع عدد الضحايا حيث بلغ عددهم (143) ضحية، وبلغت نسبة الضحايا بسبب القصف الجوي بالطيران الحربي والبراميل المتفجرة (34 %) حيث بلغ عدد الضحايا (131) ضحية، وبلغ عدد الشهداء الذين قضوا نتيجة القصف بقذائف الهاون والمدافع والقصف بالدبابات (31) أي بنسبة (8 %) وقد استطاع المركز توثيق سقوط (16) معتقلاً تمّ تعذيبهم حتى الموت في أقبية أجهزة الأمن وبلغت نسبتهم (4 %) من مجموع عدد الضحايا كما استطاع المركز توثيق خمسة ضحايا نتيجة الجوع ونقص التغذية في المناطق الخاضعة تحت حصار قوات النظام.
رابعاً: توزع الضحايا حسب أيام الأسبوع:
كان يوم الثلاثاء المصادف 16-12-2014 اليوم الأكثر دموية في هذا الأسبوع حيث سقط فيه (127) شخصاً أي بنسبة (33 %) من مجموع عدد الضحايا، تلاه يوم الأربعاء 17-12-2014 من حيث عدد الضحايا حيث سقط في ذلك اليوم (67) شخصاً أي بنسبة (17 %) تلاه يوم الإثنين المصادف 15-12-2014 من حيث عدد الضحايا حيث سقط فيه (63) شخصاً.
خامساً: توزع الضحايا بحسب الجنس:
بلغ عدد الضحايا من الذكور البالغين (312) شخصاً أي بنسبة (80 %) من مجموع عدد الضحايا، وبلغ عدد الضحايا من الأطفال الذكور (31) طفلاً أي بنسبة (8 %)، وبلغ عدد الضحايا من الإناث البالغات (32) أنثى بالغة أي بنسبة (8 %) كما وبلغ عدد الضحايا من الإناث الأطفال (14) طفلة أي بنسبة (4 %).
سادساً: توزع الضحايا بحب الفئة (مدني –غير مدني)
بلغ عدد الضحايا من المدنيين (244) مدنياً أي بنسبة (63 %) من مجموع عدد الضحايا، وبلغت عدد الضحايا من المقاتلين (145) مقاتلاً أي بنسبة (37 %) من مجموع عدد الضحايا.
سابعاً: ضحايا تنيظم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش":
استطاع مركز توثيق الانتهاكات في سوريا خلال هذا الأسبوع توثيق مصرع ما لا يقل عن (51) شخصاً على يد عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) منهم (47) مدنياً - من ضمنهم ثلاثة أطفال وامرأتين – وأربع مقاتلين من كتائب الجيش الحر وكتائب مقاتلة أخرى.
الملخص التنفيذي:
خلال شهر كانون الأول تم استهداف ما لايقل عن 38 منشأة حيوية. توزع مرتكبوا الاستهدافات علی النحو التالي:
القوات الحكومية:
جماعات متشددة:
فصائل معارضة مسلحة:
جهات لم نتمكن بعد من تحديدها:
المنشآت التي تم استهدافها في شهر كانون الأول هي:
10 مدارس، 9 دور للعبادة، 8 منشآت طبية، 7 من مشاريع البنى التحتية، 3 أسواق، 1 فرن.
إذا كان مجلس الأمن عاجزاً عن إلزام الحكومة السورية على تطبيق القرار 2139 الصادر عنه بتاريخ 22/ شباط/ 2014، والقاضي بوضع حد للاستخدام العشوائي عديم التمييز للأسلحة في المناطق المأهولة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي، مثل: استخدام القنابل البرميلية، فلا أقل من أن يقوم مجلس الأمن بالحد الأدنى من الضغط على النظام السوري لإيقاف استهداف مراكز التجمعات الحيوية، كالمدارس والمشافي، والأسواق، والمخابز، ودور العبادة. في هذا التقرير تُسلط الشبكة السورية لحقوق الإنسان الضوء على ما تمكنت من توثيقه من هجمات على هذه المراكز الحيوية، ونشير إلى أن هذا هو الحد الأدنى وذلك بسبب المعوقات العملية العديدة التي تصادفنا أثناء عمليات التوثيق التي نُجريها.
تؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان من خلال تحقيقاتها على عدم وجود مقرات عسكرية في تلك المراكز الواردة في هذا التقرير سواء قبل أو أثناء الهجوم، وعلى القوات الحكومية وغيرها من مرتكبي تلك الجرائم أن يبرروا أمام الأمم المتحدة ومجلس الأمن قيامهم بتلك الهجمات الوحشية.
ملخص التقرير:
تعتمد الشبكة السورية لحقوق الإنسان منهجية عالية في التوثيق عبر الروايات المباشرة مع ناجين أو مع أهالي الضحايا، إضافة إلى عمليات تدقيق وتحليل الصور والفيديوهات وبعض التسجيلات الطبية، وبالرغم من ذلك لا ندعي أننا قمنا بتوثيق كافة الحالات، وذلك في ظل الحظر والملاحقة من قبل القوات الحكومية وبعض المجموعات المسلحة الأخرى.
إن قصف القوات الحكومية بشكل مستمر ومنذ عام 2011 للمنشآت الطبية، واستهداف أطراف النزاع المسلح للكوادر الطبية بعمليات القتل والاعتقال، يدل على سياسة متعمدة تهدف إلى إيقاع المزيد من القتلى، وزيادة معاناة الجرحى من المدنيين والمقاتلين.
في شهر كانون الأول وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 6 أشخاص من الكوادر الطبية على يد القوات الحكومية:
• 4 أطباء (3 منهم قُتلوا بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز‘ حيث تأكد أنهم يتعرضون لتعذيب أقسى من غيرهم).
• اثنان من طواقم العمل الطبي.
ملخص تنفيذي :
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لايقل عن 105 حوادث وفاة بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز النظامية وغير النظامية، في شهر كانون الأول/ 2014، يتوزعون على النحو التالي:
القوات الحكومية: 104
القوات الكردية: 1
فيما يبدو أن حالات القتل تحت التعذيب مستمرة منذ سنة 2011 وحتى اليوم دون توقف، وهذا دليل واضح على منهجية العنف والقوة المفرطة التي تستخدم ضد المعتقلين.
محافظة حماة سجلت الإحصائية الأعلى من الضحايا بسبب التعذيب، حيث بلغ عددهم 18 شخصاً، وتتوزع حصيلة بقية الضحايا على المحافظات على الشكل التالي:
14 في كل من دمشق وإدلب، 13 في درعا، 11 في حلب، 8 في ريف دمشق، 7 في اللاذقية، 5 في حمص، 3 في كل من دير الزور والرقة والقنيطرة، 2 في كل من الحسكة وطرطوس، 1في السويداء
أما أبرز حالات الموت بسبب التعذيب أثناء شهر كانون الأول فهي:
3 أطباء، طفل، كهل، صلتي قرابة.